حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان الخليج السينمائي الخامس ـ 2012

اضغط للذهاب إلى الموقع الرسمي للمهرجان

قراءة في افلام مهرجان الخليج السينمائي الخامس

السينما الخليجية رؤى وقضايا

رامي عبد الرازق

يقول الناقد العماني عبد الله حبيب" ان تاريخ الأمم هو محصلة سردها" ونضيف نحن ان مستقبل السينما في أي امة هو محصلة ان يظل لدى مبدعيها الطموح لصناعة"الفيلم".

في دورته الخامسة التي احتلت الفترة من 10 وحتى 16 ابريل حاول مهرجان الخليج السينمائي أن يبرهن على ان ثمة مستقبل سينمائي لهذه المنطقة-الخليج- يجب الاحتفاء به،سواء على مستوى الأجيال الجديدة التي تملك إرادة الحلم،أوعلى مستوى اجيال الرواد التي حاولت ان تخوض المغامرة السينمائية-تكريم المخرج البحرينيبسام الذوادي- في وقت لم يكن هناك ما يعرف بالسينما الخليجية،وأخيرا على مستوى الاحتكاك المباشر والفعال بالثقافات والتجارب السينمائية المختلفة من خلال مسابقة الأفلام الدولية التي تنظم للعام الثاني على التوالي وبرنامج تقاطعات الذي يعرض العديد من اهم التجارب الروائية القصيرة في العالم.

من بين 155 فيلما عرضت خلال الدورة الخامسة لمهرجان الخليج السينمائي ثمة 102 فيلم هي نتاج منطقة الخليج منها 93 فيلما في عرضها العالمي أو الدولي الاول فماذا يعني هذا؟

يعني ان ثمة حركة سينمائية نشيطة وقوية تشهدها دول الخليج التي تُعاير دائما بأن لديها مهرجانات سينمائية وليس لديها سينما!

صحيح أن عدد الأفلام لا يعني في حساب المهتمين بالسينما سوى انه تراكم كمي، والسينما لا تصنعها التراكمات الكمية، ولكن التراكمات الكيفية التي تتسم بالنضج وشمولية النظرة واتساع افقها مع الحفاظ على محليتها وهويتها البيئية. لكن من قال أن الكثير من التجارب الفيلمية التي شهدها مهرجان الخليج على مدار هذه الدورة - ودوراته السابقة- تفتقد لتلك الميزات الكيفية التي تجبر الكثير من متابعيه على الاعتراف بوجود حركة سينمائية خليجية تشهد تطورا ملحوظا عاما بعد عام.

اهمية مهرجان الخليج الاساسية انه مهرجان"قومي"، ومتابعته تسمح بالوقوف على احدث وانضج ما انتجته السينما الخليجية على مدار عام كامل وهو ما يعكس فهما حقيقيا لدور المهرجانات القومية في تطوير وتقييم السينمات المحلية.

وفهم طبيعة دور المهرجان كاطار ثقافي يحتوي التجارب على اختلاف مستوياتها هو ما جعل المهرجان يخصص اربعة برامج اساسية للأفلام الخليجية: الأول هو مسابقة الأفلام الطويلة والتي عرضت 9 افلام هذا العام ما بين روائي وتسجيلي، ومسابقة الافلام الخليجية القصيرة ومسابقة افلام الطلبة ثم برنامج اضواء ويحتوي على الافلام التي لم تكن على مستوى النضج الفني أو التقني من دخول مسابقات الأفلام او انها عرضت من قبل في تظاهرات كثيرة ولكن من الصعب تجاهلها كنتاج مهم من نتاجات السينما الخليجية.

فالانتقاء المهرجاني في المهرجانات القومية لا يعمد إلى الاقصاء والتمييز ولكن منح كل تجربة الأفق الذي يشجع مبدعها على المواصلة طالما كانت ثمة ملامح نضج وحد ادنى من الخبرة والرؤية الفنية في فيلمه وهو أهم دور يلعبه "مهرجان الخليج" فالاحتكاك بخبرة العرض على المشاهد وتلقي الأراء وقراءة التحليلات توازي القيمة المادية للجوائز بل وتتجاوزها في بعض الاحيان.

غياب الصورة النمطية

الملاحظة الأساسية على افلام مهرجان الخليج هو غياب الصورة النمطية للشخصية الخليجية كما تظهر في السينما المصرية والاجنبية فالخليجي الثري الذي ينفق أمواله بلا حساب، والمدن الخليجية فضائية المظهر، والسيارات الفارهة لا وجود لها في محصلة السرد التي تنتجها عقول ووجدانات صانعي السينما في الخليج.

ثمة اهتمام بالتركيز على القضايا الانسانية والوجودية التي تتحدث عن شخصيات مأزومة تعاني من حالات عزلة أو مشاعر الاضطهاد والخوف من الموت والعجز عن مواجهة الواقع في افلام مثل فيلم "انين"وهو للمخرج البحريني جمال الغيلان الذي يتحدث عن ممثل عجوز يقف وحيدا على خشبة المسرح مودعا جمهورا غائبا بعد أن تقدم به العمر ولم يعد له نفس النجومية فلا يكون منه سوى أن ينزل عن الخشبة ويتجه نحو المقابر ليرقد هناك.

اتمنى لو كنا راقصين" وهو فيلم كويتي يتحدث عن فتاة تعاني من شلل لكنها تحلم بان تكون راقصة باليه للمخرج محمد وليد عياد ، وفيلم "افواه" للمخرج الاماراتي خالد علي الذي يقدم قصة رجل يهوى تكميم افواه الطيور وتركها تلاقي حتفها بينما يحاول شابين أن يحرراها ويعيدان اطلاقها للفضاء.

 

أما الفيلم الكويتي "باندا" لجاسم النوفلي فيتحدث عن شاب يقرر قتل دمية الباندا الخاصة به صبيحة زواجه لانه يتصور أنه بذلك يقتل الطفل الذي بداخله ليصير رجلا وزوجا لكنه يفاجأ بأن زوجته تحضر له باندا جديدة فالرجل في النهاية لا يستطيع أن يتخلص من الطفل الذي بداخله سواء تزوج أو لم يتزوج..

وهناك فيلم "كن رجلا" الذي يتحدث عن رجل يقرر ذات يوم أن يتخلص من كل الروابط الأجتماعية التي تشده لعالم لا يحبه عبر تركه لمهنته وتكميمه لزوجته واصدقائه وهو فيلم لاسامة آل سيف، وفيلم "نكرة" لعبد الرحمن عايل وهو فيلم سعودي يتحدث عن شخص مهمش يعيش فوق احد جسور عبور المشاه وعندما يقرر أن ينزل إلى الشارع ويذهب كي يلتقط لنفسه صوره يجد نفسه غير موجود بالصور.

صورة المرأة

الملاحظة الثانية هي حضور الجدل المستمر حول صورة المرأة في المجتمع وطبيعة حركتها الاجتماعية ودورها الانساني في الحياة.

ومن ابرز تجارب الدورة الحالية فيلم "أمل" للمخرجة الاماراتية نجوم الغانم الذي يصور جانبا من حياة الفنانة السورية "أمل حويجة"خلال السنوات التي قضتها تعمل في مدينة ابو ظبي، وهو فيلم يتعامل بحساسية راقية مع قضايا الغربة وذات المرأة وهواجسها من خلال واقع مادي في مدينة هي جزء من واجهة الحداثة العالمية.

وفي فيلم "قلب احمر" يقدم المخرج العراقي هلكوت مصطفى مرثية لحلم المراهقة الجميل بالهرب مع الحبيب من خلال شخصية فتاة مراهقة تواجه الواقع القاسي عندما تهرب مع حبيبها من زيجة اجبارية فينتهي بها الحال إلى الاغتصاب والسجن، وهو فيلم يتخذ الاتجاه الواقعي رغم رومانتيكية الفكرة لانه في الحقيقة يدمر تلك الرومانتيكية تماما واضعا اياها تحت مقصلة الواقع الاجتماعي الحديث.

ومن الأفلام التي تعيد انتاج صورة المرأة الخليجية بشكل مغاير فيلم "جنة رحمة".. ورغم تواضع مستواه الفني على المستوى التكنيكي إلا أنه يجسد جانبا من صورة المرأة في المجتمع الخليجي من خلال شخصية المرأة العجوز التي تتبنى فتاة متخلفة عقليا وترفض أن تبيع البيت الذي ورثته عن زوجها عندما يضغط عليها ابناء اخواتها من اجل أن تظل تأوي تلك الفتاة إلى أن تموت.

ومن اطرف تجارب الأفلام التي تتحدث عن قضايا المرأة الفيلم السعودي "فاتن تقودني للجنون" حيث يتعرض المخرج محمد سندي لقضية منع المرأة من القيادة في السعودية من خلال عروس شابة تتنكر في زي رجل كي تقود السيارة وتذهب لتشتري احتياجاتها من السوق وهو فيلم شديد الطرافة رغم بدائية تنفيذه إلا أنه يتسم بعمق في معالجة الفكرة واداء ملفت للممثلة السعودية الشابة فاطمة الزهراء جابر.

وعلى نفس الخط يقدم المخرج الاماراتي جمعة السهلي فيلم "رأس الغنم"عن عروس شابة تعاني من قسوة زوجها الذي يعاملها معاملة اشبه بمعاملة الغنم ويذبحها كل يوم من خلال فظاظاته التي يبررها بالدين فتهرب منه.

ومن الأفلام التي تحاول استعراض وضع المرأة في ظل ذكورية المجتمع وحالة التمييز العنصري الذي يمارس ضد المراة في بعض الاوساط الاجتماعية بالخليج فيلم الكاتب البحريني فريد رمضان والمخرج الشاب عمار الكوهجي  "سكون" حول صديقتين احداهما سمراء دميمة والأخرى بيضاء جميلة لكن كلاهما تواجهان نفس المصير، فالاولى لا احد يريد أن يتزوجها لانها ليست جميلة والثانية تجبر على الزواج من شاب لا تحبه بدون ارادتها فينتهي بها الفيلم إلى ان تدهن وجهها بالسواد في تماهي بصري ومعنوي مع صديقتها التي حال سوادها دون زواجها رغما عنها.

الهوية

والملاحظة الثالثة هي ان ثمة عددا من الأفلام اصبحت تشغل صناعها فكرة الهوية الخليجية أو العربية إلى جانب القضايا الطائفية ومن المعروف أن ثمة مشاكل طائفية تعاني منها منطقة الخليج على مستوى السنة والشيعة.

ففي فيلم "آمال" للمخرجة ناديا فارس نلمح ذلك الشعور بأزمة الهوية من خلال اب اماراتي يعني من تناقضات المشاعر بين ابنتيه التي انجب احدهم من اماراتية والأخرى من أمريكية، في نفس الوقت الذي تقدم فيه المخرجة خطا موازيا لفتاة امريكية تأتي إلى الإمارات كي تتزوج من شاب اماراتي فتواجه رفض اهله لها وتتحول الدراما في الفيلم من خلال حبكتين منفصلتين إلى حبكة واحدة دائرة، فمصير الزواج بين الأمريكية والإماراتي نراه متجسدا في علاقة الأب الاماراتي العجوز بابنته القادمة من عند امها الامريكية.

وفي فيلم "حياة" للمخرج السعودي مجتبي سعيد نطالع ازمة الهوية التي تعاني منها فتاة عربية تعيش في المانيا بعد أن تطرد من بيت اهلها لدخولها في علاقة مع شاب الماني ما يلبث ان يسلم ويتطرف ويطردها هو الأخر من حياته فتعيش ممزقة حائرة.. وهو فيلم مميز يحتوي على مستوى سردي متطور من خلال شخصية طفلة صغيرة هي ذاتها الفتاة حياة ولكنها تحمل كاميرا صغيرة تقوم من خلالها بالتصوير ورصد حياة حياة المتقلبة عبر ازمتها التي لا تنتهي مع اصولها العربية هذه الفتاة الصغيرة ما هي إلا صورة الطفلة التي في داخل حياة نفسها والتي ترى نفسها فيها وليس كما يراها الأخرين من حولها.

وفي الفيلم اليمني التسجيلي "اسوار خفية" لسمير النمري يصور المخرج العالم العشوائي لشريحة الأخدام التي تعيش في ظروف غير انسانية نتيجة انتمائها لأصول غير يمنية وكيف ينظر المجتمع اليمني لها بشكل عنصري سواء على مستوى الشرائح الأجتماعية الأخرى او الحكومة والقوانين وهو فيلم متواضع المستوى "وثائقيا" واشبه بالريبورتاجات التليفزيونية ولكن القضية والمعاجلة التي يطرحها تبدو على قدر من الاهمية والنضج خاصة انه ينطلق من خلال رواية للكاتب اليمني على المقري "طعم اسود رائحة سوداء" وقد فاز الفيلم بالجائزة الثانية في مسابقة الأفلام الخليجية القصيرة.

اما الفيلم البحريني "خسوف" لعبد الله السعدواي واحمد الفرادن فيحاول مناقشة قضية الخلاف الطائفي من خلال صديقين من مذهبين مختلفين وهو ايضا فيلم بدائي التنفيذ لكنه يحمل الكثير من المشاعر القوية فيما يخص الأختلاف الطائفي من خلال المشاهد التسجيلية التي يتضمنها حول ممارسة الطقوس الشعائرية لكل طائفة.

ومن الأفلام التي تمزج الخوف من الطائفية بالخوف من الأرهاب فيلم "تسجيل" للمخرج العراقي لؤي فاضل الذي يدور حول شاب يذهب لتفجير نفسه في محطة باص فيلتقي بأمريكية مسلمة تبدأ معه حوارا حول الدين وفكرة الجهاد، وعلى نفس الخط قدم المخرج العراقي الكردي شاخوان عبد الله فيلمه الرقيق "داليا" حول أب كردي يصطحب ابنته داليا المصابة بالعمى نتيجة عملية الأنفال الكيماوية إلى كركوك لعلاجها فيلتقي بإرهابي متطرف يحمل حزاما ناسفا في مطعم شعبي ويجبره على التعاون معه بخطف ابنته.

عين على السينما في

24/04/2012

 

أسئلة مهرجان الخليج السينمائي

عبدالله خميس 

اختتمت مؤخرا فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الخليج السينمائي بإمارة دبي، وهي الدورة الأكبر في عمر هذا المهرجان الفتيّ من حيث عدد الأفلام التي تقدمت للمشاركة وكذلك بالنسبة للأفلام التي تم عرضها فعليا، إذ تقدم للمهرجان نحو 1250 فيلما، تم اختيار 155 منها للعرض في أربع فئات من المسابقات هي مسابقة الفيلم الطويل (الروائي والتسجيلي مدمجان معا)، ومسابقة الفيلم الخليجي القصير (تشتمل على أفلام دول مجلس التعاون بالإضافة للعراق واليمن)، ومسابقة أفلام الطلبة، وأخيرا المسابقة الدولية للفيلم القصير. إضافة لذلك فقد احتوى المهرجان على خمس فعاليات موازية لعروض الأفلام (خارج المسابقات) هي: فعالية (أضواء) للأفلام القصيرة، وتندرج تحتها الأفلام الخليجية للعرض فقط، وفعالية (تقاطعات) وهي للأفلام الدولية المشارِكة خارج المسابقة، وفعالية أفلام المخرج الفرنسي جيرار كيرون، وقسم سينما الأطفال، وأخيرا فعالية (كَرَز كياروستامي) وهي عبارة عن 39 فيلما قصيرا تم إنتاجها كثمرة لورشة في الإخراج السينمائي انعقدت في الدورة الماضية للمهرجان بإشراف المخرج الإيراني العالمي عباس كياروستامي. إضافة لذلك فقد حفل المهرجان بمئات من الضيوف من صناع أفلام ونقاد وإعلاميين وآخرين من المعنيين بصناعة الفيلم، فضلا عن مجموعة من ورش العمل والندوات. تضمن المهرجان أيضا انعقاد السوق الأول لسيناريو الفيلم الخليجي، وهي ورشة مكثفة في فن كتابة السيناريو استفاد منها 15 كاتبَ سيناريو من أبناء شبه الجزيرة العربية. ولا يقل أهمية عن كل ذلك اللقاءات والنقاشات ومناخات التعارف الشخصية التي تمت بين ضيوف المهرجان وخلقهم لعلاقات وروابط فيما بينهم. لقد كانت فعالية ضخمة وطموحة وتجربة لا تنسى لمن حضرها، وكان التنظيم الجيد وحسن التنسيق والاحترافية في إدارة المهرجان هي النجوم الأبرز التي أعطت للمهرجان ألقه وإشعاعه، إذ كان المهرجان بلا مبالغة في مستوى المهرجانات الدولية المرموقة من حيث حسن تنظيمه وإدارته ووضوح المعايير والقواعد التي يتبعها في كل تفصيلة من تفاصيله، وهو شأن يحتاج أن يتعلم منه، على نحو أخص، مشرفو مهرجان مسقط السينمائي في بلادنا، لاسيما وأنّ الدورة الأخيرة لمهرجاننا السينمائي كانت من ناحية الإعداد والتنظيم أقل من مُرضية.

يأخذ مهرجان الخليج السينمائي على عاتقه مهمة أن يكون المنصة الرئيسية لانطلاق وتلاقي صناع الأفلام من شبه الجزيرة العربية، بحيث يشمل دوره عرض أفلامهم والتعريف بها، وكذلك منحهم فرصة اللقاء والتعارف وتبادل التجارب، فضلا عن تزويدهم بورش عمل ودورات تساهم في صقل خبراتهم، ووصولا إلى ما هو أبعد من ذلك وأعني به فتح آفاق الإنتاج أمامهم وتيسير مسألة حصولهم على التمويل الكافي لصناعة أفلامهم. وإشارة للجزئية الأخيرة، فقد قام مهرجان الخليج السينمائي في دورته الأخيرة بمهمة فذة ناجحة تجلت في إقناعه لمؤسستين إنتاجيتين ألمانيتين هما مؤسسة روبرت بوش ومعهد جوته لتختارا مدينة دبي مركزا إقليميا لنشاطاتهما في الشرق الأوسط (مع مركزين آخرين سيتم تدشينهما لاحقا أحدهما في عَمّان-الأردن والثاني في مدينة بشمال أفريقيا لم يتم تحديدها بعد). إن موافقة هاتين المؤسستين على اختيار دبي مركزا إقليميا لدعم الإنتاج العربي-الألماني المشترك للأفلام هو ثمرة جهود خمسة أعوام من العطاء والجدية هي كل عمر مهرجان الخليج السينمائي، إذ لولا وجود هذا المهرجان وتحقيقه لنجاحات متواصلة في دعم صناعة الفيلم في شبه الجزيرة العربية لما كان يمكن لهاتين المؤسستين الألمانيتين العريقتين أن تقتنعا أنّ أية مدينة في الخليج العربي تصلح لتكون منصة لصناعة السينما. هذه الشراكة مع مؤسستي روبرت بوش/معهد جوته سوف تقدم تمويلا جيدا للفيلم الخليجي وستنقل صناعة الأفلام في الخليج إلى ما يمكن تسميته بالسينما الحقيقية، فالمصداقية تقتضي القول أن 95% مما يقدمه مهرجان الخليج "السينمائي" هو في حقيقته أفلام فيديو وليس أفلاما سينمائية، والفرق يكمن في الكاميرات والعدسات وثقافة العمل والإنتاج، إلا أنّ المعايير الأوروبية التي ستتبعها مؤسستا روبرت بوش/معهد جوته في تمويل الفيلم الخليجي سترتقي كليا بمعايير الصناعة في المنطقة وتأخذها إلى آفاق الاحتراف، فهؤلاء القوم لن يكتفوا بمجرد ضخ بضع آلاف من اليورو والتفرج على أبناء الخليج يعملون بعشوائية لإنفاقها، ولكن تمويلهم مقرون بتدريب طويل الأمد في كافة عناصر صناعة الفيلم لسعداء الحظ الذين سيحظون بالفوز بالدعم المقدم من هذه المنحة. ستنعكس ظلال مبادرة روبرت بوش/معهد جوته في الدورة السابعة لمهرجان الخليج السينمائي عام 2014 (إذ أن الوقت ليس كافيا لنرى نتائجها في الدورة القادمة)، ومن المتوقع أن نرى لونا جديدا من الأفلام بداية من تلك الدورة فصاعدا، لونا يستلهم تقاليد الآرت-هاوس الأوروبي في الصناعة كما يعتمد على كاميرات وعدسات احترافية وسيناريوهات تم تطويرها من قبل لجنة من المختصين. كل هذا سيقسم مهرجان الخليج السينمائي، بدءا من الدورة السابعة عام 2014، إلى مستويين: مستوى الأفلام المحترفة التي سيصنعها المستفيدون من منحة روبرت بوش/معهد جوته، كما يصنعها أيضا أبناء شبه الجزيرة العربية الذين درسوا السينما في الخارج، والمستوى الثاني هو مستوى أفلام الهواة التي كانت مهيمنة طوال الدورات السابقة للمهرجان والمتسمة بوجود أفلام بسيطة في الطرح والمعالجة وكثيرا ما تكون مثخنة بجراح التأثر بالدراما التليفزيونية التي تعرضها شاشات المنطقة. سيكون هناك إذن فسطاط الأفلام (السينمائية) المحترفة، وفسطاط أفلام (الفيديو) العاجزة عن المنافسة العالمية، وهذا السجال والتمايز الذي سيحدثه امتزاج التيارين سينعكس إيجابا بلا شك –خلال سنتين أو ثلاثا- لصالح التجويد في صناعة الفيلم الخليجي.

ترى، أين سيكون صناع الأفلام العمانيون عام 2014؟ ما نوعية ما سينتجونه من أفلام آنذاك؟ هل يمكن توقع الأفضل إن لم يتغير الحال –داخليا- إلى الأفضل؟ أسئلة مطروحة أمام صُنّاع الأفلام وكذا أمام المؤسسات الرسمية والخاصة المعنية بصناعة الفيلم في بلادنا (إنْ وُجِدَت!).

الرؤية العمانية في

24/04/2012

 

مهرجان الخليج السينمائي يستضيف نقاشات بإدارة خبراء الأفلام

دبي – منصورة عبدالأمير   

استضاف مهرجان الخليج السينمائي في دورته الخامسة منتديات «ليالي الخليج» النقاشية التي أقيمت عند منتصف كل ليلة من ليالي المهرجان وأدارها عدد من أهم خبراء السينما.

وقدم مدير العلاقات الدولية في مهرجان دبي السينمائي الدولي، أنطوان خليفة ،أول جلسة نقاشية وكان موضوعها «لقاء المشرفين على سوق السيناريو للأفلام الخليجية القصيرة»، وهي المبادرة الجديدة التي أطلقها مهرجان الخليج السينمائي لصقل وتطوير مهارات كتابة النصوص السينمائية والسيناريوهات لدى الكتاب والسينمائيين من المنطقة، وإتاحة المجال لهم كي يتعاونوا مع المخرجين والمنتجين، وتقديم المساعدة لهم لتحويل مشاريعهم السينمائية إلى أفلام واقعية. وتحدث خلال الجلسة كلّ من الناقد محمد خان، وميشيل كمون، والروائي البحريني فريد رمضان؛ إذ قاموا بمشاركة رؤاهم وخبراتهم بشأن أهمية السيناريو القوي.

أقيمت الليلة الثانية تحت عنوان «الضوء الصامت: محمد حسن أحمد»؛ إذ أدار الحوار فيها أحمد سالمين. خلال هذه الجلسة أكد محمد حسن أحمد وهو أحد أهم وأبرز كتّاب السيناريو في دولة الإمارات العربية المتّحدة، وجوب أن تقدّم السينما الإماراتية قصصاً تعكس المجتمع المعاصر والقضايا الواقعية التي تهمّ الناس العاديين بدلاً من التركيز على الماضي القريب. وأضاف أنه لا ضير في أن تتحدث النصوص والقصص السينمائية عن الماضي؛ ولكن على السينمائيين أن يستكشفوا ماضي الدولة، حتى ما قبل السنوات الـ40 الماضية، ويبدعوا قصصاً نابعة من تاريخ الدولة العريق، وإرثها الأصيل. يحمل الكاتب في جعبته العديد من الأفلام، ومنها الفيلم الطويل المميّز «ظلّ البحر»، كما يحمل عدداً من الأفلام القصيرة الحاصلة على الجوائز، بما في ذلك «سبيل»، و»بنت النوخذة»، و»تنباك» من الإمارات العربية المتّحدة، و»ماي الجنة» من الكويت.

وخلال هذه الجلسة، قام أحمد بتقديم أحدث كتبه «الضوء الصامت»، وأقراص الـDVD المرفقة، ليعرض من خلالها لمحة عن توجّهاته في السينما، والقطاع السينمائي في الدولة. ويحوي الكتاب على عدد من النصوص السينمائية التي تعطي محبّي السينما وعشّاقها نظرةً شاملة لفهم واستيعاب عملية كتابة السيناريوهات.

عرضت الدورة الحالية من المهرجان 4 من أفلام «أحمد»، وهي «أصغر من السماء» للمخرج عبدالله حسن أحمد؛ و»راس الغنم» للمخرج جمعة السهلي؛ و»الفيل لونه أبيض» للمخرج وليد الشحي؛ وجميعها مشاركة في مسابقة المهرجان الرسمية الخليجية للأفلام القصيرة، إلى جانب فيلم «ظل البحر».

وأوضح الكاتب أن التطورات التقنية جعلت عملية صنع الأفلام وإنتاجها أمراً أسهل من ذي قبل، ولكنه ذكر أن على السينمائيين ألا ينسوا ضرورة وجود قصة جيدة ومحبوكة، فاستخدام البهارج البصرية والتقنيات الحديثة لا يضمن إنتاج فيلم جيد، وأكد أهمية تحقيق الانسجام والتناغم ما بين الكاتب والمخرج للحصول على فيلم ناجح.

في الليلة الثالثة أدار مدير المهرجان مسعود أمرالله الحوار الذي قدم تحت عنوان «خلف الكواليس». وسلطت الجلسة الضوء على خبراء السينما المسئولين عن جوانب الإنتاج السينمائي والذين يعتبرون الجنود المجهولين في عملية صناعة الفيلم وغالباً ما يتمّ التغاضي عن الجهود الحثيثة التي يبذلونها. شارك في الجلسة كل من المصوّر السينمائي وخبير المونتاج والمؤلّف الموسيقي علي مطر (أفلام «لبن مثلّج»، و»مكتوب»، و»أضغاث»)، والمصوّر السينمائي سمير كرم (فيلم «أصغر من السماء»)، والمؤلف الموسيقي البحريني محمد حداد (فيلم «هنا لندن»)، والمخرج الفني أحمد حسن أحمد (فيلما «سبيل»، و»الفيل لونه أبيض»).

وقد أجمع المتحدّثون كافة خلال الجلسة على الحاجة الماسّة لرعاية الكفاءات في منطقة الخليج، بغية تأسيس قاعدة متينة من المواهب لدى الخبراء السينمائيين، عبر مختلف جوانب الإنتاج السينمائي. وتكمن أهمية ذلك، بحسب تعبيرهم، في أنه يساهم بالدفع قُدماً في عملية إنتاج أفلام ذات جودة عالية في منطقة الخليج.

وقال محمد حداد، الذي أتمّ تدريباته في الموسيقى في مصر، إن المخرجين لا يأخذون، في معظم الأحيان، مفهوم الموسيقى التصويرية، على محمل الجدّ. وأضاف في هذا السياق: «يركّز معظم المخرجين على الأغاني، ولكن الموسيقى تشكل جزءاً مكملاً لا يتجزأ من الصناعة السينمائية. أعشق الموسيقى التصويرية، وأفضل العمل إلى جانب المخرجين الذين يمنحونني المجال باستعراض إبداعاتي ومواهبي. تعمل الموسيقى على تحسين جودة الصورة السينمائية، ونحن بحاجة ضرورية إلى وجود مخرجين شغوفين بدمج الموسيقى بالسينما

وأكد المتحدثون الأربعة أنهم شغوفون بما يعملون؛ الأمر الذي يشجّعهم على التجريب، ويدفعهم قُدماً نحو الأمام لتقديم المزيد من الأعمال المتميّزة، على رغم النظر إلى عملهم على أنه يتمّ في الظلّ، و»وراء الكواليس». وأشاد الخبراء بالأعمال الرائدة التي يقدّمها خبراء السينما المخضرمون، من قبيل مسعود أمرالله، الذي كان مصدر إلهام كبيراً لهم، إذ حثّهم على مشاهدة الأفلام من منظور مختلف لم يعهدوه. الليلة الرابعة، التي أقيمت تحت عنوان «الأردن: حالة سينمائية»، ألقت الضوء على الأفلام السينمائية التي تمثّل الأردن؛ إذ عرض المهرجان 7 أفلام أردنية في برنامج «في دائرة الضوء». وادار أنطوان خليفة حوار الجلسة التي استكشفت إسهامات المؤسسات المختلفة في تطوير قطاع صناعة الأفلام في الأردن، ومشاركاتها في وضع حجر الأساس لمستقبل الفنون السينمائية في هذا البلد.

الوسط البحرينية في

24/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)