جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

المذنبون

( 2 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

في فيلم (المذنبون ـ 1976)، ساعد في ضعف السيناريو، ذلك التطويل والتمطيط في مشاهد كثيرة، إضافة إلى الحوار الكثيف الذي أضعف من قوة الصورة السينمائية. فالفيلم في بعض الأحيان يبتعد عن الموضوع الرئيسي إلى تفاصيل لا داعي لها.. فنحن لا يهمنا إذا كان مدير الجمعية الاستهلاكية (توفيق الدقن) متديناً ويصلي، أو إنه مدمن مخدرات، بل ما يهمنا هو جريمته ضد الشعب، وهي الاتجار في بضائع الجمعية لحسابه الخاص، وتوزيعها على أصدقائه وأقاربه. هذه هي الجريمة المهمة بالنسبة لمضمون الفيلم ولنا.. كذلك قصة (حياة قنديل) ومشكلتها مع الفقر والرذيلة، كانت قصة زائدة على الفيلم، ولا تخدم مضمونه بتاتاً. أما علاقة رئيس مجلس الإدارة (صلاح ذو الفقار) بزوجة صديقه الدكتور (يوسف شعبان)، بالإضافة إلى أنها كانت بصورة مبالغ فيها وبشكل مقحم على أحداث الفيلم، فهي كذلك قد فقدت المضمون الذي وضعت من أجله، وذلك لما احتوته من تطويل أكثر من اللازم، جعلنا نشعر بسذاجة هذه العلاقة.

أما بالنسبة لمضمون الفيلم بشكل عام، فقد افتقر إلى تحليل الفساد الاجتماعي الذي يعبر عنه، فهو يدين هذه النماذج ويفضحها دون إعطاء توضيح لأسباب هذا الفساد وكيفية مواجهته. فالتحليل الدرامي الاجتماعي، يجعل من السينما أداة توعية وليست أداة لامتصاص مشاعر السخط فقط.

وإذا جئنا إلى الإخراج، فسنلاحظ أن سعيد مرزوق وللمرة الثانية، يستخدم الأسلوب السهل، في تقديم هذا الموضوع الحساس، أسلوب السينما التجارية التقليدية. فهو في (المذنبون) لم يستفيد من قدراته الفنية والتقنية في إبراز كوادر متقنة، وزوايا تصوير مدروسة، لتجسيد مستوى تقني عالي، قد يفيد ويساهم في نجاح الفيلم فنياً أيضاً، إضافة إلى نجاحه جماهيرياً (13 أسبوعاً في دار العرض). حتى أن مرزوق قد أخفق أحياناً في إدارة ممثليه، وخصوصاً في الانفعال المبالغ فيه للمحقق ومساعده، أثناء استجوابهما للمتهمين، لدرجة أن أحدهم قد نبههما لذلك. فالمفروض أن يتحلى المحقق بالصبر والهدوء وراحة البال، بل ويساهم في تهدئة انفعالات المتهم، وليس العكس. ومن أهم مشاهد الفيلم، ذلك المشهد الذي يصور تدافع الناس نحو طابور الجمعية الاستهلاكية، وسرقة الفراخ ومعاكسة السيدات، كل هذا جسده مرزوق بواقعية، ولو كان فيه شيء من المبالغة.كذلك المشهد الجنسي بين سهير رمزي وعادل أدهم، قدمه بدون إثارة جنسية مبتذلة، وتم في دقيقتين فقط دون صراخ أو حركة مثيرة.. جسده سعيد مرزوق بلغة الصورة السينمائية، صورة متطورة ومبتكرة.

وهذا ما يثبت لنا، بأن سعيد مرزوق لديه الكثير من حرفية وتقنية وإبهار سينمائي، لكنه آثر أن يقدم السهل المتداول، ليحاول كما يقول: (...الموازنة بين ما أريد أن أقدمه في السينما، وبين ما تريده الجماهير!!).

وعن (المذنبون) يقول مرزوق: (...هذا الفيلم يعتبر ثلاثة أفلام مجتمعة.. من حيث أماكن التصوير والمشاهد والممثلين. وأصبحت لي تجربة كبيرة في الإخراج، كما ربطني هذا الفيلم بأغلب الفنانين السينمائيين في مصر، وذلك وفر علي وقتاً للتعرف عليهم سينمائياً.. كما أن قصة الفيلم تعالج شرائح مختلفة في مجتمعنا المصري وهي شرائح متناقضة ومتنافرة!!).

ليس هناك أي خلاف على أن سعيد مرزوق موهبة فينة وإبداعية كبيرة. وإنه في (المذنبون) قدم موضوعاً جماهيرياً حساساً وهاماً.. إلا أنه لو أعطى اهتماما أكثر بالسيناريو وجعله قيد البحث والدراسة المتأنية لاستطاع الخروج بفيلم متكامل جيد وجاد.

 

أخبار الخليج في

30.05.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)