اضغط للتعرف على صاحب "سينماتك" والإطلاع على كتبه في السينما وكل ما كتبه في الصحافة Our Logo
 

    حول الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار   

رندا الشهال.. مفاجأة الرحيل

 

وداعاً رندا

 

خاص

بـ"سينماتك"

كتبوا في السينما

أخبار ومحطات

سينماتك

ملتيميديا

إبحث

في سينماتك

إحصائيات

استخدام الموقع

 

رندة الشهال.. حياة قصيرة أطول من سنواتها الخمس والخمسين بثراء تجاربها

الطفلة والمرأة والمقاتلة في مونولوغ الحرب والسينما

ريما المسمار

 
     
  

لم تكن كثيرة المرات التي التقيتها فيها ولكنها كانت تصاعدية. من لقاء عابر في بيتها باليرزة إبان تحضيرها لفيلم "متحضرات" الى زيارة موقع التصوير من دون أن أتمكن من محادثتها، بدت لي رندة الشهال مخرجة متعالية صعبة المنال. التقيتها مجدداً خلال تصوير "طيارة من ورق" في البقاع الغربي. فهمتها أكثر. كانت خلال التصوير في عالم خاص . لم أسعَ الى محادثتها. قابلت فريق العمل والممثلين وانتزعت منها بعض الكلمات. كان الامر مختلفاً تماماً بعيد خروج الفيلم في الصالات اللبنانية مصحوباً بسمعة عالمية بعد ان فاز في مهرجان البندقية السينمائية. بدت رندة في الحوار الذي تلا العرض الافتتاحي شديدة الالتزام بالاجابة على الأسئلة ومنح الوقت الكافي لمحاورها. انها مسألة منوطة بفهم دورها واحترام دور الآخر. كان الحوار ممتعاً. كانت حادة انما بشكل عفوي وصادق. تتحدث عن الاشياء كأنها تعيشها للتو . كانت كتلة من الأعصاب متأهبة لاتخاذ موقف من كل ما يجري حولها. هكذا تربت وعاشت دائماً على انها جزء من هذا العالم ومشكلاته فلم يعد بمقدورها أن تقف متفرجة حتى عندما يكون ذلك لصالحها أحياناً. ولكن الحوارات الأمتع معها كانت تلك غير الرسمية تماماً التي انطلقت مع فكرة التحضير لفيلم وثائقي عن حياتها ومسيرتها السينمائية. شرعت أبواب الطفولة والعائلة والسينما والحرب والغربة في جلسات جرت على مراحل وعلى مسارح عدة بدت خلالها في أحيانٍ كثيرة كأنها تناجي نفسها، تستعيد مراحل حياتها، تعيد تقويمها. كانت قد خاضت النقاش مع ذاتها منذ وقت طويل حول مفاهيمها السابقة. فكانت تتحدث بلغة الماضي عن ذكرياتها وتعود الى لغة الحاضر للتعليق عليها .

اليوم إذ تُوارى رندة الشهال الثرى في مسقط رأسها طرابلس نستعين على الفقدان بكلماتها الحميمة والصادقة ننقلها بتلقائيتها. وربما يواسينا أن نعثر في تلك الكلمات على امرأة عاشت حياتها القصيرة بأطول من سنواتها الفعلية. عاشت اللحظة والفرح والألم والخيبات والانتصارات وأخطأت وصوبت وواجهت وتمردت قبل أن تغادر بصمت حافرة الكثير من الألم والدموع والغربة في محبيها. اذا كانت طوع لكلمات وحدها طوع أيدينا اليوم فلتكن اذاً كلماتها...

الطفولة والعائلة

كنا عائلة مختلفة في كل شيء. أمي عراقية مسيحية من البصرة. شيوعية في طرابلس. مع ستالين والعذراء في آن. متزوجة من شيوعي علماني. كانت خبصة. كلاهما مسيسان. عشت في خوف دائم من كل شيء. كان عمري ثلاث سنوات عندما أخذوا والدي أمام عيني. نظر الى أختي نهلة وقال لها "انا معتمد عليك". اجتماعات الحزب الشيوعي كانت تجري في منزلنا وغالباً ما كانت تنتهي بكبسة من الشرطة. شجرة عيد الميلاد كنا نلفها بسجادة لنتمكن من نقلها الى المنزل ولم نكن نستقبل الزائرين في فترة عيد الميلاد. جو المنزل وارتيادي مدرسة للراهبات والاختلاف الديني كانت أموراً تضاعف احساسي بالشيزوفرينيا. لم تكن طفولة سهلة لاسيما ان الحرب أتت باكراً ولم تتح لنا فرصة إقامة نقاش مع أهلنا حول هذه التفاصيل. لم تكن القيم السائدة في بيتنا تزويج البنات أو جمع المال. كانت الانسانية هي الهم. كلنا في عرف أهلي مسؤولون عن حرب فييتنام. هذه التربية جعلتني مهتمة بشيء خارج عن ذاتي وكانت مهمة لتكويني الانساني بالدرجة الاولى. انها قدرة والديَّ على أن يجعلوا منا أناساً مختلفين. كانا ثوريين وسابقين لعصرهما وكانوا يستمعون الينا ويناقشوننا في سن مبكرة.

كانت أمي انسانة حادة الطباع لا تساوم. تبنت كل حالة ثورية في العالم والأولوية عندها كانت المعرفة. أما شغل البيت والتبرج والطبخ فكانت بالنسبة اليها مضيعة للوقت. لم تكن تسمح بالعلكة والانوثة كلمة خارج قاموسها لدرجة انها منعتني من شراء لعبة سباربي7-7- لابنتي 7-7-نور7-7- لاحقاً لأنها لعبة بورجوازية! الحياة اليومية وتفاصيلها تفاهات بالنسبة اليها. تعلمت منها القيم ومعنى التحرر ليس كخطاب وانما كواقع يومي. كانت قاسية وحنونة في آن. اما أبي فكان يحب الحياة واللبس والسينما والخروج والموسيقى. كان يدافع عني حتى لو كنت مخطئة. باختصار كنا عائلة متمردة على العالم الخارجي. مشهد من طفولتي لا يبرح ذاكرتي: كنت أقف الى جانب والدي نستمع الى خطبة الجمعة من نافذة لا يصل رأسي الى أعلاها بينما أبي ممعن في الاصغاء. لاحقاً فهمت ان الخطبة كانت موجهة ضدنا. كل هذا أغنانا وشرّع لنا أبواب الثقافة والسياسة.

السينما (1)

لم يكن في طرابلس شيء سوى السينما. كنت أذهب ووالدي لمشاهدة فيلم ودائماً كانوا بنادونه في منتصف الأحداث بصفته طبيب. فيتركني أتابع الفيلم وحيدة في الصالة ثم يعود لاصطحابي لنعود في مرة أخرى ونشاهد الفيلم من جديد.

اول فيلم شاهدته كان 7-7-سيدتي الجميلة7-7- وكانت تلك المناسبة بمثابة سهرة مهمة بالنسبة الي. شاهدته مؤخراً وأعتقد انه فيلم ذكي. اما في ذلك الوقت، فلم تكن الصورة هي التي جذبتني بل الكتابة او فكرة تأليف حالة ما ووضع الناس فيها وتوظيفهم في تلك الحالة التي لا تشبههم. هكذا بدأ ميلي الى الكتابة او تأليف مواقف كنت أجبر عائلتي على تمثيلها. وأنا بطبعي كنت أكذب طوال الوقت وأخترع قصصاً غريبة. دائماً كانت الطريق من البيت الى المدرسة حافلة بالمغامرات المتخيلة التي كنت أرويها لأصدقائي. ولكن التجربة الأعمق أثراً في كانت مشاهدة فيلم أنتونيوني Blow Up . كنت في الثالثة عشرة او أكثر بقليل وأقل ما يمكن قوله انني أصبت بصدمة وانقطعت عن الطعام لأيام. كان الفيلم بجرأته وحسيته وفلسفته تجربة مختلفة ومنها فهمت ان السينما تقوم على دراسة.

اليسار

ما كان عندي خيار الا ان اكون يسارية وهذا امر سابق للحرب. لم أكن سياسية انا كنت الفنانة في العائلة. لم ألتزم حزباً لأنني لا أملك النظام والانضباط الكافيين لذلك. دخلت منظمة العمل الشيوعي لوقت قصير وبقيت قريبة من الجو اليساري. بدون فلسفة ما هو اليسار؟ هوتفكير يعتمد على ان الانسان مهم والقيم مهمة. هذا فكر لا أنفصل عنه. هو ليس التزاماً بل طريقة حياة وتفكير. لم تعد هنالك شيوعية فعلية ولا يمين رجعي فعلي. اليسار ليس التزاماً بل تيار واسع وتفكير واسع. اليمين المتحرر هو الموضة اليوم وهذا ليس صدفة بل مخطط له. هناك خطة لجعل كل الشباب العربي سطحي وتافه ومتفق على حبه لستار أكاديمي. مقصود ما يكون فيه ثقافة فعلية. مقصود تكون الرجعية هي الموضة.

السينما (2)

في 72 سافرت الى فرنسا لدراسة السينما وفي بالي أنني سأكمل في المجال الذي أحببته وهو إخبار القصص. كانت التقنيات خيبة أملي الفظيعة لأنها لم تستهوني وأحسست انها من خارج العالم السينمائي الذي عشقته. أعترف الآن بأنني نسيت كل شيء درسته ولا أنصح اي شخص موهوب ويحب السينما ان يضيع وقته في الدراسة. المهم أتت الحرب باكراً وجعلتني أخبر قصة الحرب والوطن المفقود فقط. أما يومياتي وهمومي وهواجسي فذهبت سدى الريح. اختفت اليوميات واضمحل الفرد. صار هناك مجتمع في مواجهة حرب. العالم الاوروبي هو كناية عن أفراد. اما عالمنا العربي فهو مجتمعات في مواجهة حرب ما او ظلم ما. الفردية عندنا بدأت بالتبلور أخيراً والسينما كفن لم تكن واردة في أيام الحرب. لم يكن ممكناً أن أستمع الى الموسيقى ابان الحرب. كنت في حالة تيقظ دائمة. الآن أحاول ان اكون أقل تيقظاً.

الحرب (2)

أتت الحرب وأنا لم أتم الثالثة والعشرين بعد وكانت فرصة لتطبيق كل ما آمنت به. أتت الحرب لننفذ كل ما حلمنا به عن غيفارا. لم يكن هنالك مكان للشعور بالخوف او الموت او الأذى. عملت مرسالاً بين عرفات وكمال جنبلاط فكنت أقطع الحواجز بتذاكر مزورة من دون أن يرف لي جفن. كان ذلك نوع من اللاوعي كما أراه الآن. لا أظن أنني كنت جريئة بل حمقاء. ولكني في قرارة ابنة العشرين التي كنتها كنت أعتقد أنني أعمل لتحسين الانسانية وأنني أحارب من أجل قضية وأسير مع التيار الذي سينقذ لبنان ويقضي على الطبقية ويعيد فلسطين. ما كنت رايحة أبعد من هيك. ولكن حين يبدأ الموت بالاقتراب منك ويسقط الاصدقاء تبدأ الغصة والتساؤلات. في النهاية فظاعة الحرب الاهلية كانت في طولها وتكرارها وعنفها وتبدل تحالفاتها. من هناك بدأ الشك وبدأت أبتعد.

السينما (3)

السينما خلال سنوات الحرب الاولى لم تختلف عندي عن تأدية واجب وعن فكرة القضية المكملة منذ الطفولة حيث نحن بنات الشهال لم نكن بناتاً بل حملة قضية. كانوا يوزعون الادوار علينا وبما أنني كنت أدرس السينما فكان من الطبيعي أن أُستغل في ذلك الجانب. أول شيء صورته شاب على مدخل مركز لحزب المرابطون في المصيطبة. كنت برفقة المصور الذي رحل روبي بريدي وانشغلت أنا بإخراج دفتر دراسي كنت أحمله معي دائماً خاص بالتقنيات. جلست القرفصاء وبدأت أقلب صفحاته فاقترب مني روبي وسألني عما أفعله فأجته بأنني أحاول ان أكتشف اي "فيلتر" هو الافضل للتصوير في هذا الضوء. ضحك كثيراً وقال مش مهم المهم في هذه الحالة ان نلتقط المشهد. اكتسبت عادة التصوير بشكل يومي ابان الحرب. لم تخطر في بالي فكرة عمل فيلم كنت فقط أشعر بضرورة تصوير ما يجري. صورت طلعة النسوان من سجن الظريف وصورت المسلخ سنة 76. كنت أعيش اللحظة من دون اي تفكير او تخطيط للمستقبل. صورت اشياء كثيرة معظمها احترق في استديو بعلبك. وكان رأيي حينها ان المنظمة يجب ان تخترق الحريق لتنقذ أفلامي! بعدما تراكمت الصور في الارشيف، فكرت في انجاز فيلم عن يوميات الحرب فكان 7-7-خطوة خطوة7-7- الذي أنتجته مؤسسة السينما الفلسطينية وكان الفيلم السياسي النضالي الملتزم الذي لم أعد الى مشاهدته أبداً. عندما فاز بجائزة في بلجيكا تفاجأت لأنني لم أفكر فيه. لم يكن هنالك وقت للتفكير. كل شيء كان مفروضاً علي.

الاجتياح

في 4 حزيران سنة 1982 كنت في الطائرة متجهة الى باريس عندما قال لنا الستيورات ان إسرائيل دخلت لبنان. في 7 حزيران ركبت الباخرة من قبرص وفي 8 حزيران كنت في جونية. ركبت تاكسي أنزلني على طريق صيدا القديمة فركضت من أمام القناص وظللت على تلك الحالة الى أن تنبهت الى ولد يركض الى جانبي ويسألني لماذ أركض فهمت انني وصلت الى رأس النبع ووجدت في قميصي لاحقاً رصاصة فاحتفظت به الى يومنا هذا. حتى الاجتياح الإسرائيلي، كان كل شيء ممكناً بالنسبة الي على الرغم من سنوات الحرب الطويلة. ولكن بعد الاجتياح تبدل كل شيء وترافق مع زواجي في العام 1982 وولادة ابنتي 7-7-نور7-7- في العام التالي. صار عندي وقفة وصرت في عالم آخر. عرفت الخوف للمرة الاولى منذ بداية الحرب. تغيّرت. أقولها لأولادي دائماً: بسببكم صرت جبانة. الفرق فظيع بين المرأة الحرة وبين الأم. قبل الاجتياح، كنت صبية حرة مؤمنة بالنصر. بعده صرت متزوجة وأم وإسرائيل في لبنان! كانت مرحلة غامضة ابتعدت فيها عن كل شيء وانتهت بموت والدي عام 88.

السينما الوثائقية

الحرب دفعتني الى صنع أفلام وثائقية وأجد هذا العمل صعباً ويؤذيني نفسياً. أنجزت ثلاثة أفلام وثائقية هي "خطوة خطوة" و"حروبنا الطائشة" و"سهى". وقبلها هناك "لبنان أيام زمان" الذي أعتبره اول عمل إخراجي فعلي وكان تصوير معرض لجورج الزعني. لولا الحرب لما كانت كل تلك المسيرة. كنت صنعت أفلاماً على علاقة بالفرد.

السينما (4)

أفلامي على علاقة مباشرة بحياتي سواْ أكانت ذاتية ام لا. "حروبنا الطائشة" جاء من احساسي بأنني أنتمي الى عائلة استثنائية بالفعل وهكذا بدأت أصورهم على مدى 15 سنة قبل ان انجز الفيلم. كل أفلامي تعبر عني عن الالزدواجيات التي أعيشها وان كنت أشعر بأن "متحضرات" أكثرها شبهاً بي. السينما هي طريقة عيش بالنسبة الي. عندي نظام يومي أصحو باكراً وأكتب. ما عندي ملذات أخرى. السينما مشوار حياتي وليست فقط مهنتي. لكل انسان ما يحبه والسينما هي كذلك بالنسبة الي.

البحر

البحر مازال يشدني الى لبنان. بيروت تغيرت كثيراً. لم تعد مدينتي. أحب البحر كثيراً واسبح في كل مكان ودائماً أتذوق طعم المياه. طعم البحر هنا مختلف. ثمة ملوحة خاصة بلبنان. الطعم يختلف حتى بين طرابلس والجية.

الحرب (3)

بيروت مدينة ناطرة. لبنان كله بلد ناطر. ما صار فيه فعلاً نقاش حول الحرب. ما صار فيه وقفة لنقول من المسؤول. حرب طويلة عريضة وما حدا مسؤول. أسهل شيء نقول لا علاقة لنا بما جرى. هذه عقلية المافيا. هذا لا يبني بلداً. الحرب لم تكن حرب الآخرين على أرضنا كنا يقال دائماً بل كانت حرباً سياسية وطبقية. حرب سلطة. كنا نقاتل وقتها لمفهوم ما للقيم والتغيير.

متحضرات

الحرب بالنسبة الي ليست استعراضاً. لا أستطيع ان تصور في الاوقات الصعبة. أحتاج الى وقت. فضلت ان أبتعد قبل ان اقدم فيلمي الروائي عن الحرب. استغرقتني كتابة "متحضرات" وقتاً طويلاً. كان لازم الألم يخف. أعترف ان "متحضرات" فيلم قاسٍ ولكنه ظلم. لا أعتقد ان الشتائم هي التي أزعجت الأمن العام والرقابة وانما الجو العام الذي يبرهن ان الكل مسؤول عن الحرب وان الحرب لوّثت الجميع من دون استثناء. كما ان المرحلة التي خرج فيها الفيلم كانت مؤاتية لتلقين المثقفين درساً فكان من خلال "متحضرات". كنت مستعدة ان أغير في البداية ولكنهم لم ينتظروني ومنعوا عرض الفيلم. اعتبرت انهم فتحوا جبهة فقررت المواجهة وبعدها آثرت عدم عرضه. تأذيت من "متحضرات" كثيراً.

الغرب

أنا مواطنة عالمية. انتمائي فكري. ولكن يشتد انتمائي الاثني عندما أشعر أنني مرفوضة. انا ضد الظلم أينما كان. وفي أوروبا مؤخراً حالة متكررة من الاعتداء الفكري على العرب والمسلمين تقوم على التعميم. أنا أقاتل الإجمال والتعميم. لست ضد الغرب ابداً. خياري الشخصي كان أن أقيم هناك وأحترم الفرنسيين كثيراً.

التمويل

الحياة مش أبيض وأسود. ما عندي مشكلة يكون تمويل أفلامي أجنبي ما دمت مقتنعة بما اقدمه. الاوروبيون يفهمون أهمية الصورة ولا يمولون أفلاماً تؤذيهم. علينا ان نعترف بشيء: في اوروبا حرية رأي كبرى لا نفهمها في العالم العربي. لم أواجه أية مشكلة في تمويل أفلامي في الغرب لأن العلاقة واضحة. المشكلة مع العرب. ولكنني لست من المخرجين المعتمد عليهم في أوروبا. أفلامي هناك منتقدة بشدة ومهاجمة. جوائزي نتشتها نتشاً والصحافة لم تدلعني لأنني مختلفة سياسياً.

حرب تموز

بقيت عاطفية حتى حرب تموز 2006. تلك الحرب كانت الضربة القاضية. عدا الظلم، كنا نتفرج على أنفسنا تحت الحرب. لم نكن فقط مُستغلين بل كان هنالك سيناريو وإخراج للحياة والموت. تأذيت أكثر من الحرب الأهلية. كرهت أوروبا والعالم العربي. صرت افهم شو يعني واحد يلف حالو بزنار ويفجر نفسه. شعرت بخيانة هائلة. المنفذ الوحيد كان ان نصير ضحية.

المرض

المرض محطة. ولكنني لا أحب ان أقول انني مريضة بل أنا مصابة بالسرطان. مريضة يعني عندي حرارة مرتفعة او رشح او برد او ما شابه. أنا مصابة بالسرطان وأتعاطى معه كمرحلة تتطلب المواجهة والصلابة. وانا أصلاً أحب الحياة فلذلك لا يمكن أن استسلم. أصلاً يعنيني في كل حياتي أنني لم أتصرف يوماً كضحية. مهما حدث وسيحدث من مرض وحروب وطلاق لن أكون ضحية. ولكن مرضي مشكلة عاطفية في الأساس. هكذا انا دائماً أمرض في الازمات. ومع كل أزمة اليوم، ينبت السرطان من جديد في جسدي.

المستقبل اللبنانية في 29 أغسطس 2008

 
     
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2008)