رحيل قبطان السينما المصرية الفنان نبيل الحلفاوي
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
رحل اليوم الأحد 15 ديسمبر 2024 الفنان المصري القدير نبيل
الحلفاوي عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد تعرضه لوعكة صحية شديدة نتيجة مشاكل في
الجهاز التنفسي، وتم نقله إلى المستشفى حيث وُضع تحت الرعاية في غرفة
العناية المركزة، إلا أن حالته الصحية تدهورت بشكل كبير في الساعات
الأخيرة، مما أدى إلى وفاته.
جمع الحلفاوي بين الأصالة والاحتراف، ونجح على مدار مسيرته
الفنية التي تمتد لأكثر من 50 عاماً في ترك بصمة خالدة في تاريخ الدراما
والسينما المصرية، بفضل الأعمال المميزة التي قدمها والمواقف الإنسانية
التي اشتهر بها.
وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب بالقاهرة عام 1947،
وتميز أداؤه بالنضج الذي لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتاجا لتجارب غنية
وخبرات متنوعة.
صقل موهبته من خلال الوقوف على خشبة المسرح، إلى جانب
دراسته الأكاديمية بمعهد الفنون المسرحية، حيث تخرج منه في سبعينيات القرن
الماضي.
ورغم الشهرة الجماهيرية التي حظي بها في ثمانينيات
وتسعينيات القرن العشرين، فإن الحلفاوي بدأ مسيرته بأدوار صغيرة في
سبعينيات القرن الماضي، ساعدته على الانتشار والتألق، فقد ظهر في مسلسلات
مثل "العصابة" و"قرية الرعب" و"الجريمة" و"القضية 512″، وشارك في أعمال
مسرحية بارزة مثل "أنطونيو وكليوباترا" و"عفريت لكل مواطن".
وفي الثمانينيات، انطلق الحلفاوي نحو الانتشار الأوسع، حيث
عمل مع المخرج نادر جلال في أفلام عديدة مثل "المحاكمة" بطولة محمود ياسين،
"ثمن الغربة" مع عادل أدهم، و"شبكة الموت" أمام نادية الجندي، و"اغتيال
مدرسة" مع نبيلة عبيد وإخراج أشرف فهمي. كما قدم أعمالاً أخرى لافتة مثل
"فقراء لا يدخلون الجنة"، و"الأوباش"، و"العصابة".
كان لهذه الفترة أيضاً دور مهم في مسيرته التلفزيونية، حيث
التقى بالمؤلف أسامة أنور عكاشة وشارك في مسلسل "الحب وأشياء أخرى"، كما
تعاون مع المخرجة إنعام محمد علي. وبرز في "ثلاثية الحب والكهف والوهم"،
التي تناولت صراع الطبقات قبل وبعد ثورة 1952.
تراكمت خبرات الفنان القدير نبيل الحلفاوي عبر سنوات من
التعاون مع كبار صُناع السينما والدراما والمسرح، مما أهّله للانتقال إلى
مرحلة أكثر نضجا وتألقا، حيث اكتسب شهرة واسعة بفضل تنوعه بين السينما
والمسرح والدراما، وأدائه المتعدد الأوجه.
ما يميز نبيل الحلفاوي هو قدرته الفريدة على التنقل بسلاسة
بين أنماط وألوان مختلفة من الشخصيات، متجنباً الانحصار في إطار نمطي.
تألق في أدوار متنوعة أبرزها شخصية العقيد محمود، قائد
التدريب في فيلم "الطريق إلى إيلات"، والذي كان ملقباً فيه باسم "القبطان"
وهو اللقب الذي لازمه فيما بعد بين الجمهور.
ولم ينسَ له الجمهور أيضا دور نديم قلب الأسد في مسلسل
"رأفت الهجان"، الذي عكس عمقاً فكرياً ومكانة راسخة كفنان مثقف وواعٍ.
تميز الحلفاوي أيضا بتقديم الشخصيات التاريخية والسير
الذاتية، وقد جسد شخصية عبد الله النديم في مسلسل "أمير الشعراء: أحمد
شوقي"، وشخصية جمال عبد الناصر في "دموع صاحبة الجلالة" مع المخرج يحيى
العلمي، كما تعاون مع المخرج حاتم علي لتقديم شخصية علي ماهر باشا في مسلسل
"الملك فاروق". وشارك في أعمال دينية وتاريخية بارزة مثل "الأزهر الشريف
منارة الإسلام"، و"الطريق إلى سمرقند"، و"ابن تيمية"، إلى جانب تجسيد شخصية
عمر مكرم في مسرحية "رجل القلعة"، التي تناولت تاريخ مصر في عهد محمد علي
باشا، تحت إخراج سعد أردش.
وعلى الشاشة الكبيرة، كانت تجربته مع المخرج الراحل محمد
خان في فيلم "سوبر ماركت" من المحطات البارزة في مسيرته الفنية، حيث قدم
أداء متقناً عكس عمق الشخصية. كما برع في تقديم أدوار الشر باحترافية
عالية، ولم تغب عنه اللمسات الكوميدية التي ظهر بها في فيلم "العميل 13" مع
محمد صبحي.
يعد نبيل الحلفاوي فناناً شاملاً يمتلك موهبة استثنائية
وقدرة على التنوع، مما جعل أدواره حية ومؤثرة، واستحق مكانته كأحد أعمدة
التمثيل في العالم العربي.
شهدت الألفية الجديدة استمرارية نبيل الحلفاوي الذي شارك في
أعمال مهمة مثل "أوراق مصرية" و"كناريا وشركاه" و"لأعلى سعر"، وقدم دويتو
تمثيليا مع يحيى الفخراني في "ونوس" مع المخرج شادي الفخراني وتأليف عبد
الرحيم كمال، وكان آخر ظهور له في عالم الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل
"القاهرة كابول" عام 2021، و"فيلم "تسليم أهالي" 2022. |