كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

من بلجيكا وكندا وشيلي...

ثلاثة أفلام لموضوع واحد... الموت والفقدان

أيمن يوسف

شاهدنا في الآونة الأخيرة غير فيلم يدور حول حالة الفقدان بأوجاعها وآثارها المختلفة ما عُد حقاً شيئاً لافتاً للاهتمام. فمن التسجيلي الطويل «آجلاً أم عاجلاً» للسويسري يورج نوينشفاندر مروراً بهواجس اليابانية الشهيرة ناأومي كاواسي وأفلامها عن الموت والفقدان نصل إلى ثلاثة أفلام دفعة واحدة كانت ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان مانهايم الالماني السادس والخمسين عالج كل منها الموضوع ذاته لكن من منظور مختلف.

في الفيلم الموسيقي الكندي «بنات مونا» ترحل عن الحياة «مونا» مطربة أغاني الغرب والريف الشهيرة، ونتعرف إلى ابنتيها بريجيت وكانديد اللتين تعيشان متباعدتين، كل منهما في عالم مختلف. كلتاهما ورثت موهبة الأم الفنية، لكنهما مختلفتان أيضاً في نوعية الغناء والموسيقى التي تقدمها كل منهما.

رحيل الأم وذكريات الطفولة ساهمت في تقريبهما مجدداً. وأفسحت مساحة أكبر للتضامن بدلاً من روح التنافس التي كانت سائدة بينهما. ونتج عن هذا التقارب اشتراكهما في «ألبوم» تتقدمه إحدى أغنيات أمهما الشهيرة. فالموسيقى والأغاني المشتركة هنا كانت المواساة الأهم على فقدانهما هذه الأم. وتأكد هذا في صورة مؤثرة عندما أديتا معاً في المشهد الختامي على المسرح إحدى اغنياتها في شكل تآلفي جميل عبر عن تصالحهما.

يحسب للمخرج الشاب رافائيل أوليت، في أولى تجاربه الروائية الطويلة، أنه لم يلجأ إلى مشاهد حزينة أو ميلودرامية صريحة أو مباشرة، إنما عبر عنها وبقوة من خلال مشاعر الابنتين الداخلية وإيجاد مناخ مختلف للحزن والحداد تمثل في تضامن الابنتين وإصرارهما على تقديم العزاء لأمهما في شكل إيجابي هو إحياء فنها مرة أخرى.

أما الفيلم الشيلي «ديسرتو سور» فتطالعنا فيه «صوفيا» وهي امرأة شابة وسباحة معروفة تعيش مع والدها في إسبانيا، لكنها تعيش حال تأنيب للنفس بشدة لعدم وجودها بجوار أمها في الساعات الأخيرة قبل وفاتها في مسقط رأسها الشيلي. بل يذهب بها تأنيب الضمير إلى اتخاذها قراراً باعتزال السباحة التي أثرت على اهتمامها بأمها خصوصا أنها ابنتها الوحيدة، وتغادر اسبانيا الى شيلي. لكن صوفيا تطلع مصادفة على خطاب تعرف من خلاله أن أمها كانت على علاقة حب كبير مع رجل في شيلي يعيش في منطقة بعيدة منها، ومن بين ما كتبته الأم في خطابها له: «أينما تريد، فإن جسدي سينصهر مع رمال الوادي الذي نعيش فيه».

وتدرك صوفيا أن هذه هي وصية الأم أو أمنيتها الأخيرة فتحمل رماد جسد أمها داخل زجاجة، وتنفيذاً لوصيتها تذهب إلى صحراء اتاكاما باحثة عن ذلك الحبيب. لكنها تجد صعوبة كبيرة في إيجاد تلك القرية «ديسرتو سور» وكأنها غير موجودة على خريطة شيلي. لكنها تستطيع الوصول إليها في النهاية إذ تجدها في أقصى أطراف الصحراء، وتقوم مع حبيب الأم بنثر رماد الجسد في مشهد مفتعل يخلو من أي تأثير وجداني ساهم في هذا شخصية هذا الحبيب نفسه الذي لا يقنعك بأنه الشخص الذي يمكن ان يُحب حباً كبيراً هكذا. بل لا يبدو عليه أنه أحب الأم في يوم من الأيام.

هذا الفيلم أتى منتمياً الى نوعية أفلام الطرق، لكن المخرج شون جاري (29 عاماً) لم يستطع استغلال رحلة صوفيا، من اجل الوصول الى هذه القرية الغامضة، الاستغلال الأمثل سواء على المستوى الواقعي او الميتافيزيقي، فرأينا صوفيا تقابل في طريقها شخصيات هامشية غير مؤثرة لا تضيف الى قيمة الفيلم ولا تعبر عن شيء إلا لوازم تجارية من أجل العروض الجماهيرية تبدت في تجارة المخدرات ومطاردة بين المجرمين ورجال الشرطة ورجل مثلي ساعدها على الوصول الى هذه القرية. المهم أن صوفيا تعود في مشهد النهاية الى ممارسة السباحة بعد أن تصالحت مع نفسها.

تجميع

الفيلم البلجيكي «النمل الأحمر» إنتاج مشترك مع فرنسا ولكسمبورغ، يتمتع بقيم فنية معقولة في عنصري الإضاءة والألوان لكنك تشعر أن كل فكرة أو مشهد في الفيلم منقولة عن فيلم من هنا وفيلم من هناك.

تدور الأحداث من خلال أليكس، وهي فتاة في السادسة عشرة، تعيش مع والدها صاحب محطة بنزين وورشة لإصلاح السيارات، في إحدى الضواحي بعد وفاة أمها في حادث مروري مريع. تتخبط أليكس بعد وفاة الأم وتعتقد أنها يجب أن تحل محلها من جميع الأوجه حتى بالنسبة الى علاقتها مع أبيها، وتراود الأب للحظات، لكن هذه المشاعر المحرمة لا تستمر طويلاً، إذ أن الأب يعاني كساداً في عمله، فتبحث الابنة عن مورد رزق حتى إذا كان التعري أمام الرجال مقابل نقود قليلة، لكن هذا لا يستمر أيضاً طويلاً، إذ تلتحق أليكس بعمل آخر هو رعاية سيدة ثرية مسنة وهناك تقابل شخصية بمثابة القرين لها «هكتور» الابن المتبني لهذه السيدة.

كلاهما يعاني عدم الاستقلالية المفروضة عليهما سواء من أبيها أو من أمه، وكلاهما يواجه المستقبل الضبابي نفسه. ولكن يحدث أن تموت السيدة ويحصل هكتور على المال أخيراً، وتوحي نهاية الفيلم أنه سيبقى مع أليكس.

«النمل الأحمر» هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه البلجيكي ستيفان كابويو كما الحال مع المخرجين الآخرين، لكن سبق للثلاثة أن قدموا أفلاماً تسجيلية وقصيرة عدة وساهم بعضهم في أفلام أخرى من طريق المونتاج أو الانتاج.

الحياة اللندنية في 11 يناير 2008