اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

 

القاهرة

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

«يوم ما اتقابلنا» يرشح لبلبة بجدارة لجائزة أحسن ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

 
     
  

سوف تظل صورة إسماعيل مراد في ذاكرة أبناء جيله ورفاق رحلته شابا نحيفا بالقميص المقلم والشعر الطويل يشغل نصف كادر الصورة بينما في النصف الآخر الفنان يوسف وهبي يحادثه في التليفون في أول أفلام إسماعيل عشت ألف عام وهو الفيلم التسجيلي الوحيد عن حياة الفنان الكبير . كان إسماعيل يصنع أفلامه القصيرة بقروشه القليلة وأمكانياته المحدودة . يطوف بها مهرجانات الهواة في العالم من تونس إلي البرتغال إلي لندن وغيرهما من بلاد الله. كل هذا قبل أن يلتحق بمعهد السينما بفضل أفلامه وكم الجوائز التي حصل عليها و التي توجها بجائزة كبيرة عن مجمل أفلامه القصيرة في مسابقة تسمي الكارت بوستال من مهرجان ببلجيكا وكانت الجائزة عبارة عن مفتاح مدينة بروكسل . وهكذا حصل إسماعيل علي مفتاح مدينة بروكسل منذ اكثر من خمسة عشر عاما ولكنه لم يتمكن من الحصول علي مفتاح مهرجان القاهرة إلا في دورته الحالية وبفيلمه الرابع يوم ما اتقابلنا عن سيناريو للكاتبة الموهوبة المتميزة زينب عزيز .تجيد زينب عزيز اصطياد التفاصيل الدالة من حياتنا اليومية مرتكزة علي قصة جميلة لتغريد العصفوري تدور حول فكرة التلاقي مع الماضي وسط زحام الحياة ومشاغلها ومشاكلها التي لا تنتهي. فبين حين وآخر يشعر كل منا أنه في حاجة للانفراد بذاته وذكرياته. يسترخي في هدوء مع أفكاره وماضيه وأحلامه ينصت في انسجام إلي أغنية قديمة أحبها وهو يقلب في ألبوم صور الصبا و الطفولة والشباب ليستعيد ذكرياته مع جيران ورفاق الماضي . ينسي كل هموم الحاضر وحصار العمل والأهل والأصدقاء. يلتقط انفاسه للحظات من مشاغل الحياة اليومية وأعباء المحيطين الذين اعتادوا ان يلقوا بها عليه . تلعب هذه اللحظات دورا مهماً في إعادة شحن طاقته ودفعه للمزيد من القدرة علي تحمل حياته الجافة والشاقة و مطالب الآخرين والإلحاح المزعج بأمور تافهة فين البيجامه .. يا ابلة ردي عليا ..ياماما انا عايز اتعشي .تختلط الأصوات ويأتي الجميع علي باب الحجرة في عمق الكادرمواصلين النداء ولكن زينب - لبلبة - الزوجة الأم الصابرة علي مضض في مقدمة الكادر تعيش في عالم آخر سارحة مع أفكارها وهي تنصت لصوت غناء فيروز في مشهد تعبيري جميل استهل به إسماعيل فيلمه بقوة وباسلوب سينمائي بسيط .بداية سحرية خاطفة من هذه البداية السينمائية الخاطفة ينطلق الفيلم ليروي لنا تفاصيل يوم مهم جدا في حياة زينب التي تبدأ فعليا من تلك اللحظة السحرية التي يقع فيها تي شيرت ابن زوجها من حبل الغسيل .فتجري إلي الشارع بلبس الغسيل وشبشب الحمام لاسترداده وقد نست مفتاح الشقة لتقضي مضطرة يوما كاملا مختلفا عن حياتها الروتينية المملة . يوم تتقابل فيه مصادفة مع صديق طفولتها يوسف - محمود حميده - الذي أصبح نجما سينمائيا .ويكون ثالثهما الجارة العجوز المريضة أم نصيف - إنعام سالوسه - التي تحلم بأن تقوم بزيارة لأختها بدار المسنين قبل أن تموت . عبر هذه الرحلة غير المتوقعة لتحقيق أمنية أم نصيف يستعيد الثلاثة ذكريات الماضي ويتعرفون علي أشياء ويواجهون مواقف ويرون أماكن لم يكن بإمكانهم أن يروها في ظل ظروفهم الحياتية التقليدية . يتكثف الشعور بالماضي من خلال الأغاني المؤلفة خصيصا للفيلم بطابعها الشجني التي تؤدي معظمها لبلبة بصوتها بأداء معبر ومؤثر أو الاغاني القديمة التي كانت تسترجعها مع زوجها أو يوسف أو حتي الأشرطة التي كانت تذاع من خلال الراديو . لعبت الأغنية دورا كبيرا في تحقيق الجو العام للفيلم ولكن خرجت عن السياق نوعا ما أغنية محمد نجاتي الشبابية الأقرب للفيديو كليب وإن كانت تعكس بشكل أو بآخرالمفارقة بين رحلتين أو عالمين . لبلبة ودرس في الأداء المتقدمتميز الحوار بالتركيز والعمق والاقتصاد الشديد واعتمد المخرج في معظم مشاهده علي لغة الصورة وتعبيرات الممثلين أساسا . وساعده في هذا تلك القدرة المذهلة التي وصلت إليها لبلبة في التعبير الصامت حين تتألق عيونها بشعاع من الأمل برغم الانكسار بتعبيرات متباينة وسريعة و عندما تتحول صفحة وجهها إلي مرآه تعكس ببراعة معاني متعددة من أعماق مختلفة وكأنها لوحة تشكيلية غنية بالتفاصيل والألوان والظلال . يطلب منها زوجها أن تنتظر عودته ليلا ولا تنام في إيحاء مستتر فتومئ في ابتسامة تمتزج فيها معاني القبول والخجل والفرح والرضا بالمقسوم. إن لبلبة بمعايشتها للشخصية وقدرتها العالية في الأداء علي نقل مشاعرها الداخلية عبر وجهها وصوتها وحركة جسدها أصبحت تتألق في الصورة ببريق خاص وتضيف لها رونقا مهما كان موقعها في الكادر . أما محمود حميدة فلم يكن في أفضل حالاته وربما ساهم في ذلك طبيعة مشاهده التي كانت تستلزم اجتهادا أكبر من الممثل .انفاعالات ممثلةعلا غانم تقدم الدور بإجادة وفهم وتكشف في مشهد انهيارها عن إمكانيات ممثلة قادرة علي تصعيد انفعالها وضبطه مهما طالت المساحة الزمنية لكنها كانت في حاجة لتقديم الشخصية بماكياج ونوع ملابس مختلف . فهي وإن كانت بالفعل تؤدي دور ممثلة إلا أنها ممثلة محبطة لم تحقق ما كانت تحلم به من نجاح علاوة علي ان حياتها الشخصية ممزقة وهي بالتأكيد تختلف عن علا غانم النجمة المتألقة وهو الوجه الذي اعتادت أن تظهر به في معظم أفلامها ومشاهدها أيا كانت الشخصية أو الموقف علي العكس تماما من لبلبة التي أدت بشجاعة فيلما تظهر في كل مشاهده بجلابية بيت وبمظهر عام للزوجة البسيطة المتواضعة الحال . ولكن بشكل عام يذكرك يوم ما اتقابلنا بأفلامنا القديمة التي كانت تتألق فيها الصورة بوجوه ممثلين متميزين ومعروفين في أدوار صغيرة فيتشبع المشهد بجمال الأداء وجاذبية الممثل . كان من المعتاد انتقاد الممثلين حين يؤدون أدوارا أقل من إمكانياتهم ولكن في الحقيقة أن السينما عمل جماعي ومساهمة أي فنان جيد بدور صغير في الفيلم تضيف ثراء وقيمة للصورة. ولهذا تلزم تحية مجموعة من الممثلين المتميزين الذين ظهروا في مشاهد قليلة أفادت الفيلم كثيرا ومنهم محمد نجاتي وأحمد عزمي وغادة إبراهيم وميرنا المهندس و سلوي عثمان.مفاجأة مؤثرةتنتهي مشاهد الرحلة لزيارة دار المسنين سريعا - وبمفاجأة مؤثرة - وإن كنت قد تمنيت أن تكون أكثر وأن تشغل مساحة أكبر من الفيلم بعد أن تهيأنا لذلك من مجموعة من المشاهد السريعة واللطيفة ومنها الزفة علي كوبري 6 أكتوبر حين تترك العروسة الخرساء الزفة وتجري علي النجم السينمائي يوسف وتقبله في فرحة وسعادة أمام العريس والأهل ويتطور المشهد لينتهي بصفعة علي خد النجم الجميل الذي تبدو عليه الدهشة والمفاجأة و تتألق تعبيرات لبلبة التي تقف إلي جواره صامتة والتي تتلون فيها ببراعة بفضل معايشة المشهد والتعبير بأسلوب تمثيلي متقدم فتتنقل سريعا من مشاعر الدهشة إلي القلق إلي الخوف إلي الشفقة إلي الارتياح ثم الابتسام والضحك.يحقق مدير التصوير الكبير رمسيس مرزوق حالة من السيطرة التامة علي إضاءة الفيلم لتتناسب في تعبيرها مع حالة اليوم الواحد من الصباح إلي المساء . وتضفي لمساته الجمالية الكثير من الروعة علي مشهد الكنيسة التي تذهب أم نصيف لزيارتها في النهاية فتتألق الأنوار لتتناسب مع لحظة التنوير التي يحققها إسماعيل مراد بإجادة عبر الاستفادة من عمق المكان وتكوين الكادر وأداء الممثلين والحوار البليغ ما تسيبيش الحزن ياخدك .. العيشة مع حد حتي لو بتتخانق معاه أهون كتير من إنك تعيش لوحدكلحظات الذكرياتوكما بدأ إسماعيل مشاهد فيلمه باسترجاع لحظات الذكريات يبدأ مشاهد النهاية بها أيضا ولكن بذكريات جديدة ومعاصرة جدا مع زينب وقد أحاطت بها أفراد عائلتها في أجواء جميلة من البهجة تروي لهم أحداث يوم خاص جدا بأداء لبلبة الحماسي الجميل وهي تحكي من البداية ووقفت علي باب شقة أم نصيف.. أخدت التيشرت وع الحمام عدل ... ثم يمتزج صوتها مع الغناء حتي يتلاشي . ولكن هل تمر ذكريات وأحداث هذا اليوم غير العادي دون أن تترك أثرا أو تجبرنا علي أن نفعل شيئا .هذا السؤال سوف يحاول الإجابة عنه يوسف النجم العائد للحارة في زيارة خاطفة .فهل يتحقق التلاقي حقا كما وعد جارته العجوزة التي تشبثت بهذا الوعد وأكدت عليه .. وإنت حتزورني كل يوم تلات زي ما وعدتني يلتقي إسماعيل مراد و زينب عزيز في سيناريو توظف هي من خلاله أسلوبها الرقيق المرهف واهتمامها بالمشاعر واللحظات الحميمة ,كما يلتقط فيه إسماعيل ما يجذبه من اهتمام بالصور القديمة وذكريات الماضي الجميل والتي سعي لتحقيق جانب منها في فيلمه السابق الذي شارك في مهرجان دمشق السينمائي صياد اليمام . ولكن سيناريو يوم ما اتقابلنا وموضوعه أتاحا له الاستفادة بشكل أكبر من هذه العناصر التي تشكل جزءا أساسيا من شخصيات تبحر في الماضي لتستعيد من جديد قدرتها علي الانطلاق مع الواقع ولتصنع فيه ذكريات جديدة تجد ما ترويها للأسرة ولتضفي علي الحياة لحظات من السعادة البريئة التي تكسر جمودها وخشونتها .

جريدة القاهرة في 25 نوفمبر 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)