حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الرابع والستون

مهرجان كان السينمائي الرابع والستون

شقاء العالم تحت أبهى الأضواء

كان ـ ريما المسمار

المعادلة التي يقوم عليها مهرجان كان السينمائي هذا العام، يمكن اختزالها بالتالي: التماس مع الواقع إلى حدّ الوجع أو التحليق فوقه بجرعة من الخيال أو السحر أو الفلسفة. ذلك أن أكثر من نصف الأفلام التي عرضت إلى الآن في المسابقة الرسمية معنية بشكل مباشر بتراجيديا العالم المعاصر، من مأزق الوجود ومن الأفق المسدود في وجه البشرية. جرعة زائدة من القسوة والعنف وتوسّل الخلاص، تراكمت خلال الايام الستة الماضية، محيلة المشهد داخل صالة العرض إلى صمت مطبق ووجوم، تتخلّلهما نوبات بكاء مكبوتة أو متسلّلة على مهل، كمن يطلق تنهيدة طويلة مصارعاً الإنخراط في البكاء. والمشهد ليس مبالغاً فيه. فما إن تدخل فيلماً حتى تجد نفسك أسير رؤى سوداوية في الغالب، معظمها لا يترك بصيص أمل. عالق أنت في كرسيك بين نظرة متشائمة (وواقعية في آن) إلى العالم وبين تجاربك الشخصية التي لا تلبث تتواتر بإيقاع لاهث لتضعك أمام مخاوف دفينة وفرضيات محتملة. وقد يصل الأمر في كانّ إلى حد الإنشقاق التام بين الإحتفالية المبهرة التي تصنع إطار الحدث وبين مضمونه (مضمون أفلامه) القاسي والكئيب. والسينمائيون في ذلك يبرهنون، على اختلاف مشاربهم ومشاريعهم، عن حساسية وقدرة عاليتين على ملامسة الواقع، ببرود لافت كمن يقول "أهلاً بك إلى العالم الجديد!" الحالات ليست استثنائية، بل متجذّرة في يومياتنا ومجتمعاتنا، ولعلّ هذا ما يثير الرعب. من دون اتفاق مسبق ولا تدبير، التقى ستة سينمائيين حول موضوعات محورها الأطفال. والتقت تلك الأفلام الستة مع اثنين آخرين حول موضوع العائلة، أو العلاقة بين الآباء والأبناء. فيما تلوّن المسابقة للمرة الأولى في تاريخ مهرجان كانّ أربع سينمائيات. وإذا أردت التقاط أنفاسك أو البحث عن قيمة كلاسيكية في الأفلام، أي الإلهام، برز فيلما وودي آلن الإفتتاحي "منتصف الليل في باريس" وشريط ميشال أزانافيسيو الصامت "الفنان"، وكلاهما يحمل تحية إلى زمن مضى برموزه الأدبية والسينمائية. وبينهما، يأتي تيرينس ماليك بجديده المنتظر "شجرة الحياة"، ليقدّم فيلماً فلسفياً عن الحياة والموت والفقدان والقسوة والعنف، يوردها متساوية بشعرية يستلهمها من الحياة نفسها، قابلاً أحياناً ومتسائلاً في أحيان أخرى أن يكون الألم الكبير ثمناً طبيعياً للجمال الأكبر والوجود الأعظم. على الرغم من ردود الفعل المتباينة حول الفيلم، والذي أتى معظمها كردّ فعل على الإنتظار الطويل والغموض الكبير اللذين احاطا بالمشروع حتى لحظة عرضه في كانّ، يبقى "شجرة الحياة" الفيلم الأكثر قدرة على تحدي العقل والروح، مستلزماً عملهما لوقت طويل بعيد مشاهدة الفيلم.

حكايات أطفال لا تصلح لما قبل النوم

هل هي عودة سينمائية إلى الموضوعات الكبرى تلك التي شهدناها في أعمال ماي وين والأخوين داردن وماركوس شلاينزر ولين رامساي؟ الأمر ليس بجديد على البلجيكيين داردن اللذين سبق لهما تناول موضوع العائلة والأولاد في أفلام كثيرة كان آخرها "الولد" (The Child) عام 2005. في موطنهما البلجيكي المعتاد وتحديداً في بلدة طسيراينغ" الصناعية التي استضافت معظم أفلامهما السابقة، يحرك الأخوان داردن أحداث فيلمهما الجديد "الصبي مع الدراجة". حكاية بسيطة عن ولد في الثانية عشرة كل همه العثور على والده الذي تركه "مؤقتاً" في بيت خاص بالأطفال. خلال النصف الساعة الأولى من الفيلم، يحبس "سيريل" (أداء رائع لتوما دوريه) أنفاسنا ببحثه الدؤوب عن والده. خوف وقلق وغضب وأشياء تحرّكه في كل الإتجاهات للعثور على والده. فيهرب من المركز، يقفز فوق الجدران، يقتحم المبنى الذي كان يسكنه ووالده، يسأل الناس من حوله، يتمسّك بخيط قد يقوده إلى والده ويمضي فيه إلى الآخر. أخيراً عندما يعثر عليه، يخبره الأخير بأنه لن يستطيع رؤيته بعد الآن لأنه في صدد بناء حياة جديدة. في هذه الأثناء، يكون الصبي قد التقى صدفة بمصففة شعر تدعى "سامنثا" (سيسيل دو فرانس)، يطلب منها أن تستضيفه في منزلها في عطلة نهاية الاسبوع. توافق الأخيرة بسبب طبيعتها الطيبة ولكنها لا تدرك كم سيكون ذلك صعباً. فإحساس "سيريل" بأنه متروك وغير محبوب من قبل والده سيجدد طاقة الغضب والرفض وسيدفعه إلى البحث عن متنفس جديد لها. يأتي الأخير على شكل تورطه في أعمال عنف مع شاب تاجر مخدّرات. إلا أن محاولات "سامانثا" ترويض غضبه بتعبيرها المستمر عن الحب سيأتي بثماره في نهاية المطاف. فلجأ الفيلم إلى جمهور الأخوين داردن بمجموعة متغيرات، ليس أقله توظيف معابر لجملة موسيقية، لم تجد طريقها في السابق إلى اي من افلامهما، واستعانتهما بممثلة معروفة هي سيسيل دو فرانس ذات الأصول البلجيكية والتي تختزل في الفيلم الروح الإنسانية في أبهى حلة لها. إلا أن المفاجأة الكبرى كانت ما وصفه كثيرون بـ"نعومة" لم نعتدها لدى داردن في السابق. والأخيرة ظاهرة في أكثر من ملمح، الأماكن المفتوحة التي تجري فيها معظم الأحداث والألوان المبهجة والكاميرا المنسابة في مقابل الأماكن المغلقة والألوان الكئيبة والكاميرا العصبية في أعمالهما السابقة. حتى الرحلة التي تجتازها "سيريل" لتفريغ غضبها وقبول الحب من جديد ليست بالقسوة التي نفترضها. يبقى "الصبي مع الدراجة" واحداً من اجمل الأفلام التي تتناول مرحلة الطفولة وربما سيجد طريقه سريعاً إلى ركن الكلاسيكيات السينمائية التي قاربت ذلك الموضوع لاسيما شريط فيتوريو دو سيكا الشهير "سارقو الدراجة".

في العمق، اثلجت مقاربة الأخوين داردن قلوب كثيرين، كانوا قد اخذوا كفايتهم من العنف والقسوة اللذين صورهما مايوين وماركوس شلاينزر في "بوليس" و"ميكايل" تباعاً. وقبلهما، كانت المسابقة قد كشفت في اليوم الثاني عن فيلم لا يقل قسوة هو "يجب أن نتحدث عن كيفن" للين رامساي. شريط ماي وين المعروفة كممثلة بالدرجة الأولى، يشكّل تجربتها الإخراجية الثالثة ويكتب بالأجنبية بطريقة خاصة (Polisse) ترمز مباشرة إلى محور الفيلم، فرقة الشرطة المتخصصة بمكافحة الجرائم والعنف تجاه الأطفال، بينما يرمز لفظها إلى "البشرة الناعمة" (Peau Lisse) كناية عن الأطفال. بأسلوب اقرب إلى التوثيق وإيقاع التقاط الحدث في لحظة زمنية راهنة، تبني مايوين أحداث فيلمها حول أعضاء فرقة الشرطة تلك الذين يقومون على مدار الساعة بالتحقيق مع أطفال وأحداث في أمور تتعلق بالاغتصاب والعنف، بينما يعانون الضغط الشديد في حيواتهم الخاصة، إما بسبب تاثير عملهم وإما لانهيار علاقاتهم الزوجية والعاطفية. المشاعر الاقوى التي يختبرها هؤلاء تحدث في ما بينهم، وتتفجر خلافات وضحكات وقصص حب مكتومة. تدخل إلى المجموعة "ميليسا" (مايوين) المكلّفة إنجاز توثيق فوتوغرافي لعمل المجموعة. على نحو ما، تصير "ميليسا" عين المشاهد، إذ تحاول التقاط جوهر الحكايات الآتية من كل صوب. فهنالك حكايات أعضاء المجموعة الفردية، وهناك حكاياتهم في ما بينهم، وهناك حكايات الأطفال التي تكشف عن حالات مرضية قصوى من الإستغلال والعنف تجاه الأطفال. لعل الإنجاز الأكبر الذي حققته المخرجة هو استلهام بنائه من حيوات شخصياته: إنه تماماً التداخل بين العام والخاص، مهندساً بفوضى ظاهرية ترتكز في جوهرها على التعقيد الذي تفرضه الحالة. هكذا تتداخل حكايات الأطفال مع حكايات الشرطيين، تتغلغل فيهم فتنفجر عاطفة او خلافاً أو هستيريا من الضحك، في ما هي تلوينات تعكس الضغط اليومي الكبير الذي يرزحون تحت ثقله. في كل ذلك، يطرح الفيلم مجموعة تساؤلات تطاول أخلاقيات العمل وجدواه. فها هنا خلية نحل لا تتوقف عن العمل كما لو انها في منطقة منكوبة بزلزال، وفي كل لحظة تطفو على الماء جثة أو يسمع تحت الأنقاض صراخ حي. الضغط نفسه يدفع بالشرطيين إلى الشك بأدنى تصرف يصدر عن الراشدين. فإذا نهرت أم طفلها في الشارع، أصبحت آلياً عرضة لشبهة الإساءة إلى الأطفال وواجهت خطر تفريقها عن أولادها. هل الفعل الصواب هو الانسب دائماً في هذه الحالات؟ هل انتشال الأطفال من حضن اهاليهم، حتى إذا كان هؤلاء مهربي مخدرات، في مصلحة الأطفال؟ هل يصلح اعضاء الشرطة المنهارون نفسياً حكماً في مسائل من هذا النوع؟ اسئلة كثيرة ينجح الفيلم في تحريكها بدون افتعال من دون أن تخفّف من وطأة الحالة والمعضلة. لذلك نجد "ميليسا" تعود إلى جذورها قبيل نهاية الفيلم، إلى شارع "بيلفي" المأهول بخليط سكاني من إثنيات مختلفة. هنا الحياة وهنا التراجيديا أيضاً، كما في كل مكان.

إلا أن الحياة والتراجيديا يبدوان وجهان لعملة واحدة في فيلم "ميكايل"، باكورة النمسوي ماركوس شلاينزر، الآتي من تجربة طويلة في مجالات سينمائية أخرى. الفيلم الناطق بالألمانية، يروي حكاية رجل ثلاثيني(ميكايل)، يحتفظ في قبو منزله بطفل في العاشرة (وولفغانغ). يبدأ الفيلم والطفل موجود، لا نعرف منذ متى ولا كيف ولا لماذا. يقلّم شلاينزر الإضافات، يمحو السياق، يستغني عن التحليل النفسي الذي يرافق في العادة هذا النوع من الأفلام. هو غير معني إلا بالزمن الذي يتناوله الفيلم وبالأحداث التي ستتخلله، لا يستعيد الماضي ولا يسترق النظر إلى المستقبل. فيلم صارم بهذا المعنى، بارد، يدفعنا إلى مشاهدته في سياق كوني أكبر، في وصف هذا التعايش بين الرجل والصبي غير إرادي، بصرف النظر عن الاسباب. مع انطلاقة الفيلم، ينتظر المشاهد أن يفهم ماذ حدث ولماذا. ولكن مع تقدم الأحداث وبقاء الفيلم منغلقاً على نفسه ومعطياته الأولية، تنطلق العين باحثة في الأمكنة نفسها عن دليل أو شيء جديد، تماماً كما يفعل "وولفغانغ" في قبوه طوال اليوم، يخترع الألعاب واللهو. تكشف غرفة الولد المجهزة بالعابه واحتياجاته عن انه أمضى وقتاً طويلاً هناك. كذلك علاقته الآلية مع "ميكايل"، من دون مقاومة تذكر في البداية. حياتهما محكومة بروتين: ذهاب "ميكايل" إلى العمل صباحاً وبقاء "وولفغانغ" في القبو حيث الطعام والألعاب متزفرة؛ عودة ميكايل مساءً وتناولهما العشاء بصمت، يوحي بازدراء الصبي له إنما ليس فوق العادة. فكأن "ميكايل" اب قاسِ، هكذا يبدو في البداية. أحياناً يشاهد الصبي التلفاز وأحياناً لا يسمح له بذلك. يخرجان في عطل الاسبوع، يمضيان عيد الميلاد معاً، ينظفان المنزل... إنها اشبه بحياة يومية سوى أنها مفتعلة. حياة طبيعية يريدها "ميكايل" فاقد الصلة بعائلته واصدقائه بسبب رئيسي هو اشتهاؤه الأطفال. هكذا يحاول من خلال اختطاف "وولفغانغ" أن يحقق الرغبتين: الرغبة في أن تكون له عائلة كغيره من الناس والرغبة الجنسية بالأطفال. معادلة عادية بالنسبة إليه، أو هكذا يبدو، متآلفاً مع فعلته. فإذا حرك عامل خارجي الموضوع ودفعه إلى النظر إليه من زاوية أخرى، ارتبك وانطوى على ذاته من جديد ورؤيته المريضة. يتجاوز الفيلم بدم بارد الأسئلة المعتادة إلى أخرى تبدو بالنسبة إلى الآخرين ثانوية. فنحن نريد أن نفهم ونحاكم ونحقق العدالة. أما بالنسبة إلى صاحب الفيلم، فثمة واقع يتطلب التعاطي معه بمنطقه. عندها يسأل: ماذا سيحل بالصبي إذا تعرض "ميكايل" لحادث؟ ماذا يفعل "ميكايل" إذا مرض الصبي؟ وماذا سيحدث للأخير إذا مات "ميكايل" فجأة؟ في نهاية الفيلم وبعد تطبيقه كل تلك الفرضيات، يحرمنا الفيلم الجواب، كأنه بذلك يعود إلى البداية بسؤال جوهري: ايهما أفضل بالنسبة إلى الصبي: أن يبقى حياً بتلك الذاكرة الأليمة أم أن يموت مع خاطفه؟ شريط مدهش بتقشفه وبروده وقدرته على استنباط تلوينات من حالة قصوى جامدة ومدانة على كل الاصعدة. وجراة كبيرة من مخرج يقدم فيلمه الاول أن يتناول الجريمة الإجتماعية الكبرى من وجهة نظر الجلاد ومن دون إطلاق إحكام. إنه ليس إنصافاً وليس أنسنة بالمعنى التقليدي، بل هو محاولة لفهم عالم يثير الغثيان من دون أن يفقد ملمحه الإنساني. لا يذكر المخرج في تعليقاته اية واقعة محددة ألهمت فيلمه، ولكن مما لا شك فيه أن الحادثة الأقرب إلى الذاكرة هي حكاية ناتاشا كامبوتش التي بدأت مأساتها المروعة عام 1998 (كانت في العاشرة) باختطافها واحتجازها من قبل عامل ميكانيكي في زنزانة تحت الأرض لثماني سنوات قبل أن تهرب في 23 آب 2006. منذ ذلك الحين، تحولت ناتاشا مادة إعلامية دسمة لمئات المقابلات وعشرات الكتب والأفلام الوثائقية وغيرها. الفتاة التي أذهلت العالم بذكائها ومعرفتها واصبحت اليوم نجمة تلفزيونية تقدم برنامجها الحواري على إحدى محطات التلفزة النمسوية وافقت العام الماضي على تحويل قصتها فيلماً سينمائياث على يدي المنتج والمخرج الالماني بيرند ايتشينغر.

رسولوف، لا تقل "وداعاً"

من سجنه الكبير، وبانتظار قرار البت بحكم سجنه الصغير، أرسل المخرج الإيراني محمد رسولوف رسالة كأنها الأخيرة. فيلم أطلق عليه عنوان "وداعاً"، ولا ندري إن كان الوداع يشمل شخصية الفيلم الرئيسية فقط، أم أنه تورية لمآله أيضاً. انضم الفيلم إلى قسم "نظرة ما" قبل ايام قليلة من افتتاح المهرجان، كما فعل شريط جعفر باناهي "هذا ليس فيلماً" (سيعرض غداً) إلى قسم "العروض الخاصة". ولعلَ المهرجان لم يرد الإفصاح عنهما إلا بعيد تأكده من وصول نسختيهما إلى كان، كفعل احتجاج من المخرجين ومساندة من المهرجان والمجتمع السينمائي. فيلم رسولوف كان سيحوز الإعجاب والتعاطف في كل الأحوال، إلا أنه لحسن الحظ استحقّهما. فالشريط المبني حول حكاية "نور" (ليلى زارع) أقرب إلى فيلم "مسروق"، منتزع من الواقع كقطعة نادرة على الرغم من وفرة الحكايات من هذا النوع. إلا أن كاميرا رسولوف، تحت ضغط المنع أو بخيار فني شخصي، تدور في الأمكانة المغلقة، في البيوت وداخل المكاتب وفي خلفيات عربات الإسعاف. أو في مساحة ضيقة جداً داخل الباص أو في زاروب متوارِ عن الأنظار. إنه عالم "نورا" في كل الاحوال، الساعية بكل ما أوتيت من قوة إلى الحصول على تأشيرة سفر ومغادرة البلاد، بعد أن منعت من ممارسة مهنتها في المحاماة واقضي زوجها الصحافي إلى شمال إيران ولاتزال هي ملاحقة بسببه. نفهم أنها حامل وان ذلك كان اقتراح المحامي الذي يقوم بتسهيل معاملات السفر. ولكن الحكاية تدخل في متاهات أخرى عندما تبدا نورا بسؤال نفسها إن كانت تريد طفلاً واتضاح أن الأخير مصاب بمتلازمة داون (down syndrome). تلاحق كاميرا رسولوف "نورا" في يومياتها بين مكتب المحامي وعيادة الطبيب والمستشفى حيث تجري الفحوصات للتأكد من صحة الجنين وبين منزلها حيث تقوم بتوضيب علب هدايا وبيعها. المناخ الرمادي الأزرق المستحوذ على الفيلم انعكاس مباشر لوحدتها وخوفها وشعورها المتنامي بالتهديد. يتحقق كل ذلك تدريجياً وصولاً إلى اعتقالها في الفندق قبل مغادرتها بدقائق إلى المطار. "وداعاً" فيلم اسود بالكامل لا بصيص أمل فيه ولا عجب في ذلك البتة. 

على هامش المهرجان

تكريم نوري بوزيد ودرس أسامة محمد

على هامش مهرجان كان السينمائي، أطلق المجتمع السينمائي الدولي يوم الأربعاء 12 أيار/مايو موقفاً تأييدياً بارزاً للسينمائيين العرب وثوراتهم على الأنظمة الديكتاتورية. فقد منح وزير الثقافة الفرنسي فريديريك ميتران السينمائي التونسي نوري بوزيد وسام الشرف الفرنسي برتبة فارس، فيما استضافت تظاهرة "نصف شهر المخرجين" السينمائي السوري اسامة محمد، من بين آخرين، في جلسة حوارية حول "صناعة الافلام في ظل نظام ديكتاتوري". جاء تزامن الحدثين من موقعين ومكانين مختلفين ليسلّط ضوءاً إضافياً على ما يمكن اعتباره حضوراً استثنائياً للسينما العربية في المهرجان السينمائي الابرز في العالم. صحيح أن المشاركة العربية الرسمية تكاد تقتصر على الشريط اللبناني "لوين هلق؟" لندين لبكي في قسم "نظرة ما"، غير أن ذلك لا يقلّل من أهمية حضور أفلام أخرى في أطر تكريمية وخاصة، لاسيما الفيلم المصري الجماعي "18 يوماً" في سياق التحية التكريمية لمصر والوثائقي التونسي "لا خوف بعد اليوم" لمراد بن شيخ في قسم العروض الخاصة. تأتي هذه المشاركة بعد غياب طويل للسينما التونسية عن المهرجان، حيث كانت مشاركتها الأخيرة في العام 2000 من خلال "موسم الرجال" لمفيدة تلاتلي الذي عرض في برنامج "نظرة ما". على البرنامج ايضاً، عرض لفيلم روائي مصري آخر هو "صرخة نملة" لسامح عبد العزيز ضمن "عروض الشاطىء" فضلاً عن تواجد كبير لسينمائيين وممثلين ومنتجين عرب، مرافقين تلك العروض أو في سوق الأفلام.

تكريم بوزيد

استقبل التونسيون الحاضرون في مهرجان كان السينمائي تكريم بوزيد بفرحة عارمة وحضرالتكريم حشد من المدعوين من فرنسيين وعرب. اشاد فريديريك ميتران بسينما بوزيد "الخاصة والقوية حيث الشخصيات ملاحقة بالعزلة، مع ذلك فالجميع يعرف هنا التزاماتك ومعركتك وتعطشك الدائم للحرية... عبرك أذكّر بالمبدعين وهؤلاء المدافعين عن الحرية في تونس بالامس كما اليوم". وذكّر ميتران بأعمال بوزيد منذ فيلمه الاول "ريح السد" (1986) الذي نال الجائزة الذهبية في قرطاج حينها وحضر في كانّ قبل أن يعرف نجاحاً دولياً، لتستمر بعده مسيرة بوزيد المدافع عن المرأة كما عن الرجل والذي تتميز أفلامه دائماً بملامسة قضايا اجتماعية وسياسية وبجرأة الطرح ومواكبة تطور المجتمعات كما في "صفائح من ذهب" و"بيزنس" و"تونسيات" وصولا الى "آخر فيلم" (Making Of).

في خطابه، توجّه ميتران إلى بوزيد قائلاً: "في عيونك التصوير والصمود، معركة واحدة، وبهذه المناسبة أفكّر بكل هؤلاء الذين صوروا الثورات القائمة وإن كانت حياتهم أحيانا الثمن... كنت رائداً وسباقاً والشباب التونسي من أصحاب المدونات والذين يستخدمون الإنترنت والذين ساهموا في خلق حركة مواطنية هم على نحو ما ورثتك، وهم اغتسلوا كما أنت من الخوف والعيب الذي طوعّ النفوس".

وأوضح ميتران ان الوسام "يأتي مكافأة على مسيرتك الطويلة والطموحة في خدمة سينما غير تقليدية... ورفضك لكل انواع المنع، وللاشعاع الذي منحته لسينما المغرب والعالم".

من ناحيته قال نوري بوزيد الذي كان بدوره منفعلاً في كلمته التي أعقبت تقليده الوسام: "مهرجان كان ساعدني كثيراً لأكون مع السينما والحرية ولمقاومة الديكتاتور والوسام سيساعدني على مقاومة الظلامية التي يمكن ان تؤلم" مشيراً إلى راهن الوضع في تونس.

وتوجه بوزيد إلى الجيل الشاب من المخرجين في تونس والحاضرين في الحفل بالقول: "لا تقتلوا هذه الثورة بالنصر"، ودعاهم إلى التواضع كي يتكوّنوا.

كما شدّد بوزيد على أنه لن يقبل بدولة او نظام إسلامي ولو معتدل حتى ولو كان الاميركيون يسعون الى ذلك كما أوضح مشيراً إلى أنه "من المهم احترام ارادة الشعوب التي قامت بالثورات وان يدعوها تختار وهي بالتأكيد لن تكون ارهابية".

وفي تصريح خاص بوكالة فرانس برس قال بوزيد ان الاسلاميين امتطوا موجة الثورة في حين لم يكونوا في الساحة خلالها واليوم بدأوا يظهرون ويعلنون انهم يريديون الحكم وينشطون بعنف وقوة .

وكان بوزيد قد تعرض الشهر الماضي للإعتداء بآلة حادة على رأسه من قبل متطرّف، يرجح أن يكون سببها طروحاته العلمانية. كما أقام دعوى ضد مغني الراب الملقب بـ "بسيكو إم" صاحب الأغنية المشهورة التي يقول فيها " لو كان لدي كلاشينكوف لافرغته كاملا في نوري بوزيد". ورفعت الدعوى حين كرر الاغنية في حفل اسلامي في 17 نيسان/أبريل الماضي وصفق له الجمهور المحتشد من حزب "النهضة".

اختبر نوري بوزيد السجن السياسي في السبعينات كما منع عدد من اعماله في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ويعتبر بوزيد أحد أهم المخرجين في تونس، شارك في كتابة سيناريوات أفلام بارزة مثل "عصفور السطح" لفريد بو غدير الذي كان حاضراً في الاحتفال و"صمت القصور" لمفيدة التلاتلي وكلاهما سجل نجاحاً كبيراً محلياً ودولياً.

عرض مهرجان كان السينمائي لبوزيد فيلما "ريح السد" (1986) و"صفائح من ذهب" (1989) في قسم "نظرة ما". بينما عرض له "نصف شهر المخرجين" "بيزنس" عام 1992. وحازت أعماله في مهرجان قرطاج السينمائي بشكل دوري على جوائز.

درس أسامة محمد

إلى مهرجان كانّ عاد السينمائي السوري أسامة محمد ولكن هذه المرة ليس لعرض فيلم كما فعل في العام 1988 حين قدّم باكورتها الروائية الطويلة "نجوم النهار" في تظاهرة "نصف شهر المخرجين"، أو كما فعل في العام 2002 عندما استضاف قسم "نظرة ما" فيلمه الثاني "صندوق الدنيا". هذه المرة جاء ليروي معاناة مستمرة، وإن لم تكن مقاربته بعيدة من الصورة أو البحث عن لغة خاصة لمقاربة الظرف كما يفعل في أفلامه عادة. جاءت مشاركته اشبه بصرخة احتجاج على الظلم والعنف الذي يشهده الشارع السوري منذ بعض الوقت، محاوراً الجمهور بلغة الصورة من دون أن يتبعد من هموم الناس والشارع. فقد حمل معه صورة النائب في البرلمان السوري رياض سيف المعتقل حالياً وسواه من الفنانين والناشطين والناس العاديين، وأفكار الثائرين في الشارع وغضبهم وكبرياءهم. بدا محمّد متماسكاً وجدياً وساخراً، معتذراً من الحضور عما يمكن أن يبدو بروباغندا "لم افكّر يوماً أنني يمكن أن اقوم بها". حاور محمد الحضور شارحاً ظروف السينمائيين المستقلين عن الخطاب والمؤسسات الرسمية في سوريا، ومعاناتهم لإنجاز أفلامهم. ولكنّ الشهادة الكبرى جاءت على شكل نصّ، كتبه تعليقاً على ثلاث لقطات نشرت على الإنترنت لمراهق يقبّل حذاء مسؤول عسكري. تبين الصور الثلاث المراهق إذ يهم بتقبيل الحذاء، القبلة نفسها وما بعدها، حيث نراه عارياً مقيداً وآثار الرعب بادية على وجهه والتعذيب على جسده. أطلق محمد عنوان "قبّل الصبي حذاء الضابط: درس قراءة للمرحلة" جاء في مقدّمته:

"قَبَّلَ الصبيُّ الدَرْعاويُّ المُراهِقُ حِذاءَ الضابطِ أو عُنْصُرِ الأمن أو المساعد أول !!

لا قدرة لدينا على مَعرفته أو التأكد من هويته .. فهو يُعَرِّفُ عَنْ نفسه بالحذاء.

ففي الصورة التي يصورها الفاعلُ لا يظهر منه إلا الحذاء.. حذاء الأمن .

والكاميرا تنظر من علٍ إلى الأسفل لأنَّ المراهق يركعُ هناك ليقبِّلَ الحذاءَ فيعود للحياة.

الحياةُ حذاءٌ .

حذاءُ الأمن بوابةُ الحياة."

وفي مكانٍ آخر كتب اسامة:

" حين شاهدتُ ما شاهدتُ.. رأيتُهُ أنا .. رأيتُ في الصبيِّ أنا.. وقَبَّلتُ معه الحِذاء.

هذه هي السينما غير النخبوية الموجهة للجماهير ... تصِل ُ قَلْبَ المُشاهد وعقلَهُ وأحاسيسهُ على الفور وبلا صعوبة.

سينما مُباشرة ولكنّها مليئة بالمجازات مليئة بالصور التي تتوالد من الصور

و حتى أنها بالنهاية تطرح سؤالا وُجُودياً.

السينما رسالة. أليس كذلك ؟

أنا وصلتني الرسالة .. وأعتقد أنها في لحظةٍ مِنْ ما نُسميه يَقظةَ الضَمير وَصَلَتْ كلَّ سوريّ من درعا إلى قامشلو مروراً بدوما وحمص السوريّ . والساحل

وأعتقدُ أنهم جميعاً ما عدا بعض الأحذية .. لم يشعروا إلاّ بالعار وبالجريمة ؟

الصورةُ وَحْدَها كافية ليَخْرُجَ البشريون احتجاجاً على الحذاء."

وفي ثالث قال:

"لا صورة للشهيد "..." على الشاشة الوطنية

في التلفزيون الوطني قُتِلَ الشابُ على يد مَبْنيٍّ لِلْمَجْهُول يَكيدُ بالوطن.

ولأنَّ القاتِلَ مَجْهول.. أصبحَ القتيلُ مجهولاً.

حُذِفَ الشهيد من المشهد واحتلَّ القاتِلُ مَكَانَه ... ولأنَّ القاتِلَ غَامِضٌ لا صورةَ لهُ

فقدْ أصبح لُغَةً ... حَلَّت الكلمةُ مكانَ الصورة كما في السينما الرديئة.

بَدأتْ خلايا الكلمة تتكاثر حتى صارت صورةً لا صورةَ لها اسمها العصابة.

وراح المَشْهَدُ الرسميُّ يَنْفِخُ فيها من رُوحِه و يوقدُ جَمْرَ المُخَيِّلةِ الجَمْعيَّة والخوف الجَمْعيّ ... ليَبْنِيَ كُلٌ صورةَ المجهول على هوى خوفه.

الصورة مقابل الصورة

الخوف مقابل الحريّة"

المستقبل اللبنانية في

18/05/2011

 

ما هي الإبداعات التي تشكل متحف وودي آلن المتخيّل؟

سيزان وتولستوي وكوروساوا والجاز

ترجمة: كوليت مرشليان 

في فيلمه الأخير الذي كان عرضه الأول في "مهرجان كان" الحالي لفت المخرج وودي آلن انتباه المشاهدين للبعد الفني الكبير في موضوع الفيلم الذي يحمل العنوان: "منتصف الليل في باريس": الموسيقى، الرسم، الأدب والسينما. وطرحت مجلة "الاكسبرس" في تحقيق مشوّق بعض الأسئلة على المخرج النيويوركي مختصرة الفكرة في جعله يعطي اجابات تؤسس لمتحفه المتخيّل وهو يقوم على جملة ابداعات شكلت شغفه في الحياة: لوحات، مقطوعات موسيقية، كتب أدبية، افلام، مسرحيات..

في الرسم: سيزان

يهوى وودي آلن التأمل في كل أعمال الرسام الفرنسي سيزان، خاصة لوحة: "لاعبو الورق" ولوحة "التفاحات" ويعلق: و"لكن لم أعد أعرف أي تفاحات لأن سيزان رسم كثيراً هذا الموضوع".. واضاف: "أعشق هذه الطريقة التي كان سيزان يحاول فيها ان يمزج ما بين البني والأزرق وكل تحولات هذين اللونين. حتى أنني اشعر بأنني يمكن أن امدّ يدي وألمس الأغراض التي رسمها، كما أنني اشعر أحياناً بأنني قد اسمع هؤلاء اللاعبين يهمسون ويتحادثون. كل أعمال سيزان تأسرني ولا أعرف السبب. ولقد كبرت في بروكلين وليس بعيداً عن المتاحف الفنية. وحين صرت ناضجاً، كنت دائماً أسكن على بعد أمتار من "ميتروبوليتان ميوزيم" وكنت أدخل في كل مرة وأجلس في صالة واحدة أمام لوحة أتأملها ساعة أو أكثر: جلسة أمام لوحة لرامبرنت أو أخرى أمام لوحة لفان غوغ. وحتى اليوم، أحافظ دائماً على بطاقة دخول للمتاحف في نيويورك وربما أكثر من خمسين زيارة معدل زياراتي اليها في العام. أعشق اللوحات التي تصوّر المدن، الشوارع، المباني، المارة على الطريق، كما أعشق المناظر الطبيعية من أعمال تورنر مثلاً، أما اللوحات التي تصوّر الطبيعة في الريف فهي تشعرني بالملل. افكر بالأمر، فاذا أردنا ان نتمشى في الريف يجب ان نحمل مشعلاً وليس هناك سوى الشجر للتأمل بها، أنا ابن مدينة بامتياز".

في الموسيقى: الجاز

يفضل آلن الجاز الخاص بأورليان الجديدة. وبالتحديد الجاز الذي كان يلعبه كينغ اوليفييو أو عازف البيانو جيلي رول مورتن، ويقول: "كتبغ اوليفيير وجيلي رول مورتن هما ابتدعا الجاز على طريقتهما. كنت في الخامسة عشرة وكنت يومها أحب بقوة مقطوعات سيدني بيتش وكانت تذاع على الراديو في العام 1950. ثم سرعان ما أحببت أن أعود الى جذور الجاز فاكتشفت أوليفيير ومورتن. لم أكن يوماً موسيقياً موهوباً. فأنا امتلك فقط الحماسة لما وليست الموهبة. لكنني انتميت يوماً الى فريق موسيقي صغير قبل 35 عاماً وسرعان ما توقفت عن العزف بعدها، كنا نقدم حفلات كل اثنين مساء في أوتيل كارليل وكنت دائماً مدهوشاً كيف يأتي الناس لسماعنا. وكنت أفكر بأن الذين يأتون هم ربما يحبون افلامي. وفي الواقع، أنا أناسب كثيراً العزف في المنزل وأمام الأصحاب فقط.

في الأدب: تولستوي

يفضل وودي آلن النوع "الدسم" باختصار، هو يعشق كتاب "الحرب والسلم" لتولستوي: "هذا الكتاب يمكن ان نغوص فيه ساعات طويلة ونعيش معه الأحاسيس والانفعالات القصوى".

بدأت أقرأ الكتب حين صرت أخرج مع الفتيات واقع في الحب، كنت في الثامنة عشرة.

كانت الفتيات جميلات وبوهيميات وفنانات وبالفساتين السوداء الأنيقة، ومثقفات.. كنت حين التقيت فتاة تبدأ بالكلام فلا أفهم ماذا تقول أو ماذا أجيب، فكانت أخيراً ترحل عني. فكنت افكر: إذا اردت ان احتفظ بهن عليّ ان اتعلم اللوم، فبدأت القراءة: كافكا، ت.س. اليوت، همنغواي.. ولكن حتى اليوم، اشعر انه في قراءتي للكتب ما يشبه الفرض المدرسي وليس من متعة قوية في الأمر.

فأنا افضل مثلاً أن أشاهد رياضة الباسيبول على التلفزيون. وأعترف بأنني قرأت كثيراً، لكن ثمة نواقص كثيرة في قراءاتي. وأحياناً أشعر بذلك حين أجد نفسي أمام اشخاص من النوع المثقف الى درجة كبيرة، وما يهمني في الأمر ان اكون مقبولاً كي لا يقال عني: يا له من أميّ".

في السينما الافلام الأوروبية واليابانية

يفضل السينما الأوروبية بشكل خاص، مطعمة بالسينما اليابانية مثل راشومون وآكيرا كوروساوا و"الوهم الكبير" لجان رونوار و"سارق الدراجة" لفيتوريو دوسيكا افلام عديدة من توقيع انغمار برغمان.. ويقول: "هذه الأفلام شاهدتها في حينها، اي عند صدورها ويمكن أن اقول انها من الأعمال التي قلبت حياتي رأساً على عقب.

وأنا صغير، كنت أحب كثيراً الأفلام من نوع "بوب هوب: وماكس بروزرز وشارلي شابلن، وكنت أفضل ان أنخرط في الأفلام بدلاً من موجهة الواقع. وبعد الحرب، كان هناك مجموعة كبيرة من الافلام الأوروبية واليابانية التي دخلت نيويورك. واعتبرت انه ثمة هدية مباركة في الأمر فكنت أعشق أفلام فيلليني ودوسيكا ورينيه وبرغمان وانطونيوني وكوروساوا.. وكنت أناقش الأفلام لساعات مع اصدقائي، وصرت مخرجاً لأنني أردت أن اقلد هذه الأفلام. وان أمضي كل حياتي محاطاً بالنجمات الممثلات الجميلات والموهوبات. أعتقد بأنني نجحت في عشرة افلام منها: "الورد القرمزي في القاهرة" و"فيكي كريستينا برشلونة" و"زيليغ".. وايضا "منتصف الليل في باريس"، اذاً لست راضيا على حوالي 32 فيلماً من افلامي، ولكن أقول بأنه ليس سهلاً ان ننجح في المشهد السينمائي اذا نجحنا في النص او في السكريبت.

فيلم "مانهاتن" بشكل خاص خيب املي، كان النص رائعاً بين يدي لكنني ارتكبت العديد من الأغلاط في التنفيذ. ثمة حماوية ما بين ما احلم به في النص وما انفذه، ولا افهم لماذا الناس احبت "مانهاتن" الى هذه الدرجة، لكنني بالطبع لن أركض في الطريق واشتم الناس لأنها أحبت "مانهاتن". ما أعرفه انني كنت دائماً ارغب في تنفيذ اجمل فيلم ممكن، وفي كل مرة احلم بتنفيذ "سيتيزن كاين". مثلاً لكنني لا أملك هذه الموهبة. الشيء الوحيد الذي يفصلني عن العظمة هو أنا.

المستقبل اللبنانية في

18/05/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)