كتيبة الإعدام

إنتاج عام 1989

 
 
 

نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 1 أغسطس 1990

 
 
 
 

بطاقة الفيلم

 

نور الشريف + معالي زايد + ممدوح عبد العليم + شوقي شامخ

تأليف : أسامة أنور عكاشة ـ تصوير : سعيد شيمي ـ مونتاج : نادية شكري ـ موسيقى : عمار الشريعي ـ إنتاج : ساجا فيلم

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 

كتيبة الإعدام

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

لقد إستطاع عاطف الطيب في فيلم (كتيبة الإعدام) أن يجذب إهتمام المتفرج العادي والناقد المهتم على السواء، وذلك عندما نجح في الجمع بين أسماء فنية لامعة كل في مجاله، رغبة منه في ترغيب المتفرج في مشاهدة فيلمه. فهناك نجوم شباك، أمثال نور الشريف، والذي إرتبط إسمه بالعديد من الأفلام الهامة. والفنانة معالي زايد التي قدمت العديد من الأدوار الناجحة. وهناك أيضاً مدير التصوير سعيد شيمي، والذي يعتبر من بين أهم مديري التصوير في مصر. هذا إضافة الى كاتب السيناريو الكبير أسامة أنور عكاشة، في أول تجاربه السينمائية، وهو المعروف في مجال كتابة السيناريو للمسلسلات التليفزيونية الجيدة والمتميزة، مثل (الحب وأشياء أخرى، وقال البحر، رحلة أبو العلا البشري، عصفور النار)، وآخرها (ليالي الحلمية) في أجزائه الخمسة. ومن الطبيعي أن تكون أولى تجاربه في السينما مثار إهتمام الجميع. وبالتالي كانت التوقعات، تستبشر خيراً في توجه مثل هذا الكاتب الى السينما، وتعتبر هذا بمثابة إضافة هامة للسينما المصرية.. هذه السينما التي تفتقر لكتاب السيناريو كماً ونوعاً. إلا أن الفيلم جاء مخيباً لكل التوقعات، من ناحية التأليف والإخراج. حيث لم تكن هناك أية إضافة أو تجديد، وإنما كان هناك تنويع على موضوعات قديمة سبق تناولها في أفلام مصرية كثيرة. هذا إضافة الى أن الفيلم جاء تقليدياً ويجاري الأسلوب السائد للسينما المصرية التجارية، والتي تبحث عن الجمهور العريض، وتعتمد على العنف والإثارة في جذب مثل هذا الجمهور.

لقد إعتمد فيلم (كتيبة الإعدام) على حكاية تقليدية قديمة جداً، أشبعتها السينما المصرية تناولاً، ألا وهي حكاية القتل والإنتقام. حيث نشاهد في مقدمة الفيلم، مصرع رجل وإبنه، لنشاهد، بعد عشرين عاماً، إبنة القتيل تخطط للإنتقام وأخذ الثأر من المحكوم عليه ظلماً بقتلهما.

هكذا، ببساطة، يمكن إيجاز حكاية الفيلم. لكن لأن صناع الفيلم أرادوا أن يكون للفيلم بعداً سياسياً، فقد صنعوا من هذه الحكاية ـ بعد إضافة بعض الحيثيات والإسقاطات المعاصرة ـ قضية شرف ودفاع عن الوطن. فمن خلال الحوار، في مقدمة الفيلم، نعرف بأن القتيلين (الرجل وإبنه) من رجال المقاومة الشعبية أثناء حرب أكتوبر 73. وإن الذي قتلهما هو موظف البنك المكلف بتوصيل مايقارب المليون جنيه، هي مرتبات الجيش الثالث. وإنه قام بقتلهما حتى يتسنى له سرقة هذا المبلغ، لذلك يتم القبض عليه وإيداعه السجن. إلا أن أحداث الفيلم توصلنا الى نتيجة أخرى، وهي أن هذا الموظف بريء من القتل والسرقة، وإن القاتل هو العدو الإسرائيلي، الذي إستعان برجل خائن من الغجر مقابل ذلك المبلغ الكبير. وبالتالي يصبح هذا الغجري من كبار رجال الأعمال، بعد أن أصبح صاحب أول سوبرماركت في مصر بعد الحرب.

وبعد أن تتوضح كل هذه الحقائق، يقرر الموظف وصاحبة الثأر بالتعاون مع إثنين من ضباط الشرطة، والمتضررين بشكل مباشر وشخصي من هذا الإنفتاحي، الإنتقام منه وقتله. وفعلاً يقتلونه داخل السوبرماركت، وهم على قناعة تامة بأنهم قد قتلوا خائن الشعب والوطن. وبالتالي يقدمهم الفيلم في المحاكمة العلنية، بإعتبارهم من الأبطال الوطنيين.

هكذا أراد الفيلم بأن يقول، بأن مرحلة الإنفتاح الإقتصادي هي خيانة لحرب أكتوبر، أي بما معناه.. إن من سرق مرتبات الجيش الثالث، هو من صنع السوبرماركت كرمز للإنفتاح. وبغض النظر، إن كنا نختلف مع هذا التصور أو نعتقد به، فقد أخفق الفيلم تماماً في التعبير عن هذا درامياً، بل إنه لم يقنعنا ولم يقدم أية مبررات منطقية لتصوره هذا. فهو لم يستطع أن يقنعنا بأن دكتورة في برمجة الكومبيوتر تلهث وراء ثأر مضى عليه سنوات طويلة.. ولم يستطع أن يقنعنا ـ أيضاً ـ بكيفية تمكن الخائن من خداع الشرطة والجيش وكل أجهزة الدولة، على هذا النحو، طوال هذه السنوات.. كما أنه لم يستطع أن يقنعنا بأن الأبطال الأربعة، قد أرادوا بقتل الخائن الثأر للوطن وليس للفرد. هذا إضافة الى تلك النهاية العنيفة والساذجة، التي تذكرنا بالأفلام البوليسية الأمريكية.

لقد إعتمد الفيلم على حقائق ووقائع تاريخية عن حرب أكتوبر، وعن حصار السويس، ووجود الجيش الثالث في سيناء. وجميعها وقائع تاريخية، أراد بها المؤلف إقناع المتفرج، بإعتبارها حقيقية. لكنه ـ في المقابل ـ قد نسج حكاية خيالية لإدانة الطبقة الطفيلية التي إنتشرت في فترة الإنفتاح الإقتصادي. فالفيلم يتغافل، في رسمه لشخصياته، شخصية الإنفتاحي الطفيلي، ويكتفي بإظهاره ساذجاً وفقيراً في بدايتة، وثرياً وخائناً في نهايته. هذا إضافة الى أن تلك الوقائع التاريخية التي إعتمد عليها المؤلف، إختلطت بفكرة مختلقة وغير منطقية تماماً. فالجيش الثالث، أو أي جيش في العالم، لا يحتاج أفراده الى مرتباتهم ولا يحصلون عليها في أرض المعركة. إن هذه الفكرة ـ كما هو واضح ـ هي أساس الفيلم كله، وكل ردود أفعال شخصياته مبنية على هذه الفكرة. فكيف لنا أن نثق في فيلم، تكون فيه الفكرة الرئيسية، فكرة مختلقة ومنافية للمنطق.. إنه حقاً إستخفاف يعقلية المتفرج الذي وثق بصناع هذا الفيلم.

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004