حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان دبي السينمائي الدولي الثامن ـ 2011

الفيلم اللبناني "تاكسي البلد"..الشوارع حواديت

رامي عبد الرازق - دبي

ضمن فعاليات مسابقة المهر العربي للافلام الروائية الطويلة اقيم العرض الاول للفيلم اللبناني "تاكسي البلد" للمخرج الشاب دانيال جوزيف وذلك في تجربته الاخراجية الروائية الأولى .

يتنافس هذا الفيلم مع عشرة افلام اخرى ضمن مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة وذلك ضمن مسابقات الدورة الثامنة لمهرجان دبي السينمائي الذي تشهده المدينة الخليجية الاشهر في الفترة من 7 وحتى 14 من ديسمبر الجاري.

نستعير عنوان المقال"الشوارع حواديت" من الأغنية العامية التي كتبها الشاعر الراحل"صلاح جاهين" لأنه عنوان يبدو متسقا إلى حد كبير مع هذا الفيلم الذي يمكن أن نعتبره ليس مجرد مقارنة ما بين زمنين تفصل بينهما الحرب الأهلية ولكنه بورتريه رقيق عن مدينة لا تزال تحاول أن ترسم ابتسامة على وجهها الحزين.

تاكسي السينما

عبر تاريخ السينما العربية و العالمية قدمت شخصية سائق التاكسي في العديد من الأفلام لأسباب عديدة منها أن مهنة سائق التاكسي هي جزء من صورة الحضارة المدنية الحديثة التي يعيش فيها البشر عبر شوارع واسعة ومسافات بعيدة ومتناثرة مما يستدعى وجود وسيلة مواصلات مثل التاكسي، ثانيا تلك الحالة الديناميكية التي تولدها حركة التاكسي خلال الشوارع وتواتر عشرات البشر يوميا على مقعده الخلفي كل منهم قادم من جهة ذاهب إلى مكان، ثالثا تلك الدرامية التي تتسم بها شخصية سائق التاكسي الذي يتعامل مع كل هؤلاء البشر العابرين وذلك التواصل العابر ايضا معهم او تلك الحوارات التي يسمعها منهم سواء كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض او في هواتفهم النقالة، رابعا الحالة البصرية التي تولدها مراقبة وجوه الجالسين في التاكسي عبر مرآة السائق سواء كانوا يتحدثون له أو يسرحون في ملكوتهم الخاص او يتحدثون مع بعضهم، خامسا يتيح التاكسي كمكان متحرك ذو طبيعة خاصة التعامل مع العديد من الشخصيات بشكل بانورامي خاصة في الأفلام التي تتحدث عن المدن أو نفوس البشر أو المشاكل الأجتماعية.

وبنظرة سريعة وليست احصائية نجد أمامنا افلام مثل"سائق التاكسي" إخراج مارتن سكورسيزي من بطولة روبرت دينيرو وفيلم "حدث على الأرض" لجيم جارموش حول خمسة من سائقي التاكسي يتجولون في ليلة واحدة بمدينة نيويورك ويلتقون بأنماط مختلفة من البشر، وفيلم "القاتل المأجور" إخراج مايكل مان ومن بطولة توم كروز الذي قام فيه بدور قاتل مأجور يسيطر على سائق تاكسي كي يجبره على التوجه به طوال الليل إلى ضحاياه وقدم جيمي فوكس شخصية سائق التاكسي الأسمر بالفيلم، وهناك" نظرية المؤامرة"من بطولة ميل جيبسون الذي قام فيه بدور سائق تاكسي كان عميل سابق للمخابرات وانشق عنها.

وعلى مستوى السينما المصرية قدمت افلام مثل "على جنب يا اسطى" من بطولة اشرف عبد الباقي وإخراج سعيد حامد، وقدم نور الشريف شخصية سائق التاكسي في "سواق الأتوبيس" من إخراج عاطف الطيب وقدم محمود عبد العزيز نفس الشخصية في فيلم "الشقة من حق الزوجة" إخراج عمر عبد العزيز وفي "الدنيا على جناح يمامة" لعاطف الطيب ايضا.

نظرة الطفل

تبدأ أحداث الفيلم قبل الحرب الأهلية بقليل من خلال عيني الطفل يوسف او بالأحرى عيني ذاكرته التي تستعيد بشغف ودقة تفاصيل هذا الزمن الذي يبتعد تدريجيا ولكنه يظل حاضرا عبر روايته التي تتجدد كلما استقل مع يوسف – الذي اصبح سائق تاكسي- راكب جديد.

يعتمد السيناريو على حركة حرة تماما في التعامل مع الزمن الماضي والحاضر على حد سواء صحيح أنه يسرد من خلال تصاعد زمني محدد لكنه في نفس الوقت يعرف كيف يكسر الزمن ويفتته دون ان يشوش المتفرج بل يكمل له كل حدوتة يرويها يوسف عبر التراكم وليس عبر الأمتداد المباشر للحدوتة في زمن الفيلم.

ان ما يحكمنا في المشاهد الخاصة بالقرية أو "البلد" كما يسميها يوسف هي نظرة الطفل الصغير للأشياء والمشاعر والأفكار من حوله، هذه النظرة تصبح جزء من السحر الخاص لشخصية يوسف الشاب سائق التاكسي وراوي الحواديت عن نفسه وبلدته القديمة في شمال بيروت.

ونظرة الطفل نفسها هي ما تجعلنا نصدق كل ما يرويه يوسف سواء كان حقيقيا او متخيلا، أي بمعنى أخر سواء كان متذكرا بالفعل أو مؤلفا، لأن قوة الفكرة ليست في واقعية الحواديت ولكن في مساحة المشاعر والأفكار التي تنتجها، ومن هنا يتوغل الفيلم تدريجيا في وجدان المتلقي مستمتعا بما يرويه يوسف، تماما مثل استمتاع الركاب الذين يجتازون المقعد الخلفي لسيارته.

ثمة تأثر واضح بالسينما الأيطالية خاصة افلام المخرج الأيطالي الكبير"جوزبي تورناتورى" الذي تدور اغلب افلامه من خلال ذاكرة راو عليم يفصل بينه وبين الماضي مساحة التغير التي شكلت حاضرا جديدا وغير ذهبي.

وتذكرنا تلك"البلد" والطفل يوسف الصغير واصدقائه وحواديت القرية بتلك الذكريات التي تتداعى في رأس شخصيات تورناتورى في افلامه"ملينا"و"سينما باراديزو"و"اسطورة 1900" خصوصا فيما يتصل بعملية الحكي الشيق عن شخص أو واقعة.

لكن هذا التأثر لا يعيب مخرج الفيلم وكاتبه دانيال جوزيف وإنما يمنح الفيلم خلفية سينمائية قوية فهو ليس اقتباسا أو محاكاة وإنما تشبع وإعادة إفراز.

الشوارع حواديت

حواديه الحب فيها

وحواديه عفاريت

صلاح جاهين

الشوارع حواديت

ما الذي يدفع"يوسف"لرواية تلك الحواديت لركاب التاكسي الخاص به؟ هل هي مجرد قصص للتسلية أم محاولة للتواصل الأنساني؟ ام شعور بالوحدة وثرثرة فارغة!!

في الحقيقة أن طبيعة شخصية يوسف التي يرسمها السيناريو تجعلنا أولا نتقبل عملية الحكي الشيقة التي يقوم بها كلما ركب معه زبون جديد، ثم تبدو أكثر اتساقا مع الواقع عندما تتحول علاقته بالراكبة الامريكية الشقراء"جوردن" إلى علاقة صداقة قوية تجعله يستمر في الحكي لها بشكل أشبه بالتعارف العاطفي أو الأنساني.

ولكن ما يعمق تلك الحواديت المستعادة من الذاكرة ليس أنها تقارن بين زمنين ولكن لان المخرج بمكر فني يحول المدينة "بيروت" إلى زمن وتحديدا إلى الزمن الحاضر في مقابل "البلد" التي تمثل الزمن الماضي، أنه يقول للمتفرج قارن أنت بين الماضي بكل روعته وبرائته وتفاصيله الصغيرة الحميمية وبين الحاضر المتمثل في تلك المدينة بشوارعها التي تمتلئ بالحواديت والشخصيات الغريبة.

لوهلة عندما نستغرق مع يوسف بطرافته ورقته وبرائته الماكرة نتذكر روبرتو بنيني في فيلم جيم جارموش "ليلة على الأرض " حول خمسة من سائقي التاكسي في مدينة كوزموبوليتانية مثل نيويورك والتي يحاول دنيال في فيلمه ان يقدم لنا نفس التصور الكوزموبوليتاني لبيروت من خلال شخصية الشقراء الأمريكية التي تعمل كمساعدة في صالة رياضية.

ولكن سريعا ما تذوب صورة"بنيني"الطريفة لتخلي لشخصية يوسف ذات الأبعاد الدرامية المكتملة الطريق نحو التفاعل مع الركاب ورواية الحواديت الطريفة عن بلدته وزمنه القديم.

يستخدم المخرج اسلوب الزمن المتكسر الذي لا يلتزم بسياق تصاعدي محدد وإنما يعتمد على العودة إلى الماضي والحركة بداخله بحرية خاصة فيما يتعلق بتتبع الحواديت الخاصة بالشخصيات التي يحكي عنها او الحواديت التي تخصه هو في مرحلة الطفولة.

فحدوتة "جميلة البلد" التي يحبها الشاب القوي المعجباني تتكسر عبر عدة مشاهدة تروى على مراحل من يوسف تقطعها بعض خيوط من حواديت اخرى ولكنها تكتمل في النهاية فنحن نتعرف على فصول متناثرة منها عبر الفيلم بأكمله وهو ما يصنع حالة من الأشتباك الوجداني والذهني بين المتلقي والفيلم دون تشويش فالمتلقي يظل للنهاية يريد أن يعرف ماذا كان مصير جميلة البلد مع عشيقها الشاب الذي يقف تحت شرفتها ليغني بصوت غليظ بينما هي تحب عازف الكمان الذي يستأجره الشاب ليعزف لها تحت الشرفة.

ان تفتت الحدوتة ليس لأنها سطحية أو غير مهمة وإنما لان الغرض الأساسي من ورائها ليس وقائعها وإنما ايحاءاتها الزمنية فهذا زمن كان لا يزال العشاق يقفون فيه تحت شرفات حبيباتهن أنها حالة النوستالجيا الرقيقة التي تصيب يوسف كلما تحدث عن بلدته القديمة وزمنه الاول.

ولا تقتصر الحواديت بالفيلم على تلك التي يحكيها يوسف وإنما تلك الحواديت التي تحدث ليوسف ايضا او على حد قول جاهين "حواديه الحب فيها وحواديه عفاريت" فيوسف يشعر بأنجذاب حقيقي تجاه جوردن الشقراء الأمريكية وذلك منذ المرة الأولى التي تركب معه فيها.

أما العفاريت فما اكثرهم في كل شارع ويكفي تلك المرأة المسنة صاحبة الوجه الكشر التي تتشاجر مع يوسف عندما يطلب منها ان تنزل في ناصية قريبة قبل أن يبتلعه الزحام في وسط المدينة او ذلك الرجل السكير الذي ركب معه باحثا عن سيارته التي تركها بعد ليلة سكر عنيفة.

اسمعي يا حلوة لما اضحكك

يمتلئ الفيلم بتلك الأحالات التي لا تعكس فقط علاقة يوسف بالنساء ولكن التغير الذي حدث في علاقة الرجل بالمرأة عبر زمنين في المجتمع اللبناني فيوسف عندما يستدعى البلد القديمة يستدعي معها شخصيات نسائية عديدة بحكم كونه طفلا هاجر اباه منذ كان صغيرا.

أولا امه ثم خالته ثم جميلة القرية وهي الشخصيات النسائية الرئيسية في طفولته الرائعة وثلاثتيهم يمثلن صورة النساء في ذلك العصر وفي تلك البلدة أما في بيروت فلدينا حبيبته السابقة التي تهجره نتيجة ضيق افقها وضغوط اهلها للتخلص من سائق التاكسي الفقير والبحث عن عريس "مرتاح" ماديا يأخذها إلى الخارج.

وهناك جوردن الشقراء الأمريكية القادمة إلى عالم شوارعه وحواديتها وعلاقتهم التي تلخصها جملة جاهين"اسمعي يا حلوة لما اضحكك" فيوسف يستريح مع جودرن بالدرجة التي تجعله يبدأ في حكاية اسراره الخاصة لها سواء تلك التي في البلدة او بعد أن انتقل إلى بيروت خصوصا رغبته في أن يصبح مغنيا او حدوتته الشهيرة عن سرقة أموال صناديق نذور العذراء.

وتمثل شخصية جوردن ثقل درامي مهم في التكوين الفكري للسيناريو حيث أنها امريكية قادمة من نفس الدولة التي يرغب يوسف في الهجرة إليها ليعمل ويكون حياة جديدة بينما هي قادمة إلى لبنان لكي تعمل وهو موقف عبثي تبادلي لا يتوقف امامه المخرج بشكل مباشر لكنه يظل جزء من حالة السخرية التي يبثها السيناريو بشكل ذكي.

صحيح أن مشهد المقارنة بين المجتمع اللبناني والأمريكي في حوار جوردن مع يوسف يبدو مفتعلا وسطحيا لكن نجح المخرج في صناعة تقابل درامي جيد باختياره شخصية الأمريكية وليس اي جنسية أخرى أو حتى لبنانية.

تدريجيا يتمكن يوسف من إضحاك الحلوة حتى تتطمئن له للدرجة التي تنام إلى جانبه في السيارة ويحملها إلى البيت وهو مشهد جيد ينحو بالعلاقة نحو الصداقة الحقيقية ويعفيها من ابتذالات الأيهام بوجود بعد عاطفي في العلاقة.

بين الناظر والمنظور

قدم دانيال في أول افلامه تلك الرؤية الأخراجية التي تحاول طوال الوقت أن تتسق وتتصل مع موضوعه دون مبالغات بصرية أو ادعاءات بوجود بعد خارق خلف كل كادر فمشاهد القرية التي قدمت بحساسية ضوئية مميزة لمدير التصوير تشارلز دي روزا تأتي دائما من زاوية ونظرة عين الطفل "يوسف" سواء على مستوى قامته الصغيرة أو مكان وقوفه في شرفته أو جلوسه في برية البلد.

أما مشاهد بيروت فأغلبها تتابع يوسف من خلال لقطات مختلفة الأحجام من داخل وخارج التاكسي فنحن لا نرى المدينة من وجهة نظر يوسف ولكننا نرى يوسف كجزء من المدينة على عكس البلد التي نراها في مشاهد كثيرة هي وأهلها من وجهة نظر يوسف الصغير.

كذلك لجأ المخرج إلى اسلوب الكليب المصحوب بالموسيقى وذلك في مشاهد مونتاجية "فاست موشن" تعكس تواتر الركاب على المقعد الخلفي للتاكسي مما يكثف الدلالة بعنصرين اساسين الأول هو استمرار الحكي من قبل يوسف وتحسن حالته المادية بعد أن تفتق ذهنه عن فكرة طباعة كروت مكتوب عليها تاكسي البلد وتوزيعها لكي يتم استدعائه في اي وقت من اي راكب وفي اي مكان.

كذلك يستخدم المخرج نفس الاسلوب في تجوال يوسف عبر تاكسي اخر بجانب جوردن في شوارع بيروت حيث يتسق هذا الكليب مع فكرة بورتريه المدينة التي هي جزء من التصور العام للفيلم.

ولم يقع دانيال في فخ الأضاءة الغير مبررة المصدر خصوصا في داخل التاكسي فكابينة التاكسي مضاءة دوما من قبل أنوار الشارع الخارجية وليس من خلال مصادر اضاءة غير مبررة اسفل اقدام الممثلين أو على المقعد الخلفي مثلا وهو ما يحسب ايضا لمدير تصويره دي روزا.

الجزيرة الوثائقية في

19/12/2011

 

"مهرجان دبي السينمائي الـ8"

مثابرٌ على اكتشاف الجديد

نديم جرجورة 

باختصار شديد، يُمكن القول إن الدورة الثامنة لـ"مهرجان دبي السينمائي الدولي"، المُقامة حالياً في إمارة دبي، لم تختلف كثيراً عمّا سبقها من دورات، خصوصاً في الأعوام القليلة الفائتة. اختيار تعبير "لم تختلف كثيراً" إشارة إلى أن الحضور السينمائي، الفني والثقافي والاقتصادي، مستمرٌّ في تثبيت فعالية التواصل الإبداعي والتجاري بين المعنيين بالاشتغال السينمائي، عرباً وغربيين. إشارة إلى أن الدورات القليلة الفائتة نقلت المهرجان من بدايات لم يُنافسه أحدٌ فيها على مستوى التأسيس، إلى شرعية العمل المتنوّع انطلاقاً من رغبة في مواكبة تطوّرات المهنة، واستطراداً تطوّرات العصر في شتّى أنواع العيش اليومي. "مهرجان دبي السينمائي الدولي" مثابرٌ على تفعيل الاكتشاف، في ظلّ مواجهة حادّة صنعتها المرحلة التأسيسية الثانية لـ"مهرجان أبو ظبي السينمائي"، إثر تولّي بيتر سكارليت مسؤولية الإدارة التنظيمية للمهرجان الثاني هذا. مثابرٌ على استكمال مشروعه السينمائي، عروضاً ولقاءات وتمويلاً وتواصلاً، تماماً كما حدث منذ أعوام قليلة فائتة، عندما بات مهرجان دبي واجهة ثقافية لإمارة مبنية على الخدمات الاستهلاكية والسياحية.

عشية بدء الدورة الثامنة لمهرجان دبي، المنتهية مساء بعد غد الأربعاء، تساءل معنيون بالشأن السينمائي عمّا يُمكن أن يُقدّمه البرنامج الرسمي، خصوصاً بالنسبة إلى المسابقة الرسمية العربية في فئاتها الثلاث، الروائي الطويل والوثائقي والروائي القصير، بعد أن "استولى" مهرجان أبو ظبي، المنعقد قبله بنحو شهرين اثنين تقريباً، على معظم النتاجات. وبعد أن حصل "مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي"، في دورته الثالثة (المُقامة مباشرة بعد انتهاء مهرجان أبو ظبي في تشرين الأول الماضي)، على أفلام عربية متنوّعة. التحدّي واضح: في البرنامج الرسمي لمهرجان دبي، هناك أفلام عربية جديرة بالمُشاهدة والنقاش والتحليل، وإن تفاوتت مستوياتها البصرية. جديرة بتفكيك بناها الدرامية والجمالية والتقنية، بصرف النظر عن آلية الحصول عليها، وأسبابه: إذا اختيرت الأفلام هذه لملء فراغ ما، فإن عناوين عدّة عكست جماليات تستحق قراءة نقدية سليمة. وإذا اختيرت لأنها أفضل الموجود، فهذا يُعزِّز (أو هكذا يُفترض به) الفرضية الأولى، مع أنه يؤثّر سلباً في مبدأ التنافس بين السينمائيين العرب، المُطالبين بمزيد من إعمال العقل والمخيّلة في تحقيق مشاريعهم الطموحة، بدلاً من الاكتفاء بما تجود به الصناديق العربية للدعم السينمائي. مسألة تمويل المهرجان مشاريع متفرّقة، عبر برنامجه الإنتاجي "إنجاز"، اختيرت (المشاريع هذه) لعرضها في المسابقات الرسمية، أمر عاديّ يُمارَس في أكثر من مهرجان. غير أن الأهمّ كامنٌ في النتيجة المُقدَّمة على الشاشة الكبيرة، التي تبقى المقياس الأول (والوحيد ربما) للحكم عليها.

بعيداً عن هذا كلّه، كرّمت الدورة الثامنة لمهرجان دبي ثلاثة فنانين مرتبطين بالسينما: الممثل المصري جميل راتب، والمخرج الألماني فيرنر هرتزوغ، والملحن الموسيقي الهندي آي. آر. رحمن. هذا تقليد متّبع في مهرجانات كثيرة، ومنذ وقت طويل. لكن تساؤلات عدّة تُطرح هنا: هل يعني التكريم فقط منح المُكرَّم تمثالاً أو جائزة رمزية، وعرض فيلم أو فيلمين من أعماله، ودعوته إلى حضور التكريم طبعاً؟ ألا يُفترض بمسؤولي المهرجانات البحث عن وسائل إضافية، تزيد من وهج الاحتفاء بالمُكرَّم؟ ألا يُمكن تخصيص ندوة به وبأعماله وبعالمه الفني واشتغالاته وخياراته ومواقفه الجمالية والسينمائية والإنسانية مثلاً، "شرط" أن تتمتّع الندوة هذه بمصداقية وموضوعية، لا تذهب بعيداً في النقد، ولا تسقط في التبجيل المملّ والتقديس الواهي؟ ألا يُجدي نفعاً إصدار كتاب حيوي ومعرفيّ وعمليّ، يمزج الخاص (السيرة الحياتية) بالعام (سيرته المهنية)، بإضافة مقالات ودراسات جدّية حول نتاجاته (هنا أيضاً، يُفترض بالمقالات والدراسات هذه أن تتمتّع بحدّ معقول ومقبول من المصداقية والموضوعية، بهدف جعل الكتاب مرجعاً منطلقاً من التكريم نفسه، ومن أسباب اختيار الفنان هذا للتكريم)؟ قد يرى البعض في هذا تفكيراً مثالياً لا يمتّ بصلة إلى معنى التكريم، المتمثّل بـ"احتفال إيجابي" فقط بالمُكَرَّم. قد يرى مبالغة في المُطالبة بندوة أو كتاب (أو بالمجالين معاً)، يعتمد المشاركون فيهما على مصداقية وموضوعية، ينتفي وجودهما في حفلة تكريمية، وينتفي وجودهما (إلى حدّ كبير) في عالم عربي موغل في التقديس والتأطير. غير أن آلية التكريم المستخدمة في المهرجانات العربية باتت مملّة ونافرة. باتت أشبه بغطاء إعلاميّ تحتاج المهرجانات إليه، حاجتها إلى "نجوم" يُضفون على دوراتها السنوية بريقاً قد يثير "الجماهير" المطلوبة، وإن لم يكن لـ"النجوم" هؤلاء أي مشاركة سينمائية أخرى.

سواء استمرّت المهرجانات باعتماد نهج التكريم التقليدي هذا أم لا، فإن الجوهريّ فيها كامنٌ في البرنامج الرسمي المعتمد، في المسابقات الرسمية والنشاطات الموازية. كامنٌ في نوعية الأفلام المختارة، ومضامينها وأشكالها، ومدى قدرتها على إثارة المتع والانفعالات والنقاش. ذلك أن ما تفعله المهرجانات العربية في دبي وأبو ظبي والدوحة تحديداً، على مستوى التمويل والمشاركة في الإنتاج، جديرٌ بنقاش نقدي صريح ومفتوح على الأسئلة كلّها، بدأه زملاء "متورّطون" في علاقة وطيدة بأسئلة صناعة الفيلم العربي. فالإنتاج أساسيّ، والبحث عن مصادر تمويل من قِبل سينمائيين عرب، خصوصاً الشباب منهم، أولئك الحاملين في انفعالاتهم وهواجسهم وأفكارهم ورؤاهم وتطلّعاتهم وحماساتهم ورغباتهم طموحات جمالية كثيرة، البحث هذا لا يزال أشبه بحاجز أمام الأحلام الوردية للشباب هؤلاء.

السفير اللبنانية في

12/12/2011

 

عرض فيلم "ذا مابيتس" بمهرجان دبى فى حفل السجادة الحمراء

كتبت علا الشافعى  

أعلن مهرجان دبى السينمائى الدولى الثامن، الذى يُقام فى الفترة من 7 إلى 14 ديسمبر المقبل، أن الفيلم الأول الذى يُصوِّر مغامرات دمى "ذا مابيتس" (The Muppets)، فى السينما، منذ 12 عاماً، سيُعرض ضمن حفل "السجادة الحمراء" لبرنامج "سينما الأطفال"، يوم الجمعة 9 ديسمبر إلى جانب 4 أفلام أخرى، مُخصَّصة للعائلة.

فيلم "ذا مابيتس"، من إخراج "جيمس بوبين"، وهو أول فيلم فى سلسلة "مابيتس" يتم إنتاجه من قبل شركة "ديزنى"، ومن بطولة "كيرمت الضفدع"، و"ميس بيغى"، و"فوزى"، و"بير"، و"غونزو"، و"أنيمال"، و"سكوتر"، وغيرهم، إضافة إلى كلّ من الممثل "جيسن سيغل" "ديسبيكابل مى"، و"رحلات جوليفر"، والممثلة المرشحة ثلاث مرات لجوائز الأوسكار، "إيمى آدامز" ("جيونبغ"، و"الشك"، و"جولى وجوليا")، والممثل الحائز على جائزة الأوسكار، "كريستوفر كوبر" "اقتباس"، و"كابوت"، والممثلة "رشيدة جونز" (الشبكة الاجتماعية ومسلسل المكتب الذى يُعرض على شبكة إن بى سى).

ويلعب "كريستوفر كوبر"، دور رجل غنى، يعمل فى النفط، واسمه "تيكس ريتشمان"، ويُخطّط "تيكس" لهدم مسرح "المابيتس"، بعد اكتشافه لبئر نفط تحته، عندها يهبُّ "والتر"، أكبر معجب بـ"المابيتس"، فى العالم، وأخوه "غارى" (يلعب الدور سيغل)، و"مارى" صديقة "غارى" (تلعب الدور آدامز)، للوقوف فى وجه "تيكس"، من خلال تنظيم أكبر حملة خيرية، للتبرع لـ"المابيتس" عبر الهاتف، وجمع مبلغ 10 ملايين دولار.

ولاستضافة هذه الحملة الخيرية، على أبطال الفيلم مساعدة دمى "المابيتس"، كى يجتمعوا سوية، ويتوحدوا فى مواجهة "تيكس".

إلى جانب "ذا مابيتس"، سيتضمن برنامج "سينما للأطفال" فيلمى "عندما هوى سانتا إلى الأرض"، للمخرج "أوليفر ديكمان" و"ويكى وكنز الآلهة"، للمخرج "كريستيان ديتر"، وكلاهما يُعرضان فى المهرجان للمرة الأولى دولياً، بالإضافة إلى فيلمى "تشابى درمز"، للمخرج "آرنى تونين" و"آرثر كريسماس"، للمخرجة "سارة سميث"، واللذين يُعرضان لأول مرة فى منطقة الشرق الأوسط.

ويُقدِّم "آرثر كريسماس"، الفيلم الكوميدى الكرتونى العائلى، وهو فيلم تحريك منفّذ بتقنية "ثلاثى الأبعاد"، ومن إخراج "سارة سميث"، أجوبةً لاستفسارات الأطفال، عن كيفية قيام "سانتا كلوز"، بتوزيع كل هذه الهدايا، فى ليلة واحدة، ويُصوّر الفيلم معضلة الابن الأصغر لـ"سانتا كلوز"، والذى يتوجب عليه استخدام تقنيات والده، المتطوّرة، لتسليم جميع الهدايا، قبل صباح عيد الميلاد، يقوم بتأدية أصوات الفيلم، كل من: "جيمس ماك أوفى"، و"لورا لينى"، و"جوان كيوزاك" وغيرهم.

ويُوضح الفيلم حالة الارتباك المسلية للعائلة، القاطنة فى قلب القطب الشمالى، ويُشار إلى أن الفيلم سيقدّم فى عرض خاص فى "مسرح مدينة جميرا"، يوم السبت، الموافق 10 ديسمبر المقبل.

الفيلم العائلى "عندما هوى سانتا إلى الأرض" للمخرج "أوليفر ديكمان" يستند إلى كتاب الأطفال، الذى حقق مبيعات هائلة، للكاتبة "كارولين فانك"، وتبدأ أحداثه عندما يضطر "سانتا كلوز"، للهبوط إلى أحد الشوارع، عقب عاصفة رعدية، قبل عيد "الكريسماس"، هرباً من الشرير "جوبلينش"، وجيشه من كسارات البندق، ومع ضياع أيائل الرنة، يتعاون "سانتا كلوز"، مع طفلين، وكلب، فضلاً عن مجموعة من الجن، لإنقاذ عيد الكريسماس.

أما فيلم "ويكى وكنز الآلهة"، للمخرج "كريستيان ديتر"، فهو يروى قصة "ويكى"، الذى يفقد والده "هالفار" الأمل به، بأن يصبح رجل "فايكنج" حقيقياً، ولكن عندما يخطف الشرير "سفين" والده، يستخدم "ويكى" ذكائه، ليقود مقاتلى "الفايكنج"، فى رحلة خطيرة، لإنقاذه، ويخوض رحلة بحث أسطورية، يتسابق فيها مع "سفين"، للحصول على كنز الآلهة، يُشار إلى أن الفيلمين السابقين قد تمّ تضمينهما فى برنامج "ألمانيا: فى دائرة الضوء".

ويستند فيلم "تشابى درمز"، للمخرج "آرنى تونين"، إلى شخصيات كتب المؤلف الشهير "جون سى. كيفيت"، وهو يروى قصة طفل مرح، وممتلئ الجسم، يقطن بلدة "راوندفيل"، التى تشهد حفلاً بهيجاً، كل يوم.

لكن حياة "تشابي"، تأخذ منعطفاً مفاجئاً، عندما يقرِّر والده افتتاح مطعم، فى مدينة "ثينسيتى"، الأمر الذى يفرض على كامل العائلة الانتقال إلى المدينة الجديدة، هناك ستجد العائلة صعوبة فى التأقلم مع سكان البلدة، الذين يتملكهم هاجس الاعتناء بمظهرهم، غير أن "تشابى" يقع فى غرام فتاة جميلة، ويجد نفسه مضطراً للدفاع عن حبه، إزاء منافسه الوسيم "فيكتور".

فى هذا الإطار، قالت ميرنا معكرون، مبرمجة قسم "سينما الأطفال"، فى مهرجان دبى السينمائى الدولى: "يسعى برنامج سينما الأطفال، أحد البرامج المهمة فى مهرجان دبى السينمائى الدولى، للعمل على عرض مختلف الأفلام من كافة أنحاء العالم، والتى تحمل مواضيع ذات صلة بالأطفال، والبالغين، الذين يحنّون لطفولتهم.

ولا شك أن حبكة كل فيلم، والمغامرات التى تزخر بها مشاركات البرنامج، ستقدّم لأطفالنا دروساً قيّمة، ورائعة، يستقون منها العِبَر، ويسعدنا للغاية، تقديم هذه المجموعة المميزة من الأفلام، التى تضم الفيلم الكلاسيكى "ذا مابيتس"، الذى أثرى حياة الناس، على مرّ الأجيال، إضافة إلى الأفلام الكرتونية الجديدة، التى ستشدّ وتجتذب جمهور اليافعين بمغامراتها الشيقة".

ستكون الأفلام الخمسة، المُخصَّصة للأطفال، مُتاحةً للناس من كافة الأعمار.

اليوم السابع المصرية في

20/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)