حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

المخرج هشام شربتجي:

رشا شربتجي اخترعت الكاميرا النطاطة

ونجوم الدراما السورية يحفرون قبرها!

محمد منصور

رغم أن هشام شربتجي درس النقد المسرحي في مصر في سبعينيات القرن العشرين، إلا أن هذا المخرج الذي بدأ عمله اللامع في الإذاعة، استطاع أن يكون مخرجاً تلفزيونياً مهماً، برز في الكوميديا حتى صار علامة في مسيرتها، مثلما كانت له نجاحات محققة في الدراما الاجتماعية لم يتوقعها منه الآخرون.

وحين قصدته لأستضيفه في هذه الحلقة من سلسلة (حوارات دراما رمضان) التي تنشرها 'القدس العربي' كل يوم سبت، لم تغب عن بالي قط خلفيته النقدية الأكاديمية، ولا تجربته الإخراجية المشحونة بالمعارك والنجاحات والمماحكات... ورغم أن هشام شربتجي الذي بدا وكأنه (مبعد) عن الساحة بشكل من الأشكال، كان يمتلئ بالمرارة في أحاديثه الجانبية التي أرادها بديلاً للقائنا من أجل إجراء هذا الحوار، إلا أنه حين قبل الكلام... قال بنفس المرارة وبكثير من السخرية المبطنة وغير المبطنة كل ما يقال وما لا يقال... وربما كي يخفف من وقع كلامه الصادم، أراد أن يبدأ أولاً برؤية (النصف الملآن من الكأس)، فتحدث عما لفته وأثار اهتمامه من مسلسلات رمضان هذا العام، فقال:

* لفت نظري مسلسل (وراء الشمس) مع سحر أداء صبا مبارك وأعجبت بباسل خياط، لكن بسام كوسا كان نشازاً في المجموعة.

·         نشاز بأي معنى؟

* بالمعنى الإيجابي... فبسام أدهشني كما أدهش كل المشاهدين بهذه الحالة التي جسدها. وأعجبتني السيدة منى واصف في أدائها ليس لكونها النجمة الكبيرة التي مازالت في القمة منذ عقود، ولكن لأنها كانت تؤدي بتوهج هنا، رغم أنها شاركت في العديد من الأعمال في هذا الموسم.

·         هل أداء الممثلين فقط هو ما أثار اهتمامك في مسلسل (وراء الشمس)؟!

*لا ليس اداء الممثلين فقط، فالنص فيه صياغة جميلة، فيه مشاهد تؤدي لمشاهد وتفجر دراما خطوط أخرى بعيداً عن الإثارة... لكن المشكلة التي كانت تواجه المخرج هنا برأيي: كيف تتحول المشاهد المؤثرة إلى ميلودراما بكائية لا يحتاج إليها العمل. النص ليس هكذا، النص حوار عقلي فيه مجموعة أسئلة كبيرة ألا تضيع من المتفرج من أجل اللهاث وراء مشاهد بكائية... لكن على العموم فالعمل ترفع له القبعات.

·         ولمن سترفع القبعة أيضاً؟!

*أرفع القبعة لمخرج شاهدت له مجموعة حلقات من مسلسله (أنا القدس) وأحببت شغله، وهو باسل الخطيب. هناك مخرج قادر يطوع الكاميرا والصورة لشيء هو يعرفه.

·         ولكن ألا ترى معي أن (أنا القدس) الذي كتب نصه المخرج أيضاً، مسلسل مليء بالمباشرة، وبارد الإيقاع إلى درجة مضجرة؟!

*أنا أحببت الإخراج بغض النظر عن النص وإيقاعه ومقولاته... الإخراج كحالة، كإدارة كاميرا وممثل والقدرة على خلق حالة.

·         ثمة عملان لابنتك المخرجة رشا شربتجي في هذا الموسم (أسعد الوراق) و(تخت شرقي) كيف تراهما وهل لفتا اهتمامك؟!

*تابعت مسلسل (أسعد الوراق) ومن دون أي تعليق أقول: لم يعجبني على الإطلاق.

·         لماذا من دون تعليق؟!

(هيك).... وهذا الكلام ليست له علاقة بمسلسل (أسعد الوراق) القديم الذي لم أعجب به أيضاَ.

·         هل أعجبك أداء (أسعد الوراق) الجديد؟!

*فراس إبراهيم كان جيداً فقط أما الباقون فلا... وعلى العموم تشعر بأن هناك مجموعة علاقات شخصية تقود المسألة.

·         وماذا عن المسلسل الثاني الذي وقعته رشا شربتجي (تخت شرقي)؟!

* تابعت مسلسل (التخت النطاط) كما يروق لي أن أسميه، وأريد أن أقول: كنا بالكاميرا الهزازة... والآن صرنا بالكاميرا النطاطة، التي ينط فيها الزوم فجأة وأنت تتابع المشهد. أتمنى أن أعود لأدرس كل مدارس الإخراج من السينما الأمريكية إلى السوفييتية... ومن مدارس الإخراج الكلاسيكية إلى التجريبية إلى الموجة الفرنسية الجديدة ولولوش وحتى السينما الهندية... إلى أن أصل إلى (أفاتار) كي أفهم ما هذا الاكتشاف العبقري الذي يقف وراء (الكاميرا النطاطة) التي تقدمها لنا مخرجة (التخت النطاط)... فالفن تحكمه كلمة (لماذا؟) وليس (كيف؟!) فكلمة (كيف) هي سر المهنة... أما (لماذا) فهي القدرة على إقناعك والتأثير بك كمشاهد ومتلق.. ولكن المشكلة أنك عندما تعطي (الكومبيوتر) لعالم ذرة فيستخدمه في ابتكار علم، وعندما تعطيه لفنان فسيرسم عليه لوحات قد تسحر العالم... أما عندما تعطيه لولد صغير فهو إما أن يخربه ويفكه، أو يلعب به!

وثمة مشكلة أفظع في مسلسل (التخت النطاط) (يقصد تخت شرقي) وهي إلغاء الحواجز بين ما يقال وما لا يقال.. فبحجة أننا نقدم حالة (فريش) وكأننا لا نمثل، صار مسموحاً للممثلين أن يطولوا ألسنتهم ويسمعوننا شتائم مثقفاتية وشوارعية على حد سواء!

·         لنذهب إلى الكوميديا وأنت من أبرز مخرجيها في الدراما السورية... كيف ترى الأعمال الكوميدية التي عرضت في هذا الموسم؟!

*إذا كنت تعتبر مسلسل (صبايا) كوميديا، فسأقول أنه سحرتني صورة (صبايا) وكانت صورة رائعة لمصور يفهم خبايا الكاميرا... صحيح أن رأيي في المصور (يزن شربتجي) قد يكون مجروحاً لأنه ابني، لكن أنا قلت كلمة إنصاف لأنني لا أجامل لا أولادي ولا غيرهم... وهذا الذي لفت نظري في (صبايا) فقط، أما العمل ككل فأنا حزين جداً على هذا المستوى!

وبالنسبة لمسلسل (بقعة ضوء) فأنا تابعته لأنني كنت انتظر من أيمن رضا الذي قال (إن هشام شربتجي قتل بقعة ضوء وسرق حلمي وهو مخرج أثري) كنت أنتظر أن يرد علي رداً عملياً على الشاشة، ولكن إلى الآن لم أر أي رد يستحق الاهتمام لا على صعيد الأداء ولا على صعيد إسهامه في صياغة العمل!

مسلسل (أبو جانتي) لسامر المصري، تابعت عددا من حلقاته فضحكت حتى كدت أن أمرض من شدة الضحك... وكان عندي مجموعة تشاهد العمل اختلفت معي في الرأي وقالت لي: (العمل حلو) ويبدو أنهم يصنعون هذا النوع من الكوميديا لفئة محددة لا أريد أن أذكرها.

أخيراً أتوقف في مجال الكوميديا عند (ضيعة ضايعة) للمخرج الليث حجو... الذي كنت أخشى على جزئه الثاني الذي يعرض حالياً من التكرار...ولكني عندما شاهدت بعض الحلقات وجدت أن العمل مازال يحتفظ بمتعته وحيويته«'وأريد أن أقول ان الحالة الكوميدية في (ضيعة ضايعة) هي مساحة عند هشام شربتجي، وكنت ألعبها بمتعة... لكن للأسف عندما لعبتها هاجمني كثير من الناس. وممدوح حمادة مؤلف (ضيعة ضايعة) هو قريني في الفن. ألا يقولون لكل إنسان قرين... أنا قريني هو ممدوح حمادة، ولو أعطيت مسودات نصوصه لمخرج ضعيف سيظهر العمل جيداً، فما بالك والمخرج هنا الليث حجو... مخرج جيد، ومتزن، وأفضل أبناء جيله... لا بد أن يظهر العمل جيداً، واعتقد أن نجاح (ضيعة ضايعة) يأتي من المراهنة على مخرج مهم، ونص فيه قدر من الذكاء، لأن الكوميديا تتطلب الذكاء. والقطب الثالث في العمل باسم ياخور ونضال سيجري وسائر الممثلين وكل الكومبارس الذين لا أعرفهم... وأذكر حين عرضت الحلقات الأولى من الجزء الأول من هذا المسلسل كنت أصور مسلسلاً، وكان بعض الفنانين يأتي إلي ليسب ويشتم (ضيعة ضايعة) ومن يعمل فيه، إما لأنه يظن أنه بذلك سيرضيني ويتقرب مني، أو لأنه لا يحب هذا النوع من الشغل الكوميدي، ولكنني وقفت أمام الجميع وقلت: هذا العمل سيصبح علامة في الكوميديا وسينتشر عبر الموبايل، وشخصياته ستصبح أهم من شخصيات (باب الحارة) وقد حدث ما توقعته. ولهذا أقول لهم: الله يعطيهم العافية. شكراً ليث، وشكراً باسم وشكراً نضال صديقي... وفادي صبيح ورواد عليو، وزهير رمضان الذي حتى إذا ظهر صامتاً في أي عمل من'أعمال الدراما السورية وحتى الباكستانية والهندية فأنا أحبه ولسببين: الأول أنه يأخذ أدواراً مقرفة لدرجة تحبه فيها... فهو عادل أدهم الدراما السورية، والثاني: أنه يحمل الكثير من الطيبة واللطافة وحب مساعدة الآخرين من زملائه، ولا يجيد أثناء التصوير سوى كلمة (حاضر بوس) وحتى الآن، لم يقع ضحية مقلب بعض النجوم الذين يدخلون موقع التصوير، وثمة من يحمل الحقيبة لهم.

·         إلى أي حد ترى أن مقلب النجوم هذا، سيؤثر على مستقبل الدراما السورية؟!

* منذ أربع سنوات قلت: عندما تتحول الدراما السورية إلى دراما نجوم فعليه العوض ومنه العوض... وهناك نقاد يقفون لنا على الواحدة (شرواك بالخير) قالوا هشام شربتجي ينتقد النجوم لأنه ديكتاتور، وقيل إنني ضد الجيل الجديد، مع أنني من الناس الذين ساعدوا النجوم، وفي كل عمل من أعمالي كنت أكتشف وجوهاً جديدة. واليوم أقول إن رفع أجور نجوم الدراما السورية بهذا الشكل الجنوني، سيفتح قبر هذه الدراما... فالنجوم يتعاملون مع الدراما السورية باعتبارها (منسف) الشاطر فيهم من (يدق) بقطعة اللحمة الكبيرة... وأعتقد أنه إذا انهارت هذه الدراما فكثير من النجوم لديهم أموال تكفيهم لفتح مشاريع يمكن أن يشتغلوا فيها... يمكن لأحدهم أن يشتري تاكسي ويشغل من يشاء عليها، ويمكن لآخر أن يفتح بوتيك.. أو يشغل أمواله في شركة... ولكن المصيبة هي في بعض المخرجين والفنيين الذين لم يدخروا أموالاً، ولا يعرفون غير هذه المهنة.

·         كيف ترى مسلسلات البيئة الشامية في هذا الموسم؟!

* يكفي... القصة استوت... كل فترة نلحق بموضة... من البدوي للتاريخي للفانتازيا للبيئة الشامية... (تشوّمنا) حتى شبعنا!!

·         ما هو وجه الاعتراض تحديداً!

* فخر لنا أن يكون في الدراما السورية سحر البيت الدمشقي، ورائحة الياسمين، التي كنا نقرأ عنها في قصائد نزار قباني، لكن ما يقدم ليس له علاقة حقيقية بذاك السحر العريق، بل له علاقة باجترار مفردات حنين مصطنع، ولهذا فليس مبرراً أن تصنع كل هذه الأعمال والمسلسلات فقط من أجل أن تقول (سقا الله) إلا إذا كان صناع هذه الأعمال يريدون أن يدخلوا موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لأنه بقدرة قادر... أصبح (باب الحارة) الأكثر مشاهدة في دمشق وسورية والوطن العربي وفي المغتربات ونيويورك وول ستريت! كفانا كذباً على الناس'وعلى الماضي في هذه الأعمال... وهذه مجموعة أعمال أنا شاركت في صنع إحداها، لكنها أرجعت الدراما السورية سنوات إلى الوراء. ولكن حين شاركت فيها كنت المربع الضعيف، وليس المخرج المنتج الذي يتحكم بالعمل ويجتر جزءاً وراء آخر، رغم أن لديه خيارات أخرى!

·     كان مشروع تحويل رواية (ذاكرة الجسد) لأحلام مستغانمي إلى مسلسل، بين يديك لفترة طويلة... كيف تراه الآن بعد أن ظهر بتوقيع المخرج نجدت أنزور؟'

* قبل أن يظهر مسلسل (ذاكرة الجسد) إلى النور، قلت أنا متفائل بوجود الثلاثي: الساحر نجدت أنزور الذي أحترمه، وجمال سليمان الذي يحبه الناس، والكاتبة ريم حنا التي قلت عنها إن لديها قدرة على فهم ما بين السطور ونقل حساسية الكلمات والصور كأنثى بعد صدور عشرين طبعة من رواية كتبتها أنثى أيضاً. ولكن بعد أن شاهدت العمل أقول: مبروك يا أحلام مستغانمي حلمك قد تحقق. وإذا كان هذا هو حلمك، فأنا أعتذر عن كل الخلافات التي حدثت بيني وبينك لتحقيق عمل أكبر يوازي حلمك.

·         ما هي طبيعة الخلافات التي حدثت بينك وبين أحلام مستغانمي وحالت دون إكمالك للمشروع؟!

*أولاً كنتُ أكتب السيناريو، وقد وافقت على كل ما كتبت، وكانت تكتب بخط يدها هوامش على ما كتبت تقول فيها: (أيها الساحر... أيها الأفّاق... الساعة الخامسة صباحاً، لم أنم وأنا أقرأ سحرك. يا خفيف الظل... كيف أضحكتني وأبكيتني... إلخ) ولدي هذه الكتابات بخط يدها سأصورها لك إن شئت. لكن الخلاف وقع بينها وبين الشركة المنتجة لأنها في البداية كانت تريد نور الشريف بطلاً للمسلسل، ثم قالت: جمال سليمان، لكنه كان مشغولاً بتصوير (حدائق الشيطان) أنا رشحت غسان مسعود، فاتهمتني أنني أريد غسان مسعود لأنه شبهي، مع العلم أنه لا يوجد اي شبه بيني وبينه سوى الذقن، وأنا لا أحلق ذقني ليس كي أظهر شبه غسان مسعود، بل لأنني لا أحب ملمس الشيفرة الحاد على وجهي. وقد قالت لي: (أنت جايب ممثل شبه حفار قبور) وعندما رشحت عابد فهد، شبهته بـ (مونكي). وبعد الاعتراض على غسان مسعود انسحبت من العمل لأن الشركة لم تحترم التزامها مع غسان مسعود الذي لا يجمعني معه سوى الاحترام وأنه قادر على أن يقوم بهذا الدور... وأنا أحترم غسان مسعود على الأدوار التي أداها في الدراما السورية، وليس على أدواره في هوليوود التي لم تعجبني، وأرى أنها لم تضف إليه.

·         وهل مازلت معترضاً على جمال سليمان كبطل لـ (ذاكرة الجسد)؟!

* رغم ترشيحي لغسان مسعود، فأنا لدي الرغبة في أن يكون جمال سليمان بطلاً للعمل.. ولو استمررت في المشروع لقدمت جمال لكن بغير هذه الطريقة، وهذه الابتسامة، وهذا الوجه المشرق، فخالد طوبال رجل متعب... متعب من الداخل. وبعد انسحابي من العمل توالت هزائم هشام شربتجي، وقد قلت: (شرف المهنة أفقدني ذاكرة الجسد) لأنني كنت أحلم في هذا العمل أن أقول ما لم أقله في السينما، فقد حولت النص إلى ثلاثين فيلماً سينمائياً، رغم أن الرواية سمعية، إنها رواية لغة وليست رواية أحداث وتحولات، لكن أنا صنعت منها سينما لأنني كنت أملك حبي للمادة الموجودة، وفهمي لها... والفهم ليس ترجمة محلفة، فليست مهمة الفنان حين يستلهم عملاً أدبياً في الدراما أن يترجم... بل أن يبدع ويحرضه الورق. وعندما أنظر أخيراً إلى ما حدث أشعر بأن بعض النقاد يفهم الروايات أكثر من مبدعيها!

·         ماذا تقول أخيراً للمخرجين الشباب الذين وقعوا أعمالا هذا الموسم؟!

* أوجه تحياتي للمخرج الليث حجو، وتهاني الحارة لرشا شربتجي أنها أصبحت من الأرقام المهمة في الدراما السورية والعربية... وقريباً العالمية، وعقبال هوليوود؟!

·         ولكنك انتقدتها بشدة في حوارك وسخرت من مسلسلها (تخت شرقي) ووصفته بـ (التخت النطاط)؟!

*لا... لم أقس عليها، أنا تحدثت عن شيء ينط أمامي... ثم إني لا أعرف هذه الكاميرا التي تنط هل هي خيار رشا أم هو عيب في الكاميرا؟! قد يكون عطلاً في الكاميرا وهي غير قادرة على إصلاح هذا العطل الذي حدث... ثم إنني أنا قلت أحب ولا أحب... وحقي ألا أحب (أسعد الوراق) الذي قدمته وهذا ليس له علاقة بقيمة العمل.

mansoursham@hotmail.com

القدس العربي في

03/09/2010

 

حلقات من حياة القصور والحاشية والرعية

انتصارات كليوباترا وانكسارات نازلي وغراميات الملك المدلل، 'فاروق الأول'!

القاهرة ـ 'القدس العربي' ـ من كمال القاضي:  

دور المطربة الكبيرة أسمهان الذي قدمته الفنانة سولاف فواخرجي في شهر رمضان من العام الماضي، لا شك كان الدفعة القوية التي أهلتها لتجسيد شخصية كليوباترا في مسلسل تاريخي من الحجم الثقيل، يحكي حياة أشهر الملكات الفرعونيات اللاتي اعتلين العرش وحكمن مصر في زمن الصراعات والإمبراطوريات الكبرى، الدور نفسه تمنته فنانات كثيرات، بل وحاربن من أجله ولكنه ذهب الى من تستحقه والأكثر ملاءمة للشخصية، فسولاف تحمل ملامح هادئة ورصينة توحي بالكبرياء والعظمة، وفي ذات الوقت لا تشي ملامحها بنزعات الشر الصريحة، وربما ذلك ما جعلها قريبة من كليوباترا الملكة التي تتغير طباعها بتغير المراحل ولا تقف عند حدود السمة الواحدة وإن غلبت السمات الأساسية عليها، هذا التنوع في الأحاسيس والمشاعر والقدرة الفائقة على ضبط النفس في أحلك الظروف يصعب من تقمص الشخصية ويجعل الأداء الثابت لكل الجوانب النفسية شبه مستحيل، فنحن أمام ملكة لها من النفوذ والقوة والغرور والثروة والثورة والدهاء والأنوثة ما يفرض قدرة غير طبيعية لاتقان الأداء والغوص داخل الشخصية وأعماقها الغائرة لاكتشاف كل ما هو خفي ومستتر وراء المظاهر الملكية وعزوة الجاه والسلطان، الملامح كلها تتبدى في وجه البطلة والممثلة القديرة، فيصبح تحقيق كل المعادلات الصعبة ممكنا وليس ثمة شيء في الأداء يستعصى عليها، وهذا هو الفارق بين ممثلة تتعامل مع الشخصية من الخارج وأخرى تدقق في التفاصيل الظاهرة والباطنة فتكون النتيجة على هذا النحو المتميز الواضح في المسلسل التراجيدي ـ التاريخي المهم، يقودنا الحديث عن كليوباترا الى الحديث عن الملكة 'نازلي' أم الملك فاروق، وهي الشخصية التي تقوم بأدائها وتجسيدها الفنانة نادية الجندي في مسلسل 'ملكة في المنفى' وهو ما نلحظ فيه تعاطفا جليا مع الملكة التي مكنت ابنها من الجلوس على كرسي الحكم وكان لا يزال حديث السن، ثم اصبحت تدير شؤون البلاد من خلف الستار الى أن اشتد عوده فدب بينهما خلاف حاد بسبب علاقة نازلي بحسنين باشا وما أشيع حولهما من أقاويل لا تليق بسمعة عائلة ملكية، مما اضطر العائلة الى الوشاية بالباشا عند الانجليز فدبروا له حادثة وتخلصت الأسرة الحاكمة من عار الأم والعشيق واصبح لا مناص أمام نازلي من الفرار لدول أوروبا لحين هدوء العاصفة وكف الألسنة عن تناول سيرتها الحسنة، هذه المأساة الإنسانية الأخلاقية صور منها كتاب الدراما مواقف وحكايات وأساطير ونسجوا على منوالها قصة اختلط فيها الواقعي بالخيالي لتأتي الحدوتة في النهاية بالنتائج المؤثرة مؤكدة ان الملكة هي الضحية، ضحية من؟ ولماذا؟ لا يهم!

القضية الكبرى والغاية الأسمى تتلخص في الحنين الى زمن الملكية، الفتنة التي ايقظتها السيناريست لميس جابر منذ ان كتبت مسلسل الملك فاروق بمنتهى الحب والتعاطف وفتحت الباب لكتابات أخرى من هذا النوع، حتى الشخصيات التي قال فيها التاريخ كلمته باتت محل خلاف ونظر، ومن ثم فإن الطعن في ثورة يوليو ورجالها يكون جائزا طالما انها حرمتنا من العيش في ظل الأرستقراطية والأبهة وزمن الليبرالية وحرية الكلمة والتعبير، الى آخر الأكليشيهات المعروفة والرائجة الآن بقوة في الشارع المصري، أما ما أحاط بالقصر وحاشيته من فساد وإفساد وسلب ونهب وجلد فلا أصل له ولا صورة في الدراما الملكية النظيفة، غير ان الكلام عن احداث تاريخية بعينها مثل حريق القاهرة واغتيال أمين عثمان ـ أسبابه وشواهده- فضلا عن صفقة الاسلحة الفاسدة في حرب 48 وما أسفرت عنه من ضحايا أبرياء فهذا كله ليس في اعتبار الكُتاب والمخرجين، الأهم منه هو الدخول الى البلاط الملكي وعرض ما بداخله من تفاصيل حياتية وصراعات تثير الشفقة وتحنن قلوب العوام على الملكة وبناتها وابنها الملك الأغر ولكي يصل التعاطف الى أقصى درجاته تسند البطولة الى نجمة الجماهير نادية الجندي، فهي اكثر النجمات تأثيرا على الناس وما تقوله وتجسده صوتا وصورة مصدق ولا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه، وهذه حيل فنية تنطلي فقط على السذج والدهماء لأن الجمهور إذا غفر للملكة سقطتها ونزواتها فلن يغفر للملك كوارثه، حيث إعادة النظر لا تكون في تاريخ ملك اتكأ عرشه على ركائز الاستعمار ووصايته ونشر الفساد والمحسوبية وجعل للراقصات والغانيات حظوة وللمحظيات من نسائه وعشيقاته سلطات وقرارات حكمت فهمي وكاميليا نموذجا!

ناهيك عن تبديد ثروات البلاد في لعب القمار وسباق الخيول واليخوت والاستراحات والقصور وما خفي، كل هذه الدلائل أو بعضها لا يظهر لها أثر في السيناريوهات التفصيل التي تحاك على مقاس البطلات، من انتهى زمانهن ومن صعد نجمهن، إنها عمليات التواطؤ نمارسها على أنفسنا وعلى تاريخنا فنهيل التراب على مراحل النهوض والازدهار ونزيل ركام السنين من فوق أزمنة الاستبداد والاستعباد ونجلي الصدأ لنضع سطحا براقا لشخصيات رفلت في النعيم، بينما كان الشعب كله يعيش في الوحل!

نادية الجندي، صاحبة العصمة والملكة المتوجة في دراما رمضان لا تتحمل وحدها وزر قيامها بدور نازلي فهي لا تعدو كونها ممثلة تجسد الشخصية وتتعامل معها من الناحية الفنية، وشخصية الملكة نازلي مليئة بالمغريات ومن الصعب على فنانة في خبرة نادية الجندي ان ترفض الدور، اما من يحق عليهم اللوم فهم جهة الانتاج والمؤلف والمخرج وبصفة خاصة المؤلف لأنه صانع الشخصية الأول والحري به الدقة في كل ما يكتب من أحداث ويرسم من شخصيات، فكتابة الدراما التاريخية أمانة قبل ان تكون حرفة ومسألة التوجه السياسي فيما يتعلق بالتاريخ جائزة في حدود طالما ان الكاتب لم يغفل أشياء حقيقية او يضيف من خياله.

الخصب ما ليس في السيرة ويضفي على بطلاته من السمات والصفات ما لم يتمتعن به فذلك يليق بما هو اجتماعي وما يرتبط كله بالخيال، باعتبار ان الإضافات تفعل في الدراما فعل المقبلات والمشهيات فكلما كانت 'حراقة' كان الإقبال عليها مضمونا شريطة أن يتجنب الكاتب ما يسبب الإصابة بالبواسير.

القدس العربي في

03/09/2010

 

فجرها منع مسلسلي «المسيح» و«الحسن والحسين» من العرض

العرب تفتح ملف الدراما الدينية وتخترق المناطق الشائكة

القاهرة - عبدالغني عبدالرازق 

جاء قرار وقف عرض مسلسل المسيح الذي تذيعه قناتي المنار وnbn في لبنان كنوع من التهدئة للرأي العام في لبنان، خاصة أن المسلسل أثار غضب المسيحيين هناك؛ لأنه يستند إلى إنجيل (برنابا) الذي يعتبره الأقباط شهادة زور واضحة ضد الإنجيل ويحرف التاريخ ويتنكر للحقائق، ويطعن القيم التي تقوم عليها المسيحية في ركائزها الروحية والعقدية، ومن شأنه أن يخلق حالة من الاشمئزاز والتباعد بين أبناء الوطن ويؤسس لتباينات حادة، واعتبر المكتب الإعلامي لبطريركية الروم الملكيين الكاثوليك في لبنان أن البدء في عرض المسلسل خطأ بذاته، ومواصلة عرض حلقاته في ظل الرفض الكنسي والشعبي أمر مستغرب ومرفوض ومدان، مهما كانت الحجج والالتزامات المادية، ليأخذ الموضوع شكلا آخر لم يتوقعه أحد، حيث تم إدخال الجانب الطائفي في الموضوع.

وفي السطور التالية نحاول أن نسلط الضوء على أزمة تجسيد حياة الأنبياء والصحابة على الشاشة في عام 2010.

في بداية هذا العام عرض على الأزهر الشريف مسلسل «عمر بن الخطاب» من أجل الموافقة عليه، ولكن الأزهر الشريف حسم المسألة من البداية وهي رفض تجسيد شخصية الفاروق عمر بن الخطاب على الشاشة من الأساس، سواء شاشة السينما أو شاشة التلفزيون.

ولكن الأزمة تفجرت من جديد عندما تم عمل مسلسل إيراني عن الإمامين الحسن والحسين (حفيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم) وتم اختيار فنانَيْن من الأردن لتجسيد الشخصيتين، وهما خالد الغويري في دور (الحسن) ومحمد المجالي في دور (الحسين) ليقابل ذلك بثورة في معظم الدول الإسلامية التي رفضت تجسيد حياة الأنبياء أو العشرة المبشرين بالجنة على الشاشة، ولكن تم تصوير المسلسلين رغم كثرة الفتاوى التي صدرت بتحريم ظهور الأنبياء أو الصحابة على الشاشة، ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد حيث تم عمل مسلسل آخر يتناول حياة السيد المسيح في 17 حلقة وتم اختيار الممثل الإيراني أحمد سليمان لأداء دور السيد المسيح رغم أنه مسلم، ولكن المشكلة لم تكن في أنه مسلم أو قبطي، وإنما كانت المشكلة في تجسيد حياة السيد المسيح على الشاشة لتتوالى المفاجآت في بداية شهر رمضان.

منع عرض «الحسن والحسين» ووقف عرض «المسيح».

كانت المفاجأة في بداية شهر رمضان عندما تم منع عرض مسلسل «الحسن والحسين» تفاديا لغضب المسلمين، خاصة أن شخصيتي الحسن والحسين بهما الكثير من الأحداث الشائكة، خاصة عند الصدام مع الإمام معاوية بن أبي سفيان والتي انتهت بمقتل الإمام الحسين والتمثيل بجسده، وبسبب ذلك تم منع عرض المسلسل تفاديا لإثارة الفتن بين المسلمين.

أما مسلسل «المسيح» فقد تم عرضه على قناتي المنار وnbn ولكن فور عرضه تعرض المسلسل لهجوم شرس من قبل المركز الكاثوليكي للإعلام، فقد اعتبر أن المسلسل يتضمن «مغالطات مسيئة» واعتبر رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بشارة الراعي، أن المسلسل يمثل «فتنة مذهبية طائفية، وضربا للميثاق الوطني والعيش المشترك، مطالبا بوقفه فورا؛ لأنه يتعارض مع تعاليم الإنجيل التي يعرفها كافة المسيحيين في جميع أنحاء العالم، كما أنه ينكر أسس العقيدة المسيحية ومن ضمنها مسألة صلب السيد المسيح، إضافة إلى أن المسلسل يستند إلى العديد من الآيات القرآنية، ولذلك تم وقف عرض المسلسل مراعاة لمشاعر المسيحيين.

بيان قناتي المنار وnbn:

بعد وقف عرض المسلسل أصدر قناتا المنار وnbn بيانا مشتركا أكدتا فيه أن المسلسل تم وقف عرضه مراعاة للأوضاع المتوترة في لبنان، وأضاف البيان أن المركز الكاثوليكي للإعلام طلب نسخة من المسلسل قبل عرضه بأربعة أيام فتم إرسال نسخة مختصرة من المسلسل، ولكن المركز التزم الصمت ولم يصدر أي تعليق إلى أن تم عرض المسلسل، حيث طالب المركز بوقف عرضه وأثار ضجة إعلامية، حيث اعتبر رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بشارة الراعي، أن المسلسل يمثل «فتنة مذهبية طائفية، وضربا للميثاق الوطني والعيش المشترك، مطالبا بوقفه فورا؛ لأنه يتعارض وتعاليم الإنجيل التي يعرفها كافة المسيحيين في جميع أنحاء العالم».

الأزمة تصل إلى تونس

لم تقتصر أزمة مسلسلي «الحسن والحسين» و «المسيح» على لبنان فقط، بل لقد امتدت الأزمة إلى تونس، حيث ناشد محامون تونسيون مفتي تونس من أجل التدخل لمنع عرض أية مسلسلات دينية إيرانية على قنوات تونس، خاصة المسلسلات التي تتناول حياة الأنبياء والصحابة، ومن ضمنها «المسيح» و «الحسن والحسين» حيث قامت قناة (نسمة تي في) بعرض مسلسل «المسيح» واستند المحامون إلى أن هذه المسلسلات تمس مقام الأنبياء وتنتهك من مقامهم في قلوب المؤمنين.

الكنيسة توافق:

الكنيسة المصرية دائما لا تعارض تجسيد حياة السيد المسيح أو السيدة مريم على الشاشة، فعندما عرض السيناريست فايز غالي سيناريو فيلم «السيد المسيح» على البابا شنودة وافق على الفور ولكن بعدة شروط أهمها عدم الإخلال بمبادئ العقيدة المسيحية، ولذلك فالكنيسة المصرية عندما اعترضت على مسلسل «السيد المسيح» كان لسبب واحد وهو أنه أخل بمبادئ الشريعة المسيحية، حيث أنكر مسألة صلب السيد المسيح التي يؤمن بها جميع المسيحيين، كما أنه يستند إلى القرآن الكريم.

والأزهر يعترض:

إذا كانت الكنيسة المصرية توافق على تجسيد حياة السيد المسيح والسيدة مريم العذراء على الشاشة فإن الأزهر الشريف له رأي آخر في ظهور الأنبياء والصحابة على الشاشة، حيث يرى الشيخ علي عبدالباقي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن ظهور الأنبياء وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة على الشاشة حرام شرعا، كما أكد أن المجمع يرفض الأعمال الإيرانية التي تجسد الأنبياء والصحابة، وأنه يرى عرضها حراما كما أن هناك شيئا مهما وهو كيفية تجسيد شخصية الأنبياء، فمثلا كيف يمثل موسى وهو يناجي ربه؟ وكيف يمثل وقد وكز المصري فقتله؟ وكيف تمثل العقدة، التي طلب من الله أن يحلها من لسانه من أجل أن يبلغ رسالة ربه إلى بني إسرائيل؟ وكيف يمثل يوسف الصديق وقد همت به امرأة العزيز؟ وما تفسير الهم في لغة الفن؟ مؤكداً أن تجسيد الأنبياء والصحابة على الشاشة حرام شرعا وغير جائز.

ويتفق معه في الرأي الشيخ فرحات منجي الذي يرفض ظهور الأنبياء والعشرة المبشرين بالجنة على الشاشة، كما يرفض تقديم حياة السيد المسيح أو السيدة مريم العذراء على الشاشة، أما الشخصيات الدينية الأخرى فأجازها ولكن بشرط هو أن من يقدم هذه الشخصيات إما أن يعتزل الفن أو يتفرغ للأدوار الدينية فقط؛ لأنه لا يجوز لفنان أن يؤدي دورا دينيا ويظهر بعد ذلك في دور آخر وهو يشرب الخمر أو يغازل النساء، كذلك لا يجوز لفنانة أن تؤدي دور شخصية دينية وتظهر بعد ذلك في دور راقصة أو دور امرأة خليعة، فهذا الأمر مرفوض.

وعلى النقيض يرى الدكتور عبدالصبور شاهين، الأستاذ في كلية دار العلوم بالقاهرة، أنه لا مانع من ظهور شخصيات بعض الصحابة الذين أدوا أدوارا مهمة في التاريخ الإسلامي، لكي نكشف عن جوانب مهمة في حضارتنا وتاريخنا للأجيال الحالية حتى نقتدي بهم، وعندما نمنع ظهور بعض الأشخاص كالصحابة مثلا من الظهور على الشاشة خاصة الذين قاموا بأدوار بطولية في التاريخ الإسلامي فإننا نكون قد حرمنا الدعوة والمسلمين من التعرف على سير هؤلاء؛ لأن هناك من الناس من يتأثر بالمشهد ويظل في ذهنه أكثر من الكلمة، فربما ينسى بعد فترة، ولكنه يرى في الوقت نفسه أن من يؤدي هذه الأدوار لا يجوز له بعد ذلك أن يقدم أدوارا بها شرب خمر أو مغازلة نساء؛ لأنه بذلك يشوه صورة الشخصية الدينية التي قدمها.

معارضة نجوم الفن:

نجوم الفن كان لهم رأي آخر أولهم الفنان نور الشريف الذي أكد أنه يحترم رأي الأزهر بخصوص أن بعض الفنانين يؤدون أدوارا دينية ثم يؤدون بعد ذلك أدوارا غير مناسبة تماما، مما قد يؤدي إلى الإساءة للشخصيات الدينية، ولكن في الوقت نفسه يرى أن تجسيد مثل هذه الشخصيات في أعمال فنية أمر مفيد؛ لأنه يجعل الشباب يعرفون الشخصيات الإسلامية التي في الدين الإسلامي.

ويضيف نور الشريف: أوافق الأزهر في عدم ظهور الأنبياء على الشاشة؛ لأن الأنبياء معصومون من الخطأ، ولكن الصحابة ليسوا معصومين من الخطأ؛ لأنهم في النهاية بشر، ولذلك فليس هناك ما يمنع من ظهورهم على الشاشة. وفي النهاية قال: أحلم بتقديم شخصية الإمام الحسين على الشاشة فهي حلم عمري وأنا على الاستعدادا التام أن أعتزل بعدها الفن نهائيا وأعمل في مجال الإخراج.

ومن المعارضين أيضاً لرأي الأزهر الفنان السوري باسم ياخور الذي تعرض لأعنف هجوم عندما قدم مسلسل الصحابي الجليل «خالد بن الوليد» لسببين أولهما لرفض الكثيرين تقديم حياة خالد بن الوليد على الشاشة. أما السبب الثاني فهو لأنه قبطي ولا يجوز له أن يقدم شخصية صحابي مسلم.

ولكن باسم ياخور رفض هذا الهجوم مؤكداً أنه يشعر بالفخر؛ لأنه قدم شخصية صحابي جليل مثل خالد بن الوليد، كما أنه يعرف الكثير عن الدين الإسلامي، إضافة إلى أن أي من الشخصيات سواء الدينية أو التاريخية ليست ملكا للإسلام أو للديانة القبطية، بل هي ملك للتاريخ، وليس هناك أية علاقة من قريب أو بعيد بين الموهبة والدين.

أما الناقد الفني طارق الشناوي فيرى ضرورة تغيير الأزهر من موقفه بشأن ظهور الأنبياء والعشرة المبشرين بالجنة والصحابة، فلا يوجد نص صريح يمنع ظهور الأنبياء أو الصحابة على الشاشة حسب آراء معظم الأئمة، مؤكداً أن الدراما الدينية تأخرت كثيرا عندما لجأت إلى أسلوب السرد دون أن تقدم الشخصية الدينية من أعماقها من خلال ممثلين.

وتساءل الشناوي: ما المانع من تقديم هذه الشخصيات طالما أنها لا تسيء إلى الإسلام ولا إلى شخصيات الصحابة، خاصة إذا كان العمل محترما وموثقا؟!

الجدير بالذكر أن أول صدام بين الأزهر وصناع السينما كان في عام 1926 عندما أراد يوسف وهبي أن يقدم فيلم «النبي محمد» متناولا من خلاله حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقوبل ذلك بهجوم عنيف من الأزهر الشريف الذي رفض الفكرة من بدايتها، كما تدخل الملك من أجل إرضاء علماء الأزهر فهدد يوسف وهبي بسحب جنسيته وطرده من البلاد فلم يجد يوسف وهبي مفرا من رفض الفيلم حتى لا يدخل في عداء مع الأزهر والجمهور المصري، ووقتها أصدر الأزهر أكثر من فتوى أكد فيها أن تجسيد الأنبياء على الشاشة أمر مرفوض، كما أن تجسيد حياة زوجات النبي حرام أيضاً استنادا لقوله تعالى: «يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ».

العرب القطرية في

03/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)