كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

حصاد العروض السينمائية في الصالات التجارية الفرنسية:

ظاهرة اختطاف السينما العربية للأفلام الأجنبية

صلاح سرميني ـ باريس

مثل كلّ عامٍ، تحرصُ (النقابة الفرنسية لنقاد السينما، والتلفزيون) علي منح جوائز لأفضل الأفلام الفرنسية، والأجنبية، ومنذ عام 2005 أُضيفت إليها جوائز مُماثلة للأفلام المُنتجة خصيصاً للعرض في القنوات التلفزيونية، ومن أجل هذا الغرض، تلقي أعضاء النقابة البالغ عددهم حوالي 250 صحافياً، ناقداً، وباحثاً سينمائياً، وتلفزيوناً قائمةً بالأفلام التي عُرضت رسمياً في القاعات التجارية خلال الفترة من 1 كانون الثاني (يناير)، وحتي 31 كانون الأول (ديسمبر) 2007.

ومن المُفيد اليوم دراستها بهدف تسليط الأضواء علي بعض الجوانب المُهمّة من الصناعة السينمائية في فرنسا:

ـ العروض التجارية، عدد الأفلام، بلاد الإنتاج، حصة كلّ بلدٍ منها.

ـ النشاط الإنتاجيّ الفرنسيّ للأفلام الروائية الطويلة خلال عام.

ـ الأفلام العربية التي عُرضت في الصالات الفرنسية .

ـ دراسة حالات (اختطاف) السينما العربية للأفلام الفرنسية (والأجنبية بشكلٍ عام) المُنجزة من قِبل مخرجين من أصولٍ عربية.

بدايةً، بلغ عدد الأفلام الفرنسية (وذات الإنتاج المُشترك بحصةٍ كبري مع فرنسا) لعام 2007:

(218) فيلماً روائياً طويلاً، منها (81) عملاً أول .

وتتضمّن القائمة (11) فيلماً روائياً طويلاً لمخرجين عرب، أو من أصولٍ عربية، ومن الطبيعي إُدراج فرنسا لهذه الأفلام في إنتاجها الرسميّ، وذلك للاعتبارات التالية:

تنطلق فكرة الإنتاج من مبدأ المُبادرة، المُجازفة، والمُخاطرة، وتبدأ خطواتها من البحث عن سيناريو مناسب، الاقتناع به، الدفاع عنه، إقناع شركاء آخرين، توفير مصادر تمويل، العمل علي إنجاز الفيلم، متابعة مراحله الإدارية، والتقنية، ومسيرته المهنية من خلال اتفاقاتٍ، عقود، ضمانات، مهرجانات، حقوق عرض سينمائية، وتلفزيونية، تجارية، وثقافية...

باختصار، هي المُهمّة المُلقاة علي عاتق شركات الإنتاج، ومن يُمثلها قانونياً (المُنتج المُفوّض)، وفي حال الإنتاج الفرنسي الخالص (أو بحصةٍ إنتاجية كبري)، تتولي المؤسّسات الفرنسية مسؤولية تلك المُهمات في إطار المنظومة السينمائية، والاقتصادية الفرنسية.

من جهةٍ عملية، يتوجه المخرجون العرب إلي مصادر التمويل الغربية(فرنسا بشكلٍ خاص)، لأنهم لم يجدوها في بلدانهم الأصلية، أو ببساطة لأنهم يعيشون في إحدي البلدان الأوروبية، ومن الطبيعيّ بأن يتوجهوا أولاً لمؤسّساتها.

كما أدرك هؤلاء ضرورة تكوين شركاتهم الخاصة، لتكون قاعدةً لانطلاق العملية الإنتاجية، وفي حالاتٍ كثيرة، يُديرون شركاتٍ أخري (شكلية) في بلدانهم الأصلية، حيث تشترط الكثير من المعونات الإنتاجية الأجنبية (مُمثلاً قانونياً) من البلد الأصلي للمخرج، كما تُخصص بعض صناديق الدعم معوناتها لأولئك الذين يعيشون في بلدانهم الأصلية، وهكذا، مع شركةٍ وطنية عربية(شكلية)، يجد المخرجون العرب حلاً لكلّ الشروط الإدارية التي يتعرضون لها، وبالطبع، تعي المؤسّسات الأجنبية ذلك جيداً، وتغضّ الطرف عن هذه التجاوزات، فالأهم بالنسبة لها إمكانية إنجاز هؤلاء لأفلامهم.

ولكن، من المُستغرب حقاً بأن تشارك هذه الأفلام في مسابقات المهرجانات العربية، والبلدان العربية (نفسها) لم تسعَ إطلاقاً لإنتاجها، أو حتي المُشاركة في حصةٍ ما فيها .

دعونا نتساءل، لماذا لم تُنسب أفلام كثيرة في السينما العربية إلي جنسيات مخرجيها، وسوف أكتفي ببعض الأمثلة:

ـ سائق الشاحنة/ بوشكو فتشينكش /1966، أول أفلام المُؤسّسة العامة للسينما في دمشق، بقي سورياً علي الرغم من يوغوسلافية مخرجه.

ـ المخدوعون/توفيق صالح/1972، بقي سورياً علي الرغم من مصرية مخرجه.

ـ بياع الخواتم/يوسف شاهين/1965، بقي لبنانياً علي الرغم من مصرية مخرجه.

ـ اليازرلي/قيس الزبيدي/1974، بقي سورياً علي الرغم من عراقية مخرجه.

ـ كفر قاسم/برهان علوية/1974، بقي سورياً علي الرغم من لبنانية مخرجه.

وفيما يتعلق بالسينما الفرنسية، فإن أفلام اليوناني كوستا غافراس، السويسري جان لوك غودار، البولوني أندريه فاجدا، البولوني أندريه زولافسكي، البولوني كيسلوفسكي، الأرميني سيرج أفيديكيان، ...بقيت فرنسية الإنتاج، ولم تُنسب لجنسيات مخرجيها.

وإذا دققنا في قائمة الأفلام الفرنسية لعام 2007، سوف نجد بأنها تتضمّن الكثير من المخرجين الغير فرنسيين.

في بداية الثمانينيّات، عرفنا حذراً عربياً (مشرقياً خاصةً) في التعامل مع الإنتاج المُشترك، أو الأفلام الأجنبية لمخرجين من أصولٍ عربية، وعندما توجهت العقول العربية نحو مصادر التمويل الغربية، أينما كانت، بدأت الدول العربية تفقد تدريجياً مُبدعيها السينمائيين، وأصبحت الأفلام العربية المُنتجة برؤوس أموالٍ وطنية تتقلص سنةً بعد أخري، ولم تعد المهرجانات السينمائية المحلية تجد أفلاماً عربية خالصة لإدراجها في مسابقاتها، وأنشطتها، ومع (بينالي السينما العربية) في باريس الذي كان عليه إرضاء مموليه الفرنسيين، والأوروبيين، بدأت فكرة (الاختطاف)، مع الأفلام ذات الإنتاج المُشترك أولاً (حتي ولو كان للمصادر الأجنبية الحصة الأكبر)، ومن ثمّ الأفلام التي لا تفوح منها أيّ رائحة تمويلٍ عربي، أو (المُبادرة) التي تحدثتُ عنها في سطوري السابقة، يكفي أن يكون اسم المخرج عربياً، وأن يتطرق الفيلم لموضوعٍ عربي(غالباً عن الهجرة، والمُهاجرين) كي تحتفي به المهرجانات العربية، وتُشركه في مسابقاتها، وأحياناً تمنحه جوائزها، وأكثر ما نسمعه من مخرجيها كلمة:

ـ شوكغاً (شكراً).

وبلهجةٍ محلية متكسرة:

ـ باردون موا(اعذروني)، ما يمكنليش نحضر بالعربية..

كيف لمخرجٍ أن يكون (عربياً)، ويُنجز فيلماً (عربياً)، ولا يتحدث العربية، أو لهجة أجداده، وأنجز فيلمه بتمويلٍ أجنبيّ كامل، وأهمّ من ذلك، سوف يُكمل مسيرته المهنية في البلد الذي وُلد، وتربي، وعاش فيه، ولن يُقدم مساهمةً واحدة لتطوير السينما العربية، ماعدا كلمة (شوكغاً).

عملياً، فرض الأمر الواقع نفسه، أو فرضناه علي أنفسنا، وقبلنا به، وانتشرت الظاهرة بين المهرجانات السينمائية العربية، واتفقت علي اعتماد صيغة (الاختطاف)، وارتضي الوسط السينمائي العربيّ بهذا الحلّ، وبدأت السينما العربية تسلك نهجاً إنتاجياً آخر، وأصبحت في معظمها تتكون، تتشكل، تتطور، تُعرض، وتُوزع بعيداً عن مواطنها الأصلية، (سينما بالوكالة)، يُمولها الغرب، ويُنجزها مخرجون عرب، أو من أصولٍ عربية، وهي أفلام رخيصة التكاليف بالمُقارنة مع الميزانيات المُرعبة للأفلام الأجنبية، وبدل أن يتصدي صُناع السينما العربية لهذا التحوّل الإستراتيجي الخطير، والتفكير بتطويرها من الداخل، يشارك الجميع في تزييف تاريخها، ولم يعد أحد يشعر بحرجٍ من البحث عن أيّ فيلمٍ أنجزه مخرجٌ من أصولٍ عربية، يعيش في جزر الواق الواق، وإدراجه في المهرجانات العربية، ومسابقاتها كفيلمٍ عربيّ .

ونحن مبتهجون كثيراً بهذا الازدهار/الشرخ الذي بدأ يتوسّع عاماً بعد آخر، بانتظار تحوله إلي هوٍة عميقة لن تخرج منها السينما العربية سليمة، وأقلها تكريس تقاعس المؤسّسات الإنتاجية العربية، لأننا ببساطة (نختطف) أفلاماً لم تبادر بإنتاجها، ونقدمها لها علي أطباقٍ من ذهب كي تُزين تاريخها السينمائي، وكأننا نطلب منها بأن تتكاسل أكثر، فأكثر، وتتخلي عن المسؤوليات التي وُجدت من أجلها: الإنتاج الوطنيّ الخالص، أو المُشترك.

إن ما نفعله اليوم بعمليات (الاختطاف) هذه، تجاهل التفريق بين (سينما عربية)، و(أفلام يُنجزها عرب، أو من أصول عربية في المهجر).

لنجرب مثلاً إبعاد الأفلام المُمولة كاملاً من مؤسّسات إنتاجية أجنبية من أيّ مسابقةٍ عربية، ماذا يتبقي ؟، ربما ينخفض عدد الأفلام المُتنافسة إلي النصف، وإذا دققنا أكثر في مصادر تمويل أفلام أخري، سوف نجد بأنّ الحصة العربية الوحيدة فيها تخصّ المخرج نفسه (نظام المُشاركة مؤلفاً، ومخرجاً)، بمعني الأقلّ، والأضعف إنتاجياً، وهكذا، لن يتبقي من الأفلام المُتنافسة إلاّ القليل، وسوف تختفي أسماء بلدانٍ عربية من خريطة الإنتاج (أولها موريتانيا) كنا نتفاخر بأنها شاركت في المهرجان، والحقيقة، كانت المُؤسّسات الإنتاجية الأجنبية نفسها هي المُشارك الأساسيّ الصامت، والمُستفيد من حالات (الاختطاف) هذه.

وهكذا، نصل إلي تناقضٍ طريف، يُظهر تسامح الغرب معنا في مواجهة عمليات (اختطاف) أفلامه بادعاء إنتاجها، ولا يعتبر ذلك أعمالاً (إرهابية).

علي العكس، نحن نقدم له خدمةً عظيمةً باستقطابه للمُبدعين السينمائيين العرب، وإنتاج أفلامهم بميزانياتٍ قليلة، وإظهار العالم العربيّ من خلالهم، عرضها، تسويقها، الدعاية لها، الوصول إلي عقر مهرجاناتنا السينمائية، وتسجيل (أفلامه) في تاريخ (سينمانا).

استقطاب فرنسا للمُبدعين السينمائيين من كلّ أنحاء العالم، هي سياسةٌ إيجابيةٌ لضخّ دماء جديدة، ومُتجددة، وإثراء حقيقي لسينماها الوطنية، والأوروبية بشكلٍ عام، وتجسيد للتعددية الشكلية، والمضمونية في أبهي صورها، ومن خلالها تتواجد في كلّ بلد، وتنشر لغتها، وثقافتها، وتقدم صورتها كبلدٍ متحضرٍ، ديمقراطيّ، يسعي لدعم السينمات الوطنية الأخري، وخاصةً البلدان التي كانت في فترةٍ من تاريخها تحت قبضتها الاستعمارية، أو وصايتها.

ولكن، ألا تُخبئ هذه الإيجابيات جانباً سلبياً، وخطيراً، يتجلي بالسيطرة التدريجية علي السينمات الوطنية، وربط مصيرها بأشكال التمويل، والدعم التي تمنحها لها، وتحويلها إلي سينماتٍ كسولة، عاجزة عن تمويل، وتطوير سينماها بنفسها بدون أيّ دعمٍ خارجي،..؟

ألا تُسمي هذه الحالة بـ (التبعية)؟.

تتجلي الوصاية الفكرية أيضاً بالمشاريع التي تبحث عن مصادر تمويلٍ أساسية، أو إضافية، يتمّ اختيارها من قبل لجان غالبيتهم من الفرنسيين، والأوروبيين، ومن الطبيعي بأن يختار هؤلاء الأفكار، والمواضيع المُناسبة لأذواقهم، وحساسياتهم، ومعتقداتهم عن العالم العربي (والإسلام)، هذا الأمر لا يحدث مع كلّ المشاريع، ولكن، ألم يستوعب المخرجون العرب، ومنذ زمن، هذه الرغبة الضمنية، فأصبح البعض يقدم لهم ما يبحثون عنه في تلك المشاريع؟.

إنّ نظرة السينمائيّ العربي القابع في بلده عن قضايا بعينها، مثل: أوضاع المرأة، التخلف، الدين، المُحرمات... مختلفة تماماً عن نظرة السينمائي العربي المُقيم في الغرب.
وما يمكن أن يُجسّده في فيلمٍ عن فلسطين، أو لبنان، أو العراق.. في أفلام عربية وطنية الإنتاج مختلفٌ عما يمكن أن يقدمه في أفلامٍ مشتركة، أو أجنبية، ..

وكي لا تصبح الصورة ضبابية إلي هذا الحدّ، من المُفيد إزاحة القصدية، وسوء النية عن توجهات السلطات السينمائية الفرنسية في اختيار هذا الموضوع، أو ذاك، ولكن، أليست هي التي تجني ثمار الإنتاج المُشترك، أو التمويل الكامل، وتجمع عوائد هذا الثراء السينمائي، بينما تبقي السينما العربية فقيرة بأفلامها، ومُبدعيها.

إنّ السينما العربية اليوم تعيش حالةً من الوهمّ يجعلها مقتنعةً، وراضيةً بالأمر الواقع، ومنذ أكثر من ربع قرن، تقتسم تاريخها مع السينما الفرنسية، والأوروبية، و(تختطف) أفلاماً من هذا البلد، أو ذاك لتسدّ الفراغ الذي تُعانيه، وتشعر بالرضي عن (مُنجزاتها).

حصاد العروض السينمائية في الصالات التجارية الفرنسية

(بنسبة خطأ حسابيّ % 0.17)

218 فيلماً: فرنسا، منها (81) عملاً أول ـ 37.84%

184 فيلماً: الولايات المتحدة ـ 31.94%

25 فيلماً: المملكة المتحدة ـ 4.34%

13 فيلماً: ألمانيا ـ 2.25%

12 فيلماً لكلٍ من: إسبانيا، اليابان، بلجيكاـ 2.08%

11 فيلماً: إيطاليا ـ 1.90%

9 أفلام: الأرجنتين ـ 1.56%

7 أفلام: كندا ـ 1.21 %

6 أفلام لكل من: إسرائيل، الصين، كوريا الجنوبية ـ 1.04%

5 أفلام: إيران ـ 0.87%

4 أفلام لكل من: البرازيل، المكسيك، سويسرا ـ 0.69%

3 أفلام لكلٍ من: رومانيا، الدانمارك، أوستراليا، التشيلي، النمسا ـ 0.52 %

2 فيلماً لكل من: روسيا، تركيا، هونغ كونغ، جمهورية التشيك، السويد، تايلاند ـ0.34%

1 فيلم لكلّ من: كرواتيا، الجزائر، تونس، أرمينيا، لبنان، الفليبين، كوريا الشمالية، النرويج، إيرلندة، هنغاريا، هولندة ـ 0.173%

المجموع: 576 فيلماً ـ 100

الأفلام الفرنسية (أو الإنتاج المُشترك بنسبةٍ فرنسية كبري) لعام 2007

والتي أخرجها مخرجون عرب، أو من أصولٍ عربية

مدينة كبيرة: جمال بن صالح

كارامل: نادين لبكي

سجائر فرنسية: مهدي شارف

فوضي: يوسف شاهين

بالوما اللذيذة: نادر موكنيش

دول، أو وادي الطبول: هينر سالم

كسكسي بالسمك: عبد اللطيف كيشيش

موريتوري: عكاشة تويتا

سقوف باريس: هينر سالم

رجل ضائع: دانييل عربيد

إنه عالم رائع: فوزي بن سعيدي

المجموع: 11 فيلما ـً 1.90

الأفلام العربية (أو ذات الإنتاج المشترك مع فرنسا بنسبة أدني) والتي عُرضت في الصالات التجارية الفرنسية عام 2007

المنارة: قاسم بلحجاج ـ الجزائر

عرس الذيب: جيلالي سعدي ـ تونس

البوسطة: فيليب عرقتنجي ـ لبنان

المجموع: 3 أفلام ـ 0.52

المصدر: قوائم النقابة الفرنسية لنقاد السينما، والتلفزيون

القدس العربي في 19 يناير 2008