البحرين.. أفلام وفعاليات سينمائية

 
 
 
 
 

"أيام البحرين السينمائية" تختتم فعالياتها.. و"نوستالجيا" يحصد جائزة أفضل فيلم

احمد ثامر جهاد

 
 
 
 

أيام

البحرين

السينمائيّة

 
 
 
 
 

وسط حضور فني وثقافي، اختتمت "أيام البحرين السينمائية" فعالياتها (26-30 نوفمبر 2014) بإعلان، جوائز مسابقة الفيلم البحريني القصير والتي تنافس على نيلها 13 فيلما قصيرا، وجاءت النتائج على النحو الآتي: جائزة أحسن سيناريو فاز بها صالح ناس وليلى البيتي عن فيلم "بيك أب"، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج سلمان اليوسف عن فيلمه "الحضرة"، فيما حصل المخرج حسين الجمري على جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن فيلمه "ترنيمة على الضفاف"، لتكون جائزة افضل فيلم من نصيب المخرج احمد الفردان عن فيلمه"نوستالجيا". كما منحت لجنة التحكيم التي ترأسها الناقد السينمائي المصري علي ابو شادي وضمت في عضويتها، الروائية السورية لينا هويان الحسن، والسيناريست الاماراتي محمد حسن أحمد، شهادتين تقديريتين للأداء المتميز لكل من الفنانين محمد مبارك عن دوره في فيلم "نوستالجيا" وأحمد عيسى عن دوره في فيلم "ترنيمة على الضفاف".

هذا وكانت "أيام البحرين السينمائية" التي اقيمت برعاية وزيرة الثقافة مي بنت محمد آل خليفة قد سعت بشكل ملحوظ الى تفعيل المناخ السينمائي البحريني ودعم مشاريع المخرجين الشباب عبر فتح افاق التلاقح مع تجارب السينمائيين العرب والعالميين والافادة من حصادهم في ثيمة محددة، اختارتها لتكون عنوانا رئيسيا لدورتها الاولى "سينما البحر" سواء في ندواتها الفكرية أوعروضها الفيلمية المتنوعة، وكرمت في غضون ذلك،ضمن فقرات حفل افتتاحها، ثلاثة سينمائيين عرب، اثروا سينما البحر برؤاهم المختلفة، فجاء التكريم تقديرا واحتفاءً بمنجزهم السينمائي، وهم: المخرج البحريني الرائد خليفة شاهين، الذي يعد من اوائل المخرجين والمصوريين البحرينين، والكويتي خالد الصديق، صاحب فيلمي"بس يا بحر" و"عرس الزين" والمخرج المصري القدير داود عبد السيد الذي اضاف للسينما المصرية والعربية الكثير من الاعمال السينمائية المتميزة "رسائل البحر، كيت كات، ارض الخوف". كما عرض المهرجان بعض افلام المخرجين المحتفى بهم. وجاءت تلك العروض بالتزامن مع عروض سينمائية اخرى، قسمت الى ثلاث فئات تلتقي في موضوعة واحدة مختارة هي البحر: بحار عالمية، بحار اسيوية، بحار عربية. فضلا عن عروض الافلام البحرينية القصيرة، والافلام القصيرة الفائزة بمسابقة نقش. وضمت عروض"بحار عربية" الروائية: رسائل البحر - داود عبد السيد، الحراقة - مرزاق علواش، صوت البحر - نجوم الغانم، موسم الرجال - مفيدة تلاتلي، بالاضافة الى الفيلم الوثائقي اللبناني "حبيبي بيستناني عند البحر". في حين تضمنت "بحار اسيوية" عرض: قشر، الرحم، صندوق بندورا، تشونغ تشينغ بلوز. وفي تظاهرة "بحار عالمية" تم عرض: فيلم الجدار البحري، واختطاف، 20 الف فرسخ تحت الماء، والحياة المائية، وفيلم الى البحر. 

اما الافلام البحرينية التي انتجتها وزارة الثقافة وتنافست داخل المسابقة فهي: حبيبتي عذراء للمخرج محمود الشيخ، ترنيمة على الضفاف لحسين الجمري، هو البحر لشريف عطا، الظل المتلاشي لياسر قرمزي، بيك آب لصالح ناس، ذاكرة مفقودة لمحمد ابراهيم، الظل والبحر لمحمد شاهين، اثر الملح لمحمد وميثم آل مبارك، الحضرة لسلمان يوسف، ثلاث سمكات لحسين الحليبي، سبر لوسن مدن، نوستالجيا لاحمد الفردان. كما قدت الفعالية بالتعاون مع نادي البحرين للسينما وضمن فعالية "افلام من البحرين" نحو 16 فيلما انتجت في السنوات الاخيرة وتناولت موضوعات مختلفة. وفي المحصلة استطاعت "ايام البحرين السينمائية" ان تفتح امام جمهورها فرصة طيبة للاطلاع على رؤى سينمائية مختلفة وهموم انسانية متباينة، من دول شتى: مصر، الجزائر، ايران، لبنان، تونس، فلسطين، الامارات، تركيا، الصين، الفلبين، المكسيك، امريكا، الدنمارك. 

من ضمن فعاليات "أيام البحرين السينمائية" اقامة ندوتين فكريتين، عززتا مسار الافلام المعروضة، احداهما عن "السينما والبحر" والاخرى عن "السينما والتلفزيون". وقد عضدت ندوة "السينما والبحر" فكرة تأمل هذه الثيمة في الافلام السينمائية عامة، ومدى تمثلها في سينمانا العربية على نحو خاص. ما هي المعاني التي قدمتها سينما البحر، والى اي حد نجحت تلك الافلام في التعبير عن موضوعتها؟ هل تغيرت دلالات البحر في السينما، من افلام الرواد وحتى يومنا هذا،سواء كان البحر معبرا للهروب او حافة للموت او معطى للتأمل الفلسفي او حتى فسحة للعيش من خيراته؟ وقد شارك في الندوة المذكورة: الناقد ابراهيم العريس (لبنان) وامل الجمل (مصر) وقدمتها فتحية ناصر. في حين ناقشت الندوة الثانية التي شارك فيها، الناقد عدنان مدانات (الاردن)، الناقد خليل الدمون (المغرب)، المخرج مأمون البني (سوريا)، علاقة السينما بالتلفزيون، هل هو افتراق ام تلاقي، وطرحت خلالها العديد من الافكار الجديرة بالتأمل حول مستقبل السينما في ظل ثورة وسائل الاتصال، وطبيعة افادة التلفزيون من تقنيات العمل السينمائي، لاسيما في مجال الدراما، بالاضافة الى دعم بعض القنوات التلفزيونية لانتاج الافلام السينمائية وغيرها من التصورات النقدية التي اثارت جدلا تفاعليا بين الحضور. 

يبقى المعطى الاهم في "ايام البحرين السينمائية" التي اقيمت فعالياتها بمجمع البحرين سيتي سينتر، وجاءت متزامنة مع احتفاء وزارة الثقافة بالفنون تحت شعار "الفن عامنا" باعتبار المنامة مدينة السياحة الآسيوية لعام 2014، هو تحفيز الشباب على مواصلة ابداعهم وتشجيعهم على صناعة الافلام السينمائية والتعبير عن هموم بلدهم باشد الوسائل تأثيرا وجماهيرية، وذلك عبر دعم مواهبهم وتوظيف طاقاتهم الفنية في هذا الميدان الحيوي.وفي سياق منح الشباب السينمائي البحريني فرصة المبادرة، انتجت هذه الفعالية الثقافية والفنية 13 فيلما روائيا قصيرا، جعلت البحر موضوعا اساسيا لها، فاستعادت بذلك تاريخا طويلا من علاقة المملكة بالبحر، وهي التي تربطها علاقة وطيدة مع البحر، بوصفه فضاء ثقافيا وجغرافيا لامتناهيا، مثلما جاء في كلمة وزيرة الثقافة. وفي الغضون بدا جهد مدير المهرجان المخرج الشاب محمد راشد بوعلي بمعية فريق عمله الدؤوب ملحوظا في ان تكون لهذه الدورة انطلاقتها الواثقة التي تسعى لوضع تقاليد سنوية تفعل النشاط السينمائي المحلي وتفيد من تجارب الغير، وتستقطب في الوقت نفسه السينمائيين العرب بمختلف تجاربهم الى واحتها الرحبة، من دون ان تدعي اكثر مما انجزت.

المدى العراقية في

04.12.2014

 
 

تكريم وندوات وأفكار مبتكرة في شرائط شبان بحرينيين

المنامة - بشار إبراهيم

اختتمت «أيام البحرين السينمائية»، فعالياتها في احتفال أُقيم في مجمع صالات سينما البحرين (سيتي سنتر)، في المنامة، مساء 30 تشرين الثاني (نوفمبر)، بحضور مدير إدارة الثقافة والفنون في وزارة الثقافة البحرينية عبدالقادر عقيل، ممثلاً راعي «الأيام» وزيرة الثقافة البحرينية مي بنت محمد آل خليفة، والمخرج محمد راشد بوعلي مدير «الأيام»، والناقد إبراهيم العريس المؤسس والمستشار، وأعضاء لجان التحكيم الناقد المصري علي أبو شادي، رئيس اللجنة، والروائية السورية لينا هويان الحسن، والسيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد، وحشد من الجمهور.

وتضمن الاحتفال الختامي إعلان أسماء الفائزين بمسابقة «أفلام البحر»، التي شهدت تنافساً بين 13 فيلماً قصيراً، من إنتاج وزارة الثقافة البحرينية، حيث فاز بجائزة أفضل سيناريو كلّ من صالح ناس وليلى البياتي عن فيلم «بيك آب» إخراج صالح ناس، وذهبت جائزة أفضل مخرج إلى سلمان يوسف عن فيلم «الحضرة»، ومنحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم «ترنيمة على الضفاف» للمخرج حسين الجمري، وفاز بجائزة أفضل فيلم لـ «نوستالجيا» للمخرج أحمد الفردان.

يتناول فيلم «بيك آب»، تلك العلاقة الملتبسة ما بين فتاة صغيرة والبحر، حيث تبدو على نفور منه ومن أغاني الصيادين والبحارة، منذ اللحظات الأولى، لكن حنكة الأب في التعامل مع ابنته تقودها إلى إعادة النظر في هذه العلاقة، لتنتمي إلى البحر والبحارة من جديد، وليبدو الفيلم في أحد جوانبه درساً في التربية، وكيفية التعامل مع الأبناء النافرين.

وتدور أحداث فيلم «الحضرة» حول امرأة يُتوفى زوجها، فترفض بيع «الحضرة» (الحضرة هي مكان وأدوات الصيد في البحر) الخاصة بزوجها. وحالما تتمكّن من الخروج من البيت (انتهاء العدّة الشرعية) تنطلق بنفسها إلى البحر، حيث تتطهّر من أحزانها وسوادها، وتمضي في استكمال مسيرة زوجها الراحل.

أما فيلم «ترنيمة على الضفاف»، فيتناول حكاية رجل يفقد ساقه، لجرح أصابه خلال العمل في تنقيب الصخور من البحر، وخاب ظنه في أن مياه البحر المالحة يمكن أن تشفي جرحه، ولا يجد في النهاية من يعينه سوى ابنه الفتى الضرير.

ويأخذنا فيلم «نوستالجيا» إلى عالم رجل طاعن في السن يبدو عليه الاغتراب والانقطاع عن العالم حوله، والانتماء في حنين شديد إلى الماضي، حيث أصوات البحارة والصيادين والغواصين، وأغانيهم. إنه يفضل الموت والدفن تحت رمال تلك الشواطئ التي بدأت المدنية بالتهامها، وصارت القوانين تسوّرها وتسيّجها بأوامر المنع.

وكانت الدورة الأولى من «أيام البحرين السينمائية»، التي كرّمت المخرج المصري داود عبدالسيد، والكويتي خالد الصديق، والبحريني خليفة شاهين، قد شـــهدت على مدى خمسة أيام (26 – 30 نوفمبر) عرض 55 فـيـلماً عربــيــاً وعالمياً، كما عُقدت في قاعة المحاضرات في متحـف قلعة البحرين ندوتان: الأولى بعنوان «السينما والبحر»، تحدث فيها الناقد اللبناني إبراهيم العريس، والناقدة المصرية أمل الجمل، وأدارتها فتحية ناصر، والثانية بعنوان «السينما والتلــفزيون: لقاء أم افتراق»، تحدث فيها الناقد الأردني عـدنان مدانات، والمخرج السوري مأمون البني، والناقد المغربي خليل الدامون، وأدارتها منصورة الجمري.

عن «السينما والبحر» اختارت الناقدة أمل الجمل نماذج من أفلام عربية شهيرة ارتبطت بثيمة البحر، ومنها «بس يا بحر» لخالد الصدّيق، و «رسائل البحر» لداود عبدالسيد، و «السيد البلطي» لتوفيق صالح، وعملت على استخلاص مجموعة من الدلالات والإشارات التي تقدمها الأفلام العربية من خلال تناولها للبحر، بدءاً ممن تعامل مع البحر باعتباره ديكوراً أو بيئة أو فضاء، وصولاً إلى من ألقى عليه غلالة من الرموز والدلالات السياسية والنفسية.

وأكد الناقد إبراهيم العريس ما ورد في ورقة أمل الجمل، متمماً سياقات الحديث نحو فكرة أن البحر يحضر في الأفلام الخليجية باعتباره الماضي، موضحاً أن الأفلام الخليجية تذهب إلى البحر عندما تريد الحديث عن الآباء والأجداد والتراث والعادات والتقاليد، وما يمت إلى الأصالة والعراقة. أما عند الرغبة في الحديث عن الحاضر أو المستقبل، فإن الأفلام الخليجية تذهب إلى المدينة بما فيها من أبراج وعمائر وأسواق.

أما عن العلاقة بين «السينما والتلفزيون»، فقد شدد المتحدثون الثلاثة على مجموعة من النقاط لعل أبرزها أن الفنون لا تزيح بعضها بعضاً، فلا السينما ألغت المسرح، ولا التلفزيون ألغى السينما، بل إن من الواجب على التلفزيونات العربية أن تساهم في إنتاج الأفلام السينمائية، على غرار ما تفعل قنوات أوروبية كبرى، فضلاً عن التأكيد أن قنوات العرض التلفزيوني تستمد نصيباً وافراً من موادها البصرية من السينما.

كما توقف المتحدثون والمتداخلون، أمام فكرة الاختلاف ما بين السينما والتلفزيون من النواحي الفنية والتقنية، بالانتقال من التصوير في الاستوديو بكاميرات عدة، إلى التصوير الخارجي بكاميرا واحدة، والاعتماد على اللقطة بدلاً من المشهــد، والتطورات المماثلة على مستوى المونتاج والعمليات الفنية. الأمر الذي يعود في النهاية إلى إجراء مصالحة فنية وإنتاجية، ما بين السينما والتلفزيون، تنعكس فائدة على المرسل والمتلقي.

تطوي الدورة الأولى من «أيام البحرين السينمائية» أوراقها، وهي التي عنونتها بالبحر، فكان من ثمارها إنتاج 13 فيلماً لشبان وشابات، منهم من يضع اسمه على فيلم للمرة الأولى، ويعرضه على الشاشة، كما تمكّنت العروض البحرينية والعربية والآسيوية والعالمية، من خلق حالة من التفاعل والتواصل ما بين الجمهور والنقاد والسينمائيين، في إثارة وحماسة تليق بالشباب وسينماهم، وعلى وعد بدورات مقبلة.

الحياة اللندنية في

05.12.2014

 
 

ضمن ندوات «أيام البحرين السينمائية»

نقاد ومخرجون:

السينما والتلفزيون...أخوان متعاديان... يتقاربان مرة أخرى

ضاحية السيف - منصورة عبدالأمير

في ثاني ندوات مهرجان «أيام البحرين السينمائية» التي قدمت تحت عنوان «السينما والتلفزيون: لقاء أم افتراق» في قاعة محاضرات متحف موقع قلعة البحرين، تحدث كل من أستاذ مادة النقد السينمائي الأردني عدنان مدانات والمخرج السينمائي والتلفزيوني السوري مأمون البني والناقد السينمائي المغربي خليل الدامون، عن حقيقة العلاقة بين السينما والتلفزيون ومستقبل هذه العلاقة في ضوء التطورات التقنية.

عدنان مدانات، قدم ورقة بعنوان «السينما والتلفزيون في العالم العربي: تنافس أم تعاون متبادل؟»، قال فيها إنه على رغم أن عروض الأفلام السينمائية عبر التلفزيون تسرق جمهور صالات السينما وتحوله إلى جمهور تلفزيوني منزلي، إلا أنها أدت إلى قيام كبرى محطات الإنتاج التلفزيوني في العالم إلى تمويل الإنتاج السينمائي، ما حول الصراع بين السينما والتلفزيون إلى مصالحة ومن ثم تعاون وتنسيق استوعب الفروقات بين الاثنين.

لكنه أضاف بأن الوضع في الوطن العربي مختلف تماماً إذ إن «منتجي الأفلام السينمائية يتذمرون من الاستغلال الذي يتعرضون له من قبل شركات الإنتاج التلفزيوني التي تشتري حقوق عرض الأفلام بأبخس الأسعار» كما أن «محطات الإنتاج التلفزيوني لا تقدم الدعم لإنتاج الأفلام الحديثة وتكتفي بشراء حقوق عرض الأفلام القديمة».

مدانات أكد بأن التلفزيون في العالم العربي «لايزال يهدد مستقبل السينما» إن لم يتم حل الإشكالية بينهما «على أساس الاستفادة المتبادلة وعلى قاعدة العوامل المشتركة»، مشدداً على ضرورة التركيز على الجانب الدرامي «هنا تتبدى بشكل أوضح الصفات المشتركة ما بين السينما والتلفزيون، إضافة إلى الفروقات من ناحية كونهما نظامين إنتاجيين تحكمهما قوانين مالية وإدارية وتنظيمية وتوزيعية متباينة».

وقال إن كلا الوسيلتين «تتعاملان مع مادة واحدة هي المادة الروائية الدرامية» وإنهما «جزء من نظام إنتاجي اقتصادي ونظام إعلامي ثقافي ترفيهي وجمالي يتوجه أساساً للجماهير العريضة ويمتلك قوة تأثير وإقناع هائلتين». مرجعاً عدم تطور التعاون بينهما إلى أوجه التشابه هذه «لاصطدامها مع شروط عامة سائدة في العالم العربي بالذات».

إشكاليات العلاقة بين السينما والتلفزيون تكمن في أن السينما بدأت اتجاهاً مغايراً عما انتهت إليه، فبعد أن كانت تعتمد «الاستثمار التجاري والتسلية الرخيصة واختيار المواضيع البعيدة عن المشاكل الفعلية للمجتمعات العربية» ما أنتج جمهوراً اعتاد الأفلام الخفيفة السهلة، أجبرتها تطورات تاريخية معينة لاتخاذ توجه نحو التطوير والتغيير والاقتراب من المشاكل الواقعية والجدية والارتقاء فكرياً وفنياً، لكن «طبيعة التلفزيون وشروط التعامل معها في العالم العربي لا تستوعب هذا التوجه.

من هنا بدأ التلفزيون يجذب جمهور السينما إليه، ويعوده على الاسترخاء ويعيده إلى الأشكال الأولى للسينما. بل إن التلفزيون جذب الفنانين والفنيين العاملين في السينما والممولين «وبدأ يكرس تقاليده الخاصة، سواء منها ما يتعلق بتكاليف الإنتاج أو بطبيعة النصوص وطريقة معالجتها الدرامية، أو بأنواع التمثيل والإخراج» وهي التقاليد ذاتها «التي تسعى السينما العربية عامة والمصرية بخاصة، للتخلص منها من خلال فنانيها ذوي التوجه الواقعي والجدي».

هذه التقاليد «تلعب دورها الخطير السلبي في الحياة الثقافية العربية من خلال تأثيرها المباشر على مستوى الوعي الفكري والفني والدرامي لجماهير المتفرجين وعلى مستوى التذوق الجمالي كما تؤثر على توجهات المخرجين وكتاب الدراما».

كذلك أدى ذلك إلى أن «أعداداً متزايدة من المخرجين السينمائيين يلتحقون بالعمل التلفزيوني وفق شروط المهنة» ما يتهدد السينما كتعبير ثقافي عصري، ما انعكس مثلاً على مستوى الفن الإخراجي مشيراً إلى أن «السينما عانت كثيراً كي تتخلص من التصوير داخل الأستوديو بديكوراته البدائية والتي تفرض حلولاً بدائية على المخرجين في تحريكهم للكاميرا أو للممثلين وسعت السينما للخروج إلى الواقع والتصوير في الأماكن الحقيقية، وتوصلت بالتالي إلى رفع مستوى العمل الإخراجي عموماً، غير أن العمل في التلفزيون وهو أسهل من العمل في السينما أعاد الإخراج إلى حالتها البدائية الأولى، ضمن ديكورات مفتعلة وغير مقنعة داخل الأستوديو التلفزيوني، مع قصر مهمة الإخراج في الغالب على إفساح المجال أمام الممثل لكي يؤدي حواره فقط».

وقال إن هناك استثناءات لإنجازات حققها مخرجون شباب في التلفزيون مثل نجدة أنزور ومأمون النبي وهيثم حقي، والمخرج والناقد السينمائي الراحل سمير نصري.

ليس المخرجون وحدهم من يتأثرون، لكن كتاب الدراما والممثلين أيضاً، وكذلك تأثر اقتصاد السينما التي تحول الإقبال عنها إلى التلفزيون عدا عن تأثير مشاركة فناني السينما في الدراما ما أدى إلى رفع أجورهم السينمائية.

خليل الدامون: الصناعة الثقافية أهم

بعدها تحدث الناقد السينمائي خليل الدامون عن ضرورة وضع السينما والتلفزيون في الوطن العربي في إطار المشهد السمعي والبصري العالمي، مؤكداً أن كلا الوسيلتين تعملان بشكل متجانس بحكم تطور وسائل الاتصال خلال العقد الأخير.

التطورات الحاصلة في مجال التلفزيون الآن أصبحت تفرض نفسها بإلحاح، وقبل الإجابة عن العلاقة بين السينما والتلفزيون لابد من وضعهما في السياق العام لما آلت إليه وسائل الإعلام والاتصال في السنوات العشر الأخيرة. وقال إننا اليوم نتفاعل مع كل الوسائل بشكل متجانس بسبب تطور وسائل الاتصال نتيجة الثورة التكنولوجية، ما أدى إلى ظهور ما يسمى بثقافة الاتصال أو الثقافة التكنولوجية بحسب الباحثين أو الثقافة الجماهيرية أو الصناعة الثقافية على لسان مدرسة فرانكفورت.

وقال إن إنتاج الصورة يتحقق عبر كاميرات كثيرة مثتبة في كل مكان ولم يعد المخرجين السينمائي والتلفزيوني هما المرجعان الوحيدان لإنتاج الصورة وتوزيعها واستهلاكها. السينما والتلفزيون يعالجان داخل سياق ما تنقله وسائل الاتصال وإن ظلا الأكثر قوة وتأثيراً من الوسائط الأخرى. كما لا يمكن أثر الثورة الرقمية في مجال الرقمية الذي أصبح كبيراً ومدمراً بحيث لم يعد يهم الحقيقة أو الخطأ وإنما المهم الفعالية.

وقال إننا في عصر الميديولوجيا ففي تعاطينا مع «داعش» مثلاً لا يهمّ مشروعهم وتعاطينا معه بل المهم كيف تروّج وسائل الاتصال لهم على شبكات الاتصال والتواصل، فلكي نفهم ما يجري بين السينما والتلفزيون لابد أن نفهم ما يجري في مجال الصناعة الثقافية.

مأمون البني: اقتحمنا التلفزيون وطوَّرناه

المخرج السينمائي والتلفزوني مأمون البني قدم ورقة بعنوان «السينما والتلفزيون لقاء أم افتراق» قال في بدايتها بأن العداء بين السينما والتلفزيون قديم «على رغم تطابق أو اختلاف بعض عناصرهما المشتركة، مثل الديكور والإضاءة والتصوير والإكسسوار والصوت والمونتاج والمكياج وغيرها».

أما الفروقات بينهما فلخَّصها البني في «اعتماد التلفزيون على السرد الصوتي الذي يشكل الحوار المستمر الجزء الأساسي فيها» مشيراً إلى أن ذلك نزع عن التلفزيون «القدسية التي نبجّلها في صالات العرض السينمائية لمتابعة فيلم سينمائي».

لكن هذه الفروقات «بدأت تتلاشى بعد التطور التقني الذي ما برح أن يمدّنا بأجهزة تقنية دعمت الصورة وأصلحت بين الأخوين (السينما والتلفزيون)»، مُرجعاً سبب ذلك إلى «مخرجين سينمائيين اقتحموا مجال الدراما التلفزيونية في الثمانينيات وقلبوا الطاولة على اللغة التلفزيونية».

البني كان واحداً من هؤلاء المخرجين وقد استعرض تجربته هذه موضحاً «بدأنا عند تحقيق الأعمال التلفزيونية بتنفيذ التقطيع الفني (الديكوباج) على الطريقة السينمائية أي اعتماد الكاميرا الواحدة (المحمولة) رغم أن الكاميرا كانت إلكترونية مجهزة للأخبار وتسجل على شريط (واحد إنش)، ما استدعى ذلك حمل مكنة التسجيل بحجم أكبر من الكاميرا نفسها بثلاث مرات لمرافقة التصوير». وقال إن ذلك استمر «حتى وصلت كاميرات رقمية ديجتال ساعدتنا لتفعيل لغة أقرب إلى اللغة السينمائية».

لكنه اختتم بأن «المشاهد نفسه يمكنه البتّ في أمر التقارب أو التباعد بين التلفزيون والسينما، كونه بدأ يتأقلم ويعتاد على متابعة الأفلام السينمائية على شاشات الإغراء التلفزيونية بغض النظر عن الأسباب التي أدّت به إلى العزوف عن الذهاب إلى السينما رغم الإغراءات التقنية لصالات السينما».

الوسط البحرينية في

13.12.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)