حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الدراما والتاريخ.. والرأي الآخر

مذكرات "فوزية" شقيقة حسن البنا

كتب أحمد الطاهري

المؤكد أن «وحيد حامد» كان فى موقف لا يحسد عليه عند تصديه للكتابة عن جماعة الإخوان المسلمين خصوصاً أن ما يعرض حالياً هو الجزء الأول من العمل الدرامى الذى يتناول نشأة «الجماعة» وبالطبع تتطرق الأحداث لسيرة مؤسسها «حسن البنا».. فكم ما كتب عن شخصية «البنا» وظروف التأسيس وغيرها من كتابات اختلفت فى وجهات النظر أو تغاضت أو أسهبت فى ذكر وقائع مختلف عليها حول شخصية «حسن البنا».. فهذا الكم الهائل من الكتابات وضع «وحيد حامد» فى مفترق طرق وحثه على البحث الدءوب، وبالطبع كانت له رؤيته الخاصة فى التركيز على وقائع بعينها وإغفال أخرى قد تكون مهمة لكن لا تغير عمله الدرامى! ما يلى جزء من مذكرات عائلة البنا، كما ترويه «فوزية البنا» شقيقة «حسن البنا»، والمؤكد أنها أسهبت فى الحديث عن شقيقها وتروى حادثة اغتياله وغيرها من الوقائع والتى كانت قد كتبتها عقب عليها شقيقها «جمال البنا» بعنوان «ذكريات فوزية البنا بقلمها» والصادرة عن دار الفكر الإسلامى عام 2009.

«فوزية» كانت مطبوعة على الحياء وكانت تنفر أشد النفور من كل صور الاختلاط، وكانت نموذج المرأة «ربة البيت» وهو النموذج الذى تؤمن به وترتاح إليه، فلم تكن الأحداث السياسية لتعنيها ولكن.. هذه الأحداث فرضت نفسها عليها.. هكذا أعطى المفكر جمال البنا صورة عامة عن شقيقته فوزية الأخت الصغرى لحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وزوجة أحد الأقطاب الإخوانية الدكتور عبدالكريم منصور الذى رافق حسن البنا فى حادث الاغتيال، والتى حملت مذكراتها أبعاداً أخرى فى شخصية هذا الرجل الذى فر من مصر بعد تضييق الخناق على الإخوان إبان المواجهة مع الثورة والرئيس جمال عبدالناصر - ذاهباً إلى السعودية ومنها إلى السودان ثم عودته مرة أخرى إلى السعودية وتكونت له ثروة ضخمة ولم تنقطع صلته بالإخوان وكان يتبرع «لأحمد سيف الإسلام» عندما دخل الانتخابات بمبالغ سخية، والعديد من التفاصيل والأسرار حملها كتاب ذكريات فوزية البنا بقلمها وتعقيب جمال البنا والصادر عن دار الفكر الإسلامى.

الإخوان المسلمون كانوا جزءاً رئيسياً فى حياة فوزية البنا التى تروى ذكرياتها عن طفولتها وتقول «أذكر مرة اجتمعت جميع شعب الإخوان من البلاد وكانت إمكانيات الجمعية لا تسمح بالحجز فى الفنادق، فقرر إخوان القاهرة أن كل «أخ» يستضيف فى منزله عدداً من الضيوف بقدر إمكانياته إلى أن يتم توزيعهم جميعاً، ويبدو أن نصيبنا كان عددا أكبر لأننا كنا نعمل أكل كتير وأصناف متعددة.

وتضيف: كان الإخوان كل صباح يجتمعون فى أحد المنازل ويخرجون سوياً لنشر الدعوة وزيارة بعض الأماكن وأذكر مرة سمعنا أنهم سيذهبون إلى الهرم، فطلبنا من الشقيق عبدالباسط أن يأخذنا معهم أنا وجمال، وفعلاً أخذنا وكنا نسير فى المقدمة.. تحت العلم، وكان الشقيق عبدالباسط يقف أمام المقاهى والأماكن المزدحمة ويهتف بأعلى صوته «الله أكبر.. ولله الحمد.. جمعيات الإخوان المسلمين بالقطر المصرى تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر» ويتكلم عن الدعوة وكان يرتدى ملابس الجوالة، أما طريقة المواصلات فكانوا يركبون المواصلات العادية فلم تكن عندهم سيارات خاصة فيذهبون إلى أول محطة الترام أو الأوتوبيس ويركبون عربة أو اثنتين حسب ما يتيسر لهم، وكان معنا كرة وعند الهرم أخذنا نلعب بها أنا والشقيق جمال، وكان الشيخ الباقورى جالساً وإذا بالكرة تضرب فى جبهته وتنزل فى حوض أبو الهول.

فوزية البنا عاشت مرحلة قبل الزواج محافظة دون أن ترتدى الحجاب والتحقت بدراسة التدبير المنزلى وتروى فى مذكراتها أنها لم تكن تغادر شقة الأسرة فى سفر إلا قليلاً المرة الأولى عندما سافرت هى وجمال البنا إلى بلد «شمشيرة» عندما حدثت الغارات الجوية على القاهرة فى أوائل الحرب العالمية الثانية، وتقول: قضينا قرابة أسبوع ولم نشعر براحة وعدنا ولكن تنقلات الشقيق عبد الباسط الذى التحق بخدمة البوليس فى مختلف بلاد الجمهورية أتاح لى فرصة السفر على الأقل مرتين الأولى فى فاقوس والثانية فى الإسكندرية.

وفى كل مرة حرصت «فوزية» على التقاط الصور التذكارية وتروى قصة اثنتين منها إحداهما وهى تركب «حصان الحكومة» فى فاقوس التى كان نقل إليها «عبد الباسط البنا» والأخرى فى الإسكندرية عندما نقل عبد الباسط إليها وعين مأموراً للرمل وكانت فوزية أحضرت معها ابنة أخيها الأكبر «حسن البنا» «وفاء» والتى يقول عنها عمها جمال البنا هى جدة الآن لأكثر من عشرة كلهم يحملون الجنسية السويسرية وكان يمكن أن تكون هى نفسها سويسرية لولا أنها آثرت الاحتفاظ بجنسيتها المصرية رغم إقامتها فى جنيف من أواخر خمسينيات القرن الماضى.

«فوزية» كانت هدفاً لكل الآملين فى الزواج من شباب الإخوان باعتبارها أخت المرشد وكان أحدهم هو عبد الكريم منصور الحاصل على ليسانس الحقوق من جامعة ليون ولم يكن ميسور الحال وقتها ورفضه شقيقها «محمد» لكن حسن البنا هو الذى أتم الزواج.

تروى «فوزية» فى مذكراتها تلك الواقعة بقولها فى يوم سمعت شقيقى جمال يقول لشقيقى محمد الحاج عبد الكريم كل يوم يكلمنى ويسأل عن الموضوع الذى كلمتك عليه، فيقول له محمد مش موافقين.. بلغ كده وأنا لا أدرى على أى شىء يتكلمان ولكن «جمال» أخبرنى أن رجلاً تقدم لخطبتى وتخيلت أنا الحاج هذا رجلاا عجوزا، ولكن جمال أخبرنى أنه شاب ولكنه رجعى فقلت له يعنى إيه رجعى؟ قال متمسك بالدين ومتشدد، فقلت له طب كويس ولكن عبد الكريم تمكن من الاتصال بالمرشد ونال موافقته المبدئية وتم الزواج.

وتقلب «فوزية البنا» فى أوراقها وتفتح خزانة ذكرياتها لتصل إلى أصعب مراحل حياتها والتى اسمتها أيام «الفزع والشقاء» وكتبت تقول: صدر قرار حل جماعة الإخوان المسلمين فى 8 ديسمبر 1948 وبدأت حملة الاعتقالات بالجملة، وأول المعتقلين من العائلة كان الشقيقين «جمال»، «عبد الرحمن» وبعدهما بحوالى اسبوعين أعتقل الشقيقان الآخران «محمد» و «عبد الباسط» وسحبوا السلاح المرخص من الإمام الشهيد وقطعوا التليفون عنا وانتشر المخبرون حول المنزل لاعتقال كل من يزوره، فاتصل المرشد «حسن البنا» بالمسئولين وقال لهم أنتم عاملنى مصيدة لتعتقلوا كل من يحاول زيارتى.. اعتقلونى أنا وفى أثناء هذه المدة كان زوجى يختفى ليكتب مذكرة ببطلان الحل.

ولما علم «عبد الكريم» بذلك وأن المرشد أصبح وحيداً ظهر ليكون بجانبه فقال له دعنى يا «عبد الكريم» والله معى واذهب أنت إلى أخيك فى الصعيد فرفض أن يتركه فطلبت من زوجى السفر لكنه رفض وقال لى سأبقى مع المرشد ولو أحد حاول الاعتداء عليه فسأدافع عنه، أما والدتى فكان تعليقها تعرفى يا فوزية هم سايبين أخوكى ليه علشان يقتلوه ويعتقلوا كل من يحضر للعزاء.

وتتذكر فوزية ليلة اغتيال شقيقها الأكبر «حسن البنا» وتقول فى هذه الليلة حضر إلى منزل الإمام الشهيد شخص لا يعرفه وقال له أنت على موعد مع زكى على باشا بعد المغرب لتسوية بعض الأمور فى جمعية الشبان المسلمين، وقال له عبد الكريم بلاش تروح دول لازم مدبرين شىء قال خليك أنت أما أنا لازم أروح وأشوف حل للناس المعتقلين فى السجون ويعنى حيعملوا فيا إيه ؟ يقتلونى الأعمار بيد الله. وتمت المقابلة وصلى العشاء وخرج حوالى الساعة الثامنة وكان عبد الكريم ينتظره وعندما وصلا إلى باب الشارع لاحظ عبد الكريم أن الشارع مظلم فقال له الدنيا ضلمه ليه مع إن الساعة لسه ثمانية فقال له يا راجل الشارع نور والدنيا نور.

لم يكن هناك إلا تاكسى واحد فلما رآهم السائق على باب الجمعية ينتظرون تاكسى تحرك فأشار إليه وعندما ركبا اتجه إلى التاكسى شخصان وأطلقا عليهما الرصاص، ونزل السائق تحت المقعد فقد كان متفقا معه على ذلك وبعد أن فر الجناة قام السائق وذهب بهما إلى الإسعاف، وفى الإسعاف طلبا أن يذهبا إلى مستشفى خاص فرفض الإسعاف وحولوهما إلى قصر العينى وكان الإمام الشهيد يقول للأطباء اسعفوا عبد الكريم أولاً أنا كويس وعبد الكريم يقول اسعفوا الأستاذ الأول ولكنهم نفذوا غرضهم وتركوا عبد الكريم.

جنازة «حسن البنا» تصورها فوزية أنها خرجت من المنزل وحولها العساكر والضباط مسلحين ولم يكن فيها رجال سوى والده ووالدته وزوجته وأولاده الصغار وشقيقتى وأنا، والنساء من عادتهن النواح والندب ولكننا كنا نصرخ بالدعاء وبعد الصلاة وضعوا النعش فى السيارة الكبيرة ورأينا العربات المصفحة واقفة على جانبى الطريق والعساكر بين كل عسكرى والآخر متران إلى أن وصلنا المقبرة بالإمام الشافعى ولم يتركوه الضباط ونزلوا معه إلى داخل المدفن وتركوا عدداً كبيراً من العساكر على باب المدفن لمراقبة من يذهب لزيارته واعتقاله وفى المساء لم يحضر للعزاء سوى مكرم باشا عبيد ويومها أحد الضباط قال لنا تعرفوا إن المصفحات هذه لم تخرج بعد الحرب العالمية الثانية إلا فى هذا الحادث.

تكمل فى الصباح التالى للجنازة حصلت على إذن بزيارة زوجى بعد معاناة وعند باب المحافظة وجدنا سيارة بوليس فى انتظارنا بها ضباط وعساكر ومخبرون وساروا بنا إلى قصر العينى فوجدت زوجى فى حالة سيئة جداً ويعانى من آلام شديدة وكانت إصابته كسرا فى المرفق فى يده اليمنى وزجاجة دخلت وخرجت دون عملية تحت السرة قرب المثانة فوضعوا يده فى الجبس بطريقة مؤلمة جداً وشدوها خلفه وعند خروجى من عنده مسك بيدى وقال هاتى لى دكتور بسرعة أحسن حيموتونى والمخبرين والعساكر اللى على الباب الأوضه بيخشوا بالليل يخوفونى.

وتستمر فى السرد قائلة: الضابط أخذ منى تصريح الزيارة وقال هى مرة واحدة فقط، وكنت عرفت أن اللذين قاما بإجراء العملية للمجنى عليهما هما الدكتور عبدالله الكاتب وأحمد الزنينى ففكرت بالذهاب إلى زكى على باشا وكان وزير دولة ليتوسط لى فى موضوع الزيارة، وذهبت إلى منزل زكى باشا وبعد ألف سؤال من العسكرى اللى على باب فيللته والاتصال بالداخل سمح لى بالمقابلة وشرحت له الموضوع، وكل ما رأيته فى قصر العينى وطلبت منه التوسط للسماح بالزيارة فسألنى تعرفى اسم الدكتور الذى قام بإجراء العملية فأجبته الدكتور أحمد الزنينى، وكان يعرفه، وأعطانى كارت توصية له، وسألت عن منزله وذهبت له فرحب وقال: أنت لسه صغيرة والناس بيقولوا إن قصر العينى هم اللى موتوا أخوكى فلا تصدقوا هذا الكلام، الدكتور يؤدى اليمين بأن يكون مخلصاً فى عمله ويراعى أرواح المرضى، وإن شاء الله بكره الساعة التاسعة انتظرى فى استعلامات قصر العينى وسأحضر وأتفاهم مع مجاب بك المدير ليسمح لك بالزيارة.

وتكمل فوزية البنا: بالفعل حضر فى الميعاد وصعدت معه، لكن لم أدخل معه وسمعته يقول للمدير بانفعال لابد لها من زيارته، ويكفى أن كل الناس بيقولوا إن حسن البنا كانت إصابته طفيفة وأن الدكاترة فى قصر العينى قتلوه وقطعوا له شريانا تسبب فى الوفاة، وبعد مناقشة طويلة سمح المدير بالزيارة لى يوما بعد يوم ولم يسمحوا بزيارة أمه أو إخوته وبعد حوالى شهر طلبت الخروج من قصر العينى، وإننا سنكمل العلاج عند الدكتور أحمد المنيسى فى عيادته.

وتنتقل «فوزية البنا» إلى مرحلة ما بعد سقوط حكومة إبراهيم عبدالهادى - بداية الإفراج التدريجى عن الإخوان، وكيف بدأ زوجها عبدالكريم منصور فى إعادة ترتيب أوراقه ومعاودة مزاولة المهنة ودعمه الإخوان المسلمون وكانوا يوكلون له قضاياهم باعتباره الرجل الذى امتزج دمه بدم حسن البنا.

وكتبت عن هذه الفترة تقول: فى يوم فوجئنا بسقوط حكومة إبراهيم عبدالهادى وتبدل الحال إلى أحسن وبدأ الإفراج عن المعتقلين بالتدريج، وانقطعت زيارة الضابط كل يوم خميس، وشعرنا ببعض الحرية، وكان لابد لزوجى أن يعمل وفكر فى المحاماة، ولكن أين المكتب؟ وأين المصاريف؟ وكانت لنا جارة لها قضية صغيرة وطلبت أن يحضر لها هذه الجلسة معه أول جلسة صدر الحكم لصالحها وأعطتنا جنيه أتعابا، وفرحنا به وكان هذا الجنيه يعادل مائة جنيه فى نظرنا، ولم تمض فترة طويلة حتى اشتهر اسم عبدالكريم منصور وحضر الإخوان من الصعيد ومن بحرى ليروا الرجل الذى امتزج دمه بدم الإمام الشهيد حسن البنا، وبعضهم عندهم قضايا وطالبوه بالدفاع فيها وقدم أتعابا لا بأس بها، مما شجعنا على فتح مكتب فى شارع الأزهر ومعه السكن، وعشنا هذه الفترة الأولى.. عيشة التقشف لأننا كنا نترك معظم الأتعاب للتأثيث ونعيش بالقليل وكنا سعداء وأصبح بالمكتب عدد من المحامين تحت التمرين وكان المكتب ناجحا جدا.

وفى سنة 1954 انقلبت الثورة على الإخوان وبدأت حملة اعتقالات كبيرة لأفراد الإخوان وانتشرت المخابرات فى كل مكان وطلب أحد المعتقلين وهو القاضى عبدالقادر عودة زوجى للدفاع عنه، وكان ينظر للأمور من زاوية بعيدة ويتوقع بعض الأشياء التى كانت تستحق، فاحتار بين أن يذهب للدفاع عنه أو لا يذهب، وأخيرا ذهب إلى والدى واستشاره فى الموضوع وشرح له تخوفه، فقال له توكل على الله، واذهب لمن استجار بك ولا تتخل عنه، وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والله حافظك إن شاء الله، وكان المعتقل فى السجن الحربى فلما ذهب إليه ورآه بعض الضباط، قالوا له أنت لسه عايش على وش الدنيا، أنت حقك تكون مع عبدالقادر عودة دلوقتى، ولم يمكنوه من مقابلة الشخص الذى ذهب من أجله، فخاف وتسلل من السجن راجعا وقرر فى نفسه السفر خارج مصر، ولم يخبرنى بذلك وصادف أن كان فى هذه الأيام موسم الحج فقدم للحج وتمم كل الإجراءات دون أن يخبر أحدا بذلك، لا أنا ولا أحدا من أهلى.

وتكمل: وذهبت إلى والدتى وأخبرتها أننا سنسافر للحج فلم تصدق وقالت لى: أنت ما عندك ملابس الحج ولا حضرنا لكم شيئا فقلت لها: سألبس ملابسك، وكانت ملابسها التى حجت بها سوداء ونحن لا نهتم بالالتزام بالملابس البيضاء ونعلم أنها ليست ضرورية للحج، وسافرنا على الباخرة مصر وبعد أن أبحرت الباخرة وفتحت الشنط لآخذ بعض الملابس فوجئت بأنه وضع فيها ملابسه الإفرنجية البدل والقمصان والكرافتات ولما سألته عن ذلك، قال: ربما نحتاج إليها وصرح لى بأنه لن يعود وأنه أرسل لأخيه فى السودان أن يستخرج له ولى فيزا للدخول وأننا سنسافر إلى السودان، وحاولت إقناعه بالعودة إلى مصر ووسطت بعض الإخوان الموجودين معنا فى الحج، وحاول الجميع إقناعه ولكنه أصر على عزمه.

وذهب عبدالكريم منصور وزوجته فوزية البنا إلى السودان وعاشا هناك ثلاث سنوات كانت أيام شقاء واضطر إلى بيع الفاكهة بعدما صرف مبلغ التعويض الذى حكم به فى قضية اغتيال حسن البنا.

وتنتقل بعد ذلك فوزية البنا إلى أهم مراحل حياتها هى وزوجها عبدالكريم منصور وهى الانتقال للمملكة العربية السعودية والتى أمضوا فيها أربعين عامًا تكونت خلالها لهم ثروات ضخمة وبدأوا حياتهم هناك بالحصول على الجنسية السعودية والتى كانت أمرًا يسيرًا للإخوان فى هذه الفترة وكيف كان اسم أخيها حاضرًا هناك ويزيل أحيانًا بعض العقبات فى طريقها هى وزوجها.

ظلت «فوزية البنا» تحمل بداخلها حنقًا على الثورة وعلى الرئيس جمال عبدالناصر ويظهر ذلك جليًا فى أكثر من مقطع من مذكراتها فتجدها تتعامل أن اعتبار فلان مثلاً من أنصار عبدالناصر كأنه سُبة تنتقص من الشخص.

وتبدأ فوزية البنا بعد ذلك رحلتها مع المرض وتدخل فى غيبوبة لمدة سبعة أيام مكثت خلالها فى العناية المركزة .

وظلت نوبات المرض تلاحقها إلى أن فارقت الحياة فى أكتوبر 1997 وقد سبقها زوجها ولم يكن قد أنجبا، ويقول جمال البنا معقبًا على ثروة عبدالكريم منصور: عندما تيسرت أموره كان يشترى أراضى فاشترى فى السودان واشترى فى الفيوم وأشرف على بناء بيت الشقيقة فى المدينة المنورة التى تبرعت به لجمعية تحفيظ القرآن، وكان يكتب بعضها باسم أحد أفراد الأسرة دون أن يعلم الذى كتبت له كما حدث فى أرض السودان وكانت قطعة أرض فى جزيرة فى النيل تواجه فندق الهيلتون بالخرطوم فقد كانت لديه نية التبرع بها للأستاذ أحمد سيف الإسلام ابن الإمام الشهيد حسن البنا، ولكنه غير فكره وكتبها باسم فوزية دون أن تدرى فوزية أو سيف، وعندما تيسرت له الحال بعد ذلك كان يتبرع للأستاذ أحمد سيف الإسلام عندما دخل الانتخابات بمبالغ سخية.

روز اليوسف اليومية في

04/09/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)