حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان أبوظبي السينمائي ـ 2011

الطموح الزائد أفسد افتتاح مهرجان جيد

أمير العمري- أبو ظبي

لسبب لا أدريه ارتكب منظمو مهرجان أبو ظبي السينمائي  خطأ قاتلا أدى إلى الوقوع في سلسلة من الأخطاء الأخرى، فأدت بدورها إلى إفساد افتتاح المهرجان الذي كان قد بدأ يرسخ ويكتسب سمعة جيدة.

الخطأ الأساسي تمثل في نقل بؤرة نشاط المهرجان من قصر الإمارات الشامخ الذي يتميز اساسا بقربه من الفنادق التي ينزل بها معظم ضيوف المهرجان كما يتميز بما يتوفر له من امكانيات رفيعة المستوى من قاعات ومناطق للقاء والتجمع والمناقشات، إلى فندق حديث البناء يقع في الطرف الآخر من المدينة على بعد نحو 40 كيلومتر من أماكن الإقامة. هنا فقد المهرجان عاصمته الشرعية لحساب مكان بدا لنا كالمتاهة.

أضف الى ذلك أن المسرح الذي أقيم به حفل الافتتاح كما عرض فيلم الافتتاح جاء مخالفا لكل تقاليد بلدان منطقة الخليج، فهو مسرح مكشوف أي في الهواء الطلق، ونحن في شهر أكتوبر حيث لاتزال درجات الحرارة مرتفعة كما أن الرطوبة خانقة. ولم تنفع زجاجات المياه التي وزعت على الضيوف في المسرح المكشوف أو تلك المراوح الورقية الصغيرة، في تلطيف الجو.

ويمكنني هنا أن أشهد أيضا أنني لم أر جمهورا يقترب من جمهور حفل الافتتاح في مهرجان أبو ظبي من حيث قدرته الهائلة على الصبر وقوة التحمل دون شكوى أو احتجاج. فقد جلس الجمهور بالمئات ينتظر بدء مراسم الافتتاح من الساعة السادسة حتى الثامنة والنصف وسط أسوأ موسيقى صاخبة يمكن للمرء أن يتخيل أن تستعين بها أي إدارة لأي مهرجان لتسلية الضيوف، فهي موسيقى كفيلة باصابتك بالجنون!

وبدا أن المنظمون في انتظار شخصية المسؤول الي سيلقي كلمة الافتتاح، وقد تأخر ظهوره بشكل جعل الجميع يتحرك في ملل على مقاعدهم خاصة وأن المقاعد المتوفرة غير مرية على الاطلاق بل وتبدو وقد صنعت خصيصا لتعذيب المشاهدين من الجمهور. وعندما صعد مدير المهرجان الأمريكي بيتر سكارليت ألقى كلمة وجه خلالها الشكر إلى مدير الفندق وقال ان المسرح الذي نجلس فيه تم انشاؤه على عجل وفي ظرف يومين فقط وهو أمر اعتبره بمثابة معجزة في حين يجب محاسبة سكارليت وغيره من المنظمين المسؤولين عن تقصيرهم لأنهم يعملون لمدة سنة كاملة قبل افتتاح هذا الحدث السنوي الذي كان قد بدأ يكتسب تقاليد جيدة ان لم نقل ممتازة خلال العامين الأخيرين فما الذي حدث؟ هل رفضت السلطات المسؤولة عن قصر الامارات وضع القصر تحت تصرف المهرجان؟ هل طلبت مبالغ أكبر من أن يتمكن المهرجان من دفعها؟ هل يعاني المهرجان من ضغط الميزانية؟

لا أظن أن ذلك كذلك بل هي الرغبة في الابتكار والتجديد عندما تصطدم بالحقيقة المرة.

عندما شرع بيتر سكارليت يقدم أعضاء لجان التحكيم الأربعة في المهرجان فوجئنا بأن أسماءهم تظهر على الشاشة مع صورهم، ولكن من دون أن تقول لنا الكتابة الظاهرة من هم، ومن أين جاءوا، وإلى أي فرع سينمائي ينتمون بل وسقط كثير من الأسماء في غمرة الاستعجال الذي ذكرنا بحفلات المدارس ولم نفهم لماذا لم يتم تقديم أعضاء اللجان على المسرح، بل ولماذا نسيت بعض الأسماء ولماذا لم يتم تحديد المهن السينمائية لهم. وأخذ الجميع يضربون كفا بكف دون أن يفهم أحد لماذا كان يتعين علينا ان ننتظر كل هذا الوقت في هذا الطقس المرهق قبل أن يبدأ فيلم الافتتاح!

المؤكد أن القائمين على أمر المهرجان كانوا يأملون أنهم من خلال هذا الموقع الجديد البديع من الناحية الجغرافية أي من ناحية المنظر الطبيعي: ماء وخضرة ومسجد بديع جدا على الضفة الأخرى، وأضواء تنعكس على صفحة الماء، وفندق يدلف الناس عبر ردهاته ثم يخرجون الى الهواء الطلق وسلالم تهبط الى الضفة حيث أقيم المسرح أو ذلك المدرج المكشوف، ويبدو أن المنظمين نسوا تغطية السلالم المرتفعة بالبساط الأحمر، سمة معظم المهرجانات حاليا. وكان يمكن للمنظر أن يكون مبهرا بالفعل لولا أن الجلسة طالت، وهي ستكون بالضرورة خلال السنين القادمة، والطقس المتعب لن يسمح بأي استمتاع بالمنظر الجميل، وهو ما يفرض العودة الى مسرح مكيف الهواء، لا يسبب الارهاق والتوتر لضيوف المهرجان كما حدث بالفعل وهو ما دفع الكثيرين الى المغادرة أثناء العرض السينمائي المخصص لفيلم الافتتاح "مسيو لزهر" بعد أن أصيبوا بالارهاق.

ضجيج وتأخير بلا مبرر وتقديم عقيم بلا أناس حقيقيين على المسرح ومقاعد معذبة وموسيقى راقصة متدنية شديدة الصخب، والنتيجة فشل واضح في افتتاح المهرجان في حين أراد منظموه عبر طموحهم المشوب بالارتجال، عمل نقلة نوعية في حفل الافتتاح. وأخيرا فالكلام عن الفيلم في هذه الحالة يصبح بلا معنى له لأن الفيلم نفسه تراجع الاهتمام به لصال انقاذ عودك الفقري من الالتواء!

عين على السينما في

15/10/2011

 

 

افتتاح مهرجان أبو ظبي السينمائي

حرارة الطقس وحرارة المنافسة

نديم جرجورة 

كعادتها في كل عام، تبذل إدارة «مهرجان أبو ظبي السينمائي» جهداً ملحوظاً لتقديم أفضل صورة ممكنة عن معنى إتاحة الفرصة السنوية للمهتمّين بالفن السابع، لمُشاهدة أفلام جدّية ومثيرة للنقاش والمتعة. لمتابعة آخر الأخبار الإنتاجية والإعلامية والفنية الخاصّة بالسينما، العربية والدولية. لتواصل متجدّد دائماً بين مهنيين ومحترفي صناعة وكتابة نقدية، إلى جانب صحافيين وإعلاميين ينشرون تقارير يومية لا غنى عنها في صحف ووسائل إعلامية مرئية، لكنها لا تخرج عن إطارها الصحافي العادي. إدارة المهرجان الإماراتي هذا، المفتوح على بعض أفضل الإنتاجات السينمائية وأحدثها إنجازاً، تُبادر دائماً إلى كسب رهان زمنيّ، على الأقلّ، على جارها الذي سبقها في التأسيس والحضورين الخليجي/ العربي والدولي، أي «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، للإسراع في الحصول على الجديد أو بعضه، ولعرض الجديد هذا للمرّة الأولى، إماراتياً وخليجياً، وأحياناً دولياً.

حرارة

كعادتها في كل دورة، خصوصاً منذ استلام بيتر سكارليت دفّة القيادة منذ ثلاثة أعوام، تحاول إدارة «مهرجان أبو ظبي السينمائي» أن تجعل الأيام العشرة ملاذاً يقي أبناء البلد المعنيين بالفن السينمائي، والمدعوين إلى إمارة أبو ظبي، والمقيمين في الإمارات العربية المتّحدة، من ارتفاع حرارة الطقس، بجذبهم إلى ارتفاع حرارة المنافسة، بل إلى حرارة الإبداع في الصالات. أن تجعل الأيام العشرة تلك مسافة حيّة لتواصل إنساني أولاً، ولتواصل ثقافي وسينمائي ثانياً، لا يخلو من لقاءات مبنية على شؤون الإنتاج والتمويل أيضاً. كأن الأيام العشرة أكثر من فترة زمنية تختزل وقتاً لامتناهياً اعتاد مخرجون سينمائيون عديدون فبركة جمالياته وصناعتها في أفلام تفوّقت على الأزمنة، وتمرّدت على الجغرافيا. إلى جانب هؤلاء، هناك من يخطو خطوات أولى أو ثانية على طريق الإبداع السينمائي، فيجد في المهرجان سنداً حقيقياً، قد يُترجَم بتقديم منح أو جزء من تمويل إنتاجي، وقد يظهر في إتاحة الفرصة أمامه للتواصل المطلوب.

مساء أمس الأول الجمعة، افتُتحت الدورة الخامسة لـ«مهرجان أبو ظبي السينمائي»، الممتدّة لغاية الواحد والعشرين من تشرين الأول 2011. يُمكن القول باختصار وبساطة أن لا جديد صادم أو مذهل في لحظة الافتتاح. أي أن وقائع الحفلة، وبدء المهرجان فعلياً بعرض فيلم سينمائي، والانتقال لاحقاً إلى حفلة موسّعة تضمّ ضيوفاً ومدعوين من داخل الإمارات العربية المتّحدة وخارجها، وقائع مُكرَّرة عاماً تلو آخر. المضمون مختلف أحياناً بين دورة وأخرى. هذا العام، اختير فيلمٌ كنديّ يُمثّل كندا في السباق على الفوز بلقب «مُرشّح» لجائزة «أوسكار» في فئة أفضل فيلم أجنبي. فيلمٌ معقود على أسئلة الهجرة والمنافي والمناخ التربوي ومفردات الصداقة والبحث عن خلاص أو انعتاق من قسوة الخراب. أسئلة الموت والجريمة أيضاً، وما ينتج عنهما من أزمة نفسية وروحية وانفعالية. فيلم مشغول بحرفية مهموم بسؤال الحكاية، وبكيفية ترجمتها بصرياً.

حقّق الكنديّ فيليب فالاردو «السيّد لزهر»، انطلاقاً من لحظة مأسوية غير متوقّعة، انشغل بها تلامذة مدرسة ابتدائية: العثور على جثّة المُدرِّسة متروكة في صفّها. دلائل عدّة أشارت إلى جريمة قتل. الصدمة خانقة. الارتباك طاغ. ما العمل؟ بدا التلامذة مذهولين بقسوة وقلق. بدوا معلّقين في فضاء غير مسكون. دخول الأستاذ البديل لم يُخرجهم من ألمهم. تتطلّب الأمر وقتاً. تتطلّب جرأة من الأستاذ البديل لزهر، المقيم في مآسيه، والمكافح يومياً من أجل كسر الحصار، والخروج إلى ما يُشبه الراحة الداخلية.

صدفة أم حاجة

كأن مقتل المُدرِّسة ضرورة. كأنه حاجة للطرفين معاً، للخروج من روتين اليوميّ، أو من رتابة البحث عن أفق. للخروج إلى الذات وتنقية بشاعاتها، أو إلى الآخر لحوار مفتوح على كل شيء. لذا، وعلى امتداد ما تبقّى من أسابيع قبل نهاية العام الدراسي، بات على السيّد لزهر وتلامذته الجدد أن يلتقوا معاً. فهذان الطرفان محتاجان إلى بعضهما البعض، من دون أن يشعر أي واحد منهما بهذا. محتاجان إلى كسر الجدار المرتفع بينهما بسبب الجريمة، وبسبب اللقاء بينهما في لحظة غير منتظرة.

لا يقف الأمر عند الحدّ الفاصل بين السيّد لزهر والتلامذة. التلامذة مهمومون بأشيائهم. السيّد لزهر بمآزقه. الجريمة أشعلت ناراً خامدة في أعماقهم جميعهم. لكنها نار محرّضة لهم أيضاً على المواجهة: مواجهة الذات، ومواجهة بعضهم البعض. هناك دراسة يجب أن تنتهي فصولها في الوقت المحدّد. المثابرة على الدراسة متوازنة والمثابرة على الخروج من آثار الضربة المؤلمة، التي تعرّضوا لها إثر مقتل المُدرِّسة. أصرّ السيّد لزهر، إزاء الجدار الفاصل بينه وبين التلامذة، على أن يجعل التدريس أداة تحطيم للجدار، وأداة علم ومعرفة في آن واحد. على أن يجعله مدخلاً إلى الاغتسال من الهزائم والخيبات والأوجاع. ذهب إليهم. طلب منهم الاكتراث بمادة الكتابة الإنشائية باللغة الفرنسية. كأن هذا كلّه علاجٌ من نوع آخر.

«موضوع ساحر ومؤثّر ومُعبِّر عن ثنائية الخسارة والحسرة، أو عن ثنائية الشفاء والحبّ، أو عنها كلّها». تردّد كلامٌ كهذا على ألسنة بعض مشاهدي الفيلم. البناء الشكليّ بدا كأنه مرّ مرور الكرام. ربما لأن مواضيع كهذه تفرض سطوتها على المُشاهدين، فتجذب انتباههم إليها.

السفير اللبنانية في

15/10/2011

 

فيلم افتتاح الدورة الخامسة من «أبوظبي السينمائي»

«السيد لزهر».. مأساة خاصة للجميع

زياد عبدالله - أبوظبي 

عليّ بداية أن أقول إن «الخيل» لم تكن واردة في افتتاح الدورة الخامسة من مهرجان أبوظبي السينمائي كما الدورة السابقة، لكن إن كان المسعى هو استكمال البيت الشهير للمتنبي فلا حاجة لهذا النفي مع «الليل والبيداء»، طالما أن الافتتاح ليلي كما كل افتتاح مهرجان سينمائي، والبيداء بمتناول اليد وإن كان البحر حاضراً طالما أن الافتتاح أقيم في «فيرمونت باب البحر» مقر المهرجان الجديد. هكذا بداية تأتي من أسباب سرعان ما ستتضح مع استعادة فيلم افتتاح الدورة الرابعة من «أبوظبي السينمائي» الذي كان بعنوان «سكريتريت» إخراج راندل والاس، والذي يبدو أنه صار قبض الريح، ولعل هذا التوصيف آت ليس فقط من ما حمله ذلك الفيلم، الذي يمكن توصيفه باللاشيء إلا إن كانت المقاربة استشراقية، بل من افتتاح فيلم هذه السنة Monsieur Lazhar «السيد لزهر» الذي إن وضع إلى جانب «سكريتريت» سيكون كل ما تقدم صحيحاً تماماً وبمنتهى الدقة.

كل ما أُحيط به فيلم الكندي فيليب فالاردو كان يدفعني نحو شعور بأنه سيكون على شيء من فيلم لوران كانتيه The class «الصف» الحائز على سعفة «كان» الذهبية ،2008 الأمر الذي لن يكون ساراً جداً، خصوصاً أن الحديث في فيلم فالاردو عن مدرس جزائري مهاجر إلى كندا هو بشير لزهر وعلاقته بطلبته، الأمر الذي سيقودني نحو شيء من التوقع لما لها أن تكون عليه علاقة الشرق بالغرب ومسألة الهوية والانتماء وما إلى هنالك من مفاهيم لها أن تصبح على شيء من «الكليشهات» مملوءة حتى التخمة بالنوايا الحسنة، لكن كل هذه التوقعات ذهبت أدراج الريح وهذا حسن جداً، ولعل القول إن فيلم «السيد لزهر» في مكان آخر شيء على قدر كبير من الدقة.

لا يمهلنا فيلم «السيد لزهر» للدخول في صراعه الأساسي المتمثل في إقدام إحدى معلمات المدرسة على الانتحار بشنق نفسها في الصف الذي تعلم فيه، ونحن نقارب ذلك من خلال أحد الطلاب الذي يمضي ليحضر الحليب، فإذا به يرى من زجاج باب الصف الموصد معلمته مشنوقة، البداية تراجيدية هنا وليست النهاية، وتلك التي تتدلى من الحبل لا نعرفها، والفيلم سيمضي من البداية نحو هؤلاء الطلبة الصغار الذين عليهم مواصلة حياتهم الدراسية بعد هذا الحادث، والكيفية التي على المدرسة وإدارتها معالجة ذلك، سواء بإجراء بضع تغييرات على الصف كطلائه من جديد أو عبر معالجة نفسية، مع ترافق ذلك مع البحث عن مدرسة جديدة تحل محل المعلمة المنتحرة.

لن تكون معلمة، بل سيكون معلماً اسمه بشير لزهر (الممثل الجزائري محمد فلاح) الذي سيشرح اسمه لطلابه بأن يقول بأن البشير بالعربية هو من يحمل بشارة أمل، والزهر هو الحظ، ولعل في هذا التوصيف ما له أن يحمل مفارقة تتمثل في أن بشير ليس إلا طالباً للجوء في كندا ونحن نراه وهو يحدث محاميه في هذا الخصوص مع جلسات استماع في جلسة مخصصة للبت بأمر قبول طلبه أو رفضه، والتي ستنكشف من خلالها مأساته الشخصية التي خلفها وراءه في الجزائر، وفي صندوق المربى أو الطرد البريدي الذي يتلقى فيه كل ما تبقى من حياته المحترقة.

يوحي الفيلم لدى الكتابة عنه بأن الأمر مغر بمحاكاته، من خلال الابتعاد عن الحسم والأحكام المطلقة، وللدقة فإنه أي الفيلم لا يمضي إلى أي نوع من المبالغات، ودون أن يخلط بين مأساة السيد لزهر الخاصة وما يعيشه الطلاب، وكلاهما تراجيديان، فالسؤال الأكبر بالنسبة للمعلمة المنتحرة: لماذا انتحرت في الصف؟ وما الرسالة التي تريد إيصالها من خلال ذلك؟ أسئلة لا تتردد مباشرة في الفيلم إلا حين يتاح للسيد لزهر إدانة فعلها، ومع توارد شيء من قصتها مع ذلك التلميذ بما يعطي ما أقدمت عليه سبباً ما، لكنه لن يكون جازماً، إذ إن تقدم هذا التلميذ بشكوى عليها لأنها قامت بتقبيله وتوبيخ تلك المعلمة على ذلك له أن يكون احتمالا، لكن ذلك لن يكون من مشاغل الفيلم الرئيسة، بمعنى أن التركيز سيكون على شعور ذلك التلميذ بالذنب ولعله الحب أيضاً والملتبس منه المحاط بالطفولة التي تتلمس مشاعرها، في سياق متصل، سيكون السيد لزهر وعبر أداء فلاح الآسر غير معني بمأساته الشخصية في حضور طلابه، سيرفض أن يحدثهم عن الجزائر، سيبني علاقته معهم سريعاً، سيجد في المقاعد المرتبة في صفوف ما يحب أن تكون عليه دون أن تكون مشكلة لنصف دائرة كما في السابق، وسيجد أيضاً في فرنسية بلزاك ما على طلابه أن يتعلموه والذي يكون صعباً عليهم، لكنهم سيقبلون بتكبد عناء تلقي ذلك كرامة لهذا المعلم الصالح تماماً للإعجاب وفق «كاريزما» الاستاذ المثالي الذي يمتزج له الحنان بالحزم. عند التساؤل ما الكلمة المفتاح لكل ما شاهدناه؟ فإن الإجابة ستكون في المواراة، أي أن كل ما يتوارى سيظهر رويداً رويداً في الفيلم وفي إيقاع له أن يكون على اتساق مع الثلج الذي يكاد لا يغيب إلا في الجزء الأخير من الفيلم، وبناء كل علاقات الفيلم وفقاً لهذه المواراة، فالتلميذة الجميلة التي تحب معلمها وتضع صوراً من الجزائر داخل طاولتها لا تعرف شيئاً عن معلمها سوى اسم بلده، كما أن ذاك التلميذ الذي يلتقط الصور، لا يعرف شيئاً عن اضطرابات معلمته السابقة التي قد تكون راحت ضحية صرامة التعليمات المتعلقة بعدم الاحتكاك جسدياً بالتلاميذ، ثم إن السيد لزهر نفسه لن يكون معلماً في الأساس، وكما هي العلاقات في الحياة التي تحمل التباسات كثيرة، كذلك الفيلم يبني العلاقات بين شخصياته وفق تلك الالتباسات دون انعطافات مفتعلة أو ارتجالات طارئة، في انتصار للمشاعر العفوية كما ستكون عليه نهاية الفيلم.

الإمارات اليوم في

15/10/2011

 

مبادرة جديدة في انتظار صُنّاع الأفلام

« أفلام الإمـارات » 10 سـنوات مــن الحلم

إيناس - محيسن أبوظبي 

10 سنوات كاملة مضت على انطلاقة مسابقة (أفلام الإمارات)، 10 سنوات مضت على انطلاقة فكرة كانت مجرد حلم، تلقفته قلوب تؤمن بالأمل، وعقول منفتحة على الغد، وقدرات كامنة تبحث عن وسيلة للتعبير عن نفسها.. بدايات بسيطة كانت هي اللبنة الأولى للمسابقة التي ولدت في ،2011 ونضجت الآن وباتت مكوناً رئيساً من مكونات مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي. ورغم بساطتها استطاعت المسابقة الوليدة في ذاك الوقت، أن تتحول إلى قبلة لكل الموهوبين ولكل من سحرت عقولهم الشاشة الفضية واستحوذت على عقولهم غواية الكاميرا.

بين جدران المجمع الثقافي في وسط العاصمة أبوظبي بدأت (أفلام من الإمارات) كتظاهرة صغيرة تحتضن حلماً كبيراً، وحدثت المفاجأة، نجحت التظاهرة وتحولت في العام التالي إلى مسابقة جادة، وبوتقة تتجمع فيها طاقات محبي الفن السابع، منتجة أعمالاً قد تكون متواضعة في ذاك الوقت من الناحيتين الفنية والتقنية، ولكن هذه المحاولات شكلت بذرة سليمة أنبتت الآن جيلاً من صناع الأفلام الإماراتيين والخليجيين أيضاً، حيث حرصت «أفلام من الإمارات»، على ان تفتح ذراعيها لأبناء دول الخليج وتستقبل ما لديهم من إرهاصات فنية في وقت كان الحديث فيه عن صناعة سينما محلية يؤخذ على محمل الجد من كثيرين.

وجوه كثيرة لشباب صغار يتلمسون البدايات، يتناثرون في كل ركن وزاوية من المجمع الثقافي، مخرجين ومصورين وكتاب سيناريو وصحافيين ونقاد، دائماً ما تراهم منخرطين في حوارات جادة عقب كل فترة عرض يتضمنها برنامج المسابقة، يحللون الأفلام ويتبادلون الآراء ويستمعون لنصائح واقتراحات بعضهم بعضا باهتمام، لم يكن هناك خجل من الأخطاء بقدر ما كانت هناك رغبة في التعلم واكتساب الخبرة، فالكل في البدايات وليس هناك مجال للتعالي أو التقليل من شأن الآخرين، الإعلاميون أيضاً كانوا يشعرون انهم جزء من هذه الأجواء الحميمية، لم يكونوا يتعاملون مع «أفلام من الإمارات» باعتبارها «مهمة عمل» يجب القيام بها، بقدر ما كانت فرصة للالتقاء بوجوه صديقة توطدت علاقتها بالإعلاميين عاماً بعد عام. أسماء عديدة كانت صاحبة حضور دائم في المسابقة، صار أصحابها الآن نجوماً تستقبلهم المهرجانات العربية والعالمية وتحتفي بأعمالهم، وهم كثر من بينهم سعيد سالمين وخالد المحمود ووليد الشحي وهناء الشاطري وفاضل المهيري وأحمد زين وعبدالله حسن وهاني الشيباني، إلى جانب نواف الجناحي الذي يتزامن الاحتفال بمرور 10 سنوات على المسابقة مع عرض فيلمه «ظل البحر» الذي يعد أول انتاج إماراتي لشركة «ايميجنيشن».

مراحل مختلفة

صعوبات الإنتاج، وعدم وجود جهة مختصة تهتم بصفة رسمية بإقامة صناعة أفلام إماراتية، وتتبنى المواهب الشابة، كانا هما أكبر العقبات التي كانت تواجه «أفلام من الإمارات» وشبابها، ومن رحم المسابقة، ولأن الحاجة أم الاختراع كما يقولون، خرجت فكرة المجموعات الفنية والسينمائية إلى النور مثل «فراديس» و«الرؤية السينمائية» وغيرهما، حيث وجد فيها صناع الأفلام وسيلة ناجحة للتغلب على صعوبات الانتاج، وتوحيد جهودهم بدلاً من الاعتماد على الجهد الفردي، فعمدت كل مجموعة من الشباب لتكوين فريق عمل يتولى أفراده التعاون في تنفيذ أفلامهم، فمخرج هذا الفيلم، هو أيضاً المصور في فيلم عضو آخر في الفريق، وقد يكون مسؤول الإضاءة في فيلم ثالث، والممثل في رابع، وهكذا، وهو ما يسهم في تخفيض نفقات الإنتاج، بالإضافة إلى تعاون أعضاء الفريق ماديا لتوفير معدات التصوير. هذه المجموعات الفنية شكلت خطوة جديدة ومهمة لدفع مسيرة صناعة أفلام إماراتية.

مثل الحياة وكل ما فيها من أشياء، لم تخل مسيرة «أفلام من الإمارات» من صعوبات ومشكلات، انتصارات وهزائم، لقاءات وفراق، ولحظات توهج وأخرى للخفوت. ففي عام 2007 انفصل عنها مؤسسها السينمائي الإماراتي مسعود امرالله، وفي عام 2008 انضمت المسابقة إلى مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي (مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي حالياً)، وتزامن مع ذلك مضاعفة قيمة جوائزها المادية، وتولى المخرج عبدالله البستكي إدارتها، وفي هذا العام اقيمت دورتين للمسابقة، ولكن صاحبهما شعور السينمائيين الشبان بأنهم على هامش المهرجان وليس جزءا أصيلا منهم، في ظل استئثار النجوم الكبار والعروض العالمية باهتمام الجمهور، بينما انزوت عروض المسابقة بعيداً في المارينا مول.

في عام ،2010 بدأت مرحلة أخرى من المسابقة التي أصبح اسمها (أفلام الإمارات)، مع انضمامها إلى مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي لتصبح واحدة من مسابقات المهرجان الرسمية، لتلتحق بمبادراته الأخرى الرامية إلى توفير مخرجي الخليج والعالم العربي بمنصة دولية، وتسليط الضوء على الثقافة السينمائية في المنطقة.

مبادرة جديدة

كما انتقلت إدارة المسابقة إلى المخرج والفنان علي الجابري الذي عاصر انطلاقتها منذ البداية، وكان شاهداً عن قرب من موقعه كسكرتير عام المسابقة منذ ،2001 على تاريخ المسابقة، قريباً من احلام زملائه صناع الافلام الإماراتيين والخليجيين وأفكارهم، ولذا حرص الجابري من البداية على جذب الانتباه للمسابقة والمشاركين فيها، وهو ما تحقق مع قيام ادارة المهرجان بتكريم الفائزين في مسابقة «أفلام الإمارات» في الحفل الختامي للمهرجان إلى جوار نجوم السينما العالمية وأمام حشد كبير من وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم.

في هذا العام، يراهن مدير مسابقة أفلام من الإمارات علي الجابري على نوعية الأفلام المشاركة في المسابقة التي يبلغ عددها 45 فيلماً تم اختيارها من اجمالي 177 فيلما تقدمت للمسابقة، وعلى نزوع كثير منها إلى الجرأة وطرح قضايا مهمة ولها علاقة قوية بالمجتمع والعلاقات الاجتماعية والانسانية القائمة فيه.

وقال الجابري لـ«الإمارات اليوم» إن الاحتفال بإكمال المسابقة لعامها الـ10 سيشهد الإعلان عن مبادرة جديدة لدعم أفلام الشباب من أصحاب المواهب الواعدة، وسيتم الكشف عن تفاصيل المبادرة وعدد الأفلام التي ستستفيد منها خلال الدورة الحالية من المهرجان، كدليل على ادراك الجميع لأهمية المسابقة والدور الذي تقوم به.

مؤكداً أن المسابقة كان لها تأثير واضح وكبير في خلق بيئة حاضنة لصناعة الأفلام في الإمارات والخليج، وهو الدور الذي تتمسك به، خصوصاً أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين السينمائيين الشبان والمسابقة استمر لسنوات وسيتواصل في المستقبل.

الإمارات اليوم في

15/10/2011

 

قدم مع عمرو واكد جلسة حول «الارتجال »

عبدالرحمن سيساكو: السينما هي البحث عن الآخر

إيناس محيسن - أبوظبي 

قال المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو، إن الرقابة على السينما قد تشكّل عائقاً أمام صناع الأفلام، وكثيراً ما تؤدي إلى ضعف الأعمال التي يتم تقديمها، ولكنها في الوقت نفسه لا تشكل عائقاً حقيقياً أمام قيام نهضة سينمائية في أي دولة في العالم. مشيراً إلى ان الدول التي تخلو من الرقابة على السينما لم تشهد نهضة سينمائية لافتة، وبالتالي فالارتباط بين الأمرين ليس مؤكداً.

وأضاف سيساكو «هناك الكثير من الشباب في الإمارات يرغب في دخول مجال صناعة الأفلام، ويتساءلون عن كيفية عمل فيلم، هؤلاء عليهم أن يفتحوا عيونهم وآذانهم على الواقع من حولهم، والعمل على اكتشاف الحقيقة والاقتراب من الآخرين، فالسينما هي البحث عن الآخر والتعبير عنه». مشيراً إلى ان العنصر البشري هو الأساس الحقيقي للعمل في صناعة الأفلام.

واعتبر سيساكو؛ في الجلسة الحوارية التي عقدت صباح أمس، ضمن فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان ابوظبي السينمائي الدولي، بعنوان «الارتجال: مغامرة محسوبة»، وشاركه فيها الفنان المصري عمرو واكد، أن الارتجال هو روح وجوهر العمل في السينما، وامتلاك القدرة على التعبير عن حقيقة اللحظة التي يجسدها المشهد، فالواقع أغنى بكثير من الخيال في معظم الأحيان. موضحاً ان الارتجال قد يكون من جانب المخرج أو المنتج أو الممثل، حيث يذهب بعض الفنانين الذين يمتلكون الموهبة في أدائهم إلى أبعد مما يتوقع المخرج. مؤكداً ان الدراسة ليست كل شيء في صناعة الأفلام، «فالسينما مشوار طويل يتعلم الفنان شيئاً جديداً في كل خطوة فيه، وهذا هو جوهر الارتجال ان نكون قريبين من كل ما يحيط بنا، وان نستشعر كل ما يدور حولنا، ولكنه في الوقت نفسه، لا يصلح الارتجال مطلقا في صناعة الأفلام الوثائقية».

من جانبه، دعا الفنان المصري عمرو واكد صناع الأفلام العرب إلى تجاوز الحدود والسعي لتقديم انتاج مشترك مع فنانين موهوبين من مختلف الدول العربية لتقديم أعمال مختلفة، وأضاف: «نعرف جميعاً ان صناعة السينما في المنطقة العربية قد طالها الضعف في السنوات الماضية، قبل قيام الثورات التي تشهدها المنطقة والتي تعرف بالربيع العربي، والآن علينا ان نغير وجهة نظرنا لصناعة الأفلام، وأن نسعى لتقديم أعمال مختلفة تعطي أولوية للاقتراب من المشاعر الإنسانية والتعبير عنها، وتسمح بمساحة أكثر اتساعاً للارتجال. فهذه الثورات لابد ان ترتبط بتقديم فن حقيقي يعبر عنها ويعكس بصدق ما يجري في الواقع ليقدمه على الشاشة».

وانتقد واكد غياب «المنتج المغامر» عن الساحة في الفترة الحالية. مشيراً إلى ان هناك مخرجين كباراً ومن بينهم مخرجون صنعوا أفلاما صنفت ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما العربية، ومع ذلك يجلسون في بيوتهم لأنهم لا يجدون المنتج الفنان الذي يتولى انتاج نوعية الأعمال التي يقدمونها. معتبراً ان المخرجة الراحلة آسيا داغر كانت آخر المخرجين المغامرين في العالم العربي.

ووصف واكد فيلمه الجديد الذي قدمه مع المخرج إبراهيم البطوط عن ثورة يناير، بأنه «من أفضل الأفلام التي قدمها»، موضحاً ان الفيلم، الذي لم يصرح باسمه، اعتمد بشكل كامل على الارتجال، حيث لم يتم تجهيز سيناريو او حوارله، ولكن الرغبة في تقديم عمل عن الثورة، جمعته مع البطوط في ميدان التحرير خلال الثورة، وهناك بدأ العمل في الفيلم.

من جانب آخر، كشف واكد انه يعمل منذ ما يقرب من 10 سنوات على تجهيز فيلم عن البطل العربي عنترة بن شداد، لتقديمه على الشاشة بشكل مختلف عن الصورة التي سبق أن قدم بها، ليجسد من خلاله الهوية العربية في صورة بطولية مثل سوبر مان ولكن باللغة العربية، مشيراً إلى ان عملاً مثل هذا لا علاقة له بالارتجال، حيث عمد طوال السنوات التسع الماضية على وضع خطة عمل ومراحل لتنفيذ الفيلم، وقام بالعديد من البحوث الموسعة ليخرج العمل بالمستوى الذي يطمح إلى تقديمه.

الإمارات اليوم في

16/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)