كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

«لاقط طائرة الورق» من الرواية الى الشاشة...

ذاكرة بلد يكاد ان يتبخّر من الخريطة

نيويورك – جاد الحاج

يجري العرض التمهيدي للأفلام المبرمجة في الصالات الكبرى على شاشات صغيرة يقصدها عشاق السينما والنقاد لفترة وجيزة تسبق الافتتاح الرسمي. شاشات قديمة في صالات عتيقة تشي بزمن كانت السينما فناً خالصاً بريئاً من مفاعيل السوق وحمى الترويج. رائحة المكان حيث تخمّر الغبار بالرطوبة مع املاح وزيوت الفشار تهدهد مشاعرك وهي تقودك الى مقعد ستغرق فيه امام شريط جديد، صادف اليوم انه حكاية افغانية.

«لاقط طائرة الورق» هي في نظري الترجمة المناسبة لفيلم The Kite Runner المأخوذ عن رواية خالد حسيني بالانكليزية، وذلك لأن تقليد طائرات الورق في أفغانستان لا يقتصر على متعة تحليقها بل يتعداها الى المبارزة بينها. والفائز من يستطيع اسقاط الطائرات المشاركة بقطع خيطانها ثم الركض لالتقاط الطائرة المهزومة. وفي تلابيب هذا اللهو، حيث تتحول البراءة الى عداوة، مغزى رواية حسيني التي ترجمت الى معظم لغات العالم وباعت اكثر من ثمانية ملايين نسخة في 34 بلداً.

تقول ايزابيل الليندي: «انها رواية على قدر من القوة جعلتني أجد كل ما قرأته بعدها، ولفترة طويلة، خفيفاً».

من هنا كان على المخرج الاميركي مارك فورستر صاحب «مرقص الوحوش» و«أغرب من الخيال» أن يأخذ الوديعة على محمل الجد، وأن يعي أهمية كل شاردة وواردة خصوصاً في ما يتعلق بحساسيات الدين والجنس. الا ان نجاحه في ذلك لا يعني ان افغانستان باتت مستعدة لترى وجهها عبر تجسيد الرواية سينمائياً. اذ سرعان ما اصدرت وزارة الثقافة الافغانية قراراً بمنع الفيلم «خشية اضطرابات اثنية بين الهازارا والباشتوك»، فيما حدث للممثلين الصغار واليافعين الذين قاموا بالأدوار الحساسة، ان غادروا أفغانستان خوفاً من ردات فعل عنيفة ضدهم بعدما راجت النسخ المقرصنة عن الشريط في طول البلاد وعرضها. اذاً سيرى العالم قصة بلاد ما زالت غير قادرة على مشاهدة حقيقتها.

«لاقط طائرة الورق» يمثل ذاكرة بلد يكاد ان يتبخر من الخريطة: في ثلاثين عاماً شهد سقوط الملكية ثم الاحتلال الروسي، ثم انتفاضة طالبان، ثم حكمهم، ثم الزحف الأميركي المدوّل لطردهم، ثم بروز «القاعدة» وبداية» ديمقراطية» لا قدرة لها على تغيير شيء مما هو موروث أو متخلف. في هذا البلد ولد بطل الحكاية، أمير، لأسرة مرتاحة مادياً، وترعرع على صداقة حسن ابن الخادم في منزل والده. كانا أشبه بأخوين لكن أمير لم يملك من الشجاعة ما يكفي لمواجهة عنف التفرقة الاثنية، ولا يتدخل حين يتعرّض صاحبه بسببه لأبشع انواع الاعتداء من عصابة فتيان باشتونيين وهو هازاري. الشعور بغصة العار تتراكم لدى أمير فلا يعود يطيق وجود حسن قربه الى حد انه يبتكر له جنحة لم يرتكبها حسن فيقرر والد الاخير على اثرها الاستقالة من وظيفته والرحيل...

مع دخول السوفيات يأخذ الأب ابنه الوحيد امير الى باكستان ومنها الى الولايات المتحدة حيث يصبح الفتى كاتباً على طريق الشهرة. من هنا تبدأ القصة اذ تصل النسخة الاولى من رواية امير وفي الوقت نفسه تأتيه مخابرة هاتفية من معلمه المريض في باكستان يطلب اليه المجيء بالحاح لرؤيته. تلك الرحلة تأخذ أمير من جديد الى مواجهة ماضيه وحاضر بلاده على السواء. توغله في العالم الذي نأى عنه بفعل الهجرة وتجبره بعنف جسدي ونفسي على اعادة ربط الخيوط المتقطعة التي تركها خلفه من دون ان يدري.

لم يصوّر مارك فورستر فيلمه الآسر (128 دقيقة) في أفغانستان، لكنه لم يصوره أيضاً في كاليفورنيا، بل ذهب الى طريق الحرير وعثر على مدينتين صغيرتين في غرب الصين قريبتين جغرافياً من طبيعة كابول ذات التضاريس الحادة والتربة الباهتة والزوايا المتنافرة، واستحضر ممثلين أفغاناً للأدوار الرئيسة وآخرين من ثقافات متنوعة. وقد تمكن في النهاية من الإحاطة بعناصر القصة بصرياً وثقافياً، مخلصاً لروحية الرواية، باذلاً قصارى جهده للإحاطة بأبرز عناصرها الحكائية.

واللافت في النتيجة ان فورستر عمد الى اقصاء الفيلم عن البهرجة الهوليوودية المعروفة، محافظاً على خشونة معتدلة في اللقطات والمونتاج، وأصاب نجاحاً لا بأس به في تصوير العنف الفجّ بأسلوب تسجيلي خاطف ومؤثر كما في مشاهد رجم الزانية واغتصاب القاصر حسن وضرب أمير ضرباً صلفاً مبرحاً على يد احد الذين ارتكبوا الفعل الشنيع في صاحبه وبات بعد سنوات نافذاً في عداد طالبان.

لست ادري اي الشاشات العربية سيجرؤ على عرض الفيلم، فواقعنا ليس في النهاية افضل من الواقع الافغاني، لسوء الحظ.

الحياة اللندنية في 25 يناير 2008

 

40 فيلماً في مهرجان مسقط السينمائي

مسقط - محمد سيف الرحبي 

افتتح مهرجان مسقط السينمائي قبل أيام في دورته الخامسة بحفل رسمي خلا من أي من الأفلام الأربعين التي تشارك هذا العام في فعالياته، بعد استقراره على التواجد كل عامين ضمن خريطة المهرجانات السينمائية العربية. وبدأت العروض في اليوم التالي لتقديم الأفلام المشاركة لمتذوقي الفن السابع في السلطنة.

لا يجد منظمو المهرجان غضاضة في عدم تقديم فيلم سينمائي عماني هذا العام، كما حصل في المهرجان الماضي الذي احتفى بأول فيلم أنتجته السلطنة وحمل اسم «البوم»، مجسداً اسم سفينة عمانية تقليدية اشتهر بها ربابنة عمان على مدار التاريخ البحري لبلادهم. ومخرج «البوم» ورئيس المهرجان د. خالد الزدجالي قال في حديث الى «الحياة» أن مهرجان هذا العام يسعى ليؤسس لفكرة وجود مهرجانات سينمائية في السلطنة حتى مع «غياب الإنتاج السينمائي، يأتي هذا من باب أن نشر مثل هذه الثقافة ضروري، بخاصة ان هناك أعمالاً تقترب من لغة الفن السابع يتم إنتاجها محلياً».

تشارك السينما العربية في مهرجان مسقط بمجموعة من الأفلام ومنها «حكاية بحرينية» و «ظلال الليل» و «عرس الذيب» و «فلافل» و «في شقة مصر الجديدة» و «القلوب المحترقة»، أما الأفلام الأجنبية فحاضرة بالفيلم التركي «العشق الأول» والهولندي «الضربات» والألماني «صديقي» والروسي «الرؤية الكاملة» والصيني «الأجنحة المختفية» والباكستاني «من أجل الله» والإسباني «الوهم» والإيراني «يوم الألعاب النارية». أما خارج المسابقة فهناك أفلام من العراق وفرنسا. إضافة الى «درب المهابيل» و «صراع الأبطال» و «المخدوعون» وهي للمحتفى به توفيق صالح وغيرها.

وتكونت لجنة تحكيم الأفلام الأجنبية برئاسة الممثل السوري غسان مسعود. وتقام على هامش المهرجان ندوتان مهمتان تحتفيان بالروائي الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ الراحل عن عالمنا بعدما أتحفنا بسلسلة روايات وأفلام غيرت ملامح حياتنا العربية والثقافية. وسيتحدث عنه رفيق دربه توفيق صالح فيما ستحتفي الندوة الثانية «بالمرأة في الإبداع الفني».

وبالمجمل فان صالات سينما الشاطئ والبهجة والنجوم ستشهد عروض نحو 40 فيلماً بنوعية عالية .

وبيّن الدكتور الزدجالي أن لوزارة التراث والثقافة مع الصحف المحلية والإذاعة والتلفزيون دوراً كبيراً في دعم هذا المهرجان الذي توقع له أن يكون على سوية افضل وأجود من سابقه.وشدد على ان مهرجان مسقط حرك المياه الراكدة في كثير من الدول العربية حيث سبق دبي وجعل من مهرجان دمشق الدولي عيداً سنوياً بعدما تابع العرض بثبات سنوياً «من دون ان تكون لدينا سينما وأفلام خاصة بنا» على حد تعبيره. واعداً في الوقت ذاته بأن يكون في المهرجان السادس أربعة أفلام عمانية هي الآن في طور الإنتاج.

الحياة اللندنية في 25 يناير 2008