حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الثالث

MEIFF

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

المشاهد الصامتة أهم ما في الفيلم

"الليل الطويل" رؤية فنية لوضع استثنائي

أبوظبي- حسين الجمو

رغم قلة الانتاج السينمائي السوري، او حتى ربما كما يقول معظم المعنيين بهذا الشأن من الوسط الفن السوري، انه لا توجد سينما سورية حتى الآن، فإن للفيلم السوري وجوده في المهرجانات، ويحقق وظيفة الحضور بشكل جيد، وهو ما فعله فيلم “الليل الطويل” للمخرج حاتم علي الذي عرض أول أمس في المهرجان ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة .

يناقش الفيلم مرحلة طويلة من تاريخ سوريا على مدى ثلاثين عاما من وضع استثنائي عانى منه البلد سياسيا، وجسدها المخرج من خلال أربعة سجناء سياسيين اعتقلوا في ظروف النضال السياسي الذي كان سائدا فيها قبل ثلاثين عاما وهي الفترة التي قضاها السجناء الثلاثة الذين أفرج عنهم في المعتقل، بينما بقي سجين واحد وهو الذي جسده الممثل السوري “نجاح سفكوني” .

الشخصية المحورية بين هؤلاء السجناء هو كريم (خالد تاجا) الذي يعاني من مشاكل صحية، وعندما يسأله أحد رفاقه في الزنزانة عما يؤلمه من جسده، يجيب “كل شيء”، في مقاربة خفية للوضع في البلاد بعد ثلاثين عاما . ظروف السجناء في الخارج مختلفة . لكن لا يقتصر الفيلم على الجانب السياسي، بل يختار المجتمع كساحة طرحه الرئيسة، وسلط الضوء على الارتباك الذي يحدثه خروج السجناء الذين قضوا فترات طويلة، إذ إن عائلة كريم تعيش حياتها بحيث لم يعد فيه مكان لوالدهم السجين، ويظهر الارتباك عليهم عندما يقوم الشخصية الأمنية الغامضة أبو فادي “رفيق سبيعي” بإبلاغهم انهم سيخرجون الليلة، ويكون ابن هذه الشخصية الأمنية متزوجا من ابنة كريم (أمل عرفة) في علاقة مثيرة للجدل وصفها كفاح (باسل خياط) الابن الأصغر لكريم بأنها ليست فقط نتيجة للحب كما تدعي شقيقته بل عن الحب و”أشياء أخرى” مثل المال والراحة وبالتالي العلاقات الاجتماعية التي تظهر في الفيلم تبدو شديدة التشابك ويطرح أسئلة كثيرة عن الشخص الأمني الذي يظهر فيما بعد انه كان من أعز أصدقاء كريم في فترة الشباب، لكن كل منهما اختار طريقه للتغيير، وكان محتما ان يقضي احدهما الآخر . وأبناء كريم بحد ذاته ما زالوا مختلفين في موقف موحد من والدهم، فالابن الأكبر (زهير عبد الكريم) يرى أن والدهم لم يفكر بهم وتركهم من أجل ما يسميه مبادئه، بينما يتمسك كفاح برأيه ان التفكير في الوطن والتضحية لأجله هو الأهم .

عندما يخرج كريم من السجن يستقل سيارة ليذهب إلى قريته الكائنة في جبال الساحل السوري بينما ينتظره أبناؤه في منزلهم بمدينة دمشق، يصل إلى أمام بيته في القرية ويسند رأسه على جذع شجرة يظهر شعار الحزب الشيوعي الذي كان حفره في فترة شبابه، ينام ولا يستيقظ ليجده ابنه كفاح في صباح اليوم التالي ميتاً، هذا الموت غير من سبب مجيء ثائر من باريس (حاتم علي) مع زوجته وابنته من الاحتفاء بالخروج إلى العزاء .

السجينان الآخران يعيشان ظروفا مختلفة في الخارج، فكمال (سليم صبري) والد زوجة “ثائر”، ويبدو ان توضيح العلاقات الاجتماعية المتشابكة يزيدها غموضا، لكن المخرج يريد ان يوضح ان جميع هؤلاء كانوا على علاقات اجتماعية وثيقة الصلة قبل الاعتقال، لدرجة ان هذه العلاقات استمرت فيما بعد لدرجة تناقض رؤى الآباء، مثل زواج ابن الشخصية الأمنية الرفيعة من ابنة كريم . والسجين الثالث (حسن عويتي) يتحرك في نفس الاطار الاجتماعي للآخرين .

فكرة الفيلم كما وضحها كاتب السيناريو ومنتج الفيلم هيثم حقي في المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس طرح هذه المرحلة لمنع تكرارها، فالليل الطويل هي تلك المرحلة الطويلة . الشخصية الرابعة (نجاح سفكوني) بقيت في السجن، وهذا السجين المثقف متعلق بالمسرح، ويبدا المشهد الأول من الفيلم بترديده أجزاء من نص مسرحي داخل السجن، وينتهي بهذا المشهد أيضا في نص يجسد هذيانا مسرحيا عن الحرية، إلى ماذا تشير الشخصية؟

الإجابة عن هذا السؤال ربما يريد الاشارة إلى الوضع الحالي في سوريا، وهو أن المسألة لم تنته تماما بل هناك امتداد للمرحلة السابقة، مرحلة الليل الطويل، يلقي بظلاله على الواقع الحالي . خرج ثلاثة، لكن أحدهم بقي في سجينا .

وكما أشار المخرج حاتم علي في المؤتمر الصحافي، لم يستخدم الموسيقا في أول 15 دقيقة من الفيلم، بل اعتمد على تصوير واقع السجناء كما هو لنقل المشاهد إلى أجواء السجن، حيث قطرات الماء من الصنبور تقوم بدور الموسيقا، واختار لقطات مقربة لعيون الشخصيات في السجن وبعض ملامحهم الشكلية، وفي المؤتمر الصحافي انتقد البعض قلة الموسيقا في الفيلم وعدم توظيف حركة المجاميع وتصوير الشارع وغير ذلك من المشاهد العامة، لكن في مثل هذه الأفلام المطلوب إزاحة الموسيقا قليلا باستثناء بعض المشاهد، فمشهد الحزن والصدمة لا تناسبها موسيقا تستجدي عاطفة المشاهد، وهذا ما نجح فيه المخرج خاصة في بدايات الفيلم، وربما لو استمر على هذا المنوال في مسألة عدم توظيف الموسيقا كان الفيلم سيكون اكثر مدعاة للترقب كما حدث في المشهد الأخير . المشاهد الصامتة في الفيلم كانت أكثر ما يلفت الانتباه، مثل مشهد نزول مسؤول السجن الذي رافق المعتقلين لنقلهم إلى المدينة، فينزل من سيارته على الطريق لقضاء حاجة في دلالة موفقة على المنطقة النائية التي يقع فيها السجن وبعده عن المدينة .

“الليل الطويل” بادرة جيدة تضاف لرصيد السينما السورية خاصة من ناحية مضمون الفكر الذي يطرحه، وهو لا يهتم بإسعاد المشاهد بقدر اهتمامه بتصوير الواقع ونقده من خلال تخلي غالبية المجتمع عن الارث النضالي اليساري لهذه الشخصيات الوطنية . ورغم الأداء الجيد للممثلين، فإن ايقاع الفيلم كان بطيئا وهو ما اكده أيضا المخرج حاتم علي، والبطء موظف لابراز المشاعر والانفعالات العاطفية، لكن هذا يعتبر مغامرة إخراجية أثارت بعض النقاشات والجدل، فبطء الايقاع ضروري لهذا للفيلم، لكن هذا كان يتطلب سيناريو أقل طولا من الذي تابعناه لاضفاء متعة على بطء الايقاع من خلال المشاهد الصامتة والمحفزة على طرح الأسئلة والاستنتاجات .

الخليج الإماراتية في

13/10/2009

 

أول تجربة روائية طويلة لمخرجه

"الجولة الأخيرة" هروب إلى العنف

أبوظبي- فدوى إبراهيم 

بعرض أول في الشرق الأوسط وضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في المهرجان، يشارك الفيلم الأسترالي (الجولة الأخيرة) للمخرج غليندين آيفين الذي يخوض أول تجربة له في اخراج الأفلام الروائية الطويلة وسيناريو ماك غوديجون، ويقوم بإداء الأدوار كل من هيوغو ويفنغ (الأب) وتوم راسل (الابن) وغيرهما .

يقدم الفيلم فكرة مفادها ان العنف لا يولد الا العنف من خلال قصة طفل عمره 10 سنوات ووالده المجرم الهارب من القصاص حيث يقومان بجولة في الطبيعة بجنوب استراليا هرباً من العدالة ويظلان في جولاتهما هذه هاربين في كل احداث الفيلم .

يبدأ الفيلم بمشهد الأب وابنه داخل سيارة وملامح الغضب والإرهاق تبدو عليهما فينزلان عند اقرب مطعم ليأكلا بعض الطعام ويدخل الأب الى الحمام فيقص شعره بهدف تغيير الشكل لأنه هارب من جريمة ما، ثم يواصلان طريقهما فيذهبان الى بيت في احد الأحياء السكنية لتفتح لهما الباب امرأة شابة يبدو أنها تعرفهما جيداً، فيتضح أنها كانت صديقة الأب لكنهما قد انفصلا من فترة طويلة، فتنبههما وهما على الباب بألا يمكثا عندها طويلاً، ورغم ذلك تتعاطف مع الصبي الذي تعلق بها حيث شعر معها بالاستقرار، يبقيان وقتاً ولم يمكثا ليواصلا رحلتهما التي لا نهاية لها، فمن مكان الى آخر ينتقلان بسيارات يسرقها الأب، والولد الصغير يشاهد أفعال ابيه الإجرامية العنيفة تجاهه وتجاه الآخرين، فيكتسب منه بعض سلوكياته، فحينما يدخلان أي مكان لشراء الطعام يسرق ويتعامل بعنف مع البائع، وهي كعملية اسقاط نفسي لما يفعله والده به وبالآخرين في اي مكان، وتستمر الرحلة ويمارسان حياتهما بشكل أو آخر في الطبيعة الأسترالية ما بين الغابات احيانا والمساحات الواسعة احياناً أخرى، وفي احدى جولاتهم يدخل الأب وابنه متحفا في احدى المدن ليمكثا به ويذهب الأب ليتبضع ويترك ابنه في المتحف، الا ان الولد يتفاجأ وبعد فترة من مكوثه بصوت فتاة تهمس ببعض الكلمات غير المفهومة بالنسبة اليه، فإذا بها فتاة مسلمة تصلي في المكان المجاور له فينظر لها من النافذة التي تفصلها عنه فتسأله من يكون فيجيبها باختصار ويسألها ان كانت افغانية فتقول له انها هندية وتعمل طبيبة فيسألها ان كانت تستطيع ان تسعف مريضا، وخلال حوارها معه يدخل الأب الى المتحف وهو مكلل بالجراح الناتجة عن احدى جولاته لينقض على الفتاة ويضربها ويأخذ ما في حقيبتها من مقتنيات ويأخذ مفتاح سيارتها ليهربا مجدداً، وفي كل هذه الأحداث يكتسب الطفل سلوكاً عنيفاً .

يحاول الأب رغم حبه لولده أن يعلمه السباحة والرماية لكن بأسلوب عنيف لا يتناسب وعمره وطبيعته وبسلوك غير تربوي وهذا بالطبع ناتج عن كونه مجرماً عاش معظم حياته في السجون، فيبدا الولد يسلك السلوك العنيف القاسي لكن هناك شيئاً ما بداخله يرفض هذا السلوك وهذا العنف المكتسب، فيصطاد ارنباً لكنه لم يقدمه لأبيه ليطهيه  بل قام بدفنه، وفي آخر جولة قاما بها حاول الأب اجتياز مكان ما للوصول إلى منطقة معينة كان عاش بها، وفي هذا الطريق دار حوار بين الأب وابنه حول شخص يعرفه الولد وهو أحد اصدقاء الأب منذ السجن، ومن خلال عرض سريع للماضي تعود بنا الصورة لعملية تحرش  قام بها صديق الأب بالصغير وعلى اساسها ضربه الأب ضرباً عنيفاً حتى قتله، وهنا يعترف الأب لابنه بأنه قتل الرجل بسبب تحرشه به وانه يرغب في حمايته فيقوم الولد بضرب ابيه، ويقول له إن الرجل كان يعامله بلطف، فيغضب الأب وينزل ولده من السيارة على اثر هذا الكلام ويتركه وسط مكان خال، فيناديه بالصراخ والبكاء لكنه لم يستجب له ويجلس الولد في المكان وحيداً حتى عاد والده مرة اخرى ليأخذه ويقول له انه اراد ان يعلمه درساً من هذا الموقف .

يصل الأب وابنه إلى مكان ما، فيبدأ الولد يفكر بطريقة تخلصه من هذا الوضع فيقوم بإرسال رسالة نصية إلى احدى الجهات لكي تستدل الشرطة على مكانهما، وفعلاً يمضي الوقت ويفيق الأب من نومه في العراء لينادي على ابنه والابن لا يرد عليه حتى اطلق الابن رصاصة على كاحل أبيه  وعلى اطارات السيارة ليمنعه من الهرب وتأتي الشرطة فينادي الأب على ابنه وينصحه بالهروب الى أحد الأماكن، عندما يحتضن الأب ابنه يعترف الأخير بأنه هو من ابلغ الشرطة عن مكانهما فيقول له الأب انه حسناً فعل ويبقي على السلاح معه، ويمشي الابن لعدة خطوات للهرب الا انه يسمع صوت رصاص فيلتفت ليجد ابيه انتحر، فينهار ويقوم بالركض بشكل غريب الى ان يدخل البحر ويحاول السباحة متذكراً كلمة ابيه حينما كان يعلمه السباحة ( اذا اردت ان تتخلص من خطر ما في سباحتك فقم بالطوفان على الماء) .

تتلخص فكرة الفيلم في اكتساب العنف من المحيط في ظل الظروف الصعبة والظلم الذي يتعرض له الأولاد بسبب ظروف أسرية معينة، واسقاط هذا العنف الذي تعرض له الولد الصغير في الفيلم من يد والده على من حوله، الا ان حب الحياة والاستقرار والأمل يظل هاجسه الوحيد الذي أدى به إلى أن يسلم والده للشرطة على الرغم من انه لا يملك سواه، وانه لا يمكنه العيش من دونه، فيقدم المخرج فكرته من خلال قصة أب وابنه ليقدم لنا كم ان هذه العلاقة حميمية وكم من الممكن ان تخترق بالسلوكيات الخاطئة، وكان  استخدام المخرج للمؤثرات الصوتية عنصراً مهماً في الفيلم، وتصوير المشاهد في اماكن قاسية كقسوة بطل الفيلم كان موفقاً، لكن لا يوجد فيلم يخلو من الثغرات، فكان للمشهد الأخير وهو انتحار الأب تأثيره المعنوي لدى المشاهد إلا أنه ضعيف المصداقية لأن من يعيش حياته في السجون ويقوم بجولات مع ابنه سريعة وقاسية لا يمكنه أن ييأس بهذه السهولة .

الخليج الإماراتية في

13/10/2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)