حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

مهرجان كان السينمائي الدولي الثاني والستون

كان 2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

ثقافة فرنسية لجوائز مهرجان كان

أمريكا فيلم فلسطيني جميل

قصي صالح الدرويش من كان

جوائز مهرجان كان هذا العام تبدو فرنسية الطابع، حيث أن المخرج ميكائيل هانيكي فرنسي الثقافة وربما عاش في فرنسا وسبق له الاستعانة بعدد من الفنانين الفرنسيين في أعماله كما هو الحال مع إيزابيل هوبير التي أدت دور البطولة في فيلمه "عازفة البيانو" ونالت عنه جائزة  أفضل ممثلة، كذلك فإن الشركات الفرنسية تساهم في إنتاج أفلامه التي عرضت جميعها في كان باستثناء فيلم واحد. "الشريط الأبيض" فيلم جميل متماسك قاس، بل صارم رغم ما فيه من غموض، لكن منحه السعفة الذهبية يبدو كبيرا خصوصا وأنه فيلم تقليدي تدور أحداثه في قرية بروتستانتية متقشفة خلال العقد الثاني من القرن العشرين وعليه فضل الاستغناء عن الألوان وتصويره بالأبيض والأسود كي يشدد على مسألة التقشف المرتبطة بالبروتستانتية، ومنذ البداية يتردد في ردهات كان أن الذائقة الفنية لرئيسة لجنة التحكيم وحماسها وانحيازها للمخرج سيكون العامل الحاسم في اختياره للسعفة الذهبية، وهذا أمر مشروع لا نقاش ولا جدل حوله.  أما منح جائزة التحكيم الكبرى للفرنسي جاك أوديار عن فيلم "نبي" فكان موضع إجماع وقد سبق لنا الحديث عن هذا الفيلم الجميل.

وشهدت دورة هذا العام استحداث جائزة استثنائية خاصة للجنة التحكيم كانت أيضا من نصيب فرنسي هو المخرج المخضرم ألان رينية، وقرار منح مثل هذه الجائزة لا يعود للجنة التحكيم، فالجوائز محددة حسب قانون المهرجان، ولهذا السبب وصف رينية جائزته بأنها غريبة، والأصح أنها جائزة تكريم استثنائية تحية لمجمل أعماله كالتي تم منحها من قبل للمخرج الإيطالي مايكل انجلو انطونيوني أو ليوسف شاهين، ومثل هذه الجائزة تتخذ بقرار من إدارة المهرجان، وليس من طرف لجنة التحكيم. 

جائزة أخرى كانت من نصيب الفرنسيين هي جائزة أفضل ممثلة نالتها شارلوت غانسبور وهي جائزة مستحقة لأدائها الرائع في الفيلم الدانماركي "ضد المسيح".

بعبارة أخرى، لم تحصل السينما الأمريكية على أي من الجوائز، باستثناء جائزة أفضل ممثل لكريستوف والتز عن دوره في فيلم تارانتينو، لكن والتز الذي استحق الجائزة بجدارة هو نمساوي الأصل ويتحدث الفرنسية. وقد أدى في الفيلم دور ضابط استخبارات نازي شرير إلى جانب مجموعة من الممثلين الأمريكيين يتقدمهم براد بيت. وتجدر الإشارة إلى أن والتز ممثل مسرحي وتلفزيوني، ولم يسبق له أن شارك في عمل سينمائي. 

أما جائزتا أفضل سيناريو للفيلم الصيني "ليلة ثمالة ربيعية" وأفضل إخراج للفيليبني بريللانتي مندوسا عن فيلم "كيناتاي" فتبدوان أقرب إلى جوائز الترضية التي لا تعطى عن استحقاق.

الزمن المتبقي

بالطبع أعرب عدد مهم من النقاد عن أسفهم لتجاهل الفيلم الفلسطيني "الزمن المتبقي"  لكن الجوائز تعكس بشكل عام أهواء أعضاء لجنة التحكيم وأذواقهم  الشخصية ومدى التوافق على هذه الجوائز بما يعنيه ذلك من معادلات قوة بين أعضائها. ورغم إعجابنا بفيلم إيليا سليمان وموهبته وذكائه لا بد من الاعتراف بوجود نوع في التكرار في مواقع من الفيلم، وعليه سوف ننتظر  فيلمه المقبل على أمل أن يخرج من دوامة التكرار.

أيا كان الأمر، شهد المهرجان هذه السنة عرض أربعة أفلام تخص الشأن الفلسطيني، فإلى جانب "الزمن المتبقي" كان هناك فيلم "عجمي" الإسرائيلي الذي حظي بتنويه خاص من قبل لجنة تحكيم جائزة الكاميرا الذهبية والتي حصل عليها الفيلم الاسترالي "شمشون ودليلة". وفيلم عجمي من إخراج فلسطيني من عرب إسرائيل اسمه اسكندر قبطي وإسرائيلي اسمه يارون شاني، ومن هنا وصف بعض الصحف بأنه فيلم فلسطيني إسرائيلي، ويتناول الفيلم مسألة العلاقات بين مختلف الطوائف المسلمة والمسيحية واليهودية في مدينة يافا التي يجتمع فيها هذا الخليط وقد عرض الفيلم في إطار تظاهرة نصف شهر المخرجين. يافا أيضا كانت مسرح الأحداث في فيلم تم اختياره ضمن العروض الخاصة وحمل اسم المدينة "يافا" ويحكي أيضا عن قصة حب بين فلسطيني ويهودية.

أمريكا

لكن الفيلم الفلسطيني الجميل جدا الذي عُرض في تظاهرة نصف شهر المخرجين ومنحته جمعية نقاد السينمائيين الدوليين جائزة أفضل فيلم في هذه التظاهرة  فهو فيلم "أمريكا" للمخرجة شيرين دبس التي تعيش في الولايات المتحدة. وفي فيلمها الروائي الأول تأخذنا المخرجة إلى عوالم منى المرأة الفلسطينية التي تعيش وحيدة مع ابنها فادى بعد أن تخلى زوجها عنها ليعيش مع صبية أصغر سنا. منى متعلمة وتعمل في أحد المصارف أما فادي فيحلم بأن يعيش ويتعلم بعيدا عن حياة الإرهاب والمضايقات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، وربما بسبب ضيق الحياة أو خوفا على فادي، تقرر منى السفر إلى الولايات المتحدة حيث تقيم شقيقتها التي غادرت البلاد ولم تعد منذ 15 عاما. وتنفذ منى قرارها رغم إحساسها بالذنب تجاه أمها الوحيدة التي لم يبق لها سوى شقيق منى الذي قد لا يتمكن من زيارتها بوتيرة تكسر وحدتها. 

انطلاقا من مغامرة غير محسوبة النتائج تصل منى وابنها إلى أمريكا بعد سفر طويل وجلسة تحقيق متعبة في المطار، وفي أثناء التفتيش يضطر فادي للتخلي عن علبة الحلويات التي صنعتها جدته لأن إدخال المواد الغذائية ممنوع من دون أن يعرف بأن أمه خبأت داخل العلبة ثروتها الصغيرة البالغة 2500 دولار. وفي أمريكا تنزل في ضيافة أختها وزوجها الطبيب وأولادها من دون أن تسمح لها كرامتها بإخبارهم عن خسارة النقود التي حملتها، لذلك تسعى فورا إلى البحث عن عمل في المصارف وعندما تجد الأبواب مغلقة تعمل من دون علم أسرتها في مطعم وجبات سريعة بما يتيح لها تأمين مدرسة ابنها. لكن الأمور تتجه نحو الأسوأ بسبب السياسة المعادية للإرهاب وما ينجم عنها من عداء للعرب والمسلمين وينعكس هذا الأمر على الصهر الطبيب الذي يخسر نسبة من زبائنه ويتدهور وضعه على المستوى الحياتي، في نفس الوقت الذي يتعرف فادي من خلال ابنة خالته وصديقها على المخدرات كما يصطدم في المدرسة بتلاميذ عنصريين يتهمونه وأمه بأنهم من أنصار أسامة بن لادن. وتواجه منى نفس العنصرية من نفس التلاميذ حيث تعمل فتحاول طردهم، لكنها تقع أرضا وتكسر ساقها. وعندما يحاول فادي الانتقام لها يجد نفسه في السجن، لكن أمه تنجح في إطلاق سراحه بمساعدة أستاذ يهودي أصبح صديقاً لها ولأسرتها. ضمن هذه الظروف المضطربة تتطور حياة الأسرة ليدرك فادي أن حياته تغيرت وأصبح يتذوق متعتها.

الفيلم بسيط وحرفي، لا أخطاء فيه ولا ملل ولا ادعاءات غير ادعاء الواقع وكل ما فيه من مشاكل ومن متعة. بموهبة أكيدة نجحت المخرجة في ضبط إيقاع فيلمها وتصويره وفي إدارة ممثليه وخصوصا منى المرأة الجميلة المليئة القوام والمتألقة التي لم نعتدها في السينما العربية من قبل. إن هذا الفيلم يستحق التصفيق فيما تؤكد مخرجته قدرة على الحرفية والتطور في السينما الأمريكية أو العربية، إذ نجحت وفي قالب بسيط حرفي بتحميل الفيلم ودون خطابية هموم الإنسان الفلسطيني سواء داخل فلسطين أو بعيدا عن أرضها.

كوكو شانيل

نشير أخيرا إلى فيلم ختام المهرجان الذي كان كالعادة خارج المنافسة والذي حمل عنوان "كوكو شانيل وايغور سترافينسكي" للمخرج جان كونين والذي  يعود إلى علاقة الحب الكبيرة التي جمعت بين مصممة الأزياء الفرنسية كوكو شانيل وبين الموسيقي الروسي ايغور سترافينسكي. تبدأ الأحداث عام 1913 عندما يقدم سترافينسكي أحد أعماله في مسرح الشانزيليزه الباريسي، عمل استهجنه الجمهور لأنه خرج عن القالب المعتاد لكنه أعجب كثيرا كوكو شانيل التي كانت بين الحضور. سبع أعوام مرت قبل أن يلتجئ الموسيقي إلى فرنسا هربا من الثورة الشيوعية في بلده حيث يلتقي بشانيل التي أصبحت مشهورة والتي مات حبيبها السابق، فتعجب به وبفنه وتدعوه إلى الإقامة مع زوجته وأولاد في منزلها الفاخر قرب باريس حيث تبدأ بينهما قصة حب صاعقة تنعكس سلبا على مؤلفاته الموسيقية كما على حياته الزوجية، وتتطور الأحداث بما يجرح كرامة شانيل ومشاعرها فترفض أن تصبح مجرد معشوقة وتبتعد عنه رغم حبها له ورغم سفر زوجته مع أولادها بعيدا كي تفسح له المجال ليعيش حريته. بين الشوق والحب والحنين والتعب يبدع سترافينسكي في موسيقاه ويحقق النجاح الذي ألهمته إياه كوكو بجمالها وذكائها. الفيلم أنيق، لكنه لا يخلو من الافتعال أحيانا، فالتصوير مركب والإخراج غير موفق دائما كما أن أداء الممثلين جاء متوسطا. صحيح أن آنا موجلاليس التي أدت دور كوكو شانيل جميلة، لكن نبرة صوتها منفرة وخشنة، أما مادس ميكليسن فكان باردأ في أداء شخصية سترافينسكي. 

لعل الفيلم ممتع من حيث الفرجة وسرد حكاية حميمة جمعت بين نجمة في عالم الأزياء والعطور ونجم في عالم الموسيقى، لكن هذه الفرجة تظل مجتزأة الحيوية وبالتالي مجتزأة النجاح. 

موقع "إيلاف" في 25 مايو 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)