حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان أبوظبي السينمائي ـ 2011

ظل البحر” حوار غائب بين الماضي والحاضر

أبوظبي - فدوى إبراهيم

الكل كان بانتظار الفيلم الإماراتي الروائي الطويل الوحيد في المهرجان “ظل البحر” لمخرجه نواف الجناحي، الذي أنتجته شركة “ايميج نيشن” ويعد باكورة إنتاجها الإماراتي لتحقيق صناعة سينمائية إماراتية، جاء الفيلم الذي كتب قصته محمد حسن أحمد، ليحكي حياة الفرجان القديمة مكانا بينما الزمان هو الحاضر، وهنا يكمن الاختلاف، فبين الماضي والحاضر، وغياب الحوار الأسري، وتحقيق الأماني، والتضحية في سبيل الحب، وحياة المراهقة، تدور قصة عائلتين، هما عائلة أبوكلثم الذي أدى دوره الفنان “حسن رجب” وتضم كلثم “نيفين ماضي” وجاسم “أحمد ايراج” وأختها الطفلة الصغيرة مريم، وعائلة أبومنصور التي يمثلها الفنان بلال عبدالله، وولده “عمر الملا” بدور منصور، وزوجته أم منصور “الفنانة عائشة عبدالرحمن، بالإضافة إلى أبرار الخضري في دور سلطان، إلى جانب كل من خديجة الطائي وسالي سعيد وعبدالله الرمسي وشهاب خاطب .

قدم المخرج من خلال شخصية “أبومنصور” المقعد، قصة ذلك الرجل الكبير الذي لا يقدر على إعانة أسرته، بينما تعمل زوجته “أم منصور” على إعالة البيت من خلال بيعها للعصير المثلج، أما منصور فهو ابنها المطيع الذي يعمل على إيصال تلك العصائر إلى البيوت . جسدت الفنانة عائشة عبدالرحمن دورها بمهارة عالية، فبدت الأم والزوجة المتسلطة كونها المعيلة المالية للأسرة والقائمة على الواجبات المنزلية أيضاً . هذا الأمر جعلها غير قادرة على أن تحاور ولدها أو تعرف حتى ما يدور في ذهنه خاصة أنه في سن المراهقة، تلك السن المحيرة الصعبة، بينما منصور يقضي أغلب وقته مع رفيق دربه سلطان في تجوال بين الفرجان، ولأنه اعتاد ألا يخبر أحداً بما يدور بباله، لم يكن هناك فرصة حتى ليخبر رفيق دربه عن حبه، ولعل القيود الاجتماعية لا تمكنه من أن يفصح عنه لأي شخص، وفي ظل هذا الغياب للحوار والسن الحرجة يقع منصور في حب ابنة الجيران التي تبادله نظرات الإعجاب وبين تلك التي تغويه، فيقع في حيرة من أمره، بينما والده يحاول أن يتفهم تلك المرحلة العمرية لكن ليس بيده حيلة .

عائلة أبوكلثم تعيش حالة صمت أيضاً، كون أبوكلثم يعيش عزلة عن أفراد أسرته بعد وفاة زوجته، لا يسليه سوى آلة العود التي يدندن عليها بين الفينة والأخرى، وفي ظل وجود كلثم التي تعيش أيضاً سن المراهقة غاب الحوار الذي يجب ان يكون اول الحاضرين، أما تلك الصغيرة مريم، فكلثم هي التي تحاول أن تعوضها عن غياب الأم، وفي ظل هذا الوضع ليس لكلثم إلا الاتجاه إلى بيت جارتهم أم منصور لتعبر عما بداخلها إلا أنها لا تجد المستمع أيضاً .

علاقة حب، لكنه حب بالنظرات بين كلثم ومنصور، ذلك الحب لا يسعه الخروج إلى النور في ظل العادات والتقاليد الصارمة، ولا يمكن التعبير عنه إلا بالخفاء من خلال سلام فقط أو مساعدة بسيطة تعبر عن الاهتمام، بينما كلثم في الوقت ذاته تخشى الرجال خوفاً من نظراتهم وردة فعل على سلوك “شاهد” الفنان علي الجابري، الباكستاني الذي يعمل حلاقاً على كفالة أبو كلثم، ويحاول التحرش بها .

أما جاسم، فهو ذلك الشاب الذي أنهى تعليمه ويعمل في أبوظبي، وفي زيارة لأسرته وإخواته كلثم ومريم، يتضح ان علاقته بوالده ليست على مايرام، ويدور صراع بينه وبين والده حول نمط الحياة القديمة التي يعيشونها ورغبته في أن ينتقلوا معه لأبوظبي، بينما يتمسك الاب بمكانه وبيته وذكرياته، وحين يعرف جاسم أن الحلاق حاول التحرش بأخته كلثم يثور على الوضع بشكل مضاعف ويقرر ان يصطحب اختيه معه لأبوظبي، وهنا يختفي حب منصور برحيل كلثم، بينما يختفي حبه الآخر بزواج بطلته .

وحين يرصد المخرج عدم قدرة منصور على السباحة ورغبته في تعلمها في أول الفيلم، يظهره وقد رمى بنفسه في البحر بعد أن ضاعت أحلامه بالحب ليحاول السباحة بمفرده، بينما كان غياب الحوار الأسري واضحاً، غاب بشكل كبير الحوار عن الفيلم، بينما ارتكز في وصف الأحداث على الصورة التي عبرت عن الاحداث بشكل فني استطاع ان يوصل الفكرة، كما استطاع المخرج والكاتب أن يرسما الضحكة على وجوه المشاهدين في مشاهد عدة، فلم يعد ذلك السياق الدرامي مانعاً لأن يسرد الفيلم الحياة على طبيعتها بكل تحدياتها وصراعاتها والفكاهة التي تحملها .

المثير في هذ الفيلم، الإبداع الأدائي الذي تميز به الممثلون، ولعل اول من يستحق الثناء هو من أدى أقل مشاهد بأكبر التعبيرات تأثيراً من خلال النظرات فقط، ومن خلال تقمصه دور الحلاق الباكستاني “شاهد” شكلا ومضموناً، حتى إن كثيرين لم يعرفوا أن الذي يؤدي الدور هو الفنان الإماراتي علي الجابري مدير مسابقة افلام الإمارات في المهرجان، أما تقمص الفنان بلال عبدالله دور الرجل الكبير السن المقعد فكان كذلك من الأدوار التي تستحق الثناء، بينما تسلطت على الشاشة أيضاً الفنانة عائشة عبدالرحمن من خلال دورها المتسلط، وعلى جانب آخر تميز مجموعة الشباب المبدعين بدءاً من عمر الملا وأبرار الحضري ونيفين ماضي الذين عبرت تجاربهم الغضة عن مستقبل متمكن .

إيمج نيشن أبوظبي” تحتفل بالعرض الأوّل

احتفلت “إيمج نيشن أبوظبي”، ليلة أمس الأول، بالعرض الأوّل لباكورة أفلامها الإماراتية “ظلّ البحر” الذي لاقى استحساناً كبيراً لدى الجمهور في المهرجان . وحصل رواد المهرجان على فرصة مشاهدة الفيلم للمرّة الأولى على مسرح أبوظبي قبل إطلاقه في صالات السينما في الإمارات وقطر والكويت وعُمان والبحرين في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل .

وانضمّ المخرج نواف الجناحي، وكاتب السيناريو محمّد حسن أحمد والممثّلون إلى محمّد المبارك، رئيس مجلس إدارة الشركة، ومايكل غارين، الرئيس التنفيذي لها، ومحمّد العتيبة، رئيس “إيمج نيشن أبوظبي”، على السجادة الحمراء للاحتفال بإطلاق الفيلم، والتأكيد على التطوّر الذي تشهده صناعة الأفلام في الإمارات .

وقال العتيبة: “نفخر لرؤية أوّل إنتاج محلّي لنا يُعرض في مهرجان سينمائي بهذا المستوى الرفيع، ونسعد لإسهامنا في إبراز بعض أفضل المواهب الإماراتية على الساحتين المحليّة والعالمية على السواء” .

وقال المخرج نواف الجناحي: “كان إطلاق الفيلم لحظة رائعة بالنسبة إليّ أنا وأفراد فريق العمل والشركة. ولا يسعنا الآن إلا انتظار ردّة فعل الجمهور بعد إطلاق الفيلم في دور السينما الشهر المقبل” .

الخليج الإماراتية في

21/10/2011

 

فيلم تنتجه “بي . بي . سي” ويعرض في 2013

الجزيرة العربية البرية” يكشف كنوز الإمارات

أبوظبي - فدوى إبراهيم:  

كشف منتج وحدة الإنتاج الطبيعي في هيئة الإذاعة البريطانية “بي . بي . سي”، والمخرج فريدي ديفاس عن تصويره حالياً سلسلة جديدة من أفلام الطبيعة بعنوان “الجزيرة العربية البرية” لمصلحة القناة، يتضمن الحياة الطبيعية في منطقة الجزيرة العربية التي يرى أنها منطقة تستحق الاستكشاف، وأشار ديفاس إلى تركيزه وبشكل كبير على تصوير الحياة البرية والبحرية في أبوظبي بما فيها الجزر التي تتمتع بحياة طبيعية خلابة بالتعاون مع هيئة البيئة أبوظبي، وعدد من المؤسسات الأخرى .

جاء ذلك خلال الفعاليات الخاصة لمهرجان أبوظبي السينمائي في جلسة نقاشية بعنوان “من الجليد إلى الأتون” بالاشتراك مع “إيميج نيشن” و”لجنة أبوظبي للأفلام” أمس الأول في فيرمونت باب البحر، وأشار ديفاس إلى أن أبوظبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام تحمل الكثير من المناظر الخلابة التي لم يتم الحديث حولها بالتفصيل، وهذا ما يهدف إلى كشفه من خلال فيلمه الذي من المخطط الانتهاء منه وعرضه في العام ،2013 وأشار إلى أن أهم الكائنات التي شهدها بأبوظبي هي طيور الفلامنجو التي تحط في عدد من المحميات الطبيعية فيها بالإضافة إلى الحيتان والحيوانات المائية والسلاحف والجمال والنمور وغيرها، وكشف ديفاس عن نيته تصوير مشاهد من الحياة الطبيعية في كل من دبي والفجيرة أيضاً، كما يسعى إلى إتمام المشاهد في المملكة العربية السعودية وهذا ما يعملون عليه الآن، بالإضافة إلى دولة قطر التي سيركز فيها على تصوير الحيتان .

كما أشار إلى استخدام لقطات ارشيفية للحياة الطبيعية في دولة البحرين والحدود السعودية الأردنية، وعبر ديفاس عن حزنه لعدم قدرة فريق العمل التصوير في اليمن حيث الأوضاع غير مستقرة، وأشار إلى رغبته في الحصول على مواد أرشيفية عن الحياة الطبيعية فيها، هذا بالاضافة إلى تصوير مشاهد من الفيلم في سلطنة عمان .

وحول اهتمامه بالحياة الطبيعية في منطقة الجزيرة العربية أشار ديفاس قائلا: “أحب منطقة الجزيرة العربية كثيراً، واعتقد أن المنطقة لم يتم اكتشافها بشكل دقيق، وهذا ما أسعى إلى الوصول إليه، فمن منا يعرف عن النمر المنقط العربي الذي يعيش في هذه المنطقة، وهناك الكثير من الأحياء المائية أيضاً التي أصبحت لها سلوكيات جديدة لم يتم التحدث عنها، ومنها ثمة نوع من أنواع الحيتان تنتقل من المياه الساخنة إلى القطبية وتقتات الطعام ومن ثم تهرب منها إلى المياه الاستوائية، عدا الحوت المحدب الذي نجده في اليمن، حيث افترق عن تلك الحيتان منذ مئات السنوات، كما أفضل أن أقدم مشاهد مهمة عن الجمال في منطقة الجزيرة وهي من أحب الحيوانات إلي، وسأوثق مشاهد سباقات الهجن، حيث إن هذا التقليد القديم لا يزال حاضراً في المنطقة رغم تطورها، إلا أن تقنيات حديثة دخلت على تدريبه، وهو بهذا كحال الصقور التي اصبح تدريبها وفق تقنيات حديثة” .

وأكد ديفاس أنه سيركز في فيلمه على الحضارة والتقاليد والتقنيات الحديثة وعلاقتها بالحياة الطبيعية في المنطقة، كما يسعى إلى توثيق علاقة الإنسان والبيئة والتغيرات التي طرأت على تلك العلاقة على مر السنوات .

وعرض ديفاس خلال الجلسة النقاشية مشاهد من فيلمه “الكوكب المتجلّد” الذي أنتج لقناة “بي . بي . سي”، وناقش كيفية التقاطه تلك المشاهد في ظل مخاطر الحيوانات والحياة في منطقة القطب الشمالي و”انتارتيكا” والنرويج، كما عرض مشهداً للسلاحف صورها في أبوظبي تم التقاطها بواسطة الأشعة السينية، كما عرض مشهداً للنمر العربي المنقط الذي تم تصويره أيضاً في أبوظبي مستعيناً بعدد من الخبراء والعلماء البيولوجيين بعد أن تم وضع أفخاخ للتصوير لخطورة هذا النوع من الحيوانات، كما تحدث ديفاس عن بعض التقنيات الجديدة المستخدمة في التقاط المشاهد، وشرح للحضور كيفية الحصول عليها، في ظل عدد من المخاطر التي حدثت مع فريق عمله تحت المياه الجليدية وأمام الحيوانات المفترسة، إلا أن تلك التقنيات تتيح بشكل كبير إيجاد المشاهد الأكثر ندرة في العالم، كما توظف عدداً من التقنيات في تصوير الحياة البرية والمشاهد الطبيعية الرائعة في شبه الجزيرة العربية، وذلك في المواسم المختلفة، فتظهر للمشاهد وكأنها التقطت في الآن ذاته بينما تم التقاطها بعد أشهر من اللقطات الأولى، وتم تركيبها لتبدو وكأنها مشهد متصل .

الخليج الإماراتية في

21/10/2011

 

تدور أحداثه في غزة وصانعاته الأربع يطرحن الأسئلة الشائكة

يوميات” تحرير الذات قبل الوطن

أبوظبي - فدوى إبراهيم:  

يوثق فيلم “يوميات” من فلسطين لمخرجته مي عودة، والمشارك ضمن فئة الأفلام الوثائقية الطويلة، حياة ثلاث فتيات يعشن في غزة ويرصدن مشاهد الحياة فيها وآثار الحرب عليها والاحتلال “الإسرائيلي” لفلسطين وانعكاسه على جوانب الحياة اليومية، إلا أن الجديد في الفيلم أنه لا يرصد فقط تأثير الآخر، إنه يرصد تأثيرنا نحن، تأثير القيود الاجتماعية على حريات الذات، والفكر، والتعبير، والمظهر .

قررت المخرجة أن تزور صديقاتها في غزة وهي المرة الأولى التي تزور بها المكان برغم أنها من سكان رام الله، وذلك في 15 ديسمبر/ كانون الأول ،2009 حين وصولها كان أول ما سألت عنه هو البحر لأنها ممنوعة منه في رام الله . وحين وصفوا لها مكان البحر قالوا لها إنه قرب المجلس التشريعي خاصة وانه من اول المباني التي قصفت خلال الحرب “الإسرائيلية” على غزة .

تبدأ الحكاية مع صفاء (29 عاماً)، التي تقول: “برغم أن بيوتنا قد لا تكون آمنة أحيانا بسبب القصف، إلا أنها تمنحنا الدفء وتستحق أن ندافع عنها”، تتجول صفاء في البقالة لتشتري شيئاً ما فتجد اغلب ما حولها من بضائع صناعة مصرية تأتي عبر الأنفاق . وفي وصفها للمطر تقول: “صلينا لله حتى يهطل المطر عله يعمي بصر الطيارات “الإسرائيلية” الحربية، صلينا ليطفئ نيران القصف، ولتطهير شوارعنا المغمورة بمياه الصرف الصحي” .

وصفاء فتاة محجبة وتعمل مراسلة صحفية، تقول عن المجتمع: “تفكير المجتمع ونظرته ليسا بيدنا أن نغيرهما، لأننا سنحتاج جهداً كبيراً، بينما لا توجد لدينا الفرصة لنخوض حرباً ثانية ضد أفكار المجتمع، لأنها ليست سبب صراعنا في الوقت الحالي، فيفرض علينا المسموح والممنوع من فئة من الناس، بينما رفع الحصار هو كل ما نريد حاليا وما تبقى يمكن تأجيله” .

الجزء الثاني من الفيلم ترصده أسماء شاكر (23 عاماً)، التي تظهر يومياتها مع مجموعة زملائها في الدراسة، الذين يحاولون أن يقوموا بشيء لأجل المساهمة في تعريف العالم بما يحصل، واحد ما يقومون به اصدار بعنوان “يرعات”، يعتبرونه المتنفس الوحيد لهم . تشير أسماء إلى منع الاختلاط بين الشباب والبنات في غزة، بينما تقول إحدى رفيقاتها: 90% من فتيات غزة يرتدين الحجاب بسبب قيود اجتماعية لا دينية، بينما تشير أسماء إلى أن والدتها منعتها من قراءة كتاب مذكرات جيفارا لأنه “شيوعي” .

الثالثة هي أسماء الغول، ام مطلقة عمرها 27 عاما، تتحدى المجتمع بخلعها الحجاب لأنها تريد أن تكون هي لا أحد غيرها، وتقول حول الحجاب: “حاولوا اعتقالي عدة مرات لأنني لا أرتدي الحجاب، ولأنني أجلس مع رفيقاتي ورفاقي على البحر، فمنذ متى كانت فلسطين تحاكم من لا ترتدي الحجاب ومن لا يتوجه للصلاة؟ منذ متى كان للفضيلة والرذيلة زي”، وأسماء الصحفية التي منعت من حرية التعبير لمرات عدة، تعتبر أن لا حرية صحافة في فلسطين .

الفيلم برغم رصده لكل ما يحيط بالفتيات الثلاث ومعايشة المخرجة المشاهد معهن بكافة تفاصيل حياتهن، يلقي الضوء في الوقت ذاته وبشكل مؤثر للغاية على صراع الشباب مع ذاته ومحيطه ورفضه لتك القيود المجتمعية التي تحاصره بشكل يقارب حصار “إسرائيل” لغزة، وهذا ما تعبر عنه أسماء الغول في الجزء الثالث من الفيلم بقولها “إذا لم استطع أن احرر نفسي من قيودها ومن قيود المجتمع فكيف لي أن أحرر بلدي؟”، برغم ايمان “أسماء” بأن تحرير الارض والتخلص من حصار “إسرائيل” لغزة هو الهدف الاكبر ومن ثم تأتي الأهداف الأخرى .

المخرجة وخلال حديثها في الفيلم كانت العنصر الرابع الذي يرصد كل ما يجري من خلال الصورة التي تراها ومن ثم تعيشها بعدما تحاصر هي في غزة، فتسرد يوميات ثلاث فتيات من خلال ثلاثة أجزاء للفيلم، برغم أنهن يعشن في مكان واحد هو غزة، إلا أن كلاً منهن تعبر عن همومها بطريقة مختلفة، تبدأ المخرجة مي عودة بتفسير الحال بغزة من خلال كلمات توجزها ب”100 يوم على حصار غزة، ومليون ونصف المليون شخص يعيشون في تلك العلبة المغلقة دون ماء أو كهرباء أو أطعمة” بينما تنتقل إلى الأنفاق التي توصل بين غزة ومصر، تلك الأنفاق التي تقول عنها المخرجة في نهاية الفيلم: “لا زالت بداخلي تساؤلات حول ما يجري، ولم اجد اجوبة لها، فكل ما تقوم به “إسرائيل” هو بحجة الأنفاق، وانا ارى القصف “الإسرائيلي” يبتعد عن الأنفاق ليقصف البيوت، فالكل مستفيد من الأنفاق، “إسرائيل” بحصارها وقصفها المتواصل بحجة الأنفاق، وحماس بضرائب الأنفاق التي تجنيها، ومصر مستفيدة اقتصاديا، والشعب يمشي حاله”، وترصد عودتها أيضاً عبر الأنفاق، وتصور بصيص ضوء يمر عليها من تلك الأنفاق وتقول للمشاهد إنه برغم كل ذلك وفي ظل كل تلك العتمة التي تحيط بنا هناك بصيص أمل، لكن يا ترى ما هو شكل الغد؟

الخليج الإماراتية في

20/10/2011

 

 “أسباب القلب” الجانب المظلم للحب

أبوظبي - “الخليج”:  

من خلال فيلمه السوداوي “أسباب القلب” يقدم لنا المخرج المكسيكي أرتورو ريبستين وجبة دسمة من الذل مدعمة بكل أنواع المهانة التي قد نجلبها لأنفسنا عندما نجري خلف الوهم، وتسيطر علينا الغريزة، فنفقد العقل ونلهث وراء السراب .

تدور أحداث الفيلم في مجملها في بناية قديمة في أحد أحياء المكسيك القديمة، تروي لنا قصة إميليا (أرسيليا راميريز) وهي امرأة لم تجد لسبب ما السعادة في حياتها الزوجية، وتبحث عنها في الخارج، فتظن أنها وجدتها عند عازف كولومبي يعيش في غرفة وضيعة على سطح البناء الذي تقطنه، تبدأ القصة في صباح أحد الأيام بصورة لامرأة مستلقية على سريرها وحيدة، تستيقظ تنظر من النافذة كأنها تبحث عن شيء ما، تقف لوهلة أمام المرآة، تنظر إلى نفسها نظرة غاضبة، تتفقد ملامحها ومقاسات جسدها، كأنها تلوم ذلك الجسد على ما حل بها، هذا الغضب الذي تزيده طرقات متتالية على الباب، لتجد مزيداً من الفواتير المتراكمة، إلى هنا قد ننظر بعين الشفقة إلى تلك المرأة الوحيدة التي قد يظن البعض أن زوجها هجرها، شيئاً فشيئاً نتعرف إلى حال إميليا أكثر بعودة طفلتها ذات العشر سنوات من المدرسة، لنكتشف أنها امرأة أهملت بيتها وطفلتها حتى إنها أهملت نفسها، وذلك عندما تقول الطفلة: “أريد أماً تطبخ وتنظف نفسها” .

تذهب الطفلة إلى منزل الجدة، وتهرع إيميليا إلى السطح عندما تعرف بقدوم عازف السكسافون (فلاديمير كروز)، وهنا يقدم لنا المخرج مشهداً يتفنن فيه في إظهار الذل الذي يلحق بالمرأة في حال وهبت نفسها التي لا تملكها لمن لا يستحق . بدخول إيميليا للغرفة، نكتشف ما هو أكثر من الحب، إنه هوس امرأة برجل، لكنه يبدي لها كافة أنواع الرفض، فهي بالنسبة له طوق يخنقه، وتشكل له ضغطاً يمنعه من التنفس، بعد هذا الإذلال تنصرف ليجدها جارها الذي يتصيد الفرائس الضعيفة، يدخلها منزله ويبدأ نزول إضافي إلى درك المهانة .

ويقدم لنا مخرج العمل شخصية فريدة تمثل نوعاً جديداً من أنواع الحب، ألا وهو الزوج خافيير (بلوتاركو هازا)، لنكتشف من خلاله طريقة جديدة في التعبير عن الحب، ففي حين تخلت زوجته عن كرامتها بشكل صارخ في سبيل جارها الذي ألقاها، يتخلى هو عن كل حقوقه الزوجية اعتقاداً منه بأن ذلك سيسعد زوجته، وعلى ما يبدو أن الأمر أدى إلى العكس . وبتقدم الأحداث نكتشف أبعاداً جديدة لشخصيات الفيلم، فالزوج رجل اختار العيش في الظل حتى في العمل، والزوجة امرأة أعماها حبها المحرم، ففقدت كل ما لديها من أموال في سبيل كسب رضا ذلك الشاب، مما أدى إلى تفاقم الوضع المالي سوءاً، لتتابع الزوجة هبوطها الأخلاقي من خلال تنازلها عن نفسها مرة أخرى، ولتصدم برفضه لها، فهي أرخص من أن تشترى بالمال . يصادر الأثاث مقابل ديون فتصل رحلة الحياة في عيني إيميليا إلى نهايتها وتقرر الانتحار، تتناول سماً للفئران، وضعف فعالية هذا السم أعطى الفرصة للمصارحة الأخيرة بينها وبين زوجها، لنفاجأ بأنه ليس ذلك الزوج المخدوع، بل هو زوج ارتضى لنفسه تلك الخيانة في سبيل سعادة زوجته . وتزداد الأحداث غرابة، إذ يذهب الزوج لغرفة الجار ويطلب منه أن يزور إميليا كي تموت سعيدة، هذا الموت الذي لم يحاول الزوج منعه، بل أراده ليحقق للمرة الأولى رغبة أرادها .

وينتهي الفيلم بمشهد للزوج والجار اللذين أحسا من خلال فقدهما لنفس المرأة براحة كبيرة، فالجار ارتاح من ذلك الحب الذي فاق المحتمل، والزوج ارتاح من حبه لزوجة فضلت معرفة رجل آخر، يخرج الجار من البيت يتبعه الزوج وهو يرتب ما تبقى من اثاث البيت، كأنه يقوم بترتيب حياته من جديد .

صور مختلفة عن الحب قدمها أرتورو ريبستين في فيلمه المصور بالأبيض والأسود، في محاولة لعكس الصورة الأكثر قتامة، والغوص عميقاً في النفس البشرية حين تتملكها الشهوانية، والخروج بعبر تحتاج لأن نتوقف أمامها كثيراً، استطاع ريبيستين أن يوظف قدرات ممثليه بشكل كبير، وهذا ما بدا واضحاً من خلال الأداء الرائع الذي قدمته بطلة الفيلم (أرسيليا راميريز)، كما عمد المخرج إلى الحوارات الطويلة ذات الجمل القصيرة التي تعكس الجو المشحون الذي عاشته بطلة الفيلم، وتأتي الموسيقا التصويرية التي تظهر أحياناً وتختفي أخرى كخلفية مثالية للمشهد، ومتممة للصورة السوداء التي رسمها المشاهد في مخيلته .

صراع عاطفي عنيف عاشته شخصيات الفيلم المختلفة، التي انتصرت جميعها في النهاية وكان الخاسر الوحيد هو الزوجة، وعلى عكس الأفلام العاطفية الأخرى التي تمثل الحب على أنه قيمة إنسانية رائعة وهو الشعور الأرقى الذي يعيشه الإنسان، صور لنا ريبستين الجانب المظلم للحب، فهو في هذا الفيلم خيانة وغدر وانهيار أخلاقي، وهو ضعف وذل والرضا بالعدم، ومن الممكن أن يكون المخرج أراد نقل مأساة امرأة وخلق بعض التعاطف معها، إلا أنه وحسب مفاهيمنا الشرقية، نقل لنا نهاية نحبذها لكل من تسول له نفسه الضعيفة الخيانة بأية حجة .

الخليج الإماراتية في

20/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)