حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

دراما مرئية..

الانتاج بعيون مغمضة

مسلسلات إسرائيلية علي الإذاعة المرئية

بقلم د.حسن عطية

يبدو أننا في خضم انشغالنا بالانتاج الدرامي الذي نبثه علي قنواتنا التليفزيونية وعبر اثير الاذاعة، ننسي أو نتغاضي عن أن لكل عمل درامي رسائل معلنة وأخري مختفية أو مضمرة في ثنايا الموضوع المختار والحدث الدرامي وصراع الشخصيات، لا يعلن عنها حوارهم، ولا يكشف عنها عنوان العمل الدرامي وهدفه المعلن، فتبدو من زاوية صحيحة، لكنها تكشف من زوايا أخري عن رسائل مذهلة.

وهذا أمر شائع ومعروف في حياتنا الفنية، فقد لعبت في سبعينيات القرن الماضي مسرحية كوميدية، هي (مدرسة المشاغبين) دورا في خلخلة العلاقة بين الاباء والابناء عامة، وبين الطلاب واساتذتهم خاصة، وأدت مع أسباب موضوعية أخري إلي انهيار التعليم في مصر، وأخطأ التليفزيون المصري حينما قرر بثها علي شاشته أثناء أحداث 81 و 91 يناير عام 7791، متصورا أنه سيلهي الناس بها عن هذا الاحداث، ويبقيهم في بيوتهم خلال فترة منع التجول، باعتبارها مسرحية هزلية ساخرة، دون ان ينتبه وقتها إلي خطورة سخريتها من سلطة آباء العائلة. والتي تأثيرها علي الشباب الغاضب علي السلطة.

إهانة الشعب

ويحيرني حقيقة امر أعلامنا المرئي والسمعي في تعامله مع الاعمال الدرامية، فهو يقف كثيرا أمام المسلسلات التي تتعلق بتاريخ الوطن، ويستنفر أجهزته الرقابية خاصة فيما يتعلق بثورة يوليو.. مثلما حدث في المسلسل الذي يذاع حاليا، علي القناة الأولي، وأشرنا إليه في مثالنا السابق، وهو (سنوات الحب والملح)، والذي لولا وعي رئيسة الرقابة في التليفزيون حاليا، لما مر من أيدي رقباء لا تنفتح أعينهم ألا أمام أمور سياسية معينة، بينما يغمضون الأعين عن أمور أخري  أشد فداحة وتأثيرا علي مشاهدها ومستمعيها، وهو أمر لا يخص الرقابة فقط، بل يقع في المقام الاولي علي كتاب هذه الاعمال الدرامية وجهات إنتاجها داخل اتحاد الاذاعة والتليفزيون.

فالمسلسلات الدينية التي بثت حتي الآن، علي امتداد تاريخ الاذاعة والتليفزيون، وتتعرض لتاريخ المجتمع المصري الفرعوني، لا تتورع عن إهناة هذا التاريخ، وادانه الشعب المصري، وتمجيد اليهود ونبيهم بصورة تجعل المستمع أو المشاهد يتعاطف مع اليهود الأبرياء ضد المصريين الكفرة الاشرار، الذين كانوا يهاجمون اليهود بليل، ويجبرونهم علي الهجرة من أرضهم بالوادي التي عاشوا فيها زمنا، ويحاولون عبور البحر خلفهم فيموتون ، تاركين اياهم يعيشون في سلام علي أرض سيناء.

جوليات وداود

هل يصنع أحد في العالم هذا الامر مع تاريخه؟، هل يهين كاتب ومنتج وإعلامي شعبه مثلما يفعل كتابنا ومنتجينا وأجهزتنا الإعلامية؟..

لا أحد يفعل هذا غيرنا، واليهود أنفسهم هم الذين يروجون للحكايات التي نهين بها شعبنا بأيدينا، وهم الذين يقفون خلف الأفلام السينمائية الضخمة التي تؤكد حقهم في العودة إلي أرضيهم القديمة بمصر، ويسعون اليوم للعودة إلي أحيانهم التي خرجوا منها في العصر الحديث.

واذا كان الامر كذلك في السنوات السابقة، فكيف الامر اليوم؟ ، والاذاعة تستعد لانتاج مسلسل باسم (النبوءة) عن نبوءة الرب لنبي اسرائيل  في فلسطين، ومعركتهم ضد الكنعانيين (الفلسطينيين) وانتصارهم عليهم، كما تستعد لانتاج مسلسل في حلقات منفصلة متصلة باسم (نساء في حياة الانبياء)، نأخذ حلقاته الست الاولي لنا مثلا علي ماننبه إليه، فالحلقات الثلاث الاولي تدور حول شخصية »بلقيس« ملكة سبأ في عهد »سليمان« مؤكدة علي ان سليمان هو باني (هيكل سليمان) المقدس، دونما انتباه إلي سعي اسرائيل حاليا ومنذ سنوات لهدم المسجد الاقصي بحثا عن بقايا هذا الهيكل المزعوم، وتأكيد وجوده وتقديسه في المسلسل يضر بالقضية العربية في فلسطين، ويؤدي اسلاميا للتفريط في المسجد الاقصي، إذا ما وقعنا في فخ المقارنة بين هيكل سليمان والحرم القدسي الشريف، كما أن الصراع القائم اليوم حول مياه النيل، ودخول اسرائيل طرفا فيه، تعاونا مع اثيوبيا بصورة خاصة، دفع بالتقارير السياسية حول هذه العلاقة لكي تتكيء علي أساطير التاريخ، وتؤكد علي ان زيارة ملكة أقسوم الأثيوبية المعروفة باسم »بلقيس سبأ« لملك اليهود سليمان محملة بالهدايا، انما يدعم العلاقات التاريخية والراهنة بين البلدين، كما أن هداية بلقيس. في نهاية الحلقات الثلاث، إنما تمت باعتناقها اليهودية التي يمثلها الملك »سليمان« وليس  الإسلام الذي جاء خاتمة لكل الاديان السماوية، وهو ما قد يحدث التباسا لا داعي له لدي المستمع، هذا إلي جانب أن التأكيد علي كل الصور الخيالية للملك »سليمان« ودعمه بالمصدر الديني، انما يزيد من تعلق جمهورنا الشاب بالمعجزات والخوارق، بدلا من دفعهم للتمسك بالعلم والمعرفة العقلية.

جالوت وطالوت

تتعرض الحلقتنان الرابعة والخامسة لملك بني اسرائيل الطيب »طالوت« الذي واجه المحارب الفلسطيني الشرير »جالوت« ملك العمالقة الذين كانوا يسكنون منطقة سيناء »او جوليات كما عرفناه في أفلام الاربعينيات والخمسينيات الأمريكية التي كنا نصفق ونحن نشاهدها اطفالا لليهودي المنتصر علي الفلسطيني الجبار) ولما لم يستطيع هزيمته، ظهر له الراعي الصغير المحبوب، داود، ليهزم العملاق بذكائه ونبلته الصغيرة (كان من فخر اسرائيل بانتصارهم علي العرب في 7691 العمل علي تأكيد هذه الاسطورة القديمة، وتقيم داود الإسرائيلي الصغير منتصرا علي العرب بعددهم الضخم)، وأضطر »طالوت« بدافع عن زوجته ان يزوج »داود« بابنته التي وهبها لمن يقود »بني إسرائيل إلي النصر« وسوف يكون ملكهم الثاني في دولتهم المتحدة، وهذا هو كل دور زوجة ملك إسرائيل في المسلسل المصري، وهو دور لا تميز فيه، ولا حاجة لتأكيد انتصار اليهود علي عمالقة سيناء، ثم تأتي الحلقة السادسة لتستكمل ما سبقها، بعد ان تزوج »داوود« من »ميكال« أصغر بنات »طالوت« والتي تشي بأبيها حينما تبلغ »داوود« بأنه يفكر في التخلص منه، وتدفعه للفرار من جنوده، وهذا هو كل دورها في المسلسل ايضا.

يا سادة الاعلام في مصر، وصناع الدراما المصرية، انتبهوا وأدركوا ان الدراما الاذاعية هي فن يجمع بين الثقافة والاعلام، وهي وسيط جمالي يحمل ببنائه الفني رسائل علي جانب كبير من الخطورة، مما يتطلب الوعي بموادها ورسائلها الموجهة عبر الاثير للعامة، والحكايات التي تكشف عنها الحلقات التي أشرنا إليه لا تقدم جديدا عن النساء اللائي يتخذ المسلسل منهن عنوانا له، فضلا عن دوران هذه الحكايات في فلك ما يقال أنه دولة بني اسرائيل في العصور القديمة، وهو يخدم دولة اسرائيل اليوم، أكثر مما يخدم المسلمين والمسيحيين.

هل ننتج نحن بأنفسنا مسلسلات درامية تضرنا وتخدم الدولة الإسرائيلية ، ونبثها علي أثير اذاعاتنا؟

الإجابة للأسف الشديد نعم.. وترقبوا هذه المسلسلات الإسرائيلية بكتابة وإخراج وممثلين مصريين وأموال مصرية علي الاذاعة المصرية قريبا جدا.

أخبار النجوم المصرية في

15/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)