كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

فوضي مختلفة وسقوط بعيدا عن عباءة شاهين

منى الغازي

للمرة الثانية علي التوالي وفي فترة زمنية قصيرة يلتقي علي تتر واحد اسم خالد يوسف مع ناصر عبدالرحمن، ولكن هذه المرة بدون اسم يوسف شاهين، وأعتقد أنها كانت فرصة لهما لإظهار قدراتهما بعيدا عن تأثيره والخروج من عباءته، غير أن المؤسف أن خلع العباءة تركهما مكشوفين في العراء لا يسترهما شيء. 

تدور أحداث فيلم "حين ميسرة" في عالم العشوائيات حيث يتعرف عادل علي ناهد ويقيمان علاقة، تثمر طفلا تفشل ناهد في العناية به ويرفضه الأب ويلقي الصغير إلي الشارع، وينطلق عادل من العمل الشريف إلي تجارة المخدرات ومنها إلي البلطجة، وتنطلق ناهد من الهرب للعشوائيات للخدمة في البيوت ثم الدعارة وتنتهي (راقصة) وينتقل الصبي من يد سمسار أطفال إلي أسرة غنية إلي ملجأ وينتهي به الأمر لأن يكون أحد أطفال الشوارع ويقيم علاقة تثمر ابنا جديدا غير شرعي. 

فتجد نفسك أمام بناء ميلودرامي فج يعتمد في بنائه علي اللون الأسود كنغمة رئيسية في العمل، وينقسم المجتمع داخل العمل بالشكل الذي يراه هو ودون حيادية أو وعي بما يفعل، فشرائح المجتمع المطروحة داخل العمل تشمل ما تحت القاع، أطفال الشوارع ينامون علي الأرصفة ويتبادلون العلاقات الجنسية ويسرقون وينهبون ويتسولون ويعيشون بلا أي ضوابط، يأتي بعدهم مجتمع القاع المتمثل في العشوائيات حيث نجد مجموعة من البشر تحت خط الإنسانية، حيث يعيش الجنس والمخدرات والإرهاب والسرقة والبلطجة، ثم مجتمع أكثر تحضرا حيث الطبقة شبه المتوسطة، الأبناء الجاحدين بالأهل والقوادين والقمار والخمر ثم ننتقل إلي الطبقة الأعلي حيث أصحاب العوامات لنجدهم إما رشاة أو مرتشين، ولم ينس صناع الفيلم أن هناك طبقة مستقلة هي الفلاحون حيث الريف الذي لا نري منه سوي أم جاحدة وزوج أم يسعي لنيل ابنة زوجته ومجموعة من البلهاء، لنجد أنفسنا في النهاية أمام مجتمع محطم بكل طبقاته. علي جانب آخر يقدم الفيلم صوره للسلطة الحكومية من خلال جهاز الداخلية ويظهر دورها في عدة مراحل عبر الأحداث فالحكومة تطارد تجار المخدرات وتهاجم أوكار القمار والدعارة وتقبض علي المرتشين وتهدم أوكار الإرهاب علي رأس أصحابها، حتي إنها تطارد المتسولين الصغار وقد يذهب أبناؤها الأبرار ضحايا أثناء حروبهم من أجل تنظيف البلد من هؤلاء الأوباش فيتعرض بعضهم للإصابة في معارك البلطجة ويسقط أحدهم علي القضبان أثناء مطاردة المتسولين ويموت العشرات في حربهم مع الإرهاب ـ حكومة نقية لا تصلح مع هذا الشعب ـ كل هذا وهناك الحالمون من أهل العشوائية بعودة الابن البار (رضا) في انتظاره حتي الموت. 

إنه حلم الخلاص المتمثل في عيونهم بالمال صانع المعجزات وهو نفس الشخص التي تملك الداخلية معلومات عنه أنه إرهابي حقير (كما وصفوه) يتعامل مع أعتي المجرمين العالميين (بن لادن) وعضو في أخطر تنظيم إرهابي (القاعدة) كل هذا ويدعي البعض من صناع الفيلم والمهللين له بأنه فيلم ثوري وضد الحكومة.. أفلا يعقلون؟!. 

علي جانب آخر اتخذ السيناريو بناء متوازيا بين أحداث الفيلم وبين تطور الأحداث علي الساحة العربية من انهيار وسقوط دون أي استخدام درامي سوي للمرور الزمني، فنجد الأحداث تبدأ في مصر بمجتمع منهار يتابع عبر التليفزيون انهيار العالم العربي وسقوطه، أي أننا سابقون حتي في السقوط فما الهدف أن نري كل فترة إشارة تسجيلية لأحداث وعليها التاريخ وكان الأولي الارتكان إلي أحداث المجتمع المصري التي ساهمت في إحداث السقوط وتطويره، وهذا ناتج إما عن مخاوف رقابية أو عن فشل في البحث عن الأسباب الحقيقية لانهيار المجتمع. 

في كل الأحوال فهو فشل في النص السينمائي الذي كتبه ناصر عبدالرحمن وإشارة إلي أن أي نجاح لأعماله السابقة فإنما هو نابع من وجود عقول واعية إلي جواره في النص، كما جاءت القفزات الزمنية مفككة للحدث الدرامي، وجاءت الروابط ضعيفة، ورغم تدني لغة الحوار إلا أنها جاءت متناسبة مع الشخصيات المرسومة في إطار الفيلم المطروح. 

سيطر الإهمال علي الحالة الإخراجية للفيلم بشكل عام، فكان هناك العديد من الأخطاء التكنيكية من المخرج ومجموعة مساعديه بالكامل، فإلي جوار أخطاء الخط الوهمي والزوايا غير المعبرة جاءت أخطاء المونتاج فادحة خاصة أخطاء الحركة وفشل الماكياج والملابس في طرح التطور الزمني علي الشخصيات، كما جاء الأداء التمثيلي متذبذبا حتي نكاد نصل إلي أن العمل كان ينفذ بواسطة مجموعة من الهواة أو أشباه المحترفين، مما أظهر الجميع بشكل سيئ شذ عن ذلك أداء الفنانة هالة فاخر والعائد بقوة عمرو عبد الجليل. 

في النهاية أصابني الإحباط والأسي عند مشاهدة هذا العمل خاصة وهو يحمل اسمين كان يمكن أن يمثلا أملا. 

العربي المصرية في 14 يناير 2008