حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ـ 2009

Marrakech

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

'القلب الجيد' فيلم إنساني بمواصفات سينمائية عالية

مراكش ـ من عبد الغني بلوط

في ساعة و38 دقيقة، قدم المخرج الإيسلندي الشاب داكوري كاري، ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، نموذجا جميلا لأفلام المؤلف الناجحة التي استأثرت باهتمام النقاد والمتتبعين والجمهور الواسع الذي تحدث عنه طويلا بعد انتهاء عرضه. وقدم المخرج في فيلمه الذي حمل عنوان 'القلب الجيد'(2009) قصة إنسانية رائعة، ولغة سينمائية مبسطة، فيما كتب السيناريو بحبكة متقنة تضمن دلالات إنسانية واجتماعية واضحة، وبذلك استمر في نهجه الذي سلكه في أفلامه الثلاثة السابقة فيليليوس(2001)، ونوي البينوي (2003)، والحصان الأسود(2005). واستعمل كاري في فيلم 'القلب الجيد' الذي صور في الولايات المتحدة الأمريكية تقنيات عالية في التصوير والموسيقى التصويرية تجعل المتلقي يعيش حالات متأثرة جدا تصل في بعض الأحيان إلى 'الضحك من القلب'، ومرة أخرى إلى 'ذرف الدموع من القلب' مرورا بحالات متباينة استعمل فيها لغة فلسفية جميلة تعطي للمتلقي الفرصة لطرح التساؤل حول تصرفاته مقارنة مع مبادئه، فيما خلا الفيلم من أي لقطات صادمة للجمهور ومنه الناشئ الذي تتبعه بشغف كبير. واستعمل المخرج الإضاءة الخافتة والموسيقى بشكل متفوق، إذ اختار الألوان الغامقة، مضافة إلى اللون الأبيض، أعطتها للمشاهد الجمالية الموجودة في تقنيات التصوير الفوتوغرافي 'أسود وأبيض'، في لقطات مقربة جدا من وجوه الشخصيات تظهر المكامن الداخلية لهم في تناسق مع المحيط.

واختار المخرج أن تدور جل أحداث الفيلم في حانة ضيقة لا تتسع لأكثر من 13 فردا، لا يرحل عنها إلا لإضافة تفاصيل جديدة، ويحكي الفيلم الذي حظي بتصفيق منقطع النظير بقاعة قصر المؤتمرات، عن الشاب لوكاس الذي يمر بمرحلة صعبة وبدون مأوى إلى أن يلتقي بجاك في عقده السابع صاحب الحانة منهك القوى ومريض بالقلب، فيرعاه هذا الأخير ويحاول تعليمه صنعة النادل، وكيف يسبق رغبات زبائنه الذي يبرز المخرج حالاتهم الاجتماعية والنفسية وهم من الطبقة الفقيرة الذي يحاول كل واحد إفراغ همومه في المجيء إليها دون جدوى. وفي لحظات الفيلم يبرز المخرج الفروق بين شخصيتين لوكاس الشاب وجاك والمتقدم في السن بفلسفتين في الحياة متباينتين تقويها ظهور شابة جميلة بدون مأوى أيضا، إلى أن يشعر الطبيب جاك أن قلبه تلف ويجب استبداله بواحد جديد لن يكون غير قلب لوكاس الذي يتعرض لحادث سير وهو خارج من مقر عمله يبحث عن بطة كان جاك قد اشتراها لذبحها وأجل ذلك، وتعتبر لقطة نقل قلب الشاب لوكاس المتوفى في حادث السير وزرعه في صدر جاك دون علمه أقوى اللحظات في الفيلم محت الخط الفاصل بين الصحة والمرض بين الشباب والشيخوخة، بين الأمل واليأس، بين القديم والجديد، بين المألوف والغريب.

وقدم المخرج الأمريكي كاري 'مؤسسة الأسرة' في صورتها التقليدية الجميلة، إذ اختار 'تزويج' الشاب والشابة من أول لقاء بينهما دون أن يسعى إلى استغلال علاقتهما في تقديم مشاهد الفراش، والذي يسعى بعض المخرجين الاخرين إقحامها عنوة دون حاجة فنية، كما قدم جاك ذلك الولهان الذي لا يستطيع السفرالى من يريد الزواج منها، لكنه يبقى ملتزما بعدم لقاء امرأة أخرى طيلة 'قرن' كما جاء في سيناريو الفيلم.

واستطاع الممثل المقتدر المخضرم الاسكتلندي بريان كوكس (جاك) أن يعطي قوة للفيلم بتعبيرات وجهه وبقـــــدرته من الانتقال من حالة نفسية إلى حــــالة اخرى بيسر كبـير، مظهرا كيف يستمر الإنسان وإن شاخ في حاجة إلى ملء فراغاته العاطفية والجنســـــية والاجتماعية، في مقابل تمسكه بالحياة إلى آ خر لحظة،و كيف يفقد الإنسان براءة الطفـــــــولة مع تقدمه في السن ويصبح قاسيا على من حوله، قبل أن يظهر عند حصول النكبات، ذلك الوجه المشرق في النفس البشرية، وقد بدا جاك طيـــلة الفيلم في حالة توتر، وأضيف إلى ذلك له هدوء الممثل الشاب (بول دانو 25 سنة، وهذا هو العمل الـ17 له منذ بدء التمثيل عن سن 16 في ســنة 2000) الذي برع في تقـــــديم صورة الفتى بدون مأوى، الملتزم اللطيف الودود المؤمن بالمبادئ الإنسانية النبيــلة قبل أن تقسو عليه الحيــاة فيبدأ يقســـو على الجميع، ثم الممثلة الشـابة أيسيلد دي بيسكو (أبريل) التي أعطت ظهورها في الفيلم نفسا جـديدا له، دون أن تسقط في الابتذال.

القدس العربي في

19/12/2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)