حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان كان السينمائي الدولي الثاني والستون

كان 2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

سينما الهجرة طرحت القضايا الأساسيّة حضور عربي لافت والصّدارة لفلسطين

عثمان تزغارت

من إيليا سليمان إلى شيرين دعيبس، مروراً بنسيم عماوش وشهرام العيدي وديما حمدان... سجّل العرب حضوراً لافتاً في «كان»، من خلال أفلام ذات إنتاج أجنبي غالباً

خلافاً للمظاهر، لم يقتصر الحضور العربي في «كان 2009» على حضور إيليا سليمان في المسابقة الرسمية بفيلمه الأوتوبيوغرافي «الزمن الباقي» الذي لم يجد له موطئ قدم ولو صغيراً في قائمة الجوائز! فقد شهدت الكروازيت مفاجآت عربية عدّة، من أنواع مختلفة. وكان لافتاً أنّ هذا الحضور جاء من خلال مخرجين شباب يقدّمون غالباً أعمالهم الروائية الأولى، وكلّهم تكوّنوا في المهاجر الغربيّة.

في «أسبوع النقاد»، أحرز الجزائري نسيم عماوش «الجائزة الكبرى» بباكورته «وداعاً غاري». ويصوّر الفيلم وقائع الحياة في حي عمّالي هجره أغلب سكانه، بعد إغلاق المصنع الذي كانوا يعملون فيه. ولم يبق في الحي المهجور سوى حفنة سكّان، في مقدمّهم فرانسيس العامل الستيني الذي يصرّ، رغم إغلاق المصنع، على الاستمرار في الاعتناء يومياً بالآلة التي عمل عليها طوال حياته... وماريا التي تربّي ابنها جوزي، وهو يتوهم بأنّ والده المجهول ليس سوى بطل أفلام الويسترن غاري كوبر، فيقضي وقته في البحث عنه بين أزقة الحي. في «أسبوع النقاد» أيضاً، حصد الفيلم العراقي «همس مع الريح» لشهرام العيدي ثلاث جوائز، بينها جائزة «النظرة الشبابية». وهو فيلم يعبق رقّةً وشاعرية، يروي قصة ساعي بريد في كردستان العراق، يقوم بتسجيلات صوتية من شتى الأنواع يتبادلها سكان القرى والأرياف الكردية، ما يجعل منه حافظ أسرار المنطقة وذاكرتها.

في تظاهرة «أسبوعي المخرجين»، احتلّت القضية الفلسطينية مكانةً مركزية عبر فيلمين. الأول هو «أمريكا» (بطولة هيام عباس ونسرين فاعور)، باكورة المخرجة الأميركية الفلسطينية شيرين دعيبس التي صوّرت بأسلوب تراجيكوميدي مغامرات أمّ فلسطينية وابنها يحصلان على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة. وبعد أن يعتقدا بأنّ الحلم الأميركي سينسيهما جحيم الاحتلال في بيت لحم، يتزامن وصولهما إلى هناك مع احتلال العراق، فيجدان نفسهما وجهاً لوجه مع العنصرية الأميركية بمختلف أشكالها. أمّا الفيلم الثاني فهو فلسطيني من داخل الخط الأخضر، وعنوانه «عجمي» لإسكندر قبطي ويارون شاني. ويروي المصائر المتشابكة لمجموعة شباب عرب وإسرائيليين في يافا، بدءاً بعمر الذي يعيش متخفّياً مع عائلته لأنّ أحد أعمامه جرح أحد أعيان المدينة، ومالك اللاجئ الفلسطيني الذي يتسلّل إلى إسرائيل للعمل من دون ترخيص، وناجي المراهق الفلسطيني الذي يحلم بحياة أخرى مع حبيبته الإسرائيلية. ورغم حب الحياة الذي تتسم به هذه الشخصيات، إلا أنّ العنف والحقد سرعان ما يخيّمان على كلّ أحلامها. وتجسّدَ ذلك عبر شخصية شرطي إسرائيلي عنصري يستبد به الحقد، فينتقم من كل ما يرمز إلى التعايس.

يافا أيضاً هي مسرح أحداث «يافا» لكارين ييدايا الذي عُرض في تظاهرة «نظرة ما»، ويروي قصة حب بين فلسطيني وإسرائيلية. تدور أحداث الفيلم في ورشة تصليح سيارات تشرف عليها امرأة إسرائيلية مع ابنها وابنتها، ويشتغل فيها عاملان فلسطينيان، هما: حسن وابنه توفيق اللذان يُعامَلان من صاحبة الورشة كأنهما من العائلة. لكن القناع سرعان ما يسقط، حين تنشأ علاقة حب بين توفيق وابنة صاحبة الورشة، لتطفو إلى السطح الذهنية العنصرية التي تتحكم بقطاعات واسعة من الإسرائيليين ذوي الأفكار اليسارية ممن يزعمون أنهم يؤيدون السلام، لكنهم في أعماقهم يتماهون مع أسطورة «النقاء العرقي» الصهيونية...

وأخيراً كانت فلسطين حاضرة أيضاً في تظاهرة Short Film Corner عبر شريط الأردنية ديما حمدان «غزة ـــــ لندن»، عن قصة شاب فلسطيني مقيم في لندن يحاول التواصل مع أهله في غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير. وضمن «أسبوعي المخرجين»، قدّم السوري رياض سطّوف شريطه الأول «القبلة الفرنسية» الذي صوّر فيه قصة حب إشكالية بين مراهقين فرنسيين من أصول ثقافية مختلفة. ولم يكتمل الحضور العربي من دون مشاركة مجموعة أفلام في «السوق الدولية للفيلم»، أبرزها شريطان مصريان، هما «دكان شحاتة» لخالد يوسف و«إبراهيم الأبيض» لمروان حامد.

 

طاهر رحيم مفاجأة المهرجان

حين يُحكم بالسجن لمدّة ستّة أشهر على مالك الجبانة، بطل فيلم «نبي» لجاك أوديار، يعتقد الجميع بأنّ هذا الفتى الذي لم يبلغ بعد التاسعة عشرة من العمر، سيكون فريسة سهلة للمافيات التي تتقاسم النفوذ داخل جدران السجن. مالك المتحدر من عائلة مهاجرين عرب، شاب خجول لا يجيد القراءة ولا الكتابة، وليس لديه أي سند بين المساجين. لكن غريزة البقاء سرعان ما تولّد لديه عبقرية من نوع خاص، تجعله يسحب البساط من تحت أقدام المافيا الكورسيكية، والجماعات الأصولية الإسلامية، ليبسط نفوذه على المساجين بلا منازع. وإذا بالفتى الخجول يتحول إلى وحش كاسر، كاشفاً عن «كاريزما» لم يكن يتصورها أحد.

لتصوير هذا التحول الذي يحدث في أعماق شخص مسحوق يتحول إلى بطل من نوع خاص، بدافع واحد لا غير هو غريزة البقاء، اختار جاك أوديار ممثلاً مغموراً يؤدي هنا أول دور مركزي على الشاشة. إنّه طاهر رحيم. على غرار الشخصية التي تقمّصها على الشاشة، لم يكن أحد يراهن في بداية هذه الدورة من «مهرجان كان السينمائي» بأنّ رحيم سيستقطب الأضواء. لكنّ أداءه المبهر في هذا الفيلم، جعل منه أكبر اكتشافات المهرجان هذه السنة، وأحد المرشحين الأساسيين لجائزة أفضل ممثّل التي سرقها منه بطل تارتنتينو، كريستوف وولتز. قبل أن يتقمص دور مالك الجبانة، كان قد تعرّف إلى كاتب سيناريو «نبي» عبد الرؤوف ظافري، من خلال مشاركته تحت إدارته كمخرج في دور صغير ضمن مسلسل تلفزيوني عن «كومونة باريس» قُدّم العام الماضي على شاشة Canal Plus الفرنسية.

إلى جانب ذلك الدور التلفزيوني الصغير، ظهر طاهر رحيم أيضاً في دور ثانوي في فيلم الرعب الفرنسي «في الداخل» (إخراج ألكسندر بوستيلو وجوليان موري ـــــ 2007). وقد قدّم تحت إدارة المخرج سيريل مينيغن، في عام 2005، فيلماً بيوغرافياً زاوج بين التوثيق والتخييل، تحت عنوان «طالب اسمه طاهر». في هذا الشريط، عبّر طاهر رحيم ـــــ كان آنذاك طالباً في معهد السينما في مونبولييه ـــــ عن أحلامه بأن يصبح ممثلاً سينمائياً كبيراً. وها هي أحلام الممثّل الشاب، المولود عام 1981 في مدينة بلفور، شمال فرنسا، من أبوين مغربيّين، تتحقق بعد أقل من سنتين، بفضل الفرصة التي منحه إياها جاك أوديار في فيلم «نبي» حدث الدورة الحالية من مهرجان «كان».

الأخبار اللبنانية في 25 مايو 2009

 

السوق الدولية للفيلم: 1400 عقد و36 مليار دولار!

عثمان تزغارت

«كان» ليس أشهر المهرجانات السينمائية العالمية فحسب، بل هو أيضاً أضخم فعالية اقتصادية تُعنى بصناعة الفنّ السابع وتمويله. أبرز أفلام السينما العالمية لا تُعرض في «كان» فحسب، بل إنّ كلّ مراحل تصوّرها وإنتاجها تجري هنا في «السوق العالمية للفيلم» التي تقام على هامش المهرجان. رغم تأثيرات الأزمة المالية العالمية، سجّلت دورة هذا العام مشاركة 1018 مُخرجاً و4264 موزّعاً و4943 منتجاً، إضافة إلى 3964 ناقداً وصحافياً، من 120 دولة. فيما شهد المهرجان عرض أكثر من ألف فيلم روائي طويل، منها 20 في المسابقة الرسمية، و64 في التظاهرات الموازية. أما الباقي، أي حوالى 920 فيلماً، فعرضت في «السوق العالمية للفيلم» التي تعدّ أكبر تجمّع لمنتجي وموزّعي الأفلام في العالم. وقد جرى في إطارها توقيع ما لا يقل عن 1400 اتفاقية في صيغة عقود إنتاج أو توزيع سينمائي. وقد بلغت قيمتها الإجمالية 36 مليار دولار!

لضبط ذلك، يستند «كان» إلى جهاز تنظيمي وفريق عمل ضخم يضمّ 850 موظفاً من مختلف الاختصاصات، يشرف عليهم مجلس إدارة يضم 30 شخصاً. فضلاً عن هذا الفريق، نسج المهرجان شبكة عنكبوتية عالمية تضم المئات من «الأعين» و«الجواسيس» المكلفين برصد كل جديد من التجارب السينمائية في مختلف الدول.

وبذلك، أصبح الجهاز الإداري للمهرجان أشبه بشركة ضخمة متعددة الجنسيات، تتوزع فروعها عبر القارات الخمس، وتصل ميزانيتها السنوية إلى 25 مليون دولار. ورغم أنّها لا تدرّ أرباحاً بالمعنى التجاري، إلا أنّ مدينة كان التي تعدّ المموّل الرئيس للمهرجان، إلى جانب وزارة الثقافة الفرنسية، تجني خلال فترة انعقاده ـــــ أي خلال أسبوعين فقط ـــــ عائدات سياحية ضخمة تقدّر بـ400 مليون دولار!

أدرك المهرجان باكراً أن البقاء في المصاف الأول أبرز تظاهرة سينمائية عالمية لا يتأتى فقط عبر استقطاب أشهر رموز السينما المكرّسة، بل يحتاج أيضاً إلى مواكبة التجارب الناشئة في العالم، لأنها تضخّ في المهرجان دماءً جديدة، وتعطيه فرادة تقديم أكثر التجارب تجديداً ومغايرةً. وهو الأمر الذي يفسر تحوّل «كان» تدريجاً من قلعة ضيّقة لـ«سينما المؤلف»، ليصبح اليوم محجّاً سينمائياً شاملاً، لا يستقطب فقط المخرجين والنجوم، بل يجتذب أيضاً آلاف المنتجين القادمين لعقد صفقات وعقود الإنتاج المشترك، والمؤلفين الذين يبحثون عن مموّلين، والموزعين الذين يفتشون عن أعمال جديدة تتوافر فيها مواصفات الجودة. كل واحد من هؤلاء يجد ضالته في «كان»، حيث يمكن لمن يريد، خلال أسبوعين فقط، أن يشاهد من العروض ويعقد من اللقاءات والاتفاقات ما لا يستطيع تحقيقه على مدار الموسم السينمائي بأكمله! وهنا تكمن فرادة المهرجان.

الأخبار اللبنانية في 25 مايو 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)