حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل الكاتب أسامة أنور عكاشة

رمضان المقبل يفتقد أسامة أنور عكاشة

والشاشات العربية بلا إبداع "عميد الكتّاب"

القاهرة ـ رامي ابراهيم

غيّب الموت امس عميد كتاب الدراما العربية اسامة انور عكاشة عن 69 عاما لتفتقد شاشات التليفزيون العربية في رمضان المقبل ابداعاته للمرة الاولى منذ ثلاثة عقود، وهو المؤلف الاول الذي احرز نجومية تفوقت على الممثلين حتى باتت المسلسلات تباع لوجود اسمه عليها ويقبل عليها المشاهد.
عالجت اعماله فكرة الصراع بين المال والقيم مستخدما عددا من الافكار التي كررها مثل حالات سقوط ثروة مالية كبيرة على احد الاشخاص ليكتشف في النهاية عدم جدواها مثل مسلسل "ضمير ابله حكمت" و "سوكا واخواتها" ، وعالج فكرة الصراع على السلطة في "عصفور النار" مستفيدا من ثقافته الواسعة وناقلا الدراما التلفزيونية من عصر الى آخر حتى صارت لونا من الوان الادب المعترف به وخاصة ان الحوار الذي انطق ابطاله به كان راقيا ومحملا بمستويات عالية من البلاغة وكادت بعض اعماله ان تقترب من لغة الحكاية الاسطورية.

وأبدع أسامة في كتابة مسلسلات الأجزاء بشكل كبير، ومنها رائعته "ليالي الحلمية" التي تعلق الجمهور بأجزائها الـ5، وساهمت بشكل كبير في وضع أبطالها يحيى الفخراني وصلاح السعدني وممدوح عبد العليم، في مكانة خاصة لدى الجمهور وخاصة أنه حافظ على إيقاع الأجزاء ولم يقع في فخ التطويل والمد.

ولا ينسى الجمهور العديد من المسلسلات التي كتبها أستاذ الدراما المصرية، ومنها مسلسل "الراية البيضا"، الذي قدمته الفنانة سناء جميل وجسدت فيه دور "فاطمة المعداوي" وجميل راتب الذي جسد شخصية السفير "مفيد أبو الغار" ليوضح الصراع بين المال والثقافة، ويلقي الضوء على التغيرات التي حدثت في المجتمع ونمو طبقة اجتماعية جديدة تملك المال دون الثقافة، وبالتالي لا تقدر قيمة التاريخ، ويبقى المشهد الأخير في المسلسل ليؤكد محاولات أسامة التصدي من خلال كتابته، لكل التغيرات الدخيلة على المجتمع وملامح الفساد، بوقوف أبطال العمل الذين يمثلون الجانب المثقف، ومنهم جميل راتب وهشام سليم، في وجه قوة ونفوذ وأموال سناء جميل التي تريد هدم فيلا مفيد أبو الغار، بوقوفهم في وجه بلدوزر الأوقاف.

كتابات أسامة للدراما التلفزيونية تعد بمثابة أعمال بارزة يحفظها الجمهور، ويلقي من خلالها الضوء على محاولات البعض التمسك بمبادئهم وقيمهم الأصيلة في مواجهة التغيرات التي تحدث في المجتمع وتتسبب في فساده، ومنها "ريش على مفيش"، و"عصفور النار"، و"رحلة أبو العلا البشري"، و"ضمير أبله حكمت" عام 1991، الذي نجح وقتها أسامة في إقناع فاتن حمامة بالوقوف أول مرة أمام كاميرا التلفزيون، حيث جسدت دور حكمت ناظرة مدرسة للبنات، وأيضا مسلسل "امرأة من زمن الحب"، و"أميرة في عابدين" بطولة سميرة أحمد، و"المصراوية"، وغيرها من الأعمال.

وجاءت الوفاة بعد صراع مرير مع المرض. وكان أدخل إلى مستشفى وادي النيل منذ أيام بسبب الأزمة الصحية التي ألمت به، وكان الرئيس المصري حسني مبارك أمر له بتوفير كل ما يلزم من علاج وإمكانيات على نفقة الدولة، علما بأن آخر نكسة صحية ألمت به كانت منذ ثلاث سنوات حين خضع لعملية جراحية في الكلية اليمنى، وهو من مواليد 1941 في مدينة طنطا محافظة الغربية وتخرج من كلية الآداب العام 1962.

ومن أهم المسرحيات التي قدمها عكاشة مسرحية "ولاد الذين" بطولة الفنان محمود الجندى ومنة شلبي وياسر فرج وتامر عبد المنعم. وتدور أحداثها حول الطبقة الفاسدة التي تتمتع بالنفوذ والسلطة ويطلق عليها اسم مارينا، التي تتاجر بكل شيء لتحقيق مصالحها الشخصية، اضافة إلى ذلك يتناول العرض مشكلات البطالة والرشوة الجنسية واغتيال الحرية. كما قدم مسرحيات أخرى عدة منها "الليلة 14"، و"في عز الضهر"، و"الناس اللي في التالت".

الشرق في

29/05/2010

 

من الرواية إلى الدراما

مهاب نصر 

كما بدا نجيب محفوظ مؤرخا وناقدا للتاريخ المصري الحديث الذي أعقب ثورة 19، في أعماله الروائية مجسداً من خلال ثلاثيته الروائية الشهيرة، رحلة الحياة المصرية عبر رواية «الأجيال» التي عرفت من قبل في أعمال الكلاسكيين الأوروبيين، ومعبرا ً عن ذلك من خلال تفكك الطبقة المتوسطة وصراعها الداخلي السياسي الذي افضى في النهاية الى شكلين متباينين: الاسلامي واليساري، جاء اسامة انور عكاشة بزخم هذا العالم الروائي ذاته (هو نفسه بدأ حياته كاتباً قصصياً)، ولكن ليضعه لأول مرة في خدمة الدراما، وليفتتح بذلك تاريخاً مختلفاً للدراما.

فأعماله مثل «الشهد والدموع» و«ليالي الحلمية»، كانت تخلي شوارع المدن او تكاد من المارة حين اذاعتها، ليقرأ المصريون حياتهم لأول مرة على الشاشة بصورة بعيدة عن المبالغات العاطفية، والمطاردات البوليسية ومسلسلات الملل الرتيب ليجعل من الدراما التلفزيونية عملاً عميقاً دسماً ناقداً مؤرخاً بواقعية وبحوار اخاذ لطبقات المجتمع وصراعاته ايضاً من خلال دراما «الأجيال».

ولم يتوقف الصراع عنده كما عند نجيب محفوظ على ابن المدينة البرجوازي، بل كان الصراع «في ليالي الحلمية» بين ابناء الطبقة المتوسطة ذات الاصول الريفية التي يمثلها «العمدة غانم»، والأخرى سليلة تجار المدن التي يمثلها «سليم باشا»، كما جسد العمال وتفتح وعيهم السياسي وطبقات الرعاع من امثال «بسة» وصديقه اللذين كانا يجمعان اعقاب السجائر واللذين استغلا سياسة الانفتاح في السبعينات والثمانينات وانتشار الفساد ليصبحا من اصحاب الملايين متقلبين على كل لون حتى اللون الأصولي بلا ولاء ولا انتماء.

الرمز الحضاري جاء ايضاً في حسن ارابسك، الذي يجسد الصانع والحرفي الفنان سليل العمارة والزخرف الاسلامي الذي يجد نفسه مطالبا مع الاغنياء الجدد بالتحول الى مجرد نجار، متحدياً بثقافته التي انحدرت من مجتمع غني بافكاره وقيمه التقليدية وليس من الكتب، حائراً بين اصالة ضائعة وحداثة ينخر فيها الفساد.

كان عكاشة مأخوذا بالاسكندرية وكتب الكثير من الاعمال الدرامية التي تقع احداثها فيها، مثل «النوة» «زيزينيا» و«الراية البيضا»، وفي الأخيرة يبدو الصراع بين دبلوماسي متقاعد يملك فيللا ذات طابع فريد وبين «المعلمة فضة)» تاجرة الاسماك بنت البلد التي تتحكم في الرجال بقوة وحزم الفتوة والتاجر الحاذق، ومن خلال هذا الصراع من اجل الاستيلاء على الفيللا ينكشف مجتمع كامل باحلامه المزهقة وتحولاته العميقة، من ثقافة الجمال والتمتع الى ثقافة البذخ الجاهل والامتلاك، ومن الادب الارستقراطي الرصين الى الفتوة والعنف في حياة غاب عنها القانون.

ظل عكاشة دؤوبا في قراءة المجتمع رغم اخفاقه احيانا ووقوعه في التكرار او في الارتكاز على انماط مبالغ في فرديتها واصالتها تناضل من اجل التغيير، ولم يخل ذلك من هدف سياسي وتوجيهي وهو ما دفعه لخوض معارك جانبية مع الاسلاميين، خاصة لآرائه حول التاريخ الاسلامي وبالذات شخصية عمرو بن العاص.

مع هذا يبقى اسامة انور عكاشة، ليس فقط صاحب بصمة في عالم الدراما، لكن علامة فاصلة في تاريخها وقدرتها على ملاحقة الواقع بما يضاهي ارقى الأعمال الأدبية.

الشرق في

29/05/2010

 

غيـــاب سيــــد الدرامــــا العربيــــــــــة

بغداد – موفق مكي 

لم يتوصل أي من كتاب الدراما المصريين، من الوصول الى اعماق المجتمع المصري وطبقاته الكادحة، كما توصل اسامة انور عكاشة، ذلك الكاتب الذي اطل على الصراعات والتطورات التي حدثت لذلك المجتمع في تاريخه المعاصر، وبسط امام المشاهد العربي احداثاً يومية، تكاد ان تؤرخ النسيج الشعبي المصري.

عرف عن الكاتب ميوله الناصرية في وقت المكاسب التي اتى بها نظام 23 يوليو في بدايته، ولكنه غير اتجاهه السياسي، ليحوله الى الشعب المصري وآلامه الضاربة في عمق التاريخ. حتى آخر اعماله الدرامية، لم يتخل عكاشة عن اهتمامه الكبير بتفاصيل شعبه، وقصص كفاحه اليومية، ما جعل مسلسلاته موضع انشداد لجمهور الدراما العربية، التي استطاع عكاشة ان يجعلها تنافس مباريات كرة القدم، في بلد يهيم جنونا بتلك اللعبة.الراية البيضا، وقال البحر، عصفور النار، الشهد والدموع، والملحمة الكبيرة ليالي الحلمية، تلك اسماء مسلسلاته التي لم تخرج من ذاكرة المشاهد العربي، والكثير غيرها مما تفنن عكاشة في البحث داخلها عن لحظات الانسان المصري المكافح، وطول معاناته وحياته المريرة عبر التاريخ.

وبرغم عدم وجود ممثل رسمي عن الدولة، التف حول نعش الكاتب، ابطال مسلسلاته المفضلون، يحيى الفخراني، سامح الصريطي، وحيد حامد، محمد العدل، جلال الشرقاوي، محمود ياسين، وعدد من الكتاب منهم يوسف العقيد، فضلا عن عدد كبير من محبي عميد الدراما التلفازية.

وقد شكل رحيل الكاتب اسامة انور عكاشة صدمة لمحبيه من الفنانين الذين عملوا معه طوال فترة 4 عقود، ما جعلهم صامتين امام وسائل الاعلام، رافضين الحديث في تلك الساعات الحزينة من حياة الدراما العربية.

علق الكاتب محفوظ عبدالرحمن، صديق عمر الكاتب، (ان القدر كان اسرع من ابداعات عكاشة، اذ كانت لديه العديد من المشاريع التي كان ينوي تقديمها).

فيما توارى صوت الفنان صلاح السعدني حزنا، وهو يقول ان هذا ثالث خبر حزين يهزني هذا الاسبوع، فبعد وفاة شقيقي، ووفاة الفنان عبدالله الفرغلي، ها هو اقسى الاخبار يبلغنا وفاة عكاشة. وقف صديق عكاشة في الحياة والعمل، المخرج اسماعيل عبدالحافظ والحزن يغطي كيانه، معبرا: (خسرت اليوم توأم روحي وصديق عمري كما خسرت الدراما احد الذين اخلصوا لها طوال عمرهم.

كان اسامة يحاول ان يعكس حياة البسطاء من المجتمع المصري من خلال اعماله).

واعتبر الكاتب يوسف العقيد، ان عكاشة يعد مؤسس الدراما التلفازية الحديثة، وقد قرب بين الادب والدراما وظل طول عمره مهموماً بقضايا المصريين، ويعبر عنها من خلال كتاباته).

محمود ياسين يرى ان الدراما العربية خسرت بوفاة عكاشة استاذاً وضع قواعد الدراما ليسير عليها من بعده من الكتاب، آثار الحكيم، الهام شاهين، والكثير من الفنانين عبروا عن صدمتهم وحزنهم لفقدان هذا الكاتب الفذ، الذي جعل من الدراما العربية مادة ثقافية تاريخية، وليس مادة للتسلية اليومية البسيطة.

الصباح العراقية في

29/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)