|
لليوم الثاني على التوالي، يعمّ فرحٌ على قاعة الاحتفالات "صقر" في
فندق "فيرمونت باب البحر"، في ختام الدورة الخامسة لـ"مهرجان أبوظبي
السينمائي". فبعد أربع وعشرين ساعة على إعلان نتائج "مسابقة أفلام
الإمارات" و"مسابقة الأفلام القصيرة"، وُزّعت جوائز "اللؤلؤة السوداء" مساء
الجمعة في الواحد والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2011، في مسابقات
"الأفلام الروائية الطويلة" و"آفاق جديدة" و"الأفلام الوثائقية" و"عالمنا".
وهذه الأخيرة، الخاصّة بالأفلام البيئية، باتت منذ الدورة هذه جزءاً من
المسابقات الرسمية، تُمنح لأفضل فيلم تناول قضية بيئية هامة، وتتضمّن جائزة
مالية تساوي خمسة عشر ألف دولار أميركي.
لا تُسرّ الجوائزُ المُشاركين جيمعهم في التنافس عليها. هذا عاديّ.
الفائز منتش بجائزته. غير الفائز حزين قليلاً. غير أن المقياس الأهمّ
والأفعل، كامنٌ في أن السينما حاضرة. في أن متعة المُشاهدة نتجت من براعة
سينمائيين في مقاربة الحكايات والوقائع، أو في رسم صُوَر سينمائية حقيقية.
الفوز خطوة، أو حالة. السينما عالم متكامل ومفتوح على مزيد من العمل
والإنتاج. غالب الظنّ أن الفائزين وغير الفائزين ذاهبون جميعهم إلى
السينما. أو هكذا يُفترض بهم أن يفعلوا. "مهرجان أبوظبي السينمائي" محطّة
في مسار المُشاركين فيه بأفلامهم. محطّة للتواصل والنقاش. أما الجوائز،
فخطوة أو لحظة. بقدر ما هي مهمّة بالنسبة إلى الفائز، تتحوّل سريعاً إلى
دفع إضافي باتّجاه الأمام. او هكذا يُفترض بها أن تفعل.
إذاً، بدت حفلة توزيع جوائز "اللؤلؤة السوداء" أقرب إلى إعلان انتهاء
دورة جديدة. أي: إعلان ضمني إطلاق العمل التحضيريّ لدورة أخرى. الجوائز
محرّضة على مزيد من المسؤولية. بل على مزيد من الإبداع. غالبية الأفلام
الفائزة التزمت واقعاً مُثقلاً بألف همّ وسؤال. طرحت أسئلة الهجرة والمنافي
الداخلية والضيق المحاصِر أناساً معلّقين وسط الألم والقلق والخوف وانهيار
القِيَم، او بعضها. الغنى الإبداعي والبصري مثير لمتعة المُشاهدة. مثير
للنقاش. حفلة توزيع الجوائز بحدّ ذاتها مزجت البساطة بالغنى هذا، والسهر
باستعادة مشاهد أو لقطات أو أداء أو حراك أو حالة، موجودة كلّها في الأفلام
الفائزة.
قبل الإعلان عن الجوائز، عُرض فيلم قصير بعنوان "ستيف" للممثل
البريطاني روبيرت فرند في تجربته الإخراجية الأولى، مثّل فيه كولن فيرث
وكيرا نايتلي. ثم كانت "جائزة اللؤلؤة السوداء للتميّز المهني" من نصيب
الممثلة تيلدا سوينتن، التي أدّت دوراً في "يجب
أن نتحدّث عن كيفن" للإنكليزية لين رامزي، المُشارك في "مسابقة
الأفلام الروائية الطويلة". وهي الجائزة نفسها التي مُنحت قبل يوم للمخرج
البريطاني مايكل وينتربوتوم، الذي شارك بفيلمه "تريشنا"
في "مسابقة الأفلام الروائية الطويلة أيضاً. بدءاً من مسابقة الأفلام
الروائية الطويلة، يُمكن القول إن الفائزين مخرجون نهلوا مواضيع نتاجاتهم
الأخيرة من أعماق الشقاء الفردي، أو البؤس الجماعي. سلّطوا ضوءاً على وقائع
العيش على الجمر اليومي. قالوا وجعاً. رسموا صورة عن معنى العزلة وسط
الناس. أو عن القهر المبطّن في الزاويا المعتمة والمسحوقة. الممثلات
المغربيات الأربع صوفيا عصامي ومنى بهمد ونزهة عقل وساره بيتاوي قلن كلاماً
بديعاً في "على
الحافة" لليلى كيلاني، بتمثيلهنّ الرائع أدوار صبايا منكسرات
وخائبات ومصطدمات بالجدران القاتلة المرتفعة حولهنّ. جياشري باسافاراج أدّت
دوراً بديعاً في "لاكي"
لآفي لوثرا، تمثّل بامرأة هندية عجوز مقيمة في جنوب أفريقيا، على بُعد
مسافة قصيرة جداً من حكاية صبي تائه ومسجون بين ذكريات ملفّقة وراهن مخادع.
هذه نماذج تُشبه بعض ما فعله مخرجون آخرون فازوا بجوائز "آفاق جديدة"،
كاللبناني سوني قدوح في "هذا
المكان الضيّق"، والهندي غورفندر سينغ في "صدقة
الحصان الأعمى" والبرازيلية جوليا مورات في "القصص
موجودة حين نتذكّرها".
الأفلام الأخرى متنوّعة الوجوه وأساليب المعالجة. القصص موجودة حقّاً،
سواء تذكّرها الناس أم لا. سواء استعين بها لسرد مقتطفات منها، أم استُخدمت
لتروي تفاصيل وحالات. الأفلام الوثائقية لا تقلّ قدرة على التحريض والسجال
عن الأفلام الروائية: منها مثلاً "إل
غوستو (المزاج)" للجزائرية الأصل صافيناز بوصبايا، التي رصدت
تاريخاً منقطعاً بين أناس جمعتهم الموسيقى الشعبيّة، وفرّقتهم انتماءات
دينية وسياسية وثقافية واجتماعية في الجزائر، ماضياً وحاضراً. "تحرير
2011" للثلاثي المصري تامر عزّت وآيتن أمين وعمرو سلامة، شهادة
بصرية عن الحراك الشعبي العفوي المصري والتفاصيل الكثيرة التي عاشها
المصريون أو اختبروا إذلالها فانتفضوا عليها.
تنويعات وجوائز وأفكار وصُوَر بصرية وحكايات لا تنتهي. ليست الأفلام
الفائزة نضالية بالمعنى التقليدي للكلمة. إنها نضالية، لسبرها أغوار النفس
البشرية والعقل الفردي، وسط تبدّل أحوال كثيرة، وداخل الدوائر المغلقة
للخيبة والجنون. وهذا كلّه منسجم والعنوان الأبرز للدورة الخامسة للمهرجان:
السينما صناعة مرتكزة على العقل والمخيّلة والانفعال والرؤية.
اللائحة الكاملة للأفلام الفائزة في المسابقات الأربع:
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة
تراس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة المخرج السوري نبيل
المالح، وضمن في عضويتها كل من: الممثلة الفرنسية، المنتجة الإنكليزية
لوسيندا انغلهارت، الممثلة المصرية ليلى علوي والمخرج الهولندي جورج سلوزر.
الجوائز
أفضل فيلم روائي
"ثراء بصري.. رحلة مذهلة ..سردٌ موحٍ ومختلف... فيلمنا المفضل يجمع
هذه العناصر في عرض سينمائي بديع"
"دجاج بالبرقوق" إخراج مرجان ساترابي وفنسان بارانو/ فرنسا، ألمانيا،
بلجيكا
جائزة لجنة التحكيم الخاصة
"جائزة لجنة التحكيم الخاصة تذهب إلى مخرج كبير استطاع من خلال قصة
مؤثرة عن عائلة، مع فريق ممثلين متميزين، فتح نافذة على مجتمع"
"انفصال نادر وسيمين" إخراج أصغر فرهادي/ إيران
أفضل مخرج من العالم العربي
"من أجل قدرته الممتازة على سرد حكاية مجهولة وهامة من التاريخ
الحديث..."
اسماعيل فرّوخي عن فيلم "رجال أحرار"/ المغرب، فرنسا
أفضل منتج من العالم العربي
"في تقدير للجهد الكبير الذي بذله المنتج لتحقيق حلمه السينمائي"
زياد حمزة ورضا الباهي عن فيلم "ديما براندو" إخراج رضا الباهي/ تونس
أفضل ممثل
"لدوره المعقّد كشرطي فاسد في لوس أنجلس..."
وودي هارلسن عن دوره في فيلم "المتراس" إخراج أورين موفرمان/ الولايات
المتحدة الأميركية
أفضل ممثلة
"بحضور متميز، استطاعت هذه السيدة أن تخلق لدورها مناخاً
استثنائياً..."
جايشري بسّافراج عن دورها في فيلم "لاكي " إخراج آفي لوثرا/ جنوب
إفريقيا
شهادة تنويه
قررت لجنة التحكيم تقديم شهادة تنويه إلى أربع ممثلات شابات، استطعن
تقديم أداء مؤثر وحقيقي في فيلم "على الحافة" وهن: صوفيا عصامي، منى بحمد،
نزهة عاقل وساره بيتوي
مسابقة آفاق جديدة
تألفت لجنة تحكيم هذه المسابقة من: المخرج الإيراني بهمان غوبادي
(رئيساً)، المنتج اللبناني بول بابوجيان، المخرج المصري مروان حامد،
المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، والممثلة والراياضية وعارضة الأزياء
الأميركية آيمي ملنز.
الجوائز
أفضل فيلم
"أجمع أعضاء لجنة التحكيم على منح هذا الفيلم جائزة أفضل فيلم، لأنه
عمل يفتح نافذة على وجهة نظر جديدة تجاه الحياة والموت. رقيق ومفعم
بالأحاسيس في آن معاً، يروي الشريط حكاية تلامس الإنسان في كل مكان ويبقى
صداها طويلاً بعد مشاهدة الفيلم."
"القصص موجودة حين نتذكرها"
إخراج جوليا مورات/ البرازيل، الأرجنتين، فرنسا
جائزة لجنة التحكيم الخاصة
"لأسلوبه البصري ورحلته الشعرية، وإعلانه عن ولادة موهبة جديدة ومثيرة
للإهتمام في المشهد السينمائي في الهند."
"صدقة الحصان الأعمى" إخراج غورفندر سينغ/ الهند
أفضل مخرج من العالم العربي
"لاختياره الجريء والهام لموضوع يثير النقاش حول أهمية السينما في
تحريك الوعي"
عمرو سلامة عن فيلم "أسماء"/ مصر
أفضل منتج من العالم العربي
"لروحه المستقلة وتصميمه"
سوني قدّوح عن فيلم "هذا المكان الضيق" إخراج سوني قدّوح/ لبنان،
الولايات المتحدة، مصر
أفضل ممثل
"لأدائه الطبيعي والمكبوح في تجسيد شخصية مبنية على التعقيد والصراع
العاطفي"
ماجد الكدواني عن دوره في فيلم "اسماء" إخراج عمرو سلامة/ مصر
أفضل ممثلة مناصفة بين
ميمونة، "لإنجازها الماهر وبساطتها الرشيقة في تقديم أداء معقد، متقشف
وغير متوقع"، عن دورها في فيلم "دموع من رمال " إخراج بيدرو بيريز روسادو/
إسبانيا
سونيا غويديس، "لأدائها الأنيق والجذاب الذي يترك أثراً عميقاً"، عن
دورها في فيلم "القصص موجودة حين نتذكرها" إخراج جوليا مورات/ البرازيل،
الأرجنتين، فرنسا
مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة
ضمت لجنة التحكيم: المخرجة المصرية تهاني راشد، المخرج الهندي أنور
جمال، المخرج الروسي فيكتور كوساكوفسكي، المخرج الأردني محمود المسُاد
والكاتب والناقد السينمائي مصطفى المسناوي.
الجوائز
أفضل فيلم وثائقي
"مكان بين النجوم" إخراج ليونارد ريتيل هلمريتش/ هولندا
"للغته السينمائية المتميزة، ومقاربته لحياة عائلة بأسلوب يجعلنا ندخل
إلى عوالم أفرادها، لنعيش معهم تعقيدات المجتمع الذي يحيون فيه، مع حس
دعابة يحوّل مآسيها في النهاية إلى لحظات فرح بالحياة."
جائزة لجنة التحكيم الخاصة
"المكان الأصغر" إخراج تاتيانا هويزو/ المكسيك
"لتوظيفه الكاميرا بفنية عالية في بناء سرد مختلف، عبر لغة سينمائية
قوية تمكننا من الدخول إلى عمق تجربة مؤلمة، لكن من دون الوقوع في فخ
المأساة."
أفضل مخرج جديد
غيما أتوال عن فيلم "صبي الماراثون"/ الهند، المملكة المتحدة،
الولايات المتحدة.
"لقدرته على بناء سرد يتلاعب بتوقعات المشاهد وعلاقته بالشخصيات، وذلك
عبر متابعة متأنية وممتدة في الزمان لحياة شخصية، نكتشف حياتها أولاً بأول،
ونعيش معها لحظات الحزن ولحظات الفرح في آنٍ معاً."
أفضل مخرج من العالم العربي
صافيناز بوصبايا عن فيلم "إل غوستو (المزاج) "/ الجزائر، إيرلندا،
فرنسا، الإمارات العربية المتحدة.
"للمجهود المبذول في ربط الماضي بالحاضر، والشخصيات بالمُشاهد، وجعل
الشاشة قادرة على تحويل حلم إلى واقع."
أفضل منتج من العالم العربي
"فيلم كلينك" عن فيلم "التحرير 2011: الطيب والشرس والسياسي".
"لعمله على تقريبنا من لحظة تاريخية يعيشها العالم العربي في الوقت
الراهن، من خلال ثلاث رؤى مختلفة ومتكاملة في آن."
مسابقة عالمنا
تألفت لجنة تحكيم مسابقة "عالمنا" من: خصيبة الدليل (طالبة في معهد
مصدر)، يو- كوان لِن، (طالب في معهد مصدر) ومحمد أسعد طاهر (خريج معهد
مصدر).
جائزة اللؤلؤة السوداء لأفضل فيلم حول قضية بيئية هامة
"الجبل الأخير" إخراج بيل هايني / الولايات المتحدة الأميركية
جائزة خيار الجمهور في مهرجان أبوظبي 2011
"سكيم" إخراج تيم غرين/جنوب أفريقيا
جائزة الإتحاد الدولي للنقاد السينمائيين "فبرسكي" (تنافست عليها
الأفلام العربية فقط)
"إل غوستو (المزاج)" إخراج صافيناز بوصبايا / الجزائر، إيرلندا،
فرنسا، الإمارات العربية المتحدة
جائزة منظمة شبكة الترويج للسينما الآسيوية "نتباك" (تنافست عليها
الأفلام الآسيوية)
"صبي الماراثون" إخراج غيما أتوال / الهند، المملكة المتحدة، الولايات
المتحدة
جائزة اللؤلؤة السوداء للتميّز المهني
الممثلة تيلدا سوينتن
المخرج مايكل وينتربوتوم
من داخل المهرجان في
21/10/2011 |
