حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان أبوظبي السينمائي ـ 2011

شدَّد على ضرورة تقديم سينما عربية جديدة يقودها شباب خلاق

التميمي: المساهمة العربية قويَّة وتنافس ما يقدم عالمياً

سلمان كاصد (أبوظبي)

يعد انتشال التميمي مسؤول قطاع السينما العربية في مهرجان أبوظبي السينمائي أحد أهم الوجوه الفاعلة في المهرجان والتي لا تهدأ حركتها، فهو بقدر اهتمامه بالإعلاميين الذين يغطون الأحداث ومتابعته لكل ما يحتاجون من تسهيلات، فإنه يتابع حركة العروض متنقلاً بين فندق فيرمونت باب البحر في أقصى مدينة أبوظبي إلى المارينا مول في كاسر الأمواج في أقصى أبوظبي من الجهة الأخرى.

يحسب وقته بالدقائق، بل ويقسم هذه الدقائق إلى اهتمامات ومنجزات تحسب له حقاً، التقته “الاتحاد”، وسألته حول توقعه لإقبال الجمهور على الأفلام، العربية الكلاسيكية كونها قد شوهدت سابقاً، وأصبحت ضمن الموروث السينمائي المعروف، وهل تشكل عروضها قيمة فنية مهمة؟ قال انتشال التممي “نحن مثل كل مهرجانات العالم، نحاول ألا نكتفي بعروض أفلام جديدة للمسابقات وخارجها، وإنما نهتم بتعريف الجمهور بمنجزات سينما الشعوب وبإنجازات المخرجين المؤسسين، عموماً لا نعتقد أن هذه الأفلام سوف تحظى بنفس القدر من الاهتمام كما هي حال الأفلام الجديدة، لكن هذا لا يمنع فكرة عرض خاصة أن التصور بأن نعرف أن هذا البرنامج لا يكتفي بالعرض وإنما يشمل التوثيق، ومنها طبع نسخ جديدة، وطبعات بترجمات إنجليزية جديدة مدققة واصدار كتاب وتنظيم معرض ملصقات مرافقة للعروض، إضافة إلى ندوة تتعلق بإنجاز الأديب الكبير نجيب محفوظ”.

وعن تاريخ السينما وضرورة تقديمه في محاضرات معرفية ضمن المهرجان قال التميمي “أتصور أن من الصعب أن تثقل المهرجان بأشياء كثيرة مثل البحث في تاريخ السينما، وعندما قدمنا الأفلام حول مساهمات نجيب وطاغور وبرجمان في السينما العالمية، أتصور أن هذا جزء من المهرجان المتعلق بتاريخ السينما، الندوة وبعض النقاشات الحوارية التي ستقام تصب في هذا الاتجاه”.

وما دام هناك نقاد وبعدد لا يستهان به في المهرجان، فهل كان من الضروري أن تقام حلقات نقدية بعد عروض الأفلام واشراك النقاد فيها؟، علَّق التميمي قائلاً “لديك في المهرجان 9 أيام ولديك فعاليات تبدأ من العاشرة صباحاً وتنتهي في الثانية أو الثالثة فجراً، ومن المؤكد أنه لا يوجد شخص سواء كان ناقداً أو صحفياً، أو مختصاً بالسينما أو من الجمهور قادر على متابعة كل شيء سوى جزء محدد من هذه الفعاليات، وطبيعة المنطقة وجمهورها لا تتحمل برامج متشعبة كثيراً، أنت تحتاج أن تكون أي فعالية تقوم بها قابلة على جذب عدد كاف من الجمهور والمتابعين، ونعتقد أن برامجنا لهذه السنة حافلة بالفعاليات مقارنة بالسنة الماضية، ومنها “ندوة الربيع العربي”، و”ندوة نجيب محفوظ” وغيها الكثير”. واضاف التميمي: “وما يتعلَّق بالنقاد، فنحن قد أضفنا هذا العام لجنة تحكيم متخصصة بالنقاد التي هي الفبريسكي “المنظمة الدولية للنقاد السينمائيين” إضافة إلى ذلك وجود الناقد مصطفى المسناوي في لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية، وهناك ثلاثة نقاد سيشاركون في ندوة نجيب محفوظ، وبالتأكيد فإننا في السنوات المقبلة سوف نستفيد من الأسماء النقدية وتعزز من مساهمتها”.

المشاركة العربية

وعن البرنامج العربي المصاحب للمهرجان وحجم المشاركات فيه قال التميمي “أتصور أننا حققنا، بل كنا محظوظين في أن تتوافر كل العوامل لتقديم برنامج قوي يحتفي بالسينما، وهذه السنة شهدت مساهمة عربية استثنائية وواضحة قياساً لجميع السنوات الماضية رغم الصعوبات التي تعاني منها البلدان العربة وما يحصل فيها من أحداث ورغم تجليات الأزمة الاقتصادية الدولية إلا أننا استطعنا استقطاب 9 أفلام روائية عربية في الوقت الذي كان برنامج العام الماضي يضم 6 أفلام فقط، وكان مجموع الأفلام لهذه السنة 13 فيلماً عربياً طويلاً، وحفل المهرجان الرابع بـ 11 فيلماً عربياً طويلاً فقط. وهذا يدلل على مدى اتساع المساهمة واهتمام السينمائيين بالمهرجان، واهتمام المهرجان بالسينما العربية”.

وتابع: “إضافة إلى الـ 13 فيلماً الموجودة في المسابقات في هذا العام يعرض المهرجان فيلم “18 يوماً” في عروض السينما العالمية وفيلمي “المدينة” للمخرج يسري نصر الله و”اليام ليام” للمخرج أحمد المعنوني في برنامج خرائط الذات، إضافة إلى 8 أفلام عربية في مسابقات الأفلام القصيرة”.

أفلام الإمارات

ويواصل التميمي: “ومن الضروري أن نؤكد أن المهرجان يكرس حيزاً كبيراً لمسابقة أفلام الإمارات، حيث تجد مساهمة السينمائيين الإماراتيين والخليجيين مكانها هناك، وما يهمني حقاً أن هناك أسماء كبيرة من المخرجين المكرسين العرب قد اختاروا مهرجاننا بعد غياب طويل لإنجازهم السينمائي مثل، رضا الباهي في فيلمه “ديما براندو”، وفوزي بن سعيدي في فيلمه “بيع الموت”، وإسماعيل فروخي في فيلمه “رجال أحرار”، ومحمد عسلي في فيلمه “أيادٍ خشنة”.

وقال التميمي: “ومثلما نحن فرحون بأن البرنامج قد شمل مساهمة مجموعة من المخرجين الشباب المميزين مثل عمرو سلامة في فيلمه “أسماء”، ونواف الجناحي في فيلمه “ظل البحر”، اللذين يعرضان في أول عرض عالمي في المهرجان، وسوني قدوح “هذا المكان ضيق”، وهشام العسلي في فيلمه “نهاية” هذا الفيلم الذي حصد عند عرضه في مهرجان الفيلم المغربي هذا العام معظم جوائز المهرجان، وللسنة الثانية يكون مهرجان أبوظبي السينمائي هو المنصة للعرض العالمي الأول للأفلام الإماراتية، حيث عرض فيلم سعيد سالمين “ثوب الشمس” وهذا العام فيلم “ظل البحر” لنواف الجناحي”.

وأضاف التميمي: “وما يهمنا أن أشير إليه إلى أن عدداً غير قليل من المختصين السينمائيين الدوليين يؤمون مهرجان أبوظبي ويضعون في مقدمة أولوياتهم الاطلاع على المنجز السينمائي العربي، حيث أصبح المهرجان منصة أساسية لذلك، فأصبح جسراً للفيلم العربي ووجوده في المحافل الدولية سواء بشكل مباشر من خلال تحفيزنا لهذه المشاركات، أو من خلال دعوة ممثلي السينما العالمية لكي يحضروا معنا العروض”. وقال: “طبعاً أن مساهمة مهرجان أبوظبي في دعم السينما العربية لا تقتصر على عروض الأفلام المجاورة للعروض الدولية والجوائز المتوقعة السخية للأفلام الفائزة، وإنما من خلال مبادرة مهرجان أبوظبي السينمائي في تخصيص نصف مليون دولار سنوياً لدعم المشاريع العربية من خلال مشروع “سند” باعتباره أول مشروع للدعم يرتبط بمهرجان في المنطقة ونتائجه للسنتين الماضيتين تبين حجم ومقدار الفائدة التي جناها الفيلم العربي”.

الإتحاد الإماراتية في

16/10/2011

 

أفلام الخليج القصيرة .. تساؤلات واحتمالات

كتب ـ محمد الحمامصي

حالة فكرية تشاؤمية تسرى في مجمل هذه النماذج وغيرها من الأفلام الخليجية القصيرة، يصعب استيعابها إلا على النخب.

على الرغم من أن مخرجي الأفلام الإماراتية والخليجية المشاركة في مسابقة الإمارات للأفلام القصيرة "الحياة بحاجة لرفيق"، "دوائر"، "البعد"، "روح"، "قبل الغروب"، "عتمة"، "لولوة"، قدمت لغة بصرية راقية تحاول أن تستنطق العالم سواء الذاتي أو الخارجي، إلا أن رمزيتها ظلت غامضة وملتبسة، ربما حملت دلالات فكرية وفلسفية لرؤى الحياة داخل هذه المنطقة من العالم/الخليج، ربما حملت ترفا خياليا، وربما هي مجرد استعارات مكنية ـ كما هو في الشعر والأدب ـ تحاول فض بكارة الألم الإنساني داخل المواطن الخليجي، لكن ـ برأيي ـ أن المتلقي البسيط لن يتمكن من التعرف على الرسالة التي تحملها.

هذه الأفلام التي تعرض ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي جاءت كـ "قصيدة الومضة" أو كـ "لوحة تشكيلية" تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات، مكثفة وحادة ومدهشة، ففيلم "الحياة تحتاج إلى رفيق" للمخرج عبدالله النيادي (الإمارات العربية المتحدة – 2 دقيقة) رمزي، وردة في فازة على مكتب لشخص لا نراه مشغولا على كمبيوتره الشخصي، تمضي مساحة زمنية قد تكون أياما أو أسابيع تتغير خلالها مياهها إلى أن تصبح رماديا، فيغير لها المياه ويضع معها وردة أخرى، وينتهي الفيلم.

ربما لولا العنوان الدال لم نكن لنستطيع الوصول إلى الرسالة ولظل الأمر ملتبسا ومفتوح الدلالة، فعندما بدأ لون الماء في التغير شعرت أن الموت يتسلل إلى الوردة حتى إذا بدأ لون الماء يتعكر حتى وصل العكار له كله وسحبت قلت إنها ماتت، فإذا بتغيير الماء ودخول وردة أخرى إلى الفازة ليصبح هناك وردتان، هل يعني ذلك أن الوحدة والعزلة يهددان المرء بالتحلل والذبول، فإذا دخل حياته الآخر انتعش وعادت له الحياة .. ربما.

"روح" للمخرجة فاطمة عبدالله علي (الإمارات العربية المتحدة – 9 دقائق) يشكل بحثا عن الخلود، دفن للمادي الجسدي وانطلاق للروحي، البطل يطلب من نحات أن ينحت في تمثال يشبهه تماما، بل أن يأخذ نفس لون وتفاصيل جسده، يقول: "أريده بأعضائه القلب، العقل، العضو التناسلي" ووسط دهشته وارتباكه يمهله النحات تسعة أشهر "ليكتمل"، وهي المدة التي يتخلق فيها الإنسان في رحم أمه، وعلى وقع زخات المطر يستلم الرجل تمثاله، في رمزية إلى خروج الطفل من الرحم مصحوبا بماء يغرق كل أطرافه.

يحمله الرجل لنراه وقد حفر مستطيلة وبدأ لف تمثاله بالقماش الأبيض من أخمص قدميه حتى شعر رأسه، ثم يحمله للحفرة القبر ويبدأ في إهالة التراب عليه، بعدها يتهلل وينطلق.

الفيلم يطرح تساؤلات كثيرة حول الحياة والموت، بين سيطرة الجسد على الروح ومحاولة الأخيرة الافلات، هنا رفض للمادية بكل صورها وأشكالها وأحجام ثقلها على مقدرات ومصائر البشر.

وعلى الرغم من متعة الفيلم لكن يظل رسالة محفوفة بالغموض والتساؤلات الحائرة حول الصورة التي يحملها معنى تشكيل تمثال على الهيئة الإنسانية، هل هكذا تخلت الروح من ماديتها، هل هكذا انطلقت وأفلتت من ترديات المادة وانعكاساتها السالبة عليها؟

لم أستوعب رسالة فيلم "دوائر" للمخرج عبدالعزيز البطاشي (عمان – 6 دقائق)، لم أستوعب هؤلاء الأطفال الثلاثة الذين كل منهم يلف داخل مزرعة أو ما شابه، وينتهي بهم الأمر أمام مجرى مائي ثم يبدأ كل منهم في إلقاء الحصى لتتشكل الدوائر في الماء، على الرغم من أننا كلنا في طفولتنا فعلنا ذلك فرحا وبهجة بهذا العالم الدائري الذي تشكله الحصى في الماء، لكن ربما شخصيا لم أفهم سر السعادة، ربما هذا ما هدف إليه الفيلم، هل أراد القول إننا كلنا كبشر مجرد حصى يلقى فيثير الحياة ويخلق فيها المعانى/الدوائر؟ ربما.

"عتمة" للمخرج أحمد زين (الامارات العربية المتحدة – 18 دقيقة) فيلم يحمل دلالة عنوانه بشكل واضح، ساعي البريد الذي أنهكه العمل حيث لا يكتفي بتسليم الخطابات لأصاحبها بل يقرأها لهم، ومن ثم تتعب عيناه ونفسيته، فهو يشارك فيما تحمله الخطابات من أفراح وأتراح، ليصل به الأمر إلى فقدان القدرة على القراءة، يحاول ابنه مساعدته سواء بمرافقته ولعب دوره في قراءة الخطابات أو العمل على إيجاد وسيلة/نظارة تصلح الأمر، لكن النهاية تحمل فقدانا للأمل في ذلك.

الفقر والغربة وما يشكلانه من قهر على الحياة الأسرية يتجلى واضحا، فساعي البريد فقير، وجارته وابنتها التي اغترب عائلهما من أجل توفير المال لحياة كريمة لهما يموت، وتفقد البنت الصغيرة بهجتها بقدوم العيد وانتظار الثوب الجديد.

إن المفردات التي اشتغل عليها الفيلم تصلح كل مفردة منها لعمل بناء سينمائي، لكن الفيلم وضعها كلها في سلة واحدة في 18 دقيقة، ربما من قبيل التكثيف وإيصال رسالة محددة أن الرسائل سوف تستمر في الوصول لأصحابها ولكن علينا النظر بعين الشفقة على هذا الجيل الصغير الذي سيحملها وأن نوفر له حياة كريمة.

ويجئ فيلم "البعد" برسالة لا تقل تعقيدا وغموضا عن النماذج السابقة، يبدأ الفيلم بمواطن خليجي يسير وسط زراعات، لتدخل رسومات تشير إلى تغير وتبدل تلك الحياة البسيطة لتصبح مجموعة من ناطحات السحاب، يتحكم فيها الدولار، ثم الجسد الأنثوي، فهل عنى رسالة إلى الخليج العربي أن المال أصبح يلعب دورا سلبيا على حياته الطبيعية؟ هل هذا نداء للعودة والحذر من الانسياق وراء إغراءات الجسد وإغواءاته للحصول على المال.

وفي فيلم "لولوة" أسامة آل سيف (البحرين – 31 دقيقة) تتجلى فيه الرسالة واضحة أن ثمة خطر يتهدد الحياة الاجتماعية جراء الفقر والقهر والانسياق وراء الحاجة، أن المال يمكن أن يغوي العم/العبيط/الأهبل/المعتوه إلى أن يبيع شرف ابنة أخيه، أن الفقر يمكن أن يقتل القلب ويخرب العقل ويدفع غير المتوقع إلى ارتكاب الجريمة دون وازع من علاقة أخوية أو أبوية أو أسرية عامة.

هناك حالة فكرية تشاؤمية تسرى في مجمل هذه النماذج وغيرها من الأفلام الخليجية القصيرة، يصعب إلا على النخب استيعابها، وهذه مشكلة، لا بد أن يخرج هؤلاء المخرجون من شرنقة أفكارهم ورؤاهم الخاصة والعمل على أعمال تحمل ربما ذات الرسالة ولكن بمعالجات يتمكن الجمهور بها من استيعابها، لكن أن يظل الأمر مجرد صور ولوحات وقصائد تشكيلية غير متجلية الخطوط والألوان، أو أن خطوطها وألوانها مشغولة لقراءات الخاصة والمتخصصين، فهذا أمر صعب حيث أن الأمر بالنهاية لا بد من توجيهه للمتلقي العادي.

على أية حال تظل تلك الأفلام مفتوحة للقراءة مرة بعد الأخرى بحثا عن تأويلات جديدة.

ميدل إيست أنلاين في

16/10/2011

 

'إل غوستو' .. تعايش المسلمين واليهود تحت سقف الموسيقى

كتب ـ محمد الحمامصي  

صافيناز بوصبايا تنبش تاريخ مجموعة كبيرة من العازفين والمطربين تفرقوا في أنحاء الجزائر وهاجر بعضهم إلى أوروبا وخاصة اليهود منهم.

استطاعت المخرجة الجزائرية الأصل صافيناز بوصبايا في فيلمها الوثائقي "إل غوستو" (88 دقيقة) أن تنقذ الموسيقى الشعبية الجزائرية التي كادت أن تندثر، وذلك صدفة، على حد تعبيرها حيث كانت في زيارة سياحية للجزائر مع أصدقائها وهي المرة الأولى التي تزور فيها بلدها الأصلي، وأثناء تجوالها لفت نظرها مرآة قديمة أرادت شراءها، من محل يقع في الحي الشعبي "القصبة"، وعند حديثها مع صاحب المحل الذي يتجاوز عمره السبعين عاما، اكتشفت أنه كان عازفا في فرقة المطرب الشعبي الشهير أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن العشرين الراحل الحاج محمد العنقاء مؤسس الموسيقى الشعبية الجزائرية، وليؤكد لها صدقه أطلعها على صور له مع الفرقة وبوستر لحفلة كان معاونا لقائد الأوركسترا فيها.

هذا اللحظة كانت مفتاح رحلة هذا الفيلم الذي قامت عليه المخرجة لمدة تصل لسبع سنوات، نبشت خلالها تاريخ مجموعة كبيرة من العازفين والمطربين تفرقوا في أنحاء الجزائر وهجر بعضهم إلى أوروبا وخاصة اليهود منهم.

الفيلم الوثائقي الذي شهد مهرجان أبوظبي الدولي في دورته الخامسة العرض العالمي الأول له، لم يقتصر دوره على مجرد التوثيق لرحلة هذه الموسيقي ودورها وقيمتها وموسيقييها من المسلمين واليهود، وإنما تجاوز ذلك كاشفا لأبعاد الحياة السياسية والاجتماعية لتلك الفترات التي مرت بالمجتمع الجزائري حتى ما بعد الاستقلال.

الفيلم أيضا لم يقتصر دوره ودور مخرجته على مجرد إلقاء الضوء على تاريخ الموسيقى الشعبية وعلاقاتها مع الموسيقى الغربية، بل امتد إلى أن يكون سببا في تكوين أو إعادة إحياء هذه الفرقة، فقد لمت المخرجة شمل العازفين اليهود والمسلمين ليتشاركوا مجدداً في شغفهم الدائم: الموسيقى الشعبية، التي تشكل وجدان منطقة القصبة الجزائرية، والتي تمثل تزاوجا بين الموسيقى العربية والأوروبية واليهودية، وجزءا حيويا من المجتمع الجزائري حيث كانت تعزف في الأفراح والمناسبات الدينية والتي عادت في الانتشار مرة أخرى بدايات الألفية الثالثة.

إل جوستو يروي قصة المفكرين الأحرار الذين يبرهنون على أن الموسيقى لغة عالمية تسمو فوق الاختلافات العرقية، وهو يذكر الأجيال الشابة بأن التعايش الثقافي والديني كان يشكل واقعاً حياً قبل زمن ليس ببعيد، إنه شهادة رائعة تجمع بين الموسيقى التقليدية للعرب واليهود، ما بين الجزائر وفرنسا.

هذه القصة التي تشكل تأكيدا على الفن سبيل أصيل لتعايش الشعوب وأصحاب الديانات المختلفة، ودون شك حمل إشارة جريئة على أن الموسيقيين المسلمين واليهود يمكن أن يعملوا معا بانسجام، صاحب ذلك إخراجا متميزا تجلى في صور بصرية بديعة عن المكان والإنسان وجال بالمشاهد في أحياء منطقة القبصة الجزائرية التي أكد أبناؤها أنهم عشاقون حتى النخاع للموسيقى وفوضى الحياة.

وفي هذه النقطة تشير المخرجة إلى أنه قبل عام 1962 عام استقلال الجزائر كان يعيش 130 ألف يهودي، معظمهم هاجر إلى فرنسا خوفا من مستقبلهم مما بات الآن دولة يتصاعد فيها المد الديني الأصولي، وهو أيضا العام الذي انتهى فيه عيش الموسيقيين المسلمين واليهود المشترك، إلا أن هؤلاء الذين هاجروا إلى أوروبا استمروا في تقديم نفس هذه الموسيقى الشعبية الجزائرية مع إضفاء لمسة أندلسية على أعمالهم، في الوقت الذي كان زملاؤهم المسلمون قد هجروا العمل دون أن يهجروا عشق الموسيقى والغناء.

ميدل إيست أنلاين في

16/10/2011

 

عبدالرحمن سيسكو:

الرقابة لا تمنع صناعة فيلم عظيم

كتب ـ محمد الحمامصي  

المخرج الموريتاني يلفت إلى أن أصعب أنواع الرقابة هي تلك التي يصنعها الإنسان على نفسه.

كشفت ندوة "الارتجال الموزون" (إحدى الجلسات المتخصصة في مناقشة القضايا السينمائية في إطار مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته الخامسة 2011)، والتي شارك فيها المخرج الموريتاني الكبير عبدالرحمن سيسكو والفنان المصري عمرو واكد، أن الارتجال سواء بالنسبة لمخرج أو الممثل له علاقة مباشرة بمفهوم الحرية والإبداع، حيث أكد سيسكو أن الارتجال بالنسبة إليه يرتبط بمفهوم أن السينما عمل جماعي، هناك منتج له وجهة نظر للحياة، وممثل له طريقته وأسلوبه ورؤيته للدور والحياة، ومخرج وكاميرمان وغير ذلك.

وقال: "الارتجال ليس منفصلا عن كل هؤلاء وله علاقة بهم، كمخرج أعطي الثقة للعاملين معي، هؤلاء الذين لا بد أن ألتقي بهم أجلس إليهم وأتعرف على أفكارهم بما يسمح في النهاية بعلاقة إنسانية بيننا، إنني عندما أختار الممثل أدعوه إلى فنجان من الشاي مرة ومرة، ثم أعرض عليه السيناريو، حيث يصعب العمل مع ممثل لا تربطك علاقة به".

وأشار إلى أن هناك مصورا شهيرا توفى عام 1982 سألته إحدى المشاهدات كيف تلتقط الصورة؟، فقال لها هذا سؤال يعقد لي عملي، وأضاف سيسكو "المخرج يفكر بأنه يمكن أن يثق بنفسه أحيانا وأن يشك بنفسه دائما، حين نأتي للارتجال ما لم نكن مهيئن له لا يمكن أن نرتجل، والتهيؤ ليس مرتبطا بالمخرج فقط بل بالممثل والمنتج والفني وموقع التصوير وأشياء كثيرة أخرى".

وتساءل سيسكو كيف أن الارتجال مع ممثلين غير محترفين يصبح بمثابة كتابة نهائية للنص السينمائي، وقال: "أظن أن الفيلم هو الذي يروي قصة الإنسان، وأظن أن الإنسان أينما كان هو ذاته، والكاميرا يمكن أن تقول أكثر مما نريد قوله وربما تصل لأشياء لا نراها، عندما نصور حياة شخص أو واقع ما لا يخصنا لا نترك جانبا غير مضيء، لا بد أن نلمس كل الجوانب".

وقال سيسكو إن أبوظبي مدينة معاصرة ورائعة وقد تساءلت كمخرج ماذا يمكن أن أصور فيها، ووجدت أن كل إنسان وراءه قصة، وكل مدينة لا تخلو من تناقضات كثيرة سواء كانت غنية أو فقيرة، "إذا قضيت ساعة مع حارس بناية أو طباخ في مطعم سأجد أن وراءه قصة حياة مفعمة بالأحداث، كل مكان برأيي مناسب للدراما، ويمكن أن يصنع فيه فيلم متميز، حتى غياب الأشياء مصدر وحي وإلهام للمخرج".

وأشار إلى أن الواقع دائما موجود بالنسبة للإخراج لكن الفن السينمائي ليس واقعا فقط ولكنه أيضا إبداع خيالي مدهش تأليفا وتصويرا وتمثيلا وإخراجا، إنني دائما ما أدعو الشباب إلى تطلع الآخرين والأماكن والمواقف وأن يفكروا أن أي إنسان حتما لديه قصة.

ورأى في ضوء ذلك "المخرج هو من يرسم الحد الفاصل بين الارتجال والنص" مؤكدا أن الرقابة ليست نهاية العالم، "كل يوم نتعرض للرقابة، هناك من ليس عليهم رقيب لكنهم لم يصنعوا سينما قوية، ليست الرقابة هي التي ستمنعنا من عمل أفلام جيدة، الأفلام الأفضل في العالم هي تلك التي تتم صناعتها في ظل سطوة رقابية شديدة، أنا نفسي كنت ضحية للرقابة حتى بلغ الأمر إلى الوصول لرئيس الدولة للحيلولة دون إفشال العمل".

وقال سيسكو "السينما تهمني لأنني أحب التحدث عن عالم بلا أبطال، السينما الأميركية مشغولة بصناعة البطل لكن وجهة نظري أن رجل الشارع العادي يمكن أن يكون أهم كثيرا من البطل".

ولفت سيسكو إلى أن أصعب أنواع الرقابة هي تلك التي يصنعها الإنسان على نفسه "إذا كنا أحرارا يمكن أن نصور".

ميدل إيست أنلاين في

16/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)