حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان أبوظبي السينمائي ـ 2011

فيلم "عين النساء": ثورة أم تشهير ومتاجرة؟

رامي عبد الرازق- أبو ظبي

ضمن فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان ابو ظبي والمقام في الفترة من 13  إلى 22 أكتوبر عرض داخل مسابقة الافلام الروائية، الفيلم الفرنسي المغربي "عين النساء" بعد أن اثار عرضه في الدورة السابقة لمهرجان كان جدلا واسعا سواء بخصوص هوية مخرجه او طبيعة الفيلم ذاته.

في النهاية يحكمنا الشريط السينمائي بكل ما له وما عليه ومعرفتنا بخلفيات الفيلم يمكن أن تلقي بعض الضوء على جوانبه لكنها لا تفيد في قراءته بشكل موضوعي.

الانفجار

قرية صغيرة في الجبال المغربية تعيش خارج مظاهر الحضارة الحديثة فلا ماء ولا كهرباء ولا تواصل ثقافي أو اجتماعي مع المدينة.

اما الماء فتحضره النساء من أعلى قمة أحد الجبال حيث عين الماء الجبلية الوافرة,واما الكهرباء فمصباح يشبه مصابيح عمال المناجم يتم ارتداؤه ليلا اثناء الأكل والسير واما العلم والثقافة فمجرد مدرسة متهالكة يقوم المدرس بجمع التلاميذ من بيوت القرية لكي يسقيهم العلم سقيا.

في هذا الواقع المتخلف يصبح من الصعب أن يتغير أي شئ للأحسن وإنما فقط تسوء الامور أو تنفجر.

والسيناريو نفسه يبدأ بانفجار حقيقي لكنه انفجار داخلي يؤدي إلى الانفجار الخارجي في الأحداث فصعود النساء لملئ الماء من النبع يمثل خطرا كبيرا عليهم خاصة الحوامل منهم وفي اللقطات الأولى نشاهد امرأة من أهل القرية وهي تنزلق فتقع وينسال خيط الدم على ساقيها وقد فقدت جنينها في التو.

هذا الانفجار الداخلي لمشيمتها يمثل شرارة الأنفجار الذي سوف يحدث في حمام النساء حين تقرر فاطمة الشابة الثائرة أنه يجب ان تتخذ نساء القرية موقفا تجاه مسألة صعودهم للنبع ومثل كل الثورات الكبرى التي تبدأ بمجرد تساؤل بسيط فإن ثورة فاطمة تبدأ بسؤال صغير(لماذا لا يصعد الرجال لجلب الماء من النبع)؟

يصور المخرج واقع القرية من خلال لقطات للمقهى الذي يجتمع فيه الرجال، يشربون الشاي ويثرثرون، ولا نكاد طوال أحداث الفيلم، نرى أي رجل من أهل القرية يعمل سوى اثنين، المدرس زوج فاطمة الذي يشجعها على الثورة وإمام الجامع الذي يحاول ان يتدخل لحل المشكلة، اما بقية الرجال فكأن كل همهم ان تنتهي ازمة الماء لكي يعودوا إلى سابق عهدهم مع نسائهم.

اضراب عن الجنس

تقترح فاطمة أن تكون وسيلة الضغط على الرجال هي اكثر شئ يمكن أن يؤثر فيهم وهو الأمتناع عن مضاجعتهم او"الأضراب عن النعس"باللهجة المغربية الدارجة.

ان اختيار هذه الفكرة تحديدا يدل على جزء من الصورة الغربية أو الأستشراقية المعروفة عن الرجل الشرقي الفحل الذي يعتبر ما بين ساقيه أهم لديه من الماء والهواء.

الازمة الحقيقية للفكرة ليست في كون النساء اخترن هذه الطريقة بالذات للضغط على الرجال ولكن في الاصرار على أن الرجال بالفعل لا يعملون أو يقومون بشئ بل هم مجموعة من الكسالى والعاطلين على عكس النساء الذين نراهم في مشاهد كثيرة يعملون بكل جهد وكأن النساء هم من يضخون الحياة في شرايين هذه القرية وليس الرجال. هم من يجلبون الماء ويحضرون الحطب ويخبزون العيش ويرقصون للسواح.

هذه النسوية الشديدة في الطرح يبدو أنها تغازل المخيلة الغربية عن عالم الشرق المتخلف الذي يضطهد النساء ويستغلهم، بل ويتجاوز ذلك إلى رفض العلم في العديد من المشاهد التي نرى فيها مدرس القرية يجاهد كي يجلب التلاميذ للمدرسة بل ويصبح عدوا لرجال القرية لأنه يشجع موقف زوجته على تحريض النساء للاضراب كنموذج للمثقف المضطهد الغريب وسط اهله.

وبالطبع هناك الجانب الديني المتمثل في استخدام النصوص أو الشرائع من أجل زيادة النفوذ الذكوري وتحجيم أي مقاومة نسائية والتهديد بالنشوز والضرب بل وبسط السيطرة باسم الدين على النساء والقرية كلها واجتماع هذه العناصر الثلاث الشهوانية المفرطة وكراهية العلم واستغلال الدين يرسم صورة شديدة التخلف وغير موضوعية عن مثل هذه المجتمعات,لا أحد ينكر أن مجتمعات شرقية وعربية كثيرة على هذه الشاكلة ولكننا ضد استبعاد الموضوعية في النظرة لصالح التشهير بالمساوئ، وكان الأولى بالمخرج أن يقدم لنا صورة حقيقية عن اعمال الرجال ودورهم في المجتمع بدلا من الأصرار الغير حقيقي على اقصائهم وتحقير شأنهم لصالح "قضايا تحرير المرأة".

أزمة البناء الدرامي

عندما تتطور الاحداث وتبدأ الحبكة في التصاعد واضحة ومستقيمة يبدأ البناء السردي يتخبط مع دخول عناصر غير اصيلة على الحبكة مثل شخصية الحبيب القديم لفاطمة الذي لا ندري هل هو صحفي أم كاتب ام عالم!

في البداية يقال انه صحفي قادم للتعرف على حقيقة الاضراب الذي قامت به نساء القرية تجاه الرجال من أجل اجبارهم على جلب الماء، ثم نراه ينكر هذا ويبدأ في الكتابة عن الحشرات وكيف تتكيف مع بيئتها ولكن بلغة ادبية اقرب للغة الرواية منها للغة العلم، وفي مشهد أخر نراه يراقب بالفعل أحد الحشرات بمنظار مكبر ويدون بعض الملاحظات، وفي النهاية نجده هو نفسه من يكتب عن القرية والأضراب ومعاناة النساء مما يحرك ضمير الحكومة ويجبرها على مد خطوط الماء للقرية المعزولة.

هذه الشخصية تعد نموذج لفشل السيناريو في بناء شخصيات محكمة وكسره لعنق السرد والبناء لصالح فكرة صناع الفيلم أو رغبتهم في التشهير بوضع النساء في المجتمعات الشرقية فالشخصية تعلق على وضع النساء كأنهم حشرات في المجتمع وهو بالطبع ما ليس صحيحا جملة وإنما هناك ازمات وتفاصيل كثيرة خلف وضع المرأة، ثم أن خطوط الشخصية مبهمة على مستوى البعد الشخصي حيث لا نعرف لمهنته ملمح معين.

أما على مستوى البعد النفسي فهو شخصية مريضة تسبب حالة من التشوش في البناء والسرد معا حيث نكتشف أنه الحبيب الاول لفاطمة بل انه الرجل الذي افقدها عذريتها وهي صغيرة ثم تخلى عنها وعاد مرة أخرى كي يطلب منها ان تترك زوجها الحبيب وترحل معه، ويصيب هذا المرض كلا الشخصيتين الرئيسيتين في الفيلم ففاطمة تشعر بتأنيب ضمير تجاه زوجها فتوقظه وتبلغه بحقيقة الأمر مع حبيبها السابق دون أي مبرر حقيقي او منطقي بل بشكل ميلودرامي فج والزوج المخدوع تصيبه علة عجز النفسي حيث يكتفي بهجر زوجته والنظر إليها في لوم من بعيد ولا يتمكن حتى من قتل الرجل الذي يعرف أنه انتهك شرف زوجته وهي مراهقة.

هذا الجزء هو حبكة فرعية ثقيلة وخارجه تماما عن سياق الحبكة الرئيسية وفكرتها وهي مجرد تهويمات في ذهن صناع الفيلم لا صلة حقيقية لها بواقع الحياة في المجتمعات الشرقية ولا بطبيعية الرجل الشرقي أو المرأة الشرقية وسواء كان الرجل زوج او حبيب أو المرأة زوجة أو عشيقة.

ومن اختلالات البناء كذلك تلك الحوارات المبتذلة بين فاطمة وزوجها قبل اكتشاف ازمة الحبيب القديم فالعلاقة بين فاطمة والزوج هي علاقة مثالية جدا وشديدة القوة والنضج إذن ما الداعي أن يسأل الزوج زوجته إذ ما كان قد قصر في حقها ذات يوم فتقول له بتهدج ان كل ما تبغيه ان تكون موجودة!

فالزوج المثقف الذي يجلب لها الكتب ويساندها في افكارها الثورية على وضع نساء القرية بل ويمنع نفسه عنها تطبيقا لمبدأ الأضراب بل ويذهب في منتصف الليل لجلب الماء من النبع كي يتذوق معاناة زوجته,هذا الزوج هو الذي جعل لفاطمة قيمة وصاغ لها قوة شخصيتها بتصرفاته فلماذا اذن يستعذب لوم نفسه ويتقبل أن تقول له امرأته اريد أن اكون موجودة؟ ولماذا تقول له فاطمة هذا وهي تدرك جيدا منذ البداية حقيقة ما يفعله معها ومن أجلها!

ان هذه الحوارات وتلك المشاهد إلى جانب مسألة الحبيب القديم والأسقاط على الحشرات كلها افكار من خارج الحبكة والسياق بأكمله وقد ساهمت في بطئ الأيقاع العام وطول الزمن الفيلمي بما لا يفيد وبالتالي تشتت الاحداث وضياع تماسك الفكرة الأصلية وراء السعي للمتاجرة بصور غير سليمة عن المجتمع الشرقي.

العلم والدين

من الحبكات الفرعية الأصيلة التي تصب في الحبكة الرئيسية ولا تثقل عليها الخط الخاص بإمام الجامع الذي يحاول أن يقنع النساء بحرمانية الأمتناع عن رجالهن فتقارعه فاطمة- بناء على نصيحة زوجها وارشاداته من القرآن والسنة- الحجة بالحجة حتى يقتنع ولكن اثناء ذلك يصل للقرية أحد ابنائها المعممين عائدا لدار أمه العجوز الحكيمة التي تؤازر فاطمة في ثورتها.

هذا الشاب يمثل نموذج جيد للصراع الذي يحدث في دوائر رجال الدين والذي يظن البعض انهم منزهون عن الخطأ في حين أنهم دنيويون اكثر من أي مقبل على الدنيا.

هذا الشاب الذي يدعي الأمامة والعلم ويتخذ شكل الأسلاميين يحاول استغلال الازمة باظهار إمام الجامع ضعيفا وغير قادر على التصدى لمجموعة النساء لكي يقوم بالقفز على منصبه  واستغلاله ولكن امه العجوز الحكيمة تتصدى له و تطرده في النهاية خارج القرية.

إخراج أم تصوير

تعامل المخرج بصريا بلا خطة واضحة فلا نحن أمام رؤية تسجيلية لواقع معاش تعتمد على خط توثيقي واضح يلامس خشونة الواقع كما هي ويكشفها دون أن يدعي عليها، ولا نحن أمام صياغة بصرية تبلور درامية الحبكة وانفعالات الشخصيات.

اعتمد المخرج على تصوير السيناريو وليس إخراجه بالمعنى الفني ويبدو أن اكثر ما يشغله هو التأكيد على حقارة وضع المرأة في مقابل كسل وافتراء الرجل خصوصا في مشاهد محاولة رجال القرية مضاجعة نسائهم بالقوة واغتصاب احدهم من الخلف عقابا لها على الامتناع.

كذلك اجتماع رجال القرية على المقهى أو في المساء داخل ظلمة الليل حيث ينفس كل منهم دخان سيجارته وكأنهم يحترقون من الداخل، وهم بالفعل يحترقون، ولكن اصرار المخرج على تصويرهم بلا عمل ولا هم سوى التفكير في فروج زوجاتهم المغلقة افسد تماما أية احالة بصرية عن الكبت او تأثير الأضراب كذلك مشاهد حمام النساء حين تعلن فاطمة ثورتها على الوضع فنلاحظ تلك العين الغريبة المتأثرة بلوحات ألف ليلة وليلة حيث النساء العربيات الفخيمات اللحم اصحاب الصدور العارية العارمة حيث تظهر اكثر من لقطة نساء بصدور عارية يتحركن امام الكاميرا دون أي مبرر درامي,فنحن في الحمام صحيح ولكن لا معنى لهذا العري سوى تأجيج المخيلة الغربية عن عالم الشرق الشهواني الغامض الذي يتمتع فيه رجال كسالي بنساء فائرات القدود.

لم يستغل المخرج عنصر الاضاءة الموجهة من مصابيح الرأس بالشكل الفني الكامل وأكتفى فقط بكونها مبرر ضوئي لإنارة المشهد وليس حالة بصرية يمكن الاعتماد عليها في تناول الدراما وصياغة السرد خصوصا في مشاهد الأكل حيث الضوء مسلط من رأس احدهم على المائدة فإذا تحرك رأسه اختفى الأكل في الظلام ولكن المخرج يتجاهل هذا المصدر الضوئي الهام وذهب وراء الثرثرة العائلية والمملة بين افراد الأسرة.

عين على السينما في

20/10/2011

 

فكرته بزغت في “التحرير” ونفذها 10 مخرجين

“18 يوم” رؤية جماعية للثورة لم يشاهدها المصريون

أبوظبي - مصطفى جندي:  

عقدت أمس في فندق “فيرمونت باب البحر” ندوة حول فيلم “18 يوم”، الذي عرض ضمن فعاليات المهرجان، وتحدث فيها المخرجون يسري نصر الله، وكاملة أبو ذكري، وشريف البنداري في بداية الندوة تحدث يسري نصر الله عن بداية فكرة هذا العمل المشترك الذي جمع عشرة من المخرجين المصريين في فيلم واحد . يقول: “في 29 أو 30 من يناير/ كانون الثاني الماضي، أي بعد أيام معدودة عن انطلاق ثورة 25 يناير، كنت مع المخرج مروان حامد في ميدان التحرير، حينها اقترح علي فكرة إخراج 10 أفلام قصيرة بميزانية منخفضة عن الثورة المصرية، تنشر عبر موقع “يوتيوب” وتكون بمثابة توثيق وأرشفة لهذه الفترة المهمة من عمر مصر الحديثة يستطيع المصري أن يطلع عليها في قادم الأيام . أعجبتني الفكرة كثيراً وبدأنا بالاتصال بالفنيين والممثلين للمشاركة في هذا العمل بشكل تطوعي . وبعد سقوط مبارك كنا لانزال في ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط حكومة أحمد شفيق، وصادف أن التقتنا مذيعة من راديو “فرانس كوتيور”، فعرف بنا تيري فيرمون، فاتصل بنا وطلب أن يشاهد الأفلام، وأرسلنا له حينها عدداً من الأفلام الجاهزة، فنالت إعجابه، وكانت مشاركتنا في مهرجان “كان” السينمائي، لاحظنا بعدها أنه من الممكن وجود إيرادات للفيلم، فاجتمعنا نحن العاملين في الفيلم والبالغ عددنا 110 أشخاص، وقررنا تشكيل جمعية أهلية تقوم بتوزيع الإيرادات المحتملة على مشروعات أهلية تركز على الجانب السينمائي . ويؤكد أن “ كل عمليات إنتاج هذا الفيلم تمت دون أي تدخل من الجهات الرقابية، أي أن عملية الإنتاج تمت في جو حر وبعيداً عن اي مؤسسة رسمية أو غير رسمية” .

وحول عدم عرض الفيلم في مصر حتى الآن، أجاب نصر الله: “وراء هذا الأمر حكاية طويلة وعدد من المعوقات، أولها هو عدم وجود منتج للفيلم كما لاحظ من شاهد العرض، والقانون في مصر يفرض على الفيلم قبل العرض أن يمر على غرفة صناعة السينما وغرفة الرقابة واللتين تفرضان وجود جهة منتجة للفيلم، وفوجئنا بوجود قانون ثان يمنع على الجمعيات الأهلية عرض أي فيلم بشكل تجاري بل يسمح لها بعرضه في الأماكن العامة كالكنائس وغيرها، كما وجدت بعض الملاحظات من قبل الرقابة على لغة الفيلم من خلال استخدام الشتائم وبعض الكلمات التي يمكن وصفها بالنابية، وهذه المشكلات في طريقها للحل، فقد اتفقنا مع شركتين للإنتاج تتبنيان هذا الفيلم على أن توقع على تنازل عن جميع الإيرادات، كما أن وليد صبري، وهو من كبار الموزعين في مصر، عرض علينا توزيع الفيلم، لكننا ما زلنا بانتظار حل بعد المشكلات البيروقراطية المتعلقة بالقوانين، وهو أمر يحتاج تغييره إلى موافقة مجلس الشعب غير الموجود أساساً، وفي حال فشل هذه المحاولات فإننا سنعود إلى الفكرة الأساسية وهي نشر الفيلم عبر موقع يوتيوب” .

وأكد يسري نصر الله أن ما تم عرضه في الفيلم هو انعكاس حقيقي للواقع، وليس هناك أي نوع من أنواع المبالغة، يقول: “إن ما شاهده الجمهور في الفيلم هو انعكاس حقيقي لما حدث في ميدان التحرير، فالواقع والإحصاءات التي نشرتها الصحف تتحدث عن 160 ألف بلطجي نشرتهم وزارة الداخلية بغية تفريق المتظاهرين وقمعهم، وهو أمر نفته الوزارة بحجة أنها لا تملك الميزانية الكافية لتوظيف هذا العدد من البلطجية، إلا أني أؤكد صحة ما أوردناه في الفيلم وبأن هذه الفئة مازالت موجودة، وهي الفئة التي كانت وراء أحداث ماسبيرو لتنشر الفتنة بهدف تحجيم الثورة والوقوف في وجه مطالبها الديمقراطية” .

وأكدت كاملة أبو ذكري أن عملها ضمن الأفلام الطويلة لم يمنعها من العودة إلى العمل في الفيلم القصير الذي أحبته في وقت سابق تقول: “عملت سابقاً في فئة الأفلام القصيرة، وقدمت عدداً منها، المميز في الأفلام القصيرة أنها تتمتع بحرية أكبر على المستوى السينمائي والاجتماعي من تلك التي تتمتع بها الأفلام الطويلة، أفضل العمل على الفيلم القصير لأنه أصدق، فهناك أمر تريد قوله وتقوله، بينما في الأفلام الطويلة تضطر للتنازل، كأن تتعامل مع ممثل مفروض عليك وذلك من أجل توزيع أفضل، والقبول ببعض الأمور التي لا ترغبها بغية تحقيق مردود مادي كبير” .

وعن الاختلاف الذي لاحظته خلال عرض الفيلم في كل من مهرجاني “كان” و”أبوظبي السينمائي” تقول: “لاحظت أثناء عرض الفيلم في أبوظبي بأن 90% من الجمهور هم من المصريين، وكنت أود أن أرى عدداً أكبر من الجاليات الأخرى، فهذا الفيلم وفر للمصريين الذين لم يشهدوا ما حصل في ميدان التحرير، أن يعيشوا الإحساس الذي عشناه حينها، أما بالنسبة لمهرجان “كان” فكان فرصة لأن نعرض للعالم مشهداً مختلفاً عن مصر، وعن الصورة التي رسمها في مخيلته، وعرض الفيلم في مهرجان “كان” جعل العالم يكتشفنا من جديد وبصورة أكثر إيجابية” .

وعن الهدف من استخدام الألفاظ النابية في الفيلم وهو أمر قد يراه البعض مسيئاً له، قال شريف البنداري: “حاولنا أن ننقل الواقع المصري كما هو وأن ننقل صورة واضحة عن الشارع المصري من دون أي رتوش، والشتائم هي جزء من ثقافة الشارع وثقافة أمن الدولة، فأنا من خلال الفيلم أريد أن أفضح المباحث وأمن الدولة، وهذا الهدف يحتاج أن أنقل الصورة كما هي، أردت أن أنقل التعامل المنحط الذي كان يتعرض له الثوار وشباب التحرير، ولو أني حذفت هذه الألفاظ فإن الصورة لن تكون حقيقة، ولن يصدقني المشاهد وقد يهزأ بي، فالثورة قامت ضد النفاق، وضد عمليات التجميل، الثورة قامت من أجل الحرية بكل أنواعها، ومنها حرية التعبير” .

وعن تجربته في فيلم “18 يوم” يقول البنداري: “كنت قدمت فيلمين قصيرين، وأخذت وقتاً طويلاً في إخراجهما، وكنت أبحث عن نفسي في الفيلم أدقق كثيراً في السيناريو، أما في فيلم “18 يوم” فلم يكن لدي أي فكرة عما أريد القيام به، أو من أين أبدأ، لم يكن هناك وقت للتفكير بل إحساس لحظي، ففي لحظة أقرر أن هذا الطفل سيكون البطل وأن هذا الشارع سيكون مسرحاً للأحداث من دون التفكير في صحة هذه الاختيارات” .

وختم يسري نصر الله الندوة بالعبرة التي استخرجها من خلال هذا الفيلم المشترك، يقول: “كم هو جميل أن نساعد بعضنا بعضاً، أن نتعاون من أجل خدمة قضية حقيقية، أن نلغي الأنا، وهو ما حدث بيننا نحن المخرجين العشرة، فبعد أن كان التواصل بيننا شبه معدوم، خلق هذا العمل نوعاً من الألفة والحميمية، وما كان هذا ليحدث لولا الثورة، التي عرفتنا أن هناك أشياء أهم بكثير من الأمور الشخصية” .

الخليج الإماراتية في

20/10/2011

 

الطالبات يسيطرن على “مسابقة الإمارات

بداية نشطة ونهاية سريعة للمخرجات الإماراتيات

تحقيق: مصطفى جندي  

مسابقة أفلام الإمارات واحدة من المسابقات التي رافقت المهرجان منذ دورته الأولى وفي كل سنة تسهم هذه المسابقة في اكتشاف عدد من المخرجين الإمارتيين الموهوبين، الذين رغم حداثة عهدهم بفن الإخراج، برهنوا للمشاهدين على أنهم خامة إخراجية من النوع الفريد بما يملكونه من حس فني، ورؤية إخراجية مميزة .

هذا العام استقبلت اللجنة المسؤولة عن المسابقة 177 فيلماً قصيراً بنوعيه الروائي والوثائقي، وتم اختيار 46 فيلماً منها، وتعكس المشاركات الحضور المتزايد للمخرجة الإماراتية في المشهد السينمائي، لكن المدقق يجد أن أكثر المشاركات النسائية هي في مسابقة أفلام الطلبة، فيما يتضاءل حجم مشاركة العنصر النسائي في فئة الهواة المحترفين، لماذا هذه الظاهرة؟ وما العوامل التي تؤدي إلى اختفاء المخرجة الإمارتية عن الساحة بعد التخرج؟

الطالبة مريم النعيمي تقول عن مشاركتها في المسابقة بفيلم “لهجتنا”: “تعتبر اللهجة الإماراتية من اللهجات الجميلة، إلا أنه وبسبب كثرة الجاليات التي تعيش على أرض دولتنا، أصاب هذه اللهجة بعض التشوه نتيجة تسلل مصطلحات من لهجات أخرى، هذا الأمر سيؤدي إذا ما استمر إلى ضياع عنصر مهم جداً من عناصر الهوية الإماراتيه، ومن هنا رأيت ضرورة التوعية وإلقاء الضوء على هذه المشكلة وإيجاد الحلول لها” .

أما عن اختفاء المخرجات الإماراتيات بعد التخرج، فتقول: “السبب عدم وجود الدعم والفرص في مجال الإخراج السينمائي في الدولة، لأن أقرب عمل في هذا المجال هو الإخراج التلفزيوني والإخراج الفني لفيديو كليب غنائي مثلما تفعل المخرجة الإماراتية نهلة الفهد والمخرجة الرائعة نايلة الخاجة”، وترى النعيمي أن المرأة الإماراتية وصلت من التقدم والعلم إلى درجة تستطيع من خلالها منافسة الرجل والتغلب عليه أحياناً، تقول: “يكفي أن نرى المشاركة الملحوظة للمخرجة الإماراتية في المهرجانات السينمائيه المحلية والإقليمية وحتى العالمية حتى نتأكد أن أعمالها لا تقل شأناً عن تلك التي يقدمها الرجل” . وعن ميل الطالبات الإماراتيات نحو إخراج الأعمال الوثائقية وابتعادهن عن العمل الروائي، تقول: “في اعتقادي يعود هذا الأمر لوجود نوع من الوعي لدى الفتاة الإماراتية لأهمية التطرق للقضايا المجتمعية المهمة، التي بات حلها واحداً من اهتمامات الشباب الخليجي، ولأن الفيلم الوثائقي يتميز بالواقعية التي لا توجد في العمل الروائي . إضافة إلى أن الأفلام الوثائقية تعطي المخرج الفرصة لطرح موضوعات حرجة من خلال طرح أسئلة والإجابة عنها، استناداً إلى مظاهر اجتماعية ووقائع ملموسة عن القضية المطروحة” .

فاطمة السويدي التي تشارك في المسابقة في فئة الأفلام الروائية القصيرة بفيلم “الينبوع الصافي” تقول عن مشاركتها الأولى: “زارتنا لجنة من إدارة المهرجان للتعريف به وسبل مشاركة الطلبة، فوجدت في المشاركة شيئاً جيداً، يكسبني الخبرة في هذا المجال، وهكذا كان”، أما عن سبب اختفاء المخرجات الإماراتيات عن الساحة السينمائية بعد التخرج فتقول: “تختلف الظروف التي يتعرض لها الرجل عن تلك التي تواجهها المرأة، فهي في مجتمعاتنا موكلة بعدد من الأعمال، فهي بعد التخرج تتوظف وتتزوج فتكون مسؤولة عن بيت وزوج وأطفال، وهو الأمر الذي لا يعطيها المجال لمتابعة عملها في الإخراج، لأنه يتطلب تفرغاً شبه كامل، وعملاً على مدار الساعة، والتقيد بارتباطات كثيرة ومعقدة، إضافة إلى ضرورة تشكيل فريق عمل كبير والإشراف عليه، كما يفرض الواقع الاجتماعي الملتزم الذي يتمتع به مجتمعنا شروطه، هذه الأسباب تؤدي بالفتاة إلى التوجه إلى أنواع أخرى من الإخراج، كإخراج البرامج التلفزيونية والإذاعية”، وترى أن تعدد الاختصاصات التي يدرسها الطالب في الجامعة تفتح أمامه أبواباً عديدة للاختيار، وتضيف: “في الكلية لا تقتصر دراستنا على الإخراج، بل ندرس التحرير الصحفي، والتصوير الفوتغرافي، والتصميم الفني، فبعد التخرج يمكن للطالبة العمل في أي مجال إعلامي تفضله، وبعد التخرج يمكنني العمل في التلفزيون أو المجلات والجرائد المكتوبة، وهناك عدد من الطالبات يفضلن الزواج بعد التخرج والعمل ضمن وظيفة إدارية ذات وقت محدد ليتمكنوا من التوفيق بين العمل والبيت” .

عائشة الحمادي التي تشارك في المهرجان من خلال فيلم “القمبوعة الخارقة”، تقول “هي مشاركتي الأولى في المهرجان، وأعتبرها فرصة فريدة، لأنها مكنتني من عرض أعمالي على جمهور غفير عاشق للسينما وأنا المحبة لهذا المجال والطامحة إلى الاستمرار فيه . طموحي هذا دفعني للبحث الدائم عن المسابقات السينمائية وتثقيف نفسي سينمائياً ومن ثم قررت المشاركة في هذه المسابقة”، وترى أن سبب اختفاء المخرجات الإماراتيات بعد التخرج هو صعوبة هذا المجال والشروط الخاصة التي يفرضها العمل فيه، تقول: “يعتبر العمل في الإخراج من أصعب الأعمال وأكثرها مشقة، إذ إنك ملزم بالعمل في أي وقت، بل إن هناك أوقاتاً يجب أن تعمل فيها لتخرج بالفكرة المطلوبة، فأنت تبحث عن اللحظة، وإن ضاعت منك ستعاود البحث عنها من جديد، فكثيرات يجدن صعوبة في العمل فيه ويفضلن العمل ضمن المجالات التي تناسب طبيعتهن الأنثوية كالتعليم أو التصميم الفني والتحرير الصحفي وغيرها” .

العنود آل علي تشارك في المسابقة بفيلمين الأول عبارة عن فيلم وثائقي قصير اسمه “سيمفونية الحروف” ويدور حول الخط العربي وأنواعه واستخداماته في الأزياء والعمارة، إضافة إلى إقبال الشباب على اقتناء الأشياء التي تحتوى على الخط العربي كشيء يرمز لهويتهم العربية . والفيلم الثاني قصير يروي حكاية كل فتاة وتعلّقها بالفستان الأبيض وهو فستان الزفاف” .

وعن اختفاء الطالبات بعد التخرج، تقول: “السبب في ذلك عدم وجود فرص عمل لهن في هذا المجال وهو شيء محزن لوجود مواهب كثيرة، لكن الفرص المتاحة قليلة، وهي المشكلة التي تواجه الفتيات في مجال الإخراج بشكل عام”، وترى أن المخرجة الإماراتية تحاول قصارى جهدها أن تثبت أن باستطاعتها أن تنافس الرجل في مجال الإخراج . وتعتقد أن توجهها إلى إخراج الفيلم الوثائقي يعود إلى سبب شخصي وليس متعلقاً بكون المخرجة فتاة فهنالك الكثير من المخرجين الرجال يتجهون إلى إخراج الأعمال الوثائقية .

فاطمة عبدالله، وهي المخرجة الإماراتية الوحيدة المشاركة في “مسابقة الإمارات” للأفلام القصيرة من خلال فيلم “رنين” تقول عن مشاركتها: “أحاول من خلال فيلمي القصير طرح فكرة جديدة، وهي عن السير للمستقبل وأنت تدير ظهرك له، أي وأنت تسير للخلف، وهي أول تجربة لي وأدعو أن تنال إعجاب المشاهدين” . وعن سبب غياب المخرجة الإماراتية بعد التخرج تقول فاطمة عبدالله: “باتت التزامات المرأة أكثر بكثير من التزامات الرجل، ففي حين تسعى المرأة لأن تثبت نفسها كعنصر فعال في الحياة العملية والمهنية، كان لابد لها من أن تحافظ على المستوى نفسه في مهامها المنزلية والتربوية، وهو الأمر الذي شكل لها تحدياً كبيراً استطاعت في كثير من الأوقات أن تفوز به، فنجد المرأة الإماراتية أبدعت في العمل والإنتاج، ونجحت في تنشئة جيل متعلم وعلى مستوى عال من التربية . هذه الالتزامات التي وقعت على عاتق المرأة جعلتها أحياناً تفضل العمل الثابت، ولهذا عندما ينجح الرجل في عمل ما نصفق له مرة واحدة، أما عندما تنجح المرأة فعلينا أن نصفق لها عشرات المرات” .

محمد يوسف الذي يشارك في فئة الأفلام الوثائقية للطلاب في مسابقة أفلام الإمارات”، وهي المشاركة الوحيدة لشاب بين المشاركات الثماني في هذه الفئة، إذ تمكنت الطالبات من حجز المقاعد السبعة الأخرى، يقول عن سبب هذا الإقبال الشديد من الطالبات على إخراج الأفلام الوثائقية: “أعتقد أنها مسألة اهتمامات، فالشاب يهتم بالأمور الترفيهية كالرياضة والسياحة والصيد، أما الفتيات وبسبب طبيعتهن العاطفية، يركزن على المشكلات الاجتماعية، ويحاولن إيصالها إلى الجميع والكشف عنها، ومن هنا أعتقد أنهن وجدن في إخراج الأفلام الوثائقية وسيلة لذلك، ولا يرى في العمل الفني الإماراتي أي تمييز بين شاب وفتاة، بل إن الدعم، في رأيه، للجميع على حد سواء . ويضيف: “هناك اهتمام واسع بجميع المواهب وتعمل الجهات المسؤولة في الدولة على تبنيها بغض النظر عن العمر أو الجنس، فلا أظن أن سبب اختفاء الفتيات من عالم الإخراج بعد التخرج هو عدم إعطائهن الفرصة المناسبة، لكن أظن السبب أن هو كثرة الالتزامات التي تلاقيها الفتاة بعد التخرج، فمنهن من يفضلن الزواج، ومنهن من يفضلن متابعة التحصيل العلمي، وفئة ثالثة تفضل العمل في وظيفة تتيح لها رعاية أفراد أسرتها” .

قلة الخبرة

علي الجابري، مدير ومبرمج “مسابقة الإمارات” يقول: بناء على ما استقبلناه من مشاركات أثبتت المخرجة الإماراتية من خلال ما قدمته من أعمال أنها تملك موهبة رائعة وتستطيع أن تبني لغتها السينمائية المتميزة، وهو الأمر الذي دفعنا إلى تشجيعها وتقديم كل الدعم اللازم في سبيل وصولها إلى مبتغاها، هذا الأمر بدا جلياً من خلال سيطرتها على مسابقتي الطلبة للأفلام القصيرة، لكننا لم نراع هذا خلال الاختيار، فاختيار الافلام تم من دون النظر إلى جنس المخرج، بل اخترنا أفضل الأعمال لنكتشف أن معظمها أعمال أخرجت بأيد ناعمة، أما عن سبب قلة وجود المرأة الإماراتية في مسابقة الهواة والمحترفين فهو أمر عائد للخبرة، فالفتاة الإماراتية، رغم التميز الذي أظهرته، في مرحلة اكتساب الخبرة لتنتقل للمنافسة في هذه الفئة، فالأعمال المشاركة هي لمخرجين قضوا أكثر من عشر سنوات في هذا المجال” .

عادل الجابري، منسق مسابقة “أفلام الإمارات” يقول: “المشكلة هنا ليست في المخرجة الإماراتية، بل هي متعلقة بالمخرج الإماراتي أيضاً، فهناك عدد كبير من الطلاب الشباب يتركون العمل في الإخراج بعد التخرج ويتجهون إلى أعمال أخرى، فالطلاب في كليات التقنية يدرسون عدداً كبيراً من الاختصاصات إلى جانب الإخراج، وبعد التخرج ينتقي كل منهم الجانب الذي يلبي طموحاته، لهذا يبتعد الكثير من الطلاب عن عالم الإخراج ليلتحقوا بجوانب فنية وإبداعية أخرى” .

الخليج الإماراتية في

20/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)