حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ملف خاص عن فيلم داود عبدالسيد الجديد "رسائل البحر"

دعوة جادة للمصالحة مع النفس

رسائل البحر.. أول فيلم يناقش قضية «صعوبة الكلام»

القاهرة - عبدالغني عبدالرازق

استقبلت دور العرض السينمائية منذ أيام فيلم «رسائل البحر» الذي يعود به المخرج الكبير داود عبدالسيد بعد فترة غياب طويلة دامت لأكثر من خمس سنوات, حيث كان آخر أفلامه فيلم «مواطن ومخبر وحرامي» الذي قام ببطولته شعبان عبدالرحيم وخالد أبوالنجا, ولكن الفيلم وقتها لم يحقق النجاح المتوقع. أما فيلم «رسائل البحر» فقد أسند داود عبدالسيد البطولة فيه للممثل آسر ياسين, وهي أول بطولة مطلقة له بعد فيلم «الوعد» الذي قدمه مع المطربة روبي.

تدور قصة الفيلم حول مشكلة الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في الكلام, وبسبب ذلك ينعزلون عن المجتمع, فينشأ الشخص انطوائيا ليس له علاقة بغيره بسبب الخوف من رد فعل الطرف الآخر عندما يعلم أنه يعاني مشكلة في الكلام, وقد سبق للسينما المصرية أن تناولت الشخصية التي تعاني من مشاكل في الكلام في العديد من الأفلام السينمائية مثل فيلم «لوكاندة المفاجآت» حيث كان الراحل محمد توفيق يقوم فيه بدور شخص يعاني صعوبة في الكلام وكذلك فيلم «سمكة وأربع قروش» حيث قدم فيه الراحل علاء ولي الدين دور لص يعاني صعوبة في الكلام, ولكن يجب ملاحظة شيء مهم هو أن هذه الأفلام تناولت هذه الشخصية من منظور كوميدي فقط, فلم تكن تهتم بالمشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأشخاص.

ولكن فيلم «رسائل البحر» يناقش هذه المشكلة بشكل تراجيدي جاد, حيث تدور قصته حول يحيى (آسر ياسين) الذي يعاني صعوبة في الكلام, وبسبب ذلك فهو يفضل الابتعاد عن الناس لأن البعض منهم يسخر منه, ولكنه رغم ذلك كان متفوقا في دراسته, فدرس في كلية الطب وكان من المفترض أن يعمل طبيبا بعد أن ينهي دراسته, ولكن عندما عمل طبيبا كان جميع زملائه يسخرون منه حتى الممرضات, وكان ذلك بسبب الطريقة التي يتكلم بها, وبسبب ذلك ترك مهنة الطب وقرر أن يعمل في مهنة لا يوجد بها كلام أو تعامل مع الناس, فقرر أن يعمل صيادا ويبع السمك الذي يصطاده حتى يجد دخلا ينفق منه على نفسه بعد أن ترك مهنة الطب, وقد أصيب بعقدة نفسية بسبب ذلك. فيقول في أحد المشاهد لقابيل (محمد لطفي) الذي تعرف عليه في إحدى الخمارات إنه كان يحلم بأن يكون في نفس قوته وأن يتكلم بطريقة طبيعية, ولكن يكتشف بعد ذلك أن قابيل سيجري جراحة دقيقة في المخ وأنه معرض لأن يفقد ذاكرته, في إشارة إلى أنه لا يوجد شخص كامل, وأنه لا بد لأي إنسان أن يرضى بقدره, فالكمال لله وحده.

بعد ذلك يتقابل يحيى مع نورا (بسمة) التي تعمل فتاة ليل فيدخل معها في علاقة غير شرعية فيقع في حبها بعد ذلك وحتى بعد أن يكتشف أنها تعمل فتاة ليل, حيث تقنعه بأن هذه هي حقيقتها, والواقع الذي تعيشه. فتحضر له بعد ذلك هدية عبارة عن أسطوانة موسيقية فيزداد تعلقه بها, ويقرر الزواج منها, ولكنها ترفض لأنها حامل فتجهض نفسها ويتزوجها بعد ذلك.

سر الرسالة المجهولة

أثناء صيد يحيى للسمك يعثر على زجاجة يجد بداخلها ورقة مكتوبا فيها رسالة تشبه اللغة اللاتينية فلا يستطيع أن يفك شفرتها رغم أنه يعرف لغات كثيرة فيعرضها على مجموعة من الأجانب فلا يستطيع أحد أن يفك شفرتها, لأن اللغة المكتوبة بها الرسالة لا يعرفها أحد, ولذلك في نهاية الفيلم يقول إنه كان يريد أن يعرف سر هذه الرسالة فتقول له نورا (بسمة): إنها يمكن أن تكون رسالة من بحار لزوجته, أو من تاجر, أو من أي شخص, ولكن الشيء المهم أنها رسالة من البحر.

الخطأ الذي وقع فيه داود عبدالسيد

طرح فيلم رسائل البحر مشكلة الأشخاص الذين يعانون من مشكلة الصعوبة في الكلام وهي مشكلة موجودة بالفعل في المجتمع المصري وجميع دول العالم, والدليل على ذلك مراكز التخاطب التي تمتلئ بالمرضى, ولذلك فهذا الفيلم يعتبر من أفضل أفلام داود عبدالسيد, ولكن الذي عاب الفيلم كثرة المشاهد الساخنة التي تم إقحامها فيه, إضافة إلى شيء مهم هو أن الفيلم تضمن كما كبيرا من الألفاظ الخادشة للحياء, فمثلا في أحد المشاهد التي تضمنها الفيلم بين بسمة وآسر ياسين, عندما يكتشف أنها فتاة ليل يقول لها إنها مومس وإنها تبيع جسدها مقابل المال, ثم يسألها عن الأجر الذي تحصل عليه من كل رجل, وهل تكسب من هذه المهنة أم لا؟ كما أخطأ داود عبدالسيد عندما تطرق إلى تفاصيل حياة نورا, فقضية الفيلم الأساسية هي المشكلة التي يعاني منها يحيى بطل الفيلم, فلم يكن هناك مبرر درامي للدخول في تفاصيل حياة نورا وأنها تحب مهنتها, وبجانب ذلك تضمن الفيلم مشهدا يجمع بين ابنة السيدة الإيطالية التي تسكن مع يحيى في نفس العمارة وصديقتها, في إشارة إلى العلاقة المثلية التي تجمع بينهما, وهو مشهد تم إقحامه في الفيلم, فلو تم حذفه لما تأثرت أحداث الفيلم.

مبالغة في الأحداث

في أحد المشاهد يقول شخص لبسمة إنه على استعداد لأن يدفع لها الأموال التي تريدها لكي لا تبيع جسدها, فتقول له إنها لا تبيع جسدها من أجل المال فقط, ولكن من أجل أن تقضي وقتها, فيكتشف المتفرج بعد ذلك أنها الزوجة الثانية لهذا الرجل, وذلك عندما يقول لها أنت زوجة شريفة ولا يصح أن تبيعي جسدك, وهي مبالغة غير منطقية, فلا يعقل أن يعلم زوج أن زوجته تخونه ويتركها, حتى إن كانت الزوجة الثانية, ولا يريد أن يكون له أولاد منها.

عناصر تستحق الإشادة

رغم أن الفيلم تضمن مشاهد وألفاظا خادشة للحياء أفسدت القضية التي يطرحها الفيلم, فإن ذلك لا يمنع من أن هناك عناصر تستحق الإشادة, فقد جاء الفيلم من الناحية الإخراجية متميزا جدا, حيث ظهرت قيادة المخرج داود عبدالسيد للممثلين, فكان كل ممثل في الدور المناسب له, أما الشيء الذي يحسب فعلا لداود عبدالسيد فهو أنه ناقش هذه المشكلة بشكل جاد, كما نجح في إظهار العلاقة بين يحيى وجارته الإيطالية, حتى إنها كانت تعامله مثل ابنها, وهذا الذي يجب أن يحدث في جميع دول العالم, فيجب أن نتعامل باحترام مع الآخر مهما كانت ديانته أو جنسيته.

أما أداء الممثلين في الفيلم فكان أكثر من رائع, حيث كان أداء آسر ياسين متميزا جدا, فقد أقنع المتفرج بأنه فعلا شخص مريض يعاني من صعوبة في الكلام, كذلك أدت بسمة دور نورا بشكل متميز, أما مي كساب فرغم أن دورها كان صغير جدا فإنه كان متميزا, كما أنها استطاعت إضحاك الجمهور في صالة العرض, كذلك كان دورا محمد لطفي وصلاح عبدالله جيدين جدا, وكل منهما أدى الدور بشكل متميز.

العرب القطرية في

24/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)