قرطاج السينمائي يكرم فقيد الساحة الفنية فتحي الهداوي
مسحة حزن تخيم على حفل افتتاح الدورة الخامسة والثلاثين
لأيام قرطاج السينمائية، حيث اقتصرت مظاهر الافتتاح على السجاد الأحمر.
أيام قرطاج السينمائية'صوت القضايا العادلة والقيم
الإنسانية'
تونس - خيمت مسحة حزن على الوجوه والكلمات والتصريحات خلال
حفل افتتاح الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية، السبت بالعاصمة التونسية،
والذي نظم ساعات قليلة بعد تشييع جثمان فتحي الهداوي نجم المسرح والدراما
والسينما في تونس.
وقد اقتصرت مظاهر الافتتاح على السجاد الأحمر الذي مرّ عليه
ضيوف المهرجان تتقدّمهم أضواء الكاميرات وعدسات المصورين، بينما عُزِفت
موسيقى الجاز في ساحة المسارح لتكون الصوت المعبر عن قضايا الشعوب المضطهدة
والمدافعة عن القيم الإنسانية الكونية العادلة.
وحضرت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي وثلة من أهل
السينما والفن والإعلام من تونس وضيوف من الدول المشاركة في المهرجان حفل
الافتتاح الذي سجّل غياب العديد من الوجوه السينمائية والفنية والتونسية
حيث ظلت مقاعد كثيرة شاغرة في مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي
القليبي.
واستهل حفل افتتاح الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية بتكريم
فقيد الساحة الفنية العربية الممثل المسرحي ونجم الدراما التلفزيونية
والسينمائية فتحي الهداوي الذي وافته المنية في الثاني عشر من ديسمبر/كانون
الأول الجاري عن عمر ناهز 63 عاما.
وتمّ كذلك تكريم الناقد السينمائي والصحفي خميس الخياطي
الذي توفي في الثامن عشر من يونيو/حزيران 2024 عن عمر يناهز 77 عاما. وحظيت
الممثلة عائشة بن أحمد بشرف التكريم من قبل الهيئة المديرة للمهرجان. وقد
تسلمت درع التكريم من قبل الفنان رؤوف بن عمر.
وإثر ذلك كرمت أيام قرطاج السينمائية في دورتها 35 السينما
الفلسطينية والأردنية والسنغالية ضمن قسم "سينما تحت المجهر" التي سيحظى من
خلالها الجمهور بمتابعة 19 فيلما فلسطينيا تتوّزع بين عروض الشارع (14
فيلما) وعروض القاعات (5 أفلام)، بينما تمّت برمجة 12 فيلما ضمن قسم "فوكيس
الأردن" و14 فيلما ضمن قسم "فوكيس السنغال".
وستشهد الدورة الخامسة والثلاثون من أيام قرطاج السينمائية
والتي تستمر حتى الحادي والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عرض أكثر من 200
فيلم من حوالي عشرين دولة عربية وأفريقية.
وجرى تقديم الأعمال السينمائية التي تتسابق على جوائز هذه
الدورة، ومنها المسابقة الوطنية الخاصة بالأفلام التونسية والتي تضم 12
عملا سينمائيا هدفها تسليط الضوء على حيوية المشهد السينمائي في تونس، إلى
جانب لجان تحكيم مختلف المسابقات.
وتتنافس الأفلام في أربع مسابقات رئيسية هي المسابقة
الرسمية للأفلام الروائية الطويلة (15 فيلما) والمسابقة الرسمية للأفلام
الوثائقية الطويلة (13 فيلما) والمسابقة الرسمية للأفلام الروائية القصيرة
(17 فيلما)، إلى جانب المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية القصيرة.
وأشادت المديرة الفنية لأيام قرطاج السينمائية لمياء بلقايد
قيقة بـ"ثراء وجودة" البرامج، مشيرة خلال التقديم إلى أن الأفلام المشاركة
تم اختيارها "في إطار احترام هوية هذا المهرجان" المخصص للأعمال الملتزمة
والتي تريد أن تكون "صوت القضايا العادلة والقيم الإنسانية".
وستكون السينما التونسية ممثلة في مسابقة الأفلام الروائية
الطويلة بأربعة أعمال هي "ماء العين" لمريم جعبر، "عايشة" لمهدي برصاوي،
"الذراري الحمر" للطفي عاشور، و"برج الرومي" للمنصف ذويب. أما مسابقة
الأفلام الروائية القصيرة، فتضمّ أربعة أعمال تونسية هي "في ظلمات ثلاث"
لحسام سلولي، "ماكون" لفارس نعناع، "ليني أفريكو" لمروان لبيب، وكذلك
"عالحافة" لسحر العشي.
وتحضر السينما المغربية في دورة هذا العام تنافسا وتحكيما،
فشريط "المرجا الزرقا" للمخرج داوود أولاد السيد ينافس على جوائز المسابقة
الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، فيما يشارك شريط " شيخة" لأيوب اليوسفي
وزهوة الراجي في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة.
واختار منظمو الدورة الحالية للمهرجان المخرجة المغربية
أسماء المدير عضوا في لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية القصيرة والطويلة.
وبالإضافة إلى الشريط المغربي تتنافس في المسابقة الرسمية
للأفلام الروائية الطويلة، أفلام "ديمبا" من السنغال، و"القرية المجاورة
للجنة" من الصومال الذي فاز مؤخرا بجائزة لجنة تحكيم المهرجان الدولي
للفيلم بمراكش (مناصفة)، و"مات الرجل" من نيجيريا، و"هانامي" من الرأس
الأخضر، و"ذو فانيشين" و"فرانتز فانون" من الجزائر، و"أرزة" من لبنان،
و"إلى عالم مجهول" من فلسطين، و"البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" من مصر،
و "سلمى" من سوريا.
وتتألف لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الروائية
الطويلة من المخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد رئيسا، والممثلة الرواندية إليان
أميهير والمخرجة التونسية سلمى بكار والمنتج بيدرو بيمنتا من الموزمبيق
والصحفي السنغالي بابا ديوب والناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس
والمنتجة المصرية ماريان خوري.
وبالنسبة إلى مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، ستكون تونس
ممثلة بأشرطة "الذكريات والأحلام" لإسماعيل، و"ماتيلا" لعبدالله يحيى،
و"شهيلي" لحبيب العايب. وتقتصر المنافسة التونسية في مسابقة الأفلام
الوثائقية القصيرة على الفيلميْن "الأيام الأخيرة مع إليان" لمهدي الحجري،
و"أنامل" لعائدة الشامخ.
وتحتكم أفلام هذه المسابقة إلى لجنة متألفة من المنتجة
التونسية درة بوشوشة (رئيسة اللجنة) والمخرجة المصرية أمل رمسيس ومحمد سعيد
أوما من جزر القمر وعمر سال من السنغال وأسماء المدير من المغرب.
وتخلل حفل الافتتاح مداخلات موسيقية أمنها الأوركستر
السمفوني التونسي وأصوات أوبرا تونس، إلى جانب مقطع غنائي للأخوين نور
وسليم عرجون، وكذلك لوحة كوريغرافية حاملة لقضايا الشعوب المضطهدة وداعية
لتحقيق العدالة الإنسانية.
وتابع الحاضرون إثر حفل الافتتاح الرسمي عرضا للفيلم
اللبناني "واهب الحرية" وهو وثائقي طويل للمخرج العراقي قيس الزبيدي وأنتج
سنة 1987. وخضع الشريط للترميم في باريس، ويتناول عمليات المقاومة
اللبنانية والفلسطينية ضد العدو الصهيوني والتي انطلقت من جنوب لبنان.
ويرصد الشريط أبرز العمليات الاستشهادية التي نُفذت على
المواقع العسكرية الصهيونية في الأراضي المحتلة. وتلاه عرض الفيلم
الفلسطيني القصير "ما بعد" وهو من تأليف وإخراج مها حاج وبطولة محمد بكري.
وتدور أحداثه حول سليمان ولبنى زوجان منعزلان، يتعرض
خيالهما المصون بعناية للتهديد عندما يستحضر شخص غريب غير مدعو حقيقة
مؤلمة، ويعيش سليمان ولبنى في مزرعة منعزلة، حيث يهتمان بالأشجار، ويُجريان
مناقشات ساخنة ومستمرة حول خيارات حياة أطفالهما الخمسة، وفي أحد الأيام
يصل شخص غريب منزلهما ليكشف حقيقة مروعة.
وتضع الدورة الخامسة والثلاثون "فلسطين في قلب أيام قرطاج
السينمائية" بحسب المنظمين، من خلال برنامج خاص للأعمال الفلسطينية وتكريم
للمخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد الذي وقع على أفلام حققت شهرة كبيرة، مثل
"الجنة الآن" و"الناصرة 2000".
كما سيكرم المهرجان شخصيات سينمائية أخرى مثل الجزائري
مرزاق علواش، والإيراني محسن مخملباف، والسنغالي بوبكر سامب.
وتم إلغاء المهرجان العام الماضي "تضامنا مع الشعب
الفلسطيني، واعتبارا للأوضاع الإنسانية الحرجة التي يشهدها قطاع غزة وكافة
الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وفق ما أعلنت وزارة الثقافة التونسية حينذاك.
وتأسس مهرجان أيام قرطاج السينمائي عام 1966، وكان يقام كل
عامين بالتداول مع أيام قرطاج المسرحي، قبل أن يصبح تظاهرة سنوية. |