حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان دبي السينمائي الدولي الثامن ـ 2011

خالد محمود يكتب من مهرجان دبى:

حالات حب «واحد صحيح» يمكنها أن تكون أكثر عمقا.. أطول عمرًا

كل الأفلام لها حقوق المواطنة الكاملة على شاشة المهرجانات سواء اتفقت مع أهوائنا أم لا

أتفق مع العراقى عرفان رشيد مدير برنامج الأفلام العربية بمهرجان دبى فى أن كل الأفلام لها حقوق المواطنة الكاملة على شاشة المهرجان، لأن المهرجان ــ أى مهرجان ــ هو وطن حقيقى لكل صناع السينما المبدعين يكثفون من خلاله رؤاهم وموجاتهم وتياراتهم السينمائية الجديدة، مهما اتفقت أهواؤنا مع أفكارها أو اختلف، مهما كانت تستحق الخوض فى مضمار المنافسة بدرجة كافية أو لا تستحق، المهم أننا نشاهد ما يدور فى خيال السينمائيين ونرى كيف يعبرون عن ذواتهم ومجتمعاتهم وإنسان اليوم.

كان «الحب فى الزمن الصحيح وفى المكان الصعب.. وفى الظروف الصعبة» هو عنوان يعبر عن عدة أفلام طرحت قصصا إنسانية معذبة فى الحب وفى تقرير مصير مشاعرها تجاه الطرف الآخر، ومن هذه الأفلام المصرى «واحد صحيح»، الذى شارك فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان دبى السينمائى، ومن أول وهلة يشدك اسم الفيلم ويجعلك تتساءل ماذا يعنى واحد صحيح!، وواقع الأمر أن الإجابة كانت صعبة رغم وضوح معالمها.. فبطلنا عبدالله مهندس ديكور شهير وشاطر، يبحث عبر عدة علاقات نسائية متشعبة ومتشابكة عن حب حقيقى.. عن امرأة تجمع كل الصفات المتناثرة عبر عاشقاته واللاتى يمثلن أكثر من نموذج وروح ومشاعر وفكر، وهى التيمة التى غزلها المؤلف تامر حبيب ويجيدها ولعب على وترها كثيرا ولنذكر هنا على سبيل المثال «سهر الليالى».. تامر يجيد الهروب من التعرض للطبقة الدنيا فى أعماله، ويرى أنها موجودة بكثرة على شاشة السينما، لأنه هنا وفى أفلام أخرى يفضل أن «ينكمش» فى مشاعر وأفكار أبناء وبنات الطبقة فوق المتوسطة والعليا، ففى الفيلم نرى عدة نماذج عبرت عن أوجاعها وأحلامها وأيضا عن هروبها من واقع إلى عالم ربما يكون غير منطقى، فهنا عبدالله الذى يرتبط ارتباطا وثيقا بصديقته المصورة الفوتوغرافية ــ بسمة ــ المطلقة من صديقه وشريكه فى العمل فادى ــ عمرو يوسف ــ لشعور الزوج بأن اهتمامها بعبدالله ــ هانى سلامة ــ غير طبيعى وربما يكون هناك عاطفة تجاهه، ونرى أيضا فريدة ــ رانيا يوسف ــ زوجة رجل الأعمال الشهير ــ زكى فطين عبدالوهاب ــ والتى تقع فى غرام عبدالله عقب الاتفاق على ديكور مشروع. هى تجد فى عبدالله العشيق الذى يعوضها عن فوارق الإحساس بالمشاعر بينها وبين زوجها ــ الذى بدا كشاذ ــ لكن عبدالله الذى يجاريها ويقيم معها علاقات نزوية يتهرب منها فجأة لظهور حبيبته الأولى مرة أخرى بعد غياب سنوات، وهى أميرة  أو ــ كندة علوش ــ فتاة مسيحية ابوها اسلم وتزوج، لكنها تصر على التمسك بعقيدتها ولهذا ترى استحالة اكتمال مشروع حبها مع عبدالله الذى طلب منها الزواج لكنها وبعد أن شعرت بالضعف وقبل أن تستسلم تماما، قررت الهروب مرة أخرى لأنها لا تريد أن تتخلى عن عقيدتها الدينية وضحت بحبها، وتفاجئ الجميع بذهابها إلى الكنيسة وترتدى ملابس الراهبات لتحسم الأمر..

أميرة ألقت بنفسها بين أيادى ربنا، وجعلت علاقتها بالسماء أكبر وأهم من علاقتها مع الأرض، كندة علوش قدمت أداء مدهشا ومبهرا لشخصية صعبة بحق، كانت تعبيرات عينها التى تتحجر فيها الدموع مثيرة وعبرت عن عمق الشخصية التى أعتقد أنها ستشكل جزءا فارقا فى مشوارها ونضجها كممثلة، وأمسك بخيوطها جيدا وبطريقة أداء سلسلة هانى سلامة تظهر لنا شخصية مريم المذيعة التليفزيونية، صديقة بسمة والتى تحاول أن تلقيها بالاتفاق مع الأم فى طريق عبدالله ليتزوجها، ومريم التى جسدتها ياسمين كشفت عن وجه سينمائى مبهج وبرىء وجماله من جمال الحياة الصافية هو وجه بحق لو اشتغلت على نفسها أكثر وآمنت بموهبتها موهبة حقيقية وتدربت عبر شخصيات تضيف لهاــ سيكون لها مكانة مختلفة على شاشة السينما، وربما ستعيد إلينا فاتن حمامة مرة أخرى إذا لم أكن غير مبالغ، ومع تطور الأحداث التى ربطتها بصورة سردية قدمها المخرج هادى الباجورى وسارت متناغمة بفضل الموسيقى التصويرية الملهمة للتعبير عن المشاعر وإن كانت زائدة بعض الشىء فى أكثر من مشهد، نجد عبدالله يقرر الزواج بعد هروب أميرة من حياته.. وفى ليلة الفرح ــ مشهد النهاية ــ المدهش، حيث يقرر عبدالله الهروب من الفرح وقبلها تشعر العروسة بأن هناك شيئا غريبا ربما يحدث، ونرى صديقته التى قررت عدم حضور الفرح لتكشف عن شىء من الحب، تحاول أن تداريه بالرجوع فى قرار الذهاب.. لكن عبدالله فى النهاية هرب لأنه كان يريد أجمل ما جذبه فى الفتيات الثلاث فى امرأة واحدة على طريقة «امرأة واحدة لا تكفى».

ربما يكون هذا هو المشهد الأهم فى الأداء لهانى سلامة عبر الشخصية التى لا تخفى أن تشعر معها بأجواء فيلم حتى وان اختلفت الرؤية والمضمون.. لكنها الروح.

واقع الأمر أن التجربة مبشرة لهادى الباجورى فى أول أعماله السينمائية الروائية الطويلة، وأرى أن تيمة تجارب الحب الضائع وربما المستحيل سوف تقرب العمل أكثر من الشباب الذين لم تكتمل تجارب عشقهم، حتى وان كانت بعض الشخصيات داخل الفيلم تسير وفق منهج غير مقبول لكنه سلوك المشاعر مثلما وجدنا فى شخصية رانيا يوسف «مسز بيرفكت» والتطهر من الحب مثلما جاءت شخصية كندة علوش، والصمت الحزين كما ظهرت شخصية فادى  ــ عمرو يوسف ــ والتمسك بالحبيب اللا مبالى كما ظهرت ياسمين وهانى.. وكلها خطوط متشابكة من واقع حياة أحيانا تتغلب فيها الروح عن الروحانية وأحيانا العكس، وربما كان يمكن للتجربة والعواطف ولموجات الحب بها أن تكون أكثر عمقا فى بعض ملامح شخصياتها وأكثر عمقا فى حوارها، حينئذ ستكون أطول عمرا وأكثر تأثيرا.

الشروق المصرية في

17/12/2011

 

علا الشافعى تكتب:

ليوناردو دى كابريو.. ومفاجأة إيستوود 

قد تأخذ الكتابة عن الأفلام التى عرضت داخل المسابقات المختلفة بالدورة الـ8 لمهرجان دبى السينمائى الكثير من المساحات، خصوصا فى ظل تميز وأهمية الكثير منها، ومنها فيلم المخرج كلينت إيستوود "جى إدجار" (J. Edgar)، والذى يقوم ببطولته عدد كبير من النجوم منهم جودى دينش والنجم ليوناردو دى كابريو، وناعومى واتس، والممثل آرامى هامر.

ويدور الفيلم حول حياة «جى. إدجار هوفر»،الذى أسس مكتب التحقيقات الفيدرالية وأمضى 50 عاماً رئيساً له، حتى بات الرجل الأقوى فى أمريكا، وعاصر 8 رؤساء، وعايش 3 حروب، ويستطلع الفيلم، الذى نرى أحداثه بعينى «هوفر» نفسه، الحياةَ الشخصية والعامة، وما يدور فى أمريكا من أحداث وعلاقة إدجار المتميزة والمتوترة بالرؤساء الأمريكان، خصوصا أن بعضهم كان يخشاه ويخشى من وجود ملفات سرية تخص حياته وعلاقاته الشخصية لدى إدجار، وهذا ما حدث مع الرئيس روزفلت، وجون كيندى، حيث نرى رد فعل إدجار على حادث اغتيال كيندى، وعلاقته بمارلين مونرو.

والفيلم رغم أنه أثار الكثير من الجدل عند عرضه بدور العرض الأمريكية، وصنفه العديد من النقاد بأنه واحد من أقل الأفلام التى قدمها إيستوود تميزا، ولكنه بحق واحد من الأفلام التى تستحق المشاهدة ليس لتميز عناصر التمثيل والماكياج، حيث يظهر دى كابريو فى مراحل عمرية متنوعة بدءا من الشباب وصولا إلى الشيخوخة، ولكن لأن ايستوود صاغ الفيلم بشكل ملىء بالتفاصيل الكثيرة، والتى تحتاج إلى صبر فى التناول وقد تكون الرتابة التى يشعر بها البعض فى الجزء الأول، من السرد والذى كان يسير ما بين الماضى والحاضر فإد جار يروى حياته إلى أحد الصحفيين الشباب، ولكنها رتابة تحاكى إيقاع ذلك العصر، والذى كان يتم فيه كل شىء بهدوء وبعيدا عن الإيقاع السريع الذى بات آفة من آفات تلقينا لأنواع مختلفة من السينمات.

كما أن التفاصيل تبدو مغزولة لتكشف فى النهاية جزءا كان غامضا فى حياة هذه الشخصية، والتى كان يخشاها بعض رؤساء أمريكا، وهى الحياة التى صاغها إيستوود برؤية بصرية مميزة، تحديدا فى الجزء الخاص بالحياة الشخصية لإدجار، هذا الرجل القوى حيث نكتشف أنه صاحب ميول جنسية مثلية - مشاهد علاقته مع زميله المقرب فى العمل والذى لازمه طول مشواره وجمعتهما علاقة حب نادرة - ومقاومة إدجار لهذه العلاقة وكيف كان يحاول أن يسيطر عليها طوال الوقت، واللحظة التى صارح فيها والدته بميوله الحقيقية وكيف نهرته بحزم.

الفيلم ملىء بالتفاصيل الإنسانية، فيما يتعلق بعلاقة إدجار بوالدته وبصديقه المقرب، ومن أجمل المشاهد التى أداها إدجار أو دى كابريو المشهد الذى ارتدى فيه ثياب والدته وعقدها بعد وفاتها وهو المشهد الذى جاء أداؤه مكتملا انفعاليا، حيث وظف دى كابريو حركته الجسدية ونظرات عينيه عندما كان ينظر لنفسه فى المرآة.

اليوم السابع المصرية في

17/12/2011

 

دبي السينمائي .. أفلام تعاين الذات والمكان

عمان - ناجح حسن  

مع وفرة الجوائز التي وزعت في حفل ختام مهرجان دبي السينمائي الدولي يوم الأربعاء الفائت، إلا إن الكثير من الأعمال السينمائية المشاركة في فعاليات المسابقات المتعددة، عجزت عن اختراق ذائقة الكثير من أعضاء اللجان التحكيمية في المهرجان، على الرغم من استحسان أساليب وجهود البعض من صانعيها في الجودة والابتكار .

حرص القائمون على المهرجان على تنويع خياراتهم بألوان من أحدث إنجازات الصناعة السينمائية عربيا وعالميا، بدا فيه ذلك الإلمام الدقيق في متابعة خريطة المشهد السينمائي العربي والعالمي في تركيز على سينمات العالم الثالث في كل من البلدان العربية مثل : الأردن ومصر ولبنان والسودان وسوريا وفلسطين والمغرب والجزائر والإمارات العربية المتحدة وتونس والعراق إضافة إلى التواجد الملحوظ للسينما الإفريقية في مالي والسينما الآسيوية في كوريا الجنوبية واندونيسيا واليابان والهند بانت فيها رؤى وأفكار عميقة تغوص في الواقع الإنساني وتحولاته وهو ما دفع بنماذج من تلك الأعمال إلى قطف جوائز المهر الإماراتي والعربي والآسيوي والإفريقي التي تصل قيمتها الإجمالية إلى نصف مليون دولار .

جاء فوز الفيلم الأردني (الجمعة الأخيرة) العمل الروائي الطويل الأول لمخرجه يحي العبدالله بثلاث جوائز رئيسية لينعش الأمل في حراك صناعة الأفلام الأردنية وأيضا يؤكد على حضورها القوي في العديد من الملتقيات العربية والدولية.

وكانت المفاجاة بحصول الفيلم الروائي الطويل المعنون (حبيبي راسك خربان) للمخرجة اللبنانية الأصل  سوزان يوسف وهو من الانتاج المشترك الفلسطيني الإماراتي الاميركي الهولندي بأفضل فيلم بمثابة تعزيز لتلك السينما البسيطة غير المتكلفة التي ناقشت بهدوء قضية ليست كذلك مثل الموضوع الفلسطيني وما تشهده دائما من إشكاليات سواء على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي أو من خلال التحولات السياسية والاجتماعية .

ويحسب لصانعته يوسف مجازفتها على تحقيق فيلم من داخل مدينة غزة سبرت فيه أغوار علاقة بين شاب وفتاة يتابعان دراستهما في الضفة الغربية قبل أن يعودا إلى مدينتهما في غزة، ولدى تعذر عودتهما إلى الجامعة بفعل اجراءات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي، يقرران الزواج لكن أسرة الفتاة (قامت بالدور ميساء عبدالهادي ونالت عنه أفضل أداء تمثيلي)  ترفض مباركة هذه الخطوة وهو ما يحتم على الشاب (قيس الناشف) بث مشاعره عبر جدران غزة بابيات شعر يحفظها من الموروث الشعري العربي الأمر الذي أزعج عائلة الفتاة .

صورت المخرجة أحداث فيلمها عن فترة العام 2001 حين كانت مدينة غزة تشهد بدايات صعود طيف سياسي على السلطة، رسمت فيه المخرجة صنوا لحكاية قيس وليلى الدارجة عن قصص الحب المستحيل، احاطتها الكاميرا بذلك المناخ القاسي الذي تجتمع فيه بيئة المدينة والمخيم والتقاليد والفوارق الاجتماعية وحواجز الاحتلال ضد عواطف ومشاعر حميمة صادقة.

ونال الفيلم التركي (حدث ذات مرة في الأناضول) للمخرج التركي نوري بلجي جيلان جائزة لجنة التحكيم الخاصة، جمع فيه المخرج خلاصة تجربه الثرية في الكشف عن عوالم مدينته الكبيرة من خلال تشويق بوليسي حول قضية تحري عن جريمة قتل غامضة.

ومن بين الأفلام القصيرة اللافتة، نال الفيلم الروائي المصري (زفير) شهادة تقدير وفيه يسرد مخرجه الشاب عمر الزهيري  بعشرين دقيقة  قصة زوجين فوق سن السبعين يعيشان حياة صامتة وتحاصرهما التفاصيل اليومية المتكررة ، حاول المخرج من خلاله - وبدون كلمة حوار واحدة - التأكيد على أن الصمت يمكن أن يعبر دون كلمات، وأن الضجر يصيب حتى هؤلاء الذين اعتادوا على كل تفاصيل حياتهم، والمفارقة أن بطلي الفيلم، أحمد مازن وجليلة، لم يقفا أمام الكاميرا من قبل اختارهما المخرج من داخل أحد دور المسنين سعياً إلى تقديم شخصيات حقيقية على الشاشة.

171 فيلما من 56 بلدا 46 منها عرض للمرة الأولى و25 للمرة الأولى دوليا، منها 4 أفلام أردنية متنوعة القصص والحكايات أثبتت فيها السينما العربية قدرة وندية من التعامل مع الأحداث الجسيمة التي تعيشها المنطقة العربية على أكثر من صعيد، جميعها تشكل منارات بصرية مدهشة في تصوير واقع الفرد والجماعة بأكثر من أسلوبية توقيقية وروائية أو مزجهما معا.

من هنا جاءت افلام على غرار الفيلم التسجيلي الطويل (عمو نشات) لاصيل منصور رغم براعته في اعادة نبش الذكريات القريبة ومواجهة نتائجها بالمام حرفي ممتع وفريد لكنه للاسف لم يستطع ان يظفر باحدى جوائز المهرجان، مثلما كان ايضا بفيلم (الصفارة الاخيرة) للايرانية نيكي كريمي التي صورت فيه حكاية تصوير فيلم تسجيلي داخل فيلم روائي.

مرة اخرى، تعود الشاعرة والمخرجة الاماراتية في فيلم (امل) الحائزة على الجائزة الاولى في مسابقة المهر الاماراتي، تناولت فيه حكاية فتاة سورية تصل الى الامارات للاشتغال في مشروع اعلامي لكنها تجد نفسها بعد عام تعيش على هامش الحياة الثقافية بعد عجزها عن تحقيق طموحاتها في العمل والاستقرار .

الرأي الأردنية في

17/12/2011

 

كيس الفيشار أم عمق المشاعر؟!

طارق الشناوي 

بعد أن ينتهى المهرجان وتعلن الجوائز، ما الذى يتبقى فى الذاكرة ليس بالضرورة الأفلام التى اقتنصت الجوائز، ولكنها الأفلام التى اقتنصت الوجدان.

أتذكر فى دبى عرض فيلمين على هامش التسابق.. الألمانى «ثلاثة أرباع القمر» والفرنسى «لو مت سأقتلك»، الفيلمان تتعانق فيهما الأفكار مع الإحساس السينمائى.. فى الأول شاهدت طفلة تركية تعيد تكوين إنسان فى العقد السادس من عمره يرفض بطبيعته الآخر.. أما الفيلم الثانى فإنه استطاع أن يبنى «جيتو» للأكراد داخل باريس. كيف تمكن المخرج من خلق دائرة تحوطها أسوار عالية تسمح للمشاهد بأن يطل على هذا العالم، ورغم ذلك فليست هذه هى السينما التى تحقق بالضرورة الرواج الجماهيرى، هناك سينما أخرى تصنع للتسلية، تشاهدها وكأنك تلتهم «الفيشار» مثل الفيلم الذى افتتح به المهرجان «بروتوكول الشبح» الجزء الرابع لسلسلة «المهمة المستحيلة» التى ارتبطت بتوم كروز.. لا يحرك الفيلم المشاعر، ولكن احتفظت به الذاكرة لأنه يقدم نوعا يحقق إقبالا ضخما فى شباك التذاكر، لأن الأغلبية ترى أن السينما تساوى «القزقزة»!!

وفى هذا الفيلم تستطيع أن تعثر على لمحة تعيدنا مرة أخرى نحو 60 عاما إلى ما كان يعرف بالحرب الباردة التى أعقبت الحرب العالمية الثانية بين أمريكا والاتحاد السوفييتى -روسيا الآن- شهدت تلك السنوات التى بدأت فى مطلع الخمسينيات استخدام سلاح السينما على خط المواجهة الساخنة، حيث إن الحرب أدت إلى تقسيم أوروبا والعالم كله ما بين شرق وغرب.. ومن أشهر الأفلام التى قُدمت بروح ساخرة وهى تحمل إدانة لتلك الاتهامات التى تحاكم الإنسان على نياته الفكرية والسياسية فيلم عنوانه «الروس قادمون» الذى كان يحمل رسالة تقول إن الخوف الكامن فى العقول هو الخطر الحقيقى الذى يهدد أمريكا!!

خفتت حدة تلك الحرب قبل نحو 20 عاما مع موجة «البروسترايكا»، التى قادها الزعيم الروسى جورباتشوف وأدت إلى سقوط التوجه الشيوعى وإعادة رسم الخريطة السياسية لأوروبا.. إلا أن تحت الرماد نجد عددا من الوقائع والأفلام التى تروى شيئا من الماضى أو تتعامل مع تفاصيل من هذا الزمن تؤكد أن الصراع لم ينته بعد.. الفيلم قدم فى قالب ساخر بوليسى والسخرية تسمح ببعض المبالغات فى الدراما وأيضا الأداء، على شرط أن يدخل المتفرج إلى دار العرض وهو مستعد لشروط اللعبة!!

فى العالم كله تستطيع أن تدرك ببساطة أن 80% من الأفلام، هى ما يمكن توصيفها بالسينما التجارية، وهذا النوع من الأفلام تشاهده بقدر من المتعة أو قدر من الغضب على حد سواء، إما أنك تقبل قانونه الفنى أو الدرامى وإما ترفضه، ولا يوجد طريق ثالث، لأن عليك أن تختار وتتحمل النتائج فإذا كانت السينما بالنسبة لك تساوى المتعة، فأنت قد وقع اختيارك على الفيلم الصحيح، ولكن لو كان التأمل هو هدفك الأثير وأنك تريد أن تنعش عقلك ووجدانك بالعمل الفنى بالتأكيد فأنت فى هذه الحالة قد ذهبت إلى الفيلم الخاطئ!!

أغلب ما يجرى أمامنا نحن غير مصدقين حدوثه، والعديد من التفاصيل تبعدك عن إمكانية التواصل، ولكنك فقط تصدقها فى حالة واحدة لو أردت ذلك، خصوصا أن مشاهد التفجير مثلا نفذت بحالة بدائية، وبالطبع لا يشفع للفيلم أن البطل توم كروز تحمل العديد من المخاطر وأغلب المشاهد الصعبة بل والمستحيلة حرص على أدائها.. بالتأكيد لولا أنه «توم كروز» ولولا أن الأحداث فى دبى وأن لبرج خليفة البطولة ما كان من الممكن أن يصبح «بروتوكول الشبح» هو فيلم الافتتاح فى مهرجان «دبى»!!

تعود المهرجان على انتقاء أفلام مثل «خطاب الملك» وقبلها «مليونير العشوائيات» و«أفاتار» الذى نافس بقوة وحقق أعلى رقم فى تاريخ الإيرادات وغيرها من الأعمال الفنية التى كثيرا ما تحصد الجوائز، ولكنه هذه المرة اختار فيلما للتسلية فقط.. أنا شخصيا على مستوى التذوق الفنى لا أرتاح إلى هذا النوع من الأفلام، فهى لا تعيش أكثر من زمن العرض.. وتنحاز مشاعرى إلى أفلام من نوعية «ثلاثة أرباع القمر» و«إن مت سأقتلك» ولكنى لا أستطيع أن أصادر حق المشاهد الذى يفضل سينما «القزقزة»!!

التحرير المصرية في

17/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)