حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

حصيلة الموسم [1]: بانوراما الخيبة

تطويل وحشو وركاكة... ومراهقة إخراجية

إعداد: وسام كنعان ومحمد عبد الرحمن

شارف الشهر المبارك على نهايته، وحان وقت الحساب. نتوقف عند مسلسلات مهّدت لها حملات ترويج ضخمة، وترقّبها المشاهد من «كليوباترا» إلى «أبو جانتي»... لكن ورقة التوت راحت تنزلق عنها، فلم يبق مع اقتراب النهاية، سوى طعم الفشل. غداً، موعدنا مع الأعمال التي ربحت رهانها هذا العام

 

مواهب «أبو جانتي»

حاول سامر المصري استغلال كل مواهبه في مسلسل «أبو جانتي ملك التاكسي». هكذا، سجّل شارة العمل بصوته، وواكب عرضه بتصريحات صحافية. ثمّ سمعناه يؤكّد أنه أعاد الكوميديا السورية إلى عصرها الذهبي، وطوراً يقول إنّه اقترب من نبض الشارع بطريقة لم يفعلها أحد سواه! ولم يتردّد النجم السوري في التعبير عن استغرابه من الآراء السلبية التي انتقدت العمل. على أرض الواقع، استطاع المسلسل جذب شريحة كبيرة من المشاهدين. مع ذلك، لم يشفع ذلك بمستوى «أبو جنتي». بدا واضحاً أن المصري فصّل العمل على قياسه، ولم يفوّت فرصة للتقرّب من السلطة ومغازلة رأس المال الخليجي.
ولن يتأخّر المشاهد في اكتشاف الاستسهال من خلال الصور السريالية التي يطرحها المسلسل مرة عن المسؤولين، ومرات أخرى عن المدينة وشخصياتها الفاضلة على رأسها شخصية أبو جانتي. إلى جانب التطويل والحشو. علماً بأن أغلب أحداث المسلسل تؤكد أن الفكرة لا تحتمل إلا لوحة واحدة في مسلسل «بقعة ضوء» أو أنّها تحتاج إلى... كاتب حقيقي. 

لا بهرجات ولا تشويق

فجأة، أصبحت لورا أبو أسعد منتجةً، ولم تكتف بتخريب الدراما السورية عبر عشرات الأعمال التركية المدبلجة، بل بدت هذا الموسم مصرةً على الذهاب أبعد من ذلك. إذ قررت الممثلة السورية أن تنتج مسلسل «قيود الروح». كتبت نص المسلسل يارا صبري وريما فليحان، وقد اختارت أبو أسعد هذا السيناريو باعتباره معافى من البهرجات التي تضاف عادة من أجل التسويق. أما مخرج العمل فكان زوج صبري الممثل ماهر صليبي. وقد سبقت عرض المسلسل تصريحات تبهج النفوس. ثم واكبت عرضه ندوة عقدتها الشركة المنتجة ووزارة الإعلام السورية للحديث عن الدراما التي تتناول قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، على اعتبار أن العمل يطرح شخصية طفل مصاب بالتوحد. لكن النتيجة كانت عدم تمكّن المشاهد من إكمال حلقة واحدة من المسلسل. إذ إنّ النص المعافى من البهرجات، جاء أيضاً معافى من الحبكة المشوّقة والممتعة. وما زاد الطين بلة كان الإمكانات المتواضعة جداً لماهر صليبي، فاقتصر عرض العمل على قناة «سوريا دراما»، كونها تعرض معظم المسلسلات السورية، وقناة «السومرية» العراقية! 

الكلّ عاوز «زهرة»

قبل انطلاق السباق الرمضاني، كان «زهرة وأزواجها الخمسة» الأكثر إثارة للجدل. مع ذلك، لم ينل إعجاب كثيرين. ولعلّ اتصال إحدى المصريات على برنامج إذاعي تبثّه محطة «راديو مصر» كان الأكثر تعبيراً عن هذه الإشكالية. إذ قالت المتّصلة إنها غير مقتنعة بأحداث المسلسل لكنّها تتابعه لتعرف مصير شخصية زهرة المستفِزة. وفعلاً، أطلّت غادة عبد الرازق في مسلسلها الرمضاني بشخصية جذابة ولعبت دور ممرّضة مزواجة. تفاصيل القصة تؤكد أنّ هدف العمل هو استعراض غادة عبد الرازق لأنوثتها على الشاشة. وقد أجمع النقّاد على أن مسلسل «عائلة الحاج متولي»، رغم الانتقادات التي وُجّهت إليه عند عرضه قبل عشر سنوات، كان أفضل وأكثر تماسكاً من «زهرة...». ولم يتردّد الصحافيون بإطلاق النكات على المسلسل، وخصوصاً بعد سرقة لوحة «زهرة الخشخاش»، فتحوّل اسم العمل إلى «زهرة الخشخاش وأزواجها الخمسة». كما أن نكتة ساخرة ثانية رافقت حلقات العمل هي أنّ كل رجال المسلسل أرادوا الزواج من زهرة باستثناء الممثل الذي لعب دور أخيها، في إشارة إلى المبالغة الواضحة في العمل. 

ابن البلد لا يتغيّر

إذا كان مسلسل «أغلى من حياتي» لمحمد فؤاد قد عرض حصرياً على «الحياة» في رمضان، فالحصرية لم تقف هنا، بل انسحبت على جمهور العمل نفسه. للمرة الأولى، تشهد الدراما مسلسلاً موجّهاً فقط إلى محبي البطل. وبدا واضحاً أن جمهور المغني المصري لم يتوقف عند أي ثغر درامية، وكان مستعداً للرد بعنف على أي انتقادت ضد العمل. ورغم أن محمد فؤاد (المعروف باسم فؤش) أكّد أنّه سيقدّم عملاً يغيّر الكثير في مفاهيم الدراما العربية، فالواقع كان عكس ذلك. ولعل «فؤش» اعتمد على أنه كان بطل فيلم «إسماعيلية رايح جاي» الذي فتح الباب أمام عودة الجمهور إلى دور العرض. لكن متابعة حلقات «أغلى من حياتي» تؤكد أن فؤاد لا يزال عاجزاً عن الخروج من عباءة الفيلم الشهير. صحيح أن النجم المصري لن يتمكن من الظهور خارج إطار شخصية الشاب ابن البلد، لكن اللافت أنه يرفض التنويع حتى في أداء هذه الشخصية. أما الخطوط الدرامية فتسير ببطء، وبدا واضحاً معاناة الممثلين من عدم التركيز، وغياب عنصر المفاجأة عن الأحداث والحوارات، بما في ذلك النهاية السعيدة التي لن يرضى فؤاد بأن يقدم غيرها لجمهوره. 

شريف منير وحيداً

رغم أنه دخل سباق رمضان هذا العام مدعوماً بنجاح مسلسله الأخير «قلب ميت» (2008)، إلا أن النجم المصري شريف منير ومسلسله «بره الدنيا» لم يحقّقا النتائج المتوقعة. أدرك منير ذلك فاعترف شخصياً بأسباب هذا الفشل، منها تقليدية القصة التي تدور حول رجل ريفي يتعرّض لأزمة نفسية حادة فينضمّ إلى «مجانين الشوارع» المنتشرين في القاهرة. الجديد الذي حاول العمل تقديمه هو إعطاء دور البطولة لأحد هؤلاء المضطربين نفسياً، ما اعتبره منير إضافةً حقيقيةً له وللدراما المصرية، لولا الثغر التي واجهته. وأبرز هذه الثغر تمثل في الاستعانة بمجموعة من الوجوه الجديدة في أدوار رئيسية بسبب اعتذار النجوم عن عدم المشاركة لارتباطهم في أعمال أخرى. هكذا، رغم جماهيريته، وقف منير وحيداً مع ممثلين شباب من أمثال كريم محمود عبد العزيز، ونسرين إمام، وفوزية محمد، ولانا سعيد. كما حرص أحمد زاهر على تقديم أداء تقليدي جداً لشخصية الشرير. يضاف إلى كل ما سبق، عرض المسلسل على «التلفزيون المصري» فقط إلى جانب قناة «الراي»، ما أدى إلى الحدّ من نسبة مشاهدته. 


Biggest loser

صفعة للدراما التاريخية

بعدما استقرت شركة «عرب سكرين» على سلاف فواخرجي لتجسيد دور كليوباترا، أصرت النجمة على أن يكون زوجها وائل رمضان مخرجاً للمسلسل التاريخي الذي يروي سيرة الملكة المصرية. ثم بدأت أسرة «كليوباترا» بعقد المؤتمرات وتوزيع بيانات المديح حول الجهود المبذولة. وصرّحت سلاف أنّها ستتجاوز نجمات هوليوود اللواتي جسدن دور الملكة، فيما امتلأت الشوارع بإعلان يخبرنا أنّ «سلاف فواخرجي... كليوباترا». لكن النتيجة كانت صفعة حقيقية، خصوصاً أنّ الممثلين السوريين اشتهروا ببراعتهم في الأعمال التاريخية. في «كليوباترا»، سقطت هذه النظرية. أبصر العمل النور مع أخطاء تاريخية فادحة. أما فنياً فلم يكن الوضع أفضل، إذ عجزت سلاف عن إظهار الشخصية القيادية والدموية للملكة، وافتقر الممثلون إلى إحساسهم بالحالة التي يجسّدونها، وصولاً إلى المراهقة البصرية في بعض الحركات الإخراجية.

الأخبار اللبنانية في

07/09/2010

 

حصيلة الموسم [2}: لوكندة المفاجآت

كوميديا بجرعات عالية... وجرأة في الطرح 

هناك كالعادة مسلسلات خسرت رهاناتها. وأخرى نجحت، لحسن الحظ، في جذب الجمهور وكسب اعجابه، بفضل نجومها تارة، وحبكتها الدراميّة طوراً. جولة على أبرز الفائزين في السباق الرمضاني...

من قتل صافي سليم؟

عندما يصبح السؤال الأكثر تكراراً بين الجمهور هو «من قتل صافي سليم؟»، فإنّ ذلك دليل واضح على نجاح «أهل كايرو». مسلسل الكاتب بلال فضل والمخرج محمد علي ليس العمل الوحيد هذا العام الذي يدور حول جريمة قتل. لكن نجاحه يكمن في أسلوبه السينمائي وتصوير أحداث وقعت بالفعل ونجح بلال فضل في استغلالها من دون أن يُتهم بتقديم قصة حقيقية. كذلك، فالأداء الرفيع لكل أبطاله أولهم خالد الصاوي ساعد المسلسل في تخطّي أزمة الحلقات الأولى. وقتها، كان المشاهدون ينتظرون مقتل سيدة المجتمع صافي سليم التي ذبحت ليلة عرسها. وسرعان ما تتحوّل جريمة القتل إلى رحلة لكشف نماذج الفساد في المجتمع المصري. وبينما كان الجمهور يبحث عن القاتل، تنبّه الجميع إلى رسائل المسلسل أولاها أنّ أهل «كايرو» سيظلون يعيشون في معاناة إذا بقيت النخبة. فيما تمسّك صناع العمل بالسرية رافضين تسريب أي معلومات عن هوية القاتل. حتى أنّ أحد المشاهدين سأل خالد الصاوي «من قتل صافي سليم؟»، فما كان من الممثل المصري إلا أن أجابه... «الحاجة زهرة».

بقعة... ضوء!

أشاد نقاد كثر بمسلسلَي ليلى علوي هذا الموسم. وتوقّف الجميع عند استمرار النجمة المصرية في المغامرة التي أطلقتها العام الماضي عبر تقديم عملَين ضمن سلسلة «حكايات وبنعيشها». في النصف الأول من رمضان، أطلت علوي بقصة «كابتن عفت»، وفاجأت الجميع بتقديم شخصية أرملة تضطر للعمل في ناد رياضي شعبي. وفي النصف الثاني من شهر الصوم، تابع المشاهدون قصة «فتاة الليل» التي لعبت فيها علوي شخصية زوجة تعاني قسوة زوجها، ثم تتحول إلى «عفريتة». هذا التنوع في الشخصيتين، ومجهود مؤلفَي الحكايتين محمد رفعت وحازم الحديدي، والاستعانة بمخرجَين سينمائيَين هما سميح النقاش وهالة خليل، أعطت ليلة علوي دفعة كبيرة. غير أن كل هذه المميزات تنقصها واحدة أساسية وفّرتها علوي وصنّاع المسلسل لجمهور رمضان وهي أن العمل قد يكون الوحيد الذي أعطى لمشاهديه جرعة كبيرة من التفاؤل، بعيداً عن الجرائم والمواقف المحبطة التي امتلأت بها باقي المسلسلات. النجمة المصرية قدّمت في الحكايتين شخصية إيجابية من دون أن تقع في فخ المثالية الذي لم تنجُ منه فنانات جيلها على التلفزيون.

نجدت يضرب من جديد

في هذا الموسم، طرح نجدت أنزور بجرأة غير مسبوقة مجموعة من النماذج الحقيقية والواقعية التي تعيش في المجتمع السوري. هكذا، رصد المخرج السوري المثير للجدل في «ما ملكت أيمانكم» للكاتبة هالة دياب، حياة مجموعة من الشباب تأثروا بحركات دينية سلفية وجماعات أصولية، فاعتبروا أنفسهم قوامين على البشر.

كما تعرّض العمل لشرائح أخرى أهمها حركة «القبيسيات» (حركة دينية نسائية منتشرة في سوريا خاصة) ومدى تأثر النساء السوريات بها. فإذا بالمسلسل يطرق باب المحظور ويصدم المشاهد، من خلال تقديم نماذج لمسؤولين انتهازيين وطريقة وصولهم إلى المناصب العليا. ولم يتجاهل ما خلّفه الاحتلال الأميركي للعراق، والظروف التي أعقبت نزوح أعداد كبيرة من العراقيين دفعة واحدة إلى الأراضي السورية. ورغم تعرّض المسلسل لحملة انتقادات دينية طالبت بوقف عرضه، إلا أن هذا الهجوم جاء ليزيد من رصيده على رغم فجاجة بعض مشاهده التي قد لا تصلح للتلفزيون.

«ضيعة» الكوميديا

خلال التحضير لرمضان 2010، تردّد الليث حجو قبل أن يبدأ تصوير «ضيعة ضايعة 2». وسبب التردّد كان خوف المخرج السوري من الوقوع في التكرار أو افتعال الضحك في العمل الكوميدي الذي حقق جزؤه الأول نجاحاً مدوّياً. في هذا العام، حصد العمل نتائج إيجابية. وعلى عكس ما يحصل مع دراما الأجزاء التي تغرق في الابتذال والتطويل، عاد المسلسل الكوميدي السوري بجزء جديد من دون أن يفقد أياً من ممثليه أو فنيّيه. ما ساعد في الحفاظ على تماسك العمل الذي قدّم وجبة كوميدية خفيفة طغت عليها روح الكاتب ممدوح حمادة. ابتكر حجو ضيعة نائية تدعى «أم الطنافس الفوقا»، ينسج أبطالها حكاياتهم البسيطة، وواقعهم العفوي بالاتكاء على كاركتيرات ممتعة. وتظل ميزة العمل الرئيسية هي الأداء التمثيلي المتقن لكل أبطاله (بينهم باسم ياخور ونضال سيجري). إضافة إلى ما سبق، حملت القصص البسيطة أحياناً نقداً سياسياً واجتماعياً مثل التركيز على إهمال المناطق السياحية السورية، والطريقة التي تزرع فيها السلطات مخبريها بين أفراد الشعب. كل ذلك بحس كوميدي بسيط أداره الليث حجو بحرفية عالية وبكاميرا متوازنة.

«تخت» التابوهات

في «تخت شرقي»، تابع المشاهد وجبة درامية اجتماعية ممتعة. العمل فتح أبواباً جديدة للدراما التلفزيونية من خلال ابتعاد الكاتبة يم مشهدي والمخرجة رشا شربتجي عن تقديم مادة مكرّرة. أضاء «تخت شرقي» على مواضيع عدة لم يسبق للدراما السورية أن تناولتها مثل العلاقات الجنسية وعذرية الفتاة الشرقية وعلاقتها بجسدها، وتعدّى ذلك إلى الاتجار بالأطفال. وحاولت يم مشهدي تقديم طرح مختلف لبعض الأفكار السائدة في المجتمع السوري، وتعرّضت لبعض الموروثات الاجتماعية التي تسهّل الأحكام المسبقة على الآخرين انطلاقاً من المناطق التي أتوا منها. إذاً اعتمد «تخت شرقي» على حوارات بسيطة ويومية تعكس حقيقة الشارع السوري. ولم تخفِ هذه الحوارات تأثر صاحبة النص ببعض المسلسلات الأجنبية وبسخرية زياد الرحباني، بل أشارت صراحة إلى ذلك. فيما تمكنت رشا شربتجي من الكشف عن إمكانيات إضافية لدى غالبية ممثليها، على رأسهم قصي خولي، ورنا شميس محاولة بكاميراتها مجاراة فوضوية النص.

Biggest Winner

الفخراني فعلها مجدداً

تراجعت أصوات الأحفاد الغاضبين وانتهت أزمة باروكة صابرين، ولم يبق من «شيخ العرب همام» سوى الأداء الرائع ليحيى الفخراني. صاحب النجاحات الدرامية الأكثر عدداً خلال السنوات الثلاثين الأخيرة فعلها مجدداً، وجعل مسلسله في مقدمة الأعمال في نسبة المشاهدة. هل تذكرون الصدى الذي حققته شخصية «حمادة عزو» قبل ثلاث سنوات؟ يومها لم يكن أحد يتوقّع أن الفخراني الذي لعب دور الرجل المتصابي، سيعود ليقدّم شخصية الشيخ الصعيدي فيقود جيشاً من الهوارة في مواجهة المماليك. لكن الفخراني لا ينفكّ يفاجئ الجميع. ورغم بعض الأخطاء التاريخية في العمل، قدّم شخصية ساحرة نراها حازمة في مجلس الكبار صباحاً، وعاشقة في المساء. وبينما يستعد لتجسيد شخصية محمد علي العام المقبل، يظل وحده قادراً على مفاجأة جمهوره، داعياً إياه للاستماع إلى أدائه سواء أجسّد شخصية مؤسس مصر الحديثة، أم زعيم الصعيد، أم حتى حمادة عزو، والمحامي النصّاب عبد البديع الأرندلي.

الأخبار اللبنانية في

08/09/2010

 

المغربية جريئة ولكن... إحذروا التنميط!

من «بوقتادة...» إلى «العار»، فتّش عن المرأة

الرباط ــ ياسين عدنان 

منذ فيلم «الباحثات عن الحرية» حيث أدّت سناء موزيان مَشاهدَ جريئة اعتذرت عنها زميلاتها المصريات، صارت الدراما العربية تستعين بالممثلة المغربية في المشاهد «الصعبة»، مكرّسة حالة من التعميم والاختزال لم تنته فصولاً مع «العار»!

ستة مشاهد من مسلسل «العار» المصري ظهرت خلالها ممثلة مغربية مبتدئة في دور مومس كانت كافية ليندلع الجدل على الساحة المغربية، وخصوصاً أن جراح السلسلة الكرتونية الكويتية «بوقتادة وبونبيل» بالكاد اندملت. كانت عارضة الأزياء المغربية إيمان شاكر تجالس خليجياً في ملهى في القاهرة حين راودها مصطفى شعبان بطل «العار» عن نفسها. تجاوبت مع الزبون الجديد وجرى بينهما حوار سخر فيه شعبان من لهجتها المغربية. المشهد عادي بل مكرور. فلماذا الضجة التي جعلت بعض المغربيات يسارعن إلى تأسيس جمعية للدفاع عن صورتهن؟ ولماذا هذا الحنق الذي قاد قرصاناً مغربياً إلى تعطيل موقع وزارة الإعلام المصرية، ما دفع رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري إلى إصدار تعليمات لتشديد الرقابة على المسلسلات المعروضة على الشاشات المصرية؟

إعطاء فرصة للرقيب ليستعيد سلطته على الإنتاج الدرامي ليس مكسباً. والمؤكّد أنّ القرار أحرج عتاة منتقدي «العار» في المغرب. مع ذلك، ضاق المغاربة من الصورة النمطية التي ترسّخها الدراما المصرية والخليجية عن شخصية «المغربية».

طبعاً، كان «العار» النقطة التي أفاضت الكأس. أما النقاش الذي طفا فوق السطح العربي أخيراً، فظل متواصلاً في المغرب لسنوات. منذ فيلم «الباحثات عن الحرية» حيث أدّت سناء موزيان بجرأة مَشاهدَ ساخنة اعتذرت عنها زميلاتُها المصريات، تواصلت دعوة المغربيات إلى مصر لإنقاذ الموقف في المشاهد الصعبة: نجاة خير الله في «الوعد» أدّت دور مومس، ثم ظهرت سناء عكرود في «احكي يا شهرزاد» مع محمود حميدة في مشهد وصفته الصحافة بالساخن. وإذا كانت ممثلات عربيات أخريات يحظين بأكثر من فرصة في الدراما المصرية، فالمغربيات لا يحلمن بالفرص نفسها. وإذا دُعين إلى القاهرة، فلتقمُّص الدور الساخن نفسه. وهذا بالضبط مصدر الإزعاج: لماذا يُستغلّ انفتاح المغربيات وجرأتهن المحمودة فنياً والمألوفة في السينما المغربية لتعميق الاختزال وتكريس الدور الذي حكمت السينما المصرية على المغربيات به: دور المومس اللّعوب؟ الحيِّز نفسه تُحشر داخله المغربيات في الدراما الخليجية كما حصل مع المغربية ميساء مغربي في «هوامير الصحراء».

المشكلة في الاختزال، وإلا فالسينما المغربية بدورها لا تخلو من عينات من النوع نفسه يوفر لها كتّاب السيناريو ما يلزم من التوابل الدرامية ولا يكتفون باستعارتها جاهزة من بلد شقيق.

مع ذلك، فالسجال الذي انخرط فيه المغاربة أخيراً يبقى جزءاً من حراك طبيعي. والذين وجدوا مبالغةً في هذا الصخب الإعلامي، لا يعرفون أن المغاربة اعتادوا منذ تأسيس المجلس الأعلى للسمعي البصري (الهاكا) قبل 8 سنوات، على تفعيل نوع من الرقابة المجتمعية على الإنتاج التلفزيوني الوطني. بل صار مألوفاً أن يقدّم مواطنون شكاوى ضد إعلان أو برنامج وجدوا فيه إساءة لهم أو لغيرهم. ومن الروتيني أن تفتح جمعية حقوقية نقاشاً عاماً حول أي تجاوز تتعرّض له صورة المرأة أو أي تلميح عنصري يطال الأمازيغ أو المغاربة السود أو يسيء إلى دولة صديقة. وصناع الدراما والإعلانات يحسبون لهذه الشكاوى ألف حساب.

ولعل غياب إطار عربي شبيه بالهاكا، جعل الأمور تنحرف وتأخذ بعداً سياسياً كما حصل مع الكويت. إذ تدخلت الحكومة المغربية بمبالغة قبل أن تمتص الخارجية الكويتية هذا الغضب بالاعتذار. أما الحل المصري فجاء أكثر سخفاً حين استغل وزير الإعلام الاحتجاج المغربي على «العار» لإطلاق يد الرقابة على الإنتاج الدرامي المصري!

ومن يتابع الصحافة المغربية فسيكتشف أنّ الكرتون الكويتي و«العار» المصري ليسا كل ما يناقَش على صفحات الجرائد. هناك نقاشات أخرى قد يضع الاطلاع عليها السجال في سياقه الطبيعي. إدريس المريني مُعدّ برنامج «نغمة وشاي» الذي تقدمه القناة الأولى، هدّد بملاحقة الفنان حسن الفذ الذي عرَّض ببرنامجه في سلسلته الكوميدية «الفذ TV» على «دوزيم». وكذلك الأمر مع «طاكسي 36» (راجع البرواز). وكانت «الجمعية المغربية لحقوق المُشاهد» قد هدّدت قبل رمضان بملاحقة القنوات الوطنية قضائياً إذا تواصل تكريس مظاهر التخلف في «سيتكومات» في رمضان أو استُعملت ألفاظ تحتقر التنوّع العرقي والثقافي للمجتمع المغربي.

هي دينامية إذاً يخضع عبرها الإنتاج التلفزيوني للنقاش العام انطلاقاً من مدى استجابته لقيم المواطنة والحداثة وحقوق الإنسان. وقد يكون من النافع استخلاص الدروس من هذا السجال المغربي لتكريس مشاهدة نقدية يقظة بدل الاكتفاء بالتنابز القطري وترسيخ منطق التنميط والاختزال. وبقدر ما يبقى الإعلام مطالباً بالانخراط في هذه النقاشات، فالأفضل لو بقي السياسيون خارج اللعبة. احتجاجاتهم واعتذاراتهم لا تعكس سوى فشلهم في تقنين المشهد السمعي البصري العربي.

Zoom

«طاكسي 36» أمام المحكمة

في خطوة مفاجئة، رفعت «الجمعية المغربية لحقوق المشاهد» دعوى قضائية عاجلة لدى المحكمة الإدارية في الرباط، مطالبة بإيقاف بث سلسلة الكاميرا الخفية «طاكسي 36» الذي تعرضه القناة الثانية «دوزيم» في فترة الذروة مباشرة بعد الإفطار.

وسجّل بيان صادر عن الجمعية تضمُّن الحلقات السابقة من «طاكسي 36» دعوات صريحة لخرق مقتضيات قانون السير في الوقت الذي ستشرع فيه الحكومة بتطبيق مدوّنة جديدة للسير ابتداءً من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ما يجعل هذا البرنامج يتناقض كلياً مع السياسة العامة للدولة التي خصّصت ميزانيةً مهمة للترويج لمضامين المدوّنة الجديدة وشرحها للمواطنين عبر العديد من البرامج والوصلات الإعلانية.

من جهة أخرى، اتهمت الجمعية «طاكسي 36» بالدعوة صراحةً إلى التمييز العنصري بسبب الانتماء العرقي. كما أعربت عن امتعاضها من «الوضعيات الحرجة والحاطَّة بالكرامة التي وجد بعض المواطنين من ضحايا هذه الكاميرا أنفسهم في قلبها». هذا وسجلت الجمعية التي تتولى الدفاع عن حقوق المشاهدين بعض المواقف تمَّ خلالها النيل من الحريات الفردية لضحايا الكاميرا الخفية. وهي الحريات التي يكفلها القانون ولا يجوز حرمانهم منها من دون موجب حق. واعتبرت الجمعية أيضاً أنّ هذا البرنامج قد عرَّض حياة مواطنين للخطر، وهدد سلامتهم من خلال الزج بهم في «مواقف درامية لا تمت للفكاهة بصلة». ما أفزعهم وجعلهم يطلبون المساعدة من المارة، بل يحاولون الفرار من التاكسي قبل توقفه.

وتقوم فكرة هذا البرنامج الذي حظي بأعلى نسبة مشاهدة في المغرب خلال الأسابيع الأولى من رمضان على مواقف طريفة يضع خلالها الشابان هشام ورشيد عدداً من ركّاب التاكسي في وضعيات غريبة وأمام مفاجآت غير متوقعة. وهي المواقف التي ـــــ رغم النجاح الذي منحته للبرنامج ـــــ وجد فيها العديد من المتتبعين بعض المبالغة والتجاوز. أما الرقم 36 الذي ألصق بهذا التاكسي، فيحيل على الجناح 36 المخصّص للمرضى العقليين في «مستشفى ابن رشد» في الدار البيضاء.

الأخبار اللبنانية في

08/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)