كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

الملك وحاشيته.. أبطال الدراما والمؤامرة!

مشروع دولي اتفقت فيه الأطراف علي رد الاعتبار لفاروق علي حساب الحقيقة:

القاهرة ـ من كمال القاضي

لا تزال أصداء المعركة بين أنصار الرجعية الملكية والثوار الغيورين علي استقلال الوطن وحريته مستمرة، فقد فجر الحدث الدرامي الاخير القائم علي فكرة محو عار الملك، قضية هي الاعلي دويا بين القضايا الدرامية التي عرضت بأكثر من قناة فضائية، فيما لم يتمكن التليفزيون المصري بكل ما لديه من امكانيات وكوادر من عرضها لسرعة القنوات الفضائية في شراء مسلسل الملك فاروق وعرضه خلال شهر رمضان الماضي، ومن ثم تضييع الفرصة علي الاعلام الرائد للمشاركة في زفة الدعاية الكاذبة للملك وحاشيته، وعليه كان ضروريا ان يتمسك التليفزيون المصري بحقه في التحرك خارج الخطوط البيضاء المرسومة للاعبين الاساسيين والاكتفاء بتسجيل ما حدث في كواليس تصوير المسلسل وتغطية الندوات التي عقدت علي شرف فاروق ـ الملك ـ الذي أرادت السيناريست لميس جابر بعثه من جديد ليدافع عن نفسه بوصفه من المظلومين الذين جنت عليهم الثورة، حيث أنزلته مجبرا عن العرش وخلعت عنه حلته الملكية ووضعته عنوة علي متن اليخت الذي أقله وأبحر به الي بلاد الاصدقاء الغربيين منفيا بعيدا عن وطنه الأم مصر هذا الاجتهاد الشخصي من جانب كاتبة السيناريو اعتد به كرؤية وثائقية جسدتها الدراما في حلقات لم يراع فيها الحد الأدني من الأمانة التاريخية، برغم مراجعة أساتذة كبار للوقائع والاحداث عمدوا الي تمرير المغالطات والاكاذيب لثأر شخصي من الثورة ورجالها وزعيمها جمال عبد الناصر بدعم سياسي ـ سعودي وظف رأس المال للطعن في شرعية ثورة يوليو والنيل من إنجازها وشعبيتها، فالملك الفاسد الذي انقلب عليه الشعب والجيش لسوء سلوكه وسمعته ونزقه السياسي والعسكري وتحالفه المفضوح مع الاحتلال الانكليزي بات من وجهة نظر صناع المسلسل، لا سيما الكاتبة والمخرج حاتم علي نبي الرحمة والعدل الذي ظلمه قومه ورموه بتهم لم تكن فيه، فما كتب ونقل عبر الوثائق من نزوات وعلاقات مشبوهة مع الفنانات والراقصات وما أنفق علي الملذات وبدده الملك العائد اليوم علي حصان طروادة في صالات القمار هو لغو لا يمت للرجل بصلة، وإنما هي أشياء صنعها العسكر الحاقدون ليبرروا إحاطتهم بالعرش وصاحبه وإعتلاءهم السلطة، حتي رجال الحاشية قدموا باعتبارهم ملائكة تمشــي علي الارض بمن فيهم الشخصيات التي كان فاروق نفسه يعلم بتورطهم في علاقة محرمة وآثمة مع أقرب الناس إليه واعترافه بما يدور في القصر من خيانة تمس الشرف الملكــــــي وتدنسه، فبرغم كل ما يتوافر من أدلة وبراهين علي فساد الراعي والرعية في الاسرة الملكية جاءت التفاصيل والحكـــايات علي غير حقيقتها المعلومة تاريخيا بفضل عمليات التحريف والاجتزاء التي قامت بها الكاتبة التي تزعم انها استقت معلوماتها من مراجع انفردت بنشر الحقيقة، عكفت هي وحدها علي قراءتها طوال عشرين عاما لتخرج لنا بتاريخ آخر مغاير للتاريخ الذي اتفق عليه الباحثون والمحققون محتمية في ذلك وراء تأييد نفر من الناس وجدوا ضالتهم فيما أوردته من حكايات خيالية رأوا انها الانسب لضرب المشروع الثوري القائم علي أكتاف عبد الناصر والضباط الاحرار منذ عام 52 وحتي الان، وهو المشروع المؤرق لصاحب السمو والفخامة والمعالي في بلاط المملكة، إذ لا زالت الثورة متوهجة وقنديل عبد الناصر يملأ الدنيا ضياءا.

لقد شارك التليفزيون المصري في هذه الخدعة الدرامية، كما شاركت بقية القنوات الفضائية الاخري، فالأول فرد مساحة مطولة لعرض وجهات النظر المؤيدة للمسلسل، فيما تولت القنوات المعنية مهمة الترويج، كأنه مشروع دولي اتفقت فيه جميع الاطراف علي رد الاعتبار للملك المهزوم علي حساب الحقيقة والتاريخ، وبقي الزيف وحده هو رمانة الميزان في المحاكمة غير العادلة لرجل النساء والخمر والقمار وبكل فضيحة الاسلحة الفاسدة في حرب 48، نعم انها معطيات المرحلة التي يتباكي عليها مخرج المسلسل وكاتبته وأبطاله الذين وقعوا في منزلق الاغراء الفني للشخصية دون ان ينتبهوا الي ما وراء الاحداث او يدققوا في ظرفية اختيار الملك فاروق بالذات ليكون هو المقابل الدرامي لشخصية عبد الناصر في فيلم ناصر 56 في نفس التوقيت الذي تشن فيه الحملات المسعورة ضد القومية العربية والقوميين وكافة الرموز الوطنية التي تنتمي لهذا المشروع وترتبط نفسيا بجمال عبد الناصر وأفكاره التقدمية الوحدوية.

أظن ان المعني واضح ولا يحتاج لقاموس لفك طلاسم المؤامرة التي ينفـــــق عليها الشيوخ من أموال النفـــــط وتروج لها وسائل الاعلام المأجـــــورة آملة ان تنال الدعاية المضادة من الثوابت التاريخية بوهم نفخ الروح في الجثث المتحللة والتاريخ البائد.

لقد نسي هؤلاء ان لكل زمن رجاله وفرسانه وان الرجال الحقيقيين هم الذين يصنعون الاحداث وليست الاحداث التي تصنعهم.

القدس العربي في 25 يناير 2008