كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

سينمائيات

حب أول وحساب أخير

مصطفي درويش

استيقظت ذات صباح، فوجدت نفسي شهيرا.

كلمة للورد بايرون الشاعر الانجليزي الشهير وفي أيامنا هذه: من العسيران تولد هكذا، بين يوم وليلة شهرة فنان..بل يغدو امرا غريبا، ان يصبح فنان شهيرا، اسمه علي كل لسان، شرقا وغربا، في عام او عامين..ولكن هذا هو ماحدث للمخرج الانجليزي الشاب 'جو ورايت'

فما يعرف عنه انه قدم لنا قبل ثلاثة أعوام أول فيلم روائي طويل من ابداعه،تحت اسم 'كبرياء وتحامل'..والفيلم مأخوذ عن قصة بنفس الاسم تأليف 'جين اوستن' الأديبة الانجليزية ذائعة الصيت..واستطاع بهذا الفيلم ان ينال شهرة مباغته، تذكرنا بكلمة الشاعر 'بيرون' منذ ما يقرب من قرنين من عمر الزمان..وبفضل نجاح فيلمه الاول علي نحو أدي إلي صعوده إلي مصاف المشاهير، أصبح في وسعه ان يخرج فيلما ثانيا، بتكلفة بلغت خمسة وثلاثين مليونا، من عزيز الدولارات. وفيلمه هذا، الذي ستتاح لنا فرصة مشاهدته، بعد بضعة أيام، هنا علي أرض مصر، اسمه 'التكفير' أو 'الغفران'. وهو، بدوره، مأخوذ عن قصة للأديب الانجليزي ايان ماكوين. وان كان، عكس 'جين اوستن'، اديبا معاصرا. والأدوار الرئيسية في فيلمه الجديد، اسندها إلي كوكبة من الممثلين المشهود لهم ببراعة الاداء.

ومن بينهم اذكر نجمته المفضلة 'كيرا نايتلي التي لعبت دور البطولة النسائية في فيلمه الاول..وهي لم تعرف عندنا، الا بفضل ثلاثية قراصنة البحر الكاريبي.. كما اذكر 'جيمس ماكافوي' ذلك النجم الصاعد، الواعد، منذ تقاسمه بطولة فيلم 'آخر ملوك اسكتلندا' مع النجم الاسود 'فورست ديتكر' الفائز باوسكار أفضل ممثل ر ئيسي عن تقمصه شخصية 'عيدي أمين' الدكتاتور الذي حكم 'أوغندا' بالحديد والنار، زهاء عشر سنوات عجاف.

وهنا، لايفوتني ان اذكر النجمة 'فانيسا ريد جريف' لاقول انه، رغم ماضيها الطويل في عالم التمثيل. سواء علي خشبة المسرح، أو علي شاشة السينما، وسابقة فوزها باوسكار أفضل ممثلة مساعدة. عن ادائها لدور 'جوليا' في رائعة المخرج 'فرد زينمان' (1977)، ارتضت، رغم ذلك، ان تلعب في 'التكفير' دورا قصيرا لايزيد زمنه عن دقائق معدودات.

ففي هذه الدقائق، نراها، مذهوله، وهي تلعب دور 'بريوني' الفتاة الصغيرة التي تبدأ الاحداث بها، وتنتهي، بعد ستة عقود، وهي تعاني من مرض عضال، ومع ذلك، تدلي بحديث مداره قصتها الواحدة والعشرون 'التكفير' .ويؤدي دور المحاور في الحديث، المخرج انطوني مينجيللا، الفائز، هو وفيلمه 'الانجليزي العليل' بالأوسكار، وذلك قبل احد عشر عاما.. وفيلم 'التكفير' والحق يقال، فيه من روح 'الانجليزي العليل' الشيء الكثير.

فكلاهما تبدأ احداثه قبيل اندلاع نيران الحرب العالمية الثانية، وتنتهي، والنيران لاتزال مشتعلة، تنشر الخراب، والدمار.

وكلاهما يغوص في أعماق النفس البشرية، وبخاصة الانجليزية منها، وقت ان كانت الامبراطورية البريطانية تعاني سكرات موت بطيء.. ومن بين الاشكالات التي يعرض لها 'التكفير' طبيعة الحكي القصصي، ماذا يقال لنا، ومن يقوله، وماهو الدافع، وهل مايقال هو الصدق؟

والقصة كما تحكيها 'بريوني' وقد بلغت ارذل العمر، تبدأ سنة 1935، أثناء صيف حار.. وأين؟ في قصر منيف، تحيط به حديقة غناء.. قصر آل 'تاليس' الواسعي الثراء، حيث نلتقي اول ما نلتقي بالصغيرة 'بريوني' (13 ربيعا).. وهي تسجل علي الآلة الكاتبة مسرحية من تأليفها.. وما ان انتهت من ذلك، حتي ذهبت مسرعة، ومعها المسرحية، إلي أمها..وسرعان مانراهما معا، والام تقول لها، بعد الانتهاء من قراءة المسرحية، انها رائعة.

ولا تستمر طويلا لحظة الانتشاء باشادة الام بالمسرحية.

فما لبث القدر ان تدخل، فذهب بالصغيرة إلي احدي نوافذ القصر، حيث رأت شقيقتها 'سيسليا' (كيرا نايتلي) وهي تتعري ، امام 'روبي' (جيمس ماكافوي) ثم تغطس في مياه النافورة المواجهة للقصر..و'وربي' هذا ابن الخادمة الرئيسية المشرفة علي شئون كل مايتصل بقصر آل 'تاليس' وهو شاب موهوب، متخرج في جامعة اكسفورد وعلي وشك، الالتحاق بكلية الطب..ولأمر ما، لعله ميل الصغيرة 'لروبي' شطح بها الخيال، فتصورت ان ثمة علاقة بينه وبين 'سيسليا'..وسرعان ماتأكد لها ماتصورته، عندما رأتهما معا، في حجرة المكتبة، يمارسان الجنس الوانا..ومرة اخري، وانطلاقا مما رأته عيناها، ومن حدث اغتصاب وقع في حديقة القصر، شطح خيالها، حتي جنح بها الي ان تشهد بأنها رأت 'روبي' وهو يفر من مكان الاغتصاب.

وأخذا بشهادتها القي القبض عليه فورا، وبقي محبوسا إلي ان صدر حكم عليه بالسجن بضع سنين، هذا ولم يفرج عنه، الا بعد ان تطوع للخدمة في الجيش، ليلقي به في اتون الحرب بفرنسا ..وهكذا وئد حب أول، جميل، وقضي علي مستقبل شاب واعد، بسبب هوي جامح، اعقبته شهادة زور .

ولم تقف مأساة الاثنين 'سيسليا' و 'روبي' عند هذا الحد، بل تجاوزته كثيرا.. فهي تركت الحياة اللذيذة في احضان اسرتها غاضبة، وتعيش في لندن تمرض الجنود الجرحي.

وهو في 'دنكرك' علي الساحل الفرنسي المواجه لانجلترا، مع فلول الجيش البريطاني المحاصرة بواسطة القوات الالمانية المنتصرة، منتظرا الاجلاء إلي أرض الاباء.

ولعلي لست مغاليا اذا ما قلت ان مشهد 'دنكرك' ومايحدث علي الشاطيء بدءا من وصول 'روبي' إليه، حتي مغادرته، من أكثر مشاهد الفيلم ابهارا..ورغم ان مدته خمس دقائق او يزيد، الا ان الكاميرا صورته في لقطة واحدة، دون اي قطع، وهذا الاعجاز تم بفضل لقطة 'ستديكام'..ولن أعرض لما حدث للاثنين هي في 'لندن' وهو في 'دنكرك' حتي لا افسد علي القاريء متعة مشاهدة الفيلم، ومعرفة ماحدث بلسان 'بريوني' وهي مسنة، مريضة، علي وشك مغادرة الحياة.

وأخيرا، اري لزاما علي ان اشير الي سيناريو الفيلم، لا قول انه محكم البناء..ولا غرابه في هذا، فمؤلفه كريستوفر هامبتون. صاحب سيناريو فيلم 'العلاقات الخطرة' (1988) والفائز عنه بإوسكار أفضل سيناريو مأخوذ عن عمل ادبي .

وان اشير كذلك الي ان الفيلم مرشح لسبع جوائز كرة ذهبية، من بينها جوائز أفضل فيلم واخراج وسيناريو وتمثيل!

moustafa@sarwat.de

أخبار النجوم في 12 يناير 2008