حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان الدوحة ترابيكا السينمائي الثالث ـ 2011

«الشوق».. من «الأوسكار» إلى «ترايبكا»

واقعية سوداء تفتقد سحر السينما

الدوحة: طارق الشناوي

ينتقل الفيلم المصري «الشوق» من انتصار فني إلى آخر.. كانت البداية قبل نحو عام، عندما حصل على جائزة «الهرم الذهبي» في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهي من المرات القليلة في عمر مهرجان القاهرة التي تتوج فيها السينما المصرية بالحصول على الجائزة الكبرى للمهرجان.. وقبل أقل من شهر رشح الفيلم لتمثيل مصر في مسابقة «الأوسكار» لأفضل فيلم أجنبي، التي تعلن في نهاية شهر فبراير (شباط) القادم، وهو الآن يمثل السينما المصرية في المسابقة الرسمية للفيلم العربي في مهرجان الدوحة «ترايبكا» السينمائي في دورته الثالثة التي تعلن نتائجها مساء الغد.

فيلم «الشوق» لم يعرض تجاريا بعد، وأتصور أن انتقاله من مهرجان إلى آخر يزيد من حالة الترقب للعمل الفني لدى الجمهور.. ويتجدد السؤال: هل حصول الفيلم - أي فيلم - على جائزة خاصة (لو كانت تمثل قيمة أدبية) يصبح بالنسبة له درعا واقية وحائط صد يحميه ضد أي نقد؟.. أم أن للجائزة أعراضا جانبية مثل بعض الأدوية التي ربما تؤدي إلى مخاطر أخرى لو لم يتم ضبط الجرعة، فتفعل شيئا عكسيا تماما، حيث إنها تفتح شهية النقاد وأيضا الجمهور للبحث وراء هذا الفيلم الذي صار مثل ملكة جمال الكون بمجرد أن تراها تبحث عن الشيء المختلف بينها وبين كل النساء في الدنيا اللائي لم يحصلن على اللقب، ولهذا قد تناصب لا شعوريا الفيلم الحائز لجائزة كبرى العداء وأنت تطيل النظر للبحث عن سر هذا التفوق؟! شاهدت فيلم «الشوق» للمخرج خالد الحجر.. أعجبتني أشياء وانتقدت أشياء أكثر.. وتساءلت: كيف يحصل على جائزة «الهرم الذهبي» متفوقا على أفلام عالمية شاركته التسابق وكانت أفضل منه فنيا بمراحل؟.. لست ممن يتشككون عادة في لجان التحكيم التي يتم أحيانا توجيه مسارها لأسباب سياسية أو فكرية، أو قد تستجيب لمبدأ يتبع في بعض المهرجانات وتحديدا العربية، وهو أن الدولة المضيفة لا ينبغي أن تخرج من المولد بلا جائزة.. لا أعتقد أن هذا هو ما يحدث بالضرورة؛ لكني أرى أن الجائزة تعبر فقط عن قناعة لجنة التحكيم التي تمنحها، والدليل أن هذا الفيلم شارك في مسابقة الفيلم العربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومع لجنة تحكيم مختلفة، وخرج خاوي الوفاض بلا أي جائزة، في الوقت الذي حظيت فيه ستة أفلام عربية من بين عشرة أفلام شاركت في المسابقة نفسها على جوائز!! علينا أن ننحي تماما من الحسبة الفنية الجائزة التي حصل أو لم يحصل عليها الفيلم ونحن نشاهد التقييم للشريط السينمائي.. تجري أحداث فيلم «الشوق» داخل مدينة الإسكندرية (العاصمة الثانية بعد القاهرة) التي صارت تشكل عامل جذب لأكثر من مشروع سينمائي خلال الأشهر الأخيرة، وفي أحد الأحياء الشعبية لتلك المدينة نتعرف على أفراد هذه الحارة وهم من الفقراء الذين يلتقطون رزقهم بشق الأنفس من الحياة التي كثيرا ما تضن عليهم بلقمة العيش..

نرى صاحب الكشك الذي نجح مؤخرا وبعد معاناة في الحصول على ترخيص ببنائه؛ ولكن لا يحق له أن يقيمه في شارع رئيسي ولهذا يقتطع قطعة من منزله يحيلها إلى مكان للكشك ويصبح زبائنه هم أنفسهم أهل الحارة الفقراء.. ثم يمتد الكشك ليصبح أقرب إلى كافيتريا صغيرة يلجأ إليها هؤلاء البسطاء بأموالهم الضئيلة ليسرقوا لحظات من السعادة حتى ولو كانت مغموسة بالغياب عن الحياة، فهم يتعاطون أردأ أنواع الخمور والمخدرات!! وتتعدد التنويعات الدرامية داخل الحارة، لدينا أيضا بائع «الجاز» الذي لا تستطيع زوجته معاشرته بسبب رائحته المنفرة فتقيم علاقة مع الشاب ابن الجيران.. أما العائلة الرئيسية في الأحداث فإنها تلك المكونة من سوسن بدر وزوجها سيد رجب وابنتيها روبي وميرهان والطفل الصغير الذي نكتشف أنه مصاب بفشل كلوي ويحتاج إلى غسيل مرتين أسبوعيا.. الزوج يعمل في محل لإصلاح الأحذية ولا يمتلك القدرة المالية التي تعينه على تحمل النفقات التي يتطلبها العلاج.. ولا تجد سوسن بدر إلا وسيلة وحيدة بعد أن أوصدت أمامها كل أبواب الرزق، وهي أن تتسول لتعيش، ولأنها تخشى أن يراها أحد في الإسكندرية فإنها تتجه للقاهرة وتتعرف على عاملة تقف حارسة على دورة مياه تلتقط هي الأخرى رزقها.. حرصت سوسن في أدائها للدور ألا تظهر وهي تمد يدها استجداء؛ ولكن تشعرنا وكأنها تطلب حقها من هؤلاء الميسورين وليس مجرد حسنة لله يدفعونها إذا رغبوا ويضنون بها إذا أرادوا.. يموت الطفل قبل أن تلحقه أمه بمصاريف العلاج، وتتحول الأم إلى طاقة مدمرة لنفسها ولمن معها.. يتأثر السيناريو الذي كتبه سيد رجب في أول تجربة درامية له في جانب كبير منه بمسرحية «زيارة السيدة العجوز» للكاتب السويسري دورينمات، ليصبح أهل الحارة بالنسبة لها هم أهل القرية في المسرحية العالمية، وتسعى لشرائهم والانتقام منهم؛ بل تتلصص عليهم لكي تصبح لها الهيمنة عليهم بعد أن عرفت نقاط ضعفهم..

كانت الأسباب بالطبع مقنعة وحتمية في المسرحية العالمية عندما تعود السيدة العجوز إلى قريتها التي طردت منها وهي شابة وتنتقم من أهلها بعد أن صارت عجوزا، وكأنها تنتقم ممن سرقوا عمرها؛ لكني هذه المرة لم أجد أي مبرر سوى أننا نتعامل مع شخصية تتملكها بين الحين والآخر لمحات هستيرية، ولهذا أثناء رحلتها من الإسكندرية للقاهرة تترك ابنتيها في هذه السن الحرجة بلا رعاية، مع أب غائب عن الحياة بفعل إدمانه للخمور والمخدرات، ونجد أيضا أن الابنتين روبي وميرهان تفقدان الأمل في الحصول على عريس، لأن محمد رمضان خطيب ميرهان يترك الحارة، فهو يتطلع لمستقبل أفضل، بينما أحمد عزمي ترفضه أسرة روبي، لأنه فقير ماديا لا يستطيع أن يضمن لها بيتا! طوال الأحداث وفي بيت سوسن بدر نراها تحمل لغزا إنسانيا، ويوحي الفيلم بأن لديها قدرات خاصة، فهي تقرأ الفنجان، وفي الوقت نفسه نستشعر بالمرض النفسي الذي يحيلها في لحظات إلى حالة من الهياج تدفعها لكي تضرب رأسها في الحائط ويعلو صوتها تدريجيا بإيقاع متصاعد (كريشندو) يتحول في لحظات إلى قدر من الخشونة يقربها إلى عالم الرجال وهي تردد عشرات المرات «يا ولاد الكلب».. في كل مرة تقدم فيها على هذا الفعل الذي لا تمارسه فقط إلا في بيتها بالإسكندرية، ولا تدري لماذا لا تأتي لها هذه الحالة في القاهرة، يتم إنقاذها قبل أن تغرق في دمائها؛ ولكن في نهاية الفيلم كان يبدو وكأن الجميع قد توافقوا على أن يتركوها تنهي حياتها بنفسها، بعد أن استطاعت أن تكتنز أموالا للبنتين..

نكتشف ذلك في المشهد الأخير للفيلم، فبينما يكون الأب نائما فإنهما تتركان له بعض الأموال ثم تنطلقان بعيدا ومعهما «زكيبة أموال الشحاتة» لنرى شاطئ الإسكندرية وكأنه يحضنهما!! الفيلم صاخب في بنائه الفني، كل شيء فيه يخاصم الإيحاء.. يبدو المخرج عالي النبرة دائما، ولم يستطع أن يقدم ممثليه في حالة ألق.. روبي وعزمي ورمضان والوجه الجديد ميرهان، كانوا مجرد شخصيات تبحث عن دور وعن مخرج لديه قدرة على التوجيه الفني..

السيناريو يعيد المعلومة الدرامية أكثر من مرة، حتى صديقة سوسن بدر المرأة السمينة التي تلتقيها في القاهرة نراها تعيد على مسامعها المعلومة أكثر من مرة وهي تؤكد أنها لن تموت مثل البشر؛ ولكنها كالبالون سوف تنفجر، ولا تكف عن ترديد ذلك في أكثر من مشهد.. أما سوسن بدر، التي أعتبرها الممثلة الأهم في جيلها على المستوى العربي وليس المصري فقط، فإنه لو كانت لدى المخرج قدرة على ضبط درجة الأداء لوجدنا أن النتائج أفضل.. أقول ذلك على الرغم من حصولها على جائزة أفضل ممثلة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن هذا الدور، واسمها أيضا تردد بقوة كإحدى أهم المرشحات للحصول على جائزة في مهرجان «الدوحة ترايبكا»!! يبدو أن المخرج كان سعيدا بتلك الحالة الصاخبة على مستوى الحدث الدرامي، فهو يبحث دائما عن ذروة المأساة.. لم أشعر بإشعاع السينما ولا بتلك الواقعية الساحرة التي كنا نراها في أفلام شديدة القسوة في واقعيتها؛ لكنها أيضا لا تفقد أبدا سحرها الفني مثل الأفلام الواقعية في السينما المصرية لصلاح أبو سيف وعاطف الطيب، أو الواقعية السحرية في العديد من أفلام أميركا اللاتينية التي انتقلت من الأدب إلى السينما.. واقعية خالد الحجر جاءت خشنة زاعقة تفتقد الوميض الفني.. فيلم «الشوق» كان بحاجة إلى تأمل وهدوء في التعبير، وإلى إحساس حقيقي بالشوق!!

الشرق الأوسط في

28/10/2011

 

الترجمة من العربية إلى العربية!!

طارق الشناوي 

أصبح الآن من المعتاد فى المهرجانات الخليجية مثل «الدوحة» و«أبو ظبى» و«دبى» أن تشاهد الفيلم الذى ينتمى إلى دول المغرب العربى تصاحبه ترجمة إلى العربية، مثل الفيلم الجزائرى الرائع «طبيعى» للمخرج مرزاق علواش، الذى شاهدته فى مهرجان «الدوحة» ناطقا باللهجة الجزائرية ومترجما للعربية!! أتذكر قبل بضع سنوات فى كل المهرجانات العربية أن هناك سؤالا شائكا واقتراحا مرفوضا، بل وينتقل من درجة الرفض إلى الإدانة مهما كان حسن نيات قائله، السؤال أن اللهجات غير المصرية خصوصا فى دول المغرب العربى غير مفهومة للمتفرج العربى.. الاقتراح المدان هو أن تتم كتابة تعليق مبسط على الشاشة للحوار بلغة عربية تقترب من لغة الصحافة.. أتذكر أن عددا من كبار السينمائيين العرب ناقشوه مثل المخرج الراحل صلاح أبو سيف فى بعض المهرجانات، وكنت شاهدا على عدد منها مثل «قرطاج» فى تونس، أو «عنابة» بالجزائر، أو «تطوان» بالمغرب.. قال أبو سيف لماذا لا يستمتع الجمهور المصرى بهذه الأفلام، حيث تساعدنا الترجمة الإنجليزية على استيعابها؟ ولكن حتى يصل الفيلم إلى قاعدة عريضة ينبغى أن تصاحبه ترجمة عربية.. على الفور نستمع إلى سينمائى من المغرب العربى يعلن بحماس أننا نتحدث مثلكم اللغة العربية فلماذا نفهمكم ولا تفهموننا؟ ابذلوا بعض الجهد لتعرفوا مفردات وإيقاع لهجاتنا!!

وأمام تلك الحساسية المفرطة أصبحت لا أميل إلى هذا الطرح.. ولكن وجدت أن مهرجان «كان» يضع أحيانا ترجمة إنجليزية لبعض الأفلام الناطقة بالإنجليزية مثل الأيرلندية.. أتذكر قبل أربع سنوات فيلم «الريح تهز حقول الشعير» الحائز على جائزة السعفة الذهبية.. والهدف هو أن تصل الرسالة التى يحملها الفيلم من خلال الحوار إلى الجمهور دون أن تهرب منه أى كلمة غامضة بسبب طريقة الأداء!!

شاهدت قبل شهرين فيلم «العائلة الكريمة»، فى المشهد الأول، وكانت الأحداث تجرى فى بهو فندق، قدم المخرج رجلا من تونس يتحدث بلهجته، يريد حجز حجرة فى الفندق، لكن العاملة فى الاستقبال لم تستطع أن تفهمه، رغم أنه يكرر الطلب أكثر من مرة، وتدخل فريد شوقى، واستطاع أن يفك شفرة الكلمات.. لو أنك قدمت هذا الحوار فى أى فيلم الآن لغضب أهل تونس، واحتجت السفارة التونسية فى القاهرة.. المتلقى العربى يستوعب ببساطة اللهجة المصرية، ولكنه يجد صعوبة فى التعامل مع اللهجات المغاربية، كما أن العالم العربى يعتبر أن الإبداع المصرى عربى قبل أن يكون مصريا، ولهذا نقول مثلا عميد الأدب «العربى» طه حسين، وسيدة الشاشة «العربية» فاتن حمامة، وعميد المسرح «العربى» يوسف وهبى، وسيدة الغناء «العربى» أم كلثوم.. دائما ما تقدمه مصر هو عربى قبل أن يكون له هوية مصرية.. كل هذه الروافد أسهمت فى انتشار اللهجة المصرية.. أنت عندما تسير فى شوارع تونس القديمة تستمع إلى أغنيات أم كلثوم أكثر من أى مطرب أو مطربة تونسية، ورغم ذلك يجب أن نعترف أن الإعلام المصرى لم يمنح الفن العربى ما يستحقه.. وبالتالى فإن فرصة المشاهد المصرى تتضاءل فى التعرف على اللهجات غير المصرية.. مطربو المغرب العربى باستثناءات قليلة نادرا ما يقدمون أغنيات بلهجة بلادهم على عكس مطربى لبنان وسوريا والخليج كثيرا ما يقدمون أغانى بلهجاتهم فيسهمون فى انتشارها.

صابر الرباعى يستخدم أحيانا كلمات مثل «بارشا»، وهو تعبير شائع فى تونس يعنى «كثير»، وأيضا الفضائيات الآن تلعب دورا فى التعرف على اللهجات العربية، فأنت تستمع إلى اللهجات من المشرق والمغرب والخليج.. إلا أن كل ذلك لا يعنى أن المشكلة قد انتهت، فلا يزال هناك مأزق فى استيعاب اللهجات العربية -غير المصرية- خصوصا فى الأعمال الدرامية، ولا يمكن أن نطلب من كاتب الدراما الجزائرى أن يكتب حوارا بلغة فصحى مبسطة حتى يستوعبها كل العرب.. لأن الشخصية الدرامية ينبغى أن تنطق مفرداتها هى، وأن تعيش عالمها.. الترجمة من اللهجة المغاربية إلى العربية المبسطة حل ناجح طبقته المهرجانات الخليجية منذ عام 2004 مع انطلاق مهرجان «دبى»، واستمر حتى الآن فلماذا لا نكرر ذلك فى مهرجان القاهرة؟ بل لماذا لا يفكرون فى تنفيذه بعيدا عن أى حساسية فى مهرجانات المغرب العربى مثل «قرطاج» و«مراكش» و«وهران»؟!

التحرير المصرية في

28/10/2011

 

حكاية الذهب الأسود للافتتاح و«الربيع» حاضر بافتعال

الدوحة - فيكي حبيب

لم يغب «الربيع العربي» عن «مهرجان الدوحة تريبكا السينمائي» في دورته الثالثة، التي انطلقت الثلثاء الماضي بالعرض العالمي الأول لفيلم جان جاك أنو «الذهب الأسود» في الحي الثقافي «كتارا»، وتختتم غداً بفيلم لوك بيسون «ذا ليدي».

حضر «الربيع» في كلمة منتج فيلم الافتتاح طارق بن عمار، الذي هنأ الشعب التونسي بثورته مستشهداً بعبارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الشهيرة Yes we can (نعم نستطيع)، كما حضر في تقديم المديرة التنفيذية لـ«مؤسسة الدوحة للأفلام» اماندا بالمر، التي ربطت توقيت عرض «الذهب الاسود» بتصويت التونسيين في «انتخاباتهم الديموقراطية الأولى»... ومع هذا، لا علاقة لفيلم الافتتاح بالثورة التونسية لا من قريب أو بعيد، إلا إذا اخذنا في الاعتبار جنسية المنتج (تونسي) أو تصوير الفيلم في زمن الثورات العربية. اما العرب، فحاضرون بقوة في هذا الشريط، الذي يمثل الإنتاج الدولي الأول لـ «مؤسسة الدوحة للأفلام» (وصلت ميزانيته الى 55 مليون دولار)، وان لم يتكلم لغة الضاد أو يحمل توقيع مخرج عربي.

وحسبنا الإشارة الى ان نحو مئتي مواطن قطري ووافد في الدوحة عملوا في مواقع التصوير امام الكاميرا او وراءها، وأنّ مشاهد المعارك صُوّرت في قطر، وتحديداً في صحراء مسيعيد. ثم ان القصة -وهذا هو الأهم- تدور برمتها في شبه الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن العشرين إبان اكتشاف النفط، في محاولة لتسليط الضوء على الصراع بين الحداثة والتقليد، من خلال قصة زعيمي قبيلتين متنافستين: الأول انتهازي يسكنه جشع كبير للسيطرة على منابع النفط وتحقيق ثروات كبيرة (انطونيو بانديراس)، والثاني صاحب مبادئ متمسك بالتقاليد الى درجة تمنعه من السير قدماً (مارك سترونغ). ولئن كان لا بد من حل وسط، سطع نجم ابن الثاني (طاهر رحيمي) الذي ما هو في نهاية الامر الا صهر الاول، بعدما عرف كيف يجمع من حوله القبائل المتناحرة، ويأخذ من الغرب ما يُفيد شعبه من دون ان يتخلى عن الأصالة العربية.

قصة تبدو جميلة في الظاهر، ومع هذا لم تكن بحجم التوقعات، خصوصاً ان الفيلم المقتبس عن رواية هانز روش «العطش الأسود»، غرق في فخ الاستشراق والحوارات المعلبة. اما بناء الشخصيات، فبدا هزيلاً، من دون ان يتجنب المخرج الكليشيهات، لكنّ هذا لا يعني ان تسويق الفيلم بخطر، بل أُعلن منذ الآن ان شركتي «وارنر بروس» و«يونيفرسال بيكتشرز العالمية» تعاقدتا على توزيعه في مختلف انحاء العالم ابتداء من تشرين الثاني (نوفمبر).

ولا شك في ان هذه الخطوة تُحسب لصالح «مؤسسة الدوحة للأفلام»، التي أسستها العام الماضي الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، بهدف «بناء صناعة السينما في قطر وتعزيزها في كل المنطقة من خلال برامجها التمويلية المخصصة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا».

الجزائر... الى اين؟

وإذا كان حضور «الربيع العربي» اقتصر في حفلة الافتتاح على الكلمات فحسب، فإن الايام التالية عبّرت عنه في شكل أكبر، خصوصاً عند عرض فيلم السينمائي الجزائري مرزاق علواش «طبيعي»، الذي يمكن اعتباره اول فيلم روائي طويل عن الربيع العربي، وإن بدا ان الثورة مقحمة على الأحداث فيه، فالفيلم الذي كان من المفترض ان يدور حول الرقابة الفنية، تزامناً واحتضانَ الجزائر للمهرجان الأفريقي عام 2009، انحرف عن سكته الرئيسية، انسجاماً والحراكَ الشعبي الذي انطلق في تونس ومصر. ولأن الجزائر لم تكن بعيدة مما يحدث من حولها، ارتأى علواش ان ينسف فيلمه الاول، ليُسمع صوت بلده في كل هذا الحراك، فكان ان لجأ الى فكرة تعتمد على فيلم داخل الفيلم، من خلال إشراك ممثلي الفيلم الأساس في جلسة يُدلون فيها برأيهم حول ما يجري من حولهم من حراك شعبي، وما إذا كان عليهم ان يعدِّلوا احداث فيلمهم لتتماشى والثورات. وعلى هذا الإيقاع، يسير فيلم «طبيعي» على مسارين: الأول يعرض مقتطفات من الفيلم الأساس الذي جمع الممثلين، والثاني يعرض النقاشات المحتدمة بين الفريق، بما تحمله من أسئلة كبيرة حول: جدوى التظاهرات، والتغيير، والفن، والغد انطلاقاً من دروس الماضي، وتاريخ الجزائر النضالي... وكأن علواش يريد ان يقول في هذا الشريط: لقد سبقناكم جميعاً في اعلاء الصوت والتظاهر، ولكن الى أين وصلنا؟ اما الجواب فلا شك صادم».

ولا تبدو الحال كذلك في الفيلم الوثائقي التونسي «الكلمة الحمراء»، للمخرج إلياس بكار، الذي يستقي أحداثه انطلاقاً من ثورة الياسمين. هنا، وخلافاً للإحباط الذي يساور أبطال مرزاق علواش، يتنشق ابطال إلياس بكار هواء الديموقراطية بعد اندلاع ثورة لم يكن يتوقعها احد، وكان من نتائجها ان أسقطت نظام بن علي، ونقلت العدوى الى الشعوب العربية الأخرى.

وإذا كانت أفلام الثورة اقتصرت على فيلمين في هذه الدورة، فمن المتوقع ان تزخر الدورة المقبلة بأفلام أكثر من هذا النوع، أو على الأقل هذا ما تشي به لائحة منح تمويل الأفلام، التي تتضمن شرائط من توقيع المخرجة المصرية تهاني راشد، ومواطنها تامر عزت، والتونسي قيس مجري... وسواهم من المخرجين الذين آثروا ان يوثِّقوا الحراك الشعبي في العالم العربي عن طريق الفن السابع.

جوائز ونشاطات بالجملة

ولا يكتفي «مهرجان الدوحة تريبكا» خلال هذه الدورة بعرض نحو 50 فيلماً من 35 بلداً، منها 14 فيلماً عربياً، موزعين مناصفة بين الروائي والوثائقي، إنما شهد أيضاً مجموعة أنشطة، مثل تجربة الدوحة-جيفوني، المخصصة لسينما الاطفال، وسلسلة «حوارات الدوحة» التفاعلية المفتوحة للمشاركة العامة، ومعرض بريجيت لاكومب «انا الفيلم»، الذي يوثق صور شخصيات سينمائية، و «مشاريع الدوحة» التي تهدف إلى توفير الإرشاد اللازم للحاصلين على منح مؤسسة الدوحة للأفلام، وورشات عمل تعليمية، وندوات دراسية، ومعارض.

إذاً، 5 أيام حافلة بالنشاطات السينمائية ستُختتم غداً بتوزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة الافلام الروائية العربية ومسابقة الأفلام الوثائقية العربية ومسابقة الجمهور. واللافت قيمة الجوائز الكبيرة (100 ألف دولار لأفضل فيلم في كل من المسابقات الثلاث، و50 ألف دولار لأفضل مخرج في المسابقتين الأوليين)، ما يشكل عامل جذب لصناع الافلام في العالم العربي لعرض أفلامهم في مهرجان الدوحة، الذي استطاع سريعاً ان يفرض نفسه الى جانب مهرجاني الخليج الآخرين (دبي وأبو ظبي). وطالما ان الإمكانات والإرادة موجودة لتعزيز حضور الفن السابع في منطقة لا تدخل الصورة المتحركة في ثقافتها أو تقاليدها، فإن مهرجان الدوحة لن يكون في المستقبل منافساً سهلاً في المنطقة.

انطونيو بانديراس بين السجادة الحمراء والحوارات

كان من المتوقع حضوره على السجادة الحمراء في اليوم الاول من أيام الدوحة السينمائية، خصوصاً ان فيلمه «الذهب الأسود» يفتتح المهرجان في عرضه العالمي الأول، لكن النجم العالمي أنطونيو بانديراس خيّب آمال جمهوره في قطر، ولم يكن على الموعد. اليوم ينتظره الجمهور القطري مجدداً، ولكن هذه المرة في جلسة حوارية حول الفن السابع. فهل سيلبي الدعوة؟ أياً يكن الامر، كان الحضور على موعد مع طاقم تمثيل فيلم «الذهب الأسود»: فريدا بينتو، وديف باتل، وطاهر رحيمي، ومارك سترونغ، وجيمس هورنر، وجان أودين وأكين غازي.

أما نجوم العالم العربي الذين ساروا على السجادة الحمراء، فنذكر منهم: عمر الشريف، يسرا، نادين لبكي، سوسن بدر، كارمن لبّس، نبيلة عبيد، محمود عبدالعزيز، داليا البحيري، جمال سليمان، خالد يوسف، محمد ملص، نادين نجيم وروبي، بالإضافة إلى فناني الخليج العربي: فهد الكبيسي وسعود الكعبي وعبدالله الكعبي. كما استقبل الحي الثقافي كتارا في افتتاح المهرجان من النجوم الأجانب: روب لو، وجيمس كرومويل، وكريستوفر دويل، وآصف كاباديا، وروبن رايت، ودانيال نيتهيم، وسومي وجاسميلا زبانيك، ومانيش مالهوترا، وديميت غول وإيلين تيزيل.

الحياة اللندنية في

28/10/2011

 

 

"ميدل وست" تشارك في مهرجان الدوحة ترابيكا السينمائى

كتب- محمد فهمى:  

وصل إلى العاصمة القطرية المنتج وائل عمر، مؤسس ومدير شركة أفلام ميدل وست، للمشاركة في فعاليات مهرجان الدوحة ترابيكا السينمائى الثالث الذي افتتح فاعلياته أمس ويستمر حتى التاسع والعشرين من الشهر الحالي، وذلك لمتابعة اجتماعاته من أجل وضع اللمسات النهائية على عدة مشاريع من إنتاج الشركة .. وأكد وائل أن هناك فيلمين من إنتاج الشركة تم الانتهاء من تصويرهما وهما الفيلمان الوثائقيان "البحث عن النفط والرمال" للمخرج فيليب ديب، و"Les Petits Chats" للمخرج شريف نخلة .

وأضاف وائل أن الشركة تستعد لإنتاج أول فيلم روائي طويل من إنتاجها وهو بعنوان "69 ميدان المساحة" للمخرجة آيتن أمين، وهو الفيلم الذي حاز إعجاب جميع الجهات التي عرض عليها حتى الآن، بعد ان فاز العام الماضي بجائزة ملتقى القاهرة السينمائي التابع لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وكذلك جائزة مؤسسة هوبر بالز لتطوير السيناريو في مهرجان دربان السينمائي الدولي الماضي .

ونوهت لجنة التحكيم في تفسيرها لتقديم الجائزة أن: "المخرجة اختارت موضوعاً سيعتبره الجميع موضوعاً حزيناً للغاية وهو الموت، وحولته إلى شيء حي، جميل، مرح، إنساني... إنها قصة عالمية تستطيع أن تجتاز الحدود الجغرافية، ومن الواضح بقوة أن الفيلم جاهز للصنع" ؛ ومن المنتظر أن يبدأ تصوير 69 ميدان المساحة خلال النصف الأول من عام 2012.

يذكر أن مجلة سكرين إنترناشيونال قد اختارت خلال عددها الصادر في أكتوبر الجاري المنتج وائل عمر ضمن أهم 10 وجوه سينمائية في العالم العربي ؛ وأكد وائل في تصريح خاص للمجلة أن "السينمائيين الشباب في العالم العربي في الفترة الأخيرة يكسرون يومياً الكثير من المحظورات ، وأصبحوا أكثر تركيزاً واهتماماً بالهوية العربية والجمهور العربي والأفكار التي ستعيد تشكيل السينما العربية من جديد".

الوفد المصرية في

28/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)