كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

أمين يروي ملامح سيرة «المعنوني» الذاتية

«قلوب تحترق».. ملهاة في قالب تراجيدي

دبي ـ محمد نبيل سبرطلي

يسعى المخرج السينمائي المغربي أحمد المعنوني من خلال فيلمه «قلوب تحترق» للعودة لرسم ذاته ورواية بعض ملامح سيرته الذاتية من خلال شخصية بطله الشاب أمين العائد من باريس، حاملا لقب مهندس. ويأتي إلى فاس، مدينته التي قهر فيها، باحثا عن ذاته،دافنا ماضيه الحزين الذي عاشه بعد وفاة والدته ومعاملة خاله القاسية. ونرى أمين وهو يشيد قبر خاله، بعد الوفاة، ويمسح عليه كأنه يتمنى لو يعاقب.

ولا ينكر المعنوني، خلال حواره مع الجمهور في نهاية عرض الفيلم في دبي، إنغماسه في أعمال السيرة الذاتية،وقد عكس ذلك عندما افتتح شريطه السينمائي «قلوب تحترق» بعبارة «إهداء إلى والدتي التي لم أعرفها».

وفي ضوء ذلك نرى أمين دائب البحث عن والدته حتى بين الموتى في المقبرة، فيتجول بين القبور معتقدا أنه يمكن بذلك أن يكون قريبا منها. والحقيقة أن المخرج بهذه الطريقة أبقى على صورة والدته حية طوال الفيلم، وبالمقابل فإننا لا نسمع شيئا عن والده.

ملهاة يومية

ويلعب المعنوني على بعدين، الأول يتمثل في ملهاة الحياة اليومية التي تكون في الغالب أحداثا روتينية ومنسابة بينما الثاني تراجيدي مأساوي يشمل حكاية أمين كاملة على الرغم من أنه لا يظهر في شكل صارخ.

في العموم فإن المخرج يطلق إضاءة داخلية للإطلاع على ما يجول في نفسه أمين الشاب المهندس الوسيم الذي تتهافت عليه قلوب البنات ويحظى باحترام إمام المسجد الرجل الأكثر علما وكمالا في المدينة أو في الحي على أقل تقدير.

في الفيلم تشفى صدورنا عندما يلقى المعلم عباس مصرعه عندما يفتح حقيبة مليئة بالأفاعي والعقارب، كان المتسكع العاطل عن العمل عبد الله قد سرقها، وكان المعلم عباس قد أوكل إلى عبد الله « الأزعر» مهمة تجنيد شابين آخرين للإعتداء على أمين بالضرب المبرح، وخلال تلك الليلة، وبينما كان أمين يتعرض للضرب كان عباس يلقى حتفه.

في أعماق المعنوني مدينته بالرغم من كل شيء أفضل من باريس، فهي تحتوي رفاة أمه وذكريات طفولته المعذبة، وكل ما يحتاجه للاستقرار فيها هو تصحيح لكل شيء لحق به في الماضي على يد خاله عديم الرحمة. وفي مدينته فاس تفوح رائحة العراقة وعبق التاريخ التليد. وفيها لا تزال صورة والدته حاضرة يشعر بها في حله وترحاله، وتزداد صورتها قوة عندما يتجول بين المقابر.

يخبرنا هشام بهلول متقمص شخصية أمين في شبابه أنه عاد من باريس لغرض واحد هو دفن الماضي وليس الانتقام من خاله، والبقاء في فاس، ويرفض مهما كان العودة إلى باريس، ونسمع من أحد الشخصيات يردد: «يا بني أوروبا هي المصيدة!»

عاش أمين طفولته في حالة دائمة من التوتر، يعمل في ورشة حدادة خاله ينفخ في الكور ويتلقى الإهانات والضرب، ولكنه في هذه الأجواء يمارس هواية الرسم التي يعشقها حتى أن خاله يضبطه وهو يرسم فيمزق كل الصور التي رسمها، ويطلق عليه ألفاظ« يا ابن الزنا، يا لص، يالقيط»وغير ذلك. ولم يتورع الخال في معاقبة ابن أخته المرحومة بالكي بالنار بقضيب يستخدم في تحريك الفحم في الكور، فيما تبدو هذه الذكريات مؤلمة جدا بالنسبة لأمين.

أبيض وأسود

صور الفيلم من بدايته أسود وأبيض عدا اللقطات الأخيرة منه عندما يتوفى خاله ويمتلك زمام أموره ويتخلص من ورشة الحدادة التي يعطيها لأحد أبناء الحي الطيبين ولا يأخذ من إرث خاله سوى القضيب الحديدي الذي كان استخدمه خاله في كيه.

ويؤكد المعنوني أنه فتح نوافذ إضاءة في الفيلم حتى يخرج أمين من الحياة القاتمة التي عاشها، معلقا على استخدام الأبيض والأسود طوال الفيلم بقوله: «اخترت الأبيض والأسود كي أعطي جرافيزم أكثر وأعطى القصة إيقاعات أقوى، لقد أردت فاس أن تبدو بالأبيض والأسود، على الرغم من جمالها الفتان حتى تعبر عن روح القصة ولإعطاء العواطف التأثير الحقيقي. لقد استخدمت الأبيض والأسود إشارة لنقطة التحول في حياة أمين ونقطة تقاطع في حياته ولكي تتوفر للبطل خيارات لتحديد الاتجاه الذي يختاره.

عبدالله الأزعر

صورة مناقضة لأمين، فهو شاب عاطل عن العمل ومنافق ولص ولا يتورع عن القيام بالأعمال الخسيسة ويتذرع أحيانا بالتدين ويكرر عبارات دينية لترسيخ صورة مغايرة له. يظل عبد الله صورة هامشية في كل الفيلم، منافق يرتدي ثياب التقوى في بعض الأحيان، وهو على نقيض أمين الذي لا يصادق إلا الناس الطيبين وأصحاب التقوى الحقيقية. بعد دفن الخال يظهر أمين وحورية في ثياب بيضاء جميلة يرقصان بصحبة فرقة فلكلورية، ويظل الفلكلور المغربي حاضرا من أول الفيلم من خلال فرقة الدراويش أو الميلوية التي تطوف أزقة فاس.

البيان الإماراتية في 21 يناير 2008