حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الثالث

MEIFF

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

مهرجان أبوظبي السينمائي يعيد الهيبة لسينما الشرق الأوسط

كتب:  نسرين الزيات

علي مدار عشرة أيام متوالية، كانت مدينة أبوظبي مضاءة بسينمات الشرق الاوسط والعالم، وصلت إلي مائتي فيلم ما بين روائي طويل وقصير ووثائقي عرضت ضمن فاعليات الدورة الثالثة من مهرجان الشرق الاوسط السينمائي الدولي والذي اقيمت فاعلياته في الفترة من 8 إلي 17 أكتوبر.

المهرجان في دورته الثالثة، حاول أن يضع نفسه في مصاف المهرجانات السينمائية الكبري في العالم، وإن شابته بعض السلبيات، والتي غالبا ما يواجهها أي مهرجان سينمائي مبتدئ خاصة إن كان في البلاد العربية، وإن كانت بسبب ضيق الوقت الذي بدأت الإدارة الجديدة للمهرجان العمل فيه عقب انتهاء مهرجان كان السينمائي الدولي في مايو الماضي، وهي فترة قليلة لا تكفي لإقامة مهرجان سينمائي جيد، لكن ما حدث هو إن الإدارة الجديدة التي ترأسها "بيتر سكارليت" ـ كمدير تنفيذي- و"انتشال التميمي" ـ كمبرمج للافلام والبرامج- قد نجحت في عمل مهرجان سينمائي حقيقي من خلال كم كبير من الافلام السينمائية في العالم، والتي اختيرت بعناية شديدة وعرضت للمرة الاولي في الشرق الاوسط، وبعضها كان عرضها السينمائي الاول في العالم، حيث كانت الافلام تعرض في الوقت المحدد لها دون تقديم أو تأخير أو تغيير موعد العرض ـ مثلما يحدث في بعض المهرجانات-وربما يرجع ذلك إلي أن غالبية فريق العمل بالمهرجان يحمل خبرة ليست سينمائية فقط ـ مثل بيتر سكارليت والذي ظل لسنوات طويلة رئيسا لاثنين من أهم المهرجانات السينمائية في العالم مثل سان فرانسيسكو وانتشال التميمي الذي ظل أيضا لسنوات واحداً من اهم مبرمجي الافلام السينمائية في مهرجان روتردام للفيلم العربي في هولندا- وانما خبرة إدارية في الغالب ما تتبع في مهرجانات سينمائية في العالم.

فمهرجان الشرق الاوسط، يحمل صبغة سينمائية بدت واضحة ومميزة في دورته التي انتهت منذ ايام، أهمها عرض كم هائل من الافلام، والتي لايختلف أحد علي جودتها واهميتها، وعرضت للمرة الاولي في الشرق الاوسط وبعضها كان العرض السينمائي العالمي الاول، هو مايؤكد أن هناك مهرجاناً ـ عربياً- حاول الحفاظ علي هويته الشرق أوسطية، والعناية بالاساس بدعم سينما الشرق الأوسط، لذلك فقد وصفه البعض بكونه مهرجانا استثنائيا، لما يحمله من ابهار مادي وسينمائي، فالمهرجان تدعمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، بميزانية خيالية ـ رفض الافصاح عنها مسئولو المهرجان مثل "سكارليت" ـ والتي أغلبها وضع في الحصول علي حق العرض العالمي والشرق أوسطي للافلام المشاركة في الغالب يتم دفع أرقام خيالية للموزعين اصحاب الافلام، ثم استضافة كبار الفنانين ونجوم السينما في قصر الامارات والذي تقام فيه ـ ايضا- فعاليات المهرجان، لكن الاهم هو أن يكون هناك تأثير سينمائي في واحدة من بلدان الخليج، والذي باتت فيها صناعة السينما حديثة ولافتة أمام تجارب سينمائية شابة، ليس هذا فقط بل وصل إلي حد الاقبال الجماهيري الضخم في قاعات السينما، والتي لم تعد تقتصر فقط علي ضيوف المهرجان من نقاد وسينمائيين، بل كان أغلبهم من الاسر وطلبة الجامعة والمدارس وهو ما يؤكد علي أن السينما ـ الإمارات والخليج تحديدا ـ قادمة من خلال المشاهدة وصناعة الافلام ـ علي الاخص الافلام القصيرة- والتي كانت حاضرة وبقوة في مسابقة افلام الامارات والتي عرضت اربعة عشر فيلما.

الكثير من ضيوف المهرجانات وإدارته، أصيبوا بحالة احباط، بعد سحب فيلم "بالالوان الطبيعية" اخراج أسامة فوزي، من المشاركة، والذي كان بسبب سوء نسخة العرض والتي جاءت من لندن، والامر الذي جعل مصر تخرج من المهرجان منفضة الايدي، فقد كانت الآمال علي فيلم أسامة فوزي، والذي بات ينتظره الكثير من السينمائيين في مصر والوطن العربي والذي يعود به أسامة فوزي للسينما بعد غياب اكثر من سبعة أعوام منذ آخر أفلامه "بحب السيما"، ورغم ذلك فقد كان هناك حضور للسينما المصرية في المسابقات المختلفة -الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية-من بينها فيلم "جيران" إخراج تهاني راشد، و"المسافر" إخراج أحمد ماهر، و"هليوبوليس" إخراج أحمد عبدالله، إضافة إلي التواجد المميز في لجان تحكيم الأفلام، فالمخرج "محمد خان" كان أحد أعضاء لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة، المخرج "يسري نصرالله" رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، و"منة شلبي" عضو لجنة تحكيم في نفس المسابقة، والتي أثار اختيارها حفيظة البعض، نظرا لأنها لم تكن لها تجربة سابقة في الافلام القصيرة، ولا تحمل الخبرة السينمائية التي تؤهلها لأن تكون عضواً في لجنة تحكيم مهرجان سينمائي كبير، لكن المخرج "يسري نصر الله" دافع عنها وبشدة عن ما شبهها "بالاسد" حيث حاربت لأن يحصل الفيلم الروائي القصير "ربيع 89" إخراج آيتن أمين علي تنويه خاص من لجنة التحكيم، وبالتالي كان الفيلم المصري الوحيد ـ روائي القصير وإنتاج المركز القومي للسينما- أن يتم التنويه له، وعاب الكثير علي إدارة المهرجان والتي لم تقم بانضمام أي ناقد سينمائي إلي أي من لجان التحكيم الثلاث والاكتفاء فقط بمخرجين وممثلين ومنتجين.

الافلام التي حصلت علي الجوائز، اقتربت إلي حد كبير من التوقعات، أهمها الفيلم الفلسطيني "الزمن الباقي" اخراج "إيليا سليمان" والذي حصل علي جائزة أفضل فيلم شرق أوسطي، وجائزة الفيلم الروسي "عشاق الصراعات" والذي حصل علي جائزة أفضل فيلم، كانت متوقعة ولكن بنسبة قليلة جداً، فالفيلم يعتبر نموذجاً لعمل فيلم استعراضي جيد مائة في المائة، وهو ماجعل "محمد خان" عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة، يتحمس له لدرجة انه شاهد الفيلم مرتين، في حين ان توقع البعض من حصول الفيلم الايراني "لا أحد يعرف بالقطط الفارسية" اخراج "بهمان قوبادي" علي الجائزة الكبري، خاصة أن رئيس لجنة التحكيم "عباس كياروستامي" إيراني، لكنهم اكتفوا فقط بحصوله علي جائزة الجمهور وجائزة أحسن ممثل، رغم أن الفيلم يعري الشارع والمجتمع الإيراني، ويتهم حكومته من كونها تعامل مواطنيها كحثالة.

معظم الأفلام التي شاركت في المهرجان، تكاد تتمحور حول فكرة إعادة قراءة التاريخ كل فيلم بطريقة مختلفة، فمثلا الفيلم الروسي "عشاق الصراعات" والفائز بأفضل فيلم تدور أحداثه في فترة النظام المستبد في روسيا في خمسينيات القرن الماضي من خلال موسيقي سينمائية تعزف علي أوتار الحرية، والأفلام المصرية تتشابه أيضا في الحديث عن تاريخ مصر -الحديث- بشكل غير مباشر من خلال التغيرات الاجتماعية والسياسية التي طرأت علي المجتمع في سنواته الأخيرة، وظهر ذلك في الفيلمين "هليوبوليس" والتسجيلي "جيران".

روز اليوسف اليومية في

19/10/2009

 

أفلام مهرجان أبوظبي ضد الأنظمة السياسية

كتب:  مها متبولى 

اشتعل الصراع الحضاري علي الريادة السينمائية في مهرجان أبوظبي حيث تداخلت عدة أطراف لجذب خيوط الريادة بدءا من الإمارة الصغيرة التي اطلقت علي المهرجان اسم الشرق الأوسط لتضفي عليه نوعا من العراقة ولكن كل ذلك لا يقلل من الدور الثقافي والجهد المبذول في تنظيمه وإن كان رئيس المهرجان سكارليت قال كلمة أزعجتني جدا عندما نوه أنه جاء إلي المنطقة وهو يعلم أنه لا توجد سينما ولا معاهد لتعليمها وأن عليه مسئولية كبيرة، لأن السينما في العالم هي هوليود وبوليوود وما عدا ذلك لا يوجد شيء يذكر، لقد اسقط سكارليت من حساباته السينما المصرية، وهذا ما جعلني أفكر في المشهد العام للمهرجان ودخول أطراف جديدة في الصراع علي الريادة فإيران فرضت حضورها الطاغي من خلال أفلامها وأعضاء لجان التحكيم كما تواجدت السينما التركية بعشرة أفلام، أما الهند فقد دخلت بأفلامها ذات النزعة التجارية إلي حلبة هذا ا لصراع بينما السينما السورية كانت تتحرك كعادتها علي استحياء ولولا وجود الوفد المصري لاعتقد المشاركون أنه لا توجد سينما مصرية بعدما سمعوا تصريحات رئيس المهرجان، فما هي روافد هذا الصراع علي الريادة وهل بدأ العد التنازلي لتراجع مصر عن هذا المجال.

- أجواء المهرجان

لم يكن حضوري مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في الحسبان لأني عرفت بموعده من خلال تنويه بسيط علي الإيميل في رسالة مقتضبة من اللجنة المنظمة دون الإشارة إلي أي شيء آخر، مما جعلني أنسي الموقف بسرعة لأنه كان قبل المهرجان بعشرة أيام، وكانت المفاجأة أني تلقيت الدعوة وتأشيرة السفر قبل المهرجان مباشرة وكان علي تجهيز نفسي للسفر في اليوم التالي، وفي أقل من 24 ساعة بدأت استعد للسفر في أجواء شديدة الارتباك، لأنه من المفروض أن تنسق اللجنة المنظمة مع الضيوف ترتيبات حضورهم قبل موعد السفر بفترة كافية منعا للطوارئ أو المستجدات.

- سافرت معنا علي نفس الطائرة منة شلبي حيث تشارك كعضوة في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، ومن الواضح أنها كانت مرهقة جدا لأنها راحت في نوم عميق بمجرد أن ألقت برأسها علي مسند مقعدها، ولكن هذا لم يكن حال بسمة التي تذهب للمهرجان بحكم دورها في فيلم المسافر لأنها شغلت وقتها في الطائرة بمشاهدة أفلام الكارتون علي D.V.D!

- ما إن نزلنا إلي أرض المطار حتي شعرنا بالدفء والحميمية وحرارة الاستقبال، حيث دخلنا إلي صالة كبار الزوار كنوع من الحفاوة وتسهيل الإجراءات مع ترحيب شديد لا يمكن أن تجده بمثل هذه الطريقة إلا في الإمارات، فالقائمون علي المهرجان، وحتي المتطوعون من الشباب يبذلون كل ما في وسعهم من أجل انجاح المهرجان، ولكن الأجمل من ذلك هو أهل أبوظبي وحبهم للفن والسينما والتفافهم حول النجوم المصريين وتقديرهم للضيوف بمنتهي اللطف، ناهيك عن كرم الضيافة العربي المعروف، والتأكيد علي أن الإمارات هي واحة كل العرب وخيمة العز لكل إنسان.

- توزعت انتقالات الإعلاميين والنجوم بين مكانين: الأول هو فندق انتر كونتننتال الذي نقيم فيه والثاني فندق إمارات بالاس أو القصر والذي يشهد فعاليات المهرجان من ندوات وعروض أفلام ومؤتمرات صحفية، كما يضم أكبر قاعدة مسرح في الإمارات وقد تم تصميمها لتكون تحفة نادرة المثال.

- فندق القصر أكبر فندق في أبوظبي وهو تكوين معماري مبهر شديد الاتساع، وقد طليت جدرانه واسقفه بماء الذهب الخالص، كما جلبت مقتنياته من شتي البلدان، فكل ركن في الفندق يمثل لوحة فنية تم إعدادها بعناية واتقان، حتي الرمل الموجود علي الشاطئ تم استيراده من الجزائر ليحتوي القصر علي أجمل شيء من كل شيء، وعلي ضفاف حمام السباحة بهذا الفندق كان حفل العشاء الذي أعد خصيصا للضيوف بعد الافتتاح.

- شهد هذا الحفل تجمع الفنانين علي شكل مجموعات، فالمصريون جلسوا علي مائدة مستديرة ومثلهم السوريون واللبنانيون ولم يكن هناك نوع من التفاعل أو الامتزاج، فالجميع موجودون ولكن في حلقات منفصلة، ولم يكسر هذه القاعدة إلاجمال سليمان الذي حرص علي الجلوس مع الفنانين المصريين والسوريين واللبنانيين ليؤكد حضوره علي كل المستويات.

- السجادة الحمراء ضمت العديد من المفاجآت، فقد شهدت حضور الممثلة ديمي مور والممثل الأمريكي دينيس هيلبرت ومنة شلبي وهند صبري ومحمود حميده وبسمه ومصطفي شعبان، وكان لغياب عمر الشريف تأثير كبير حيث تساءل الجميع عن أسباب عدم حضوره مع فيلم الافتتاح مؤكدين علي مكانته العالمية وأن حضوره مركز ثقل لأي مهرجان.

- شهدت دورة المهرجان عرض أكثر من 120 فيلما تنوعت ما بين أفلام روائية ووثائقية وقصيرة بالإضافة إلي الأفلام التي تعرض خارج المسابقة، ولكن ما جذب انتباهي هو الحرص علي أن يتضمن المهرجان العرض الأول لبعض الأفلام العالمية كنوع من التحدي واثبات الذات أمام غيره من المهرجانات، والأمر الثاني هو انتقاء الأفلام بعناية شديدة سواء في مستواها الفني أو فيما تقدمه من أفكار وموضوعات مما جعل المهرجان يتميز بالثراء الفكري والثقافي.

- طوال أيام المهرجان كنا نتابع العروض والندوات ونلتقي في المساء بالمطعم لتناول العشاء وكان ذلك هو موعد تجمعنا: أنا ومنة شلبي وهند صبري وغادة عادل ومجدي الهواري وبسمة وبوسي شلبي التي انفردت بلقاء مع الممثلة ديمي مور والنجم فرانكوا دينيرو وكنا نتجاذب أطراف الحديث وندخل في نقاش عابر حول المهرجان، وما طرأ عليه من مستجدات، والملاحظات التي يأخذها كل منا علي طريقة التنظيم ومستوي الأفلام.

- أهم انجاز لمهرجان الشرق الأوسط في دورته الحالية أنه نجح في تشكيل ملامح فنية خاصة به طبقا لأهداف محددة تثبت اختلافه عن غيره من المهرجانات، فهو يهتم بفتح سوق لصناع السينما في العالم العربي واحتضانها لتحقيق مزيد من الرقي علي عكس مهرجان دبي الذي يهتم بالسياحة والتسوق ويطور امكاناته وقدراته في هذا المجال كما أن هناك قناعة لدي إدارة المهرجان أن للقاهرة نوعا من التفرد والريادة بمهرجان سينمائي عريق ولا مجال للدخول معها في هذا السباق، لأن الأهم من ذلك هو تحديد هوية مميزة ترفع من خصوصية أبوظبي المنظمة للمهرجان.

- شهدت أمسيات المهرجان التفاف الفنانين السوريين جمال سليمان وعابد فهد وباسل خياط حول المخرج التونسي شوقي الماجري، ولم يكن الحديث حول فعاليات المهرجان هو الغالب علي هذه الامسيات فقد تخللتها أيضا بعض المفارقات والتي كان أهمها سماع صوت جمال سليمان لأول مرة وهو يشدو بالغناء، فقد غني بعض أغنيات الشيخ إمام عيسي، ولم يكف طوال جلساته عن الحديث حول ابنه محمد وعلاقته به والذي رزق به منذ عدة أشهر.

- الثراء المادي للمهرجان كان مصدر قلق لمنظمي المهرجانات العربية التي بدأت في العد التنازلي لدوراتها المقبلة، لأن مهرجان أبوظبي استأثر بعرض مجموعة من الأفلام قبل كل المهرجانات وحاول أن يجذب إليه كل النجوم عن طريق القيمة المادية الكبيرة للجوائز التي تصل إلي مليون دولار وهي النسبة الأكبر في كل مهرجانات العالم علي الإطلاق كما أن اللجنة المنظمة سعت لبذل كل شيء حتي يكون المهرجان هو الأهم والأفضل لدرجة أنها تعاقدت مع الأمريكي سكارليت لمدة خمس سنوات ليرسم الملامح العامة لخطة النهوض بالمهرجان، مما زاد من التكهنات بأن مهرجان أبوظبي سيسحب البساط من تحت أقدام غيره من المهرجانات.

- لا شيء أجمل من مدي الترابط والألفة والمحبة بين الفنانات، ففي الوقت الذي يعتقد البعض خلاله أن نجمات السينما يعشن نوعا من الغيرة والمنافسة لمست بنفسي كذب هذه ا لإدعاءات لأن غادة عادل ومنة شلبي وهند صبري وبسمة اثبتن بالدليل العملي أن بينهن ترابطا جميلا ولذيذا، فقد ظهر ذلك بوضوح خلال لقاءات وجلسات المهرجان، فالكل سعيد بوجوده داخل جروب واحد يحرصون عليه في جولات الشوبنج وحضور الحفلات، وتناول الغداء واللّمة المصرية ذات الدم الخفيف والتي لا تخلو من قفشات وتعليقات وضحكات.

- أبوظبي عروس الخليج ودرة تاج الإمارات استمدت عراقتها من دورها العربي في خدمة الثقافة والفنون ورعاية الإبداع عن طريق هيئة أبوظبي للثقافة والتراث وهذا التوجه ليس مجرد كلام بل سلوك فعلي تلمسه من خلال روح الفخامة التي تلقي بظلالها علي المباني والمنشآت وكل ما تقع عليه عينك في أروقة قصر الإمارات بدءا من قاعات العرض حتي الجراج.

- لجنة التحكيم اقتصرت علي الفنانين والمخرجين والنجمات مع استبعاد النقاد السينمائيين مما تسبب في حالة من الغضب والامتعاض لأن تقييم الأعمال يحتاج إلي خبرة ربما لا تتوافر لكل المبدعين وكان من الأفضل أن تضم اللجنة الواحدة أحد النقاد وهذا ما لم تتداركه إدارة المهرجان حتي قال البعض إن اللجان التحكيمية ما هي إلا لجان شرفية علي الرغم من أنه علي رأس كل لجنة مخرج من المخرجين الكبار مثل المخرج محمد خان الإيراني عباس كياروستامي ويسري نصر الله حيث قال البعض الآخر أن المخرج دائماً ما ينحاز للأعمال الفنية التي تتوافق مع اتجاهه هو في الإخراج وأن ذلك يؤثر علي اختياراته بشكل أو بآخر ولكن جوائز المهرجان جاءت عكس هذه التكهنات.

- تحول عمرو دياب إلي رمز مصري خالص فما أن تذاع له أي أغنيه في حفلة داخل الفندق حتي يرتفع صياح منة شلبي وغادة عادل وبسمة وهند صبري وكأن كل واحدة منهن قد تلقت خبراً ساراً وانطلقت بمشاعر متدفقة نحو الغناء وخاصة مع أغاني الليلادي والعالم الله ونقول إيه ولم أكن أعرف من قبل أن هؤلاء النجمات معجبات علي نحو شديد بأغاني عمرو دياب لذلك سألت كل واحدة منهن عن سبب هذا الإعجاب ووجدت في هذا فرصة للخروج من أجواء المهرجان وما فيه من نقاشات وندوات.. هند صبري قالت إن عمرو دياب هو عمرو دياب دائما له طابعه الخاص أما منة شلبي فأكدت أن عمرو دياب ماركة عالمية لذلك يفرض حضوره خارج مصر وفي كل مكان وهذه حقيقة لأننا طوال أيام المهرجان لم نلمس تأثير أي مطرب آخر من المطربين المصريين فهو له ثقل عربي مهم في دول الخليج.. وكان لغادة عادل رأي في نجومية الهضبة عندما قالت إنها تعشق رومانسيته التي تجعلها تطرب لأغانيه وتتمايل معها بكل سعادة وترحاب وفاجأتني بسمة فور سماع صوت عمرو بالدخول في الرقص بطريقة مرحة جداً ولكن الأغرب من ذلك هو تساؤل البعض عن أسباب صراخ وصياح الفنانات فقد كانت الدهشة تعلو الوجوه عندما أقول لهم إن ذلك بسبب أغاني عمرو دياب.

في الحقيقة أن الحديث عن نجومية عمرو دياب فتح المجال أمامي لكي أفكر في فوز السينما بنصيب الأسد في المهرجانات بينما يفتقر عالمنا العربي إلي المهرجانات الغنائية ذات الثقل والطابع الخاص.

- الأفلام المصرية

أقام السفير الأمريكي حفل عشاء لضيوف المهرجان كما أقام السفير الهندي لدي الإمارات حفل عشاء آخر بعد عرض الفيلم الهندي Blue مما جعل البعض يتساءل عن دور السفارة المصرية التي لم تلجأ إلي تنظيم احتفال مماثل يليق بمكانة واسم السينما المصرية في المنطقة وكرد علي رئيس لجنة تنظيم المهرجان الذي تحدث عن السينما الأمريكية في هوليوود وكذلك السينما الهندية في بوليوود دون أن يشيد بدور السينما المصرية وكأنه يستثنيها من الوجود وهذا ما فؤجيء به الجميع في حفل الافتتاح عندما ألقي كلمته ليوضح أهداف المهرجان ولكن يبدو أنه يفتقر للوعي بتاريخ السينما المصرية التي يصل عمرها إلي أكثر من مائة عام فقد تحدث بلهجة المنقذ الذي جاء ليزرع الفن السابع في العالم العربي مما أصاب متابعيه بالإحباط.

- غياب عمر الشريف عن حضور العرض الخاص بفيلم المسافر في المهرجان أدي إلي تداول أحاديث جانبية تؤكد أنه غير راض عن الفيلم ورغم الإقبال الشديد علي الحضور فإن بعض المشاهدين انصرفوا بعد مضي 40 دقيقة من الأحداث أما من استمروا في المشاهدة حتي النهاية فأكدوا أن خالد النبوي قد تخلي عن موهبته وبدا فاقداً للتمثيل واستخدام الإيحاءات أو التعبيرات علي عكس عمر الشريف الذي منح الفيلم طاقة تمثيلية هائلة تجلت في العديد من المشاهد المؤثرة التي تدل علي تغير وتبدل الزمان وما في ذلك من تحولات نفسية جسدها عمر الشريف بكل اقتدار.

- سيطرت النزعة التشاؤمية علي أجواء فيلم هيلوبوليس الذي يضخ جرعة من الحزن علي زمن فات حيث ركز المخرج أحمد عبدالله علي بعض الشخصيات التي تعيش في مصر الجديدة تقوم بينهم مجموعة من العلاقات لكن كما حدث تدهور في المكان انطبق ذلك أيضاً علي البشر الذين يعيشون أحلاماً لا تتحقق وقصصاً مبتورة لا تنجح في الوصول إلي الاكتمال مما جعل البعض يري أن الفيلم يطرح نوعاً من العبثية تفتقد الأمل في الاستمرار.

وإذ كان هيلوبوليس فيلماً يدور في سياق المكان فإنه في الإطار نفسه نجد فيلماً وثائقياً بعنوان جيران للمخرجة تهاني راشد يفتح ملف ضاحية جاردن سيتي ويعتبرها نافذة علي التاريخ وحياة الناس لكنه أيضا لا يخلو من حزن علي ضياع توهج ونضارة المكان الذي تحول من قمة الإبهار إلي مجرد قصور وفيللات مهجورة ومهملة علي هامش الحياة الفيلم غني بالدلالات ومخرجته تتقن الغوص في أعماق الزمان والمكان ورصد ما بينهما من علاقات وتناقضات لكنه يصادر علي المستقبل ويضع الماضي نموذجاً للكمال وهو اتجاه ضد تطور المجتمع الذي يتشكل من خلال بعض التغيرات والاختلافات فإذا كانت جاردن سيتي قد شاخت وأصابها الوهن فإن مصر قد ظهر بها عدة ضواحي جديدة تعبر عن روح الحاضر الآن.

- فشلت محاولات أحد الصحفيين في إثارة الجدل حول فيلم احكي ياشهرذاد خلال الندوة وذلك عندما سأل وحيد حامد عن ارتباط أحداث الفيلم في بدايته مع السياسة في إشارة واضحة فماذا يقصد الكاتب بذلك؟ فرد عليه وحيد حامد بأنه عاهد نفسه ألا يتكلم في السلبيات خارج مصر ونظر إليه بنوع من الدهاء والمكر وابتسم وقال أنا أحب بلدي وادعو الله أن يشد من أزرها وتقوم وتخرج من عثرتها وهنا ضحك كل من حولي وقالوا إن وحيد حامد أوقع الصحفي في مقلب حرامية أي أنه ضيع الفرصة عليه وأفشل خطته التي كان يقصد بها إثارة البلبلة والجدل بعيداً عن الفيلم ولكني تساءلت لماذا يتجه المبدعون إلي الحديث عن مصر بأنها في شدة وهل هناك شبه اتفاق بينهم علي النظر للواقع بعين التشاؤم وتحطم الآمال أم أنها موضة تتكرر لملء الفراغ؟

- فيلم كاريوكا من الأفلام الوثائقية التي لفتت الأنظار في المهرجان وحاز الفيلم علي اهتمام خاص سواء من قبل اللجنة المنظمة أو من المشاهدين لأنه رحلة إنسانية شديدة الخصوصية في مشوار الراقصة والممثلة بدوية محمد كريم الشهيرة بتحية كاريوكا ومخرجة الفيلم نبيهة لطفي ركزت علي الجوانب المجهولة في حياة الفنانة لتلقي الضوء علي مدي المعاناة التي واجهتها بعد انحسار الشهرة والأضواء عنها فقد عاشت 80 عاماً تزوجت خلالها 13 مرة كان آخرها من الكاتب فايز حلاوة الذي تقول عنه في الفيلم إنها عاشت 20 عاماً مع رجل لم تكن تحبه وفي الحقيقة أن الفيلم حافل بالمفاجآت والصدمات.

- الأفلام العربية

حاز فيلم الزمن الباقي للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان علي نسبة مشاهدة عالية ودرجة كبيرة من الاهتمام وتدور أحداث الفيلم حول قصة حياة شخص عربي في مدينة الناصرة بدءاً من عام 1948 في أسلوب من السخرية اللاذعة التي تجر في ذيلها نوعاً من المرارة لأن اسم الفيلم يدل علي الفترة التي نعيشها الآن وما بها من انكسارات واحباطات داخل الواقع ا لفلسطيني والفيلم لا يطرح فكرة محددة يمكن الخروج بها إلا أنه يعكس حالة سينمائية مبهرة من حيث التنفيذ وصياغة المشاهد والربط بينها وتقديم الأحداث ببساطة وإتقان.

فيلم ابن بابل للمخرج العراقي محمد الدارجي خطف قلوب المشاهدين ونجح في مغازلة مشاعرهم الإنسانية لأنه يهتم بأدق التفاصيل من خلال رحلة امرأة عجوز مع حفيدها الصغير للبحث عن والده الذي غاب في سجون بغداد وتدور أحداث الفيلم بعد سقوط صدام حسين واكتشاف المقابر الجماعية في بابل وطوال الرحلة يقدم المخرج وجبة من الأحاسيس والتوترات حول قضية مليون مفقود ضاعوا في العراق وقد فجر مفاجأة خلال المؤتمر الصحفي حيث أكد أن عمه قد فقد بنفس الطريقة وأنه يقدم هذا الفيلم ليلقي الضوء علي قضية تجاهلها الجميع منذ عدة سنوات.

المخرج محمد الدارجي له مكانه مرموقة فقد قدم فيلم أحلام الذي يدور حول الفوضي التي أحدثتها الحروب المتتالية في العراق وقد نال عن الفيلم 22 جائزة بعد عرضه في أكثر من 125 مهرجانا سينمائيا في العالم.

- غابت السينما المغربية عن المشاركة في المهرجان هذا العام بينما انضمت دول عربية عديدة إلي قائمة هذا الغياب تاركين الساحة خالية للأفلام الإيرانية والتركية التي شاركت في المهرجان بـ9 أفلام في عاصفة هجوم ثقافية تهب لتأكيد موجة المسلسلات المدبلجة وقد جاء ذلك مدعوماً بحضور الفنان التركي الذي جسد شخصية مهند في حفل الافتتاح.

- الفيلم الإيراني كل شيء عن إيلي فجر مفاجأة في المهرجان لأنه يقتحم مشاكل المجتمع الإيراني وقسوة النظام السياسي الذي يطبق بقهره علي الأشخاص مما يعكس نوعاً من الخوف والاضطراب فشخصيات الفيلم تفتقد للسعادة وتلجأ للكذب والمراوغة والخديعة في نسج ما بينهم من علاقات وتدور أحداث الفيلم الذي يخرجه أصغر فرهادي حول رحلة استجمام لبعض الأسر في نهاية الأسبوع تصطحب معها شاب اسمه أحمد خارج من تجربة زواج فاشل بإحدي الأجنبيات وهناك فتاة اسمها إيلي يتقرب إليها الشاب بغرض الزواج لكنها تختفي في غموض ويبدأ الجميع في البحث عنها فيجدها أحمد جثة هامدة علي الشاطئ فينصرف دون أن يبلغ أهلها لأنه اكتشف أنها لم تكن تحبه وأنها تحب خطيبها الذي ضربه بعد أن عرفه شخصيته الفيلم في قمة الإثارة والتشويق وقد نجح المخرج في رسم العلاقات وطبيعة الشخصيات ليعقد موازاة بين المجتمع والسياسة في إطار مرهف وحساس.

استبعاد الأفلام المصرية من الجوائز لم يكن مفاجأة لضعف قدرتها علي المنافسة
لم يكن استبعاد الأفلام المصرية من الفوز بأية جائزة في المهرجان أمراً صادماً بالنسبة لي لأنني كنت أتوقع ذلك فلا المسافر ولا هيلوبوليس جديران بالمنافسة علي حصد الجوائز لأنه لا وجه للمقارنة بين تراجع مستواهما الفني وارتفاع مستوي الأفلام الأخري مثل الفيلم الفلسطيني الزمن الباقي أو الإيراني كل شيء عن إيلي بل إن الفيلم العراقي ابن بابل يعتبر طفرة في السينما العراقية بينما وقع المسافر وهيلوبوليس في أسر الغموض والجمود وكل ذلك أدي إلي تراجع الحماس في داخلي وتيقنت من عدم حصول أي فيلم منهما علي أية جائزة لأنهما من نوعية سينما الرجل المريض التي أصيبت بالهزال في مضمونها والفقر في معناها وهذا ناتج عن المخرجين الشباب الذين لم يتمكنوا في تقديم أعمال فنية تساوي ما يتمتعون به من غرور.

- انقضت أيام وليالي المهرجان لكنها تركت في النفس عدة تساؤلات حول مستقبل السينما في مصر علي كل المستويات إن العالم يتطور بسرعة مذهلة وخطوات جادة بينما نتحرك ببطء السلحفاة ومازلنا نناقش مسألة دعم مهرجان القاهرة من قبل رجال الأعمال أو استبداله بمهرجان شرم الشيخ .

يجب أن تكون لنا وقفة حتي لا تتحول مكانتنا الحضارية إلي أوراق وأرقام وذكريات.

روز اليوسف اليومية في

19/10/2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)