ملفات خاصة

 
 
 

كلوديا كاردينالي انطلقت من تونس وعادت إليها

رحيل فاتنة السبعينات ورحلتها

لندنمحمد رُضا

رحيل أيقونة الجمال السمراء

كلوديا كاردينالي

   
 
 
 
 
 
 

رحلت الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي يوم الثلاثاء الماضي عن عمرٍ ناهز 87 عاماً، قضت معظمه في التألّق والتمثيل السينمائي.

كانت كلوديا كاردينالي من نجمات السينما الإيطالية اللاتي نلن شهرةً عالمية، وشاركن في أفلام أوروبية وأميركية. إلى جانب صوفيا لورين (91 سنة) وجينا لولوبريجيدا (التي رحلت عن 95 عاماً في أوائل 2023)، شكّلت كاردينالي حضوراً غنيّاً بين الممثلات الفاتنات في عصرٍ سينمائي حافظ على تصوير المرأة تجسيداً للأنوثة في الحقبة التي سبقت انتشار أدوار العنف والقتال كما نراها اليوم.

حياتها المبكرة وبداياتها

وُلدت يوم 15 أبريل (نيسان) 1938 في تونس، لأبوين من صقلية استقرا هناك منذ منتصف الثلاثينات. حتى عام 1958، كانت تمارس كرة السلة مع فريق نسائي، لكن شغفها الحقيقي كان السينما منذ فازت بمسابقة «ملكة جمال الإيطاليات التونسيات» عام 1957، خوّلتها الجائزة الظهور في فيلم قصير بعنوان «خواتم الذهب (Anneaux d’or)»، عُرض بنجاح في «مهرجان برلين».

منذ ذلك الحين، أرادت أن تصبح ممثلة محترفة، وكانت فرصتها الأولى، والوحيدة وقتها، عرضاً من المخرج الفرنسي جاك باراتييه الذي كان بصدد تصوير فيلم «جحا» بمشاركة عمر الشريف في البطولة. كان عليه أن يختار بين كاردينالي، والبحث عن ممثلة تونسية، وبعد تردّد، وافقت كاردينالي على الدور؛ ربما لعدم وجود خيارات أخرى أمامها.

لم يكن دور «أمينة» في ذلك الفيلم إلا ظهوراً محدوداً في الواقع، لكن في العام نفسه أُتيح لها الاشتراك في فيلم إيطالي بعنوان: «المعتاد المجهول (I soliti ignoti)» أو «صفقة كبيرة في شارع مادونا (Big Deal on Madonna Street)»، وقد لاقى الفيلم في العام التالي ترشيحاً لـ«الأوسكار» بوصفه «أفضل فيلم أجنبي». أخرجه ماريو مونيتشيللي، الذي عاد ليعمل معها عام 1966 في فيلم بعنوان: «فاتا أرمينيا» (جزء من ثلاثية مشتركة).

ما بين هذين الفيلمين، نضجت موهبتها ولعبت أدواراً رئيسية في أفلام عدّة؛ إيطالية وفرنسية، من بينها «حقائق جريمة» لبييترو جيرمي (1959)، و«أنطونيو الجميل» لمورو بولونيني (1960)، و«روكو وإخوته» للوكينو ڤيسكونتي (1960)، و«الأسود طليقة» لهنري ڤرنوِيل (1961)، و«خرطوش» لفيليب دو بركا (1962).

مرحلة نجاح

كان ڤيسكونتي من كبار مخرجي السينما الإيطالية، ومع أن دورها في «روكو وإخوته» (الذي تصدّر بطولته ألان ديلون وآني جيراردو) لم يكن رئيسياً، إلا إنه ترك بصمة ساهم في استقبالها أدوار بطولة ومساندة أولى. نجاحها في هذا الفيلم كان سبباً في عودة ڤيسكونتي إليها ليمنحها دوراً أكبر شأناً وحجماً في فيلمه التالي «الفهد» (1963) الذي قاد بطولته الرجالية كل من الأميركي بيرت لانكاستر والفرنسي ألان ديلون.

1963 هو أيضاً العام الذي ظهرت فيه في أول فيلم أميركي لها، وهو «الفهد الوردي» أمام بيتر سلرز وإخراج إدوارد بلايك، وهو العام نفسه الذي وضعها المخرج الرائع (وأحد قمم السينمائيين الإيطاليين بدوره) فديريكو فيلليني في فيلمه البديع «1/2 8» أمام مارشيلو ماسترياني وأنوك إيميه.

لم تغِب كاردينالي عن الأفلام الكبيرة والبطولات اللافتة في السبعينات والثمانينات. واصلت العمل تحت إدارة ڤيسكونتي، فظهرت في «جزء محادثة (Conversation Piece)» عام 1982، وفي دور مشهود بفيلم «فتزجيرالدو» للألماني ڤرنر هرتزوغ. في هذا الفيلم الذي نفذته بسبب اسم مخرجه، كما صرّحت بعد سنوات، عانت مما عاناه باقي الممثلين من مشاق تصوير و«نرجسية أحد الممثلين»، وفق قولها. الغالب أنها كانت تقصد بطل الفيلم كلاوس كينسكي.

في حفل منحها جائزة «فيلق الشرف» بباريس عام 2008، نصحت الممثلات الشابات: «لا تقبلن دوراً لمجرّد الظهور فقط. ارفضن أي نوع من الابتزاز من بعض المخرجين. نعم، أنتن بحاجة إلى القتال للحفاظ على قراراتكن».

في لقاء خاص بيننا خلال «مهرجان صوفيا الدولي» عام 2011، سألتها عما إذا كان زواجها من المنتج فرنكو كريستالدي (في مطلع شهرتها) ساهم فعلياً في مهنتها: قالت: «كان العمل معه قاسياً... كنت أمثل 4 أفلام في العام الواحد، وكان ذلك منهكاً، وكنت مفلسة طوال الوقت. نعم تزوّجنا لاحقاً، لكنني لم أشعر بالحرية إلا من بعد طلاقنا».

·        هل ساهم رغم ذلك في صنع كاردينالي نجمة؟

- طبعاً. هذا ليس قابلاً للنكران. كان يدير عملي بحكمة؛ لكن بسلطة. أقصد أنني كنت في كثير من الأوقات اعترض على تمثيل هذا الفيلم أو ذاك، لكن إذا لم يوافق كان عليّ أن أقبل بما يقرره لي. لم تكن عندي حاجة شخصية لأظهر في أفلام كثيرة كل سنة، لكنني كنت أفعل ذلك بسببه. كل ذلك صنع مني نجمة كما تقول. في الوقت نفسه من يستطيع القول إنني لن أكون نجمة لو مثلت أفلاماً أقل؟

·        ماذا عن زواجك من المنتج باسكال سكويتييري؟ هل كانت تجربتك الفنية معه أفضل؟

- منحني الحرية التي كنت أريدها. صرت أختلي بنفسي؛ أقرأ السيناريوهات بتمهل وتمعّن. هذه الفترة شعرت خلالها بأنني مستقلة بالفعل، وبدأت مسيرتي بهذا النفَس الجديد».

الجوائز والنهاية

بدأت كاردينالي مسيرتها في تونس، وانتهت هناك كذلك عندما مثّلت أحد الأدوار الرئيسية في فيلم «جزيرة الغفران» (2022) للمخرج رضا الباهي. وهو فيلم درامي عن عائلة إيطالية سكنت جزيرة جربة في بدايات القرن الماضي... نتعرّف عليها وعلى الأحداث التي عايشتها من وجهة نظر ابن العائلة. هو نوع من الذاكرة المزدوجة؛ ذاكرة الصبي الذي يعايش ما يدور، وذاكرة الباهي كما استوحاها من حكايات والده. تجد العائلة الإيطالية نفسها أمام تحديات مفاجئة؛ كون محاولة الدعاة دفع الأب وابنه لاعتناق الإسلام أثارت غضباً. بذلك؛ فكرة التعايش، كما يذكر الفيلم، تنهار أمام الرغبات المتطرّفة؛ مما يدفع العائلة في نهاية المطاف إلى شد رحالها والعودة إلى موطنها الأصلي.

قبل ذلك بعام، ظهرت في فيلم بعنوان: «كلوديا» للمخرج فرنك سان كاس. وفي 2020، شاركت في فيلم أميركي بعنوان: «مدينة أشقياء (Rogue City)» لأوليڤر مارشال.

لكن أفضل ظهور لها في فيلم أميركي كان من صنع سيرجيو ليوني سنة 1968 تحت عنوان: «ذات مرّة في الغرب (Once Upon a Time in the West)». هناك تصدّرت بطولة الفيلم أمام هنري فوندا وتشارلز برونسن، مؤدية دور المرأة التي وصلت إلى بلدة صغيرة لتجد نفسها وسط دوّامة من الصراعات المختلفة.

قدّمت نحو 108 أفلام، وحقّقت نحو 20 ظهوراً تلفزيونيأً، ونالت عدداً بارزاً من الجوائز... على سبيل المثال، حظيت بجائزة «غولدن غلوبز» لـ«أفضل ممثلة» عن دورها في فيلم «كلاريتا» (1984)، وعنه أيضاً نالت جائزة خاصة من «مهرجان ڤينيسيا». كما نالت جائزة «ديڤيد دي دوناتيللو» الإيطالية السنوية 4 مرّات بين 1972 و1997.

واحتُفي بها في دورة عام 2011 من «مهرجان لوكارنو» السويسري، وقبل ذلك نالت جائزة «مهرجان مونتريال» الخاصّة عن مجمل أعمالها عام 1992، وبعدها بعام احتفى بها «مهرجان ڤينيسيا» ومنحها جائزة تقدير عن مجمل أعمالها، وهي التي سبق أن نالت في المهرجان نفسه جائزة «أفضل ممثلة» عن دورها في «كلاريتا» (1984).

 

####

 

باريس تودّع أسطورة السينما كلوديا كاردينالي

أنوثة متمرّدة صنعت مجد السينما الإيطالية

باريس: «الشرق الأوسط»

مُحاطة بأسرتها وبهدوء يليق بشخصيتها، انطفأت في ضاحية نيمور، قرب باريس، الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي عن 87 عاماً. وُلدت كاردينالي في تونس لعائلة من صقلية. وكانت تتكلّم الفرنسية في صغرها وتعلّمت الإيطالية فيما بعد. ظهرت الصبية الخجولة على الشاشة في بدايات الستينات، فلفت جمالها أنظار المخرجين الذين وجدوا فيها امتداداً للنجمات الإيطاليات اللواتي لمعْنَ في السينما العالمية؛ مثل: آنا مانياني، وجينا لولوبريجيدا، وصوفيا لورين.

فيلماً بعد فيلم، وصلت كاردينالي إلى «هوليوود»، وخرجت من أدوار الفتاة البريئة التي يحلم كلّ شاب بأن تكون خطيبته، إلى أدوار الإغراء والأنثى الساحرة. كما اختارها المخرج سيرجيو ليوني لبطولة فيلم «حدث ذات مرة في الغرب» من نوع الكاوبوي؛ إذ تتلقّى رصاصة في بطنها، وتسمع البطل تشارلز برونسون يقول لها تلك العبارة الشهيرة في حوارات الشاشة الفضية: «أنتِ لا تدركين المتعة التي يجنيها الرجل من النظر إلى فتاة مثلك. وإذا خطر ببال أحدهم أن يقرصك فتظاهري بأنه أمر عابر».

وُلدت كلود جوزفين روز كاردينالي في 15 نيسان (أبريل) 1938 في بلدة حلق الواد، في تونس التي كانت لا تزال تحت الحماية الفرنسية. والدها مهندس سكك حديدية، وهي الكبرى بين 4 أطفال. تشرَّبت أشعة الشمس، وكانت طفلة جامحة وجريئة تمتلك كلّ ما يلزمها لتكون سعيدة. لكنها بدأت حياتها ضحية قبل أن تُنهيها منتصرة. تعرَّضت للاغتصاب وهي مراهقة، وكانت النتيجة ولادة طفل حاولت إخفاءه طويلاً؛ إذ زعمت في بدايات عملها الفنّي أنه شقيقها الصغير. فازت بلقب «أجمل إيطالية في تونس» في مسابقة نظّمتها هيئة السينما الإيطالية، وبفضل فوزها دُعيت بوصفها سائحة إلى مهرجان «البندقية السينمائي»، حيث تلقّفها المصوّرون وهتفوا باسمها وهي ترتدي لباس سباحة خاطته أمها.

فرحت الصبية حين حصلت على ظهور قصير مع ممثلين معروفين، من أمثال فيتوريو غاسمان ومارشيلو ماستروياني في فيلم «الحمامة»؛ وكان فيلماً روائياً أرسى قواعد الكوميديا الإيطالية. لكن ما إن انتهى التصوير حتى عادت إلى مدرستها ومستقبلها بكونها معلّمة في إحدى مدارس جنوب تونس. غير أنّ السينما عادت تطرق بابها ثانية، فأدَّت دوراً شهيراً أمام الممثل الفرنسي ألان ديلون في فيلم «روكو وأخوته» للمخرج لوتشينو فيسكونتي، عام 1960. تفاعلت نظرات ديلون الزرقاء النارية مع عينيها السوداوين الكبيرتين، وحقَّق الفيلم رواجاً كبيراً جعل منها نجمة واعدة. كما تشاركت البطولة مع جان بول بلموندو في فيلم «كارتوش» لفيليب دو بروكا عام 1962.

تتالت الأدوار على كلوديا، لا سيما بعد اقترانها بزوجها الأول المنتج فرانكو كريستالدي الذي كان آنذاك صاحب نفوذ كبير، فباتت بطلة في أفلام لمخرجين كبار مثل فيلليني وآبيل غانس وكلود لولوش. كما لبَّت طلبات مخرجين عرب، مثل سهيل بن بركة وفريد بو غدير. وعندما انتقلت إلى العمل في أفلام أميركية في «هوليوود» لم تكن تتكلّم الإنجليزية، فجاءوا لها بمَن يدبلج حواراتها. وكان مواطنها المخرج فيسكونتي يتحدَّث معها بالفرنسية، وأراد لها أن تُبقي شعرها الأسود طويلاً. أما فيلليني فكان ذا نظرة مغايرة؛ إذ طلب منها في فيلم «ثمانية ونصف» أن تقصّ شعرها قصيراً وتصبغه باللون الأشقر.

تعرّفت إلى الروائي الإيطالي ألبيرتو مورافيا الذي دعاها إلى حوارات طويلة نُشرت في كتاب يجمع بين الفنّ والفلسفة والعلاقات بين الجنسَين. بالإضافة إلى ماستروياني وديلون وغاسمان، وقفت أمام بريجيت باردو، وهنري فوندا، وتشارلز برونسون، وجون وين. لكنها رفضت الإقامة في «هوليوود» وفضَّلت عليها باريس.

دعمت كاردينالي الممثلين والمخرجين الشباب، وأسَّست مؤسسة تُعنى بالأطفال في مناطق الحروب. كما ساعدت زملاءها من ضحايا مرض «الإيدز»، ووقفت إلى جانب صديقها الممثل الأميركي روك هدسون وهو على فراش الموت. وبفضل التزامها بالقضايا الإنسانية، اختارتها «اليونيسكو» سفيرة للنيات الطيّبة. ومع تقدّمها في العمر رفضت اللجوء إلى عمليات التجميل، وكانت تُردّد أنّ زيت الزيتون هو مرهمها الوحيد للحفاظ على نقاء بشرتها. ولم تعتزل الشاشة حتى سنواتها الأخيرة. وللاحتفال ببلوغها الثمانين صعدت إلى خشبة «تياترو أوغستيو» في نابولي لتؤدّي دوراً في مسرحية ثنائية؛ لأنّ نابولي كانت مدينة حبيب عمرها وزوجها الثاني الراحل المخرج باسكال سكيتيري الذي عاشت معه 30 عاماً.

وعند إعلان خبر وفاتها في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء، نعاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائلاً إنّ كلوديا كاردينالي ستبقى في قلوب الفرنسيين. كما نشرت وزيرة الثقافة في الحكومة المستقيلة رشيدة داتي، تدوينة جاء فيها أنّ نظرة كاردينالي وصوتها سكنا إلى الأبد تاريخ السينما.

 

####

 

رحيل الممثلة كلوديا كاردينالي عن 87 عاماً...

«أجمل إيطالية في تونس»

باريس: «الشرق الأوسط»

غيّب الموت عملاقة سينما ستينات القرن العشرين الممثلة الفرنسية الإيطالية كلوديا كاردينالي، التي رحلت «عن 87 عاماً محاطةً بأبنائها» في مقر إقامتها في نيمور بضواحي باريس، وفق ما أفاد مدير أعمالها، أمس الثلاثاء.

وأدّت كاردينالي، المولودة في تونس، أدواراً في أفلام لعددٍ من أبرز المخرجين مثل لوكينو فيسكونتي وفيديريكو فيليني وريتشارد بروكس وهنري فيرنوي وسيرجيو ليوني.

وقال مدير أعمالها لوران سافري، في رسالة نصية إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنها تترك لنا إرث امرأة حرة وملهمة، في مسيرتها بصفتها فنانة وامرأة على السواء».

ونعى وزير الثقافة الإيطالي أليساندرو جولي «واحدة من أعظم الممثّلات الإيطاليات على مرّ العصور».

وقال الوزير، في بيان، إنّ «كاردينالي جسّدت الرقيّ الإيطالي الأصيل وجمالاً فريداً، وشاركت في أكثر من 150 فيلماً على مدار مسيرتها الفنية الطويلة، بعضها يُعدّ من روائع سينما المؤلف». وأضاف: «بعدما أصبحت معروفة عالمياً، ألهمت أبرز مخرجي القرن العشرين بموهبتها الاستثنائية». كانت كلوديا كاردينالي، التي برزت من خلال أدوارها في «إيل غاتوباردو» Il Gattopardo، و«وانس آبان إيه تايم إن ذي ويست» Once Upon a Time in the West، و«أوتّو إي ميدزو» Otto e mezzo، من أشهر ممثلات السينما الإيطاليات، إلى جانب جينا لولوبريجيدا وصوفيا لورين.

وشاركت في أفضل أفلام مرحلة النهضة السينمائية الإيطالية (بولونييني وزورليني وسكويتيرتي)، وتألّقت في هوليوود (إدواردز، بروكس، ليوني)، وفي فرنسا (بروكا، فيرنوي)، وحتى في ألمانيا مع فيرنر هرتزوغ وفيلمه الشهير «فيتزكارالدو» Fitzcarraldo. وكانت كلود جوزفين روز كاردينالي، المولودة في حلق الوادي، بالقرب من تونس العاصمة، في 15 أبريل (نيسان) 1939، لأب فرنسي وأم إيطالية من جزيرة صقلية، في السابعة عشرة، عندما فازت بمسابقة جمالية دون أن تترشح لها.

وانقلبت حياتها عندها رأساً على عقب، إذ كُوفئت «أجمل إيطالية في تونس» برحلة إلى مهرجان البندقية السينمائي، حيث أحدثت ضجة كبيرة، وتلقّت عروضاً سينمائية عدة. وكانت بدايتها في أفلام إيطالية، مع أنّ لغتها الإيطالية كانت سيئة، وكانت تتحدثها بلكنة فرنسية، وهي تجيد أيضاً العربية والصقلية.

«الفتاة ذات الحقيبة رحلت»

في الثانية والعشرين، شاركت لوكينو فيسكونتي بطولة فيلم «روكو وأشقائه» Rocco e i suoi fratelli عام 1960، مما أهّلها، بعد بضع سنوات، لواحدٍ من أهم أدوارها في فيلم «إيل غاتوباردو»، إلى جانب آلان دولون وبيرت لانكستر عام 1963. وفي العام نفسه، شاركت في تحفة سينمائية إيطالية أخرى هي «أوتّو إيه ميدزو» للمخرج فيليني، حيث لعبت دور ملهمة الشخصية الرئيسية، وهو مخرج.

وكانت كلوديا كاردينالي تقارن دائماً ببريجيت باردو. ومثّلت «سي سي» السمراء، و«بي بي» الشقراء، شكّلتا معاً لاحقاً فيلماً بعنوان «فتيات النفط» (1971).

كذلك حقّقت نجاحاً باهراً في مسيرتها الفنية الأميركية، إذ لعبت دور البطولة في فيلم «النمر الوردي» (1963) للمخرج بليك إدواردز، وفيلم «المحترفون» مع بيرت لانكستر. أما دورها في الفيلم الإيطالي الأميركي الشهير «وانس آبان إيه تايم إن ذي ويست» (1968) للمخرج سيرجيو ليوني، إلى جانب تشارلز برونسون وهنري فوندا، فقد نالت عنه جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 1993، وجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عام 2002. وقال الرئيس السابق لمهرجان كان السينمائي، جيل جاكوب، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية: «لقد رحلت الفتاة ذات الحقيبة». وأضاف: «كانت جميلة، بسيطة، وهادئة، لكن عندما كانت الكاميرا تصوّر، كانت تشرق بابتسامة ونظرة حنونة، عزّزها صوتها الأجش. مجّدها العظماء، وخدمتهم، وكنّا نحبّ هذه الشخصية الرقيقة حباً جماً».

 

الشرق الأوسط في

24.09.2025

 
 
 
 
 

وفاة أسطورة السينما الإيطالية كلوديا كاردينالي عن عمرٍ يناهز 87 عاماً

سيدتي - نهى سيد

حالة من الحزن تنتاب الوسط الفني ليس الإيطالي فقط، بل العالمي أيضاً، لوفاة أيقونة من أيقونات الفن، حيث رحلت عن عالمن النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي Claudia Cardinale، الشهيرة بأفلام Pink Panther، وThe Leopard، وذلك عن عمرٍ يناهز 87 عاماً. هذا ولم يتم الإعلان عن سبب الوفاة.

خبر وفاة كلوديا كاردينالي

توفيت كلوديا كاردينالي- عربية المولود حيث وُلدت في تونس- في بلدة نمور الفرنسية برفقة أبنائها، وفقًا لوكيل أعمالها لوران سافري، الذي قال لوكالة فرانس برس AFP: "لقد تركت لنا إرثًا من امرأة حرة وملهمة، كامرأة وفنان".

نبذة عن كلوديا كاردينالي

وُلدت كلوديا كاردينالي في تونس لأبوين صقليين في أبريل 1938، وفازت في مسابقة جمال وهي في السادسة عشرة من عمرها، حيث نالت لقب "أجمل امرأة إيطالية في تونس". وكانت الجائزة هي بوابتها للشهرة والنجومية والعالمي، حيث كانت رحلة لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، ومن هناك تواصل معها مخرجون ومنتجون للمشاركة في صناعة الأفلام.

ولكن لأنها نشأت وهي تتحدث الفرنسية والعربية ولهجة والديها الصقلية، اعتُبرت لهجتها غير مقبولة، ودُبلج صوتها من قِبل ممثلين إيطاليين آخرين.

كلوديا كاردينالي: بداية الشهرة والدخول لعالم هوليوود

بدأ نجم كلوديا يلمع عام 1963 عندما ظهرت في فيلم "8 1/2" للمخرج فيليني الحائز على جائزة الأوسكار، وفي الدراما التاريخية الملحمية "The Leopard"، الذي أصبح من كلاسيكيات فيسكونتي.

عملت في هوليوود في الستينيات، حيث لعبت دور البطولة في فيلم The Pink Panther للمخرج بليك إدواردز، وفيلم Once Upon A Time In the West للمخرج سيرجيو ليون، وظهرت مع ممثلين من بينهم هنري فوندا وتشارلز برونسون. امتدت مسيرتها الفنية لستة عقود، وذاع صيتها خلال العصر الذهبي للسينما الإيطالية، وأخرجها عظماء مثل فيديريكو فيليني ولوكينو فيسكونتي.

واصلت التمثيل حتى بلغت الثمانينيات من عمرها، حيث ظهرت في المسلسل التلفزيوني السويسري Bulle عام 2020.

ارتبطت بالمنتج السينمائي فرانكو كريستالدي لكنهما انفصلا في أوائل السبعينيات، لتبدأ علاقة طويلة الأمد مع المخرج النابولي باسكوالي سكويتيري، وأنجبت منه ابنة تُدعى أيضًا كلوديا. ولدى كاردينالي ابن يُدعى باتريك أنجبته وهي في عمر الـ 19 عاماً.

 

####

 

كلوديا كاردينالي وعمر الشريف...

انطلاقة مشتركة من "جحا" إلى ذاكرة السينما العالمية

سيدتي - عمرو رضا

رحلت عن عالمنا صباح اليوم، 24 سبتمبر 2025، النجمة العالمية كلوديا كاردينالي Claudia Cardinale، أيقونة الجمال الإيطالي المولودة في تونس، عن عمر 87 عاماً في مدينة نيمور قرب باريس، محاطة بعائلتها، كما أكد وكيل أعمالها لورانت سافري لوكالة الأنباء الفرنسية، غادرت تاركة وراءها إرثاً سينمائياً عظيماً، يمتد لأكثر من ستة عقود، شاركت خلالها في أكثر من 130 فيلماً، من بينها أعمال خالدة مثل الفهد (1963) للوكينو فيسكونتي، و8½ (1963) لفيدريكو فيلليني، وكان يا ما كان في الغرب (1968) لسيرجيو ليوني، وفي خضم هذا الوداع الحزين، تستعيد الذاكرة نقطة البداية التي شهدت انطلاقتها السينمائية الأولى، حين وقفت إلى جوار النجم المصري العالمي عمر الشريف في فيلم جحا (1958)، الذي أخرجه الفرنسي جاك باراتييه، قبل أن يتعاونا مجددا للمرة الثانية في فيلم More than a miracle الذي عرض عام 1967 وهو فيلم رومانسي إيطالي من إخراج فرانشيسكو روسي.

وقد تذكّرت كلوديا كاردينالي Claudia Cardinale، لاحقاً تلك التجربة قائلة عن عمر الشريف: «هو ممثل حساس جداً، لا يخرج الكلمة إلا بعد أن تمرّ على مراكز الإحساس لديه»، في إشارة إلى تجربتهما المشتركة في جحا. وعن إمكانية مشاركتها في فيلم مصري، صرّحت: «من المؤكد ستكون تجربة رائعة وأتمنى تحقيقها، لكني لا أجيد الحديث باللغة العربية، ولذلك سيكون دوري مقصوراً على تجسيد شخصية أجنبية في فيلم مصري». وأضافت عن مصر: «مصر بلد جميل ذو حضارة عظيمة مثل حضارة بلادي، وقد جعلني مولدي في تونس عاشقة للحضارات العربية». هذه الكلمات، التي نقلتها مقابلاتها في رويترز (2015)، عكست إدراكها المبكر للقيود اللغوية، لكنها كشفت أيضاً شغفها العميق بالثقافة العربية، التي تجذرت فيها منذ نشأتها في تونس.

لم يكن جحا مجرد تجربة سينمائية شهدت اكتشاف النجمين كلوديا كاردينالي وعمر الشريف، بل كان حدثاً استثنائياً في تاريخ السينما العربية، فهو أول فيلم تونسي يدخل المسابقة الرسمية لمهرجان كان، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم (Prix du Jury) وتُرشح للسعفة الذهبية، قبل أن يُعاد عرضه بعد عقود في قسم "كلاسيكيات كان" عام 2013.

جحا بين الأسطورة الشعبية والإنتاج المشترك: جسر بين الشرق والغرب في زمن التحولات

جحا (1958)، الفيلم التونسي-الفرنسي الذي وُلد من رحم الأسطورة الشعبية العربية، استند إلى شخصية جحا الشهيرة التي لطالما رُويت حكاياتها في المقاهي والبيوت العربية، تلك الشخصية التي تجمع بين السذاجة الظاهرة والذكاء الماكر. اقتبس الفيلم عن رواية جحا البسيط للكاتبين إسحاق آدس وشموئيل يوسف أغنون (وليس "جوزيبوفيسي" كما يُكتب أحياناً)، وقد أعاد الشاعر اللبناني جورج شحادة صياغة النص بروح شرقية شاعرية، محولاً الشخصية من نزعة استشراقية غربية إلى طابع عربي أكثر أصالة، كما وصف المخرج جاك باراتييه لاحقاً: «شحادة أعاد تعريب جحا، موجهاً القصة نحو الشرق العربي».

جسّد عمر الشريف، في عاشر أفلامه وأول عمل دولي له خارج مصر، شخصية جحا التونسي، الفتى الساذج الذي يُستغفل من محيطه لكنه يخفي ذكاءً ودهاءً يتفجران حين يقع في غرام "فُلّة" (زينة بوزيان)، زوجة الشيخ العجوز تاج العلوم (دانيال إميلفورك) ليتورط بعدها في الكثير من الأزمات وينجو منها بسبب قدراته على المكر والدهاء.

مع المعالجة الشاعرية لجورج شحادة تحوّل الفيلم إلى مزيج ساحر بين الحكاية الشعبية والفانتازيا الشعرية، مطعّم بإيقاع بصري بديع من تصوير جان بورغوان، وموسيقى ساحرة لموريس أوهانا، وديكورات جورج كوسكاس التي عكست جماليات تونس القديمة.

كتب الناقد الفرنسي جورج سادول في Les Lettres Françaises (1959): «باراتييه جعل من جحا فيلسوفاً متخفياً، يمارس السخرية كأداة نقد اجتماعي»، بينما وصفت مجلة الكواكب المصرية العمل (أبريل 1958): «إنه أول فيلم تونسي يُقدَّم بجدية عالمية، يمزج بين السرد الشعبي والتصوير الشعري».

لم يكن جحا مجرد فيلم، بل مغامرة إنتاجية طموحة، وُلدت كأول ثمار التعاون بين فرنسا وتونس بعد استقلال الأخيرة عام 1956، بتمويل من شركة "الأفلام الفرانكو-إفريقية"، التي أسسها باراتييه نفسه، والهيئة التونسية الناشئة (SATPEC، أو Société Anonyme Tunisienne de Production et d’Expansion Cinématographique)، واجه الفيلم صعوبات مالية ولوجستية هائلة.

ووثّقت أرشيفات السينماتيك الفرنسي أن التصوير تأجل بسبب أحداث الجزائر، ليبدأ فعلياً في 14 مارس 1957 بعد إعداد مكثف في فبراير، واستمر لمدة 15 أسبوعاً بدلاً من 10 المخطط لها. الفيلم صدر بنسختين، الأولى ناطقة باللهجة التونسية العربية ظلت نادرة حتى تم اكتشافها وعرضها في تونس عام 2018، والأخرى فرنسية هي المتداولة حاليا وتبلغ مدتها 83 دقيقة، وصُوّر في مواقع طبيعية بتونس، من حوزة الحمامات إلى رأس الجبل وجربة، ليحمل بذلك بذور ولادة صناعة سينمائية محلية.

طالب الشريك التونسي، ممثلاً ببشير بن يحمد (سكرتير الدولة للإعلام وقتها)، بتعديلات للسيناريو ليحمل "علامة تونسية أصيلة"، كما أشار برنارد باستيد في مقالته عام 2011. إلى أن هذه التعديلات صنعت التوازن بين البُعد التراثي والتجديد السينمائي ما جعل جحا أقرب إلى حكاية أسطورية متخيلة، وفي الوقت نفسه صدىً واقعياً لحياة الناس في تونس ما بعد الاستعمار، كما كتبت صحيفة La Presse de Tunisie (مارس 1958): «الفيلم ليس فقط مغامرة إنتاجية مشتركة، بل إعلان ولادة لصوت تونسي جديد في السينما العالمية».

كلوديا كاردينالي... من مجال التعليم إلى عالم السينما عبر جسر مسابقات الجمال

كانت كلوديا كاردينالي، الفتاة التونسية-الإيطالية ما تزال في مطلع العشرينيات حين لفتت أنظار المخرج جاك باراتييه. وُلدت في 15 أبريل 1938 لأسرة مهاجرة من صقلية؛ والدها فرانسيسكو كاردينالي، عامل في السكة الحديد في جيلا، وأجدادها يملكون شركة صغيرة لبناء السفن في تراباني. تحدثت الفرنسية واللهجة التونسية العربية ولهجة صقلية كلغات أم، ولم تتعلم الإيطالية إلا لاحقاً من أجل أفلامها الإيطالية.

تلقت تعليمها في مدرسة سان جوزيف دي لا أباريشين بقرطاج، ثم في مدرسة بول كامبون، حيث تخرجت عازمة على أن تصبح معلمة. في سن المراهقة، كانت هادئة وغامضة، مفتونة بالممثلة بريجيت باردو في الرب خلق المرأة (1956) لروجيه فاديم.

أول لقاء لها بالسينما كان في فيلم قصير من إخراج رينيه فولييه مع زملاء صفها، عُرض في مهرجان برلين وحقق نجاحاً محلياً. ثم جاءت نقطة التحول عام 1957 خلال أسبوع السينما الإيطالية في تونس، حيث فازت بجائزة "أجمل إيطالية في تونس"، التي منحتها رحلة إلى مهرجان البندقية السينمائي، لتُفتح أمامها أبواب السينما.

في جحا، وبحسب أرشيف السينماتيك الفرنسي أرادها باراتييه لدور البطولة (فُلّة)، لكن السلطات التونسية فضّلت ممثلة تونسية أصيلة، فاختار زينة بوزيان، وأسند إلى كاردينالي دوراً ثانوياً، وقبلت الدور على مضض. ورغم صغر الدور، تركت انطباعاً لافتاً، حيث التقطت الكاميرا ملامحها الفريدة وجمالها الطبيعي. وكتبت صحيفة Le Monde الفرنسية (مايو 1958): «من بين وجوه الفيلم، يسطع وجه شابة مغمورة تملك عينين تتكلمان أكثر من أي حوار مكتوب».

وأضافت The Times البريطانية (يونيو 1959): «تلك الشابة القادمة من تونس تحمل وعدًا لسينما أوروبا، مزيج من الشرق والغرب في ابتسامة واحدة». هذا الظهور، الذي كان أول ظهور روائي طويل لها (رغم بدء الإنتاج في 1957 وصدور الفيلم في 1958)، شكّل نقطة انطلاق نحو تعاونها لاحقاً مع كبار السينمائيين مثل فيسكونتي وفيلليني.

الاستقبال والذاكرة السينمائية: علامة فارقة في السينما التونسية والعالمية

حين عُرض جحا في مهرجان كان 1958، كأول فيلم تونسي يدخل المسابقة الرسمية، استقبلته الأقلام النقدية الفرنسية بترحاب كبير. أشاد به جان-لوك جودار، وهنري سادول، وكلود مورياك، واعتبروه تحفة شعرية بصرية، حيث كتب جودار في Cahiers du Cinéma: «جحا يحمل سحراً بصرياً يجمع بين بساطة الحكاية الشعبية وتعقيد الفن السينمائي».

فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم (Prix du Jury) وجائزة "النظرة الأولى" في قسم " Un Certain Regard" لأصالته الشعرية وتميّز حوارات شحادة، كما تُرشح للسعفة الذهبية. لكنه واجه صعوبات في التوزيع، إذ جاء في زمن اجتياح "الموجة الجديدة" الفرنسية بقيادة غودار وتروفو، ولم يُعرض في صالات فرنسا إلا في مايو 1959، كما وثّق برنارد باستيد.

في تونس، عُرضت النسخة الفرنسية أولاً في سينما لو باري بتونس في أبريل 1958، ثم توزعت النسختان العربية والفرنسية بالتوازي، لكن الاستقبال كان فاتراً، إذ رأى الجمهور التونسي أن شخصية جحا في الفيلم بعيدة عن الصورة المرحة والماكرة التي يعرفونها، فضلاً عن ضعف جودة الدبلجة في النسخة العربية، كما أشار الناقد التونسي الطاهر شريعة في مهرجان قرطاج 1966: «جحا سيظل شاهدًا على أن السينما التونسية بدأت باحتضان الأسطورة الشعبية وتقديمها للعالم».

رغم عدم تحقيقه نجاحاً تجاريا جماهيرياً كبيراً وقت عرضه، ظل جحا علامة فارقة في تاريخ السينما التونسية والعربية، كونه جمع أسماء ستصبح لاحقاً أيقونات خالدة: كلوديا كاردينالي في أول أدوارها، وعمر الشريف في خطوته الأولى نحو العالمية قبل لورانس العرب (1962).

بالنسبة إلى تونس، كان الفيلم نافذة مبكرة على الإنتاج المشترك مع أوروبا، وللعالم العربي تجربة نادرة في تقديم شخصية جحا بروح إنسانية عالمية، بعيداً عن الصور النمطية الاستشراقية، كما كتب الناقد التونسي شريعة: «جحا أثبت أن السينما المغاربية قادرة على إنتاج صوت خاص، مختلف عن الصور الاستشراقية». لقاء الشريف مع كاردينالي في جحا بدا وكأنه وعد مبكر بلقاء عابر بين ضفتين: الشرق العربي وأوروبا المتوسطية. وصفت مجلة الكواكب المصرية (أبريل 1958): «لم نندهش من وسامة الشريف وحضوره، لكن المفاجأة كانت في الشابة ذات العينين الواسعتين التي سرقت الكادر من حوله».

وأضافت صحيفة La Croix الفرنسية (1959): «المقابلة بين عمر الشريف، القادم من مصر، وكلوديا كاردينالي، التونسية-الإيطالية، تعكس أفقاً جديداً للسينما المتوسطية».

إرث الفيلم والوداع الأخير: وثيقة سينمائية نادرة للحظة ميلاد نجمة

مع رحيل كلوديا كاردينالي، يبدو جحا اليوم كوثيقة سينمائية نادرة تسجل لحظة الميلاد الأولى لنجمة ستكتب تاريخاً حافلاً بالإبداع. هذا الفيلم، الذي نسي العالم أحياناً أنه جمع بين كاردينالي وعمر الشريف، كان أكثر من مجرد عمل سينمائي؛ كان حلماً طموحاً جمع بين خيال الشرق وأساليب الإنتاج الغربي، وأطلق مسيرتين سينمائيتين ستصبحان من الأعمدة الراسخة للسينما العالمية، بالنسبة إلى كاردينالي، كان جحا البداية التي مهدت لأدوارها الكبرى، حيث انتقلت من دور ثانوي في شوارع تونس القديمة إلى أضواء هوليوود وأوروبا. وبالنسبة إلى الشريف، كان جسراً إلى العالمية، حيث أثبت قدرته على تقديم شخصية شعبية عربية بأسلوب عالمي، وكتب الناقد الفرنسي كلود مورياك: «في جحا، رأينا وميضاً مبكراً لعمر الشريف، نجم سيصبح رمزاً عالمياً، ولكلوديا كاردينالي، التي بدت وكأنها وُلدت لتسرق الأضواء».

رحلت كلوديا كاردينالي، لكن ابتسامتها الأولى في شوارع تونس، بين الحكايات الشعبية وظلال جحا وحماره، ستبقى خالدة كوميض أول لنجمة أضاءت سماء السينما لأكثر من ستة عقود، تاركة إرثاً يفيض بالأدوار والحضور الطاغي الذي جعلها أيقونة من أيقونات الفن السابع عالميا.

 

سيدتي نت السعودية في

24.09.2025

 
 
 
 
 

من ياسمين تونس إلى أضواء روما… وداعاً كلوديا كاردينالي

رولا عبدالله - المصدرالنهار

كانت كل شخصية ترتديها حياة جديدة، وكل فيلم نافذة أخرى على العالم. وربما لذلك بقيت في ذاكرة عشّاقها، امرأة يصعب حصرها في دور واحد أو زمن واحد.

في رحيلها، تبدو كلمات كلوديا كاردينالي كأنها مرآة لحياتها المليئة بالسينما والحلم والحرية. لم تكن مجرّد ممثلة، بل امرأة صنعت من الغموض جمالاً، ومن الصمت قوة، ومن السينما وطناً يضم آلاف الحيوات.

قالت يوماً: " لم أشعر أن الفضائح أو الاعترافات شرط كي أكون ممثلة… الغموض هو الأهم".  كان الغموض عندها سحراً يحفظ صورتها من الابتذال، ويجعل حضورها أبديّاً، لا يذبل مع مرور السنوات.

ولم تكن السينما عندها مجرد مهنة، بل قدراً: " لقد عشت آلاف الحيوات، لا حياتي وحدها". كانت كل شخصية ترتديها حياة جديدة، وكل فيلم نافذة أخرى على العالم. وربما لذلك بقيت في ذاكرة عشّاقها، امرأة يصعب حصرها في دور واحد أو زمن واحد.

ومثل كل الكبار، أدركت الثمن: "للعمل في التمثيل عليك أن تكون قوياً في أعماقك... وإلا ضيعت شخصيتك وهويتك". كانت القوة عندها هدوءاً داخلياً، صلابة خلف الابتسامة، وإصراراً على ألا تخضع لرياح الاستغلال أو التكرار.
وفي مزحة خفيفة عكست روحها الحرة، قالت: "السينما تشبه الرجال قليلًا… كلما تجاهلتهم أكثر، سعوا إليك أكثر". جملة تختصر جرأتها، ووعيها بأن السحر لا يُفرض، بل يُكتشف
.

ولم تخجل من بداياتها، بل احتفظت بها بعفوية نادرة: "لم أنطق بكلمة إيطالية حتى بلغت الثامنة عشرة… في أول أفلامي اضطروا لدبلجة صوتي!"، ومن تلك البدايات البسيطة ولدت أيقونة عالمية.

ورغم أن شهرتها طبعت ذروة السينما الإيطالية والعالمية، لم تنسَ كلوديا جذورها الأولى. فقد وُلدت في تونس عام 1938، حيث تنفست البحر الأبيض المتوسط وعاشت طفولتها بين أحياء العاصمة. هناك، في ربيع شبابها، تُوجت بلقب ملكة جمال تونس عام 1957، حدثٌ بدا بسيطاً في حينه، لكنه كان الشرارة التي دفعتها نحو روما لتصبح أيقونة على الشاشة الكبيرة. بقيت تونس بالنسبة إليها أكثر من محطة عابرة، بل هي الأرض التي منحتها ذاكرة الطفولة ووهج البدايات، قبل أن تفتح لها السينما الإيطالية أبواب المجد العالمي.

ورغم كل ما أعطته للسينما، بقيت امرأة تنحاز إلى القيم الأعمق: " بشغف وإخلاص، سأبقى منصتة إلى احتياجات النساء، وأقاتل بلا هوادة من أجل حقوقهن". هكذا كانت، ممثلة وناشطة، فنانة وامرأة، أنيقة في حضورها، جريئة في قناعاتها.

ومع تقدّم السنوات، ظلّت كلوديا كاردينالي وفيّة لصورتها كسيّدة من زمن السينما الذهبي. لم تُخفِ ملامح العمر، بل حملتها بفخرٍ وهدوء، معتبرة التجاعيد امتداداً للذكريات لا عيباً يجب إخفاؤه. في شيخوختها، لم تفقد بريق العينين اللتين أسرَتا جمهور العالم، بل أضاف الزمن إليهما لمسة حكمة وحنين.

وعلى امتداد مسيرتها، وقفت أيقونة السينما أمام كاميرات أعظم المخرجين، لتخلّد اسمها في ذاكرة السينما العالمية. فقد أدهشت الجمهور في فيلم "كلاريتا" ورائعة فيديريكو فيلّيني "فتاة الحقيبة"، وأثبتت حضورها القوي في فيلم "حدث ذات مرة في الغرب" لسيرجيو ليوني، والقط الداكن" و"عالم السيرك" و"المأزق اللعين". كما تألقت في تحفة لوشينو فيسكونتي "الفهد" إلى جانب برت لانكستر وآلان ديلون، وهو الفيلم الذي جعلها وجهاً أيقونياً للسينما الإيطالية في الستينيات. لم تكن مجرد ممثلة جميلة على الشاشة، بل امرأة حملت تنوّع الأدوار من الدراما التاريخية إلى الكوميديا والرومانسية، تاركة وراءها رصيدا فنّيا يروي حكاية نجمة ولدت في تونس وطبعت السينما الأوروبية والعالمية.

رحلت كاردينالي، لكن كلماتها تبقى كأضواء شاشة قديمة، تنبض بالحنين وتضيء الذاكرة. لقد عاشت كما حلمت، بصدقٍ وغموض، وبحريّة جعلتها أيقونة لا تغيب.

 

النهار اللبنانية في

24.09.2025

 
 
 
 
 

نشأت في تونس وكانت نجمة العصر الذهبي للسينما الإيطالية..

وفاة كلوديا كاردينالي بعد رحلة فنية وإنسانية حافلة

سماح عبده

غيب الموت الممثلة الإيطالية الشهيرة كلوديا كاردينالي عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد أن شاركت في أكثر من 100 فيلم وإنتاج تلفزيوني، وحدثت الوفاة في مدينة نيمور الفرنسية.

كاردينالي بدأت من تونس في مسابقة ملكة جمال

وتوفيت كاردينالي  محاطة بأولادها، وفقًا لما ذكره وكيل أعمالها لوكالة فرانس برس للأنباء.

كاردينالي ذات مسيرة فنية كبيرة، ولدت في في 15 أبريل 1938 ورغم أنها كانت تتوقع أن تصبح معلمة قبل مشاركتها في مسابقة الجمال في سن السابعة عشرة إلا أن فوزها بهذه المسابقة في تونس، مسقط رأسها لأبوين صقليين، ومكافأتها برحلة إلى مهرجان البندقية السينمائي، جعلها تنطلق في مسيرتها الفنية

اكتسبت كاردينالي شهرة عالمية عام 1963 عندما لعبت دور البطولة في فيلمي "8-1/2" و The Leopard للمخرج فيديريكو فيليني

واصلت دور البطولة في الفيلم الكوميدي "The Pink Panther" وفيلم "Once Upon A Time In The West" للمخرج سيرجيو ليوني عام 1968.

واعتبرت فيلم "The Professionals" عام 1966 أفضل أفلامها الهوليوودية. وقدمت بالفعل ما بين 1958 وحتى 2022 حوالي 100 فيلم

وبالفعل قدمت كاردينالي أدوارا أمام معظم نجوم عصرها، من بيرت لانكستر إلى آلان ديلون وهنري فوندا.

مدافعة عن حقوق المرأة وأم

وعندما مُنحت جائزة الإنجاز مدى الحياة في مهرجان برلين السينمائي عام 2022، قالت إن التمثيل كان مسيرة رائعة.

وقالت: "لقد عشتُ أكثر من 150 حياة، بين قديسة ورومانسية، ومن كل أنواع النساء، ومن الرائع أن تتاح لي هذه الفرصة لتغيير نفسي".

وأضافت: "لقد عملت مع أهم المخرجين. لقد منحوني كل شيء".

عُيّنت كاردينالي سفيرةً للنوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للدفاع عن حقوق المرأة عام 2000. وقالت: "لقد حالفني الحظ. فقد منحتني هذه الوظيفة حياةً متعددة، وأتاحت لي فرصة تسخير شهرتي لخدمة قضايا عديدة".

لدى النجمة الإيطالية ابنين هما باتريك وكلوديا، وقالت من قبل إن "حبها الوحيد" كان المخرج النابولي  باسكوالي سكويتيري، والد ابنتها كلوديا التي عملت معه في سلسلة من الأفلام على مدى أربعة عقود حتى وفاته في عام 2017. وقد ظهرت على الملصق الرسمي لمهرجان كان السينمائي في نفس العام.

وحسب فرانس برس فقد أراد المخرجون والمنتجون منها أن تقوم بالإخراج أولا، لكن والدها أقنعها بأن التمثيل هو طريقها

وتعتبر كاردينالي نجمة العصر الذهبي للسينما الإيطالية، رغم أنها لم تكن تتحدث الإيطالية في هذا الوقت، بل العربية والفرنسية. وقد ألفت مذكراتها الشخصية بعنوان My Stars عام 2005.

 

مجلة لها السعودية في

24.09.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004