الغرقانة

إنتاج عام 1993

 
 
 

نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 24 يونيو 2009

 
 
 
 

بطاقة الفيلم

نبيلة عبيد  +  محمود حميدة  +    نهلة سلامة  +  أحمد توفيق + حمدي الوزير

إنتاج: الأهرام للسينما والفيديو، تصوير: محسن نصر، قصة: حسن شاه، سيناريو وحوار: مصطفى محرم، مناظر: محمد أمين، موسيقى: راجح داود، مونتاج: نادية شكري

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

الغرقانة

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

فيلم "الغرقانة".. للمخرج محمد خان، هو الفيلم الوحيد الذي لم أكتب عنه.. صحيح بأنني قد شاهدته متأخراً عدة أعوام من عرضه الأول، إلا أنني حتى بعد مشاهدته، لم يغريني للكتابة.. ليس لأنه فيلم سيء.. ولا لأنه لم يعجبني.. فقط هكذا، لم أنجح في ثلاث محاولات للكتابة عنه.. حتى عندما كنت بصدد الإعداد لكتاب محمد خان.. تناولت جميع أفلامه، ما عدى (الغرقانة)، وهو إنتاج عام 1993.

مؤخراً.. شاهدته للمرة الخامسة في إحدى القنوات الفضائية.. ووقفت في مواجهة حقيقية مع شخصياته، ووضعت نفسي في تحدي للكتابة عن فيلم أعتبره من بين أفلام خان المتميزة.. لولا بعض الإخفاقات في رسم تلك الأفكار والعلاقات المتضاربة التي قدمها السيناريو.

يتحدث الفيلم/ السيناريو عن ذلك النحس الذي يلاحق "وردة" (نبيلة عبيد) في قريتها أينما حلت، فلقد تزوجت بثلاثة رجال. ذهب الأول إلى الحرب ولم يعد، ولدغت الثاني أفعى فمات على الفور، وذهب الثالث ليستحم في النهر فغرق. ومن هنا صار أهل القرية يسمونها (المنحوسة).. وحتى تذهب عنها تلك الصفة، أخذتها أمها إلى رجل يفك السحر يدعى "حجاب" (أحمد توفيق) ليبعد عنها ما لحق بها، ولكنها على ما يبدو أعجبته فطار عقله من جمالها، وأقنع أمها بالزواج من ابنتها لكي يخرج الجني من جسدها وإذا لم يتم ذلك الزواج فان الجني (مسحلايش) لن يخرج من جسدها أبداً وسيظل النحس يطاردها ويقف في طريق سعادتها.

بينما كانت وردة تحلم دوماً بفارس يمتطي جواداً أبيض يأتيها شاهراً سيفه ليخلصها من الحالة النفسية التي تعيشها، لذا تحاول وردة إقناع أمها بأن "حجاب" هذا نصاب ولا يستطيع أن يفعل شيئاً، ولكن الأم تجيبها: بأن عليها أن تجرب وأن تنفذ ما يقوله فهو قدرها، وأخيراً ترضخ وردة وتتزوج من هذا العجوز وتنجب منه طفلاً متخلف عقلياً لا يفهم ولا ينطق.. يقنعها "حجاب" بأن هذا الطفل هو الجني سبب نحسها، بل ويذهب إلى أهل القرية ليؤكد لهم أن الجني أتاه في نومه وقال له انه سيظهر على هيئة ابنه (المبروك) وعليه أن يسميه بهذا الاسم.. هنا يقع الناس في حيرة بين مصدق ومكذب ومن بينهم شقيق عمدة القرية (حمدي الوزير) الذي يتهم حجاب على الملأ بالدجل والشعوذة، ولا تكاد تمر ساعات من اتهامه هذا حتى يحترق بيته مما يجعل الناس يصدقون حجاب ويعتقدون بصحة قصة (المبروك) الصبي المشوه ويتضح بعد فترة أن الدجال استأجر أحد الأشخاص ليحرق المنزل.

بعد حادثة حريق منزل شقيق العمدة، يبدأ حجاب بممارسة دجله على أوسع نطاق ويكتب الأحجبة ويتقاضى مقابلها المال والمجوهرات ليحقق ثراء فاحشاً وتصبح القرية مقصداً لكل زائر.

وفي الوقت نفسه كان عمدة القرية (علي حسنين) يعيش متمنياً طفلاً رغم أنه تزوج من أربع نساء. فيعرض مشكلته على حجاب لمساعدته، إلا أن "حجاب" يتسبب في موت العمدة، ليكون ذلك وبالاً على "حجاب" و"وردة"، حيث يقرر شقيقه أن يثأر لأخيه ويقتل حجاب الدجال، هذا بالرغم من حدوث الحمل لدى إحدى زوجات العمدة بعد وفاته، إلا أن شقيقه يقرر أن تترك القرية حتى يظل حجاب كاذباً في نظر أهلها.

وسط هذه الأحداث يظهر فارس الأحلام (محمود حميدة) يرتدي ثياباً بيضاء ويمتطي جواداً أبيض تماماً كالشكل الذي تراه وردة في أحلامها وطالما انتظرته ليعمل خادماً عند شقيق عمدة القرية، لتقع زوجته "هلالة" (نهلة سلامة) في حب هذا الغريب، وتخاف عليه من أن تخطفه وردة منها، إذ طالما حدثتها عما تحلم به.

تقرر وردة الرحيل بولدها للبحث عن لقمة العيش في أماكن خارج القرية، بعد أن كشف بطلان سحر "حجاب" وانفض الناس من حوله، وتوقفت الهدايا والعطايا من أهل القرية.. تصل وردة أثناء بحثها إلى فندق سياحي في أطراف القرية، يعمل به فارس أحلامها الغريب، الذي ينساق إلى حبها، ويقنعها بالعمل كراقصة في ملهى فندق سياحي. تصل الأخبار إلى مسامع أهل القرية، الذين يخططون بتحريض من الشيخ حجاب للانتقام من الفارس الأبيض ومن وردة ليقتل الاثنان في نهاية الفيلم. 

يؤكد السيناريو في بداية سرده للأحداث والشخصيات، بأنه ضد كل هذا الدجل والشعوذة، ويكشف للمتفرج كل تلك الألاعيب التي يلعبها حجاب.. وهو كلام جميل ليس عليه غبار. إلا أن الأحداث التالية تقدم لنا ما يناقض هذا الكلام.. حيث سيطرة الخرافة وتجسيد الشيطان في شكل الرجل الغريب، الذي يغوي وردة للعمل كراقصة في الفندق السياحي.

هنا نصل إلى نتيجة من أن الفيلم/ السيناريو لا يتبنى إدانة واضحة للخرافات والغيبيات، ولا يدافع عنها أيضاً.. لا نعرف بالضبط ماذا يريد أن يقول الفيلم في النهاية.. هل هو مع أو ضد. مع أن الأفكار التي طرحها خلال أحداثه، كانت جداً مهمة وتحتمل الجدل والنقاش حولها.

يقدم محمد خان فيلماً ذو ملامح جمالية غير تقليدية ومدهشة، إن كان في الصورة المعبرة بكل زواياها ومكوناتها، أو في طبيعة الصيغة والأسلوب الغرائبي التي حملها السيناريو للأحداث والشخصيات.. كما نجح خان في توصيل حالة جمالية تصور تلك التداخلات في العلاقات الإنسانية من خلال إضاءة وحركة أخاذة للكاميرا، وإدارة ناجحة لفريقه الفني، من ممثلين وفنيين.

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004