كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

بالسلامة 2007

شاهين وخان وهالة في مقدمة حصاد سينما 2007

محمد بدرالدين

بدا التنوع في الأفلام التي قدمتها السينما المصرية في عام 2007، واضحاً ربما أكثر من أي عام آخر منذ عشر سنوات، فلم يقتصر المعروض علي موجة الفكاهة، ولم يعد ملوك الكوميديا أو الضحك وحدهم ملوك السينما المصرية، إن لم يكونوا قد تراجعوا، مفسحين أمكنة لأبطال وفرسان آخرين في الدراما الجادة (هي فوضي ـ قص ولزق ـ في شقة مصر الجديدة)، وأعمال ذات طابع نفسي تتماس قليلاً مع نوعية سينما الرعب (أحلام حقيقية)، أو مزيج من الاجتماعي والنفسي والأكشن (الجزيرة ـ خارج علي القانون)، أو الأكشن الفارغ من أي مضمون (الشياطين).. الخ!. 

ورغم محاولة التنوع في سينما 2007، حتي لو كانت بتقديم نسبة أكبر من المعتاد من أفلام سينما الحركة (الأكشن)، وبما يوحي ربما بمولد موجة ـ أو هوجة! ـ جديدة قد تطول، فإن نوعية الفكاهة الخفيفة بقصد الترفيه، استمرت ولاتزال هي النسبة والركام الأكبر من أفلام عام 2007، والتي بلغ إجمالي عددها (40 فيلماً) وهو أكبر عدد من الأفلام في سنة من سنوات السينما المصرية منذ بداية القرن الحادي والعشرين. 

قدم محمد هنيدي "عندليب الدقي" ومحمد سعد "كركر" وهاني رمزي "أسد وأربع قطط" وأحمد عيد "خليك في حالك".. لكن أنجحهم كان أحمد حلمي في "كده رضا"، ولم يعتبر متذوقو السينما ونقادها أن فيلمه مجرد عمل فكاهي خفيف ساذج، من قبيل السائد وبقصد الإضحاك دون سبب، وإنما كان هناك سبب وسيناريو حقيقي ومعالجة درامية ناضجة وإخراج سينمائي جاد يجتهد ويدير وأيضاً تمثيل متميز لأحمد حلمي وبقية الفريق، نعم ليس "كده رضا" من روائع السينما علي نحو ما بدا في بعض التعليقات، وإنما هو ببساطة عمل ينتمي إلي فن الكوميديا بمفهومه الصحيح!. 

لعل الفيلم الذي يلي فيلم حلمي، في أفلام الكوميديا المبذول فيها جهداً فيلم عادل إمام "مرجان أحمد مرجان"، رغم تحفظات عدة عليه كدراما وكرؤية، والمشترك بين هذين الفيلمين، وكذلك "الكثير!" سواهما من أفلام سينما 2007، هو تقديم نموذج اللص الظريف أو المحتال والنصاب الذي تضحك معه (أو المطلوب أن تتعاطف بشدة معه في الأفلام غير الكوميدية مثل "البلياتشو"!..) وليس فقط إذا كان نصابا صغيرا كما في معظم هذه الأفلام، إنما أيضا حتي لو بلغ حجم وخطورة الحيتان مثل "مرجان أحمد مرجان"..!. 

من جهة أخري، فقد بلغ الإسفاف درجة ربما نادرة في فيلم محمد سعد "كركر"، وقد مثل فيه شخصيات كل أبطال الفيلم تقريباً!. وبدا مهدراً لموهبته (.. كل المضحكين الجدد هم علي موهبة حقيقية في تقديرنا لكن المشكلة في هدرها ومدي نضج أفلامهم)، وربما تراجع إيراداته ـ هو وأقرانه ـ يدفع إلي وقفة جديدة لمراجعة "الحسابات" ـ ليست المالية فقط ـ إنما من حيث تحقيق شئ له قيمة باقية، ولو في إطار سينما الترفيه والتسلية، المتقنة وعلي أساس سيناريو متماسك ومن دون ابتذال!. 

الحصاد القليل 

نستطيع أن نختار بضمير مستريح فيلم "كده رضا" كأحسن فيلم كوميدي في 2007، وبطله أحمد حلمي كأحد أفضل ممثلي العام عن أدائه للأشقاء الثلاثة (التوأم)، وتقديمه لكل من شخصياتهم المتباينة، بدون افتعال بل باتقان ورهافة إحساس وأداء. 

إلي جانب الكوميدي "كده رضا"، فإن أهم وأحسن ثلاثة أفلام في موسم 2007 المصري: "هي فوضي" (يوسف شاهين) ـ "في شقة مصر الجديدة" (محمد خان) ـ "قص ولزق" (هالة خليل). 

كما تلفت نظرنا اجتهادات في بضعة أفلام أخري (مثل الأولة في الغرام ـ الماجيك ـ خارج علي القانون ـ الجزيرة ـ حين ميسرة ـ أحلام حقيقية..). 

ولعل هذه هي أهم (عشرة أفلام) في سينما 2007 في مصر. 

وأهمية فيلم "هي فوضي" لا تنبع فحسب من كونه فيلماً لأحد رواد وآباء السينما المصرية الكبار يوسف شاهين، وإنما لأنه فيلم يشتبك بقوة مع هموم ومجريات الواقع الحاضر في مصر، ويصل طموحه لحد محاولة تحليل وإدانة نظام الحكم الحالي في مصر، ومختلف رموزه وتوجهاته، وجهاته ذات النفوذ والخطورة مثل (لجنة السياسات)، ومرشحي الحزب الوطني الحاكم (قعدتوا علي قلبنا أكثر من 25 سنة!). 

وبسبب ضغوط وعوائق من جهات رقابية أو بالأحري رسمية وسلطوية اضطر شاهين ـ فيما نعتقد ـ إلي تقديم الشخصية الرئيسية المعبرة عن تجبر وانحرافات جانب متسيد من الشرطة، واستبداد وفساد السلطة ككل، كشرطي في أدني السلم (أمين شرطة).. ونستطيع أن نتساءل: هل لو كان بطله ضابطاً ـ مثلاً ـ أكان بالإمكان للفيلم أن يمر؟! 

يشترك فيلم "قص ولزق الذي أخرجته وكتبته هالة خليل مع فيلم "هي فوضي" في التعبير عن رؤية لأزمة المجتمع المصري في الواقع الحاضر، والخناق الذي ضاق والحصار الذي يزداد من حول أبنائه، حيث تحاول هالة خليل أن يدوي فيلمها بصيحته التحذيرية، مع إيماءة من خلال زواج البطلين ونهاية الفيلم إلي قيمة الحب التي تبقي كملاذ، يستطيع أن يهون ويعين، في رحلة البحث عن خلاص وخروج من المأزق، الذي يكاد يمسك بخناق الجميع، ولا يوجد مفر من المواجهة وليس الهروب، ومن التكاتف رغم كل شئ!.. 

هذا الحب 

هو موضوع فيلم محمد خان "في شقة مصر الجديدة"، والذي كتبته وسام سليمان برهافة تؤكد موهبتها فيلماً بعد فيلم، إنه قصيدة سينمائية بالغة العذوبة تحفظ للحب مكانه العالي والخاص في الحياة، وتقطع بأنه لا معني علي الإطلاق لرابطة زيجة دون حب حقيقي يلتقي فيه كل إنسان بنصف آخر "ربما علي التحديد وبالذات"، ليصبحا معاً الإنسان الكامل..! 

إنه فيلم عذب يخاطب الروح، ويجعل المتلقي بعد مشاهدته إنسانا أفضل وأرهف، ولا يوجد أجمل من ذلك يمكن أن يقوم به الفن. 

أخيراً.. في سطور 

في تقديرنا أن لقب أحسن ممثل في سينما 2007 يتقاسمه خالد صالح في "هي فوضي" و"أحلام حقيقية"، وأحمد حلمي في "كده رضا"، ولقب أحسن ممثلة تتقاسمه حنان ترك في "قص ولزق" و"أحلام حقيقية"، وغادة عادل في فيلم "في شقة مصر الجديدة، وأحسن ممثل في دور ثان محمود ياسين في "الجزيرة"، وأحسن ممثلة في دور ثان سوسن بدر في "قص ولزق"، أما أهم المواهب والنجوم الصاعدة ممن قدمت سينما 2007 فهم درة في "هي فوضي" و"الأولة في الغرام" و"الحب كده"، وأشرف سرحان ومروة مهران في "قص ولزق"، وعمرو سعد في "حين ميسرة"، ولفتت حنان مطاوع الأنظار بقوة في دورها في فيلم "قص ولزق" والذي يذكرنا بالأدوار المؤثرة رغم قصرها، كما يحسب للمخرج محمد مصطفي في فيلمه الثاني "الماجيك" أنه استطاع أن يدير مجموعة من المواهب الشابة بعضها يقف أمام الكاميرا للمرة الأولي، ويستحق التنويه الشباب الذين ظهروا للمرة الأولي في "أوقات فراغ" والشابات الثلاث في "الماجيك" (فرح يوسف وزميلتاها) لما يتمتعن به من حضور وموهبة واضحة جديرة بالمزيد من الصقل والتعلم. وأخيراً فإن سينما 2007 تشير إلي الطفلة الصغيرة منة عرفة في فيلم "الحب كده" (والتي لفتت النظر في العام الماضي في أداء طفولة سعاد حسني في مسلسل "السندريللا".. وربما كانت أحسن ما فيه!)، فهي طفلة حباها الله بموهبة عذبة وخفة ظل حقيقية، وتستحق أن يكون هناك من يوجهها بوعي، دون إسفاف أو استهلاك لطفولتها أو موهبتها، وبالإمكان أن تصبح (فيروز القرن الحادي والعشرين) لو حسنت رعايتها وتوفر المناخ السينمائي الصحي..!. 

العربي المصرية في 1 يناير 2008