حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار) ـ 2009

OSCAR

2009

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

مذبحة في غزة ودموع في هوليوود:

الرقص الإسرائيلي مع الأوسكار الأمريكي

مروة شاكر

يعتبر النقاد والسينمائيون في العالم كله أن مجرد الترشيح لجائزة الأوسكار جائزة في حد ذاته؛ فهو يرفع من قيمة الفيلم الفنية فضلا عن المادية بزيادة فرص توزيعه والترويج الإعلامي له، وهو ما يزيد إجمالا من فرص مشاهدته, وبرغم عدم فوزه بأي من جوائز المسابقة الأشهر والأهم في العالم إلا أن الفيلم الإسرائيلي (رقصة فالس مع بشير) حقق نجاحا ساحقا على المستوى الفني بحصوله على جائزة "الجولدن جلوب" في 11 يناير الماضي، بالإضافة إلى ترشيحه لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي.

وقد تزامن ترشيح الفيلم الإسرائيلي للأوسكار في يناير الماضي مع المذابح الهمجية التي قام بها الكيان الصهيوني في غزة في الفترة من 27 -12 – 2008 إلى 22 – 1 -2009، وأسقط خلالها أكثر من خمسة آلاف شخص ما بين قتيل وجريح بأسلحة محرمة دوليا، وكانت المفارقة الغريبة هي القدرة على ارتكاب المذابح من قبل الكيان الصهيوني على الأرض، والبكاء وإعلان البراءة منها على الشاشة، وهو رهان إسرائيلي قديم نجح مع أفلام الهولوكوست في رسم صورة الضحية اليهودي، واستدرار العطف عليه من العالم، ودعم استقرار هذه الصورة في العالم مقابل تجاهل الهولوكوست الفلسطيني.

صبرا وشاتيلا

وتدور أحداث الفيلم عن ذكريات مخرج الفيلم "آري فولمان" حول مجزرة صبرا وشاتيلا، عندما كان جنديا في الجيش الإسرائيلي، ويقارن فيلم "رقصة فالس مع بشير" بين المذبحة التي أودت بحياة مئات الفلسطينيين في مخيم للاجئين بلبنان خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، وبين المحرقة النازية التي تعرض لها اليهود من قبل النازيين.

ويجسد الشريط الوثائقي، الذي يأتي بأشكال رسوم متحركة، محاولات المخرج آري فولمان تجميع ذكرياته عن المذبحة، والتي شارك فيها المخرج نفسه حينما كان جنديًّا في حرب لبنان عام 1982.

ويعود فولمان في "رقصة فالس مع بشير"، والذي عُرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الخميس 15-5-2008، برحلة بحث موجعة في ذكرياته عن المجازر التي شهدها في المخيم الفلسطيني، عقب اغتيال الرئيس اللبناني حينها بشير الجميّل.

يبدأ الفيلم، الذي يمتد 90 دقيقة، حين يوقظ المخرج أحد أصدقائه، ممن خدموا معه في حرب لبنان، من النوم ليقص عليه كابوسه المستمر، ويروي له أنه يشاهد كل مرة نفس الحلم؛ حيث تتعقبه كلاب تنبح وعددها دائما 26، ويكتشف المشاهد لاحقا أن هذه الكلاب هي العدد نفسه من الكلاب التي قتلها الجندي على مداخل قرى لبنانية؛ لأن الكلاب كانت أول من يتنبه لتسلل الجنود، وتبدأ بالنباح فتلفت الانتباه إليهم، لكن الجندي المخرج ككثير غيره بدا غير قادر على تذكر تلك المرحلة والأعمال التي قام بها، فيقرر أن يلتقي رفاق السلاح السابقين ليطرح عليهم أسئلة حول تلك الفترة.

ويسافر المخرج لملاقاة أصدقائه في أنحاء الأرض، وكلما توغل في الحديث إليهم، وبحث في ذاكرتهم عادت صور بيروت، وصور ما حدث لتطفو على السطح، ويكتشف المشاهد أن ذلك الجندي شارك في إطلاق القذائف المضيئة فوق مخيمي صبرا وشاتيلا ليسهل العمل للميليشيات المسيحية التي كانت مهمتها "تنظيف المخيم" كما يرد في الفيلم.

والفيلم، كما الحرب، يصعب تصويره مباشرة ومرة واحدة، لهذا اختار أسلوب رسوم سريالية تحاكي الواقع، وتعيد نسجه بأدق تفاصيله من سكن الضباط الإسرائيليين خلال الاحتلال لفيلات اللبنانيين الفخمة، إلى حب اللبنانيين لسيارات المرسيدس التي كان الجنود يعمدون باستمرار إلى إطلاق النار عليها.

ويصبح الحكي وسيلة للشفاء من بيروت وذكرياتها المدمرة عام 1982، بعد أن دخل آري الجندي الشاب إلى لبنان كسائر زملائه كمن يذهب فعلا في نزهة، لكن سرعان ما يظهر العكس؛ إذ يتعرض الضابط الذي في دبابة الجندي الشاب للموت بطلقات المقاومة، فيصطدم الجندي بواقع يحكم القبضة عليه، ويغرقه في عبثية الحرب.

الخلاص

لكن إذا كان النسيان ضروريا حتى تستمر الحياة بعد المجزرة، فالتذكر ضروري ولو بعد مضي 26 عاما على مجازر صبرا وشاتيلا، ويقول المخرج: "صنعت هذا الفيلم لأولادي كي يحاولوا بعد أن يكبروا ألا يشاركوا في أي حرب".

إنه التاريخ الشخصي لهذا الجندي يلاحقه في بيروت؛ حيث رقص مع الموت أمام صورة عملاقة لبشير الجميل، وحيث كان عليه دائما هو ورفاقه إطلاق النار على كل شيء وأي شيء، وفي كل الاتجاهات، ويضيف المخرج: "أعتقد أن آلاف الجنود الإسرائيليين خبئوا ذكرياتهم حول حرب لبنان في أعماقهم السحيقة، ولكن ذلك قد ينفجر في يوم ما محدثا أضرارا لا أعرف حجمها".

وبالرغم من الضبابية التي تلف القصة يبقى ما هو متوفر من إثباتات تاريخية ذُكرت في الفيلم أيضا، أنه في الـ 16 من سبتمبر عام 1982 اقتحمت ميليشيات موالية لإسرائيل -أو ميليشيات لبنانية على حد تعبير المخرج، إن صح نسب هؤلاء المجرمين للبنان- مخيمي صبرا وشاتيلا بمساعدة وتغطية من الجيش الإسرائيلي الذي أضاء لها سماء المخيمين ليلا باستخدام القنابل المضيئة عقب اغتيال رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك بشير الجميل؛ حيث استمرت عمليات الذبح البربرية لمدة ثلاثة أيام بلياليها وسط تعتيم إعلامي تام.

وعلى الرغم من أن "فولمان" قام بتشبيه فظاعة مجزرة صبرا وشاتيلا بفظاعة الجرائم الألمانية التي حدثت ضد اليهود، إلا أنه أسقط مصداقيته التي حاول أن يبنيها أمام مشاهدي فيلمه عندما تجاوز حدود رواية القصة إلى دفاعه عن عدم تورط أو معرفة قيادة الجيش الإسرائيلي بالمجزرة أمام الصحفيين في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد انتهاء عرض الفيلم مباشرة في مهرجان "كان" السينمائي، وهي معلومة لا يمكن لجندي مثله في الجيش معرفتها وتأكيدها بالدليل القاطع؛ مما يضعه في صورة السياسي لا الروائي، بالإضافة إلى بعض المبالغات مثل تصوير أحد الأطفال الفلسطينيين يحمل مضادا للدبابات، ويطلق صاروخا على إحدى حاملات الجنود الإسرائيلية!.

في النهاية، تعود قضية الفن واستخداماته المختلفة للتغرير بالشعوب لتفرض نفسها مجددا أمام الصناعة السينمائية العربية التي لم تستطع حتى الآن إتقان لعبة الدعاية التي يتقنها الإسرائيليون ومعظم صناع السينما الغربية، فما زالت بعض الأوساط الفنية العربية تتعامل مع الفن على أنه وسيلة للتسلية فقط، ولعرض قصص الحب الملتهبة التي دائما تنتهي بزواج البطلين.

مصادفة 

ويقول الناقد السينمائي طارق الشناوي الذي شاهد الفيلم في مهرجان "كان": "إنه فيلم جيد على مستوى البناء الفني؛ فهو يجمع بين التوثيق والرسوم المتحركة؛ وبالتالي هو يستحق ترشيحه للأوسكار، وكان ينافس بقوة في مهرجان "كان" مع الفيلم الفرنسي "بين الجدران" الذي فاز في المهرجان"، مضيفا: "أن قصة الفيلم مؤيدة للقضية العربية وضد ممارسات إسرائيل مع العرب، ومع كل هذا أعارض عرض الفيلم في عالمنا العربي؛ فالموضوع متعلق بالمقاطعة ومنع التطبيع مع إسرائيل، ولابد أن نتشبث بهذه الورقة التي نملكها".

منحيا فكرة تعمد التوافق الزمني لعرض الفيلم مع أحداث غزة وذلك "لأن مواعيد المهرجانات هي مواعيد ثابتة، وصادفت أن جاء ترشيح الفيلم وعرضه مع أحداث غزة، وهذا ليس له دلالة؛ لأن هذا الفيلم قبل أن يعرض في مهرجان "كان" عرض على كثير من اللجان والمسابقات الرسمية، وكان أيضا من الأفلام المرشحة بقوة للسعفة الذهبية في شهر 5-2008 لأنه فيلم قوي إبداعيا وسياسيا"، حسب قوله.

أما عن وجهة نظر المخرج التي قدمها في الفيلم فهي ليست استثنائية -كما يرى الشناوي- ولكنها تحمل نوعا من الابتكار لجأ إليه ليجمع بين وجهتي النظر الإسرائيلية والعربية، وفي نهاية الفيلم نجد أنه يختم الفيلم بجملة للسيدة التي تقول: "وينكم يا عرب"، والتي تعرض كثيرا على القنوات الإخبارية، وهذا أيضا جزء من توجه المخرج.

وتضيف الناقدة ماجدة موريس قائلة: "إن الفيلم مستواه الفني جيد؛ فالمقياس الفني متحرر أكثر من السياسي بالتحديد في أمريكا، ولو أن هناك قوانين فإنها تطبق لصالح إسرائيل، أما الفيلم فأنا لم أشاهده ولا أستطيع أن أحكم عليه، وربما تريد إسرائيل من خلال هذا الفيلم الظهور بمظهر الحمل الوديع، لكن كل هذا لن يبرر لها تصرفاتها البشعة بالأراضي العربية".

صحفية مصرية مهتمة بالشأن الثقافي 

 

الفائزون بجوائز أوسكار 2009 

إسلام أنلاين في 23 فبراير 2009

 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)