حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الرابع والستون

التوتر يسود حين يكون الحديث عن فيلم إسرائيلي

محمد رُضا - كان

إثر عرض الفيلم الإسرائيلي "ملاحظة"  في مسابقة الدورة الأخيرة من مهرجان "كان"، بدا واضحاً أن ثمّة ميلا كبيرا في المهرجان لقبول أفلام على نحو سياسي. ليس أن الفيلم، الذي أخرجه جوزف شيدار،  سياسي أو يطرح مسألة سياسية، بل لأن قبول هذا الفيلم بمستواه الفني السيئ  وبنبرته العالية من الافتعال، لا يمكن إلا أن يكون موقفاً سياسياً أكثر من ذلك، أن أولئك النقاد الذين أحبّوا الفيلم ودافعوا عنه، وبعضهم يكتب بالعربية، عادة ما يكتبون إيجابياً عن الأفلام التي تحمل العلم الإسرائيلي، ولو من باب الظهور بأنهم أصحاب مبادئ منفتحة على الآخر.

وفي الحقيقة إن البعض من نقاد السينما والمثقفين العرب  يواجه مشكلة الحديث عن السينما الإسرائيلية. فريق من هؤلاء يعتبر أن أي حديث عن السينما الإسرائيلية هو بمثابة اعتراف سياسي بها وبالتالي بالدولة العبرية التي منذ إنشائها قبل 62 سنة وهي تخوض حرب بقاء مع جيرانها في السلم كما في الحرب.

لكن إذا ما كان هذا الفريق يُغالي في حذره معتبراً أي حديث هو بمثابة تطبيع أو اعتراف، فإن هناك فريقاً مناوئاً ينطلق من موقف خاطئ آخر يعتبر نقد الأفلام الإسرائيلية هو هجوم عليها والهجوم عليها نابع، فقط، من المعاداة السياسية لذلك الكيان

هذا الفريق مستعد لاعتبار أن عدم الإشادة بفيلم من مخرج إسرائيلي (لنقل أموس غيتاي)  يساري لا يمكن إلا أن يكون ناتجاً عن اعتبار كل المخرجين سواسية حسب نظرة تقليدية لا يهمّها التفريق بين منطلق هذا الفرد أو ذاك.

تبعاً لذلك، فإن قدراً من الهيمنة على استقلالية الرأي من قِبل الطرفين باتت مشهودة ومُمارسة. فريق مستعد لاعتبار أن مجرّد الحديث عن موضوع السينما الإسرائيلية كان وسيبقى قبولاً بالآخر إلا إذا كان هجوماً شاملاً، وآخر -في الواقع أكثر خطورة- يتعامل مع الموضوع على أساس أن الهجوم لا شك يلوّن صاحبه بمنظور رجعي بائد معاد للسلام ويكاد يكون معادياً للسامية أيضاً كما لو أن العرب ليسوا أيضاً شعباً سامياً.

على ذلك، لابد من إعادة الاعتبار إلى الطبيعة النقدية للناقد السينمائي القادر على معاملة الفيلم الإسرائيلي معاملته للفيلم الأوكراني أو الفرنسي أو المصري أو الأرجنتيني من دون فرق. ذلك الذي لا يخشى إعلان إعجابه، أو عدمه، بفيلم ما. وإذ يبدو ذلك بديهيا وأمراً لا خلاف عليه، إلا أنه وتبعاً لما سبق ونظراً لأننا في الدول العربية عبارة عن مجموعات من المواقف والآراء، ليس كذلك.

الأفلام الإسرائيلية الحديثة هي مثال على أن الإعجاب أو عدمه بات مرتبطاً، لا في عالمنا العربي فقط بل في المحيط الغربي عموماً، بالموضوع السياسي خصوصاً وأن الأكثر تداولاً وشهرة مما تم إنتاجه من أفلام إسرائيلية في السنوات الخمس الأخيرة، تعاملت ومواضيع سياسية وسياسية- عسكرية في حين توارت عن الظهور، إلا في المهرجانات المتعددة التي تُقام في القارات الخمس تحت عنوان "مهرجان الفيلم الإسرائيلي"، كل تلك الأعمال الدرامية والكوميدية المختلفة التي هي النسبة الأعلى من بين المنتوج السينمائي الإسرائيلي كل عام.

هذا مع العلم أن أكثر الأفلام رواجاً في إسرائيل هي بدورها ليست تلك التي تحمل هموماً ومشاغل سياسية والتي يتم ترشيحها للمهرجانات العالمية أو مناسبتي الأوسكار والغولدن غلوبس، بل تلك التي تتحدّث ربما عن مشاكل عاطفية بأسلوب كوميدي كما الحال  في "جزر مفقودة" لراشيف لي?ي او عن دراما ذات طابع عاطفي إنساني كما حال "قضية حجم" لشارون ميمون. كلا هذين الفيلمين تبوّأ القمة بين إيرادات الأفلام الإسرائيلية التي عُرضت في العام الماضي

وفي حين أن "قضيّة حجم" يتناول قصّة رجل بدين جدّاً يقرر أن الخروج من وضعه، بعدما فشل في إنزال وزنه، هو التحوّل إلى لاعب رياضة  سومو اليابانية مما سيكسبه الثقة بنفسه ويحوّل الأنظار الهازئة به إلى معجبة، فإن "جزر مفقودة" يتحدّث عن شباب الثمانينات داخل إسرائيل من خلال قصّة عائلية من والدين وخمسة أولاد اثنان منهما توأم وكلاهما واقع في حب فتاة واحدة على ذلك، وكما الحال في الكثير من الأفلام الرومانسية أو الدرامية أو الكوميدية الإسرائيلية، فإن التطرّق إلى ما كان واقعاً  في تلك الأيام موجود كحاشية طبيعية. ففي الخلفية هناك  حديث عن ضرب المفاعل النووي العراقي، وبداية الحرب التي خاضتها إسرائيل في لبنان

أما "ملاحظة" للمخرج ذاته الذي قدّم بإجادة أفضل قليلاً "قلعة شقيف" قبل ثلاث سنوات فهو عمل يتعلّق بقضية أستاذا فلسفة إسرائيليان كبيران في السن والمكانة، يحملان اسما واحداً. إنهما أب وابنه. يتقرر منح جائزة الدولة السنوية للأب  لكن في ذلك القرار خطأ إداري كبير، فالمقصود بها هو الابن الذي يعرف وقع الصدمة على أبيه وعلى علاقتهما ببعضهما البعض (وهي العلاقة المتوتّرة دوماً) إذا ما تم سحب الجائزة منه ومنحها إلى ابنه. يحاول الابن التدخل في قرار اللجنة ويشهد الاجتماع المخصص لذلك في غرفة ضيّقة لا يمكن فتح أو إغلاق بابها إلا بإزاحة كراسيها المنتشرة حول طاولة النقاد، نقاشات ثم ملاسنات ثم تدافع بالأيدي.

هذا المشهد يقف عند الحد الفاصل بين الكوميديا والدراما لكن اختيار هذا الموقع ليس سليماً وهذا الحد يمتد خطّاً متوعكاً وغير سليم من مطلع الفيلم إلى نهايته. إنه كمن يحاول بيع فيلمه لهواة الدراما حيناً وهواة الكوميديا حيناً دون أن يكون الفيلم مجدياً في الناحيتين تحت سقف واحد.

في الأعوام الأخيرة، تكاثر ظهور الأفلام الإسرائيلية التي تريد الوصول إلى العالم بعد فترة تكاثرت فيها الأفلام الفلسطينية التي وصلت، بفضل مخرجيها من أمثال رشيد مشهراوي وإيليا سليمان وماري آن جاسر وسواهم، إلى العالم. وكّلنا نتذكّر "لبنان" و"زيارة الفرقة" و"شجرة الليمون" وسواها، وإذا ما كان التجاذب حولها بين معجب بالكامل ومناوئ بالكامل، بالإضافة إلى من يأخذ كل فيلم بما حمله من خيارات وإيجابيات وسلبيات، برهن على شيء، فعلى أنها غير متساوية وعلى أن السينما، وهو أمر يُقال للمرّة المليون، خير معين على نشر الفكر السياسي وليس العكس.

الجزيرة الوثائقية في

22/05/2011

 

مهرجان كان السينمائي الدولي (10)

كان: محمد رُضا  

محور هذا العالم

* نحن في نهاية الأمر متلقون. أقصد بـ(نحن) الناقد والقارئ وكل من يأتي إلى مهرجان «كان» للمشاهدة وليس لتقديم عمل. والمتلقي لا يمكن له أن يكون محورا. الحديث ليس عنه. ربما موجه في بعضه إليه، لكنه ليس عنه هو. لا يمكن أن يكون.

تستطيع أن تتخيل أن مهرجان «كان» يفرش البساط الأحمر لمارتن سكورسيزي أو وودي ألن أو بينيلوبي كروز أو لارس فون تراير، لكن هل يمكن أن تعتقد أنه فرشه لأي من الأربعة آلاف صحافي؟ تستطيع أن تتصور أن الحفلة التي تشهد عرض فيلم ما، يمكن لها أن تتأخر عن موعد البدء خمس دقائق لأن المخرج ما زال على الطريق (وهو أمر نادر الحدوث)، لكن هل تستطيع أن تتصور أن الفيلم يمكن أن يتأخر عن العرض نصف دقيقة لأن عددا من النقاد لم يصل بعد، أو لأن هناك صفا في الصالة لا بد من تعبئته بالمشاهدين؟

على الرغم من ذلك، هناك من الصحافة والنقاد من يؤخذ بما يراه وبما يكتبه وبما يعيشه لدرجة نسيانه هذه الأمور البدهية، واعتبار نفسه قمة تحضر مؤتمرا للقمم. وفي حين أننا، في كل مكان، طلقنا التواضع وصرنا من أصحاب الوجاهات، استحوذنا أسبابها أم لا، فإن الحقيقة لا تتغير: المهرجان يستخدم الإعلام لأغراضه كما يستخدمه الصحافيون للحضور ومشاهدة الأفلام وإجراء اللقاءات أو حضور الحفلات الليلية إذا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. لكن عند حدود هذه المنفعة تنتهي العلاقة أو تكاد. لقد اضطر هذا الناقد للغياب عن مهرجان «كان» عاما واحدا منذ أن أمه صغير السن والاحتراف سنة 1974. في البداية، كان هذا الغياب، سنة 2009، مؤرقا وسببا لألم عاطفي ونفسي، ثم بعد أيام تصالحت مع الواقع، وقبل أن تنتهي أيام تلك الدورة كنت قد أصبحت راضيا بما قسم لي. بعد شهر واحد، بدأت أشاهد الأفلام التي عرضت في المسابقة. مع نهاية العام، كنت شاهدت ثلثيها (نحو ثلاثة عشر) والعديد خارجها بما في ذلك كل فيلم فاز بجائزة. وفي اعتقادي أن وجود الناقد اليوم في «كان» غرضه واحد ويتيم: نقل «كان» ونشاطاته وأحداثه وأفلامه إلى القارئ العربي أو الإنجليزي أو النرويجي أو الأرجنتيني القابع في مكانه. هذا كل شيء.

كون العلاقة بين «كان» والمتلقي تمت هندستها بميزان «أنت تستفيد ونحن نستفيد»، لا تمنح مهرجان «كان» الحق في التعامل مع الصحافة كما يشاء. ومن أقساها إيقاف الرتل الصحافي عند الشارع لأكثر من نصف ساعة قبل موعد فتح باب الصالة لكي يهرع هؤلاء كثيران إسبانية تركض في الشوارع، بغية السباق إلى مقاعدها. لكن الصحافيين الفرنسيين والأوروبيين المتذمرين لا يكتبون منتقدين هذه الممارسة الغريبة، لخوف معظمهم من أن يفقد بطاقته ومزاياها في العام المقبل، مما يعني أن الأمر سيبقى على ما هو لحين إشعار آخر.

في يوم إعلان الجوائز.. كيف نقيم هذه الدورة؟

* كان من الممكن طبعا سبر غور هذا الموضوع عبر مقال تقليدي يتم فيه التطرق إلى خلاصات ما قدمه مهرجان «كان» من أفلام في هذه الدورة. لكن هذا سوف لن يكون أكثر تحديدا من الشكل أدناه، حيث تم الاستغناء عن الأسلوب الإنشائي واستبداله بقوائم تعكس الفكرة وتقسم حصيلة المهرجان إلى نقاط محددة.

أفضل 5 أفلام في المسابقة 1. The Tree of Life فيلم ترنس مالك الفاخر حول تاريخ وحاضر الحياة على الأرض. ينطلق سابرا غور الخلق والكون ثم يتمحور عند عائلة تكساسية في الخمسينات ونزوع الأب (براد بت) إلى الصرامة مع ابنه الأكبر الذي سيصبح لاحقا شون بن والذي لا يزال متأزما من ذكرياته وفي عالم اليوم الأشبه بالغابات المعدنية.

2. Hara Kiri: The Death of a Samurai «موت الساموراي» كما يترجمه المخرج الياباني تاكاشي ماييك، موت بطيء وجميل على عنفه. إنه ترجمة لكرامة ترفض أن تذوب ولثقافة لا تنضوي. الحكاية تنطلق في حاضر ومنه إلى أكثر من «فلاش باك»، وفي ذلك كثير من «راشامون» أكيرا كوروساوا. تنفيذ صارم، وبطء جميل في مكانه يكثف الدراما على نحو غير قابل للتعديل.

3. Le Harve المخرج الفنلندي آكي كوريسماكي يواصل طرح قضايا اجتماعية تنطلق من الفرد وتتفاعل مع محيطه الاجتماعي ككل. وهو يفعل ذلك مستفيدا من نظرته ورؤيته إلى عناصر مواضيعه. هنا يتناول حياة المهاجرين. العنوان هو لمدينة لي هارفر، حيث يرصد المخرج تبعات الحياة على وضع الناس العاديين والمهاجرين معا.

4. Once Upon a Time in Anadolia فيلم صعب يكاد يفلت من بين يدي صانعه التركي نوري بيلج جيلان حول قافلة من المحققين ورجال الشرطة تجوب البرية الأناضولية مع متهم بقتل رجل ودفنه. مع اعتراف المتهم بجريمته، فإن المشاهد تبدي ما كنا نجهله حول الدوافع متمحورة حول دور طبيب. دراما تأملية جيدة في العموم وتحمل ضعفا في الجزئيات.

5. Police بالكاد تنجو المخرجة مايون من مغبة السقوط في الميلودراما التلفزيونية، لكن ذلك كافيا لإيجاد مسافة كبيرة بين ما تطرحه وما نراه عادة من مسلسلات تلفزيونية مشابهة. هنا تصور حياة أفراد جهاز شرطة متخصص بالسهر على مصالح الأحداث. تتبع بكاميرا راصدة شخصياتها في قوتها وضعفها.

* أفضل 5 رسمية خارج المسابقة 1. Midnight in Paris وودي ألن يطرح جديدا في قديمه متناولا حكاية الأميركي الذي يكتشف أن الزمن الذي يحب العيش فيه، أي الثلاثينات بفنها وأسلوب حياتها، بات في متناوله. أفضل ما عند وودي على الرغم من شخصيات غير مبتكرة. 2. Goodbye الفيلم الإيراني لمحمد رسولوف يحمل رسالته المناوئة في طيات معالجة لا تخشى من تسليط بؤرتها على الواقع من دون تجميل. حكاية تلك المرأة الممنوعة من مزاولة عملها، وزوجها الغائب هربا من تعسف النظام.

3. Oslo, August 31st فيلم نرويجي لترايير آخر غير لارس فون، هو قريبه واكيم الذي يسرد هنا قصة شاب خرج من المصحة بعد الإدمان وتتابعه الكاميرا وهو يحاول شق طريقه الجديد. المعالجة الأسلوبية والفنية مثيرة للاهتمام دوما.

4. Miss Bala يلقي المخرج الشاب جيراردو نيرارجو نظرة واقعية على طموحات فتاة مكسيكية انطلقت في الحياة آملة أن تصبح ملكة جمال ومنتهية إلى بلدة على الحدود مع أميركا حيث تموت طموحاتها.

5. The Yellow Sea «البحر الأصفر» دراما اجتماعية رصينة وقوية الإيحاءات للمخرج الكوري ناهونك جين. ما يجعل الفيلم خاصا صدق تعامله مع واقع بطله سائق التاكسي ويوميات حياته في مدينة داكنة يعيش فيها مهاجرون.

اكتشافات مهمة

1. تورا بورا (الكويت).

المخرج الكويتي وليد العوضي يقدم عملا يحمل نضجه الفني وانطلاقته بعيدا عن المواضيع التقليدية في العالم العربي: يصاحب رجلا مسنا وزوجته إلى أفغانستان بحثا عن ابنهما المخطوف. واقعي وجيد الصنعة.

2- القصة الحقيقية لهوية مزورة (لبنان). الفيلم الأول لمخرج لبناني «غير شكل» اسمه سليم الترك. يكفي أنه بالأبعاد الثلاثة، ولو أن هذه ليست حسنة بحد ذاتها، لكن المخرج يوظفها في عمل فني تجريبي ذي عناصر إنتاجية وفنية مناسبة.

Sur la Planche -3 (المغرب).

إطلالة مخرجة مغربية شابة hسمها ليلى كيلاني على السينما تحمل تجديدا مهما. فيلم نوار على الطريقة الأميركية ضمن موضوع اجتماعي تقع أحداثه في طنجة من خلال أربع فتيات يعكسن حالهن وحال المكان.

4- هذا ليس فيلما (إيران) جعفر باناهي، الممنوع من الإخراج، يبتكر طريقة لخرق هذا الحصار عليه. ليس بالنتيجة الفنية التي يمكن التعامل معها بنفس معايير الكتابة النقدية، لكنه فعل عناد يمارس فيه المخرج حقه في التعبير والمناهضة.

5- Tatsumi (اليابان) احتفاء بعالم الرسام الكرتوني الياباني يوشيهيرو تاتسومي عبر فيلم وثائقي الشكل متحرر الأسلوب، ينقل معا حياة المبدع وحياة شخصياته وإبداعاته.

* خيبات الأمل 1- هلق لوين؟ (لبنان) الحكاية الفانتازية المشدودة إلى أوتاد الواقعية لا تجد لنفسها سبيلا فنيا لكي تتجسد وتوفر للمشاهد ما تبحث عنه المخرجة من ضم شمل الوضع التراجيدي إلى الفكرة الخيالية الملونة بالتمنيات. 2. The Kid With the Bike لا جيد تماما ولا رديء مطلقا، بل «ألمانيو» نفسه من الشقيقين جان - بيير ولوك داردان. الفكرة والبنية الاجتماعية ذاتها إنما في إطار قصة جديدة للموضوع نفسه ويزاولاها حسنا إنما من دون إبداعات.

3. The Skin We Live In الإسباني بدرو ألمودوار على «لايت» في هذا الفيلم الساعي للبحث عن أزمة (تبدو مفتعلة) لطبيب يبتكر جلدا بشريا بعد 12 سنة من البحث، لأن زوجته ماتت بداء جلدي. الباقي نزوع نحو شخصياته التقليدية.

4. Restless غس فان سانت من دون بارقة فنية حقيقية من تلك التي شيدت مجده السابق. حكاية مغمسة بالإخفاقات البشرية، يحوم الفيلم حول شخصياته الآيلة للموت من دون كثير تشويق أو اهتمام بحالها.

5. The Beaver فيلم جودي فوستر حول شخص فقد رجاحة عقله ودخل رحلة تغييب عن الواقع بعدما خسر جهده وتركته زوجته. الموضوع صعب والانتقال من الكوميديا إلى التراجيديا لا ينفع ولو أن التمثيل يبقى جيدا على الدوام.

الشرق الأوسط في

22/05/2011

 

شارك في مهرجان "كان" متأخراً عاماً عن موعده

"شجرة الحياة" فيلم يولد بعد طول انتظار

محمد رُضا  

أخيراً تم عرض فيلم ترنس مالك “شجرة الحياة” في مهرجان “كان” السينمائي الدولي، وهو الذي أشيع عن عرضه هناك في العام الماضي، ثم انتقلت الشائعة إلى عرضه في فينيسيا في سبتمبر/أيلول من العام ذاته . لكن عندما انتهى المهرجان من دون عرضه، انتقلت الآمال وبعض التأكيدات إلى أن مهرجان برلين (في شباط/ فبراير) من هذه السنة هو الشاشة التي ستستقبل الفيلم . لكن المهرجان الألماني لم يفعل، والفيلم بقي أسير التكّهنات حتى الإعلان عنه في دورة “كان” هذا العام .

تخلل هذه التكهنات إدراك أن المخرج ترنس مالك معروف لا بقلّة أعماله فقط (هذا الفيلم هو الخامس منذ عام 1971 حين أنجز أوّلها “باد لاندز”) بل بتباعدها أيضاً وبإثارتها التكهنات على طول الخط . فبين فيلمه “أيام الجنّة” (1978) و”الخط الأحمر الرفيع”، مرّت عشرون سنة من الصمت حتى اعتقد معظم أهل المهنة أن ذلك المخرج الذي لفت الأنظار بشدّة في فيلميه الأوّلين لا يكترث لإنجاز العودة .

“شجرة الحياة” هو فيلم لغزي بدوره، اكتنفه الغموض منذ بدايته قبل خمس سنوات حينما أنجز المخرج رابع أفلامه “العالم الجديد”، وقرر الانصراف إلى مشروع أكثر اتصالاً بحياته من أي فيلم سابق .

إنه مشروع قريب من وجدان المخرج ذي الأصل اللبناني كونه يسرد، ولو بشخصيات مختلفة ومع ليّ ذراع المسميّات الفعلية، جزءاً من حياة المخرج والكثير من نظراته إلى الحياة ذاتها . الشجرة التي في الفيلم قد تكون الرؤية الشاملة التي ينفذ المخرج من خلالها إلى تاريخ البشرية، لكن القصّة المزروعة بعد نحو 40 دقيقة من الفيلم الماثل (والمذهل في صوره) قريبة مما تألّفت منه الحياة الشخصية للمخرج إلى جانب أن وقوعها في الخمسينات (حين كان مالك في السن ذاتها لشخصية الفتى التي في الفيلم) يوحي بأن المادّة الروائية مستلهمة من حياة المخرج نفسه .

الفيلم لمن يراه، مؤلف بالفعل من قسمين مختلطين، فلو جمعت المادة القصصية وفصلتها لألّفت فيلماً روائياً من ساعة ونصف الساعة تقريباً . أما باقي الزمن الفيلمي (48 دقيقة) فهي سينما غير روائية قائمة على صُور من نوعين: وثائقيات مصوّرة وأشرطة لمؤثرات بصرية تم تأليفها عبر العمل مع عدّة وكالات متخصصة، في مقدّمتها وكالة ناسا الفضائية حيث أسهم بعض علمائها في تقديم المشورة والمعلومات حول بعض التفاصيل الدقيقة المتعلّقة بنشأة الحياة والتكوين العام للكون .

الفيلم رحلة كونية عبر الزمن والمكان .

فكرته تقوم على متابعة الخلق تبعاً لإيمان روحي بالخالق سبحانه مع التوسّع في الإيحاء بالقدرات الربّانية التي يسبح الإنسان وكوكبه هذا فيها، وذلك من فجر العالم وإلى اليوم مروراً بالخمسينات عندما يتم تقديم حكاية العائلة المؤلّفة من براد بت رب العائلة، وزوجته جسيكا شستين وثلاثة أولاد، وكيف هدد تشدد الأب في ممارسة قوانين البيت وفرضها على الصغار إلى جنوح ابنه الأكبر لدرجة هددت سلامته وسلامة الآخرين .

صوّر المخرج في ثلاثة منازل بُنيت للغاية على نسق واحد، وذلك حتى يستغل الوقت جيّداً ويوظّف اللحظة من النهار على نحو دقيق . فإذا ترك التصوير في أحدها لأن الإضاءة يجب تحضيرها وستأخذ ساعات، وجد أن الإضاءة في البيت الثاني جاهزة لمواصلة المشهد الذي يعمل عليه . وهو لم يستخدم أي إضاءة صناعية بل اعتمد على مصادر الضوء الطبيعي . كذلك سمح لنفسه بتغيير الحوار وبعض المشاهد المكتوبة في السيناريو خلال التصوير، وذلك تبعاً لأفكار لم يكن بالإمكان كتابتها مسبقاً لأنه كان يستلهم ما يريد من المعاينة الحاضرة .

أكثر ما أثار التعجّب (كما الإعجاب) استخدامات المخرج التصويرية . فهو في الكثير من الأحيان يترك الممثل يمثّل ويدور بالكاميرا صوب موضع آخر قبل أن يعود إليه لتجده وقد بات في مكان غير ذاك الذي تركته الكاميرا عنده . وهو أسلوب مارسه أيضاً في فيلمه السابق “العالم الجديد” .

طوال تلك السنوات التي انشغل بها المخرج في تأليف هذا الفيلم، تكاثرت التكهّنات ومن بينها أن الفيلم يحتاج إلى خمس سنوات أخرى قبل أن يجهز . وأحد تلك التكهنات أن المخرج قد يقرر التوقّف عن التصوير تماماً، لكن شيئاً من هذا لم يحدث والفيلم ماثل بإنجازه الفني والروحي والإبداعي الكبير .

"الرجولة" سيّارة

أنجز المخرج الكويتي وليد العوضي فيلمه الجديد “تورا بورا” الذي يتناول قصة حقيقية، حول رجل كويتي مسن وزوجته تكبدا مشقة الذهاب الى باكستان للوصول منها الى أفغانستان بحثاً عن ولدهما المختفي هناك . لكن ولدهما في تلك الآونة كان يحضر لعملية انتحارية كونه أحد مجاهدي حركة طالبان . هناك أكثر من ممثل أول في الفيلم، لكن الممثل الذي يؤدي دور الأب هو سعد الفرج الممثل الكويتي المعروف الذي ظهر في الفيلم الكويتي المعروف “بس يا بحر” .

الفيلم الجديد مناسبة تستدعي الحديث قليلاً عن السينما في الكويت . فعلى الرغم من أن السوق الكويتية وحدها ليست كافية لتحريك عجلة إنتاج الأفلام الروائية (أو أي نوع من الأفلام في الواقع) إلا أن ذلك لم يمنع عدداً من صانعي الأفلام الكويتيين من الإقدام بشغف على إنتاج وإخراج أفلامهم القصيرة والطويلة، روائية ووثائقية . وهم بذلك، يكملون مسيرة لافتة بدأها في السبعينات المخرج الكويتي خالد الصديق عبر “بس يا بحر” .

نتيجة هذا الشغف شاهدنا في السنوات الأخيرة عدداً ملحوظاً من الأفلام التي كانت بمثابة تعزيز لرغبة صانعيها في إيجاد نواة لهذه السينما، وإشارة مشجعة لمن يفكر في الاستثمار في الفن السابع ولو على نحو محدود . آخر هذه الأفلام “رتشارد الثالث - رجل عربي مهم جداً” من إخراج شاكر أبال وتيم لانغفورد، حول فرقة مسرحية عربية تقوم بعرض مسرحية بعنوان الفيلم والذي يتابع التحضيرات التي تقوم بها المسرحية في الكويت قبل انطلاقها الى مركز ج . ف . كندي في واشنطن العاصمة حيث تم عرضها هناك قبل انتقالها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة .

الفيلم الوثائقي الذي يمزج الدراما بالسياسة والأوضاع الراهنة في المنطقة العربية، شهد عرضه العالمي الأول في الدورة الرابعة والأربعين من مهرجان “هيوستون الدولي” قبل أن يشترك في مهرجان “الخليج السينمائي” الخاص بمنطقة الخليج العربي والذي أقيم في دبي الشهر الماضي .

وسابقاً شاهدنا “الدنجوانة” لفيصل شمس و”فرصة أخرى” لحسن عبدال وكلاهما بدأ سلسلة الإنتاجات الجديدة في عام 2008 .

واحد من البيوت الثقافية القليلة في المنطقة العربية التي تواصل الإستثمار في المواهب الجديدة هو “نادي السينما الكويتي” الذي احتفل هذا العام بمرور 35 عاماً على تأسيسه (انطلق في الرابع عشر من مايو/أيار سنة 1977) الذي يُديره الناقد المصري المقيم في الكويت عماد النويري والذي يقول: “يمكن رصد العديد من الإنجازات التي حققها النادي من خلال دعم سينما الشباب, وإقامة تظاهرات للهواة، مثل إقامة ورش سينمائية متخصصة حاضر فيها وأشرف عليها نخبة من الفنانين السينمائيين العرب، كان منهم سعيد شيمي ومحمد خان ونور الشريف . ويمكن التوقف عند العديد من الإنجازات منها على سبيل المثال وليس الحصر، إقامة ندوة بالسينما العربية : إنجازات وتحديات ضمن مهرجان القرين الثقافي الثاني” .

ويذكر النويري في مقابلة صحافية نشرتها له مؤخراً صحيفة “النهار” الكويتية، أن النادي حرص دائماً على المطالبة بدعم الإنتاج السينمائي: “منذ إنشائه وحتى الآن قدم النادي كل الدعم الممكن لكل التجارب السينمائية الجديدة، وتضم القائمة أسماء العديد من المخرجين من الجيل القديم، ومن جيل الشباب الذين لا يزال النادي يحتضنهم . ويعول عليهم بتغيير واقع السينما في الكويت الذي بدأ ينتعش بدخول هذه العناصر الشابة للمجال السينمائي واستمرار الجيل القديم الذي يعزز مسيرتهم” .

أوراق ناقد

كلمة حلوة

الجميع يريد أن يسمع منك الكلمة الحلوة . أنت حكيم وأستاذ بل دكتور إذا ما وصفت أحداً بأنه “متميّز” وأن عمله “ممتاز”، وستكون رأس الحكمة ذاتها والصديق والحبيب لو وصفته بالعبقري . أما إذا ما وجدت عمله رائعاً، فأنت من يفهم في هذا المجال وأهل الثقة إلى الأبد .

إياك ثم إياك أن تنتقد أحداً على عمله، فهو فوق ذلك حتى لو كان هذا العمل هو الأول له .

هذا ما يحدث في الأفلام . هناك جيل جديد من المخرجين الذين ينتظرون منك كل المدح ولا شيء سوى المدح . كل واحد صنع فيلماً، ولو بالهاتف، يريدك أن تعتبره مخرجاً، لا ليس مخرجاً، بل مخرجاً رائعاً وكبيراً ولا يمانع إذا ما وصفت فيلمه بالعظيم .

لكن كيف يمكن ذلك؟ ألا توجد مواصفات تحدد من هو المخرج الحقيقي؟ ألا توجد معايير تقيس جودة الفيلم وتفرّق بين الصالح والطالح؟ لماذا يجب إهدار الحقيقة في سبيل المكانة الشخصية؟ وكيف يمكن له أن ينمو ويتطوّر ويتعلم إذا ما اعتقد نفسه وُلد وهو كامل الأوصاف؟

من خصال الأنبياء والصالحين التواضع، ولا يتطلّب الأمر الكثير من الجهد لكي ينزل المرء من عليائه ويتنازل عن معتقداته بأنه محور الحياة وأن الدنيا تدور من حوله ولأجله؟

كالمخرجين، هناك فريق كبير من أهل السينما والاقتصاد والسياسة والعلم والطب وحقول العمل البشري المختلفة . لكن كلّما لمعت الأضواء، وهي تلمع عادة فوق السينمائيين خصوصاً في المهرجانات والمناسبات، فإن حالة انتفاخ تصيب الصدر والوجنتين وخلايا الخيال في الدماغ فيعتبر المنفوخ نفسه وقد أصبح حالة استثنائية تسير على قدمين، ولا مقارنة ممكنة بينه وبين أحد .

بعضهم يعتبر نفسه فيلسوفاً أكثر من ابن خلدون وأفلاطون معاً، أو مخرجاً لم يسبقه أحد في مضمار عمله . وإذا كان مغنياً ولديه عشرة مستمعين خالهم عشرة ملايين . والحال ذاته بين النقاد والكتّاب، هناك البعض ممن يعتبر نفسه يحلّق وحده وبعيداً عن الآخرين في حين أن المسألة قد تكون مقلوبة .

المشكلة أن بعض هؤلاء يصر على رأيك طالباً منك الرأي الصريح، فحين تبديه ينقلب عليك وأنت لا تزال تتكلّم، أو استأذنك بعد قليل وقرر أنه لا يريد الحديث معك .

معلوم أن الكلمة الحلوة تنال رضى الجميع من دون تفرقة، لكن أليس من الأجدى أن تأتي مقرونة بالكلمة الصائبة والمحقة أيضاً؟

م .ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

22/05/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)