كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

المخرج الكويتي عبدالله بوشهري عن أحلام المخرجين الخليجيين الشباب:

إذا أُخذنا بالبهرجة الاعلامية ستـُقتل أحلامنا

ريما المسمار (دبي)

عبد الله بوشهري مخرج كويتي شاب برز اسمه مؤخراً من خلال فيلمه الوثائقي "فقدان أحمد" الذي عُرض في مهرجان دبي الأخير كما في مهرجانات أجنبية مثل أريزونا وسنغافورة. وهو واحد في مجموعة تضم العديد من المخرجين الخليجيين الذين صنعوا في السنوات الاخيرة موجة فيلمية في الخليج مازالت تتفاعل وتلقى الاهتمام العربي والعالمي نظراً إلى طراوتها وكم الافلام الهائل الذي أفرزته من دون أن يخبو الجدل حول جديتها وقدرتها على الاستمرار والتأسيس لبداية حقيقية لسينما خليجية. هنا حوار مع بوشهري حول أحلام جيله وطموحاته ونظرته إلى السينما.

***

·         ما هي التأثيرات السينمائية الاولى في حياتك؟

ـ اذا رجعت قليلاً بالذاكرة إلى الوراء، أجد ان ذاكرتي الفنية تكونت أساساً من بيئتي المنزلية عندما كنت أشاهد أفلام والدي من بروجكتور 8 ملم على حائط غرفة المعيشة. كان يصنع أفلاماً قصيرة في بداية مشواره الفني ومن ثم تحول إلى الفن التشكيلي فكنت أشاهده يرسم بشكل يومي ويستخدم الالوان المحفورة في ذاكرتي إلى الآن، كما كان يصحبني إلى المعارض وفي بعض سفراته. كذلك أعتقد ان اقامتي في أكثر من بيئة ـ الكويت طفلاً ومراهقاً وأميركا شاباً ـ شكلت أيضاً تنوعاً.

·         هل درست السينما؟

ـ درست السينما في الولايات المتحدة. بدأت بدراسة الفن بشكل عام بجميع أشكاله من تاريخ الفن إلى الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي. ثم انتقلت إلى مرحلة الإنتاج السينمائي نظرياً وعملياً. عملت بعض الأفلام القصيرة في فترة الدراسة كان أولها فيلماً وثائقياً عن الأسرى وهو الذي شجعني على الاستمرار كمخرج يتعاطى مع السينما بشكل مختلف عن السينما التجارية. فقد شاركت بهذا الفيلم في مهرجان سينمائي دولي في قسم الطلبة واختير من بين أفضل عشرة أفلام وثائقية. وقفت أمام جمهور أميركي في قاعة مليئة بالناس مما أشعرني بأن الأحلام يمكن أن تتحقق وأن الناس مستعدة أن تسمع وتشاهد. السينما أداة مهمة لنتواصل مع الناس سواء أكانت أميركية أو كويتية أو خليجية أو مصرية أو لبنانية. هي أداة تواصل مع الإنسان.

·         أنت من المخرجين الخليجيين القلائل الذين درسوا السينما. برأيك كيف تتبلور تجربة الدراسة في الأفلام؟

ـ حقيقة دراسة السينما لا تعني وجود صناعة أومخرج جيد. ثمة مخرجون كبار في تاريخ السينما لم يدرسوا السينما في حياتهم أبداً . دراسة السينما تشكل جانباً معيناً من المخرج ولكن الاساس أن يمتلك المخرج وعياً سينمائياً ودافعاً ورغبة . دراستي السينما شكلت وعياً ما ولكنها لم تصنع مني مخرجاً. يظهر الاختلاف بين من درس السينما ومن لم يدرسها في التقنية وأسلوب الطرح وليس في جماليات الصورة التي تعتمد على الذاكرة الفنية وعلى الموهبة أكثر من الدراسة.

·         إذا أردنا أن نحكي عن المشكلات التي تواجه المخرج الخليجي الشاب اليوم الا تبدو الدراسة واحدة منها؟

ـ أعتقد الدراسة وخصوصاً في أميركا وفي أوروبا تضيف إلى المخرج. لنقل ان المخرج الخليجي يواجه مشكلات كثيرة أهمها الإنتاج أو كيفية صناعة فيلم من البداية إلى النهاية تقنياً وإنتاجياً وفكرياً. قد يمتلك المخرج الخليجي الكثير من الجماليات والفكر وقد يمتلك البعض المادة ولكن آلية العمل وكيفية المضي فيه والبحث عن سوق والذهاب أبعد من مجرد التصفيق في القاعات والمهرجانات أمور غير متوفرة. الاكيد ان المخرج الخليجي يستطيع تطوير هذه الآليات بالخبرة والاحتكاك ولكن أعتقد أن الدراسة تختصر هذه الخطوات وتمنح المخرج رؤية ونوعاً من الثقة بالنفس والدراية بكيفية تطوير آلية الإنتاج في بلدان الخليج.

·         ما هي المشكلات الاخرى برأيك التي تعترض طريق الانتاج السينمائي في الخليج اليوم؟

ـ في الخليج الصناعة ليست هي العائق الأساسي أمام قيام تجارب سينمائية جريئة ومتقنة. مشكلتنا في الخليج أساسها تكوين الفكر الخليجي أو ما يُسمى الحواجز الفكرية أو التي صنعها المجتمع. بينما يحتاج السينمائي في اي مكان في العالم إلى أن يكون حراً في فكره وفي أسلوب طرحه وبمعالجته. إذا قُتل فكر السينمائي قُتلت تجاربه السينمائية وفقدت النقاء والصدق. وهذا ينطبق على أبسط الموضوعات وليس فقط على تلك التي تتعلق بالدين أو الجنس. أقصد جرأة الفكر وجرأة الطرح للدخول في عمق المجتمع وعمق الإنسان الخليجي. أعتقد ان هذا هو ما تفتقر اليه التجارب الخليجية. في السنوات الأخيرة ظهر بعض التجارب السينمائي الخليجي الذي اختلف ربما إنتاجياً ومضموناً وشكلاً ولكنه اعتمد على البهرجة أكثر من المضمون والاحتفال بها لم ينبع من خصوصيتها. وهناك تجارب لا تمت الينا بصلة تشبه الدراما التلفزيونية. ليست هذه السينما . السينما شيء أكثر خصوصية وإنسانية وجمالية، تمثل ذاكرة شعب.

·         هل تلمس في الأفلام الخليجية القصيرة التي ظهرت في الآونة الاخيرة جرأة واختراقاً للمجتمع؟

ـ لم تكن التجارب الخليجية بمعظمها مقنعة في هذا الجانب. في الامارات، هناك ما يقرب من خمسمئة فيلم قصير ظهرت في السنوات الست الأخيرة مع اطلاق مسعود امر الله العلي مسابقة افلام من الامارات. هذا يدل على أن هنالك أشخاصاً يرغبون في العمل انما ينتظرون الحافز. إلى جانب أهمية الوعي والقدرات وجرأة الطرح، هناك ايضاً حلقة الوصل بين المخرج والجمهور. الجمهور الخليجي ليس معتاداً مشاهدة السينما، والتلفزيون بات هو من يصنع ثقافة الجمهور. الجرأة في الطرح لا تتعلق بمكان لأن السنوات الأخيرة كسرت هذه الحواجز من خلال عصر الديجيتل الذي سهل على أي مخرج أن يصنع فيلمه.

·         كيف ترى علاقة هذه الافلام بمحيطها؟ هل تعتقد انها تنتمي إلى البيئة الخليجية؟ وهل تطلع من حاجة؟

ـ هناك نسبة كبيرة من التجارب الخليجية التي ظهرت في الفترة الأخيرة نابعة مثل النخل من الخليج. يعني رائحتها رائحة الخليج وصورتها صورة الخليج. وهناك تجارب لا تمت للخليج بصلة انما هي تقليد للغرب بشكل بحت.

أعتقد أن الكثير من الأفلام التي تظهر في الخليج لم تخرج من حاجة بل لنقل انها حالة من البهرجة او الموضة. ولكن من جهة ثانية، هناك نسبة لا بأس بها من الافلام تظهر من حاجة عميقة لدى المخرجين وصناع هذه الأفلام لقول شيء ولمخاطبة ليس فقط الجمهور الخليجي انما رغبة في تواصل الخليج مع العالم. هناك قضايا ومعاناة ذات خصوصية.

·         نلاحظ ان هناك توجهاً إلى الروائي أكثر من الوثائقي. لماذا برأيك؟

ـ هذا صحيح، ربما لأن التلفزيونات العربية لا تعرض الكثير من الأفلام التسجيلية وربما لأن هناك انطباعاً بأن الأفلام التسجيلية تلفزيونية وليست سينما. نرجع إلى مسألة الوعي السينمائي أو الثقافة السينمائية. أعتقد ان المشاهدة جزء أساسي من تكوين ثقافة المخرج وبالتالي فإن غياب الافلام الوثائقية من محطات التلفزة ودور العرض قد يكون مسؤولاً عن قلة التجارب الوثائقية في الخليج.

·         هل تظن ان الأفلام الخليجية التي تصنع اليوم مؤهلة لأن تكون بداية لسينما خليجية؟

ـ أكيد، فهذه تجربة مازالت في بدايتها تحتاج إلى التشجيع لتستمر وتكون أرضية ليس لصناعة خليجية ولكن لتجارب سينمائية مكثفة. ولكن إذا أُخذنا بالبهرجة الاعلامية والشكليات ستُقتل أحلامنا. أما إذا اشتغلنا على خصوصية افلامنا وفكرها قد نتمكن من تحقيق شيء.

·         ما هي طموحاتك؟

ـ طموحي السينمائي كبير وأملنا كجيل شاب أن نتمكن من اثبات أنفسنا على الخارطة السينمائية في العالم كما فعلت السينما الإيرانية التي استطاعت كسر الكثير من الحواجز. أملي أن نصنع أفلاماً أكثر صدقاً وأكثر تعبيراً عن البيئة الخليجية.

المستقبل اللبنانية في 8 فبراير 2008