حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ملف خاص عن فيلم داود عبدالسيد الجديد "رسائل البحر"

"رسائل البحر" لداود عبدالسيد..

شاعريـــة سيـنمـا المـؤلــف

هشام بن الشاوي

بكثير من الشجن والشاعرية والبراءة المفتقدة، يرصد المخرج المصري داود عبد السيد في فيلمه الجديد"رسائل البحر" (بطولة آسر ياسين، بسمة، محمد لطفي ومي كساب) التحولات العاصفة بمدينة كوزموبوليتية كالإسكندرية، مكانًا وأناسًا..

من خلال ثلاثة نماذج تكابد الاغتراب : يحيى (آسر ياسين) الطبيب الشاب الذي ينحدر من طبقة ارستقراطية، التي ستنهار أمام غول الانفتاح الاقتصادي وصعود طبقة  محدثي النعمة، متمثلة في الحاج هاشم (صلاح عبد الله). فنرى الأخ الأكبر ليحيى يهاجر إلى أمريكا، وكان  يحيى خيبته الكبرى، فهو دكتور مع إيقاف التنفيذ.. إذ بسبب التأتأة يضطر أن يترك الطب، لأنه كان مثار سخرية المرضى وزملائه الأطباء، ويحترف صيد السمك..

أما نورا (بسمة) في أجمل وأرق  وأرقى أداء لدور المومس في السينما العربية، والبودي غارد أمين (محمد لطفي)، والذي استطاع المخرج أن يحرره من الدور النمطي الذي سجن فيه، دور الممثل الثانوي الكوميدي، فقدمه بشكل مغاير، رغم ضيق حيزه.

من خلال المشاهد الأولى للفيلم، يدرك المشاهد أنه أمام  سينما الحنين والنوستالجيا، أمام عمل إبداعي  ينتمي إلى سينما المؤلف، وهو ما تشي به الموسيقى التصويرية، تفرد الصورة/المشهد -  والتي ستبلغ ذروتها في مشاهد الليل الممطر والعواصف البحرية-، وكذلك الألوان الشاحبة التي تتلائم والمناخ النوستالجي، بكل شفافيته وشجنه.

من خلال بدايات الفيلم، نلمس حيرة المؤلف داود عبد السيد وتشتته أمام تدفق الذكريات، مما أغرق الفيلم في نوع من التمطيط، وفقدان السيطرة على خيوط "الحكاية"، ويمكن اعتبار البداية الحقيقية للفيلم،  حين تعرف  يحيى على أمين، حيث سيصطحبه إلى غرفته السطحية، بعد أن أغمي عليه من فرط شربه. ثم إلقاء القبض عليه، بعد أن ابتهج بمعزوفة بيانو، وبدأ يصفق، ويفرج عنه الضابط،  لأنه من أسرة  ارستقراطية، ويواظب على الاستماع إلى تلك الموسيقى  المنبعثة من نافذة مضاءة، في كل ليلة، دون أن يرى العازف أو العازفة، ويلتقي نورا، وهو يتمشى ليلا تحت المطر، فتدعوه للاحتماء بمظلتها من المطر..

في بيته، تتصرف نورا كعاهرة، لكنه يبدو  غريب الأطوار، ساذجا، مبالغا في رقته وبراءته، يخبرها بوجود غرفة أخرى، وحين تقتحم فراشه،  يصارحها أنه لا يملك المال، يخرج من جيبه عشرينا جنيها، يسألها كم تحتاج، ويقترح عليها أن تأخذ عشرة جنيهات، والباقي سمكا. نفس الجمود العاطفي سيصادفه مع صديقته وجارته الإيطالية الشابة كارلا، هذه الشخصية التي  يبدو أن عبد السيد لم يبتكرها إلا من أجل  الحديث عن الشذوذ الجنسي (الساحق)، وبشكل سطحي، دون تشريح هذه الظاهرة، والتي تزداد استفحالا، يوما بعد يوم..

أما الحدث الأغرب وربما السريالي، فهو عثور يحيى على رسالة داخل زجاجة، ولا يعرف اللغة التي كتبت بها، رغم استعانته بالأجانب  المقيمين بالإسكندرية. وسنتساءل عن جدوى هذا الحدث، والذي يحمل الفيلم اسمه، وما علاقة الأحداث برسالة البحر؟ في اللقاء الثاني مع نورا، يرفض  معاشرتها، حتى لا يستغلها، لأن لا مال معه، أما هي فتنجذب إليه، لأنه مختلف عن بقية الرجال.

هكذا سيلعب الحب لعبته، وفي احتفال ليلة رأس السنة الميلادية،  تغادر معتذرة بأنها على موعد مع زبون، يعرض عليها المال لكي تبقى معه، فترحل  منفعلة، قائلة بأنه لا يفهم شيئا، فعلاقتها به ليست من أجل المال، وحين تركت الهدية في الخارج، يتم الاعتداء عليه من طرف الشرطة، معتقدين أنه سارق الجهاز، ويتمنى أن يكون بنفس قوة صديقه أمين، بشكله المخيف وضخامته، التي يعتبرها -أمين- سبب تعاسته ونفور/ خوف الآخرين منه، كما أن لا أحد يشغله، ولا عمل متاح له سوى كـ"بودي غارد"، ولا أحد يرى ذلك الطفل المسالم، الرافض للعنف، المختبئ خلف مظهره القاسي. تتطور العلاقة بين نورا ويحيى، فترفض الزواج به،  لأن عدة رجال يعرفون تفاصيل جسدها، فتختار أن تجهض نفسها..

تسقط جنينها منه لكي تنساه وتقطع صلتها به، وفي مشهد موازٍ نرى  أمين يستعد لإجراء عملية جراحية في الدماغ، لكنه يهرب من غرفة العمليات، بعد أن علم بأنه سيفقد الذاكرة، وسينسى كل شيء، ويقنعه يحيى بضرورة إجراء العملية حتى لا يموت، ويلجأ إلى سرد ذكرياته لصديقته بيسة (مي كساب).

أما الرسالة فتبقى غامضة بالنسبة ليحيى، بسبب لغتها غير المعروفة، فهي قد  تكون صلاة راهب أو قصيدة غزل أو رسالة بحار إلى أهله، لكن المؤكد "أنها رسالة من البحر إليك"، كما تقول له  نورا، وهما في المشهد الأخير، على مركب وسط البحر، المغرق في تفاؤله، رغم كل الخسائر. لقد استطاع داود عبد السيد، ومن خلال ثلاث شخصيات موغلة في شاعريتها وإنسانيتها، وهو المقل في أعماله المسكونة بهواجسها الجمالية، أن يبث - عبر رسالة الفيلم- أبجديات خوفه على ذاكرته/ذاكرتنا من التلف والعطب في زمن الاغتراب والاختلالات، حتى لا نضطر إلى كتابة رسائل قد لا يفهمها الآخرون.

المدى العراقية في

24/02/2010

 

نبيهة لطفي .. والتمثيل بعد السبعين:

اعتقدت أن داود عبدالسيد "بيهزر" عندما طلبني للعمل معه

"رسائل البحر" فيلم إنساني .. وسعدت بالعمل مع الشباب

حسام حافظ

الذين شاهدوا فيلم "رسائل البحر" للمخرج داود عبدالسيد. لفت نظرهم الممثلة التي قامت بدور "فرنشيسكا" الجارة الايطالية العجوز التي تسكن بالدور الأرضي في عمارة الاسكندرية. إنها مخرجة الأفلام التسجيلية المعروفة نبيهة لطفي التي اتجهت للتمثيل مؤخرا في سابقة لم تحدث من قبل في السينما المصرية. "التمثيل بعد السبعين" جاء يحمل كل خبرات الحياة ليكثفها في دقائق معدودة علي الشاشة.

نبيهة لطفي ليست غريبة علي السينمائيين في مصر. فكل من ذهب الي مركز الثقافة السينمائية بشارع شريف استطاع أن يجلس إليها ويتحدث معها. جاءت من لبنان في الخمسينيات. عاشت في مصر وتزوجت وأنجبت واختارت الجنسية مصرية. ويكاد دور "فرنشيسكا" يشبه بعضا من حياة نبيهة لطفي. ولكنها مازالت تعيش بيننا في مصر ولم تعد لموطنها الأصلي.

·         التمثيل بعد كل هذه السنوات في السينما.. هل هو تغيير لمسارك الفني؟

** تضحك نبيهة لطفي وتقول: هل ينفع أغيّر حياتي في هذا العمر..؟ أنا مخرجة أفلام تسجيلية وسوف أظل. وليس لي علاقة بالتمثيل.. لكني عملت مثل كل الممثلات الشابات اللاتي يبدأن السلم من أوله. قمت بدور صامت في فيلم "عين شمس" للمخرج إبراهيم البطوط. ثم حصلت علي أول فرصة في دور ناطق مع المخرج داود عبدالسيد وهكذا. أنا مازلت في بداية الطريق!

·         كيف كان ترشيحك للعمل في فيلم "رسائل البحر"؟

** أعرف المخرج داود عبدالسيد منذ كان طالبا في معهد السينما في الستينيات. وعندما حدثني في التليفون عن دور في فيلمه الجديد. اعتقدت في البداية إنه لا يهزر معي. لكنه أكد لي إنه "بيتكلم جدا" وأرسل السيناريو لكي أقرأه. وعجبني دور فرنشيسكا جدا. لأنه إنساني حقيقي والموقف كله في الفيلم إنساني أيضا. ومن ناحية ثانية أنا حسيت بموضوع الفيلم كله. ياما ناس في الدنيا كانت جميلة وعظيمة جاءوا وذهبوا ولم يسمع بهم أحد. ناس ارتبطت بمصر وأحبوها وعاشوا عمرهم فيها جعلوا الحياة فيها أجمل وقدموا المثل علي التسامح والمحبة والتعددية. لأن مصر في الأساس تضم الكثير من البشر. مهما كان اختلافهم والجميع ينصهر في هذا الكيان الكبير.

·         ما الذي أعجبك في تجربة التمثيل بشكل عام؟

** تقول نبيهة لطفي: التمثيل مهنة شاقة لكن رائعة. تجعل الانسان يعيش أحاسيس مختلفة تماما عن حياته التقليدية المعتادة. إلي جانب إني عملت مع مجموعة رائعة. آسر ياسين وبسمة وسامية أسعد التي قامت بدور ابنتي "كارلا". جميعهم شباب حلوين في التمثيل وبني آدمين حلوين أيضا استمتعت بالعمل معهم. بالاضافة إلي المخرج داود عبدالسيد الذي يدير العمل بأسلوب جميل ومريح. ويجعل كل العاملين في البلاتوه أصدقاءه وكأننا في رحلة جميلة للترفيه وليس للعمل.

·         طالما أعجبتك التجربة.. هل تكررين العمل كممثلة؟

** تضحك وتقول: مش كل مرة تسلم الجرة. خاصة إني مشغولة الفترة القادمة بفيلم تسجيلي أقوم باخراجه عن حياة وأعمال "شادي عبدالسلام" وهو صديقي وأستاذي وعملت معه في مركز الفيلم التجريبي. ويشاركني العمل في هذا الفيلم مجموعة رائعة من تلاميذه صلاح مرعي ورحمة منتصر ومجدي عبدالرحمن ويدير تصويره محسن أحمد. وبمجرد عودتي من مهرجان برلين سنبدأ العمل.

·         أنت تسافرين إلي ألمانيا كل عام تقريباً.. لماذا؟

** تقول: لأن ابني ياسر يعمل ويعيش هناك. وأنا أجدها فرصة سنوية لمشاهدة عروض مهرجان برلين وزيارة ابني أيضا.

الجمهورية المصرية في

24/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)