جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

زوجتي والكلب.. رائعة مرزوق

( 2 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

سعيد مرزوق، عندما أراد أن يقدم فيلمه الأول، قد أخذ بعين الاعتبار أن يكون هذا الفيلم كالحياة نفسها، في قلقها وتنوعها وعدم تسلسلها، وفي عدم خضوعها لخطة منطقية على وتيرة واحدة. وكان حريصاً على أن تكون الصورة ـ بكل مستوياتها وتدرجاتها ـ هي سيدة الموقف. حيث أننا نلاحظ ، في (زوجتي والكلب)، بأن السيناريو لم يكن إلا وسيلة لصناعة الصورة السينمائية وتشكيلها، خصوصاً إن مرزوق قد ابتعد عن السرد والحكاية التقليدية، وأخضع المعاني للغة الكاميرا. كما أنه ابتعد عن تراكم الأحداث والعلاقات، وركز على الانفعالات والأحاسيس داخل الإنسان نفسه.. حيث أعتبر هذا الفيلم محاولة ناجحة من سعيد مرزوق للدخول في أعماق النفس الإنسانية للشخصية المحورية، وذلك من خلال شخصية الريس مرسي (محمود مرسي).. فنحن هنا أمام شخصية مريضة نفسياً وأسيرة للهواجس وأحلام اليقظة القاتلة، فهو في وحدته يتصور بأن زوجته (سعاد حسني) تخونه مع أعز أصدقائه وزميله في العمل (نور الشريف)، رابطاً بين هذا الفعل وبين مغامراته السابقة مع زوجات أصدقائه، والتي رواها مرة لصديقه هذا. وحول هذه الشخصية تتشابك العلاقات وتدور أحداث الفيلم، والتي تجري في فنار مهجور، يعمل فيه رجال قساة الوجوه، يحيون بعيداً عن بهجة المدينة وفرح الأهل والأصدقاء.. ومن الطبيعي أن تكون هذه العزلة، والتي تتطلبها ظروف عملهم، سبباً في تكثيف حرمانهم وتصعيد واجسهم وقلقهم حتى الذروة .

أما بالنسبة للغة الإخراج في (زوجتي والكلب)، فقد كانت جديدة ومبتكرة إلى حد كبير، حيث استطاع سعيد مرزوق، من خلال لغة الصورة، تقديم مشاهد تمتاز بالبساطة في الشكل، لكنه ضمَّنها شحنات فكرية عميقة، ذات دلالات رمزية أحياناً، وأحياناً أخرى تحمل دلالات كوميدية ساخرة، مبتعداً بذلك عن أي افتعال أو تعقيد. كما إنه، وبأسلوبه الجديد هذا، قد حطم ذلك الأسلوب التقليدي التتابعي في الإخراج، وحاول السير على نهج الفكر الجديد في السينما، والذي يعتمد أساساً على الصورة كسبيل لمخاطبة المتفرج، مستعيناً عن الحوار بإيماءات الصورة وتلميحاتها .

ومما لاشك فيه، بأن تعاون سعيد مرزوق مع عبدالعزيز فهمي قد أثمر فيلماً جديداً وجميلاً، كان بمثابة مفاجأة حقيقية للوسط الفني والسينمائي المصري آنذاك. فقد وجد عبدالعزيز فهمي في هذا الفيلم ـ أيضاً ـ ما يطمح أليه هو، حيث أن هذا الفيلم كان مناسبة لإبراز إمكانياته وقدراته الفنية في التصوير، علماً بأنه يعد من أبرز وأهم مديري التصوير العرب وأكثرهم خبرة، وهو بهذا الفيلم يقدم نموذجاً هاماً وملفتاً بالنسبة للصورة السينمائية وتطويرها في مصر والوطن العربي، وهو ـ أيضاً ـ باجتهاده الفني هذا، يعطي مفاهيم وموازين جديدة للصورة السينمائية في الفيلم العربي، كما إنه يقدم بلورة شاملة لفهمه بتكوين الصورة في السينما الحديثة.. حيث برز هذا بشكل واضح في فيلم (زوجتي والكلب)، فقد كان للصورة دوراً هاماً في إبراز الحالة النفسية لشخصيات الفيلم وتجسيدها في كادرات قوية وجميلة وممتعة، كان للإضاءة فيها دوراً درامياً خلاقاً .

 

أخبار الخليج في

11.12.2013

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)