حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

جمعة الليم:

جمهور اليوم خيالي. وسينما زمان واقعية

دبي ـ أسامة عسل

الرقابة وظيفة حساسة تحاول التوفيق بين المبدع والمجتمع من حوله، البعض يقف ضدها ويراها ضد مبدأ الإنسان الذي بطبيعته يرفض من يراقبه، والبعض الآخر يكتشف ضرورتها حماية للأخلاق والرسائل المدسوسة التي تحاول تخطي الخطوط الحمراء لإحداث بلبلة أو إعمال توجه ما مقصود ومغرض.

ولأن السينما فن جماهيري لا يمكن قصره على الخاصة، أو على عدد قليل من الناس ومشاهدوها ينتمون إلى كل الفئات والمستويات، وبسبب تأثيرها الوجداني والعاطفي الذي تملكه كوسيلة اتصال وإعلام وإمتاع ودعاية وترويج، أصبح وجود الرقابة بأي مسمى ودرجة ضرورة لغربلة كل ما هو مخالف وضد القيم والعادات والأعراف والدين.واليوم يأخذنا ضيف مسؤول ومتخصص كي يوضح الصورة أكثر ويقترب من موضوعات الأفلام وعالم السينما وعلاقتها بالناس بعيداً عن مقص الرقيب.

جمعة الليم، مدير إدارة المحتوى الإعلامي بوزارة الإعلام، عاشق للأفلام ومتابع لها ليس من واقع مهنته التي تتطلب منه مشاهدة الأعمال وتقييمها والإفصاح عنها، ولكنه يتعدى ذلك بالسفر إلى دول مثل مصر وأميركا لرؤية الأفلام والاستمتاع بها كمشاهد قبل جلبها إلى الإمارات.يرى أن الجمهور حالياً أكثر ثقافة واطلاعاً على كل صغيرة وكبيرة تخص السينما، حيث يرتبط بالنجوم وشركات الإنتاج واستوديوهات التصوير، ويعرف مواعيد انطلاق الأفلام في صالات العروض قبل صدورها بشهور.

يتدخل بالنصح والإرشاد لأولاده حول الأبعاد والأشياء التي قد تكون أعلى من إدراكهم عن الأفلام ثم يترك لهم حرية الاختيار، لأنه يؤمن بأن دور الأسرة قبل الرقابة التي تحافظ على كيان المجتمع والدولة.

وفي لقاء تم داخل مكتبه بإدارة المحتوى الإعلامي بمبنى وزارة الإعلام بدبي، ومع الأقسام المختلفة ونشاط عملها، كان ل(الحواس الخمس) مع جمعة الليم، هذه الوقفات التي أخذنا فيها إلى المسموح والممنوع في عالم الأفلام وكواليسها وموضوعاتها المثيرة وكيف يشاهدها الناس.

طقوس وتأثيرات

 (لا توجد لدي طقوس معينة حينما أذهب إلى السينما، ولكنني أختار الأفلام التي تسترعي انتباهي، وأجمع معلومات عنها وأشاهدها إما بشكل شخصي أو عائلي على حسب توجه كل فيلم).

بتلك الجملة بدأ جمعة الليم حديثه عن نوعيات الأفلام المحببة إليه قائلاً: أفضل الأعمال التي تتصل بالجوانب التاريخية أو التي تتناول السيرة الذاتية للعظماء الذين كان لهم تأثير على حركة التاريخ البشري.

كما أحب أيضاً أفلام المغامرات وأحياناً أشاهد الأفلام الكوميدية كنوع من إراحة العقل والتخفيف من ضغوط الحياة، ولازلت أواظب على الذهاب إلى السينما لمشاهدة أفلامي المنتقاة، رغم أن لدي في المنزل شبه سينما مصغرة عبارة عن غرفة صغيرة بها جهاز عرض »دي في دي« وشاشة كبيرة ومجلس يشعرني بأجواء صالات العرض نفسها.

وعن تأثير السينما في الناس يرى الليم بأن الأمر يختلف باختلاف فئاتهم العمرية، حيث تؤثر الأفلام في النواحي الوجدانية والعاطفية لدى الأعمار التي تكون في فترة المراهقة وتصل المشاهدة أحياناً ببعضهم إلى حد إدمان الذهاب إلى السينما، كما أن الأفلام تسهم في تشكيل وجدان وأفكار فئات عدة من الجمهور خاصة في ما يتعلق بالجوانب العاطفية والمعارف العقلية والمعلومات التاريخية.

وكذلك الأفلام الكوميدية تضفي راحة وتغييراً على نمط السلوكيات وتدفع إلى إزالة التوتر والغضب بالضحك، وهذا التأثير قد يتراوح بين السلب والإيجاب حسب رد فعل وتأثر كل فرد.

متعة المشاهدة

 (المشاهدة الشخصية تختلف عن مشاهدة الأداء المهني الذي يضع في اعتباره القطاع العريض من فئات المشاهدين وثقافاتهم ودرجة الوعي من شريحة إلى أخرى، وقيم وعادات المجتمع).

يفضل الليم الفصل في المشاهدة بين النوعين، لكنه يترك العنان لنفسه كي تستمتع عندما يذهب إلى السينما خارج الإمارات، مع إعمال عقله في تدوين ملاحظات حول هذه الأفلام واللقطات والمشاهد التي لا يتقبلها الجمهور وقد تسيء إليهم وتخدش حياءهم وتتناقض مع أخلاقهم العامة وعقائدهم وثوابتهم الاجتماعية، ليقرر ما الذي سوف يسمح به أو يمنعه عندما يتم جلبها للعرض داخل الدولة.

ويسترسل قائلاً أميل دائماً إلى الأفلام العربية وأتابعها جيداً وتأخير وصولها إلى صالات السينما المحلية يدفعني أحياناً للسفر إلى القاهرة لمتابعتها وقت طرحها، أما الأفلام الأميركية فلا يمكن إنكار سيطرتها على سوق السينما العالمية بتقنيتها العالية وإنتاجياتها الضخمة.

وبالتالي أنتقي منها ما يتلاءم مع ما أريد وتحديداً الأعمال الرومانسية مثل »ذهب مع الريح« و»تايتنك« ومؤخراً »رسائل إلى جوليت«، ويأتي في ثالث متابعاتي الأفلام الهندية التي تتميز بمناظرها الطبيعية وقصصها الإنسانية الممزوجة بالاستعراض والأغاني ذات الإيقاع الجميل والمؤثر.

ثقافة الجمهور

 (ثورة الاتصالات التي تتسم بالسرعة الفائقة والتكنولوجيا الحديثة من فضائيات وشبكة الانترنت أثرت إلى حد كبير في تقبل أشياء كثيرة كانت فيما قبل من المحظورات، وشكلت ثقافة الجمهور).

يشير جمعة الليم إلى أن المشاهد اليوم من وجهة نظره يجنح إلى السرعة والخيال، وهذا يتضح من تيار أفلام الأبعاد الثلاثية التي تصور الخيال واللامعقول على أنه جزء مما سوف يحدث في المستقبل القريب، هذا خلافاً لزمن مضى كانت فيه سينما الرومانسية وتيار الواقعية الجادة هي السائدة ولها الغلبة في شباك التذاكر.

وينصح الليم الجمهور عند مشاهدة الأفلام في صالات السينما أن يعرف بعض المعلومات من الانترنت عن العمل الذي قرر رؤيته، ثم يفكر فيما يشاهده ولا يستسلم لكل ما يعرض عليه، هذا بخلاف أن معرفته لأسماء المخرجين والممثلين والشركات المنتجة للأفلام يوجهه إلى الإنتاج الجيد، الذي تنشط حركة الفكر والنقد ويرتقي بالثقافة وينميها.

الأفلام العربية

(القضايا العربية لا زالت غائبة عن الإنتاج السينمائي العربي، وقد تمس بعض الأفلام قضايا مجتمعية محدودة تتعلق ببعض الأقطار كمصر وسوريا ولبنان ولكن بتقنية وأداء لا يرتقي إلى مستوى الجودة والإبداع).

يؤكد جمعة الليم أن السينما العربية ما زالت تلهث وراء الأعمال الأميركية بتقليد وتعريب واقتباس وبتقنية متخلفة نسبياً، كما أن الأفلام المعلبة والتي هدفها الربح السريع من خلال الإنتاج التجاري الذي لا يزال يسيطر على مفهوم سوق السينما المصرية، جعل حالة الارتباك تهيمن على صناعة كان لها وجود ودور كبير قديماً،.

وفي كل الأحوال لم يظهر حتى الآن من يملأ فراغ صلاح أبو سيف أو يوسف شاهين أو هنري بركات وغيرهم من العلامات المميزة عربياً في تاريخ الفن السابع، ومن الأفلام العربية التي أعجبت الليم مؤخراً فيلم »عسل أسود« للنجم أحمد حلمي، والذي يقول عنه:

يتناول موضوعه نظرتنا السيئة لأنفسنا واحترام الأجنبي على حساب أبناء البلد الذين يتم معاملتهم بطريقة مزرية، حيث يلاقي بطل الفيلم كل احترام على أساس كونه أميركياً، وحينما يفصح عن هويته المصرية لا يلاقي إلا المعاملة السيئة والتحقير، ومن خلال أحداث الفيلم نشاهد قصة شاب مصري أميركي يفكر في زيارة مصر بعد غياب أكثر من عشرين عاماً.

وبالفعل يحمل جواز سفره المصري الذي يتسبب له فيما بعد في العديد من المفارقات المضحكة لدرجة البكاء، ليكتشف من خلال هذه المواقف مدى تغير المواطن المصري خلال السنوات الماضية، ومدى تغير سلوكه وكيف تحول إلى إنسان فهلوي ونصاب، إلا أنه رغم فهلوته واستغلاليته لا يزال يتمتع بالدفء والشهامة، وكيف أن العائلة في مصر لا يزال لها تأثيرها في الفرد وكيف أن أجواء العائلة تستطيع أن تداوي الكثير من آلام الحياة رغم قسوتها.

مقص الرقيب

(الرقابة لا تعمل بمفردها وتراعي جوانب الحرية الذاتية والاختيار الحر ولكنها تهتم بالعرض الجماهيري وتعبر عن توجهات المجتمع التي قررها المشرع في قانون المطبوعات والنشر).

مقدمة أجاب من خلالها جمعة الليم عن مبررات المنع التي صاحبت بعض الأفلام مؤخراً، ومنها كما يقول تلك النوعية التي تثير العداوة بين فئات المجتمع مثل الفيلم الهندي »لمحة« الذي كان يتناول الصراع السياسي والعقائدي في كشمير ويصورها وكأنها »سجن جميل«.

وهذا الفيلم أنتج في »بوليوود« ويعرض جوانب حساسة للحياة في الجزء الكشميري الذي تديره الهند وقصته تمس العلاقة بين السياسيين والمثقفين والعسكريين والمسلحين الذين بسبب ممارساتهم يقتل الأبرياء.

ورغم أنه سمح بعرضه في الهند، تم رفضه في الإمارات كونه مثيراً للجدل وحتى لا يحدث ردود أفعال غاضبة بين الجاليات الهندية والباكستانية والكشميرية التي تعيش هنا، ما قد يؤدي إلى بلبلة واضطرابات.

وكذلك الحال بالنسبة لفيلم »الجنس والمدينة« والذي حصل حوله ضجة تناولتها وسائل الإعلام الأجنبية مع تمرير معلومة أنه تم تصويره في أبوظبي، وهذا خطأ لأنه لم يسمح له بذلك وصور كاملاً في الصحراء المغربية، وأثيرت ضجة أيضاً حول منعنا له والحقيقة لم نمنعه لأننا لم نشاهده ولم يعرض علينا أساساً ومن الواضح أن الشركة الموزعة أرادت استثمار ذلك في الدعاية والترويج للفيلم.

إبهار أميركي

(السينما وجدت من أجل الترفية والمتعة، ويلزم صنع ذلك مؤثرات وخدعاً وتقنيات تضفي على العمل جمالاً يصاحب عرضه على الشاشة الكبيرة، وهوليوود تجيد هذا المجال وتتفوق فيه).

ويترجم جمعة الليم وجهة نظرة من خلال الفيلم الأميركي »2102«، وهو خيال علمي يحكي عن تحقق أسطورة شعب المايا ودمار الأرض في عام 2102، بسبب ظاهرة كونية تسبب مجالاً مغناطيسياً قوياً يذيب قلب الأرض فتحدث البراكين والزلازل المدمرة.

ونجح الفيلم في تجسيد تلك الكارثة التي تحل بالأرض وكانت متقنة جداً وجعلت المشاهد يدخل في الحدث وكأنه جزء منه فيشعر بالخوف في أحيان كثيرة خصوصاً عندما تنهار البنايات والجسور بشكل واقعي برعت فيه السينما الرقمية وتقنيات الحاسوب والتطور الكبير في عالم الخدع السينمائية الذي بات يعطي نتائج مذهلة تجعل المشاهد لا يصدق أنها ليست حقيقية، ومن الواضح جداً أن المخرج راهن على تلك المشاهد في إنجاح الفيلم وتشويق الجمهور للإقبال على مشاهدته وصدق توقعه.

البيان الإماراتية في

28/08/2010

 

الغيم يطرق أبواب الشعر والدراما والحياة

دبي - جمال آدم 

لا يستطيع المرء متابعة مسلسل »أبواب الغيم«، المأخوذ من خيال وأشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، دون أن يتوقف عند الزخرفة الفنية والبناء المعماري المعشق للحكاية التي تمضي في صحراء شبه الجزيرة العربية.

وهي تنبش عن علاقات وصلات تعيد للماضي رونقه وتسلط الضوء على ما يحدث ضمن لعبة إسقاط ذات صيغة دلالية محكمة.

ولعل في فضاء الحكاية ما يتيح المجال أمام تصنيف آخر لهذه الدراما كأن يقال عنها الدراما التاريخية الحديثة، او الجانب الراقي، والنبيل في الدراما البدوية، وهي تكشف عن كثير من بؤر الجمال والصراع والخير والشر في مرحلة يشكل أبواب الغيم فيها قراءة واعية وناضجة لها، وندّعي في هذا السياق أن الدراما العربية لم تطأ هذه المجتمعات. ولم تتعرض لها، ولو عرضا في شكلها الزماني والمكاني، وكأني بأبواب الغيم يمضي في المجتمعات الخليجية محققا نجاحات مهمة لجهة متعة الكشف عن حال القبائل الخليجية للعارفين بهذه المجتمعات أولا.

ولجهة جماليات المكان وصور الحياة المختلفة بخيرها وشرها، وحركة الأجيال ثانيا، وإلى جانب قصص منتقاة تعكس نبض المجتمعات البدوية كان أمام المخرج خيارات صعبة لتقديم رؤية فنية تتناسب والحكايات المرصودة أمامه، ولعل المخرج حاتم علي في عمله الجديد هذا استعان بأكبر قدر من المعدات والتقنيات الالكترونية والغرافيك، وهي من بين الخيارات المتاحة التي تعطي انطباعا بطبيعية المشهد، كما تستفيد من مساحات الصحراء والشكل الفني الذي وقع الاختيار عليه.

في »أبواب الغيم« حالة من الكشف عن علاقات متينة بين أهل الشام وأهل الخليج، ولعل الاقتراح البصري بإدخال رقصة المولوية وتأثيراتها الصوفية قد وجه العمل باتجاهات مفتوحة على أكثر من صعيد، وإذا كان البعض استغرب إدخال المولوية كرقصات ومنهج في الفرجة والتصوف فإن الحكاية استفادت بتحقيق جانب قد لا يكون له علاقة مباشرة بالفانتازيا كما تم جر العمل إلى ميدانها، إلا إذا افترضنا وقوف أهل المولوية على أبواب المدينة.

ومطالبتهم بالرهينة الطفل النائم الأسير لدى الأمير، وقد خفنا حقا كمشاهدين أن يكون هناك تقليد لخدعة حصان طروادة، ولكن الحل التقني للعمل شكل بوابة فنية وفتح الآفاق أمام خدعة عربية ربما ترقى لحل طروادة العسكري الذكي البحت!

ونجد في حلول حاتم الفنية قد حققت شكلا من أشكال التقارب الاجتماعي بين المجتمعات العربية أولا، ثم استفادت فنيا مما يمكن أن نقول عنه معادل موضوعي للحكاية، وهذا ضمن الشرط الفني مقبول، بل مشروع أيضا، وفي شبه الجزيرة العربية مضى العمل يحكي عن دور الانجليز في المنطقة وحضور العثمانيين وردة فعل العرب على هذا الحضور.

ونعتقد أن فضاء الحكاية يمضي باتجاه ما يسمى بالفلاش باك، أو الارتجاع خلفا كما تسمى دراميا، ضمن سيرة يرويها شاب بدوي حل ضيفا على بيت أحد المقيمين الانجليز في المنطقة، وما بين السيرة الشفهية والأحداث الدرامية هناك أجيال تكبر وتتبدل وهناك شخصيات تدخل العمل، ولعل خيار الممثلين يدل على الاقتراب أكثر من واقع الحياة البدوية.

وتدهشنا صبحة، الفنانة سلافة المعمار، بأدائها الساحر المفعم بروح القبيلة وحضور العربية المتمردة، والعاشقة الحقيقية، والذين راهنوا على بياض بشرة سلافة وعينيها الزرقاوين يجد طيفا لهذا، وظلا بعيد أمام فتاة حافية القدمين، وقد ارتدت في قلبها، وروحها موهبة قل نظيرها، وكذا حال عبد المحسن النمر الفنان السعودي الموهوب.

وهو يكشف عن جانب مهم من لياقة الفنان وسرعة بديهته، وذكائه في التعاطي مع الكاميرا، ولعل أبواب الغيم سيترك ل»مجول« خيارات فنية مفتوحة، وللنمر موقعا مغايرا بين الفنانين العرب، ولا يجوز للمرء أن يمر عرضا بجانب الاحتراف العالي الذي يؤديه الممثل الكبير غسان مسعود، بن رماح، في الغيم، التي تفتح أبوابها له.

وهو يحقق حضورا عالميا بكل ما تعنيه الكلمة، رشاقة بالحركة وسرعة بالرد، ونظرة ثاقبة تكشف عما يدور في خلده، وهي بحق سمات الفنانين الكبار، ولا يمر المرء عرضا حتما تجاه قصي خولي ونجاح سفكوني ومحمود سعيد ونادرة عمران وجولييت عواد وندين نجيم.

وفيما كانت أعمال حاتم علي تسعى إلى الدخول للحكاية في باب الإثارة وإظهار قوة العمل الفنية من المشاهد الأولى للحلقة الأولى، إلا أنه هنا لجأ إلى خيار مغاير ذلك القريب من عوالم الرواية التلفزيونية التي تسعى إلى تكوين كرة ثلج تكبر بتتالي الأحداث في صيف أبواب الغيم اللاهب، ولعل الحلقات المقبلة قد تكشف عن حقائق وتفاصيل برسم عمل درامي كبير.

شعر ملحمي ومشهدية آسرة

»ياويل حالي من صروف الليالي«، هكذا بدأ بن رماح الشخصية التي يؤديها الفنان غسان مسعود رثاءه لأولاده الثلاثة الذين قتلهم سم الأفعى الذي نفثته في لبنهم في مشهد كبير يعتبر من الحالات الدرامية الآسرة في الدراما العربية وبشعر منطوق لا يقل قوة وتعبيرا عن حالة الموت، كتبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

وهو محمل بالحالة الدرامية، ومكثفا للحالة الإنسانية، لما فعله الموت بسيد القوم، وتراه بن رماح يطالب موقنا أن لا أهمية لطلبه وهو يقول »من ياخذ بثاري إذا الموت جاري« مناجيا أولاده »كنت أرتجيكم للفخر والمعالي«، ولعل اقتراب الشعر من وهج الحالة يؤجل النثر في مشهد كهذا، ويجعل من الكلمة سيدة لهذا الموقف. ولعل عشق المتابعين لهذا المشهد قادهم إلى تسجيله وتناقله عبر هواتفهم المتحركة، إضافة إلى أغنيتي المقدمة والخاتمة التي غناها الفنان حسين الجسمي.

البيان الإماراتية في

28/08/2010

 

الكثرة والتنوع وغياب البطل

تخت شرقي: الواقعية المُغرقة بالفوضى

دمشق – من رضاب فيصل نهار  

مسلسل سوري يرصد التناقضات الحياتية للشباب وعلاقتهم غير المتوازنة ضمن الأوساط العائلية والعملية والشخصية.

يتميز مسلسل "تخت شرقي" للمخرجة رشا شربتجي بأنه من أكثر الأعمال الدرامية متابعةً من قبل المشاهدين العرب والسوريين بشكل خاص، لأنه يمسهم بشكل مباشر.

ويتبع المسلسل للأعمال الدرامية الاجتماعية المعاصرة التي تتحدث عن الفرد السوري بعلاقته مع من حوله ضمن الأوساط العائلية والعملية والشخصية، وهي غالباً علاقة غير صحية وغير متوازنة وتفتقد للموضوعية وللمنطقية كما هي حقيقةً في المجتمع الشرقي.

وتؤكد مخرجة العمل لإحدى الصحف أن المسلسل عمل فوضوي "يتحمل الفوضى ابتداءً من النص إلى التقطيع إلى الممثلين إلى التناقضات بين الشخصيات، حيث لا يوجد فيها خير مطلق وشر مطلق، وهي واقعية تشاهدها في الشارع".

وتقول شربتجي إن المشاهدين سيلحظون ما هو جديد في "تخت شرقي" من ناحية النص والممثلين، وطبيعة العمل المختلفة عن الأعمال السابقة كلها.

ومع أن المشاكل والمواضيع المطروحة في العمل، لم تكن جميعها جديدة على المشاهد، إلا أنها أخذت منحىً آخر كون العمل يحاول الفصل بين جيل الآباء وجيل الأبناء ولو بطريقة غير مباشرة، حيث يتحدث عن مشاكل الشباب المعيشية وفشلهم في الحب والعمل، ثم ينتقل بشكل غير مباشر إلى مشاكل الآباء أو الجيل السابق الذي سبب هذا النوع من المشاكل وأفرز هذا النمط من العيش.

ويلاحظ المشاهد غياب الحبكة الأساسية في العمل بمعناها التقليدي، أي خط حدث واضح لشخصيات محدودة نوعاً ما. فهنا الحبكة مبعثرة وبعثرتها تأتي من كونها شبيهة بالحياة التي تحكي عنها، مشتتة مثلها وضائعة بشخصياتها الكثيرة والتي لا تعرف أن تجد لها مكاناً على أرض الواقع.

وتمتاز شخصيات "تخت شرقي" بكثرتها وتنوعها، حيث لا وجود للبطل أو الشخصية الرئيسية فيما بينها، تماماً كما هو الواقع (لا أبطال وإنما مجرد شخصيات مزدحمة ولكلٍ همومه وأحلامه)، وهذا واضح تماماً من شارة البداية التي تكثر فيها الألوان والممثلون والممثلات وهي تصنف شخصيات المسلسل في نمطين "شباب التخت الشرقي" و"بنات التخت الشرقي".

ويتناول العمل مشكلة تُطرح للمرة الأولى في الدرامية السورية، وهي مشكلة نظرة المجتمع إلى "النازح" هذا اللقب القاسي الذي التصق بأهالي الجولان المحتل الذين نزحوا من أرضهم عام 1967م.

ويعرض العمل لأشخاص كثير ينظرون إلى "النازح" على أنه شخصية دونية أوأقل شأناً منهم، وكأن "النزوح" هو مشكلته وحده ولا يتحمل أعباءها إلا هو وأمثاله، لكن المسلسل لا يكتفي بعرض المشكلة، وإنما يسعى إلى معالجتها عبر شخصية يعرب (قصي خولي) الذي يتولى مسألة الدفاع عن فكرة النازحين ووجودهم وحقوقهم الاجتماعية كأحد أفراد المجتمع.

ميدل إيست أنلاين في

28/08/2010

 

'منتج وطني قادر على إحداث تغيير في المجتمع'

هل وظيفة الدراما نشر الوعي أم التسلية فقط؟

ميدل ايست اونلاين/ دمشق 

مراقبون يؤكدون أن الدراما التلفزيونية مطالبة بتسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية، والبعض يقصر مهمتها على الإمتاع.

لا تنعزل الدراما التلفزيونية كفن عن بقية الأقانيم الثقافية من حيث الدور الذي تلعبه في التوعية ولفت أنظار الجمهور إلى التفاصيل الهامة في الحياة ومحاولة محاكاة الواقع بأقرب الصور ورفد المشاهد بكل ما هو جديد على الصعيد الاجتماعي والفكري لذا فهي كفن تقف إلى جانب موارد الثقافة المتعددة مثل الكتاب والسينما والمسرح وغيرها كجزء لا يتجزأ من الرسالة الإعلامية اليومية التي تسعى إلى تثقيف المواطن بالإضافة إلى ترفيهه.

وترى السيناريست يم مشهدي أن وظيفة الدراما تكمن في تسليط الضوء على واقع المجتمع بايجابياته وسلبياته مؤكدة على ضرورة أن تكون الدراما معالجة بطريقة صحيحة لكي تدخل إلى قلوب الناس ويكون تأثيرها إيجابياً.

واعتبرت كاتبة مسلسلي وشاء الهوى وتخت شرقي أن تأثير الدراما على الجيل الجديد أكثر من الجيل القديم مؤكدة في النهاية أن الدراما والتلفزيون والسينما لا تستطيع أن تغير المجتمع وإنما الواقع الاقتصادي هو الذي يقوم بإحداث تغييرات جذرية فيه.

من جانبه أكد الفنان وفيق الزعيم دور الدراما في تسليط الضوء على قضايا المجتمع واقتراح الحلول المناسبة للمشكلات القائمة مبيناً أهمية الحالة التثقيفية التي تطرحها الدراما في ظل هيمنة وسائل الإعلام على الحياة.

وأشار الزعيم صاحب الأدوار المميزة إلى ضرورة الاهتمام بالدراما السورية ودعمها من قبل الجميع لكونها منتجاً وطنياً قادراً على إحداث تغيير في المجتمع والارتقاء به ثقافياً ومعرفياً وتربوياً وفنياً.

وبلغ عدد المسلسلات السورية التي تم انتاجها للموسم الرمضاني الحالي اكثر من ثلاثين عملا تتناول مختلف الموضوعات بينها التاريخي والكوميدي والاجتماعي المعاصر وغير ذلك من الطروحات التي تهدف الى تحقيق المتعة والفائدة للمشاهد الذي يكرس جل وقته في شهر رمضان لمتابعة الاعمال الدرامية.

ويرى عامر عباس (موظف) أن الموجة الجديدة من الإنتاج الدرامي السوري تخص العائلة بكاملها من الطفل إلى الكبير في السن حيث ان هذه المسلسلات تلعب دورا في لم شمل العائلة في أوقات واحدة أمام التلفاز لتلقي هذه الوجبة الفنية فيقضي الجميع وقتاً سعيداً للتسلية والترفيه والاستفادة مما تقدمه المسلسلات من عبر وقيم بحيث تسهم في توعية أفراد الأسرة ككل وخاصة الناشئين لكونها تتطرق إلى قضاياهم المتشعبة فضلاً عن جوانب أخرى كثيرة من صلب الواقع.

ويضيف عباس "ليست كل الأعمال الدرامية متشابهة من حيث الهدف الذي تسعى اليه موضحا أن بعض الاعمال تقدم لأجل التسلية لا أكثر ولا ضير من متابعتها ولكن معظم الأعمال التي شاهدناها العام الماضي ونشاهدها هذا العام مستمدة من صلب حياتنا وواقعنا وتاريخنا وهي تؤثر فينا جميعاً".

بينما يرى حسام طنوس (مدير مبيعات) أن دور التسلية يفوق دور التوعية في الدراما فالمواطن الذي يقضي يومه في العمل لا بد له من مادة تلفزيونية تخفف عنه في آخر النهار خاصة عندما يجتمع مع عائلته.

ويفضل طنوس الدراما الكوميدية لأنها تنتقد المظاهر السلبية في الواقع مثل بقعة ضوء بينما تميل ديمة شمس الدين خريجة الآثار الى الأعمال الاجتماعية لأنها تجدها قريبة جداًَ من الحياة اليومية وتحاكي نماذج إنسانية متواجدة في المجتمع وأحداثا تتعلق بالتفاصيل اليومية المعاشة مضيفة ان ذلك يقدم دوراً توعوياً للدراما كما أنه يصوغ من الواقع القصص التي لها وظيفة تفيد المشاهد وتملأ وقته بما هو جيد وأفضل من بقية الرسائل الإعلامية الأخرى.

أما الصحفية شفق الكوجك فتجد أن الفنون الأخرى كالسينما والمسرح تقدم دوراً توعوياً أكثر من الدراما ولكن في حال غياب هذين الفنين فلا بد من استغلال التلفزيون لهذه الغاية كما أنه من الواجب استغلال الشعبية الكبيرة التي ينالها التلفزيون والدراما السورية في سبيل توجيه رسائل مفيدة للجمهور تسهم في ملء وقته بما هو ايجابي وممتع.

ويرى محمد زكريا خاروف (موظف) أن الدراما تطلع المواطن على أشياء لا يعرفها اذ انها تسلط الضوء على ما هو مجهول لدى الكثيرين ما يسهم في التعليم والثقيف كما أن ما تقدمه المسلسلات السورية من قصص اجتماعية تحتوي على الحب والكره والجريمة والإحسان لابد أنها تسهم في توعية الناس ونشر القيم الأخلاقية والتحذير مما هو سلبي على مستوى الحياة بصورة عامة.

وتقول عهد عبد الله (ربة منزل) ان المسلسلات تملأ وقتها بالكامل سواء من خلال وجود العائلة مساءً في المنزل أو خلال وجودها وحيدة في فترة الصبح والظهر فهي تقوم بأداء واجباتها المنزلية مع متابعة المسلسلات التي تفضل فيها الجانب الاجتماعي.(سانا)

ميدل إيست أنلاين في

28/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)