كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

بركان الغضب في السينما لمصرية

ماجد رشدى

وكأن السينما استيقظت أخيرا وأفاقت من غيبوبة الضحك الهيستيرى التى رقدت طويلا على فراشها، وكأن السينما استفاقت وأدركت أن هناك قضايا ومشاكل وآلاما يعيشها جمهورها، وعليها أن تعبر عنها، ولذلك جاءت الأفلام الواحد تلو الآخر تحمل نوعا من التنفيس عن غضب الناس من الفساد ورغبتهم فى التمرد على القهر والظلم حتى لو عاشوا هذا التمرد فقط للحظات قليلة على شاشة السينما أتحدث عن أفلام «هى فوضى» و«حين ميسرة» و«الجزيرة».. وغيرها، أفلام بدأت تشكل موجة من سينما التنفيس عن الغضب المكبوت عند المشاهدين! عندما صرخ خالد صالح فى وجه الشباب المقهور فى فيلم «هى فوضى» قائلا: «البلد دى فيها حكومة والحكومة دى هى أنا»، كان يعبر من خلال شخصية أمين الشرطة الفاسد، عن نموذج بدأ ينتشر فى حياتنا للقهر والظلم والاستبداد، وهو نموذج - كما أكد خالد صالح نفسه - موجود حولنا ليس فى صورة أمين شرطة فقط، وإنما فى صور وشخصيات أخرى تظن نفسها أقوى من القانون بنفوذها وسلطتها أو فلوسها! وعندما صرخ أحمد السقا فى فيلم «الجزيرة» قائلا: «من النهارده ما فيش حكومة.. أنا الحكومة» كان يعبر عن حالة من التمرد على الحكومة، وهى حالة شعر معها الكثيرون بالتنفيس عما فى داخلهم حتى لو جاءت على لسان شخصية تاجر مخدرات وسلاح، وهى الشخصية التى كان يلعبها السقا فى الفيلم. وعندما يتحدث عمرو عبدالجليل فى فيلم «حين ميسرة» موجها كلامه للضابط الذى يلقى القبض عليه قائلا: «إضرب يا باشا، ما هو واحد عايش فى حتة زى دى هيكون مين يعنى»؟! كان يعبر عن قهر المهمشين الذين لا سند لهم، وهكذا بدأت تظهر موجة من الأفلام يعبر أبطالها بشكل أو آخر عن التمرد على الفوضى والقهر والظلم حتى لو ظن البطل نفسه الحكومة أو دولة داخل دولة! والمؤكد أن ظهور تلك الأفلام ليس من قبيل المصادفة، فهناك أربعة أفلام عرضت فى فترة واحدة، وكلها تناقش الخروج عن القانون والقهر والظلم والتمرد، والأفلام الأربعة هى: «حين ميسرة» و«هى فوضى» و«الجزيرة» و«خارج عن القانون»، واللافت للانتباه أن تلك الأفلام حققت إيرادات ضخمة فى مؤشر على أنها لمست احتياجا عند جمهور عريض يبحث عمن يعبر عن الغضب المشتعل داخله من أوضاع كثيرة وظروف صعبة لم يعد يستطيع معها أن يضحك مع الأفلام الكوميدية والتى يتسم معظمها بالسذاجة والتفاهة، ولهذا ليس غريبا أبدا أن تتراجع إيرادات تلك النوعية من الأفلام بنجومها، وأن تتقدم إيرادات الأفلام التى تعبر عن غضب المتفرج من الحكومة أو الفساد والقهر. ورغم أن السينما كانت تقدم من فترة لأخرى وعلى استحياء أحد الأفلام التى تضرب على الفساد والقهر مثل فيلم «عمارة يعقوبيان» الذى وضع يده على أشكال الفساد فى مجتمعنا وحياتنا، إلا أن الأمر فى النهاية لم يكن يشكل موجة، وإنما كانت محاولات سينمائية تعزف بشكل منفرد، ورغم أنها كانت تحقق إيرادات ضخمة وكان «عمارة يعقوبيان» أبرز دليل عليها، لكن لم ينتبه أحد إلى رغبة الجمهور فى مشاهدة المزيد من هذه النوعية من الأفلام إلا مؤخرا، ولهذا أكرر مرة أخرى أن ظهور أربعة أفلام دفعة واحدة كلها تحمل محاولات للتنفيس عن غضب الناس ليس مصادفة أبدا، والذى يؤكد أن الجمهور فى احتياج إلى هذه السينما التى تنفس عن حالة التعاطف التى يعيشها الجمهور مع البطل حتى لو كان خارجا عن القانون أو متمردا على السلطة، فمشهد اقتحام الأهالى لقسم الشرطة فى فيلم «هى فوضى» رغم أنه مشهد ضد القانون، لكنه كان يحظى بتصفيق من الجمهور الذى يشاهد الفيلم، وكأنه يعلن تعاطفه مع قرار الأهالى باقتحام قسم الشرطة مادام هذا هو الحل الوحيد لإعلان التمرد على القهر، وتعاطف الجمهور مع شخصية منصور التى قدمها أحمد السقا فى «الجزيرة» رغم أنه تاجر مخدرات وسلاح، كان نوعا من التضامن العاطفى مع شخص ورطه أحد الضباط الكبار وصنع منه إمبراطورا مخيفا، ثم قرر أن يبيعه، ولذلك تعاطف الجمهور مع منصور فى «الجزيرة» تماما مثلما تعاطفوا مع المهمشين فى فيلم خالد يوسف «حين ميسرة»، والأهم فى هذه النوعية من الأفلام أن صناعها لم يستسلموا للنهايات التقليدية بانتصار البطل الطيب على الأشرار وهزيمة الفاسدين، وإنما هناك نهايات مفتوحة وغير تقليدية ونهايات تحمل خسائر ضخمة للشخصيات المقهورة حتى يستطيعوا أن يقفوا فى وجه الفساد فى النهاية، فالشخصية التى لعبتها منة شلبى فى «هى فوضى» خسرت عذريتها، والبطل يوسف الشريف فى نفس الفيلم تعرض لإصابة بطلق نارى وهو يواجه أمين الشرطة الفاسد وفى «الجزيرة»، لم يكن هناك عقاب للضابط الفاسد الذى عقد صفقات مع «منصور» وحتى نهاية منصور نفسه كانت نهاية مفتوحة، وتخلص السينما من النهايات التقليدية والمكررة يعطى تلك النوعية من الأفلام قيمة أكبر ويضعها أكثر على أرض الواقع! لكن لماذا ظهرت هذه النوعية من الأفلام الآن أكثر من أى وقت آخر؟ المؤكد أن وجود نجوم مؤهلين لتقديم مشاهد الأكشن بشكل جيد هو أحد الأسباب التى ساعدت على هذه الموجة من الأفلام، خاصة أن الأفلام التى يتمرد أبطالها على الحكومة والقانون والقهر هى أفلام ترتبط بوجود مشاهد أكشن، وإن تفاوتت درجاتها من فيلم لآخر، فالأكشن الذى قدمه يوسف شاهين فى «هى فوضى» كان أقل مثلا من الأكشن الذى قدمه شريف عرفة فى «الجزيرة»، وبالطبع طبيعة كل موضوع والشخصيات والأحداث تفرض الدرجة المطلوبة من مشاهد الأكشن، لكن لابد فى النهاية أن يكون هؤلاء الأبطال مؤهلين لأدائها، وهناك الآن نجوم أصبحوا قادرين على التألق فى هذه النوعية من الأدوار يتقدمهم بالطبع أحمد السقا وكريم عبدالعزيز ومصطفى شعبان وأحمد عز، ولو لم يكن لدينا مثل هؤلاء النجوم القادرين على تقديم هذه الأفلام مؤكد كانت ستكون هناك صعوبة فى ظهور هذه الأفلام التى بدأت تغير من شكل السينما لدينا والتى كانت غارقة فى الكوميديا لسنوات طويلة، والتى أصبح نجومها فى ورطة حقيقية بعد نجاح أفلام الأكشن خاصة ما يعبر منها بصدق عن أوجاع الناس وأصبح على الكوميديا أن تغير جلدها وأن تقترب هى الأخرى من رغبات جمهور السينما الذى ربما لا يقبل مرة أخرى على أفلام الإيفيهات خاصة أن الكوميديا نفسها يمكن أن تكون مشاركة بشكل حقيقى فى التعبير عن الجمهور، وهناك أفلام كوميدية كثيرة لعبت هذا الدور من قبل. لقد تفجر بركان الغضب فى السينما من خلال أفلام كثيرة اقتحم أصحابها بجرأة عالم الممنوع والمسكوت عنه حتى لو قدموا لنا نماذج تظن نفسها الحكومة! الموظفون والحكومة وفن التزويغ د. هند بدارى «التوقيع الإلكترونى».. نظام جديد بدأت عدة جهات حكومية فى تطبيقه لمواجهة ظاهرة «تزويغ الموظفين»، وتحديث الجهاز الإدارى، فعلى سبيل المثال.. طبقت الإدارات الحكومية التابعة لديوان محافظة القاهرة هذا النظام الذى يعتمد على توقيع الموظف بالكارت فى ساعة الكترونية، وكذلك لجأت عدة مصالح حكومية بالمنيا إلى استخدام آلية «التوقيع ببصمة إصبع الإبهام باليد اليمنى» عن طريق تخصيص رقم كودى، لكل موظف مناظر لبصمة إصبعه لتسجيل مواعيد حضوره وانصرافه. كذلك دخل التوقيع الإلكترونى بالساعة عددا من البنوك والشركات الكبرى والفنادق، والمؤسسات الإعلامية.. وبعض قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، تم استخدام أجهزة للتوقيع ببصمة الإصبع لتسجيل توقيت حضور وانصراف كل موظف، وتقييم مدى التزامه بمواعيد شيفتات العمل المحددة له طوال الأسبوع. هذا بالإضافة إلى كاميرات لمراقبة سير العمل، وضبط من يخالف التعليمات أو يتلف الأجهزة، ورغم هذه الرقابة الصارمة، فالموظفون يتفننون فى تفادى الكاميرات والتحايل على الماكينات، خاصة أنها أحدثت نوعاً من الارتباك النفسى والمهنى، لأن الزملاء كثيراً ما يقومون بتغيير مواعيد شيفتات العمل أو تضطرهم الظروف لتبديل شيفت بآخر، وطبعاً الماكينات لا تفهم ذلك وتسجل مثلاً أنه حضر ثلاثة أيام فقط فى أسبوع ما «قد يكون آخر أسبوع بالشهر»، دون أن تسجل أنه سيعوض اليومين الناقصين فى الشهر التالى! ومن هنا البعض قرر عدم تغيير مواعيد عمله بقدر الإمكان، والبعض الآخر حاول إتلاف الساعة، والطريف أن الأحاديث الجانبية تدور حول مدى امكانية اقتباس حيلة ظهرت فى فيلم أجنبى للتزويغ من التوقيع ببصمة الإصبع، وهى تقشير الجلد السطحى لأحد الأصابع ولصقه باستيكرز على إصبع أحد الزملاء ليوقع له به عند الضرورة! كما تسود حالة من الرعب بين الموظفين لأن بصماتهم أصبحت مسجلة ومشفرة داخل أجهزة الكترونية، وربما يساء استغلالها فى أعمال غير مشروعة بالخدع التكنولوجية الحديثة! لكن فى النهاية، الملاحظ أن معدل الحضور والالتزام ارتفع لحين التوصل إلى حيلة مضمونة، أو النجاح فى إلغاء العمل بهذه الساعات! لكن يظل التساؤل المطروح بهذا التحقيق: هل حقاً اختفت التوقيعات المزورة للموظفين على الورق، أم أنهم ابتكروا أساليب جديدة للهروب من الحصار الإلكترونى؟!، وباستطلاع رأى عينة من هؤلاء الموظفين، كان اللقاء مع عصام عبدالرحيم باحث قانونى بإدارة الأملاك فى ديوان عام محافظة القاهرة، فقال: إن التوقيع بالكارت الإلكترونى نظم مسألة الحضور والغياب، دون الحاجة إلى كشوفات ورقية وإمضاءات يدوية، لكن التجربة تحتاج لتطوير وتدعيم بالمزيد من الماكينات حتى تختفى الطوابير الطويلة التى تمتد صباحاً ومساءً أمام ساعات التوقيع لإدخال الكروت قبيل انتهاء فترة السماح، خاصة أن المتأخر عن التوقيع يتم اعتباره غائباً رغم حضوره وأدائه لعمله! فى حين كان بإمكان الموظف بالنظام اليدوى أن يتأخر قليلاً فى الحضور، أو ينصرف مبكراً لأن زميله سيوقع له وهذا كان يحد من طول الطوابير! لكن منذ تطبيق النظام الإلكترونى لم نسمع عن مشاكل أو حالات تزويغ، وإن كان البعض يحاول التحايل أو يتعلل أحياناً بنسيان الكارت ليوقع على الورق! ويضيف: إن وجود الماكينات بالقرب من أماكن العمل، أو داخل الإدارات سيحقق السرعة والنظام والراحة للعاملين بها. ؟ وسيلة.. حضارية ويؤيد عمرو رمضان إخصائى إعلام بمحافظة القاهرة هذه التجربة الإلكترونية، سواء فى التوقيع أو استلام المرتب، قائلاً: الكروت الممغنطة وسيلة حضارية جداً لتنظيم حضور وانصراف الموظفين، وأفضل من التزاحم على الدفتر الورقى الذى يتطلب التوقيع باليد، ويسهل مسألة التوقيع للآخرين، بالإضافة لما يمكن أن يتعرض له من تلف أو تزييف! ومن خلال الماكينات المزودة بساعة يتم تقييم مدى التزام الموظفين بلا مجاملة، لأن الآلة تترجم ساعات الحضور والانصراف على شيت ورقى أمام رقم كل موظف مخزن داخله، وتلافياً للأخطاء إذا حدث بها عطل أو نسى الموظف الكارت الممغنط، من حقه الذهاب إلى شئون العاملين لإثبات الحالة والاحتفاظ بحقه فى هذا اليوم. ومن خلال هذه الماكينات يمكن رصد نسبة الغياب وكم موظف انصرف قبل الميعاد أو حضر بعد الميعاد، وهل حصل على إذن من رئيسه أم لا؟! ثم استطرد قائلاً: لكن أحياناً يحدث خدش بالكارت الممغنط، وبالتالى يعلق فى الماكينة ويفقد صلاحيته، فيضطر الموظف لإثبات حضوره يدوياً فى شئون العاملين، ويقدم طلباً للحصول على كارت جديد! والكلام نفسه ينطبق على كروت استلام المرتب من أى ماكينات تتعامل مع البنك المحول إليه سواء داخل العمل أو خارجه، وبالتالى تتلافى مسألة الزحام على المرتب أمام الصراف أو إحدى الماكينات، إضافة إلى ضمان عدم تعرضه للسرقة مثلما كان يحدث من قبل، خاصة أن هذه الماكينات تحت الرقابة والكارت له رقم سرى خاص بكل موظف، فضلاً عن وجود فرصة لاستلام المرتب فى أى وقت حتى فى أيام الأجازات. كما يرى كريم فخرى موظف بإحدى الهيئات الحكومية.. أن الفرق كبير بين الوضع قبل النظام الإلكترونى وبعده، فعندما كان إثبات الحضور والانصراف يتم يدوياً من خلال السكرتارية، كثرت حالات التزوير والإمضاء لأناس مُتغيبين عن العمل، على سبيل المجاملة أو لأسباب إنسانية، ولم تكن هناك مشكلة فى ذلك لأن الرقابة شبه منعدمة، ولا أحد يراجع خطوط يد الأشخاص ليتحقق من أنهم وقعوا لأنفسهم. وخلال هذه الفترة، برع الموظفون فى افتعال الحجج للتزويغ سواء بادعاء المرض، أو وجود ظروف عائلية أو مناسبة ما أو السفر وغيرها. أما بعد تطبيق النظام الإلكترونى، فأصبحت المسألة أكثر صعوبة، وتحتاج لإثبات سبب الغياب رسمياً، وليس عبر التليفون بشكل ودى مثلما كان يحدث من قبل، وبالتالى يترددون قبل اتخاذ قرار الغياب أو التزويغ!! ؟ القيادات.. خارج التوقيع بينما تساءلت إحدى الموظفات فى غضب ينم عن إحساس بالتمييز والاضطهاد: لماذا لا يوقع مثلنا المديرون وسائر القيادات؟.. فهم يدققون فى مواعيد حضورنا وانصرافنا ومدى التزامنا بالجلوس فوق مكاتبنا، بينما هم لا يلتزمون بأية مواعيد وكثيراً ما يحضرون متأخرين بحجة تواجدهم فى مهمة عمل! وكلهم طبعاً لديهم إعفاء من الإمضاء أو الالتزام بمواعيد العمل الرسمية، ماداموا أنهم فى مواقع قيادية، وإذا ناقشهم أحد فى هذا الأمر يبررون موقفهم بأنهم مرتبطون بأعمال خارجية لصالح العمل، أو يعوضون تأخيرهم بالبقاء لساعات طويلة بعد انصراف الموظفين، أو أن أعباءهم تخطيطية وإدارية وليست يدوية، ولا تستلزم تواجدهم طوال الوقت، هذا غير إحساسهم بالسلطة والوجاهة الاجتماعية لحضورهم بعد مجىء جميع الموظفين. ؟ حاضرون وغائبون ثم التقطت إحسان نبيل خيط الحديث لتقول: ساعة التوقيع الإلكترونية ليست حلاً حاسماً لمشكلة تزويغ الموظفين، لأن هناك موظفين يحضرون العمل لمجرد إدخال الكارت بالماكينة والتوقيع ثم يختفون بعد ذلك من فوق مكاتبهم، وكلما سأل عنهم الجمهور، كان الرد.. الأستاذ فلان أو الآنسة فلانة خارج المكتب لكنها موجودة داخل مكان العمل! وعندما يبحثون عن الموظف الحاضر الغائب يجدونه وسط «جلسة أنس» مع زملائه من إدارات أخرى، يناقشون مشاكل مهنية أو خاصة أو يتبادلون النكات بجوار الكافتيريا ويشربون الشاى والقهوة والسجائر! كل هذا والمفترض نظرياً أن الموظف موجود بالشركة ويباشر شغله، بينما كان دوره الفعلى فى هذه الساعة يتلخص فى استهلاك المشاريب المجانية تاركاً العملاء منتظرين، أو زملاءه مضغوطين فى العمل! وأيدتها مى محمود موظفة بشركة مقاولات كبرى: هذا النظام الإلكترونى حقق التزاماً شكلياً بالمواعيد، لكن لا يوجد ما يلزم الموظف بأداء عمله بتفان وجودة وأمانة سوى ضميره، إلى جانب المتابعة والإشراف من رؤساء يمثلون قدوة حسنة لجميع المرءوسين، فهناك من يوقعون ثم ينصرفون بحجة وجود مهمة عمل خارجية، أو شراء متطلبات تخدم العمل، بينما يذهب لقضاء مصالحه الخاصة مثل إصلاح سيارته أو إحضار الأولاد من المدرسة ثم يعود إلى مكان عمله لمجرد التوقيع بالانصراف. والبعض يعمل لمدة ساعة ثم يهرب ساعتين فى الكافتيريا، أو المكتبة أو إدارة أخرى ويعود ليعمل ساعتين قبل الانصراف! والأدهى ما يحدث من اتفاقات سرية مع مراقبى الوقت، لتيسير مهمة التزويغ نظير مجاملات أو مقابل مادى!! ؟ ألاعيب.. جديدة ويقول «ع، م» موظف بمراقبة الوقت بهيئة حكومية بالقاهرة: الساعة عهدة وأمانة فى عنقى، وأنا أول واحد يوقع بكارته الإلكترونى، وبعد ذلك أراقب الموظفين أثناء إدخال كروتهم الإلكترونية للتحقق من الاسم والصورة والرقم المسجل، ومدى سلامة الجهاز والكارت حتى لا يحضر موظف دون أن تسجل الساعة حضوره ظلماً لعطل ما. ورغم هذا لا أنكر وجود محاولات للتزويغ.. فمثلاً مرة فوجئت بموظف يدخل كارت زميله، وعندما ضبطته برر سلوكه بأن زميله موجود لكنه فى دورة المياه، ويخشى أن يتأخر عن ميعاد التوقيع! وعندما هددته بإلغاء حضوره هو وزميله إذا ثبت كذبه، لاحظت ارتباكه وإجراءه مكالمة تليفونية عبر الموبايل، حضر بعدها زميله من خارج المبنى مدعياً أنه كان فى دورة المياه! ومرة ثانية، ادعت سيدة أنها حضرت مبكراً ولم توقع لأنها فقدت الكارت فى الأتوبيس، وتبين أنها جاءت متأخرة ساعة كاملة! لكن مسألة الاتفاق بين الموظف ومراقب الوقت على التوقيع له نظير نسبة من المرتب أو مصلحة ما، غير واردة لسبب أن هناك عدة مراقبين للوقت يتغيرون من يوم لآخر على الماكينة الواحدة، ويبدلون مواقعهم من جهاز لغيره.. فكيف يتفق مع جميع المراقبين، وإذا حدث واتفق مع واحد ثم تعطلت الماكينة التى يقف بجوارها، وتم تحويل الموظفين للتوقيع بماكينة أخرى فى مكان أخر وتحت حراسة شخص مختلف.. طبعاً هنا سينكشف أمره وربما يضر معه مراقب الوقت! بل إن البعض يتعمد إتلاف الكارت حتى يتم إعفاؤه عدة أيام من التوقيع الإلكترونى لحين تسليمه كارتاً جديداً! ؟ تفعيل.. الرقابة البشرية وتعقيباً على هذا التحديث الإدارى الإلكترونى، يوضح اللواء شومان حماد مستشار محافظ القاهرة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن التوقيع الإلكترونى نظام معمول به حالياً فى كثير من الدول المتقدمة وبعض الدول العربية، وحالياً بدأ يطبق فى بعض الجهات الحكومية بمصر فى إطار التحول إلى الحكومة الإلكترونية لتنظيم وإدارة شئون العمل دون الحاجة إلى أوراق كثيرة أو عدد كبير من المشرفين، وإن كان لا غنى عن العنصر البشرى فى تشغيل ومراقبة الأنظمة الإلكترونية لأنها معرضة للعطل والتلف المفاجئ، فضلاً عن إمكانية التحايل عليها أو إساءة توظيفها إذا لم تكن مدعمة برقابة بشرية أمينة! وبالنسبة لتطبيق نظام الإمضاء الإلكترونى بالكروت الممغنطة فى محافظة القاهرة، فالهدف منه الاعتماد على الكارت الإلكترونى المدون به بيانات الموظف ورقمه لتسجيل توقيت حضوره وانصرافه يومياً لمعرفة مدى انتظامه فى أداء عمله، ومنعاً لعمليات التحايل على الماكينات للتزويغ أو الإمضاء لزملاء غير موجودين باستخدام الكروت الممغنطة الخاصة بهم، يوجد مراقب على كل ماكينة يشاهد من يقوم بتمرير الكارت ويتحقق من شخصيته ومدى مطابقة الصورة الشخصية بالكارت لشكله. وإذا حدث عطل أو أصيب كارت بتلف، ترتب عليه عدم تسجيل توقيت حضور الموظف، يقوم المراقب البشرى بالإبلاغ عن هذا العطل والسماح للموظفين بالإمضاء على الورق لحين إصلاح الأجهزة من خلال الشركة المنتجة. وهناك نظام إلكترونى أكثر تطوراً للسيطرة على الدخول والخروج من المكان من أجل تأمينه، مثل عدم السماح بالدخول فى مبان معينة إلا لمن يحملون بصمة صوت أو عين مسجلة بذاكرة الجهاز، أو من يدخل رقما سريا مدونا به، أما الضيوف والزائرون.. فيدخلون بكارت خاص للضيوف أو بإذن ورقى، وهذا النظام مطبق فى المؤسسات الحيوية ببعض الدول لتحقيق لامركزية العمل. وفى مصر يتم الآن إدخال التكنولوجيا فى الإدارة الحديثة بالحكومة الإلكترونية.. وفى هذا الإطار تم إنشاء ثلاثة مراكز تكنولوجية بأحياء: المعادى والزاوية الحمراء وباب الشعرية، ومع نهاية العام سيتم إدخال أربعة مراكز فى المطرية وعين شمس ومدينة نصر وحلوان مشيراً إلى أن تكلفة المركز التقديرية تصل إلى 500 ألف جنيه، وتتحمل الأحياء نفقات التجهيز الإنشائى والمعمارى مناصفة مع محافظة القاهرة، وجارى تعميم التجربة بعد تقييمها وتطويرها فى جميع الأحياء بالعاصمة. ؟ تحديث وزيادة الساعات وحول مزايا وعيوب أسلوب التوقيع الإلكترونى، يؤكد مصطفى توفيق- مدير الشئون الإدارية بمحافظة القاهرة- أن هذا النظام الإلكترونى خفض نسبة الغياب والتزويغ بين الموظفين، وتم تطبيقه منذ عدة شهور فى إطار برنامج تحديث العاصمة، وإدارة مواقع العمل الكترونياً، ومن مزاياه أيضاً أنه قلل كم الورق المستهلك فى الامضاءات اليدوية بدفتر كبير، حيث يعتمد على ثمانى ماكينات الكترونية مزودة بساعات وطابعة لإصدار ورقة واحدة بمواعيد حضور وانصراف كل موظف شهرياً، وإذا تعطلت إحداها يتم تحويل العبء إلى سائر الماكينات لحين إصلاح هذه الماكينة المعطلة. وفى ظل هذا النظام، من الصعب أن يغافل موظف أحد مراقبى الماكينات ليوقع بكارت زميله، وإذا صادفت الموظف مشكلة فى الكارت عند تلفه يشهد المراقب على ذلك، ورغم مزايا التوقيع الإلكترونى، هناك بعض السلبيات مثل إساءة استعمال الموظفين للماكينات وتعرضها للعطل من حين لآخر خاصة الماكينات التايوانية التى تستوعب تسجيل أرقام نحو 500 موظف، لكنها قد تتوقف عن العمل فى أية لحظة نتيجة زيادة الضغط على مدى زمنى طويل بخلاف الماكينات ذات الخصائص المتطورة المستوردة من أمريكا وإيطاليا، والتى تستوعب نحو ألف موظف مشيراً إلى أن العمل يعتمد حتى الآن على ماكينات تايوانية تصل تكلفة الواحدة منها إلى 800 جنيه، وهناك طلب مقدم للسكرتير العام لشراء ماكينات إيطالية أو أمريكية ذات إمكانيات أفضل. وهناك مساع لزيادة عدد هذه الماكينات بصورة تدريجية، حرصاً على مزيد من النظام والسرعة وتوفير وقت ومتاعب طابور التوقيع الصباحى والمسائى.

صباح الخير المصرية في 8 يناير 2008