حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2010

على الوتر

وراء الشمس

محمود حسونة

كثيرة هي المسلسلات التي تعرضها الفضائيات العربية خلال رمضان، ولكن القليل منها يستوقفك، والقليل جداً يحمل جديداً، وعلى رأس هذا القليل جداً المسلسل السوري “وراء الشمس” الذي تعرضه قناة دبي الفضائية قبل الإفطار مباشرة كل يوم، حيث يطرق باباً آثر المبدعون تركه موصداً خلال السنوات التي تشكل عمر الدراما العربية من خلال تناوله لذوي الاحتياجات الخاصة، وموقف المجتمع المحيط منهم، وأساليب تعامله معهم، ومدى قبوله إياهم .

هذا العالم تناولته محاولات درامية وسينمائية محدودة من قبل، ولكن بأسلوب معالجة غير دقيق مثلما نتابع في “وراء الشمس”، ومن المحاولات السابقة مسلسل “سارة” للفنانة حنان ترك، وفيه جسدت شخصية فتاة ترفض المجتمع وظلمه إياها وتتقوقع داخل ذاتها ليتوقف نموها العقلي عند مرحلة الطفولة رغم النمو الجسدي الطبيعي، وأيضاً لا ننسى فيلم “الصرخة” للفنان نور الشريف ومعالي زايد الذي تناول معاناة الصم والبكم في المجتمع، وفيه استعان مخرجه بفتاة صماء شاركت في البطولة لإضفاء بعضٍ من الصدقية على أحداثه .

الوضع في “وراء الشمس” مختلف، فالإعاقات فيه ليست طارئة، ولكنها أصلية ولد وسيموت بها أصحابها، كما أنها إعاقات ذهنية، وذلك من خلال حالتين هما “بدر” المصاب بالطيف التوحدي، وهو ينتمي إلى أسرة فقيرة، ويعاني استغلال المجتمع له وتسلطه عليه، ويجسده بشكل عبقري الفنان بسام كوسا حتى لتخال نفسك أمام معاق حقيقي في حركاته ومشيته وشكل جسمه والتواء ذراعيه وأصابع يديه وطريقة كلامه ونظرات عينيه .

الحالة الثانية لمصاب بمتلازمة داون، وقد نجح المخرج سمير حسين في أن يتحدى ذاته ويسند هذا الدور لمصاب حقيقي بمتلازمة داون، هو علاء الدين الزيبق الذي تم اختياره من بين 100 حالة، وتم تدريبه لمدة أربعة أشهر، ليؤدي الدور كما هو مطلوب منه، وليحقق من خلاله المخرج سبقاً جديداً في عالم الدراما بإسناد دور أساسي ومهم لمعاق ذهنياً، والخروج معه بأفضل نتيجة ممكنة، رغم المعاناة خلال التصوير، حيث كان المشهد الواحد يعاد 6 مرات وهو أمر طبيعي .

“علاء” يجسد “علاء” وأعتقد أنهم احتفظوا للشخصية باسمه الحقيقي حتى لا يتوه منهم، وهو شاب يعيش في أسرة ميسورة ويحظى بكل الاهتمام من أمه وأبيه، لينعم بحياة لا تختلف كثيراً عن حياة الشاب الطبيعي، وليمارس الرياضة ويحب الخروج إلى المجتمع ومواجهته، ولكنه إذا تعرض لأي شيء يزعجه تنهار حالته ويصاب بنوبة، ما يفرض التعامل مع هذه الفئة بحرص وحساسية شديدة .

السؤال الذي يطرحه المسلسل هو ماذا سيكون الموقف لو علم أي زوجين أن الزوجة حامل في جنين معاق؟ . . هل سيتخلصان منه أم يحافظان عليه ويقدمان له الرعاية والاهتمام مثل حالة علاء؟

الإجابة عن السؤال تستغرق وقت معظم الحلقات المقبلة، خصوصاً أن الزوج “باسل خياط” يصر على الإجهاض في حين تتمسك الزوجة “صبا مبارك” بالجنين، ولأن السؤال بسيط والإجابة عنه لا تستحق كل هذه المساحة الزمنية، يحس المشاهد ببعض الملل، ولكن تألق بسام كوسا في الأداء، وقرب علاء الدين الزيبق من القلب، ينسي المشاهد أي أخطاء في المسلسل .

المخرج سمير حسين أدخل المشاهدين خلال الحلقات الأولى إلى عالم أبطاله رويداً رويداً، وانتقل بهم من  حالة إلى أخرى بسلاسة، ومن دون استخدام الحوار المباشر بين الشخصيات، حيث ربط المؤلف محمد العاص بين الحالات بمواقف بسيطة وسلسة ترجمها المخرج إلى مشاهد معبرة ومؤثرة أخذت قلب المشاهد وعقله في آن واحد، ليتغاضى عن المط والتطويل الذي أصاب بعض الحلقات .

الخليج الإماراتية في

22/08/2010

 

على الوتر

أوامر النجوم

محمود حسونة 

“ملكة في المنفى”، واحد من الأعمال التي توقع كثيرون أن يكون علامة فارقة في تاريخ الدراما المصرية، خصوصاً أنه يتناول مسيرة حياة ملكة مصرية عانت وحكمت وتحكمت وتآمرت وثارت وتمردت حتى هجرت السلطة، ونفت نفسها بنفسها غضباً واحتجاجاً، إنها الملكة نازلي، أول مصرية تتزوج ملكاً من الأسرة العلوية، حيث أجبرت على الزواج من الملك فؤاد الأول العام ،1919 لتلقى منه معاملة كما الجواري، ويسجنها في القصر، ويرصد تحركاتها داخله موظفون مهمتهم نقل معلومات عنها إليه .

ولأنها كانت امرأة ذكية، سرعان ما قامت بتغيير جلدها، وتجنبت كل ما يغضبه حتى تنال رضاه، وتحكم قبضتها عليه وعلى بلاطه، وبعد وفاته العام ،1936 كان همها ألا يتولى أحد العرش سوى ابنها فاروق، الذي لم يكن قد بلغ السن القانونية، وبذلت لأجل ذلك الكثير، وبعد أن تحقق لها ما أرادت، حاولت أن تكون صاحبة القرار تملي عليه ما تشاء، ولكن سرعان ما اصطدمت به، وتوترت علاقتهما، حتى نفت نفسها إلى أمريكا وقررت البقاء هناك بعد أن جردها من ألقابها الملكية العام ،1950 ليسقط حكمه بعد قيام ثورة يوليو، وتبقى أمه في أمريكا تعاني الفقر والحاجة حتى وفاتها العام 1978 .

الحلقتان الأولى والثانية من المسلسل جذبتا الناس لثرائهما بالأحداث، وتضمنهما معلومات غير متداولة عن الملكة نازلي، ومنها زواجها من شاب مصري كان يعمل في تجارة القطن ويقيم في تركيا، تم إجباره على تطليقها بعد عام، تعيش أزمة تُخْرجها منها صفية زغلول زوجة سعد زغلول زعيم الأمة وثورة ،1919 وغرامها بابن شقيقته، وفي الحلقتين أدت شخصية الملكة الممثلة التونسية فريال يوسف لتخطف المشاهدين بأدائها وملابسها وجمالها .

وكانت الصدمة في الحلقة الثالثة عندما أطلت الفنانة نادية الجندي في الدور بتجاعيدها وأدائها النمطي وملابسها التي لا تتناسب لا مع شخصية الملكة ولا مع المرحلة التاريخية، ليفقد المسلسل بكامله بريقه، ويتحول إلى رقم ضمن مئات الأعمال التي تستهلك وقت الشاشات العربية خلال رمضان .

من المؤكد أن سبب الظهور المبكر لنادية الجندي كان استجابة لطلبها، وتنفيذاً لأوامرها، وهي “نجمة الجماهير” التي اعتادت أسلوب الأمر والنهي في أعمالها السينمائية، لتترك ميراثاً من الأعمال الرديئة التي فصّلت لها خصيصاً، وعندما هجرتها السينما بسبب تقدمها في العمر، وانصراف الناس والمنتجين عنها، لم تجد أمامها سوى الدراما التلفزيونية لتستعيد فيها ممارساتها السينمائية من دون أن تستخلص أي عبرة من تجاربها السابقة .

الغريب أن من يشاهد “ملكة في المنفى” يدرك أن من أفسدوا السينما يحاولون إفساد الدراما، وللأسف من دون أن يتصدى لهم أحد، ويدرك أيضاً أن نادية الجندي رسمت الشخصية بنفسها، وأن لا رؤية لمخرج ولا مؤلف ولا منتج يقبل العمل معها، وأن كلمتها نافذة على الجميع، وفي الوقت نفسه سيدرك أن شخصيتها غريبة تماماً عن صورة الملكة التي رسمتها في شبابها الممثلة الواعدة فريال يوسف بدقة ووعي، وأيضاً بعيدة عن الصورة التي رسمتها قبل عامين وفاء عامر عندما أدت ذات الشخصية في مسلسل “الملك فاروق” أمام تيم حسن، لتقدم من خلالها أفضل أدوارها على الإطلاق .

شخصية الملكة نازلي “ثرية درامياً”، وكنا نأمل تأخير ظهور نادية الجندي حتى سفرها إلى أمريكا، وكان عمرها 45 عاماً، ولو حدث ذلك لاستمتعنا مع فريال يوسف ولأجبرنا أنفسنا على تصديق “نجمة الجماهير”، ولنجا المسلسل من السقوط . ولكن ماذا نفعل أمام أوامر النجوم التي لا تنال منهم فقط، ولكنها تنال من عمل بكامله .

الخليج الإماراتية في

21/08/2010

 

على الوتر

الصخب سيظل مستمراً

محمود حسونة 

الصخب الذي أثاره مسلسل “الجماعة” لن يتوقف بانتهاء عرضه، مثلما اعتدنا من الأعمال الدرامية، ولكنه سيظل مستمراً، وقد يزداد حدة وتأثيراً بمرور الأيام، ولا يستبعد استغلاله في الانتخابات البرلمانية والمقرر لها شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، كورقة دعائية مزدوجة التأثير والتوظيف في اللعبة (تشويه وتجميل) عند كل من الحزب الوطني الحاكم في مصر وجماعة الإخوان،  وهو ما سيعتمد على مهارة كل طرف لتوظيف الحدث لمصلحته حتى لو كان المضمون يخالف ذلك، من خلال اللعب على المشاعر والوجدان الجماهيري، ونفي الحقائق وتأكيد الشائعات والتشكيك مثلما هو معتاد في المناهج السياسية وخصوصاً في أوقات الانتخابات .

عندما قرر وحيد حامد أن يخوض تجربة “الجماعة” كان يدرك أنه يمشي في طريق وعر، وأن عمله يمكن نسفه من الأساس لو لم يحسب جيداً حساب كل جملة يكتبها وكل مشهد يرسمه وكل خطوة يخطوها، ولذا كان طبيعياً أن يفسخ تعاقده مع المنتج القبطي أمير شوقي، وأن يعتذر للمنتج صادق الصباح بعد اكتشاف أنه شيعي، وأن يحرص على أن يتولى الإنتاج السني كامل أبو علي حتى لا يقال إنه يسعى لضرب الجماعة لأهداف دينية، كما أنه ليس مستغرباً أن يورد في نهاية كل حلقة المراجع التي اعتمد عليها في ما يعتبره حقائق وردت ضمن أحداثها، كما أعلن قبل رمضان إعلامياً أسماء هذه المراجع وبينها “مذكرات ورسائل ومحاضرات حسن البنا”، و”وقائع ومؤتمرات الجماعة”، وكتب لبعض من تولوا منصب المرشد العام مثل “ذكريات لا مذكرات” لعمر التلمساني  و”دعاة لا قضاة” للمستشار مأمون الهضيبي، وكتابات جمعة أمين عبدالعزيز مؤرخ الإخوان .

ورغم الصورة الحكيمة لرجال مباحث أمن الدولة في المسلسل، والتي دفعت الكثيرين لاتهام المؤلف بصناعة مسلسل لتجميل صورة أمن الدولة (اتهام له مبرره) إلا أن “الجماعة” يحمل الحزب الحاكم بجانب جماعة الأخوان المسلمين مسؤولية التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مصر، ويقول على لسان المستشار كساب ويؤديه عزت العلايلي “الحكومات تصنع آلام الناس، والإخوان والأحزاب يتاجرون بتلك الآلام، لكن ليس هناك من هم مع الناس فعلاً” وهي كلمات تم اختيارها ضمن إعلان المسلسل الذي يذاع يومياً في عدة أماكن، وتحمل إدانة لكل مفردات وعناصر الحياة السياسية .

ولعل أهم ما يميز هذا العمل الحرفية العالية فيه كتابة وإخراجاً حيث مزج ما بين أوضاع اليوم، وظروف تشكيل الجماعة ونشأة مؤسسها حسن البنا وطبيعة شخصيته بمهارة عالية، وبصورة سينمائية غير مألوفة في عالم الفيديو، وبأداء مجموعة من الممثلين الذين تم اختيارهم بعناية ليوضع كل واحد في الدور المناسب له، ويتم توظيفه كما لو كان بطلا بصرف النظر عن مساحة دوره .

الجدل سيستمر والصخب سيزداد، وخصوصاً أن مؤلف العمل لا يستهان به، ويعد أهم مؤلف سينمائي حالياً، ومعروف عنه التصدي للفساد والعنف من خلال أعماله الكثيرة التي تثري المكتبة السينمائية العربية . أما عالم التلفزيون فهو غريب عنه، وعندما عاد إليه في العقد الماضي من خلال مسلسل “العائلة” كان بهدف أن يقول أيضاً كلمة ضد العنف والفساد .

من المؤكد أن الجماعة لن تصمت ولديها من القدرات ما يدفعها لأن تقلب الطاولة وتتخذ من المسلسل أداة ووسيلة لإقناع قطاع من الجمهور بمذهبها السياسي وبالتالي التصويت لمصلحتها في الانتخابات المقبلة .

الخليج الإماراتية في

20/08/2010

 

على الوتر

الجماعة

محمود حسونة 

من يتجول بين باعة الصحف والمجلات على أرصفة القاهرة، يقرأ الكثير من العناوين التي تتصدر الصفحات الأولى متمحورة حول جماعة الإخوان المسلمين . ومن يتصفح هذه الصحف والمجلات سواء القومية أو الحزبية أو المستقلة ويطلع على مضمونها، سيجد أن الجماعة التي يلقبونها بـ “المحظورة” تحظى بنصيب الأسد في المتابعات والحملات ومقالات الرأي، حيث يثني عليها البعض ويهاجمها الكثيرون، وذلك حسب سياسة واتجاهات المطبوعة .

ومن يتجول بين مكتبات القاهرة سيجد على أرففها الكثير أيضاً من الكتب التي تتناول تاريخ الجماعة ومسيرتها، منذ نشأتها وحتى اليوم، وسياساتها وطموحات القائمين عليها، بأساليب مختلفة حسب شخصية الكاتب وانتمائه السياسي، وسيجد أن هذه الكتب وكأنها ترد على بعضها بعضاً، لما تحتويه من مضامين تتنافر ولا تتلاقى سوى في العنوان العريض “الجماعة” .

كل الصخب والضجيج الإعلامي والفكري والسياسي حول جماعة الإخوان المسلمين، لم يزعجها ولم يهز مكانتها، وظلت صلبة، وفرضت نفسها على البرلمان رغم حظر ممارستها أي نشاط سياسي، حتى تم الإعلان عن مسلسل “الجماعة” والذي يتناول مسيرتها ومسيرة مؤسسها الشيخ حسن البنا، ليبدأ الجدل، والذي استمر طوال فترة التصوير، وازداد حدة خلال الأيام الأولى من رمضان بعد أن انطلقت رسالة مؤلفه وحيد حامد إلى الرأي العام عبر عدد من الفضائيات .

قبل أيام نشبت أكبر معركة للجماعة ضد مؤلف المسلسل، وهي معركة إلكترونية وإعلامية توظف خلالها كل الإمكانات التقنية والبشرية للرد على ما يحمله المسلسل من “مغالطات وافتراءات كاذبة”، حسب الجماعة، و”حقائق تاريخية” حسب المؤلف .

شباب الإخوان أسسوا وحدة “مكافحة الإرهاب الفكري” على الإنترنت، والقيادات تصرح وترد بما في ذلك المرشد العام الحالي محمد بديع والمرشد العام السابق مهدي عاكف، فيما أكد أحمد سيف الإسلام حسن البنا نجل مؤسس التنظيم أنه بدأ اتخاذ إجراءات رفع دعوى قضائية لوقف المسلسل، وأعلن أنه بصدد إنتاج فيلم مواز عن والده بدعم فني من الجماعة للرد على المسلسل .

إن ما يحدث لا يعني سوى أن الدراما أكبر تأثيراً وأقوى ضجيجاً من الكتب والصحف والمجلات، وأن الانتقاد اليومي والأسبوعي للجماعة وعلى مدى سنوات لم ينل منها، في حين أن مسلسلاً واحداً أقلق الجميع، واحتشدت كل الإمكانات للرد عليه وتفنيد أكاذيبه ودحض اتهاماته .

المسلسل يحظى بنسبة مشاهدة كبيرة واهتمام إعلامي غير مسبوق، ولعل السبب أنه يعرض في توقيت حرج لجماعة الاخوان المسلمين، خصوصاً أن انتخابات مجلس الشعب محدد لها أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والدراما تأثيرها لا يقتصر على الباحثين عن الثقافة ولا المشتركين في الصحف، ولا الباحثين عن التسلية عبر المجلات، ولكن على كل مشاهدي التلفزيون، وعبر عدة قنوات تعرض المسلسل بانتماءاتهم المختلفة وقدراتهم الثقافية والتعليمية المتنوعة .

الخليج الإماراتية في

19/08/2010

 

على الوتر

مشاكل غير المشاكل

محمود حسونة 

الدراما في الإمارات أيضاً تعاني من مشاكل، ورغم أنها وليدة استطاعت أن تفرض نفسها على وجدان المشاهد، وتستحوذ على مكان على خريطة الدراما العربية وتفرز مواهب وتنجب فنانين ومبدعين تجاوز عطاؤهم الحدود ليزينوا أعمالاً خليجية وعربية مهمة .

ولأنها دراما وليدة وحققت حالة من التميز التي لا يستهان بها، ينبغي النظر في المعوقات التي تواجهها، حتى تتمكن من نفض غبار المشاكل، والركض في السباق وصناعة نجوم يتباهون بانتمائهم، وتتباهى بهم الإمارات في المهرجانات والفعاليات الفنية الإقليمية والدولية، وتزدان بهم شاشات القنوات التي تملأ سماء الفضاء العربي .

ولكي تحقق الدراما الإماراتية أحلام فنانيها وطموحات المسؤولين، يجب أن يتكاتف الطامحون والحالمون ضد المشاكل وكل ما يمكن أن ينال منها، ويجب أن يبادر كل طرف إلى تقديم اللازم منه ولا يلقي بالمسؤولية كاملة على الطرف الآخر .

المسؤولون في الإمارات لا يقصّرون في حق الدراما ويدعمونها مادياً ومعنوياً، بتشجيع الإنتاج المحلي، ورصد الميزانيات اللازمة لتحويل كل فكرة متميزة إلى مشاهد حية، وتكريم الفنانين في مناسبات عدة على مدار العام . وفي المقابل هم ينتظرون من أهل الدراما مزيداً من الإبداع ابتداء من النص الدرامي الذي لا يزال يعاني نقصاً، وأيضاً الإخراج الذي نتمنى أن يجذب المواهب الإماراتية التي حلّقت في سماء الإبداع السينمائي، وكشفت عن نفسها خلال مهرجاني أبوظبي ودبي السينمائيين، أما التمثيل فالمواهب كثيرة فيه و”الأرض ولادة” .

الفنانون أبدعوا وتألقوا ولكنهم يعانون مشاكل أهمها التفرغ، الذي يطالبون به منذ سنوات، ويجددون المطالبة من حين إلى آخر، ويؤكدون أنه الوسيلة لتحقيق المزيد من الإبداع، ولصناعة دراما ومسرح أكثر تميزاً . إنهم يطلبون أن تمنحهم الدولة تفرغاً من وظائفهم في وزارة الثقافة وتنمية المجتمع، ويغضبهم أن لا أحد يستمع إليهم ويستجيب لهم . وطالما أن المطلب قديم والموقف الرسمي منه ثابت وراسخ، ينبغي على كل فنان أن يتكيف مع الواقع، ومن يجري الدم في عروقه مجرى الدم عليه أن يضحي بالوظيفة ويفرّغ نفسه للفن بدلاً من أن ينتظر تفرغاً طال انتظاره .

أما المشاكل الأخرى التي يشكو منها بعض الفنانين مثل الأجور وترتيب الأسماء على “التيترات” ومعاناة الفنان لمشاركته في ثلاثة أو أربعة أعمال وتصويرها في وقت واحد، ومساحة الدور، فهي مشاكل مقدور عليها وحلولها بيد الفنان ولا أحد سواه .

إنها مشاكل “مرفهة” نسبة للمشاكل التي يعاني منها كثير من الفنانين العرب وخصوصاً في دول مثل لبنان والمغرب العربي، حيث يفتقدون أساسيات صناعة الدراما، ويغيبون عن السباق الرمضاني، ما ينعكس سلباً على انتشارهم ووجودهم الفني من أساسه .

إنها حقيقة تؤكد أن الفنان الإماراتي ينعم بدعم المسؤولين إلى جانب الدعم الجماهيري الذي يلقاه من المشاهدين الذين يحرصون على متابعة كل عمل محلي .

الخليج الإماراتية في

18/08/2010

 

على الوتر

أزمات استباقية

محمود حسونة 

في الماضي كانت المشكلات والأزمات تلاحق بعض الأعمال الرمضانية عند وبعد عرضها، أما الآن فقد تبدلت الصورة، وأصبحت الأزمات استباقية، أحياناً ما تبدأ بمجرد الإعلان عن مشروع مسلسل معين، ويكون الهدف منها إجهاضه ومنع تصويره والحيلولة دون خروجه إلى النور، وأحياناً أخرى تبدأ قبل العرض، ويكون الهدف منها إما الدعاية له وإثارة الجدل حوله لجذب أكبر قدر جماهيري لمتابعته، وإيهام المعلنين أنه العمل الأفضل لرعايته أو الإعلان خلاله، وإما محاربته وتشويه صورة القائمين عليه والنيل منه ومحاولة منع عرضه . وهي محاولات نادراً ما تؤتي أكلها وتسفر عن نتائج ترضي مثيري الشغب وصانعي الأزمات .

ولعله لم يعد خافياً أن الأزمات التي تستبق أو تلاحق الأعمال الدرامية مؤقتة، ومفعولها يبطل بعد أسابيع قليلة من انتهاء عرضها، وبالتالي فإن أي عمل يتجاوز كل من يطاردونه إذا عرض على الشاشة وخرج للرأي العام باستثناء أعمال معدودة توقف عرضها إجبارياً بعد حلقات نتيجة ضغوط كبرى مورست على المحطات التي تبثها، ولعل أشهرها “الطريق إلى كابول” .

المشكلات والأزمات هذا العام كثيرة، ولكنها لم تعطل أياً من الأعمال باستثناء “الدالي 3” الذي لم يلحق بالموسم لأسباب إنتاجية، أما “شيخ العرب همام” ليحيى الفخراني فقد تجاوز دعوات بعض ورثة الأمير همام بن يوسف حاكم الصعيد في الزمن المملوكي، وهو محور الأحداث، وطالب هؤلاء بمنع عرضه بسبب أخطاء تاريخية ومعلومات غير دقيقة .

أيضاً من الأعمال التي واجهت مشكلات “ملكة في المنفى” من خلال دعوى قضائية لبعض نواب الشعب لمنعه بسبب إساءته لشخصيات وطنية تاريخية، ومسلسل “زهرة وأزواجها الخمسة” الذي واجه اعتراضاً دينياً بسبب تعدد الأزواج، ومسلسل “مذكرات سيئة السمعة” الذي واجه مشكلات جمة بين بطلتيه لوسي وسوزان نجم الدين، بسبب اعتبار كل منهما أنها البطلة والنجمة التي لا يشق لها غبار .

بعض المسلسلات واجهت أزمات من نوع آخر، حيث طلبت الرقابة حذف العديد من مشاهد كل منها، وارتضت إعادة التصوير أحياناً وتغيير الحوار أحياناً أخرى . ومن هذه الأعمال “العار، الفوريجي، أزمة سكر، الحاجة زهرة وأزواجها الخمسة، الكبير قوي، سامحني يا زمن” .

المشكلات التي تواجه الأعمال الدرامية أشكال وألوان، ونادراً ما تحقق الهدف المرجو منها، وليت بعض المعترضين على المضمون يؤجلون اعتراضاتهم لما بعد المشاهدة حتى يكون معهم الحق فيما يقولون، ويكون للرأي العام موقفه المؤازر لهم .

الخليج الإماراتية في

17/08/2010

 

على الوتر

دراما عربية بامتياز

محمود حسونة 

انتصر الفكر القومي العربي في الدراما هذا العام على دعاة القطرية والمناطقية والإقليمية، وذلك بعد النجاح الذي حققته المسلسلات التي أنتجت الأعوام الماضية، وتجاوزت الحدود وحطمت الحواجز الوهمية بين الدول العربية سواء على مستوى الأبطال أو الفنيين أو القضية المطروحة، ولعل أشهرها كان مسلسل “هدوء نسبي” الذي كان الأفضل العام الماضي في العديد من الاستطلاعات الجماهيرية وشارك فيه فنانون ومبدعون من العراق وسوريا ومصر وتونس ولبنان والخليج العربي، وقبله كان “الملك فاروق” و”أسمهان” و”كلام نسوان” .

هذا العام، انتشرت الصورة وازدادت المساحة واتسع الأفق أكثر وأكثر لنجد أنفسنا أمام العديد من الأعمال التي يصعب تصنيفها على أنها مصرية أو سورية أو خليجية، أو عراقية . . . إلخ ولا يمكن أن توصف سوى بأنها دراما عربية لا تنتمي إلى قطر معين ولكن إلى أمة بكاملها وكلها أعمال إما أنها أثارت الجدل قبل بداية رمضان أو متوقعاً لها أن تثيره خلال الأيام المقبلة، ناهيك عن أنها الأفضل، وستكون الأكثر مشاهدة حيث سيلتف حولها الجمهور من مختلف الدول العربية، وستتجاوز مرض التعصب الذي نعاني منه سياسياً ورياضياً واجتماعياً .

ومن بين هذه المسلسلات التي لا يمكن حصرها في هذه المساحة مسلسل “سقوط الخلافة” للكاتب المصري يسري الجندي والمخرج الأردني محمد عزيزية وبطولة السوريين عباس النوري وجهاد سعد وأسعد فضة، والمصريين سميحة أيوب وعبدالرحمن أبوزهرة وأشرف عبدالغفور وسامح الصريطي، والفلسطيني غسان مطر، والعراقية نادية .

هناك أيضاً مسلسل “كليوباترا” عن حياة أشهر ملكة فرعونية، من تأليف السوري قمر الزمان علوش، وإخراج مواطنه وائل رمضان، وبطولة سولاف فواخرجي ويوسف شعبان وفتحي عبدالوهاب .

لا ننسى أيضاً في هذا الصدد مسلسل “ذاكرة الجسد” عن نص الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي وإخراج السوري نجدت أنزور وبطولة مواطنه جمال سليمان والجزائرية أمل بوشوشة، وتدور الأحداث ما بين قسنطينة والجزائر وغرناطة وباريس وبيروت وتونس ومدن سورية .

ومن أكثر الأعمال التي أثارت نقاشاً قبل رمضان مسلسل “الجماعة” للكاتب المصري وحيد حامد وإخراج محمد ياسين وبطولة الأردنيين إياد نصار وصبا مبارك، والسوريين جمال سليمان وعابد فهد، والمصريين عزت العلايلي وعمرو واكد وهشام سليم، ويتناول مسيرة جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها حتى اليوم .

ولا نغفل هنا مسلسل “عابد كرمان” للمخرج المصري نادر جلال، وبطولة تيم حسن وهو دراما جاسوسية، ومسلسل “أنا القدس” للمخرج باسل الخطيب وهو عمل عربي عن قضية كل العرب، القضية الفلسطينية .

ولأجل أن يتحقق الانتشار العربي لجأت الدراما العراقية لفنانين سوريين لأداء أدوار مهمة فيها بجانب العراقيين مثل مسلسل “الشيخة” بطولة رنا الأبيض، و”السيدة” بطولة منى واصف .

هذا العام سيكون فاصلاً وسيخرس كل الألسنة التي تسعى لخلق فتنة فنية عربية، ونؤكد أن الفن قاد العرب للوحدة بعد أن فشلت في ذلك السياسة والرياضة .

mhassoona15@yohoo.com

الخليج الإماراتية في

16/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)