كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

شكل سينمائي مختلف وسط موجة أفلام الضحك والتسلية

«بلد البنات».. سيناريو ناجح أفشله الإيقاع الخافت

دبي ـ أسامة عسل

يتطلع فيلم «بلد البنات» للمخرج عمرو بيومي، إلى محاكاة منطقة سينمائية تدير ظهرها للموجة السائدة، هذه المنطقة التي كان يمكن لها أن تؤسس لجيل يقدم سينما مختلفة، قبل أن تنهار لمصلحة الضحك والتسلية وشباك التذاكر.

السيناريو الذي كتبته علا الشافعي بإحساس مبني على تجربة باعتبارها صحافية وناقدة سينمائية ، يقوم على حكاية أربع بنات، يقررن الإقامة والعمل في القاهرة بعد تخرجهن من كلية الصحافة، يستأجرن شقة مفروشة في حي شعبي ويبدأن البحث عن فرصة عمل، مدفوعات بنظرة مثالية للحياة، لكنهن سرعان ما يواجهن المتاعب وسط دوامة شوارع القاهرة المليئة بكل متناقضات الضغط المعيشي، وإذا بشارع الصحافة وكواليسها يتكشّفان عن صورة أخرى، أقلها وطأة التحرش الجنسي والمحسوبيات والخداع وأكثرها بشاعة.. إذا أردت أن تأخذ فعليك أن تعطي وتفرط في كثير من المبادئ والأخلاقيات.

هكذا تنشأ لكل واحدة من البنات قصتها الخاصة، تبعاً لظروفها وتطلعاتها ومفهومها للحب والحرية وسط تناقضات ما تم تربيتهن عليه، فالبنات الأربع جئن من أقاليم مختلفة، وتقاليد اجتماعية متباينة.

«ريم » بدوية الأصل، كان الفيلم قد بدأ بحكايتها، الطفلة الشقية التي تتسلق أشجار النخيل، وتمشي حافية في طين السواقي في طريقها إلى المدرسة، مثقلة بتعليمات صارمة عن معنى الشرف، في الجامعة تواجه تقاليد أخرى وتتعرف عن كثب إلى حياة الأخريات، تحاول أن تتخفف مما يكبلها تاريخياً، وحين تختبر أول قصة حب، تقع ضحية مخرج تلفزيوني، تحمل منه ثم يتخلى عنها، تتشابه خيبات البنات الأخريات في الحب ويدفعن فواتير نزواتهنّ وأحلامهنّ الصغيرة لتتحول بهجتهن إلى كوابيس مفزعة تدفعهن إلى الصدام مع واقع المدينة بصخبها وصلابتها وقسوة ما فيها .

هذه التجارب في اشتباكها مع مفردات وآليات الروتين اليومي، تعكس مشكلات الأنثى في مجتمع اليوم، فالمرأة العاملة ضحية نظرة ذكورية متنمرة حيث لا تمايز بين حالة وأخرى، وهو ما يجعل الإفلات منها صعباً للغاية، إذ إن هناك مسافةً كبيرة بين الحلم والواقع، بين اندفاع الرغبة ووأدها .

لا يدعو الفيلم إلى التمرّد، بقدر ما يرغب في تسليط الضوء على سطح معقد مليء بمشكلات وعراقيل، فإذا كانت هذه هي حال شابات مثقفات، فما هو مصير نماذج أخرى، لا يتمتعن بالقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب؟

«فرح » القادمة من الصعيد، لم تفلح كتابتها للشعر ورومانسيتها في نسيان البثور على وجهها، وعدم قدرتها على خوض تجربة حب، من دون النظر في المرآة ومواجهة هذا القبح في معاناتها العميقة، وله دلالة، فإن هذه البثور لا تخص هذه الشخصية فحسب، بل يمكن تعميمها على الحالات الأخرى.

«سمية» الشابة المثقفة، تعيش حياتين مختلفتين، واحدة سرّية مع رئيس تحرير الصحيفة التي تعمل فيها، وشخصية رصينة في حياتها المعلنة. في أحد المشاهد، تحاول سميّة أن تعلّق صورة الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو في الغرفة، فتواجه احتجاجاً قوياً من صديقاتها لمصلحة رشدي أباظة أو محمود حميدة، لكنها تتابع مسيرتها بعد صدمتها في حبها، فتندفع للانخراط في الحركات النسويّة والندوات العامة، وإلقاء المحاضرات، هذه الازدواجية، نستطيع أن نعممها على واقع المرأة المثقفة في المجتمع العربي بشكل عام.

«فريدة» نموذج آخر للارتباك، فهي محافظة من جهة، ومتمردّة من جهة أخرى، لكنّها مثل الأخريات تنتهي إلى خيبة عاطفية، تقذف بها إلى متاهات ودوائر من أمواج الحياة الراهنة. رهافة السيناريو وجماليات رسم كل شخصية، شابهما بعض القصور في الانتقال من مشهد إلى آخر، وهو ما أربك إيقاع الفيلم في أكثر من مكان ومشهد، إضافة إلى حيرة المخرج في اختيار رؤية بصرية واضحة تنظم خيوط الفيلم وتعمق الحكايات الأربع بأسلوب متين يدفع العمل إلى السرد الواضح أو تأكيد الدراما بما يعزز الصدمات ويبرر ما يتعرضن له من مأساة

البيان الإماراتية في 4 يناير 2008