كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

فيلم "رُبّان الطائرة الورقية"

هوليود باللغة الفارسية (دري)

تقرير أمين فارزانيفار     ترجمة: يوسف حجازي

أثار فيلم"الطائرة الورقية" المأخوذ من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الافغاني خالد حسيني حفيظة الأفغان كونه يتعرض لمواضيع حساسة كالتوتر الإثني وجرائم الاغتصاب وذلك على الرغم من حرص صانعي الفيلم على دقة التفاصيل والمعلومات.

حظيت رواية خالد حسيني "رُبّان الطائرة الورقية" التي تربط ببراعة قدر فردٍ مع دهاليز السياسة وألاعيبها باهتمام عالمي كبير، إذ تم بيع أكثر من ثماني ملايين نسخة منها منذ أن نُشرت في عام 2004.

الصداقة بين الفتى الهزاري حسن والبشتوني الغني أمير تُشكِّل خطًا سردياً على مدى الرواية التي تدور أحداثها على خلفية التاريخ الأفغاني الحديث: بدءا بمرحلة ما قبل الحرب الأهلية، مرورًا بدخول الجيش السوفياتي ووصولاً إلى حكم طالبان الرهيب.

جاءت رواية خالد حسيني وكأنها بيانٌ عن جموع الأفغان المنتشرين في المنافي في شتى أنحاء المعمورة، حيث أعطت القارئ الغربي فرصة الاطلاع على بعد آخر من هذا البلد، الذي ارتبط ذكره في الغرب حتى الآن بطالبان والقاعدة والأفيون قبل أي شيء آخر.

كلَّفت شركة الإنتاج السينمائي باراماونت مارك فورستر بإخراج الفيلم، وهو أحد مخرجي هوليود، وكان قد حاز فيلمه "حفلة الوحوش" (Monsters Ball) على جائزة الأوسكار، ما دفع المرء لترقب نتيجةً لافتة لهذا المشروع الذي بلغت كلفته 18 مليون دولار. هذا وقد حرص فورستر في مستهلّ تصوير الفيلم على صِحّة التفاصيل ودقتها إلى أكبر حدٍّ ممكن. لقد استعان باستشارة مرشدين أفغان لإعادة بناء المحيط التاريخي، وساقه البحث عن الممثلين المناسبين إلى أفغانستان، حيث وجد ممثليّ الأدوار الرئيسة في آخر المطاف، وهما الفتى البشتوني زكريا إبراهيمي الذي يبلغ من العمر احد عشر عاما والهزاري علي دانيش بختياري الذي يبلغ الثالثة عشر من العمر، فأوكل إليهما مهمة تجسيد هذه الصداقة الحيوية التي تتجاوز الحدود الإثنية والطبقية.

أعمال تصوير تحت الحراسة

كان من البدهي للمخرج الألماني-السويسري مارك فورستر أن يقوم بتصوير الفيلم باللغة الأصلية، اللغة الفارسية (دري). ولكن على الرغم من ذلك سبب تصوير فريق عمل أمريكي لقصة أفغانية الكثير من الإشكالات، ودفعت خطورة الأوضاع للانتقال بأعمال التصوير إلى الصين، كما قامت وحدة أمريكية لمكافحة الإرهاب بمرافقة الفريق.

جاءت نتيجة العمل جيدة بلا شك. قصةٌ تدور أحداثها على مدى عدة عقود، وتلف في طياتها قارات ومناطق مشتعلة بالأزمات، قصةٌ يرويها الفيلم بمنبريةٍ زخمةٍ تشبه ملاحم أفلام بوليود، إلا أن الفيلم يبقى واقعيًا للغاية. والحديث الراهن عن ترشيح كل من زكريا إبراهيمي وعلي بختياري لجوائز أفضل ممثل مصيبٌ تماما.

في هذه الأثناء تم منع فيلم "رُبّان الطائرة الورقية" في أفغانستان، إذ إنَّ المخرج أحمد لطيفي مدير هيئة الأفلام يخشى من حدوث فتنة. فالتلميح لاغتصاب حسن من قبل عصابة من الفتيان البشتون كان أحد الأسباب الرئيسة للاستياء من الفيلم..

هذا المشهد الذي يُعتبر متحفظاً بالمنظار الغربي بلا ريب، يبدو للعديد من ممثلي الإثنيات الأفغانية أكثر من فضائحي، فالشيعة من الهزارا يشعرون بالمذلة في دور الضحية، ومن ناحيتهم ضاق البشتون السنة ذرعًا من جعلهم كبشا للفداء على الدوام.

لا تصلح السينما في بعض الحالات لأن تكون وسطًا للحوار في عالم العولمة، فبعد نقلها إلى سياقاتٍ ثقافيةٍ أخرى تغدو المضامين التي يفترض أن تكون بريئةً أو سليمة النية قوة انفجارٍ غير متوقعة، لا سيما عندما يُرفع من شأن أقدارٍ فرديةٍ لتغدو رموزاً إثنيةً أو دينيةً وذات صفات تمثيلية.

عندها يبرز ما تم عرضه في الفيلم باعتباره "واقعياً" وكأنه مجموعة من الإساءات والأحكام المسبقة المتخيلة. مما اضطر الممثلين الرئيسيين لفيلم "رُبّان الطائرة الورقية" للخروج من البلاد بعد تهديدات شديدة.

دعابات على حساب الهزارا

ظهر فيلم "رُبّان الطائرة الورقية" في مرحلةٍ من الاحتقان على أية حال، فقبل ذلك كان الفيلم الهندي "كابول إكسبرس"، وهو فيلمٌ كوميديٌ من إنتاج بوليود وإخراج كبير خان، وقد وردت فيه بعض النكات الفظة بحق الهزارا، الأمر الذي أدى إلى المطالبة بإعدام أحد ممثلي الفيلم، فأضطر بدوره لمغادرة البلاد إثر ذلك.

عمَّت الشائعات وعلت الاتهامات والتهديدات في مستهل أعمال فيلم "رُبّان الطائرة الورقية". بينما يمكننا التشكيك بمعرفة رواية حسيني المسالمة في أفغانستان بسبب النسبة العالية للأمية هناك. بالمقابل يُقبل الأفغان على السينما بشكل كبير، إلا أنهم يعتمدون على الأفلام المنسوخة على الأقراص الرقمية لقلة دور السينما التي سببتها الحرب الأهلية وحكم طالبان.

تنتشر نُسخُ الأفلام المسروقة في الأسواق بعد أسابيعٍ قليلةٍ من بدء عرضها بشكلٍ رسميٍ في دور السينما، لذلك قامت شركة "باراماونت" للإنتاج بإجراءات جذرية مضادة، وأجلّت بدء العرض لفترة ستة أسابيع.

هذا الوقت كان كافيا لنقل الممثلين الأطفال إلى مكان آمن، بعد أن أنهوا امتحاناتهم المدرسية، حيث يعيشون اليوم في مكان غير معروف في الإمارات العربية المتحدة. أما إمكانية عودتهم إلى الوطن فتبقى أمراً مجهولا.

حقوق الطبع: قنطرة

موقع "قنطرة" في 1 فبراير 2008