كتبوا في السينما

 

 
 

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

أرشيف

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

 

دورة ثالثة للسينما الأوروبية بالإسكندرية

ورشة عمل تفرز أفلاما نقدية واعدة

فوزي سليمان

·         «حياة الآخرين» الألماني الحاصل علي أوسكار أحسن فيلم أجنبي يستحوذ علي إعجاب الجميع رغم طوله

·         «الملكة» الإنجليزي.. بين تحفظ الملكة اليزابيث إزاء مصرع ديانا، وتبسط وشعبية رئيس الوزراء الشاب الجديد «بلير»

·         رغم الإقبال الجماهيري.. يظل التساؤل.. كيف نكسر احتكار الفيلم الأمريكي.. ونحقق التنوع الثقافي

أكد إقبال الجمهور السكندري. خاصة الشباب علي فعاليات الدورة الثالثة لأسبوع السينما الأوروبية ـ علي إمكانية الترويج الجماهيري لسينما أخري غير الأمريكية وكان من أهم دواعي نجاح هذه الدورة بالذات. إقامة ورشة عمل للنقد السينمائي، شارك فيها بعض الشباب الدارسين، وعكست أبحاثهم النقدية عن أفلام الأسبوع أو بعضها حسا فنيا ورؤية داعية لم يأت ازدحام المركز، الثقافي الفرنسي كل أمسية بالجمهور من فراغ، فقد وزع مسبقا بوستر أنيقا علي مراكز التجمعات. والنوادي الرياضية والكليات، وجدته مثلا في زيارة إلي البينالي بمدخل متحف الفنون الجميلة بمحرم بك ـ وإن كنت لم ألمس وجودا فعالا لإذاعة أو تليفزيون الإسكندرية.للمرة الثالثة يشارك في هذا الأسبوع ثماني دول أوروبية.. بعضها له مراكز ثقافية نشطة مثل فرنسا، وألمانيا، معهد جوتة، وبريطانيا، المجلس الثقافي البريطاني، واليونان، وأسبانيا، «معهد ثربانتس» وأحدها ـ السويد ـ لها معهد تتوالي به المؤتمرات والندوات يحمل اسم وزيرة الخارجية الراحلة التي كانت تدعو للحوار، وبعضها الآخر له قنصليات مثل إيطاليا.. ولابد أن نشير إلي دور المركز الثقافي الفرنسي ومديرته المتحمسة بريجبت مير، فقد فتح صدره لأكثر من فاعلية سينمائية مصرية ـ استضاف جماعة «سمات» ومهرجانها لأفلام الرسوم المتحركة، وقدم قاعته لمهرجان الإسكندرية الأخير لبرنامج مناقشات الأفلام الرقمية، بل كان له السبق قبل أي جهة مصرية في الاحتفال بمئوية السينما المصرية حيث قدم برنامجا خاصا عن المخرجات المصريات استضاف بعضا منهن، وصحب الاحتفال إقامة معرض صور نادرة للأفلام المصرية.. في مجموعة الباحث السكندرية، كما احتفي المركز بالسينما المصرية المستقلة.حاولت كل دولة أوروبية أن تختار للأسبوع فيلمين من أحسن وأحدث إنتاجاتها أحدها فاز بأوسكار أحسن فيلم أجنبي، وكان من بين انتقادات هذا الجمهور السكندري عدم إقامة ندوات لمناقشة الأفلام بعد عرضها والاكتفاء بالتقديم الذي كان مقتضبا ـ وكان الأفضل استضافة نقاد للنقاش بعد عرض الفيلم مع تنظيم المساحات الزمنية للعروض، ولا شك أن الطريقة المثلي هي استضافة بعض مخرجي الأفلام، وأن هذا كما يبدو أمر متعسر لأسباب مادية. ومن هنا قد نتساءل عن دور الاتحاد الأوروبي.. الورشةورشة النقد السينمائي أشرفت عليها الباحثة السكندرية مني خلاط المسئولة عن برنامج «أليكس سينما» بمكتبة الإسكندرية وضمت مجموعة من الشباب الجامعي الغالبية من طلاب وطالبات قسم اللغة الإنجليزية بكلية الأداب جامعة الإسكندرية السنة النهائية، من خلال الدراسة متأثرين بالنقد الأدبي، وقد حاولوا في الورشة الاقتراب أكثر من الصورة والأقلية من طلاب كلية الفنون الجميلة. ويمكن أن تتسع هذه الورشة في المستقبل لشباب من مختلف الكليات بأقسامها قادت مني خلاط المناقشات بروح ودودة متفتحة، واستعانت ببعض المخرجين والنقاد: المخرجة أسماء البكري قدمت خبرتها في الإخراج سواء في الفيلم الروائي الطويل أو التسجيلي، وأثيرت في النقاش قضية الكاميرا الرقمية ديجتيال وفنيته واقتصاده، كما أثيرت مناقشات نقدية مع الكاتبة سحر الموجي وكاتب هذه السطور. حياة الآخرينلم يكن عجيبا أن يحظي الفيلم الألماني «حياة الآخرين» بإعجاب الجمهور، ظل مشوقا رغم طوله ـ 137 دقيقة ـ فاز الفيلم بأوسكار أحسن فيلم أجنبي ـ وقد حضرت فوزه بجائزة الجمهور بمهرجان لوكارفو السينمائي الدولي الأخير أغسطس 007، وبجوائز دولية ومحلية وألمانية عديدة، ورغم تناول فترة الحاكم الشمولي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية ـ الشرقية ـ سابقا تم تناوله في أكثر من فيلم إلا أن هذا الفيلم بالذات وهو من إخراج فلوريان هنكل فون دونرسمارك 006 له جاذبيته وتميزه الفني تناول موقف الدولة ممثلة في جهاز المباحث في قمع حرية الرأي ومراقبة حياة المثقفين الأحرار من كتاب وفنانين ـ البطل هنا أحد رجال المباحث الذي يكلف بمراقبة كاتب مسرحي حر يزرعون أجهزة التنصت، ولكن ضميره يأبي الإيقاع به، فيكون مصيره تنزيله إلي وظيفة دنيا، ولكن مكافأته بعد سنوات طوال هي هذا الكتاب الذي أصدره المؤلف المسرحي عنه بعنوان معزوفة بيتهوفن سوناتا.وقد نال الفيلم أكبر عدد من الدراسات النقدية في الورشة، فاز من بينها دراسة أحمد محمد أحمد عبدالله بعنوان «حياة الآخرين تسقط إمبراطورية الخوف» وقد انعكست ثقافته الأدبية كطالب بقسم الأدب الإنجليزي. علي تحليلة للفيلم بعقد مقارنات مع نصوص أدبية مثل رواية جورج أوريل «1984» حيث دارت أحداث الفيلم في برلين الشرقية بدءا من هذا العام ومثل رواية الدوس هكسلي «عالم رائع وجديد» في تعرضها للإنسان المعلب.وتميزت الأبحاث الأخري مثل بحث رغدة رشيد بعنوان ـ الحب لا يمكن أن يعيش في ظل القمع ـ في تعرضها للصراع بين الإبداع والرقابة، وبين الفنون وسياسة الدولة ـ وكذا بحث أميرة عادل حجازي وهي طالبة بكلية الفنون الجميلة، بعنوان الكائنات الإنسانية قادرة أن تتغير، وتركز علي استمتاع المشاهد بالفيلم باستخدام كل حواسه مرتبطة بتجربه في الحياة، ليخوض مغامرة فكرية مرسومة وشيقة وتشيد الباحثة، بعمق تكوين لقطات الفيلم، وبنوعية وتغير ألوان أزياء الممثلين وبجو ظلام الحجرة، الضيقة التي كان يمارس فيها المراقب السري عمله.«الملكة»الفيلم الإنجليزي «الملكة» للمخرج الكبير ستيفن فريرز تدور أحداثه بعد أسبوع من مصرع ديانا أميرة ويلز، وتحفظ الأسرة المالكة أزاء الحادث وبقائها في ضيعة بالتيمور ـ ولكن رئيس الوزراء الجديد بلير والشعب الإنجليزي ـ كان لهما موقف آخر ـ الناس يتجمعون أمام قصر باكنجهام يضعون الزهور علي أبوابه، إذن هو تناقض بين تقاليد القصر الملكي وعواطف الشعب.. ترفض الملكة إنزال العلم البريطاني حدادا ومخاطبة الشعب أعجبني في تحليل الطالبة هند منير شاهين للفيلم هذه المقارنة بين قصر ونذسور الملكي ومسكن بلير ـ حيث بدا القصر وأسعا جدا، ومع هذا فتغلب عليه العتمة، ويبدو باردا وخاليا من المشاعر والدفء فقد كانت الأسرة المالكة محافظة علي التقاليد والمظاهر في حين بدا مسكن بلير دافئا يضم أسرة متعاطفة، سعيدة بأطفالها، كما نري بلير نفسه مرتديا صديرية لاعب كرة قدم، كما بدا مرنا ومتبسطا، وأقرب إلي الناس ويلقي خطابا عاطفيا في تأبين ديانا.. ولا تظهر ديانا حية في الفيلم.. ولكن المخرج يعطي لها حضورا قويا من خلال أرشيفية ثرية ومن خلال الصحافة والميديا لتبدو للمشاهدين كتابا مفتوحا ومحل حب الجمهور حية وميتة.وتعقد الطالبة نيرمين فاروق صبري مقارنة بين مصرع ديانا في فيلم «الملكة» ومصرع الشاب دفيد في حادث سيارة في الفيلم الأسباني.. حتي لا تنساني، للمخرجة باثريشيا فريرا والتناقض بين موقف الملكة اليزابث المتحفظ، ومحبة الشعب من جانب، وموقف أم دافيد وصديقته وكيف توافقا لحبهما لنفس الشخص. من جانب آخر.باندورايعلق عبدالسميع عبدالله علي الفيلم اليوناني، «باندورا» إخراج جورج ستامبولو بولوس «006».. في دراسة مختصرة بعنوان «أسطورة باندورا» كابوس لا حلم» بأنه تجربة سينمائية معاصرة تعكس واقعا تعيشه اليونان بل كثير من دول العالم ـ إلا أنه لم يغفل الأمل الأسطوري الذي امتزج بالواقع ويعود بنا إلي أسطورة أيجينيا ابنة أجاممنون التي قدمت قربانا للآلهة ديانا والتي افتديت بكبش لتصبح كاهنة للمعبد. كما يعيدنا أسطورة ميديا التي هربت مع زوجها بعد قتلها لأخيها.. واستخدمت السحر سلاحا لتحقيق أهدافها.. وفي فيلم «باندورا» الحديث تأتي فتاة أمريكية إلي قرية يونانية صغيرة دمرت الحرب الأهلية قاطنيها نفسيا تحاول هذه الباندورا العصرية نشر ثقافة الحلم الأمريكي مستخدمة سلاح الجنس.. وينتهي الفيلم بإغلاق المنزل الذي دارت فيه الأحداث.. والذي تسكنه روح باندورا ـ الثقافة الأمريكية ـ بعد أن تحول الحلم الأمريكي إلي كابوس مرعب للمدينة!وكان الافتتاح بالفيلم الفرنسي «لست هنا كي يحبني أحد» إخراج ستيفان بريزيه. «005» ويتناول علاقة عاطفية بين رجل يمر بأزمة الشيخوخة وشابة تعاني مشاكل مع أسرتها ومع الرجل الذي كانت تتأهب لزواجه.. الرجل يحاول أن يخرج من روتين عمله الرتيب في تنفيذ الأحكام وهنا نتعرف علي بؤس حالة لآخرين أفارقة وتكون حلبة رقص التانجو الرومانسية وسيلة العلاج والخلاص للرجل وصديقته لاكتشاف عالم خصب بالدفء.مناقشات وتساؤلاتبدأ وانتهي الأسبوع بمائدة مستديرة شارك فيها بعض النقاد، وأدار النقاش المعد التليفزيوني طارق عبدالفتاح، وقد تحدثت الناقدة خيرية البشلاوي عن تميز الفيلم الأوروبي بأنه يناقش العقل ويمثل نوعا من التحدي في عملية تلقي المشاهدين.. في حين أن الفيلم الأمريكي ترفيهي يدعو إلي الهروب، ويسيطر علي وجدان الجمهور المصري بطبقاته الاجتماعية ـ وتلاحظ أنه من عروض المهرجانات السينمائية الدولية لا يقبل الجمهور علي الأفلام غير الأمريكية ـ بل إن المخرجين المصريين لا يحضرون.. وكانت لا تلمح في الماضي إلا صلاح أبو سيف.وأدانت خيرية البشلاوي محرري الصفحات الفنية بالصحافة المصرية لعدم اهتمامهم بالنقد وانطرفهم إلي الأخبار المثيرة، والتليفزيون المصري الذي لا يعرض إلا الأفلام الأمريكية، وتلاحظ إقبال جمهور المثقفين علي عروض مركز الإبداع الفني بأرض الأوبرا الخاصة بأسابيع السينما الأوروبية حي يحضروا قبل الموعد بساعة.. وقالت إنه من المهم استمرار هذه النشاطات، خاصة بعد تصفية نادي سينما القاهرة الذي وصلت عضويته إلي الآلاف وتميز بمناقشاته ونشرته.لم يقل إقبال الجمهور علي مناقشات المائدة المستديرة عن حضوره للأفلام وشارك فيها أساتذة جامعة الإسكندرية، وفنانون من بينهم المخرج المسرحي الكبير حسين جمعة ـ الذي كان قد قدم تجارب مهمة في مسارح القاهرة والإسكندرية.ومن اقتراحات بعض الحضور السكندري لترويج الأفلام الأوروبية، تخصيص قاعة بأحد النوادي، الأتيليه مثلا ـ لعروض الأفلام الأوروبية أسبوعيا، هذا إذا لم يتيسر تخصيص دار عرض صغيرة للأفلام الأوروبية تتاح بأسعار مخفضة واقترحوا مول فاميلي التابع لجهاز السينما.وتتطلع طموحات البعض إلي توسيع آفاق السينما الأوروبية فلا تقتصر كما حدث في الدورات الثلاث علي أفلام ثماني دول أوروبية.. حتي برز تساؤل لماذا لا تسعي ألمانيا إلي جذب أفلام الدول الناطقة بالألمانية النمسا وسويسرا؟ ولماذا لا تسعي السويد إلي جذب أفلام من الدانمارك والنرويج وايسلندا؟.. أين السينما التشيكية؟ وأين السينما البولندية؟ وأين سينما دول البلقان.. هل يقوم الاتحاد الأوروبي بدوره.وطبعا جاء ذكر تجربة المنتجة والمخرجة ماريان خوري بإقامة بانوراما للسينما الأوروبية في دار عرض صغيرة.. استضافت فيها بعض المخرجين والمسئولين عن القنوات التليفزيونية الفرنسية.. وكانت تجربة ناجحة جماهيريا وإن كانت بأسعار منخفضة، كما كانت مدعومة من جهات أوروبية.ومن هنا يظل التساؤل هل من وسيلة لكسر احتكار الفيلم الأمريكي.. وتحقيق التنوع الثقافي.. أم أن طريق توزيع الفيلم الأوروبي في مصر سيظل في يد شركات التوزيع الأمريكية.. ويتعامل معها وحدها شركات التوزيع ودور العرض المصرية.. ويحرم الجمهور المصري من مشاهدة أنوع مهمة من السينما العالمية إلا في المهرجانات وأسابيع الأفلام والمراكز الثقافية الأجنبية..!

جريدة القاهرة في 1 يناير 2008