جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

الكرنك.. بين الفكر والسياسة (2)

 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

نتابع فيلم (الكرنك ـ 1975) مابين البداية والنهاية. فمن خلال (فلاش باك) يستمر طوال الفيلم، نشاهد ثلاث شخصيات، إسماعيل الشيخ (نور الشريف) وزينب دياب (سعاد حسني) وحلمي حمادة (محمد صبحي)، وهم زملاء في كلية الطب، ثلاثة من أبناء الشعب الكادحين، ينتمون إلى جيل الثورة ويؤمنون بها. إسماعيل وزينب تربطهما علاقة حب قوية صادقة، ويعيشان في وضع معيشي بسيط يجعلهما يدافعان عن الثورة وإنجازاتها التي استفادا منها كثيراً، مثل مجانية التعليم وغيرها. إلا أنه يتم اعتقالهما لمجرد أنهما قالا رأياً صريحاً وواقعياً في توزيع القماش (الذي يكتبون عليه الشعارات السياسية) على الفلاحين الذين لا يعرفون القراءة، حيث أن هذا أنفع لهم. ويقف الثلاثة أمام خالد صفوان (كمال الشناوي) مدير المخابرات، مرة بتهمة الانتماء إلى الإخوان المسلمين ومرة بتهمة الانتماء للشيوعيين. وتكون نتيجة تجربتهم في المعتقل سيطرة الخوف واليأس والإنهاك على إسماعيل وزينب، وفقدانهما للقدرة على الفعل والتفكير، وذلك نتيجة تعرضهم للتعذيب النفسي والجسدي. فزينب تفقد عذريتها في المعتقل، وإسماعيل بمحاولته منع حدوث ذلك يعترف على نفسه وعلى زميله حلمي بأشياء ملفقة. أما حلمي فيتحول إلى العمل السياسي السري باعتباره واعياً للتناقضات المحيطة به، نتيجة لما عاناه داخل المعتقل وفتح عينيه على أشياء كانت غائبة عنه، وبالتالي يقتل هناك أثناء اعتقاله الثالث تحت أيدي زبانية خالد صفوان. وبذلك يصبح الزملاء الثلاثة ضحية لممارسات متسترة برداء النظام، استهدفت كرامة الإنسان فيهم، وأفسدت العلاقات الإنسانية فيما بينهم.

من خلال الفلاش باك الطويل هذا، يقدم بدرخان فيلماً متميزاً وكبيراً يعتبر علامة بارزة في مسيرة السينما المصرية.. لولا أنه قد احتوى على مغالطات تاريخية، قد أضرت بالفيلم كثيراً، كانت الرقابة ونظام الحكم آنذاك ورائها، وذلك لتعزيز ذلك الحكم وحركته التصحيحية تلك. وقد أعلن بدرخان ذلك فعلاً، ولكن بعد عشر سنوات من ذلك التاريخ. وبهذا يكون بدرخان قد برأ نفسه من تهمة تملق النظام، حيث أعلن بأن رئاسة الجمهورية قد تدخلت مباشرة في الفيلم، ليظهر بهذه الصورة. ولكن بالرغم من هذه المغالطات التاريخية والسياسية في (الكرنك)، إلا أن بدرخان في فيلمه هذا كان يحدثنا عن الثورة والإرهاب حديثاً صريحاً وجاداً وواقعياً، استطاع من خلاله إدانة الإرهاب والقمع بجميع أشكاله في أي زمان ومكان.

 

أخبار الخليج في

28.09.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)